أبرز الأخبارعلم وخبر

حكم سابقة للقاضي نور الدين صادق: ردّ طلب الاستئخار برغم استفادة المستأجر من الصندوق/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
ليست كلّ دعوى إيجارات تتحقّق فيها شروط استفادة المستأجر من الصندوق المخصّص لمساعدة المستأجرين عند وضعه قيد التنفيذ الفعلي، يصبح حكْمًا فيها استئخار.
هذا هو مآل الحكم الصادر عن القاضي المنفرد المدني في زحلة، الناظر في قضايا الإيجارات، نور الدين صادق في دعوى استرداد مأجور للضرورة العائلية، فتمكنّت المالكة من استعادة شقّتها بعد سنوات من الإنتظار.
فقد قرّر القاضي صادق ردّ طلب الإستئخار المدلى به من المستأجرة المدعى عليها، بالرغم من استفادتها من أحكام هذا الصندوق الموجود في طيّات القانون الرقم 2017/2 دون أرض الواقع.
ويشكّل هذا الحكم سابقة قضائية في مسألة الاستئخار، ومن شأنه أن يفتح الطريق للسير بالمحاكمة في قضايا مماثلة بدلًا من انتظار المالك لولادة الصندوق والتي قد تتأخّر مدّة زمنية غير محدّدة وغير منظورة وربّما تصل إلى سنة أو سنوات عديدة، وخصوصًا في ظلّ العجز المالي الهائل الذي ترزح الدولة اللبنانية تحته في هذا الوقت الصعب من اقتصادها المنهار.
ويمكن تلخيص ما أتاه القاضي صادق من جديد على هذا الصعيد، على النحو التالي:
أوّلًا: إعتبر أنّ الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون الرقم 2017/2، حدّدت الغاية الرئيسية من إنشاء الصندوق والمتمثّلة بمساعدة جميع المستأجرين المستفيدين من أحكامه عن طريق المساهمة معهم في دفع أيّة زيادة مالية تطرأ على بدلات الإيجارات وفقًا لأحكام هذا القانون كلّيًا أو جزئيًا، ليصل إلى نتيجة مفادها أنّ هذه الفقرة من المادة المذكورة تتعلّق بالنظام العام الحمائي المخصّص لمصلحة المستأجر وتقديم العون المادي له لتسديد الزيادات المترتّبة على المأجور كما هو واضح من نصّها الصريح.
ثانيًا: لقد استعرضت هذه المحكمة مضمون المادة ٢٢ من القانون 2017/2 التي تنصّ على أنّه في حالة الإسترداد للضرورة العائلية، فإنّه يحقّ للمستأجر الذي يستفيد من مساهمة مالية من الصندوق، أن يتقدّم من اللجنة المعنية بطلب بهذا الخصوص، فتدرسه وتبّت فيه وتحدّد قيمة المساهمة المقدّمة من الصندوق إلى المؤجّر عن المستأجر، على أن تحسم منها ما سبق أن دفعه الصندوق إلى المؤجّر من بدلات، إضافة إلى قيمة التعويض الذي قبضه المستأجر من المالك مقابل استرداد المأجور، ثمّ يجري إبلاغ اللجنة الدائرة المالية المختصة بقيمة الرصيد من أجل دفعه إلى المستأجر.
وخلصت المحكمة إلى اعتبار أنّ نطاق تطبيق هذه المادة ينحصر في حال تقدّم المالك بدعوى استرداد للضرورة العائلية ومطالبته المستأجر بالبدلات، خلافًا لما هو الحال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة نفسها موضوع هذا التعليق، بعد أن عدلت المدعية عن مطالبة المدعى عليها بالبدلات وحسمها من قيمة التعويض الذي سيترتّب عليها دفعه لها عند الحكم لها بالإسترداد، وحصرت طلباتها بحفظ حقّها بالمطالبة بها بدعوى أخرى تقيمها على حدة.
“محكمة” تتفرّد بنشر هذا الحكم السابقة في المضمون والمقاربة، بتفاصيله الكاملة، وذلك على الشكل التالي:
“باسم الشعب اللبناني
إنّ القاضي المنفرد المدني في زحلة، الناظر في قضايا الإيجارات،
لدى التدقيق،
تبيّن أنّه بتاريخ 2017/8/3 تقدّمت المدعية ماري جان جوزف ترزخيان، بوكالة المحاميين فكتور وحابس هرموش، باستحضار بوجه المدعى عليها كلوريا مصابني مسلم أرملة المرحوم جان مراد مسلم عرضت فيه أنّها تملك كامل القسم رقم /6/ من العقار رقم /114/ من منطقة البربارة العقارية، وأنّ المدعى عليها تشغل بمفردها بالايجارة هذا القسم بصفتها أحد ورثة المرحوم جان مراد مسلم، وأشارت إلى أنّها لا تملك أيّ منزل آخر في النطاق البلدي حيث المأجور أو في النطاق المجاور وهي ترغب باسترداد المأجور للضرورة العائلية مبديةً استعدادها لدفع التعويض بعد حفظ حقّها بمطالبة المدعى عليها ببدل المثل وببدلات الإيجار المترتّبة بذمّتها تجاهها،
وخلصت المدعية إلى طلب إعطاء الحكم باسترداد المأجور من المدعى عليها للضرورة العائلية لقاء تعويض تحدّده المحكمة بعد حسم قيمة البدلات التي سيحكم بها، واعتبار هذه الدعوى بمثابة إنذار للمدعى عليها لإلزامها بدفع بدل المثل وبدلات الإيجار المستحقّة والبالغة /4436$/ تحت طائلة إسقاط حقّها بالتمديد، وحفظ حقّها بالمطالبة بالبدلات التي ستستحقّ خلال النظر بهذه الدعوى، وتضمينها الرسوم والنفقات كافة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/1/16 تقدّمت المدعى عليها كلوريا مصابني مسلّم، بوكالة المحامي زياد أبو خاطر، بلائحة جوابية عرضت فيها أنّها أودعت البدلات التي اعتبرتها متوجّبة بذمّتها عن الفترة التأجيرية الممتدة من تاريخ 2016/9/1 حتّى 2018/9/1 بموجب عرض فعلي وإيداع منظّم أمام الكاتب العدل، وأنّها بريئة الذمّة تجاه المدعية من البدلات ولديها إيصالات تثبت تسديدها للبدلات السابقة وهي مرفقة بالعرض والإيداع، وأدلت أنّه لا يمكن اعتبار هذه الدعوى بمثابة إنذار منتج لمفاعيله القانونية على اعتبار أنّ الفقرة /أ/ من المادة 34 من القانون رقم 2017/2 قد حدّدت طرق توجيه الإنذار على سبيل الحصر، مشيرةً إلى أنّها تستفيد من أحكام الصندوق، وأضافت أنّ شروط الضرورة العائلية غير متوافرة من جانب المدعية كونها متأهّلة وتسكن في منزلها الزوجي في بناء يفوق قيمة المأجور من حيث المساحة والمستوى ويقع ضمن النطاق البلدي عينه،
وخلصت المدعى عليها إلى طلب ردّ الدعوى لعدم قانونية الإنذار ولعدم توافر شروط الضرورة العائلية ووقف النظر فيها لحين دخول الصندوق حيّز التطبيق، وتضمين المدعية الرسوم والنفقات كافة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/1/23 تقدّمت المدعية بلائحة جوابية عرضت فيها أنّ المدعى عليها بادرت إلى إيداع بدلات إيجار هزيلة عن ثلاث سنوات بعد تبلّغها أوراق الدعوى الحاضرة، إلّا أنّها أعادت لها ما أودعته بواسطة الكاتب العدل أيضًا، وأضافت أنّها لا تملك هي وزوجها أيّة شقّة في مدينة زحلة وفي النطاق القانوني لتطبيق قانون الإيجارات لجهة الإسترداد، وأوضحت أنّ قصدها من اعتبار الدعوى بمثابة إنذار هو تحديد المبالغ المترتّبة بذمّة المدعى عليها تجاهها تمهيدًا لحسمها من تعويض الإسترداد وليس لإسقاط حقّها من التمديد القانوني، وكرّرت جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/6/12 تقدّمت المدعى عليها بلائحة جوابية كرّرت بموجبها جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/6/18 تقدّمت المدعية بمذكّرة عرضت فيها أنّ أحكام المادة 22 من قانون الإيجارات لا علاقة لها بالدعوى الراهنة إذ إنّها تتعلّق بالمستأجر وليس بالمالك الذي يترتّب عليه تعويض الإسترداد، وكرّرت جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/10/11 صدر قرار تمهيدي قضى بتعيين الخبيرة جاندارك الحدّاد للقيام بمهمّة محدّدة البنود،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/11/27 ورد تقرير الخبيرة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2018/12/5 تقدّمت المدعية بلائحة تعليقًا على تقرير الخبيرة كرّرت بموجبها جميع طلباتها السابقة، كما طلبت حفظ حقّها بالمطالبة ببدلات الإيجار اعتباراً من العام 2015 ولحين نفاذ الحكم بدعوى على حدة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/1/15 تقدّمت المدعى عليها بلائحة شاملة تعليقًا على تقرير الخبيرة طلبت فيها إبطال تقرير الخبيرين إبراهيم والقسيس المنظّم أمام حضرة قاضي الأمور المستعجلة لعدم صلاحيته تحديد قيمة المأجور وتقدير بدل المثل ولعدم الاختصاص، وإهمال تقرير الخبيرة جاندارك الحداد لمخالفته الأصول القانونية، واستطرادًا، تكليف هذه الأخيرة بمهمّة إضافية لمعاينة الأقسام المذكورة في إفادة نفي الملكية العائدة للمدعية، وكرّرت جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/6/25 صدر قرار تمهيدي قضى بتكليف الخبيرة جاندارك الحدّاد بالقيام بمهمّة إضافية محدّدة البنود ،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/9/17 ورد تقرير الخبيرة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/9/18 تقدّمت المدعية باستدعاء طلبت بموجبه ردّ طلب زيادة أتعاب الخبيرة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/9/25 تقدّمت المدعية بلائحة تعليقًا على تقرير الخبيرة كرّرت بموجبها جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/10/15 تقدّمت المدعى عليها بلائحة تعليقًا على تقرير الخبيرة عرضت فيها أنّ المدعية تقيم وزوجها في مسكن لم يثبت من يملكه، ولم تثبت هذه الأخيرة اتساعه ومساحته وعدد غرفه ومكانه ولم تحدّد الضرورة العائلية التي تدعيها، كما أنّ الخبيرة لم تعاين هذا المسكن ولم تقارن بينه وبين المأجور موضوع الدعوى، وكرّرت بموجبها جميع طلباتها السابقة، وطلبت بالإضافة تكليف الخبيرة بإجراء المقارنة المشار إليها ولتحديد أسباب المدعية التي تدعوها للإستقلال بالسكن خارج عائلتها، وتضمين المدعية العطل والضرر سندًا للمواد 10 و11 و551 من قانون أصول المحاكمات المدنية،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2019/12/19 صدر قرار تمهيدي،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2020/1/23 تقدّمت المدعية بلائحة إنفاذًا للقرار التمهيدي أبرزت بموجبها إفادة صادرة عن مكتب الملكية العقارية تفيد بتملّك زوجها لأسهم في العقارات رقم /637/ و/711/ و/1691/ من منطقة التويتة العقارية، وفي العقار رقم /1275/ من منطقة قاع الريم العقارية، وفي العقارين رقم /298/ و/2597/ من منطقة معلّقة أراضي العقارية، وأشارت إلى أنّ الإفادات العقارية العائدة لهذه العقارات تشير إلى أنّها عقارات بور لا بناء عليها، وكرّرت جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2021/11/2 تقدّمت المدعى عليها بلائحة توضيحية أدلت بموجبها أنّ الإشارة في متن الإفادات العقارية العائدة للعقارات التي يملك زوج المدعية أسهمًا فيها، إلى أنّها عقارات بور لا تفيد بالضرورة عدم وجود بناء عليها لأنّه من الممكن أن توجد عليها أبنية دون ترخيص قانوني، وأضافت أنّه كان المفترض على الخبيرة وصف المسكن الذي تقيم فيه المدعية وزوجها وأن تتأكّد من المقيمين معهما، كما أنّها لم تتحقّق من مساحته ومركزه وما إذا كان يعادل في مستواه المأجور، وكرّرت جميع طلباتها السابقة،
وتبيّن أنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2021/11/2 إختتمت المحاكمة أصولًا،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2021/11/5 تقدّمت المدعية بمذكّرة بعد اختتام المحاكمة كرّرت بموجبها جميع طلباتها السابقة،
بناءً عليه،
أولاً: في الإدلاء بوجوب استئخار البتّ بالدعوى لحين وضع الصندوق موضع التنفيذ:
حيث تدلي المدعى عليها بوجوب وقف النظر في الدعوى الراهنة لحين دخول الصندوق حيّز التطبيق كونها تستفيد من أحكامه وقد أبرزت ما يثبت ذلك،
وحيث إنّ الطلبات الواردة في الاستحضار واللوائح المقدّمة من المدعية هي محدّدة بعد تعديلها بما يلي: إعطاء الحكم باسترداد المأجور من المدعى عليها للضرورة العائلية لقاء تعويض تحدّده المحكمة وحفظ حقّها بالمطالبة ببدلات الإيجار اعتبارًا من العام 2015 ولحين نفاذ الحكم بدعوى على حدة كما هو مبيّن في لائحتها تاريخ 2018/12/5، فتكون قد عدلت عن طلباتها الواردة في الاستحضار لجهة حسم قيمة البدلات التي سيحكم بها من قيمة التعويض واعتبار هذه الدعوى بمثابة إنذار للمدعى عليها لإلزامها بدفع بدل المثل وبدلات الإيجار المستحقّة والبالغة /4436$/ تحت طائلة إسقاط حقّها بالتمديد،
وحيث يقتضي مناقشة مسألة الاستئخار ومدى تأثير تذرّع المدعى عليها باستفادتها من الصندوق في الدعوى الراهنة تبعًا للطلبات الواردة فيها،
وحيث إنّ الدعوى الراهنة تخضع لأحكام القانون رقم 2017/2،
وحيث إنّ الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون المذكور قد حدّدت الهدف الرئيسي أو الغاية من إنشاء الصندوق إذ نصّت على أنّه يهدف هذا الصندوق إلى مساعدة جميع المستأجرين الذين يستفيدون من أحكامه عن طريق المساهمة في دفع الزيادات، كلّيًا أو جزئيًا حسب الحالة، التي تطرأ على بدلات إيجاراتهم تنفيذًا لأحكام هذا القانون، فتكون هذه المادة متعلّقة بالنظام العام الحمائي الموجّه لمصلحة المستأجر ولغاية المساهمة معه في دفع الزيادات على البدلات، في حين أنّ المادة 58 قد نصّت على أنّه يعلّق تطبيق أحكام مواد هذا القانون المتعلّقة بحساب المساعدات والتقديمات كما المراجعات القضائية في الأساس أو التنفيذ أو الأحكام التي سبق وأن صدرت وتؤدّي إلى تحديد بدل الإيجار أو إخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور إلى حين دخوله حيّز التنفيذ،
وحيث إنّ المادة 22 من القانون عينه قد نصّت على أنّه في حالة استرداد المأجور للضرورة العائلية يحقّ للمستأجر الذي يحقّ له الاستفادة من مساهمة مالية من الصندوق، أن يتقدّم من اللجنة بطلب بهذا الخصوص، وعلى أن تبتّ اللجنة بقيمة المساهمة التي كان سيدفعها الصندوق إلى المؤجّر عن المستأجر على أن تحسم منها ما سبق أن دفعه الصندوق إلى المؤجّر من زيادات، إضافة إلى قيمة التعويض الذي قبضه المستأجر من المالك مقابل استرداد المأجور، فتبلغ اللجنة الرصيد إلى الدائرة المالية المختصة لدفعه إلى المستأجر، أيّ أنّ نطاق تطبيق هذه المادة ينحصر في حالة تقدّم المالك بدعوى استرداد للضرورة العائلية ومطالبته المستأجر بالبدلات خلافًا لما هو الحال عليه في الدعوى الراهنة بعد عدول المدعية عن مطالبة المدعى عليها بالبدلات وحسمها من قيمة التعويض الذي سيترتّب عليها دفعه عند الحكم بالإسترداد وحصر طلباتها فقط بحفظ حقّها بالمطالبة بها بدعوى على حدة،
وحيث ترى المحكمة – بمعرض تفسيرها للنصوص المتعلّقة بالاستئخار واستفادة المدعى عليها من أحكام الصندوق بما ينسجم بعضها ببعض وتطبيقًا لروحية القانون والغاية من إنشاء الصندوق المشار إليها صراحةً في المادة الثالثة السالفة الذكر أعلاه – أن لا مبرّر قانونيًا لقبول طلب الاستئخار على اعتبار أنّ الطلبات موضوع الدعوى الحاضرة لا تمسّ بحقوق المدعى عليها المقصودة في المواد المشار إليها أعلاه، فيقتضي ردّه؛
ثانيًا: في أساس النزاع:
حيث تطلب المدعية إعطاء الحكم باسترداد المأجور من المدعى عليها للضرورة العائلية لقاء تعويض تحدّده المحكمة وحفظ حقّها بالمطالبة ببدلات الإيجار اعتبارًا من العام 2015 ولحين نفاذ الحكم بدعوى على حدة،
وحيث تدلي المدعى عليها بوجوب ردّ الدعوى لعدم توافر شروط الضرورة العائلية،
وحيث وطبقًا لنصّ الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 2017/2 يجوز للمالك أن يطلب لأجل سكنه أو سكن أحد أولاده استرداد المأجور السكني شرط أن يثبت وجود ضرورة عائلية تضطرّه إلى استرداده، وأن لا يكون هو أو من يطلب الإسترداد لمصلحته مالكًا عقارًا آخر وملائمًا صالحًا للسكن غير مشغول ومعادلًا في مستواه للعقار المطلوب استرداده ضمن النطاق البلدي عينه أو ضمن نطاق بلدي مجاور،
وحيث يتبيّن جليًا أنّ هذا النصّ قد وضع على عاتق طالب الإسترداد عبء إثبات الضرورة العائلية من جهة، وقضى من جهة أخرى باستبعاد إمكانية الإسترداد في حال عدم قيام الشرط السلبي أيّ عند وجود المسكن الملائم، فطبيعة الأمور تفرض القول إنّ إثبات توفر هذا الشرط – وهو واقعة سلبية – لا يقع على عاتق طالب الإسترداد الذي عليه إثبات الضرورة العائلية، وعندها يفترض أنّ عدم وجود مسكن ملائم لديه هو الأمر الطبيعي، فيبقى على عاتق من ينازع في الإسترداد أن يثبت واقعة إيجابية وهي وجود المسكن الملائم وبذلك يهدم الشرط السلبي المفترض للإسترداد،
وحيث ترى المحكمة أنّ الشرط السلبي للإسترداد أيّ عدم توفر مسكن ملائم للمطلوب الإسترداد لمصلحتها ثابت في القضيّة الحاضرة في ضوء تقرير الخبرة الذي لم يشر إلى وجود أيّة شقّة شاغرة في النطاق البلدي الذي يقع فيه المأجور أو أيّة شقّة أخرى للمدعية في النطاق البلدي المجاور، وكذلك الأمر لزوجها الذي أبرز إفادات عقارية تثبت تملّكه لأسهم في عقارات بور غير مبنية، وهو الأمر الذي لم تستطع الجهة المدعى عليها إثبات عكسه بل بقيت إدلاءاتها في هذا الخصوص مجرّد إدلاءات لم تعزّزها بأيّ دليل ملموس،
وحيث من الراهن أنّ مفهوم الضرورة العائلية لا يقع تحت ضابط ثابت جامد ولا يخضع لمعيار محدّد يمكن القياس عليه بين حالة وأخرى، بل هو متروك لتقدير القضاء يمعن فيه تمحيصًا وتقويمًا في ضوء ظروف كلّ قضيّة،
وحيث من الطبيعي أن يكون هذا المفهوم رهنًا بالظروف والمعطيات الإجتماعية المتنوّعة والمتحرّكة باستمرار وهي التي تملي على المشترع أصلًا تدخّله في العلاقات القانونية الناتجة عن عقد الإيجار، فيفرض بنصوصه الملزمة، هذه الاعتبارات الإجتماعية والإقتصادية والسكنية على إرادة الفريقين وحرّيتهما،
وحيث – وبالعودة إلى وقائع القضيّة الراهنة – يتبيّن للمحكمة أنّ مجرّد رغبة المدعية في الإنتقال مع زوجها في المأجور هي كافية بحدّ ذاتها للقول بتوافر الضرورة العائلية المبرّرة لطلب الإسترداد في ضوء عدم ثبوت تملّك أيّ منهما لمسكن ملائم معادل في مستواه للمأجور في النطاق البلدي عينه أو في نطاق مجاور، ممّا يقتضي معه قبول الدعوى أساسًا وردّ إدلاءات المدعى عليها المخالفة لهذه الناحية لعدم الثبوت؛
وحيث يقتضي تحديد التعويض المتوجّب على المدعية دفعه للمدعى عليها،
وحيث بمقتضى المادة 20 من القانون رقم 2017/2 يحدّد بدل المثل على أساس نسبة 4% من القيمة البيعية للمأجور، وتضيف الفقرة الأولى من المادة 22 من القانون عينه أنّ التعويض يوازي بدل إيجار خمس سنوات محتسبة على أساس بدل المثل الذي جرى تحديده،
وحيث من الثابت في تقرير الخبيرين إبراهيم والقسيس المعيّنين من قبل حضرة قاضي الأمور المستعجلة في زحلة أنّ قيمة المأجور تعادل مبلغ /94.050$/، فتكون قيمة بدل المثل معادلة لمبلغ /94.050$/ * 4% = /3762$/ سنويًا،
وحيث يكون التعويض المتوجّب على المدعية دفعه للمدعى عليها معادلًا لمبلغ /3762$/ * 5 = /18.810$/ أو ما يعادله بالعملة الوطنية بتاريخ الدفع؛
وحيث يقتضي، وبناء للطلب، حفظ حقّ المدعية بمطالبة المدعى عليها ببدلات الإيجار اعتبارًا من العام 2015 بدعوى على حدة؛
وحيث بالتوصّل إلى هذه النتيجة يقتضي ردّ كافة الطلبات الزائدة أو المخالفة، إمّا لعدم الجدوى أو لكونها لقيت ردًّا صريحًا أو ضمنيًا في سياق التعليل، بما في ذلك طلب العطل والضرر عن المحاكمة لعدم القانونية؛
لذلك،
يحكم:
أوّلًا: بردّ طلب الاستئخار .
ثانيًا: باعتبار حالة الضرورة العائلية متوافرة في الدعوى الراهنة للأسباب المبيّنة في متن هذا الحكم .
ثالثًا: بإلزام المدعية بأن تدفع للمدعى عليها تعويضًا معادلًا لمبلغ /18.810$/ (ثمانية عشر ألفًا وثمانماية وعشرة دولارات أميركية) أو ما يعادله بالعملة الوطنية بتاريخ الدفع، وفي المقابل، إلزام المدعى عليها بتسليم المأجور إلى المدعية شاغرًا من أيّ شاغل في مهلة شهرين من تاريخ إيداع التعويض أصولًا.
رابعًا: بردّ سائر الأسباب الزائدة أو المخالفة.
خامسًا: بحفظ حقّ المدعية بمطالبة المدعى عليها ببدلات الإيجار اعتبارًا من العام 2015 بدعوى على حدة.
سادسًا: بتضمين المدعى عليها الرسوم والنفقات كافة.
حكمًا صدر وأفهم علنًا بتاريخ 2021/12/14
“محكمة” – الأحد في 2022/3/20
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك” و”الواتساب”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!