أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

سابقة بتكليف قاضيين بمركز الرئيس الأوّل الإستئنافي في جبل لبنان/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
هل يحقّ للرئيس الأوّل الاستئنافي تكليف قاض للحلول مكانه قبل لحظات من تقاعده أو تبلّغه رسميًا صدور مرسوم استقالته من القضاء؟
هذا السؤال طرح على بساط البحث والنقاش، بعدما قام الرئيس الأوّل لمحكمة الإستئناف في جبل لبنان القاضي رجا خوري بتكليف قاضيين إثنين مكانه لتسيير العمل في أهمّ محافظة من حيث الكثافة السكّانية وكثرة الملفّات.
وفي التفاصيل الخاصة بـ“محكمة”، فإنّ القاضي خوري قدّم لمجلس القضاء الأعلى في 6 نيسان 2021، طلبًا لإنهاء خدمته لبلوغ خدماته الفعلية في الملاكات الدائمة أكثر من عشرين سنة ووافق عليه مجلس القضاء في اجتماعه في 8 نيسان 2021 ونشرت “محكمة” الخبر يومذاك، وصدر مرسوم إنهاء الخدمة في 31 أيّار 2021 حاملًا الرقم 7802 ونشر في الجريدة الرسمية في العدد 23 الصادر في 10 حزيران 2021.
وقبل يومين من تبلّغه صدور مرسوم إنهاء خدمته في القضاء العدلي، كاشف القاضي خوري كما يروي لـ“محكمة” رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بنيّته في تكليف قاضيين للحلول مكانه من أجل استمرار العمل في محافظة جبل لبنان، وبأنّه طرح اسمي القاضيين إيلي الحلو ورندة حروق، وبأنّ هذا الأمر حظي بموافقة القاضي عبود باعتبار أنّ ولاية مجلس القضاء الأعلى كانت قد انتهت في 28 أيّار 2021.
وعند سؤاله من “محكمة” عمّا إذا كان هذا التصرّف من مهامه، ردّ القاضي رجا خوري جازمًا:” نعم من مهامي كرئيس أوّل” دون أن يدخل في أيّة تفاصيل أخرى!
وورد في قراري خوري الموقّعين منه، التالي:
القرار الأوّل:“نقرّر تكليف الرئيس السيّد إيلي الحلو للقيام بمهام الرئيس الأوّل الإستئنافي في كلّ من بعبدا، عاليه، والشوف بسبب صدور مرسوم قبول إنهاء خدماتنا في السلك القضائي، وإبلاغ من يلزم.
بعبدا في /2021/6/8.”


القرار الثاني:“نقرّر تكليف القاضي السيّدة رندة حروق بمهام الرئيس الأوّل الإستئنافي في جديدة المتن، وكسروان، وجبيل، بسبب صدور مرسوم قبول إنهاء خدمتنا وعملنا في السلك القضائي، وإبلاغ ذلك ممن يلزم.
جديدة المتن في 2021/6/9- الساعة العاشرة صباحًا.”


وبعد التمعّن في هذين القرارين يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
قد يكون من حقّ القاضيين إيلي الحلو ورندة حروق أن يعيّنا وليس أن يكلّفا في مركز رئيس أوّل استئنافي، ولكن ليس في جبل لبنان حيث المركز مخصّص لطائفة الروم الأرثوذكس بحسب التوزيع الطائفي المعتمد. وإنْ كانت خطوةً متقدّمة أن يجري تغيير جذري وكلّي للتوزيع الطائفي لكلّ المواقع القضائية بما فيها مركز رئيس أوّل استئنافي، وهذا إنْ حصل في ظلّ انتفاء الطائفية في مباريات الدخول إلى معهد الدروس القضائية منذ أن وافق مجلس القضاء الأعلى على اقتراح العضو فيه يومذاك في العام 1992 القاضي حسن الحاج ، فإنّه يعطي أملًا لبقيّة القضاة في الوصول إلى مراكز “محرّمة” عليهم ويمنع الحصرية، ويزيد من مروحة الخيارات والمنافسة الشريفة بين القضاة، فكثيرًا ما ينال قضاة مركزًا معيّنًا ويكون أبناء طائفتهم وطوائف أخرى أكثر استحقاقًا منهم له.
ومع أنّه يوجد قاضيان من طائفة الروم الأرثوذكس في محافظة جبل لبنان يرئسان غرفتين في محكمة الإستئناف هما سانيا نصر، وكارول غنطوس، إلّا أنّ خيار القاضي المستقيل رجا إيليا خوري وقع على قاض ماروني هو إيلي الحلو، وقاضية سنّية هي رندة حروق(زوجها القاضي جان مارك عويس)، فهل استبعاد خوري تكليف قاض من طائفته يأتي في سياق “الخشية” من استمراره فيه عند حصول تشكيلات قضائية مستقبلية وثمّة من يحجز هذا المركز للقاضية ميرنا بيضا العضو الأسبق في مجلس القضاء الأعلى وهي حاليًا رئيسة محكمة استئناف في الجنوب؟!
والمفارقة أنّ القاضي الحلو الذي يرأس محكمة الجنايات ومحكمة المطبوعات في جبل لبنان ليس الأعلى درجة بين زملائه في بعبدا، فهو السادس في الترتيب بحيث يصبح في الدرجة 19 في 18 أيلول 2021، ويتقدّم عليه القضاة ريما شبارو وإلهام عبدالله (درجتهما 22)، وعبد الرحيم حمود(درجته 21)، وبيار فرنسيس(درجته 21)، وغادة أبو كروم(درجتها 20)، وتتساوى معه في الدرجة إبنة دورته القاضية كارول غنطوس.
وقد جرت العادة في انتداب القاضي الأعلى درجة بين زملائه ليكون الرئيس الأوّل لمحاكم الإستئناف في المحافظة الموجود فيها بعد شغور المركز، أو يحلّ من تلقاء نفسه فيه، وذلك بغية تسيير الأعمال، وهذا ما حصل مع القضاة حبيب رزق الله في بيروت، وماجد مزيحم في الجنوب، ونضال شمس الدين في النبطية، كونهم الأعلى درجة بين زملائهم في هذه المحافظات الثلاث.
ولكن اعتماد الدرجة في اختيار القاضي ليكون الرئيس الأوّل الإستئنافي ليس مقياسًا، وليس بالضرورة أن يكون القاضي المعيّن أو المنتدب أو المكلّف الأعلى درجة، فالقاضي رجا خوري لم يكن الأعلى بين زملائه في جبل لبنان، فهو وصل عند استقالته إلى الدرجة 22، بينما القاضي فيصل حيدر مثلًا وقبل تقاعده في 6 أيّار 2021، وصل إلى الدرجة 25 وكان يرأس محكمة استئناف في جبل لبنان، واقتضت الأسباب الطائفية أن يكون خوري الرئيس الأوّل الإستئنافي، لأنّ المركز “مخصّص” لطائفته الروم الأرثوذكس، فضلًا عن أنّ التكليف هو إجراء مؤقّت يزول بانتهاء أسبابه، فإمّا يصبح واقعيًا بالتثبيت، وإمّا يتمّ تعيين قاض آخر بالأصالة.
وفي المقلب الآخر من جبل لبنان حيث يقع قصر عدل جديدة المتن، فإنّه بعد انتداب القاضي ناجي عيد لترؤس الغرفة الأولى في محكمة التمييز، ودرجته 22، باتت القاضية القادمة من صفوف المحامين ضمن دورة العام 1993رندة حروق الأعلى درجة بين زملائها هناك، فهي تصبح في الدرجة 22 في 13 تموز 2021، ويليها في ترتيب الدرجات ريما خليل(درجتها 21)، وجورج حرب(يصبح في الدرجة 21 في 6 تشرين الأوّل 2021)، وسانيا نصر(درجتها 20).
وبالعودة إلى السؤال الأساسي والجوهري، عمّا إذا كان من صلاحية الرئيس الأوّل الإستئنافي في المحافظة أن يكلّف قاضيًا للحلول مكانه، فلا يوجد نصّ قانوني يجيز أو يمنع هذا التصرّف، وسبق للقاضي الأرثوذكسي نبيل موسى يوم كان في مركز رئيس أوّل استئنافي في جبل لبنان أن كلّف عند إحالته على التقاعد في العام 2012 القاضي الماروني شهيد سلامة بهذا المركز، وسار هذا الأخير على خطى موسى عند تقاعده في العام 2013 فكلّف القاضي الماروني هنري الخوري مكانه.
وما فعله القاضي رجا خوري هو أنّه كلّف قاضيين لمركز واحد بعد تقسيم جبل لبنان بحسب أقضيته الستّة في سابقة في تاريخ القضاء، على أن يعود “الشمل” ليلتئم من جديد في التشكيلات القضائية المقبلة وبرأس واحد حُكْمًا.
“محكمة” – الأحد في 2021/6/13
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتبادل أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!