مقالات

جهود المحامية هدى مجدلاني ملحه في شرح قانون العمل والضمان الاجتماعي في لبنان/ سناء موصللي

بقلم المحامية سناء موصللي (نقابة المحامين بدمشق):
قدّمت المحامية هدى مجدلاني ملحه كتاباً في غاية الأهمية لشرح قانون العمل والتشريع الفندقي، وقانون الضمان الاجتماعي في الدولة اللبنانية. والأستاذة هدى مجدلاني ملحه خبيرة في قضايا التأمين والضمان الاجتماعي، وقد شرحت قوانين العمل والضمان الاجتماعي من خلال كتابين بتعليقات قانونية وفنية؛ لفهم القانون وصياغة غاياته وتناولها.
ففي كلّ شرح لمميّزات قانون العمل، تضع الأستاذة هدى تعريفاً لقانون العمل ومميزات قانون العمل، ونطاق تطبيقه، وتوضح كذلك الاستثناءات في أحكام القانون، والفئات التي لا يشملها هذا القانون. وقد أتبعت الأستاذة هدى كل فصل من الكتاب بمجموعة أسئلة تطبيقية لتوضيح كيفية سريان قانون العمل وسبل تطبيقه، وأجوبة الأسئلة موجودة في الفصل الذي تتبعه، لكنها موضوعة بطريقة ابتكارية تتطلب من القارئ الاستنتاج وربط المعطيات.
إستخدمت الأستاذة هدى مجدلاني ملحه في الكتاب أشكالاً توضيحية ملونة لشرح صفات عقد العمل الفردي مثلاً وعناصر عقد العمل الفردي وهي:
1. العمل: ما يقوم به الأجير لحساب رب العمل.
2. الأجر: المقابل المادي الذي يتقاضاه الأجير، عقدياً أو عينياً أو نصيباً من الأرباح.
3. الرابطة التبعية: علاقة العمل التي تربط الأجير برب العمل.
وقدمت المؤلفة مجدلاني وصفاً مفصّلاً بجدول مقارن بين الموظّفين العاملين في القطاع العام والعاملين في القطاع الخاص. وفصلاً لمدّة عقد العمل الفردي المحدّد المدّة، وغير محدّد المدّة. وأردفت المؤلفة مجدلاني تعليقاً على مدة عقد العمل مؤدّاه: أنّ المشرع حظر إبرام عقد العمل الذي يلتزم بموجبه الأجير العمل لدى رب العمل طوال حياته، وعدَّه باطلاً بطلاناً مطلقاً، إذ لا بد من نهاية لعقد العمل.
وضَّحت المؤلفة مجدلاني أسباب إنهاء عقود العمل بشكل واضح في الشكل الآتي ص40:


تلحق المؤلفة مجدلاني كل فصل بأسئلة منوعة عن الفصل، بطريقة الأسئلة الاستنتاجية والمقارنة، وكذلك طرح المشكلات التي تتطلب مهارات التفكير الضرورية لفهم القواعد القانونية… وهي طريقة مبتكرة للتعامل مع النصوص القانونية الجافة.
ميزت الكاتبة مجدلاني بين أنواع الأجر وكيفية احتساب الأجر وملحقات الأجر: مثل المنحة أو العمولة أو المكافأة أو التقديمات العينية أو النسبة المئوية من الأرباح، وتعويض غلاء المعيشة… نعتقد أن تعويض غلاء المعيشة وضعته المؤلفة خاصاً بواقع الحال التي يمر فيها لبنان؛ ما يقتضي من أرباب العمل، ومن الدولة الضامنة لحقوق العمال: إقرار التعويض المناسب لغلاء المعيشة، في مختلف الدول التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق لمصروفات الحياة ومتطلبات الحياة الكريمة.
أوضحت المؤلفة مجدلاني النظام الداخلي لمؤسسة العمل، وسبل الوقاية وسلامة العمال، وكذلك أنواع الإجازات الأسبوعية والشهرية والسنوية التي يستحقها العامل.
وعملت المؤلفة مجدلاني على تنوير العمال بحقوقهم في إنشاء النقابات وممارسة النشاط النقابي بكل أشكاله؛ بما في ذلك حقهم في الإضراب عن العمل الذي سماه القانون اللبناني “التوقف عن العمل” وسيلة لتحقيق مطالب مهنية. ترى المؤلفة أن الأولى تسميته الصريحة بالإضراب وهو حق مصان في الدستور اللبناني. (قانون العمل، 2015، صفحة 111)
خصصت الأستاذة مجدلاني الباب الثاني من الكتاب للتشريع الفندقي. فشرحت قوانين إنشاء المؤسسات الفندقية، وأنواع المؤسسات السياحية، وتصنيفها، وعقد العمل الفندقي: الخاضع لأحكام قانون العمل اللبناني الذي شرحته الكاتبة في الباب الأول. ولم يعط المشرع اللبناني عقد العمل الفندقي تعريفاً مستقلاً عن عقد العمل في القطاع التجاري أو الصناعي.
أشارت المؤلفة مجدلاني إلى خضوع المؤسسات الفندقية للرقابة من عدة جهات قانونية في الدولة اللبنانية:


لبيان سبل استفادة العامل في المؤسسات المختلفة من الضمان الاجتماعي في الحالات الطارئة مثل: المرض والأمومة ونهاية الخدمة، وضمان حصول العامل على حقوقه عند إصابات العمل والأمراض المهنية، وكذلك ضمان الشيخوخة.
أفردت الأستاذة مجدلاني الباب الثالث من الكتاب بعنوان: (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) وعرفته بالقول: الصندوق مؤسسة مستقلة، ذات طابع اجتماعي، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري.. يخضع لوصاية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
بيّنت الكاتبة مجدلاني فئات المستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحتى وضع الأجراء الأجانب العاملين على الأراضي اللبنانية، وأفراد عائلاتهم ممن يقيم في لبنان. (قانون العمل، 2015، صفحة 212)
وأوضحت المؤلفة أنواع المستفيدين من الصندوق بالشكل الآتي ص219:


شرحت الأستاذة مجدلاني في فصول (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) كذلك تشريعات الشيخوخة، وتعويض نهاية الخدمة، والأشخاص الخاضعين لأحكام تعويض نهاية الخدمة… هذه الشروحات التي تقدمها الكاتبة ذات طوابع تعليمية وتنويرية: تفيد أرباب العمل والعمال في ضمان حقوقهم وتعويضاتهم في مختلف مراحل عقود العمل في لبنان، وفقاً للأنظمة والقوانين السارية.
كما شرحت المؤلفة شروط الاستفادة من الضمان الاجتماعي لطوارئ العمل والأمراض المهنية وضمان الشيخوخة في نفقات العلاج والاستشفاء.
يضم الكتاب ملحقين: الملحق الأول عن حظر تشغيل الأولاد والأحداث والنساء في صناعات وأشغال محددة، والملحق الثاني عن الصناعات التي يخضع استخدام الأحداث فيها لتقديم شهادة طبية، وفق أحكام المادتين 22 و23 من قانون العمل اللبناني. والملاحق في الكتاب هي وثائق مرتكزة إلى القوانين المعنية لتوضيح محددات القانون الخاص بالضمان الاجتماعي وشموله.
الشروح والإيضاحات للقوانين التي قدمتها المؤلفة مجدلاني تقدم مفهوماً جديداً لتنوير العامة والخاصة في سبل فهم القواعد القانونية، وغايات المؤسسات المجتمعية التي تتعامل بقضايا الناس ومشكلاتهم في العمل والضمان الاجتماعي، مع حرص المؤلفة مجدلاني على الجانب التعليمي في الكتابين بإلحاق كل فصل بأسئلة متنوعة؛ لفهم آليات العمل بهذه القوانين واستيعاب أبعادها، ذلك ليعرف العامل حقوقه في الأجر وشروطه وحقوقه في الإجازات وأنواعها، وكذلك حقوق العامل في النشاط النقابي والمهني وسبل حلِّ نزاعات العمل أمام المحاكم.
وجدت في قراءة كتاباتها الحقوقية رافداً مهماً مساعداً في فهم الأعمال القانونية، لتبسيط تداول القاعدة القانونية، وتعريف العامة والخاصة بأسس قوانين العمل والتشريعات الاجتماعية؛ بما يعرفهم بحقوقهم ليطالبوا بها، ويعرفهم بواجباتهم القانونية ليعملوا بها. في القانون السوري والقانون اللبناني قضايا كثيرة مشتركة في اتصال منابعها التشريعية بالقانون الفرنسي، ما فتح عيني على قطوف دانية في كتاباتها، فاستفدت من جهود المحامية مجدلاني في منهج مقارنة القوانين ومعرفة أسسها العامة لمعالجة القضايا القائمة في محاكم البلدين.
قرأت كلماتي السابقة على مسمع صديقة غالية، فتلألأت في عينيها أمارات حزن كاسر، وكاد صوتها يختنق وهي تقول لي: للأسف غادرت الأستاذة المحامية هدى مجدلاني ملحه هذه الدنيا الفانية؛ في حادث سير قاس في بيروت سنة ….، وإذ انتقلت حالة حزن هذه الصديقة إلى أعماق وجداني، وجدتني أقول وفي صوتي غصة حزن على ما سمعت من قسوة غيابها: “لروحك الرحمة، ولاسمك هدى مجدلاني ملحه “تحية الحق والأخوة”، باحثة قانونية ومحامية رحلت، وتركت هذه الجهود التي بذلتها في خدمة الأسرة القانونية والمجتمعية، نذكرك معها، فنحيي بذكرك نقاء البشر وسموَّ الهمم على دروب ارتقاء المجتمعات”.
“محكمة” – الثلاثاء في 2022/7/5

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!