الأخبار

“قضاة التعذيب” يفشلون.. عون لن يطعن بالقانون 191

“ما مشي حال العريضة”*… هكذا أبلغت القاضية أماني حمدان زملاءها على مجموعة القضاة على “واتساب” بأنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يطعن بالقانون 191 (الذي أصدره مجلس النوّاب نهاية أيلول الفائت ونشره رئيس الجمهورية في تشرين الأوّل) الرامي إلى تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بهدف تعزيز الضمانات الأساسيّة للموقوف وتفعيل حقوق الدفاع والحدّ من إمكانية التعذيب (الحقّ بحضور محامي الدفاع عن الموقوف في التحقيقات الأوّلية التي يجب أن تكون مسجّلة بالصوت والصورة…).
ومع ذلك، أكّدت حمدان أنّ فشل المحاولة لا يعني أنّها نادمة على مواقفها، وأعادت إرسال أحاديث من بعض القضاة الكبار في السن الذين قالوا لها عبر أحاديث خاصّة:”إنّنا ذاهبون إلى منازلنا قريباً، ولكن أنتم (القضاة الصغار في السنّ) من ستُهان كرامتكم بتطبيق هذا القانون.”
إذاً، العريضة التي صاغتها القاضية ساندرا المهتار، وتولّت حمدان جمع التواقيع عليها، وضربت القاضية غادة عون بيدها على صدرها لتعبيد طريقها إلى بعبدا، لم تُفلح في الضغط على رئيس الجمهورية، الذي بدا متمسّكاً بالقانون، على عكس ما أُشيع.
ويعترض القضاة على أمرين واردين في القانون:
أوّلاً، حضور المحامين في مرحلة التحقيقات الأوّلية التي تجريها الأجهزة الأمنية، لأنّ القضاة المعترضين يعتبرون أنّ هذا الأمر يعرقل سير العدالة. بكلام آخر، يتمسّك عدد كبير من القضاة بـ”حقّ” الأجهزة في تعذيب الموقوفين لانتزاع اعترافات سريعة منهم.
ثانياً، يعترض قسم كبير من القضاة على فقرة في القانون تعاقب مخالفيه بعقوبات قاسية، تصل إلى حدّ سجنهم، ولو كانوا من قضاة النيابة العامة.
وتشير المعلومات إلى أنّ القاضية عون رفعت العريضة التي وقّع عليها أكثر من 240 قاضياً، إلى بعبدا، لكن رئيس الجمهوريّة أكد أنّه ليس بوارِد الطعن بالقانون، لافتاً إلى أنّ أيّ تعديل على القانون 191 يجب أن يمرّ عبر قناة مجلس القضاء الأعلى.
وما استفزّ القضاة أكثر، هو ما نُقِل عن حوار دار بين الرئيس ميشال عون والمدير العام لأحد الأجهزة الأمنية الذي اتصل بالرئيس شاكياً من أنّ تكاليف تجهيز مراكز التحقيق بالكاميرات، وفق ما ينصّ عليه القانون، تفوق المليونَيْ دولار، ليردّ عون مشدّداً على أنّ الدولة ستكون جاهزة لدفع هذه التكاليف بهدف تطبيق القانون.
وهذا ما دفع القضاة إلى التعبير عن خيبتهم عبر مجموعة “واتساب”، إذ إنّ بعضهم اعتبر أنّ عون “نكث بوعده” بعدما نقلت عنه القاضية عون قوله: “جيبي 100 توقيع وأنا أطعن”.
هنا، حاول القضاة الذين يدورون في فلك “التيّار الوطني الحرّ” الدّفاع عن رئيس الجمهوريّة، فيما حمّل قضاة آخرون مسؤولية إفشال الطعن إلى القاضية عون، المُختفية عن أنظار زملائها، باتّباعها “الطريق السياسيّة” وضاربةً عرض الحائط بالأصول المُتّبعة.
من جهتها، كانت وزيرة العدل ماري كلود نجم قد أكّدت بعد زيارتها رئيس الجمهورية منذ أيّام، أنّها نصحت بعدم الطعن، “لما يُشكّله ذلك من رسالة سلبية، في مسألة حقوقية إصلاحية طال انتظارها”. وقد اعتبرت أنّ خيار التعديل يبقى متاحاً من خلال الطرق الدستورية، إذ إنّ أيّ نائب يحقّ له تقديم اقتراح قانون لتعديل مواد فيه، فيما الطعن سيشكّل انتكاسة لمساعي تكريس حقوق الموقوفين، بحسب ما قالت لـ”الأخبار”.
وبالفعل، وأمام إعلان القضاة المعنيين هزيمتهم في معركة الانقلاب على القانون، فإنّ البعض وبالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى، يحاول الضغط على بعض النوّاب لتعديل القانون 191 من خلال تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر يتضمّن إلغاء مادّة معاقبة قضاة النيابة العامة بالحبس في حال مخالفتهم للقانون وتعريضهم حقوق الموقوفين للإنتهاك.
*المصدر: الأخبار.
“محكمة” – الجمعة في 2020/11/6

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!