حكم جديد لقاضي الإيجارات في المتن علاء بشير: إخلاء المستأجر لانقضاء سنوات التمديد والدعوى مقامة على أساس الاسترداد للضرورة العائليّة/شربل شرفان

المحامي شربل شرفان:
بتاريخ 2025/6/11 أصدر القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر بدعاوى الإيجارات القاضي الدكتور علاء بشير حكماً قضى بإخلاء المستأجر لانقضاء السنوات التمديديّة التسع بتاريخ 2023/12/28 خصوصاً وأنّه ثبُت في الملف أنّ المستأجر لا يستفيد من تقديمات صندوق حساب دعم المستأجرين.
وما يميّز هذا الحكم عن غيره، هو أنّ الدعوى كانت مُقامة أساساً بموضوع الاسترداد للضرورة العائليّة، وخلال السير بالمُحاكمة قدّم المدّعي طلباً إضافيّاً عدّل فيه مطالبه سنداً لأحكام المادة /31/ من قانون أصول المحاكمات المدنيّة، مدلياً بأنّه طبّق أحكام القانون الجديد وتمّ تحديد بدل المثل والمدّعى عليه المستأجر لا يستفيد من تقديمات حساب صندوق المستأجرين. أمّا المدّعى عليه فأدلى بوجوب ردّ الطلب الإضافي “لأنّه يُعد تغييراً في موضوع الدعوى وسببها كونه يستند إلى وقائع وأسس مختلفة عن دعوى الاسترداد للضرورة العائلية”.
واعتبر القاضي بشير في حيثيات الحكم لهذه الناحية إن “البت بمسألة مدى توافر شروط الاسترداد للضرورة العائلية لمأجور ما، يفترض أن يكون تمديد الإجارة لا يزال قائماً، لذلك فإنّ المنطق القانوني يقضي بأن يتم البحث أولاً بطلب إخلاء المأجور لعلّة انتهاء التمديد، أو السنوات التمديدية، قبل البحث بطلب استرداد المأجور للضرورة العائلية”، وبما أنّ المدّعى عليه لا يستفيد من تقديمات الصندوق فإنّ عدد سنوات التمديد بالنسبة له هي 9 سنوات وقد انتهت في 2023/12/28، وأنّه بعد هذا التاريخ أصبح يشغل المأجور بدون أي مسوّغ شرعي، وبالتالي فإنّ البحث في طلب الاسترداد للضرورة العائليّة لا جدوى منه لأنّ تمديد الإجارة لم يعُد قائماً.
“محكمة” تنشر الحكم على النحو الآتي:
بناءً عليه
حيث إنّ المدعية بعد أن طلبت في استحضار الدعوى استرداد القسم رقم (…) من البناء القائم على العقار رقم (…) من منطقة (…) للضرورة العائلية، سنداً لنص المادّة ۳۲ من قانون الإيجارات الجديد، عادت وتقدمت بطلب إضافي يرمي إلى إلزام المدعى عليه بإخلاء المأجور لعلّة انتهاء السنوات التمديدية التسع سنداً لنص المادة ١٥ من القانون المذكور، وتسليمه إليها شاغراً دون أي مهلة تحت طائلة غرامة إكراهية وقدرها ماية دولار أميركي عن كل يوم تأخير، مؤكدة على أنه وفي حال رد طلبها المذكور، فإنّها تكرّر طلباتها الواردة في الاستحضار واللوائح المبرزة من قبلها لجهة الاسترداد للضرورة العائلية،
وحيثُ إن المدعى عليه أجاب طالباً ردّ الطلب الإضافي المذكور، لأنّه يُعد تغييراً في موضوع الدعوى وسببها كونه يستند إلى وقائع وأسس مختلفة عن دعوى الاسترداد للضرورة العائلية، في حين أنّه من غير الجائز تغيير سبب الدعوى أثناء سير الخصومة، وأن قانون أصول المحاكمات نص على عدم جواز تعديل الطلبات أو إضافة أسباب جوهرية تجعل الادعاء الجديد مخالف للأصول كونه يُعتبر تغييراً للأساس القانوني للدعوى الأصلية،
وحيث إنّ ما يُدلي به المدعى عليه، لا سيما لجهة عدم جواز تعديل الطلبات، يُخالف منطوق المادة ۳۱ أ.م.م. التي عرفت الطلب الطارئ الإضافي المقدّم من المدعي بنصها على أنّ ” للمدعي أن يتقدّم بطلبات طارئة ترمي إلى تصحيح الطلب الأصلي أو إكماله أو تعديل موضوعه أو سببه، الأمر الذي يقتضي معه ردّ ما يُدلي المدعى عليه في هذا الصدد لعدم قانونيته،
وحيث إن البت بمسألة مدى توافر شروط الاسترداد للضرورة العائلية لمأجور ما، يفترض أن يكون تمديد الإجارة لا يزال قائماً، لذلك فإنّ المنطق القانوني يقضي بأن يتم البحث أولاً بطلب إخلاء المأجور لعلّة انتهاء التمديد، أو السنوات التمديدية، قبل البحث بطلب استرداد المأجور للضرورة العائلية،
وحيثُ لجهة طلب المدعية إلزام المدعى عليه بإخلاء المأجور لعلّة انتهاء السنوات التمديدية التسع سنداً لنص المادة ١٥ من قانون الإيجارات الجديد، فإنّه يقتضي أوّلاً تحديد تاريخ بدء سريان السنوات التمديدية وما إذا كانت تبدأ بتاريخ 2014/12/28 ، أم بتاريخ 2017/2/28 ، على أن يُصار بعد ذلك إلى البحث في عدد هذه السنوات وما إذا كانت ٩ أم ١٢ سنة على ضوء الوضعية القانونية للمدعى عليه، أي مدى استفادته من تقديمات الصندوق الخاص بالمستأجرين أم لا،
وحيث إنّ المادة ١٥ من قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 2014/5/9 نصت على أنّه “تُمدّد لغاية تسع سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون عقود إيجار الأماكن السكنية على أن يدفع …”، في حين أنّ المادّة عينها من قانون الإيجارات رقم ٢ الصادر بتاريخ 2017/2/28 على أنّه “تُمدّد لغاية تسع سنوات، والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية ١٢ سنة من تاريخ هذا القانون عقود إيجار الأماكن السكنية.. “
وحيثُ يتضح من نص المادتين أن كلا منهما حدّدت تاريخ بدء السنوات التمديدية من تاريخ نفاذ القانون الواردة فيه، إلا أنه خلافاً للمادة الأولى التي نصت على أنّ عدد السنوات هو تسع في مطلق الأحوال، ميّزت المادة الثانية بين المستأجر المستفيد من تقديمات الصندوق والمستأجر غير المستفيد منها، بحيث يكون عدد السنوات ۱۲ بالنسبة للأوّل، و9 بالنسبة للثاني،
وحيث استناداً لما تقدّم، يُطرح السؤال حول معرفة أي من القانونين واجب اعتماده لبدء احتساب السنوات التمديدية، تمهيداً لتحديد تاريخ انتهائها وبالتالي البت بطلب المدعية الرامي إلى إلزام المدعي عليه بإخلاء المأجور،
وحيثُ إنّ القانون رقم ۲ تاريخ 2017/2/28 هو، وكما تدلّ عليه تسميته، “قانون تعديلي”، أي أنّه جاء فقط ليعدل بعض أحكام القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، والذي يُعتبر قانوناً مستقلاً قائماً بحد ذاته، تُطبّق أحكامه على الدعاوى المُقامة بين تاريخ 2014/12/29 و 2017/2/28 ، كما صار بيانه أعلاه، وليس أدل على ذلك سوى ما ورد في المادّة ٥٩ منه لجهة إلغاء جميع الأحكام المخالفة له أو غير المتفقة مع مضمونه، بمعنى أنه نص على إلغاء جميع الأحكام المخالفة له عند تطبيقه دون أن يؤدّي ذلك إلى إلغاء القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، كما أنّ المادة ٦٠ التي نصت أنّه يُعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية، ما يعني أنّ يطبّق دون أي مفعول رجعي، فلا يُطبق بالتالي على الفترة الواقعة بين تاريخ 2014/12/29 (تاريخ انتهاء العمل بالقانون رقم 92/160) وتاريخ 2017/2/28 (تاريخ بدء العمل بالقانون رقم 2017/2) بحيثُ تبقى الفترة المذكورة خاضعة للقانون الصادر بتاريخ 2014/5/9،
وحيث إنّ القانون المذكور، وبالرغم من صفته “التعديلية” لبعض أحكام القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9 كما صار بيانه، فإنّه لم يتناول مسألة بدء سريان السنوات التمديدية التسع بالتعديل، وهي تبدأ في مطلق الأحوال من تاريخ نفاذ القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، أي من تاريخ 2014/12/28، أما بالنسبة للسنوات الاثنتي عشرة الخاصة بالمستأجرين المستفيدين من تقديمات الصندوق، فهذا الأمر يتعلق بنص جديد يجب تطبيقه لجهة عدد السنوات، وبالنسبة لمنطلق سريانها فإنّها تبدأ أيضاً من تاريخ نفاذ القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، طالما أن قانون الإيجارات الصادر في 2017/2/28 قد عدّل فقط الأحكام المخالفة دون أي أمر آخر، وهنا عدد السنوات فقط وليس منطلق سريانها،
وحيثُ لا يُرد على التوجّه المتقدّم بأنّه يُعطي القانون الصادر في العام ۲۰۱۷ مفعولاً رجعياً خلافاً لنصوصه الواضحة في هذا الإطار، لأنّ تحديد تاريخ بدء السنوات التمديدية منذ نفاذ القانون الصادر في العام ۲۰۱٤ هو تطبيقاً للقانون المذكور، أما تحديد عدد هذه السنوات فهو تطبيق للقانون الصادر في العام ۲۰۱۷ الّذي عدّل عدد هذه السنوات فقط دون منطلق سريانها، وأصبح بالتالي هو الواجب التطبيق لهذه الجهة، بمعني أنه طالما أنّ التعديل قد طال عدد السنوات فقط وليس منطلق سريانها، فلا يكون هناك بالتالي أي تطبيق للقانون المذكور بمفعول رجعي،
وحيثُ إنّ القول بخلاف ذلك وبأن السنوات التمديدية تبدأ منذ نفاذ القانون الصادر في العام ۲۰۱۷ من شأنه أن يزيد عدد السنوات التمديدية عن التسع ويجعلها تقارب الاثنتي عشر سنة، الأمر الذي يناقض ما قصده المشرع، فضلاً عن أنه يؤدّي إلى تمييز بين المستأجرين الذين أقيمت دعوى لإخلائهم في ظل القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، حيث تنتهي مهلة التسع سنوات، وفقاً للمنطق المتقدّم، بتاريخ 2023/12/28 طالما أنها بدأت من تاريخ نفاذ القانون المذكور في 2014/12/28 سنداً للمادة ١٥ منه، وبين المستأجرين الذين أقيمت دعوى لإخلائهم في ظل سريان القانون الصادر بتاريخ 2017/2/28، حيث تنتهي مهلة التسع سنوات في ما خصّهم بتاريخ 2026/2/28، طالما أنّ المادّة ١٥ منه نصت أيضاً على بدء السنوات التمديدية “من تاريخ نفاذ هذا القانون”، على غرار المادة ١٥ من القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9،
وحيثُ لجهة ورود العبارة عينها، أي ” من تاريخ نفاذ هذا القانون” في المادّة ١٥ من كل من القانونين، فإنه مرده هو خطأ شكلي في مسألة تعديل القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9 بموجب القانون الصادر بتاريخ 2017/2/28، فبدل أن يتناول هذا القانون الأخير كقانون تعديلي فقط الأحكام التي طالها التعديل دون سواها، أعيدت صياغة القانون بأكمله مع إجراء بعض التعديلات في موضع حصولها، ونذكر على سبيل المثال لص المادة ۲۰ التي عدّل بدل المثل السنوي من ٥ إلى ٤٪ من القيمة البيعية للمأجور، دون أن يعني ذلك أن المشرع قد قصد تعديل منطلق السنوات التمديدية من نفاذ القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9 لتصبح من نفاذ القانون الصادر بتاريخ 2017/2/28،
وحيثُ علاوةً على ما تقدّم، فإنّه بمجرّد اعتبار قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 2014/5/9 قانوناً مستقلاً قائماً بحد ذاته، تُطبق أحكامه على الدعاوى المُقامة بين تاريخ 2014/12/29 و2017/2/28، كما صار بيانه أعلاه، يجعل من غير المنطقي القول ببدء السنوات التمديدية منذ تاريخ نفاذ القانون الصادر في العام 2017، فهذان أمران لا يستقيمان معاً، بمعنى أنه طالما أن القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9 هو قانون مطبق وقد جرى تعديل بعض أحكامه فقط بموجب القانون الصادر في 2017/2/28، فلا يصح بعد ذلك إهمال ما ورد فيه لجهة تحديد بدء السنوات التمديدية واعتبارها تبدأ من تاريخ 2017/2/28،
وحيثُ سنداً للتعليل المُساق أعلاه فإنّ منطلق احتساب السنوات التمديدية يبدأ في مطلق الأحوال من تاريخ نفاذ القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9 ، أي من تاريخ 2014/12/28، الأمر الذي يقتضي معه تالياً تحديد عدد هذه السنوات بالنسبة للمدعي عليه، فإذا كان من غير المستفيدين من تقديمات الصندوق الخاص بالمستأجرين يكون عدد السنوات بالنسبة إليه ٩ سنوات أي تنتهي بتاريخ 2023/12/28 ويقتضي بالتالي إلزامه بإخلاء المأجور، أما إذا كان من عداد المستفيدين من تقديمات الصندوق الخاص بالمستأجرين يكون عدد السنوات ۱۲ سنة أي تنتهي بتاريخ 2026/12/28 ويقتضي بالتالي رد طلب إلزامه بإخلاء المأجور لعدم انتهاء السنوات التمديدية بعد،
وحيثُ إنّ إدلاء المدعى عليه، في معرض جوابه على طلب استرداد المأجور منه للضرورة العائلية، باستفادته من تقديمات الصندوق بقي مجرّداً من أي إثبات يعزز صحته طالما أنه لم ينهض من الملف ما يُثبت أنه تقدم بطلب استقادة من التقديمات المذكورة، الأمر الذي يقتضي معه ردّ ما يُدلي به في هذا الإطار لعدم الثبوت،
وحيثُ يقتضي بالنتيجة، اعتبار السنوات التمديدية في وضعية المدعى عليه هي تسع سنوات وتنتهي، وفقاً للتعليل للمساق أعلاه بتاريخ 2023/12/28، الأمر الذي يقتضي معه اعتبار بقاؤه في المأجور بعد التاريخ المذكور غير مستند إلى مسوّغ قانوني، ويوجب إلزامه بإخلائه وتسليمه إلى المدّعية شاغراً من أي شاغل، تحت طائلة غرامة إكراهية وقدرها خمسة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في الإخلاء من تاريخ نفاذ هذا الحكم،
وحيث إنّه في ضوء ما جرى بيانه أعلاه، لم يعد ثمّة داع لبحث سائر الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة، إما لعدم الجدوى وإما لأنها لقيت جواباً، ولو ضمنياً، في ما تم بحثه، فيقتضي ردّها، بما في ذلك الطلب الأصلي الرامي إلى استرداد المأجور للضرورة العائلية كونه قد أصبح من النافل البحث بعد النتيجة التي توصلت إليها المحكمة،
لذلك،
يحكم بـ:
أوّلاً: قبول الطلب الإضافي المقدم من المدعية شكلاً.
ثانياً: إلزام المدعى عليه السيّد (…) بإخلاء القسم رقم (…) من البناء القائم على العقار رقم (…) من منطقة (…)، وتسليمه إلى المدّعية السيّدة (…)، شاغراً من أي شاغل، فوراً ودون أي مهلة تحت طائلة غرامة إكراهية وقدرها خمسة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في الإخلاء من تاريخ نفاذ هذا الحكم.
ثالثاً: ردّ سائر الأسباب والمطالب والإدلاءات الزائدة أو المخالفة.
رابعاً: تضمين المدعى عليه النفقات كافة.
حكماً صدر وأفهم علناً بتاريخ 2025/6/11.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/6/11
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)،
كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك”، و”الواتساب”، و”اكس”، و”الإنستغرام”، و”التلغرام”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر.
ويحظّر إجراء أيّ تعديل أو تحريف في النصوص وخصوصًا تلك المتعلّقة بالأحكام والقرارات القضائية، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.