علم وخبر

حكم لقاضي “إيجارات طرابلس” سمر البحيري بردّ دعوى إخلاء مأجور: قانون 2014 ملغى والقانون 2017 حلّ مكانه/أديب زخور

المحامي أديب زخور:
في حكم مميّز في تعليله للقاضي المنفرد المدني في طرابلس النّاظر في دعاوى الإيجارات سمر البحيري، صدر بتاريخ 2025/2/24، إعتبرت أنّه في ضوء إبطال قانون الايجارات 2014 من المجلس الدستوري، ونصّ المادة 59 من قانون الايجارات 2017/2 التي نصّت على إلغاء جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون أو غير المتفقة ومضمونها، الامر الذي يفترض اجراء مطابقة كاملة بين القانونين، بحيث يتبيّن أن القانون 2017/2 أعاد تنظيم المادة التشريعية موضوع القانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، بشكل كامل وشامل وحلّ محلّه، وأنّ القانون اللاحق أتى ليحلّ مكان القانون السابق، وتطبق أحكامه من تاريخ نشره في 2017/2/28 إستناداً إلى المادة 60 منه، وبالتالي تكون السنة التمديدية الأولى من 2017.
وقد علّلت القاضي البحيري حكمها بالفقه والمواد القانونية، وخلصت فيه إلى ردّ دعوى إخلاء المأجور.
“محكمة” تتفرّد بنشر حكم القاضي البحيري كاملًا:
باسم الشعب اللّبناني
إنّ القاضي المنفرد المدني في طرابلس النّاظر في دعاوى الإيجارات،
لدى التّدقيق،
تبيّن أنّه بتاريخ 2024/4/17 قدّم السيّد(…)، وكيله المحامي(…)، استحضاراً بوجه السيّد(…) عرض فيه أنّه يملك القسم /15/ من العقار رقم /1819/ من منطقة بساتين طرابلس العقاريّة وهو عبارة عن شقّة سكنيّة، وأنّ المدّعى عليه يشغل عن طريق الإجارة القسم المذكور بموجب عقد إيجار يعود للعام 1973 وببدل إيجار سنويّ وقدره /659000/ ل.ل. بعد التّعديلات التي طرأت بموجب القانون رقم 92/160،
وأدلى بما يلي:
– إنّ المحكمة مختصّة للنّظر بالدّعوى الحاضرة سنداً للمادّة /86/ أ.م.م.،
– إنّ المدّة التّمديديّة لعقد الإيجار قد انتهت، على اعتبار أنّ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 نافذ منذ نهاية العام 2014 وهو يطبّق على عقد الإيجار موضوع الدّعوى إذ إنّه تمّ إبرام العقد في العام 1973، وأنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 تنصّ على أنّه بنهاية السّنة التّمديديّة التّاسعة يصبح الإيجار حرّاً، وأنّ قانون الإيجارات الجديد لم يلغِ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9، وأنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 لم يطالها أيّ تعديل في قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28، وأنّ المدّة التّمديديّة تبدأ بالسّريان انطلاقاً من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 أي في نهاية شهر كانون الأوّل من العام 2014، وأنّ جميع عقود الإيجار القديمة المعقودة قبل العام 1992 أصبحت حرّة بعد العام 2023،
وطلب بالنّتيجة إلزام المدّعى عليه بإخلاء المأجور موضوع الدّعوى خالياً من أيّ شاغل تحت طائلة غرامة إكراهيّة عن كلّ يوم تأخير في حال عدم الإخلاء يترك أمر تقدير قيمتها للمحكمة، وتضمين المدّعى عليه النّفقات كافّة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2024/5/15 صدر قرار عن هذه المحكمة قضى بتكليف المدّعي بأمور محدّدة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2024/7/16 قدّم المدّعي لائحة إنفاذ قرار،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2024/11/18 قدّم المدّعى عليه (…)، وكيلته المحامية (…)، لائحة جوابيّة عرض فيها أنّه يشغل المأجور بموجب عقد إيجار يعود للعام 1968، وأنّ المدّعي أبلغه نسخة عن تقرير الخبيرين المكلّفين من قبله لتحديد بدل المثل، وأنّه كلّف بدوره خبيرين للقيام بذات المهمّة، وأنّ مضمون تقرير الخبيرين المكلّفين من قبله يختلف عن مضمون تقرير الخبيرين المكلّفين من المدّعي، وأنّه أبلغ المدّعي نسخة عن تقرير الخبيرين المكلّفين من قبله، وأنّ المدّعي أرسل إليه إنذاراً بواسطة الكاتبة العدل في طرابلس يطالبه بموجبه بدفع فروقات بدل الإيجار المتوجّبة عليه من العام 2015 حتّى العام 2018، وأنّه رفض كلّ ما ورد في الإنذار المذكور، وأنّ المدّعي أرسل إليه إنذاراً بواسطة الكاتبة العدل في طرابلس يطالبه بموجبه بدفع البدلات المتوجّبة عليه من العام 2020 حتّى العام 2023 بالإضافة إلى إخلاء المأجور وتسليمه له خالياً من أيّ شاغل مستنداً إلى المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 ، وأنّه رفض ما ورد في الإنذار المذكور،
وأدلى بما يلي:
– إنّ المحكمة غير مختصّة للنّظر بالدّعوى الرّاهنة، على اعتبار أنّ اللّجنة هي المختصّة سنداً للمادّتين /7/ و/18/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 لعدم توصّله مع المدّعي إلى اتّفاق ولوجود اختلاف بين تقريري الخبيرين المكلّفين من قبلهما،
– إنّه يقتضي ردّ الدّعوى، على اعتبار أنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 قد أُبطِلَت من قبل المجلس الدّستوري، وأنّ المادّة /59/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 ألغت جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون أو غير المتّفقة ومضمونه، وأنّ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 لم يتضمّن أيّ إشارة أو نصّ على أنّه يعمل بأحكامه بمفعول رجعي، وأنّ سنة 2017 هي السّنة التّمديديّة الأولى، وأنّه يستفيد من تقديمات الصّندوق، وأنّ المادّة /58/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 قد علّقت تطبيق الموادّ المتّصلة بتقديمات ومساعدات الصّندوق واللّجان والمراجعات القضائيّة لحين دخولها حيّز التّنفيذ،
وطلب ردّ الدّعوى، واستطراداً إصدار القرار بعدم اختصاص المحكمة، واستطراداً كلّيّاً إصدار القرار بوقف وتعليق جميع إجراءات المحاكمة، وتضمين المدّعي النّفقات كافّة والعطل والضّرر،
وتبيّن أنّه في الجلسة الختاميّة المنعقدة بتاريخ 2024/12/16 طلب المدّعي ردّ ما جاء في لائحة المدّعى عليه الجوابيّة، وترافع وكيلا فريقي الدّعوى مكرّرين أقوالهما، واختتمت المحاكمة أصولاً،
بناءً عليه
حيث إنّ المدّعي يدلي بأنّ المدّة التّمديديّة لعقد الإيجار قد انتهت، على اعتبار أنّ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 نافذ منذ نهاية العام 2014 وهو يطبّق على عقد الإيجار موضوع الدّعوى إذ إنّه تمّ إبرام العقد في العام 1973، وأنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 تنصّ على أنّه بنهاية السّنة التّمديديّة التّاسعة يصبح الإيجار حرّاً، وأنّ قانون الإيجارات الجديد لم يلغِ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9، وأنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 لم يطالها أيّ تعديل في قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28، وأنّ المدّة التّمديديّة تبدأ بالسّريان انطلاقاً من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 أي في نهاية شهر كانون الأوّل من العام 2014، وأنّ جميع عقود الإيجار القديمة المعقودة قبل العام 1992 أصبحت حرّة بعد العام 2023،
وحيث إنّ المدّعى عليه يدلي بأنّه يقتضي ردّ الدّعوى، على اعتبار أنّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 قد أُبطلت من قبل المجلس الدّستوري، وأنّ المادّة /59/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 ألغت جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون أو غير المتّفقة ومضمونه، وأنّ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 لم يتضمّن أيّ إشارة أو نصّ على أنّه يعمل بأحكامه بمفعول رجعي، وأنّ سنة 2017 هي السّنة التّمديديّة الأولى، وأنّه يستفيد من تقديمات الصّندوق، وأنّ المادّة /58/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 قد علّقت تطبيق المواد المتّصلة بتقديمات ومساعدات الصّندوق واللّجان والمراجعات القضائيّة لحين دخولها حيّز التّنفيذ،
وحيث إنّه، من نحو أوّل، تنصّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2014/5/9 على تمديد عقود إيجار الأماكن السّكنيّة لغاية تسع سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون،
وأنّ الفقرة /1/ من المادّة /16/ من القانون المذكور تنصّ على حقّ المستأجر “الذي يكون لا يزال مستوفياً لشروط الإستفادة من تقديمات الصّندوق، أن يطلب من المالك خطّيّاً، وقبل حلول أجل العقد في السّنة التّاسعة الممدّدة بثلاثة أشهر تحت طائلة سقوط الحقّ، بتحرير عقد إيجار جديد لمدّة أقصاها ثلاث سنوات (…)”،
وحيث إنّه، من نحو ثان، تنصّ المادّة /15/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 على تمديد عقود إيجار الأماكن السّكنيّة لغاية تسع سنوات وللمستفيدين من تقديمات الصّندوق لغاية 12 سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون،
وحيث إنّ النّزاع الرّاهن يدور حول ما إذا كان يجب اعتماد تاريخ نفاذ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 كبدء لسنوات التّمديد القانوني الواردة فيه، أم أنّ السّنة التّمديديّة الأولى قد بدأت منذ تاريخ نفاذ القانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 أي منذ تاريخ 2014/12/28،
وحيث إنّ المسألة القانونيّة المطروحة تدخل في سياق أحكام تطبيق القوانين في الزّمان وبخاصّة تلك التي تبيّن ما إذا كان القانون اللّاحق قد عدّل في بعض أحكام القانون السّابق وألغى بعضها الآخر، أو ما إذا كان القانون اللّاحق قد أتى ليحلّ مكان القانون السّابق في أحكامه كافّة مع ما يفترضه المفعول الآني لتطبيق هذا القانون اللّاحق،
وحيث إنّه، من جهة أولى، إنّ قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 يحمل عنوان “تعديل قانون الإيجارات”، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من احتمال اعتباره قانوناً تعديليّاً وليس إلغائيّاً “بالكامل” للقانون الاستثنائي السّابق الصّادر بتاريخ 2014/5/9،
وحيث إنّه، من جهة ثانية، تنصّ المادّة /59/ من قانون الإيجارات الصّادر بتاريخ 2017/2/28 على أنّه “تلغى جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون أو غير المتّفقة ومضمونه”، الأمر الذي يفترض ضرورة إجراء مطابقة كاملة ما بين أحكام القانون المذكور وقوانين الإيجارات الاستثنائيّة السّابقة له،
وحيث إنّ العامل الفيصل الذي من شأنه أن يحسم المفعول الإلغائي للقانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 تجاه القانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 لتحديد ما إذا كان إلغاءً كاملاً أم جزئيّاً بصرف النّظر عن عنوان القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 وعمّا ورد في المادّة /59/ منه المذكورة أعلاه واللّذين يعتبران لزوم ما لا يلزم، هو مدى قيام القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 بإعادة تنظيم المادّة التّشريعيّة موضوع القانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 وذلك بشكل كامل وشامل، حتّى إذا ثبت هذا الأمر تمّ اعتبار القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 لاغياً للقانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 وحالّاً مكانه في التّنفيذ منذ تاريخ نفاذه عملاً بالمفعول الآني له،
وحيث إنّه “إذا صدرت قواعد قانونيّة تنظّم موضوعاً سبق أن نظّمته قواعد سابقة، فإنّه يستخلص من إعادة تنظيم الموضوع نفسه من جديد إلغاء كلّ القواعد التي كانت تنظّم هذا الموضوع من قبل، حتّى ولو كانت بعض القواعد السّابقة لا تتعارض مع القواعد الجديدة. وهذا ما نصّت عليه المذكّرة الإيضاحيّة لنصّ المادّة الثّانية من القانون المدني المصري حين قالت بأنّ النّسخ يكون ضمنيّاً إذا صدر ‘تشريع جديد ينظّم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التّشريع السّابق منسوخاً جملة وتفصيلاً، ولو انتفى التّعارض بين بعض نصوص هذا التّشريع ونصوص التّشريع الذي تلاه’ “،
(يراجع بهذا الخصوص: توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونيّة (النّظريّة العامّة للقانون، والنّظريّة العامّة للحقّ)، الدّار الجامعيّة، 1993، ص. 319-320)،
وحيث إنّه يتبيّن أنّ القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 قد شمل في أبوابه الخمسة المواضيع التي وردت في القانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 كافّة معيداً تنظيم أحكامها بشكل كامل، الأمر الذي يستفاد منه أنّ القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28 قد ألغى القانون الصّادر بتاريخ 2014/5/9 على أن تطبّق أحكامه من تاريخ نشره في الجريدة الرّسميّة أي من تاريخ 2017/2/28 وذلك عملاً بالمادّة /60/ منه، مع التّنويه بأنّه ليس للقانون المذكور مفعولاً رجعيّاً على اعتبار أنّه لا بدّ أن يتمّ النّصّ على هذا المفعول في القانون، وذلك ما هو منتفٍ في القانون الصّادر بتاريخ 2017/2/28،
وحيث تأسيساً عليه، تكون سنة 2017 هي السّنة التّمديديّة الأولى، ولا يمكن بالتّالي اعتبار أنّ مدّة الإجارة قد انقضت،
وحيث إنّه، وفي ضوء ما تقدّم، يقتضي ردّ الدّعوى،
وحيث إنّه، وعلى ضوء النّتيجة التي خَلُصَت إليها المحكمة، لم يعد من حاجة لبحث سائر الأسباب والمطالب الزّائدة أو المخالفة، إمّا لعدم الجدوى وإمّا لكونها لقيت جواباً ضمنيّاً في سياق البحث، بما فيها طلبي المدّعى عليه الاستطراديّين، وطلب المدّعى عليه الرّامي إلى إلزام المدّعي بالعطل والضّرر وذلك لانتفاء شروط الحكم به،
لذلك
يحكم:
أوّلاً- بردّ الدّعوى،
ثانياً- بردّ سائر الأسباب والمطالب الزّائدة أو المخالفة،
ثالثاً- بتضمين المدّعي النّفقات كافّة،
حكماً صدر وأفهم علناً في طرابلس بتاريخ 2025/2/24.
“محكمة” – الجمعة في 2025/2/28

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!