مقالات

ممنوع أن نعيش وممنوع أن نموت/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
في العام 1984، وكنت لا ازال محامياً متدرجاً، وبينما كنت اسير على اوتوستراد بلدة شكا البترونية، رأيت رجلاً يقف على الطريق ويحمل كيساً من النايلون، وهو من بلدة مجاورة لبلدتي فأوقفت السيارة وطلبت منه الصعود. وفي الطريق سألته: كيف الشغل يا عم؟. فأجابني: “يا شيخ، نحنا بهالشركة لا بيخلّونا نعيش ولا بيخلّونا نموت”.
عبارة لا أزال أردّدها يومياً امام زملائي واصدقائي ويوافقون أنّها من اكثر الحكم التي سمعوها من حيث العمق والواقع. اليست هذه حالة لبنان والشعب اللبناني؟.
في لبنان، يدب اليأس، تتراجع الطموحات، تتوقف المشاريع، نقع في فراغ رئاسي او حكومي، ينبئ الوضع بكارثة سياسية واقتصادية وامنية حيث ننتظر الانفجار في مكان ما. فتتدخّل الدول، وتعطينا ابرة انتعاش. وبسحر ساحر ينتخب رئيس او تشكل الحكومة. فينتعش الوضع قليلاً. فيبدأ الشعب بترداد العبارات الشهيرة:
– ان الدول لا تتخلى عن لبنان.
– ان لبنان بلد لا يموت.
– ان لبنان ضرورة دولية.
– ان الدول عرفت قيمة لبنان ولن تسمح بالانهيار.
– هناك نية دولية لجعل لبنان البلد الاقوى في المنطقة نظراً لتنوعه…الخ.
يدوم هذا الامر عدة اشهر او سنوات، ثم نعود الى ما كنا عليه سابقاً الا يعني ذلك انهم
لا يريدوننا ان نعيش ولا يريدوننا ان نموت؟.
في عهد احد الرؤساء، وكان الوضع الاقتصادي سيئاً، اتخذ القراربإجراء انتخابات بلدية. فقلت للنائب المرحوم اوغست باخوس، وكان رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية:
– ولو يا استاذ، في هذه الظروف تريدون اجراء انتخابات بلدية؟.
فأجابني قائلاً:
– يا ناضر هذا موضوع ليس كما تراه. هذه الانتخابات سوف تنعش البلد لعدة اشهر. فيستفيد اصحاب المطاعم والمطابع و..و..والناخب. فيتحرك الاقتصاد قليلاً حتى الله يفرجها علينا.
وهذا الامر ينطبق ايضاً على الانتخابات النيابية.
***
هذا هو واقع الحال في لبنان للاسف. وعلى امل ان يأتي اليوم الذي يقرر فيه المسؤولون بناء مؤسسات تضم النخب بعيداً عن المحاصصات والمحسوبيات لننهض بهذا البلد الذي عانى شعبه الكثير الكثير وبات على عتبة اليأس والقنوط.
“محكمة” – الأربعاء في 2019/2/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!