رد دعوى الشفعة والأخذ بتقرير الخبير/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت المحكمة الابتدائية في جبل لبنان المؤلفة من القاضي الرئيس هنري الخوري والقاضيين يونس وحاطوم أنّه يعود للشفيع أن يقتصر على إيداع ما يعتقده الثمن الحقيقي، ويترتّب على ذلك أن يقيم الدليل على صحّة اعتقاده بجميع الطرق بوصفه من الغير.
كما اعتبرت المحكمة أنّ ما توصّل إليه الخبير المكلّف من قبل المحكمة يبقى متمتّعاً بقوّته الثبوتية والتنفيذية طالما لم يدع تزويره أو يثبت عكسه. كما أنّه لا يمكن الركون إلى عقود بيع عقارات مجاورة وبالأسعار التي تضمّنتها لأنّها تكون محكومة باتفاق الفريقين.
وقضت بردّ دعوى الشفعة.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2001/7/5
بناء عليه،
حيث بادئ ذي بدء لا بدّ من استعراض الواقعات المؤثّرة في الدعوى:
باع المالكون الأساسيون جهاد وشوكت إلى عادل العقار 1715 برمانا خاصتهما ونظّما له بتاريخ 1987/7/13 وكالتين عادية وغير قابلة للعزل وقبضا لقاء ذلك الثمن البالغ 57000 دولار أميركي، بالإضافة إلى تسعة ملايين ليرة لبنانية.(يراجع الصفحتين 67 و 68 من محضر ضبط المحاكمة)
1- بتاريخ 1988/6/15 باع المدعو عادل العقار المذكور إلى المدعى عليهم جوزيف وبيار وايلين بموجب عقد بيع ممسوح اتفق فيه على تحديد الثمن بمبلغ مئتين وأربعين ألف دولار أميركي وقد سجّل أصولاً لاحقاً.
2- إنّ المدعية مارست حقّها بشفعة العقار 1715 برمانا بتاريخ 1988/7/12 عن طريق إقامة دعوى بوجه جوزيف وبيار وايلين، وأودعت لهذه الغاية مبلغ 62000 دولار أميركي، بالإضافة إلى 11500000 ليرة لبنانية.
وحيث انطلاقاً ممّا تقدّم طلبت الجهة المدعية تمليكها كامل العقار 1715 برمانا والاّ استطراداً تمليكها حصّة المدعى عليه جوزيف البالغة 400 سهم.
وحيث إنّ المدعى عليهم وطالبي التدخّل طلبوا ردّ المطلبين المذكورين لعدم إيداع المبلغ المعيّن في عقد البيع الممسوح بمئتي وأربعين ألف دولار أميركي.
وحيث يتبدّى إذ إنّ نزاعاً نشأ حول حقيقة الثمن العائد للعقار المشفوع بتاريخ البيع، أيّ ما إذا كان المبلغ المودع من قبل الجهة المدعية يمثّل الثمن الحقيقي بالتاريخ المذكور.
وحيث إنّ القضاء في هذه الحالة يذهب إلى القول إنّ للشفيع أن يقتصر على إيداع ما يعتقده أنّه الثمن الحقيقي ويترتّب على ذلك أن يقيم الدليل على صحّة اعتقاده بجميع الطرق بوصفه من الغير.
وحيث ضمن هذا الإطار، إذا كان من الواجب إيداع ثمن المبيع في موعد أقصاه يوم رفع الدعوى وخلال المهلة المحدّدة قانوناً كشرط لقبولها، إلاّ أنّ إخلال الشفيع بذلك، يوجب على المحكمة أن تقضي بعدم قبولها ما لم يتبدّ لها أنّ هذا الإيداع هو كاف ومواز للثمن الحقيقي وذلك بالاستناد إلى ما نصّت عليه المادة 251 ملكية.
وحيث من العودة إلى الملفّ الحاضر، تبيّن أنّ الجهة المدعية تمسكت دعماً لمطلبها بأقوال المالكين الأساسيين جهاد وشوكت والتي مفادها أنّهما باعا العقار من عادل بمبلغ 57000 دولار أميركي، بالإضافة إلى مبلغ تسعة ملايين ليرة لبنانية.
في حين تمسكت الجهة المدعى عليها بالثمن المحدّد في عقد البيع الممسوح.
وحيث من الملاحظ أنّ اعتراف جهاد وشوكت ببيعهما العقار من المدعو عادل بالثمن الذي أقرّا به إلاّ أنّ عملية البيع هذه قد تمّت بتاريخ 1987/7/13 في حين أنّ تاريخ عقد البيع الممسوح الجاري لمصلحة المدعى عليهم يعود إلى ما بعد حوالي السنة في التاريخ المذكور أيّ إلى 1988/6/15
وعليه، وانطلاقاً من ما أجازته لها المادة 251 ملكية حول حقّها بتعيين الثمن الحقيقي، إستعانت المحكمة بالخبير م. س. من أجل تحديد سعر المتر المربّع للعقار 1715 برمانا بتاريخ 1988/6/15.
وحيث إنّ الخبير المذكور قد رفع تقريراً بهذا الخصوص وحدّد سعر المتر المربّع بموجبه بمبلغ عشرين ألف ليرة لبنانية بحيث بلغ الثمن الإجمالي للعقار 67,400,000 ليرة لبنانية أيّ ما يوازي بتاريخه 189859 دولار أميركي على أساس أنّ سعر صرف الليرة اللبنانية بالنسبة للدولار الأميركي كان حوالي 355 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وحيث تسارع هنا المحكمة إلى القول إنّ رفض عادل انفاذ القرار الاعدادي تاريخ 1996/6/28 حول رفع السرية المصرفية عن حساباته لدى بنك(…) تحت طائلة ترتيب النتائج القانونية من شأنه أن يؤدّي إلى عدم الأخذ بالثمن المحدّد في عقد البيع الممسوح بمئتين وأربعين ألف دولار أميركي.
وحيث في المقابل، إنّ ما توصّل إليه الخبير يبقى متمتّعاً بقوّته الثبوتية والتنفيذي طالما لم يدع تزويره أو يثبت ملكيته.
وحيث إنّ التحجّج فقط بعقود بيع جرت على عقارات مجاورة وبالأسعار التي تضمّنتها لا يمكن الركون إليه، لأنّ أيّ هذه العقود تكون محكومة باتفاق الفريقين الذي لا يعكس في معظم الأحيان، حقيقة الثمن.
وحيث على هذا الأساس، ترى المحكمة الأخذ بالتقرير وبالأسعار التي توصّل إليها نظراً للإستقصاءات التي قام بها لدى أهل الخبرة والتي أفصح عنها لدى استيضاحه أمام هذه المحكمة بحضور فرقاء النزاع.
وحيث على أساس ما تقدّم يكون ما أودعته الجهة المدعية والذي بلغ في حينه: 62000+11500000/355=32394,5د.أ. دولار اميركي أقلّ من الثمن الحقيقي للعقار البالغ 189859 دولار اميركي بتاريخ 1988/6/15
“محكمة” – الخميس في 2020/1/2