أبحاث ودراسات

بحث حول مشروع قانون الأملاك المتروكة والأموال المنسية/زهير بشنق

الدكتور زهير بشنق*:
يقسم البحث حول مشروع قانون الاملاك المتروكة والأموال المنسية الى اربع فقرات: الفقرة الاولى تذكرالأسباب الموجبة لقانون الأملاك المتروكة والأموال المنسية، والفقرة الثانية تدرج نص قانون الأملاك المتروكة والأموال المنسية، والفقرة الثالثة تحدّد المراسيم التطبيقية، وفي الفقرة الرابعة تعميم يرعى تنظيم الأموال المنسية.
الفقرة الاولى: الأسباب الموجبة لقانون الأملاك المتروكة والأموال المنسية:
إن اللجوء إلى خدمات المصارف من قبل معظم أفراد المجتمع هو أمر مسلّم به رغم التخبّط في القطاع المصرفي حاليا في لبنان، وهو نتيجة للضرورات الواقعية والعملية ، وهناك حرية في اختيار المصرف ولكن الناس مجبرة على هذا الإختيار، وتشمل العمليات المصرفية الاستثمارات الخاصة الداخلية والدولية. وبعد انفجار المرفأ وتملص شركات التأمين من المسؤولية ولعدة اسباب أخرى ترك الناس عقاراتهم أو حساباتهم أواموالهم المرهونة لدى المصارف وشركات التأمين والشركات المالية المحلية والعالمية، وقد يكون ورثتهم لا يعلمون بوجودها أصلا، وستعمد بعدها هذه المؤسّسات جميعها الى اعتبارها أموالاً منسية دون وجه حق واقتسامها كأرباح!
وقد يعمد مورّث إلى إيداع أموال في المصارف وشركات البورصة وشركات التأمين وفي مختلف الشركات المالية أو شركات تجارية وبورصات عبر الإنترنت، ولا يتمكن من إخبار أحد عن الامر، مما يبقي هذه الأموال متروكة دون مستحقيها. وعليه، تبقى عمليات المورّث المصرفية وعقاراته ومستحقاته وأمواله لدى مكلف بالاداء أو المصارف التي تخضع لقانون سريّة المصارف وتحول دون معرفة أحد أو لدى شركات تبقيها في حساباتها وتضاف الى أرباحها بعد مدة. وبعد مدة من الوفاة أو الغياب تصبح هذه الأموال منسية(i). وقد بادرت بعض الدول الأوروبية والعربية إلى سن أحكام للحدّ من هذه الظاهرة وشرعّت بعض القوانين(ii).
وتنتقل العقارات والأموال بالإرث من المورّثين إلى خلفائهم الذين قد لا يعرفون بها بفعل عدة اسباب، وتبقى الاموال والتأمينات في المصارف وفي حسابات الشركات المحمية بقانون سريّة المصارف، والذي يمنع المصارف من نشر بياناتها، وبالتالي لا يتمكن الورثة وخلفاء الزبون (المورّث) من الإستفادة منها رغم ترحيلها دفتريا من سنة لأخرى، وقد تبقى لعقود عرضة لجشع أو طمع بعض الشركات والمصارف بانتظار التشريعات.
يزول حق الملكية في الأموال المنقولة بتخلي المالك فعلا عن ملكية المنقول الذي يصبح بدون مالك وبحيث يكون باستطاعة أي كان أن يحرزه من جديد ويكسب ملكيته على هذا الأساس(iii). ولا يمكن المقابلة أو قياس ترك العقارات والأموال الموجودة في المصرف بنية الإيداع أو الإستثمار، أو الأموال التي تحصّلت من عقد تأمين ولم يعرف مستحقيها بوجودها، أو كافة الأموال المنقولة التي لم يتبين وريثها، مع الأملاك المتروكة التي يجيز القانون تملكها ووضع اليد عليها لأنّ نية الترك غير متوفرة. أما العقارات بتصنيفاتها كافة قد يضاف اليها بسبب هذا الترك صفة العقارات المهملة الخاصة والتي تصبح عبئا بفعل التراكمات وتخرج عن غاية وجودها وعن كل تداول للثروة.
إنّ وجه الاختلاف بين حالتي الترك هو نية ترك المال بإرادة المالك الذي تفتقر إليها العقارات أو الحسابات المصرفية أو الأموال المنسية المذكورة آنفاً. فالاشخاص قد تترك قسريا العقارات والاموال أو الحسابات في المصارف او الشركات لأسباب مختلفة منها: المرض(كالزهايمر أو النسيان، أو الغيبوبة) أو الغياب (الهجرة والسفر والتهجير القسري، والفقدان أي انقطاع الأخبار)، أو لاسباب كفقدان الأهلية أوالجنون أو نقصان الاهلية (كالسجن والعته والسفه والقصر)، أو أن يتركه الورثة لأسباب معينة أو خارجة عن إرادتهم كعدم علمهم بالأموال المودعة أو العقارات أو التعويضات أو التأمين. وفي كل الأحوال لا بد من إحقاق الحق وإعادته اليهم عبر صندوق خاص يؤسس في المصرف المركزي أو التصرف بها وتحريك الاقتصاد وتأمين تداول الثروات في لامركزية اقليمية بإشراك البلديات وبالنهاية استفادة طلاب العلم من مثل تلك الاموال في نهاية مطافها.
ولا بد للمشّرع من التدخل لحماية هذه الأموال واستصدار قانون خاص لتنظيم الأملاك المتروكة والأموال المنسية، وتعديل القوانين التي تتعارض معه وقانون ضريبة الدخل وخاصة المادة 90 وما يليها من قانون ضريبة الدخل، وكل القوانين التي تتعارض معه، وتكليف وزارة المالية والداخلية والمصرف المركزي استصدار التعاميم المناسبة لتطبيقه.
ويتوجب على المصارف استعادة الثقة عبر إلتزامها بالسّر المصرفي وليس التذرع بقانون السرية (نقترح العمل على إلغائه لفقدان مبرّر وجوده في اسبابه الموجبة) للتعتيم على حركة الاموال. كما إن إعادة صياغة عقود التأمين لدى شركات التأمين وعقود التأمين المتعلقة بزبائن المصرف هو أساس تلك الثقة، وذلك حرصاً على ما تبقى من ثقة بالمصارف مع اعتقادنا الراسخ بأن نتائجها ستكون زيادة في الأرباح نظراً لاستقطاب الزبائن وتنوع التأمينات في ظل تداعي الصناديق الضامنة في لبنان. ويمكن قياس ذلك من خلال مقارنة نتائج التأمين في شركات أوروبية متعددة وشركات التامين في لبنان وانواعها، فهناك عقود تأمين في المانيا تشمل كافة الأخطار ونشاط الإنسان وعائلته بشكل واسع جدا ويعتبرونه استثماراً.
تكمن أهمية القانون انه يعزز الثقة وثقافة الشفافية بين المؤسسات المالية والمواطن وتشجيع المكلّف بالاداء لمساعدة أصحاب الحقوق وتداول الاموال بغية اشراك المجتمع في النهضة ودعم الثقة واعتماد البلديات والشركات والمؤسسات المالية الشفافية كأسلوب دائم ويؤدّي إلى:
1- تنشيط القطاع الإقتصادي والعقاري والاسكاني المحلي والبلدي خاصة.
2- تحريك القطاع المالي وتوسيعه.
3- مشاركة المجتمع في دورة المال عند تداول الثروات.
4- عدم ضياع الحقوق وبلوغ الساعي إرادته في توزيع ثروته.
5- إعادة الأموال لأصحابها الحقيقيين أو لمستحقين في دورة من التكافل الاجتماعي بدل تكدس الثروات لدى المؤسسات المالية وكل المكلفين بالأداء.
6- المساهمة في إشراك المجتمع الأهلي والبلديات ورقابة الرأي العام على أداء المؤسسات وبالتالي تشجيع الشفافية واعتمادها نحو مجتمع راقي يعي مسؤولياته.
7- زيادة الأموال المستثمرة في القطاع المالي واستخدام المال المتروك لنهضة وتقدم المجتمع.
أخيرا، إن الحاجة ملحّة إلى تنظيم التعامل مع هذه الحسابات والأصول والمنقولات والعقارات التي تركها أصحابها لمدة طويلة. ونأمل أن ينسحب هذا القانون ومبدأ الشفافية أيضاً ليشمل كل الدول العربية خاصة في ظل الأوضاع والظروف الراهنة وبروز مشكلة الهجرة والفقدان بغية إعادة الحق لأصحابه(iv).
الفقرة الثانية: نص قانون الأملاك المتروكة والأموال المنسية:
يكون نص مشروع القانون وفق الآتي:
المادة الأولى: يسري هذا القانون على الأملاك المتروكة والأموال المنسية العائدة للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين وكذلك الموجودة لدى مكلف بالاداء مثل المصارف أو المصرفيين أو شركات التأمين، أوشركات عبرالانترنت ويسري على حسابات اللبنانيين في الخارج وتستثنى الأملاك والأموال التي تعود إلى الدولة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة.
المادة الثانية: يقصد بالأملاك المتروكة والأموال المنسية أية أموال أو عقارات متروكة أو محتفظ بها لدى مكلف بالأداء أو شركة أو فرع أو مركز المصرف وتلك الاموال أو الحسابات والودائع غير مطالب بها، أو لم تجر عليها أية حركة أو معاملة مسجلة، أو مراسلة خطية أو عبر الانترنت، أو عبر البريد الإلكتروني من قبل صاحب الحق المالي أو الحساب، وذلك خلال ست سنوات للحسابات المالية والمنقولة، وعشرين سنة للعقارات، وتشمل ما يأتي:
‌أ- الحسابات الجارية الدائنة وغير المتحركة، التي لم تجر عليها حركة سحب أو إيداع.
‌ب- حسابات التوفير غير المتحركة التي لم يجر عليها حركة سحب أو إيداع.
‌ج- الودائع الثابتة التي لم يراجع أصحابها بعد انتهاء الفترة المتفق عليها.
‌د- صناديق الإيداع الحديدية وما تحتويه من موجودات قابلة للبيع والشراء.
‌ه- المصنوعات الذهبية والفضية والمعادن الثمينة وغيرها التي كانت قيد الرهن.
‌و- كافة الشركات المالية أو العقارية والأسهم والسندات وعبر الانترنت وتلك المرهونة لصالح المصرف.
‌ز- الصكوك المحررة لصالح أشخاص، ولم يتم سحبها لمختلف الأسباب.
‌ح- الأموال المرهونة لصالح التسهيلات المصرفية، والتي لم يقم أصحابها بتسديد التزاماتهم للمصرف.
‌ط- سندات السحب المسحوبة على المصرف لصالح أشخاص ولم يتم تسلم مبالغها لمختلف الأسباب.
‌ي- أرصدة الأشخاص المتوفين غير المطالب بها وتلك المتحصلة جراء عقود تأمين.
‌ك- مبالغ التأمينات المختلفة غير المطالب بها على الأشخاص والأموال المنقولة وغير المنقولة.
‌ل- كافة المبالغ والاوراق المالية والأموال غير المذكورة في البنود السابقة والساقطة لعلة مرور الزمن أو التي لا وارث لها بما فيها التعويضات المترصدة من القطاع العام والخاص.
‌م- الأموال غير منقولة كافة وتشمل الاراضي والعقارات المبنية.
المادة الثالثة: تحتسب المدة المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون كما يأتي:
أ- إذا كانت الأملاك المتروكة عقارية فتحتسب المدة من تاريخ آخر بيع أو انتقال أو إشغال مثبت بمستند قانوني أو إثبات حيازة مستند ملكية من الدوائر العقارية أو كتاب العدل أو القائمقامين أو العلم والخبر الرسمي.
ب- إذا كانت منقولات أو حسابات منسية فتحتسب من تاريخ آخر حركة أو حيازة أو تسجيل أو سحب أو إيداع جرت عليها لدى المكلف بالأداء.
المادة الرابعة: يقوم المكلف بالأداء في بداية السنة التالية لانتهاء المدة المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون، بتبليغ صاحب الحق المالي أو الحساب المنسي أو المال المتروك بكتاب صادر عن المكلف بالاداء بالبريد المسجل على آخر عنوان معروف له، متضمناً خصائص الملك المتروك، أو الحساب المنسي، والطلب منه مراجعة المكلف بالاداء في شأن ذلك. يحتفظ المكلف بالاداء بسجل وارد خاص لمدة عشر سنوات يدرج فيه تسلسلا ورود الاموال واستحقاقاتها عند خضوعها لهذا القانون. يرسل سنويا نسخة عنه الى مصلحة الاملاك المتروكة والأموال المنسية لدى المديرية العامة للشؤون العقارية ويورد نسخة مع كل الاموال والحسابات المنسية التي شملها هذا القانون الى المصرف المركزي وتودع في حساب خاص باسم صندوق الاموال المنسية.
المادة الخامسة: تنشأ مصلحة الأملاك المتروكة والأموال المنسية في وزارة المالية وتتبع المديرية العامة للشؤون العقارية، ويتألّف ملاكها من مدير في الفئة الثانية، وموظفين من الفئة الثالثة رؤساء لدوائر الاموال المنسية والاملاك المتروكة، وتتبع لكل دائرة أمانة سر وخمسة موظفين من الفئة الرابعة.
المادة السادسة: تلتزم البلديات والمخاتير القيام بجردة سنوية للعقارات والاموال المتروكة التي يشملها هذا القانون وانشاء سجل خاص تدرج فيه نتائج الجرد وتقديم تقرير سنوي بذلك مع نسخة عن السجل، وتقدم الى مصلحة الاملاك المتروكة والأموال المنسية.
المادة السابعة: إذا لم يظهر أو يحضر صاحب الحق المالي أو الملك المتروك إلى المصلحة أو المصرف أو البلدية أو الدوائر العقارية أو كتاب العدل أو المخاتير خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه التبليغ، أو من يوم إعادة البريد المسجل لعدم وجود صاحب العلاقة في العنوان المثبت في البريد، فيصار إلى نشر الإشعار في صحيفتين محليتين، وفي نشرة رسمية وعبر مواقع الانترنت تتضمن الطلب إلى صاحب الحق المالي أو الأموال بالحضور إلى مركز المكلف بالأداء المعني لاستعادة أمواله أو أملاكه المتروكة.
المادة الثامنة: يقّدم المكلف بالاداء المعني تقريراً إلى هذه المصلحة بعد مدة ثلاثين يوماً من تاريخ النشر المذكور في المادة الخامسة وعدم مراجعة الحق المالي أو صاحب الحساب المنسي أو الأملاك المتروكة، ويودع الاموال في المصرف المركزي.
‌أ- يقوم المصرف المركزي بفتح حساب خاص بالأموال المنسية كافة، وسجل بالأملاك المتروكة أو المرهونة لدى المصارف تدرج فيه تلك الأموال بحسب ورودها، على أن يتضمن ذلك الحساب الشامل حسابات فرعية لكل مكلف بالاداء.
‌ب- تدرس المصلحة كافة التقارير ولها ان تراجع المكلف بالاداء لتوضيح الغموض وتوردها في سجلاتها، وتحتفظ بها لمدة عشرين سنة من تاريخ تسلمها من المكلف بالأداء المعني.
‌ج- يحتفظ المصرف المركزي بالاموال في حساب خاص لديه باسم صندوق الاموال المنسية لمدة عشر سنوات من تاريخ تسلمه من المكلف بالأداء المعني مبلغ الأموال المنسية.
المادة التاسعة: تباع الأموال المتروكة والعقارات بالمزاد العلني إقليميا وتبعا لمحكمة التنفيذ في المنطقة العقارية وفقاً للقانون، وذلك بعد استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في المادتين الرابعة والخامسة من هذا القانون وتحوّل الى صندوق الاموال المنسية في مصرف لبنان.
المادة العاشرة: يحتفظ المصرف المركزي بالأموال المحّولة إليه من المكلفين بالأداء في حساب خاص يسمى صندوق الاموال المنسية لمدة عشر سنوات، ويستثمرها ويستحق له 50% من الأرباح.
المادة الحادية عشرة: لمالك الحساب المنسي أو الأملاك المتروكة تقديم دليل على ملكيته، تقتنع به مصلحة الأملاك المتروكة والأموال المنسية خلال مهلة العشر سنوات اعتباراً من تاريخ تسلم المصرف المركزي مبالغ الأموال المنسية، أو الأملاك المتروكة المنصوص عليها في البند أ من المادة الثامنة من هذا القانون. ويقوم المصرف المركزي بتسديد قيمة مبيع الأملاك أو المبالغ المودعة في الحساب فوراً.
المادة الثانية عشرة: إذا انقضت مدة عشر سنوات من تاريخ تسلم المصرف المركزي للحساب المنسي أو قيمة مبيع الأملاك المتروكة ولم يطالب بها أحد، فيحوّل الحساب الذي أتم المدة إلى حساب وزارة التربية والجامعة اللبنانية مناصفة ويؤول إلى تطوير المدارس والمناهج والبحث العلمي ومراكز الابحاث.
المادة الثالثة عشرة: تكون مهام المصلحة المتابعة مع البلديات والمخاتير والتنسيق مع الدوائر العقارية وشركات التأمين والمصرفيين وجمعية المصارف في شأن الأموال المنسية والأملاك المتروكة في لبنان، وأموال اللبنانيين المنسية في الخارج والمطالبة بها وإعادتها الى صندوق الاموال المنسية المذكور في المادة الثامنة من هذا القانون، وممارسة الرقابة على اعمال المكلفين بمتابعة الملفات لدى جمعية المصارف. ويحدد دقائق تنفيذ ذلك بمراسيم لاحقة تتخذ في مجلس الوزراء وتعاميم تصدر عن مصرف لبنان.
المادة الرابعة عشرة: عند تأكد المصلحة من وجود مخالفات تحيل الملف النيابات العامة أو النيابة العامة المالية أو لجنة الرقابة على المصارف أو هيئة التحقيق الخاصة بحسب نوع الاموال والتي يجب عليها البت بها أو إحالة الملف للمحكمة المختصة خلال شهر من تاريخ ورود الملف اليها.
المادة الخامسة عشرة: تخضع المصلحة والمكلفون بالتحقيقات المذكورون في المادة الثالثة عشرة لموجب السر المصرفي ولا يحق للمصارف التذرع بقانون السريّة المصرفية تجاههم.
ينشر هذه القانون ويعد نافذاً من تاريخ صدوره.
الفقرة الثالثة : المراسيم التطبيقية:
يستلزم هذا القانون المراسيم التطبيقية والقرارات والتعاميم اللازمة لتنظيم المواضيع الآتية:
أولاً: وزارة الداخلية البلديات
– إلزام البلديات والمخاتير باجراء جردة ضمن النطاق البلدي لاحصاء العقارات والاموال المتروكة منذ أكثر من عشرين سنة يصادق عليها المخاتير والمجلس البلدي.
– ادراج لوائح سنوية بالعقارات والاملاك المتروكة التي انقضى على تركها عشرين سنة ضمن محضر رسمي يوقع عليه رئيس البلدية واربعة اعضاء ومختاران أو مختار وعضو اختياري تودع لدى أمانة سر المصلحة.
ثانياً: شركات التأمين
– إلزامها بموجب الإستعلام من وزارة الداخلية على اسماء المتوفين سنوياً لمعرفة اذا كان أحد الأسماء المتوفين من زبائنها.
– عدم ادراج الاموال غير المطالب بها كأرباح بأي حال من الأحوال.
– موجب الإبلاغ سنوياً عن الأموال المترصدة لزبائن غير المطالب بها وإيداعهم مصلحة الاملاك المتروكة والأموال المنسية وايداع الاموال عند استحقاقها صندوق الاموال المنسية في المصرف المركزي.
ثالثاً: الشركات المالية والبورصات المحلية والعالمية
– تمكين الزبون من الحصول على نسخة ورقية من العقد ليتمكن من حفظها مع كلمة السر لدى أمين أو كاتب العدل أو خلفه الخاص أو تضمينها في وصيته.
– تضمين العقود موجب اعلام الزبون والاستعلام عن الخلف بحال عدم تحريك الحساب.
رابعاً: وزارة المالية، الضمان الاجتماعي، النقابات
– تحديد كافة الأموال والتعويضات التي تعود لأشخاص لم يطالبوا بأموالهم وتشكيل لوائح سنوية بها وتحويلها سنويا الى صندوق الأموال المنسية.
– تعديل قانون الضريبة وخاصة المادة 90 لجهة الغاء تقاسم الاموال الساقطة بالزمن مع المصارف كأرباح.
خامساً: المصرف المركزي
– إدارة الحساب الخاص أو صندوق الأموال المنسية.
– إصدار تعميم الزامي للمصارف بشأن التصريح السنوي وتنظيم المطالبات بها وايداع الصندوق كافة الأموال المنسية.
– المطالبة بحقوق تعود للمواطنين في الخارج عبر الإتفاقيات الرسمية.
سادساً: المصارف
– تعديل النظام المعتمد للأموال الساقطة بمرور الزمن العشري.
– تنظيم كافة الأموال التي تدرجها المصارف على أنها منسية ولأيّ سبب كان بغضّ النظر عن مرورالزمن.
– التصريح سنوياً عن العقارات والأموال المنقولة المتروكة لدى المصرف الى إدارة مصلحة الأملاك المتروكة والأموال المنسية وايداع الأموال لدى صندوق الاموال المنسية – المصرف المركزي.
– تمكين الزبون من الحصول على نسخة من العقد ليتمكّن من حفظها مع كلمة السر لدى أمين مثل كاتب عدل أو خلفه أو تضمينها في وصيته.
– تعديل موجب إبلاغ الزبون أو ورثته والنص عليه وإدراجه في العقد حكماً عند فتح الحساب وتوعية الزبون للأخطار المحتملة خطياً.
الفقرة الرابعة: تعميم يرعى تنظيم الأموال المنسية:
بناء على القانون المقترح الذي ينشئ مصلحة الأملاك المتروكة والأموال المنسية التي تعنى بإدارة الأملاك المتروكة وبيعها وإجراء جردة سنوية لها، وانشاء الحساب الخاص باسم صندوق الاموال المنسية في المصرف المركزي لادارة هذه الحسابات وتحويل الاموال اليه وكيفية توزيعها، والذي يعدّل كافة القوانين التي تعارض أحكامه، ويكلّف المصرف المركزي أن يبادر إلى إصدار تعميم يرعى تنظيم الأموال المنسية في المصارف وشركات التأمين وكل مكلف بالأداء وضمان الافصاح عنها.
ونقترح بالتزامن مع ذلك إصدار تعميم من المصرف المركزي بعد التشاور مع جمعية المصارف كالآتي:
1- تعريف
الحساب المنسي: يعتبر حساباً غير ناشط إذا لم يتم فيه إيداع أو سحب أموال خلال السنة الأخيرة، ويعتبر الحساب المصرفي منسياً إذا كان المصرف قد فقد الإتصال مع الزبون، أو مع خلفائه لمدة لا تقل عن ست سنوات.
الأملاك المتروكة: أموال أو تركات لا يعلم اصحابها بوجودها او ثبت غياب اصحابها لمدة تفوق عشرين سنة متوالية.
الإتصال: الإتصال هو أية تعليمات أوعلم، أو بيان من قبل الزبون، أوممثله يؤدي إلى حركة على حسابه المصرفي من أي نوع كان. ويمكن لزبائن المصرف إرسال التعليمات عن طريق الإنترنت ويعتبر هذا بمثابة الإتصال.
2- إتخاذ كافة التدابير الإحترازية لمنع حالة ركود الحساب:
يتوجّب على المصارف عند بدء العلاقات التجارية مع الزبائن، تضمين العقد إعلام زبائنها عن احتمال وجود حالة ركود الحساب، وإمكانية اعتباره غير ناشط وتحويله إلى حساب منسي(v). ويتوجب إبلاغ الزبائن حول ما يمكن القيام به لمنع هذة الحالة، والطلب إليهم توفير عناوين الخلفاء، أو الورثة المحتملين للإتصال بهم عند الضرورة، أو أية تدابير إضافية يرونها مناسبة مثل إدراج رقم الحساب وكلمات السّر في مكان آمن أو في وصاياهم.
3- التعامل مع الموجودات والأموال المنسية:
يتوجّب على المصارف تحديد الأموال المنسية في ميزانياتها كديون غبّ الطلب. فيتعذّر بذلك على المصرف إنهاء الإتفاقات والعقود مع زبائنه بسبب وجود حالة حساب منسي، وبالمقابل لا يسمح للزبون المطالبة بتعديل القيود فيما يندرج تحت النظام الأساسي أو العقد من قبله. ويحتفظ المصرف بالحقّ في إنهاء العقد، أو الإتفاق في حالة ضعف موارد الحساب. فالحساب الذي يخضع لحدّ أدنى من التمويل في العقد ولم يعد يغطي المصاريف، يمكن إقفاله ونقله إلى الحساب الخاص بهذه الأموال لدى المصرف المركزي والمسمّى ” صندوق الأموال المنسية”.
ويتوجّب على المصارف استثمار الحساب في مصلحة الزبون، وحماية مصالح ورثته، وحماية الحساب من الوصول غير المسموح. فمن واجب المصارف تنفيذ تدابير أمنية مناسبة لمنع الوصول غير المصرح به إلى الأصول والأموال المنسية مهما كان نوعها.
4- إنشاء وحدة اتصال مركزية:
تنشأ في جمعية المصارف وحدة اتصال مركزية بالتعاون مع المصرف المركزي وإشرافه. تكون مهمتها البحث عن الأصول والأموال المنسية في المصارف، واستنباط السبل المناسبة للتعامل معها، ووضعها في الحساب الخاص بكل مصرف الذي يفتح لدى المصرف المركزي لهذه الغاية. ويكون التنسيق مع اللجنة المكلفة في المصرف المركزي واشرافها.
5- البحث عن الأصول المنسية من قبل الورثة:
يمكن للورثة أو خلف الزبون البحث عن هذه الأصول المنسية بتقديم طلب خطي إلى وحدة الإتصال المركزية، والتي تحدد وفق معايير محددة الشخص الذي يستطيع أن يقدّم سبباً معقولاً أنه هو وارث زبون متوفى أو مفقود، ولا يعلم في أي مصرف يوجد حساب مورّثه. وقد تطلب وحدة الإتصال المركزية أن يرفق بالطلب أوراقاً ثبوتية للطالب، وحصر إرث بحال وجوده. وبحسب كل حالة تقوم وحدة الإتصال بالتحقيق مع جميع المصارف العاملة في لبنان حول الطلب، وفي كافة الأموال الموجودة لديهم، من حسابات جارية أو دفتر توفير أو ادخار، أو ودائع تحت الطلب، أو صناديق، أو ودائع لأجل أو تعويضات تأمين أو مستحقات تقاعدية أو مستحقات مالية من رواتب وتعويضات(vi).
وعليه، يتوجّب على مقدّم الطلب إلى وحدة الإتصال المركزية:
– أن يؤكد سبباً لوجود الأموال، أو أن يؤكّد سبباً محتملاً لوجود الحسابات في أحد المصارف.
– أن يذكر إسم الشخص صاحب الحساب(مورّث)، وعنوانه، مع بيان عن كيفية وفاة أو فقدان مورّثه.
– تعبئة استمارة موحّدة ترسل إلى المصارف مع نسخة للمصرف المركزي.
– إظهار سبب محتمل لاستحقاقه الحساب، ولا سيما إثبات هويته وبيان قيد عائلي لمورّثه، أو حصر إرث إذا أمكن ذلك، أو استخدام وثائق رسمية تثبت ادعاءه، أو ذكر الأسباب التي منعته من الحصول على المستندات(vii).
6- تنفيذ التحقيق بعد فحص تمهيدي:
تقوم وحدة الإتصال المركزية بإجراء فحص أولي للوثائق المقدمة، ثم التعميم وإبلاغ المصارف المعنية بالطلب. ويجب على المصارف دراسة الطلبات المقدمة بعناية كافية. فإذا وجد أحد المصارف أنه يملك تلك الأصول والأموال المنسية، فعليه أن يبلغ عنها، ويطلب من وحدة الإتصال المركزية الوثائق والمواد المتاحة. ويمكن مناقشة القضايا الخلافية وحالات الشك المحتملة مع وحدة الإتصال المركزية. ولا يحق للمصارف التذرع بالسريّة المصرفية، كما يخضع الأعضاء المكلفون بالتحقيقات في وحدة الإتصال المركزية للسرّ المصرفي.
7- إبلاغ النتائج:
إذا تمّ التحقيق من قبل المصرف وتوصّل إلى نتيجة إيجابية، فيتعيّن على وحدة الإتصال المركزية والمصرف إبلاغ ذلك إلى الشخص الذي قدّم الطلب مباشرة، وفي غضون فترة ثلاثين يوماً كحد أقصى.
أمّا إذا تمّ التحقيق من قبل وحدة الإتصال المركزية وتوصّلت إلى نتيجة سلبية، كأن يبدو من المشكوك فيه- وضمن الوثائق المتاحة- أن يحوز المصرف للأصول المنسية، فإنها تطلب معلومات إضافية من الشخص الذي قدم الطلب على أن تبدأ مهلة الشهر للإجابة على الطلب من تاريخ تقديم المستندات. فإذا وردت معلومات دقيقة من مقدّم الطلب، تحيلها الوحدة إلى المصرف المعني. ويتوجّب على المصرف المعني الإبلاغ عن أي نتيجة إيجابية للشخص الذي قدّم الطلب، وإخطار وحدة الإتصال المركزية والتي بدورها تعلم لجنة المصرف المركزي.
إذا تلقى المصرف جواباً سلبياً من وحدة الإتصال المركزية ضمن المهلة الزمنية التي حددتها، فيتعين إبلاغ الشخص مقدم الطلب وإقفال الملف.
* أستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية في الجامعة اللبنانية.
المراجع:

Jean Nicolas Druey, The noisy secrecy: Swiss banking law in international dispute, Article, 2010, p 296 at:(i) http://ebooks.cambridge.org, Date: 3/4/2012. ويمكن الاطلاع على القانون السويسري الذي ينظم عمل المصارف
Swiss Federal Act on Banks and Savings Banks. (Banking Act; BA). SR 952.0 of 8 November 1934 (status as at 1 January 2020
وايضا يمكن الاطلاع على مقال حول تمسك البرلمان السويسري بالمادة 47 التي تفرض السرية المصرفية تحت طائلة العقوبات الجزائية.
https://www.swissinfo.ch/eng/swiss-parliamentarians-refuse-to-overhaul-banking-secrecy-laws/47574910 May 7, 2022
وكذلك كيفية تعامل المصارف السويسرية مع الحسابات والاموال المتروكة مقال موجود بتاريخ Mar 8, 2022 https://www.dormantaccounts.ch/narilo/ على الموقع
Dormant Swiss Bank Accounts: How to find a lost Swiss Bank …https://swiss-banking-lawyers.com › dormant-bank-acc..
(ii) صدر في دولة ليشتنشتاين المبدأ التوجيهي للتعامل مع الحسابات المنسية في المصارف. وقد دخل حيز التنفيذ بتاريخ 1 تموز 1999. وصدر قانون الحسابات المنسية في ايرلندا عام 2001 المعدل عام 2012، وفي العراق عام 2009، وغيرهم من دول العالم التي تعتمد أنظمة معيّنة للتعامل مع تلك الأموال. كما أصدرت بريطانيا عام 2008 قانون الحسابات المنسية في المصارف لبناء المجتمع Dormant Bank and Building Society Accounts Act 2008، وتعديلاته عام 2014. والتعديل المقترح في آذار2022 على الموقعhttps://bills.parliament.uk/bills/2866#timeline
(iii)  إدوار عيد، الحقوق العينية العقارية الأصلية، منشورات زين الحقوقية، 1979، الجزء الأول، ص119؛ وكذلك جورج شدراوي، تقسيمات الأموال، ص20؛ ومهاب نجا، ص 28.
(iv) يلزم القانون الفرنسي الجديد المصرف بموجب التحقيق والبحث، والتحري لإبلاغ المستفيد المؤمن له والورثه ومن لهم الحق بمبلغ التأمين. كما أن المصارف ملزمة سنويا بموجب استشارة لسجل النفوس بغية التأكد من أن الذين توفوا ليسوا من زبائنها.
علماً أنه يحق للمصارف الفرنسية إقفال الحساب الذي لم يتم أي عملية خلال مدة عشر سنوات. عندما يقرر المصرف بعد عشر سنوات إقفال الحساب فليس عليه موجب إنذار الزبون. يقوم المصرف بإقفال الحساب المذكور تلقائياً وتحويل مبلغ الرصيد وإيداعه تحت الحساب الشخصي للدولة الفرنسية تحت اسم ” صندوق الودائع والتأمينات”.
إنّ صندوق الودائع والتأمينات هو صندوق سيادي مستقل تعود أرباحه للدولة الفرنسية. فالصندوق يعتبر مؤسسة عامة تتوخى الربح، ويمكن مقاضاته أمام محكمة عدلية. يتمتع الصندوق بالاستقلال المالي والإداري، فهو صندوق مستقل يخضع للقواعد العادية والمحاكم العدلية. أما المال الذي يودع لدى هذا الصندوق فيبقى لدى الصندوق عشرين سنة، على أن يستثمر المال في هذه المدة في عدة مشاريع خاصة ربحيه وعامة، فلا يخسر من أعيد المال إليه. وإذا لم تتم المطالبة بالمال بعد هذه المدة، فيسقط الحق بالمطالبة به، وهذه المدة هي مهلة سقوط نهائية للموجب.
وتنص المادة 10/2 من القرار رقم 275 الصادر بتاريخ 1926/5/25 ( إدارة وبيع أملاك الدولة الخصوصيّة)، أن أملاك الدولة الخاصة قد تأتي من تركات لا وارث لها. وكذلك نصت المادة 21 من قانون الإرث لغير المحمديين، أنه إذا لم يوجد أحد من الورثة تعود أموال التركة إلى الدولة.
(v) محمد عطيف، مقال حول إخفاء بنوك سعودية للحسابات الراكدة يضخمها لمليارات، 2012/11/12 منشور على الموقع الإلكتروني: http://www.alarabiya.net/articles/2012/11/12/249068.html.
(vi) رجا الخطيب، ابحثوا عن أموالكم المنسية بالمؤسسات المصرفية، مقال، تاريخ 2014/4/11 ، ويتضمن عرضا عن كيفية حصول الورثة في الاراضي المحتلة على المعلومات مباشرة من المؤسسات المصرفية وشركات التأمين حيث يرى المحامي مجيد حجازي أن المصارف وبعض شركات التأمين، وصناديق التقاعد، وصناديق الادخار تمتلك المليارات تخص المواطنين في البلاد. تُلزم جميع هذه المؤسسات إبلاغ أعضاء البنوك وأصحاب التوفيرات التبليغ عن قيمة التوفيرات، وعنوان المصرف الذي يدخر الأموال. بيد أن عشرات الآلاف من المواطنين لا يعرفون ما لديهم من حسابات توفير ولا قيمة المال الذي يدخرونه في البنوك، كما لا يعرفون إسم المؤسسة التي توفر الأموال. ذلك أن حسابات التوفير كانت قد أُفتتحت قبل سنوات وتوقف المواطنون عن تلقي كشف الحساب خاصتهم. ويتم الحصول على المعلومات المعروضة في الموقع من المؤسسات المالية وعلى عاتقها، لكن يتم تحديد طريقة عرضها من قبل وزارة المالية، المعلومات التي يتم الحصول عليها من البحث في الموقع تدل على إمكانية وجود حسابات أو بوالص تأمين، لكن المعلومات المحددة إذا كانت الحسابات أو بوالص التأمين موجودة فعلا وما هي الأرصدة والحقوق فيها هي المعلومات الموجودة لدى المؤسسات المصرفية والمالية.
(vii) مجلس شورى الدولة، قرار رقم 105، تاريخ 1988/5/12، مجلة القضاء الاداري، العدد الخامس، سنة 1988، ص188. وجاء في القرار أنه يتبين من صورة إخراج القيد العائلي المبرزة أن المستدعيين هما والد ووالدة فإنهما بهذه الصفة تكون لهما مصلحة بمتابعة المراجعة من النقطة التي وصلت إليها بعد حصول الوفاة. وعليه فإذا تعذّر على الورثة الاستحصال على حكم بحصر إرث فإن وثيقة وفاة مورثهم أو إخراج القيد العائلي تبيّن صفتهم. إن هذا الأمر يجب أن لا يحرمهم من حقهم بإقامة الدعوى للمطالبة بحقوقهم أو تقديم طلب لمعرفة مصير أموال مورثهم.
“محكمة” – الأحد في 2022/6/19

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!