مقالات

تكريم المحامين في يوبيلهم الخمسيني.. شيوخ بنشاط الشباب/فادي مصري

فادي خليل مصري (نقيب المحامين في بيروت)*:
إخوتي النقباء،
زملائي أعضاء مجلس النقابة ولجنة صندوق التقاعد،
المكرمون الأحباء،
زملائي الأعزاء،
الحضور الكريم،
نتحلّق في هذه الأمسية، بفخر واعتزاز، بعاطفة تغزو النفوس وتتحكّم بالكلمات، بإعجاب وإكبار، حول أعلامٍ كبار، نحتفل معهم بيبولهم الخمسيني في نقابة احتضنتهم فأصبحت عائلتهم الثانية وبمرور خمسين عاماً على مزاولتهم لمهنة عشقوها فبادلتهم العشق وخدموها فجعلتهم رسلاً للعدالة، مناضلين للحق ومؤتمنين على أعظم رسالة إنسانية وأنبلها.
في يوم تكريمكم، أتأمل بمسيرتكم، أقرأ في كتابكم، متصفحاً معكم أوراقاً معتّقة قيّمة ومقلّباً صفحات مجيدة فيها نجاحات وإخفاقات ولكنها على الدوام عبرة لجيلنا وللأجيال اللاحقة. عبرة في الإيمان وفي العلم والعزيمة والصمود ومواجهة التحديات.
وكيف لا نذكر المصاعب والتحديات؟ وأنتم جيل انتسب إلى النقابة عشية اندلاع الحرب المشؤومة التي دمرت الحجر وقضت على البشر لكنّها لم تقوَ طيلة خمسة عشر عاماً على اغتيال الأمل ولا على إزالة لبنان من الوجود لأنّه وُجد ليبقى كما أراده خالقه، أرضاً للقداسة، مهداً للحضارات، ملتقاً للطيبين، وملاذاً للمستضعفين، وطناً سيداً عزيزاً، مختلفاً عن أي مكان آخر في هذا العالم؛ نريده أن يصبح دولة حقيقية قوية تفتخر بالماضي وتتطلع إلى المستقبل، تحمي أبناءها وتصونهم، تؤمّن مستقبلاً زاهراً لأجيالها الجديدة ليبقى أبناؤها في لبنان وليعملوا في لبنان ويؤسسوا عائلات لبنانية أصيلة تحافظ على قيمنا وتراثنا وتقاليدنا، وتحمل من جيل إلى جيل رسالة إنسانية خالدة عمرها ستة آلاف سنة.
وفي هذا السياق، علينا واجب أن نتضامن جميعاً وأن نعمل معاً من أجل إنجاح التجربة اللبنانية الفريدة من نوعها – تجربة التعدّدية الثقافية وحوار الحضارات وتلاقيها- من خلال تطويرها لتأمين إستمراريتها لنحافظ على لبنان وطناً للحق والحرية والإنسان.
أساتذتي الكبار،
لنقابتنا تاريخ مجيد وأنتم جزء منه،
لنقابتنا تراث فريد وأنتم شاركتم في تكوينه،
لنقابتنا نكهة مميزة وسحر خاص وهيبة ووقار وانتم جزء من هذا الكتاب الذي كلماته ليست كالكلمات وأحْرُفُه سطّرت بالعرق وأحياناً بالدم.
أنظر إليكم بتأثّر واعتزاز، ما زلتم وأنتم شيوخ حكمةٍ تتحلّون بنشاط الشباب وما زلتُ ألتقي بعدد منكم في قصر العدل تزاولون المهنة بجهد واجتهاد كما في اليوم الأوّل.
أفتخر بمعرفتي الوثيقة، كمحامٍ، ومن ثم كعضو مجلس نقابة، ولاحقاً كنقيب، بزملاء أعزاء قُدّر لي ان أكون في يوم تكريمهم نقيبهم، ولي مع عدد منهم قصص ومحطات … وأن أنسى لن انسى يوم اجتيازي لأول مرة عتبة نقابة المحامين صبيحة يوم الأربعاء 4 تشرين الثاني 1992 يصطحبني الزميل العزيز الياس حنا، عضو مجلس النقابة، لإجراء المقابلة الشفهية للإنتساب إلى النقابة لدى مقرّر التدرّج حينذاك، النقيب لاحقاً، والمكرّم اليوم مع زملائه الخمسينيين، الأستاذ سليم الأسطا.
إستقبلني بلياقته المعهودة وبأناقته اللافتة ولكن بهيبة وعنفوان طبعت جميعها نظرتي المستقبلية للنقابة، وقد ترك هذا اللقاء الأول أثراً عميقاً في نفسي إلى اليوم.
كما أنني لا أنسى التعاون المثمر الذي جمعني بالنقيب نهاد جبر طوال دورتيْ إنتساب إلى النقابة خلال ولاية النقيب ناضر كسبار الذي أولاني ثقته كمقرّر تدرّج.
إذ ترأّس النقيب جبر إحدى لجنتيْ الإختبار، وكنت إلى جانبه كمقرّر تدرج، وقد تعمّقت علاقتنا بفعل تعاوننا في هذه المهمة النقابية، فاكتشفت مزاياه الإنسانية ولفتني بشكل خاص عمق العلاقة التي تربطه بزملائه المحامين.
أما بعد،
أمنيتي ان تتابعوا المسيرة إلى حيث شاء الله، وأن تكملوا ما بدأتموه، فالمحاماة تجديد حياة وأنتم ابناء النور وهذا النور لا يعروه مساء ولا يغرب.
محبتي الشخصية للمكرمين الأحباء،
تقدير النقابة لكبارها،
إعتزازنا بأعلام وافتخارنا بقامات،
كل ذلك يجعل من هذه الأمسية عابقة بروح عائلية جامعة تميّز نقابة نريدها رائدة، متقدمة، سابقة لعصرها، تقود الفكر وتحمل الإنسان، تبتكر، تتحدى الذات، تجترح المعجزات، ولكنها قبل كل شيء، وفوق كل شيء، تعرف كيف تحتضن إبناءها وترافق أجيالها وتحقق رسالتها، وتحب لأن المحبة تبقى هي الأعظم.
عشتم،
عاشت نقابتنا عزيزة، أبية، فريدة ورائدة،
عاش لبنان وطناً خالداً لا يموت.


* ألقى النقيب فادي مصري هذه الكلمة في حفل اليوبيل الذهبي للمحامين الذين أمضوا خمسين عاماً في مزاولة المهنة، وذلك في يوم الإثنين الواقع فيه 16 حزيران 2025، في فندق الحبتور- سن الفيل.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/6/25

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
مجلة محكمة
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.