القضاء قوي على “الضعيف”.. قصّة حصلت في بعلبك الهرمل/علي الموسوي
علي الموسوي:
يصرّ القضاء ممثّلاً بالنيابات العامة على إظهار قوّته على الفقراء والضعفاء وعدم الإقتراب من الأغنياء والنافذين، وهو بهذا التصرّف إنّما يؤكّد أنّه قضاء ضعيف. وكذلك تفعل الضابطة العدلية والقوى الأمنية التي لا تتوانى عن غضّ النظر عن مخالفات الكبار وتجاوزاتهم وتتمسك بمخالفات صغار الناس من أجل تعميم الأمن والأمان في ربوع لبنان!
مناسبة هذا الكلام، حادثة صغيرة حصلت في بعلبك – الهرمل وفي وضح نهار مشمس، إذ تمّ توقيف شاب من الـ (ج) لشرائه كمّية من البطاطا بموجب فاتورة وذلك للإتجار بها مثل أيّ مزارع أو فلاح أو تاجر في مناطق الفقر والحرمان بغية جني بعض الربح، غير أنّه أوقف على الطريق وصودرت البطاطا منه وكان قد دفع ثمنها من عرق جبينه، كما صودرت شاحنة “البيك آب” العائدة له وأحيل على الجمارك بداعي تهريب البطاطا وجرى تغريمه مبلغ ستّة ملايين ليرة ولا يزال قيد التوقيف الإحتياطي لغاية كتابة هذه السطور بإشارة من النيابة العامة الاستئنافية في البقاع.
وبموازاة ذلك وفي الوقت نفسه، كان عشرون صهريجاً محمّلاً بمادة البنزين يشقّ طريقه عبر معابر غير شرعية باتجاه سوريا وعلى مرأى من القوى الأمنية التي لم تحرّك ساكناً. ويدفع اللبنانيون ثمناً باهظاً نتيجة هذا التهريب العلني ولا تعيرهم دولتهم أيّة أهمّية.
وفي الوقت نفسه أيضاً، ثمّة مشهد سوريالي آخر يتمثّل بتهريب عصابات سيّارات مسروقة عبر معابر غير شرعية من لبنان إلى سوريا وتعرف القوى الأمنية بذلك وتقف متفرّجة ولا تحرّك ساكناً.
وهذا الخبر ليس برسم هذه الدولة المهترئة لأنّها ليست قوية إلاّ على الفقراء، ولكن لعلّه يجد صداه في ضمير قاض حيّ فيهبّ رافضاً هذه الصورة البشعة ويطلب ترك الشاب الموقوف الذي خسر الكثير.. شاحنته وتجارته وكرامته.. وويل لدولة لا تحفظ كرامات شعبها وتفضّل الغني المشبع بالمخالفات والتجاوزات لأنّه”دفيع” على الفقير الذي ليس له إلاّ الله في كلّ الأمور.
“محكمة” – الأحد في 2020/10/11