حكم لقاضي الإيجارات في جبيل ندى بو خليل يقضى بوجوب إخلاء المستأجر لانقضاء السنوات التمديديّة التسع بتاريخ 28 كانون الأوّل 2023/شربل شرفان

المحامي شربل شرفان:
هناك مثل تركي شعبي يقول بأنّ “ساعة من العدل تساوي سبعين عاماً من الصلاة”.
أصدر القاضي المنفرد المدني الناظر بدعاوى الإيجارات في جبيل الرئيسة ندى بو خليل حكماً بتاريخ 2025/6/17 قضى بإخلاء المستأجر لعلّة انقضاء السنوات التمديديّة التسع.
وقد تضمّن الحكم تعليلاً وافراً لناحية تفسير مآل المشرّع من أحكام المادة /15/ من قانون الإيجارات الجديد تاريخ 2014/5/9 المعدّل بموجب القانون رقم 2017/2 وأنّ هذا القانون هو قانون تعديلي لم يعدّل نقطة انطلاق السنوات التمديديّة، بل جعلها 12 سنة للمستأجرين المستفيدين من الصندوق.
واعتبرت القاضي بو خليل في قرارها جازمةً بأنّ السنوات التمديديّة تبدأ اعتباراً من 2014/12/28.
وما يميّز هذا الحكم أنّه، بالإضافة إلى أنّه اتبع تفسير القانون وفقاً للأصول الصحيحة للتفسير، إلاّ أنّه استرشد بنصّ قانون تعليق المهل القانونيّة والقضائيّة والعقديّة 2024/328 تاريخ 2024/12/4 والذي ورد في الفقرة “6” من المادة الثانية منه استثناء “المهل الواردة في قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 2014/5/9 وتعديلاته، وهذا يشير إلى أنّ المشرّع يعتبر بأنّ القانون الصادر في العام 2014 هو القانون الأساسي والقانون 2017/2 هو قانون تعديلي، من جهة. ومن جهة أخرى، إلى الأسباب الموجبة لقانون الإيجارات للأماكن غير السكنيّة تاريخ 2025/6/5 المنشور في العدد /26/ من الجريدة الرسمية تاريخ 2025/6/12 ، يتبيّن أنّه ذُكر فيها صراحة أنّ قانون الايجارات تاريخ 2014/5/9 نص على تمديد العقود السكنية لمدة تسع سنوات من تاريخ نفاذ القانون في 2014/12/28 بعدها يُصبح الايجار حرّاً، وهنا أيضاً أصابت القاضي بو خليل باعتبار أنّ الأسباب الموجبة هي من الأعمال التحضيريّة للقوانين والتي يجب الأخذ بها لمعرفة نيّة المشرّع الحقيقيّة.
واعتبر الحكم بانّ التعليل الذي حواه “ينطبق مع مبدأ عدم جواز النظر الى النصوص القانونية إلا وكأنّها وحدة متممة لبعضها البعض، والقول عكس ذلك يؤدي الى إفقار التشريع تجانسه وتكامله”.
“محكمة” تنشر الحكم على الشكل الآتي:
بناءً عليه
حيث إنّ الجهة المدعية تطلب بموجب النزاع الراهن، إلزام المدعى عليه بإخلاء المأجور موضوع الدعوى وتسليمه لها بسبب انتهاء الفترة التمديدية المُحدّدة بتسع سنوات، وإلا استطراداً إلزام المدعى عليه بإخلاء المأجور لعلة تركه سنة كاملة دون انقطاع، وتضمين المدعى عليه النفقات القانونية كافةً، وحفظ حقوقها مهما بلغت ولأية جهة كانت خاصة لناحية مطالبة المدعى عليه ببدل المثل والزيادات عليه عن كامل سنوات الإشغال والتمديد حتى تاريخ الإخلاء الفعلي؛
وحيث إنّ المدعى عليه يطلب بدوره رد الدعوى، كونه يستفيد من تقديمات الصندوق وبالتالي يستفيد من أحكام المادة /15/ التي تُمدّد عقود ايجار الأماكن السكنية لغاية ١٢ سنة للمستفيدين من تقديمات الصندوق، وكونه لم يترك المأجور يوماً بل أقام ويُقيم فيه حتى تاريخه، وبالتالي تغريم الجهة المدعية والحكم عليها بالعطل والضرر لتعسفها في استعمال حق التقاضي، وحفظ حقه تجاه أي كان ولاية جهة كانت وتضمين الجهة المدعية النفقات القانونية كافة والعطل والضرر؛
وحيث، وبهدف إعطاء الحل المناسب للنزاع الراهن يقتضي معرفة إن كانت الفترة التمديدية لعقد الايجار موضوع النزاع، والمعقود قبل 1992/7/23 ، قد انتهت وذلك عملاً بقوانين الإيجارات السارية المفعول؛
وحيث إنّه، وبموجب المادة /15/ من قانون الإيجارات الصادر في 2014/5/9 ، مُدّدت لغاية تسع سنوات من تاريخ نفاذ القانون عقود ايجار الأماكن السكنية على أن يدفع المستأجر قيمة بدل المثل تدريجياً وفقاً لما هو مُحدّد في متن المادة المذكورة؛
وحيث إنّ قانون تعديل قانون الإيجارات رقم /2/ الصادر في 2017/2/28 ، والنافذ حكماً، نص في البند “1” من المادة /55/ منه على تمديد العمل بالقانون رقم 92/160 حتى تاريخ 2014/12/28؛
وحيث بالتالي يكون تاريخ نفاذ القانون الصادر في 2014/5/9 هو 2014/12/28؛
وحيث تقتضي الإشارة إضافة أنّ القانون رقم /2/ الصادر في 2017/2/28 هو قانون تعديلي لقانون الإيجارات، كما هو واضح من عنوانه، وبالتالي إنّ القانون المذكور لم يُلغ القانون الصادر في 2014/5/9، بل عدل بعض مواده؛
وحيث ما يؤكد هذا المنحى هو ما نص عليه القانون رقم /328/ المتعلق بتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية المنشور في ملحق العدد /49/ من الجريدة الرسمية تاريخ 2024/12/5 ، والذي استثنى في المادة الثانية فقرة ٦ منه المهلة الواردة في قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 2014/5/9 وتعديلاته”؛
وحيث، ومن خلال مقارنة بسيطة بين ما نصت عنه المادة /15/ في كل من القانون رقم /2/ الصادر في 2017/2/28 والقانون الصادر في 2014/5/9، يتبيّن أن التعديل اقتصر على إضافة حالة المستأجرين “المستفيدين من تقديمات الصندوق” حيث مدّد عقود هؤلاء لغاية ١٢ سنة من تاريخ نفاذ هذا “القانون” أي من تاريخ (2017/12/28) دون أن يطال التعديل المذكور تاريخ انطلاق التسع سنوات للمستأجرين غير المستفيدين من تقديمات الصندوق، والذي هو في 2014/12/28؛ بهذا المعنى محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان الغرفة الثامنة عشرة – قرار رقم 2024/34 تاريخ 2024/4/25 والقرار تاريخ 2025/2/27)؛
وحيث، وإضافة الى كل ما تقدّم، إنّ المادة /59/ من القانون رقم /2/ الصادر في 2017/2/28 نصت على إلغاء جميع الأحكام المُخالفة لهذا القانون أو غير المتفقة مع مضمونه، وبالتالي لا اختلاف في نص المادة /15/ ما بين القانون الصادر في العام ٢٠١٤ وذلك الصادر في العام ۲۰۱۷، بل المفارقة اقتصرت على إضافة حالة المستأجرين المستفيدين من تقديمات الصندوق كما سبق وأن ذُكر أعلاه؛
وحيث، وبعد مراجعة ما نصت عليه الأسباب الموجبة للقانون رقم /11/ “الإيجارات للأماكن غير السكنية” تاريخ 2025/6/5 ، والمنشور في العدد /26/ من الجريدة الرسمية تاريخ 2025/6/12، يتبيّن أنّه ذُكر فيها صراحة أنّ قانون الايجارات تاريخ 2014/5/9 نص على تمديد العقود السكنية لمدة تسع سنوات من تاريخ نفاذ القانون في 2014/12/28 بعدها يُصبح الايجار حراً؛
وحيث بالتالي يكون المُشرّع، بموجب القانون رقم /328/ والأسباب الموجبة للقانون رقم /11/، قد أكد أن القانون الصادر في 2014/5/9 هو ساري المفعول، وأنّ القانون رقم ٢ الصادر في 2017/2/28 هو قانون تعديلي، وأنّ مُنطلق احتساب مدة التسع سنوات هو من 2014/12/28 أي تاريخ نفاذ قانون الإيجارات الصادر في العام ٢٠١٤، وهذا التعليل ينطبق مع مبدأ عدم جواز النظر الى النصوص القانونية إلا وكأنّها وحدة متممة لبعضها البعض، والقول عكس ذلك يؤدي الى إفقار التشريع تجانسه وتكامله؛ بهذا المعنى، مصطفى العوجي، القاعدة القانونية في القانون المدني، منشورات الحلبي الحقوقية طبعة مستحدثة ٢٠١٠، صفحة ١٦٩-١٧٣)؛
وحيث وبهدف إعمال ما نصت عنه المادة /15/ من القانون رقم /2/ الصادر في 2017/2/28 ، وبالتالي تمديد عقد ايجار المدعى عليه لغاية ١٢ سنة من تاريخ 2014/12/28، يقتضي أن يكون المدعى عليه مستفيداً من تقديمات الصندوق؛
وحيث إن المحكمة الراهنة، وبموجب القرار الاعدادي 2025/2/11، سبق وأن كلفت المدعى عليه إبراز ما يُثبت تقدّمه بطلب أصولي بهدف الاستفادة من تقديمات الصندوق ضمن مهلة أسبوعين من تاريخ تبلغه للقرار المذكور؛
وحيث إنّ المدعى عليه أبلغ أصولاً القرار 2025/2/11 في 2025/2/17، كما يتبين من إشعار تبليغ هذا الأخير، ولم يُبرز ما يُفيد تقديمه أي طلب للاستفادة من مساهمة الصندوق، واكتفى وكيل المدعى عليه في جلسة المرافعة تاريخ 2025/5/6 بالإدلاء أن المادة /15/ من قانون الإيجارات لم تشترط تسجيل الطلب أصولاً؛
وحيث إنّه وبخلاف إدلاءات المدعى عليه يقتضي بداهة، وبهدف الاستفادة من مساهمة الصندوق، أن يكون المستأجر قد تقدم بطلب بهذا الخصوص الى اللجنة التي يتبع لها المأجور، عملاً بالمادة /8/ من قانون الإيجارات الصادر في 2017/2/28؛
وحيث إنّه لم يتبيّن أنّ المدعى عليه قد تقدّم بأي طلب الى اللجنة عملاً بالمادة /8/ من القانون، كما أن هذا الأخير لم يُثبت أنّه اتبع أي من الإجراءات المنصوص عنها في المادتين /15 و/16/ من القانون عينه، وبالتالي بقيت أقواله لهذه الناحية مُجرّدة من أي دليل يُثبتها، الأمر الذي يؤدي الى عدم إمكانية إفادة المدعى عليه من منحة تمديد عقد الايجار لغاية ١٢ سنة لعدم تقديم هذا الأخير لأي طلب من أمام اللجنة صاحبة الاختصاص للبت بمدى توفر شروط الاستفادة من مساهمة الصندوق؛
وحيث بالتالي، وتبعاً للتعليل المُساق أعلاه، يكون عقد الايجار المنظم بين الجهة المدعية والمدعى عليه مُمدّداً لغاية تسع سنوات انطلاقاً من 2014/12/28، وتكون العلاقة التأجيرية بين الجهة المدعية والمدعى عليه قد انتهت في 2023/12/28؛
وحيث بالنتيجة يقتضي إلزام المدعى عليه بإخلاء المأجور موضوع النزاع وتسليمه للجهة المدعية شاغراً من أي شاغل فوراً ودون أية مهلة لعلة انتهاء الفترة التمديدية لإجارته، وذلك تحت طائلة غرامة إكراهية وقدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في الإخلاء سنداً لنص المادة ٥٦٩ أ.م.م.؛
وحيثُ إنّه في ضوء ما جرى بيانه أعلاه، لم يعد ثمّة داعٍ لبحث سائر الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة إما لعدم الجدوى وإما لأنها لقيت جواباً، ولو ضمنياً، في ما تم بحثه، فيقتضي ردّها بما فيها الطلب الاستطرادي وطلب حفظ الحقوق المقدّمين من الجهة المدعية سيما وأنه لا يجوز المطالبة بحفظ الحقوق في إطار الدعوى، إذ إنّ الدعوى ترمي الى البت بالحقوق المتنازع عليها وليس حفظ حقوق افتراضية، غير مُحدّدة، اصولاً، كما يُستفاد من المادة /7/ أ.م.م.
لذلك،
يحكم:
أوّلاً: بإلزام المدعى عليه (…) بإخلاء المأجور موضوع النزاع، والكائن على أرض العقار (…)، وتسليمه للمدعيتين (….) شاغراً من أي شاغل فوراً ودون أية مهلة لعلّة انتهاء الفترة التمديدية لإجارته، وذلك تحت طائلة غرامة إكراهية وقدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في الإخلاء سنداً لنص المادة /569/ أ.م.م.؛
ثانياً: بتضمين المدعى عليه (…) النفقات القانونية كافة ورد كل ما زاد أو خالف بما في ذلك الطلب الاستطرادي وطلب حفظ الحقوق المقدمين من الجهة المدعية.
حكماً صدر وأفهم علناً في جبيل بتاريخ 2025/6/17.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/6/17
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)،
كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك”، و”الواتساب”، و”اكس”، و”الإنستغرام”، و”التلغرام”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر.
ويحظّر إجراء أيّ تعديل أو تحريف في النصوص وخصوصًا تلك المتعلّقة بالأحكام والقرارات القضائية، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.