الإمارات تعلّق تأشيرات السياحة والعمل لرعايا تسع دولٍ: ما حقيقة الخبر؟/سيرج إيليا
المحامي سيرج نسيب إيليا (رئيس قسم الأبحاث (Head of research department لدى SALAMAS Law Firm):
تمّ التداول منذ أيّام على المواقع الإعلاميّة ووسائل التواصل الاجتماعيّ، أن الإمارات العربيّة المتّحدة قد اتّخذت قراراً بتعليق تأشيرات العمل والسياحة لرعايا تسع دولٍ أفريقيّة وآسيويّة، وهي: أفغانستان، وليبيا، واليمن، والصومال، ولبنان، وبنغلاديش، والكاميرون، والسودان وأوغندا.
هذا يعني عمليّاً أن رعايا هذه الدول لن تتمكّن من التقدّم للحصول على تأشيراتٍ سياحيّة أو تصاريح عملٍ جديدة في دولة الإمارات اعتباراً من العام ٢٠٢٦، إنّما من دون أن يشكّل ذلك حظراً كاملاً على السفر، إذ يُسْمَحُ لحاملي تأشيراتٍ سارية المفعول بالاستمرار في الإقامة والعمل في الإمارات.
لم يصدر حتّى الآن أيّ بيانٍ رسميّ عن الحكومة الإماراتيّة حول الأمر، علماً أن الخبر نفسه قد صدر عن موقع uaevisaonline.com – وهو موقعٌ إماراتيّ غير رسميّ يضع نفسه ضمن إطار تعبئة وتقديم تأشيرة الدخول إلى الإمارات عبر الإنترنت – وعن الموقع التابع لشركة Imperial Citizenship – وهي شركة متخصّصة في منح الجنسيّة والإقامة عن طريق الاستثمار. كما أكّدت التقارير المنشورة على الصفة المؤقّتة لقرار التعليق، إنّما من دون تحديد مدّة تطبيقه وتاريخ انتهائه.
وسرعان ما نفى صحّةَ التقارير سفيرُ دولة الإمارات في أوغندا، وسفيرُ بنغلاديش في الإمارات، وقنصلُ الكاميرون في دبي، وسفيرُ الإمارات في الكاميرون، وذلك بشأن المواطنين الأوغنديّين والبنغلاديشيّين والكاميرونيّين، إذ أكّدوا على أن هذا الخبر كاذب ولا أساس له من الصحّة، قائلين إن من كتبه يسعى إلى خداع الناس والتلاعب بهم. وحتّى أن PesaCheck – وهي أكبر منظّمة محليّة في أفريقيا لتقصّي الحقائق – قد زارت الموقع الرسميّ لوزارة الخارجيّة الإماراتيّة، ولم تجد أيّ أثرٍ يدلّ على وجود قرار الحظر.
ولفتت سفارة بنغلاديش في الإمارات لجهتها إلى «مخالفاتٍ عدّة مرتبطة بالموقع الذي نشر الخبر، إذ بينما يُدْرِجُ عنوانَه في دبي، فإن رقم هاتفه مسجَّل في الهند، والمسجِّل والجهات التقنيّة التابعة له في المملكة المتّحدة، أما الجهة المسجِّلة للموقع فهي في الولايات المتّحدة. علاوةً على ذلك، فإن العنوان المذكور في دبي غير موجود أصلاً». كما أشارت إلى أن «مراجعات الجمهور أظهرت أن الشركة التي تدير الموقع غير جديرة بالثقة ولها سمعة بالاحتيال»، ودعت في الختام المواطنين إلى عدم الانجرار وراء مثل هذه المنشورات الكاذبة، وحثّت وسائل الإعلام على توخّي المزيد من الحذر قبل مشاركة أيّ معلوماتٍ غير موثوقة.
وحذت حذوها الخدمات القنصليّة والوزارات المعنيّة في تونس، حين طلبت من مواطني البلاد الاعتماد فقط على المصادر الرسميّة بغية الاستحصال على معلوماتٍ موثوقة، كما طلبت من المسافرين المستقبليّين التحقّق من كلّ المعلومات المتاحة على الإنترنت في هذا السياق، إمّا بالتعاون مع سفارة الإمارات في تونس، أو بواسطة المنصّات الرسميّة الإماراتيّة المخصّصة للتأشيرات، وذلك بغية تجنّب سوء الفهم وتخطيط رحلاتهم بكلّ أمان.
إن معلومات غير دقيقة كهذه يكون لها عواقب وخيمة، وخاصّةً على ضوء أهميّة الإمارات كمركزٍ أساسيّ للاقتصاد في الشرق الأوسط. مثلاً: في ما يتعلّق بتونس، تشكّل تأشيرات السياحة والعمل وسيلةً أساسيّة للتبادل الاقتصاديّ والسياحة والعمل والعلاقات الثقافيّة بين البلدين – إذ يعيش الآلاف من التونسيّين في الإمارات ويعملون هناك –، كما أن الحصول على هذه التأشيرات يؤثّر على المشاريع المهنيّة والسياحيّة للعديد من التونسيّين. أما في ما يتعلّق بلبنان، فنتائج القيود التي فُرِضَتْ على منح التأشيرات للبنانيّين هي كثيرة، وقد مرّت بفتراتٍ متقلّبة فرضتها المخاوف الأمنيّة والأسباب السياسيّة كمثل كسر العلاقات الديبلوماسيّة بين لبنان والإمارات. وعلى كلّ حال، وعلى حدّ قول الصحافيّة دنيز رحمة فخري، «يمكن القول إنّه لم يصدر تأكيدٌ من الجانبين، لكن خلال الوقت عينه لم يصدر نفيٌ رسميّ لما نُشِرَ بالنسبة للبنان».
إن هذا الحدث يحمل رسالةً مهمّة، كونه أحد الأدلّة العديدة على أنّه لا يمكن تصديق كلّ ما يتمّ تداوله على وسائل التواصل الاجتماعيّ، إذ قد تساهم بعض التصريحات المنشورة عبر الإنترنت في خداع الناس، فتجعلهم يصدّقون أقوالاً كاذبة ويعتبرونها حقيقةً، وحتّى يهملون التأكّد من صحّتها أو عدم صحّتها. فلا يستخفنّ أحدٌ بوقع أخبارٍ كهذا تزرع الشكّ في النفوس، وإن دُحِضَتْ بعد حين.
المصادر
– A. Ahmed, “Visa ban: Bangladesh Embassy in UAE denies reports”, article published on September 24th, 2025, on Gulf News (gulfnews.com)
– « FAUX : Les Émirats arabes unis n’ont pas imposé de restrictions de visa pour 2026 à neuf pays, dont le Cameroun », article publié le 25 septembre 2025 sur le site de PesaCheck (pesacheck.org).
– Meriem Khdimallah, « Les Émirats arabes unis ont-ils suspendu les visas pour les Tunisiens ? », article publié le 25 septembre 2025 sur lapresse.tn.
– “تقارير عن حظر الإمارات التأشيرات لمواطني ٩ دول… سفارة بنغلادش تنفي”، مقال نُشِرَ بتاريخ ٢٤ أيلول ٢٠٢٥ على الموقع التابع لجريدة النهار (annahar.com).
– دنيز رحمة فخري، “ما قصّة الحظر الإماراتيّ على منح التأشيرات للبنانيّين؟”، مقال نُشِرَ بتاريخ ٢٥ أيلول ٢٠٢٥ على الموقع إنتديبنديت عربيّة (independentarabia.com).
“محكمة”- الخميس في 2025/10/9



