علم وخبر
تبلّغ الانذار من المستأجر الذي أصيب بجلطة في الدماغ/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
اعتبر القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر في قضايا الايجارات الرئيس جون القزي انه، ولكي ينتج الانذار مفاعيله القانونية، ينبغي ان تتوافر الاهلية لدى المستأجر المرسل اليه، على ان تستمر طيلة فترة الانذار والا تنقطع مهلته بفعل فقدان تلك الاهلية، وان للحكم بالحجر على المدعى عليه مفعولا معلنا لحالة العته.
وكان المدعى عليه المستأجر قد تبلغ انذارا بوجوب تسديد بدلات الايجار بتاريخ 2000/2/24 الا انه ادخل المستشفى بتاريخ 2000/3/6 وخرج منها بتاريخ 2000/3/22 على اثر اصابته بجلطة دموية في الدماغ، وبقي قيد المعالجة الفيزيائية لغاية 2000/5/6 وكان طوال هذه المدة بحالة عجز كامل مع تعثر في النطق وعدم التمكن من جلاء ارادته المعنوية والفكرية، والقيام باعماله الشخصية والتصرفات القانونية.
وقضى الحكم برد طلب اسقاط المدعى عليه من حق التمديد القانوني للاسباب المفصلة اعلاه.
ومما جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2002/6/20.
بناء عليه،
حيث ان المنازعة الراهنة في الاوجه المعروضة بها، تتمحور حول الاجارة ومآلها، ابقاء واسقاطا، في ضوء ما سيق من ادلاءات متناقضة لناحية الانذار المرسل من قبل المدعي ومدى انتاجيته مفاعيله.
وحيث في هذا الاطار تدلي الجهة المدعية بسقوط اجارة المدعى عليه نتيجة تمنعه غير المبرر عن الايفاء بالرغم من الانذار وانصرام مهلته. في حين ينازع هذا الاخير في مدى قانونية المطالبة مدليا بانقطاع مهلة الانذار بفعل فقدانه الاهلية، هذا فضلا على عدم امكانية ترتيب اي نتيجة على تخلفه عن الايفاء باعتبار ان لا ارادة لديه.
وحيث في هذا السياق، يسقط حق المستأجر في التمديد القانوني اذا ما استنكف بغير تبرير عن دفع ما استحق عليه من بدل الايجار، في خلال شهرين من تبلغه انذارا موجها اليه بواسطة بطاقة مكشوفة مع اشعار بالاستلام، على ما نصت عليه المادة العاشرة فقرتها “أ” من القانون 92/160 المعدل والممدد، التي عطفت عليها المادة /14/ من القانون عينه، في ما يتعلق بالمأجور التجاري، الا انه ولكي ينتج الانذار مفاعيله القانونية، ينبغي ان تتوافر الاهلية لدى المستأجر المرسل اليه باعتبار ان عديم الاهلية لا يمكنه ان يلتزم لانتفاء قوة الوعي والادراك لديه، ولا يجوز بالتالي مساءلته عن عدم قيامه بالموجبات الملقاة عليه بموجب عقد الايجار، ومن بينها دفع البدلات، ولهذا فاذا فقد المستأجر الاهلية، كان التبليغ الذي يتم بواسطته باطلا(توفيق حسن فرج، عقد الايجار 2984، ص 763). فضلا عن ذلك فان توافر الاهلية لدى المستأجر هو شرط من الواجب استمراره طيلة فترة الانذار المرسل اليه كي ينتج هذا الاخير مفاعليه، والا تنقطع مهلته بفعل فقدانه.
فقد قضى بالاتجاه عينه، انه اذا حصل الافلاس قبل اتمام المهلة، فان سريانها ينقطع بالنظر للتغيير في شخص المفلس.
– يراجع قرار محكمة بداية بيروت رقم 74 تاريخ 1975/4/21 ، مجلة العدل سنة 1986، ص 17.
وحيث من العودة الى ملف الدعوى، يتبين انه بتاريخ 2001/12/13 صدر عن محكمة الدرجة الاولى في جبل لبنان حكم قضى باعتبار المدعى عليه سمير محجور لذاته لعلة العته، وتعيين ابنه ربيع قيما عليه وعلى امواله، وعليه ما للقيم من حقوق وواجبات.
وقد ارتكز الحكم المشار اليه في حيثياته الى تقرير الطبيب الشرعي لطف الله ابو سليمان الذي اشار الى ان المطلوب الحجر عليه هو بحالة عجز كامل مع تعثر في النطق، وبانه لا يستطيع التعبير عن ارادته او القيام باعماله الشخصية او التصرفات القانونية.
وحيث لاعطاء المسألة الحل الملائم، يقتضي تحديد مفعول الحكم المذكور، وما اذا كان معلنا لحال الحجر ام منشأ لها.
وحيث في هذا المجال تجدر الاشارة الى ان الحجر يفيد لغة المنع والتضييق، وشرعا هو منع شخص معلوم من تصرفاته القولية حرصا على مصلحته (م941 المجلة) ويكون على نوعين، حكمي وقضائي.
فالحجر الحكمي يشمل من كان محجورا عليه لذاته اي حكما بمقتضى الشرع، ومن دون حاجة لقرار القاضي، واهم اسبابه، صغر السن، الجنون، العته، لذلك لو صدر حكم قضائي بتثبيت الحجر على الصغير او المجنون او المعتوه، فيعتبر الحكم اعلانيا لحجر موجود قانونا، ولا تكون له صفة الحكم الانشائي، وعلى هذا سار الاجتهاد اللبناني (قرار محكمة استئناف بيروت المدنية الاولى رقم 341 تاريخ 2 اذار 1972، مجلة العدل 1972 ص 210) اما الحجر القضائي فهو الذي يحكم به القاضي في بعض الاحوال، كحجر القاضي على السفيه (المبذر)، او على المديون بطلب دائنيه، فمثل هذا الحكم يعتبر انشائيا.
– يراجع لهذا المعنى:خليل جريج-النظرية العامة للموجبات-الجزء الثاني الطبعة الرابعة ص 233-صبحي محمصاني-المبادئ الشرعية والقانونية الطبعة الثامنة 1997-ص75.
وحيث تبعا لما تقدم، فان المعتوه محجور لذاته ولا داعٍ لاستصدار حكم بحجره.(مصطفى العوجي، القانوني المدني، الجزء الاول ص 288)، إنّما يمكن مراجعة المحكمة لتكريس العته بحكم قضائي منعا لاي التباس(عاطف النقيب، نظرية العقد، 1998 ص 164).
وحيث بالتالي يكون للحكم بالحجر على المدعى عليه مفعولا معلنا لحالة العته.
وحيث الى ذلك يتقاطع مع ما ذكر في المادة /559/أ.م.م. بان الحكم الذي يحدث تغييرا في حالة الشخص او في اهليته يعتبر منشئا طالما ان الحجر المذكور لم يحدث تغييرا في اهلية المدعى عليه انما جل ما في الامر انه اعلن هذا التغيير الحاصل بتاريخ تحقق علة العته.
وحيث بعد ذلك، وفي العودة الى واقعات الدعوى لاسيما تقرير الدكتور لطف الله ابو سليمان المبرزة صورته في الملف، يتبين ان المدعى عليه ادخل المستشفى بتاريخ 2000/3/6 وخرج منه بتاريخ 2000/3/22 ، وذلك اثر اصابته بجلطة دموية في الدماغ افقدته النطق، مع شلل نصفي كامل في الجهة اليمنى في الجسم، وقد بقي قيد المعالجة الفيزيائية لغاية 2000/5/6 وانه طول هذه المدة كان بحالة عجز كامل مع تعذر في النطق وعدم التمكن من اجلاء ارادته المعنوية والفكرية والقيام بأعماله الشخصية والتصرفات القانونية.
وحيث يتضح مما تقدم ان علة العته التي اصيب بها المدعى عليه من جراء الفالج الذي تعرضه في الدماغ انما طرأت عليه بتاريخ 2000/3/6، اي ضمن مهلة الانذار المبلغ منه بتاريخ 2000/2/25 مما يجعل المهلة المذكورة منقطعة، والانذار المشار اليه غير منتج لمفاعليه على ما صار تبيانه.
وحيث يقتضي تبعا لذلك، رد طلب اسقاط المدعى عليه من التمديد القانوني.
“محكمة” – الإثنين في 2024/9/16