علم وخبر

المطالبة بشيك مصرفي، وسقوط الدعوى الصرفية بمرور الزمن/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
إعتبر القاضي المنفرد المدني في المتن، الناظر في الدعاوى المالية الرئيسة لميس الحاج دياب، أنّ المطالبة بشيك مصرفي، بعد انقضاء مهلة الستّة أشهر التي تبدأ من نهاية مهلة العرض، يجعل الدعوى الصرفية ساقطة بمرور الزمن طبقاً لنصّ المادة 442 من قانون التجارة.
كما اعتبرت الرئيسة الحاج دياب أنّ سقوط الدعوى الصرفية، يستتبع سقوط القوّة التنفيذية للشيك، ممّا يقتضي ردّ الاعتراض في الأساس والحكم بإبطال المعاملة التنفيذية المتعلّقة بتنفيذ الشيك موضوع الدعوى لسقوط الحقّ في إقامة الدعوى بمرور الزمن الصرفي.
وقضت بقبول الاعتراض شكلاً وأساساً، والحكم بإبطال المعاملة التنفيذية.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2019/4/12:
بناء عليه،
أوّلاً: في الشكل
حيث إنّ الاعتراض ورد ضمن المهلة القانونية، وجاء مستوفياً شروطه الشكلية كافة، ممّا يقتضي معه، قبوله شكلاً.
ثانياً: في الأساس
حيث إنّ المعترضة ر. تطلب قبول الاعتراض شكلاً لوروده ضمن المهلة القانونية سنداً لأحكام المادة 850 أ.م.م. وردّ المعاملة التنفيذية الرقم 13/2014 لفقدان السند التنفيذي أيّ الشيك للقوّة التنفيذية لتقديمه خارج مهلة الإيفاء المحدّدة بثمانية أيّام، ولسقوط المعاملة عملاً بمرور الزمن الصرفي المنصوص عنه في المادة 442 من قانون التجارة، واعتبار المعاملة التنفيذية باطلة لاستنادها إلى حقّ منتفٍ كلّياً، وتدريك المعترض عليه النفقات كافة وأتعاب المحاماة.
وحيث إنّ المعترض عليه س. يطلب ردّ الاعتراض برمّته لعدم صحّته ولعدم قانونيته ولكون مرور الزمن الصرفي لا يطبّق على الحالة الراهنة الخاضعة لمرور الزمن الثلاثي العادي وفقاً لنصّ المادة 442 الفقرة 3 من قانون التجارة، وتدريك المعترضة بدلات العطل والضرر المادية والمعنوية سنداً لأحكام المادة 221 م وع. معطوفة على المواد 10 و11 و543 و551 أ.م.م. وحفظ حقوقه كافة،
وحيث إنّ الإشكالية تتمحور حول النتائج المترتّبة على عدم تقديم الشيك في المهل القانونية،
وحيث إنّ المادة 426 من قانون التجارة البرّية تنصّ في فقرتها الأولى على أنّ الشيك الذي يصدر في لبنان ويكون قابل الإيفاء فيه يجب أن يعرض للإيفاء في مهلة ثمانية أيّام،
وحيث إنّ المادة 442 من قانون التجارة البرّية تنصّ على أنّ حقّ حامل الشيك في إقامة الدعوى على المظهّرين والساحب وسائر الموجب عليهم يسقط بمرور ستّة أشهر تبتدئ من نهاية مهلة العرض، أمّا حقّ الملزمين بإيفاء الشيك في مداعاة بعضهم لبعض فيسقط بمرور ستّة أشهر تبتدئ من يوم دفع الموجب عليه مبلغ الشيك أو من يوم إقامة الدعوى عليه، على أنّه في حالة السقوط أو مرور الزمن يبقى الحقّ في إقامة الدعوى على الساحب الذي لم يؤدّ المؤونة أو على سائر الموجب عليهم الذين أحرزوا كسباً غير مشروع، أنّ حقّ حامل الشيك في إقامة الدعوى على المسحوب عليه يسقط بمرور ثلاث سنوات تبتدئ من نهاية مهلة العرض،
وحيث إنّ الشيك هو من السندات التجارية التي يمكن تنفيذها لدى دوائر التنفيذ،
وحيث إنّ الشيك لا ينفّذ مباشرة إلاّ إذا عرض ضمن المهل المذكورة في المادة 426 من قانون التجارة، ذلك أنّ تجاوز المهل يحرم حامل الشيك من حقّ اللجوء إلى الدعوى الصرفية مبقياً له الحقّ في إقامة الدعوى المبنية على أصل العلاقة الناشئة بين الحامل والساحب أو المظهّر، (يراجع كبريال سرياني وغالب غانم، قوانين التنفيذ في لبنان الجزء الأوّل، منشورات صادر الحقوقية 2004، شرح المادة 847 الفقرة 33 أ ص 225)،
وحيث إنّ المطالبة بشيك مصرفي بعد انقضاء مهلة الستّة أشهر التي تبدأ من نهاية مهلة العرض يجعل الدعوى الصرفية ساقطة بمرور الزمن (المادة 442 تجارة)،
وحيث لا يردّ على ذلك بالقول إنّ إهمال الحامل لا يؤدّي إلى سقوط حقّه في الرجوع على الساحب إلاّ في الحالة التي يثبت فيها أنّ المؤونة كانت موجودة حتّى انتهاء مهلة التقديم ثمّ هلكت بعد ذلك بفعل أو ظرف لا يد للساحب فيه، إذّ إنّه لا علاقة للفقرة الأولى من المادة 442 من قانون التجارة بتوافر أو عدم توافر المؤونة، خلافاً لنصّ الفقرة الثالثة من المادة المذكورة، (يراجع:
– قرار محكمة التمييز، الغرفة الرابعة، رقم 8، تاريخ 2004 منشور على الموقع الالكتروني لمركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية الجامعة اللبنانية،
– قرار محكمة استئناف لبنان الشمالي، الغرفة الرابعة، تاريخ 19/1/2006، منشور على المستشار المصنّف الالكتروني،
– حكم القاضي المنفرد المدني في جبيل، رقم 221 تاريخ 2/4/2003، منشور في العدل 2005)،
وحيث إنّ حقّ إقامة الدعوى يسقط بمرور ستّة أشهر إذا تبيّن أنّها من الدعاوى الصرفية،
وحيث إنّ الدعوى الراهنة هي من الدعاوى الصرفية كونها مقامة من حامل الشيك على الساحب موقّع الشيك، وبالتالي تخضع لنصّ المادة 442 تجارة،
وحيث إنّ مرور الزمن الصرفي يقوم على قرينة الوفاء،
وحيث إنّ قرينة الوفاء تعني أنّ الحامل لا يسكت عن حقّه طوال مدّة مرور الزمن إلاّ إذا كان قد استوفاه، وقد يبدو في هذه القرينة شيء من الغرابة إذ من غير المنطقي افتراض وقوع الوفاء مع بقاء الشيك في حيازة الحامل، والحقيقة أنّه لا غرابة في الأمر، إذ من غير المألوف في المعاملات الصرفية أن يتراخى الدائن الحامل في المطالبة بحقّه لمدّة طويلة إلاّ إذا كان قد استوفى هذا الحقّ بطريقة أو بأخرى،(يراجع زهير كرم، النظام القانوني للشيك، 1997 ص 334)
وحيث ثابت في الملفّ الراهن أنّه:
– بتاريخ 1995/12/31 حرّرت المعترضة الشيك موضوع الإعتراض للمعترض عليه
– بتاريخ 1998/5/2، عرض المعترض – الحامل الشيك المذكور على المصرف فأعيد كون الحساب مقفلاً،
– بتاريخ 1999/1/2 قدّم المعترض معاملة تنفيذية،
– بتاريخ 2011/3/11 حرّر لإبلاغ المعترضة الإنذار التنفيذي في مقامها الحقيقي،
وحيث يتبيّن ممّا تقدّم أنّ المعترض كان واظب على تجديد المعاملة التنفيذية، وكان طلب إبلاغ المعترضة الانذار التنفيذي بالطريقة الإستثنائية بعد أن أعطى عنواناً مخالفاً لمقامها الحقيقي، وهو أقرّ في جوابه أنّه كان على علاقة مع المعترضة وعائلتها، إلى أن حرّر، وبعد حوالي 13 سنة على تأسيس المعاملة التنفيذية إشعاراً لإبلاغها في مقامها بتاريخ 2011/3/11
وحيث إنّ المعترض عليه عرض الشيك على المصرف بعد حوالي سنتين وخمسة أشهر على تحريره، ومن ثمّ، حوالي ثمانية أشهر على عرض الشيك، قدّم المعاملة التنفيذية التي كان يتقدّم بطلب فيها تقريباً كلّ عامين، فأبلغ الانذار التنفيذي من المعترضة بعد حوالي 13 سنة على تأسيس المعاملة التنفيذية،
وحيث إنّ تراخي الدائن بالشكل الموصوف أعلاه لمدّة تقارب 17 عاماً يشكّل قرينة على الوفاء، ويؤكّد مرور الزمن الصرفي،
وحيث إنّ حقّ حامل الشيك في إقامة الدعوى الراهنة يكون ساقطاً تطبيقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 442 تجارة بانقضاء مهلة مرور الزمن الصرفي المحدّدة بستّة أشهر ابتداء من نهاية مهلة العرض،
وحيث من الثابت أنّ سقوط الدعوى الصرفية يستتبع سقوط القوّة التنفيذية للشيك، ممّا يقتضي ردّ الاعتراض في الأساس، والحكم بإبطال المعاملة التنفيذية المتعلّقة بتنفيذ الشيك موضوع الدعوى لسقوط الحقّ في إقامة الدعوى بمرور الزمن الصرفي (م442 قانون التجارة)،
وحيث إنّه يقتضي ردّ كلّ ما زاد أو خالف، إمّا لعدم جدواه، وإمّا لكونه لاقى ردّاً ضمنياً بما في ذلك طلب العطل والضرر لعدم وجود ما يبرّره،
لذلك
يحكم:
1- قبول الاعتراض شكلاً.
2- قبول الاعتراض أساساً، والحكم بإبطال المعاملة التنفيذية رقم أساس 1999/1 مدوّر 2004/13.
3- ردّ كلّ ما زاد أو خالف.
4- تضمين المعترض عليه النفقات كافة.
حكماً صدر وأفهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2019/4/12
“محكمة” – الأحد في 2020/1/5

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!