منيف حمدان يخصّ”محكمة” بصفحات من ذكرياته في القضاء: النائب العام يرأس مجلس الأمن الفرعي

بقلم الدكتور المحامي منيف حمدان (قاض سابق):
“مجلّة محكمة” الغرّاء
حضرة رئيس التحرير – المدير المسؤول
الأستاذ الصديق علي الموسوي المحترم
تحيّة واحترام، وبعد:
يسعدني أن أرفع إليكم هذا التعليق، على تساؤل ذكي ومهمّ، أوردتموه في صدر الصفحة الثالثة من عدد أيلول 2017 لمجلتكم الغرّاء، ويتعلّق بعلاقة المحافظين بقضاة النيابة العامة.
وحتّى يكون التعليق متكاملاً، رأيت أن أوزّعه على عدّة فقرات على الوجه التالي:
الفقرة الأولى: نصّ التساؤل الذكي والمهمّ
تحت عنوان مثير ومقلق هو: “المحافظ يرأس النائب العام”، قرأنا: “متى يعاد النظر في تركيبة بعض المناصب في الدولة اللبنانية؟ إذ كيف يترأس المحافظ إجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي ضمن نطاق محافظته، ويجلس إلى يمينه النائب العام الإستئنافي. فيما هو واقع الحال، وبحسب المادة (38) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (الجديد)، من عداد الضابطة العدلية، التي تعمل تحت إشراف وسلطات النائب العام ، الذي يمكنه توقيفه، عند قيامه بارتكابات ما، بينما لا سلطة على الإطلاق للمحافظ على القاضي”.
الفقرة الثانية: تساؤل “مجلة محكمة” المثير والمهمّ يفتح نوافذ الذكريات لدى منيف حمدان، ويردّه إلى محطّة مهمّة في حياته القضائية السابقة، التي حصلت في صيف العام 1970
النبذة الأولى: نافذة الذكريات ومحطّة صيف العام 1970
أوّلاً:دعوة النائب العام مهدي زغيب لحضور إجتماع برئاسة المحافظ:
في صيف العام 1969، تخرّجت من معهد القضاة، مع رهط من الزملاء الكرام، ومنهم الصديق الدائم الرئيس عادل خوري.
بعد التخرّج، صدرت التشكيلات القضائية، فإذا بي وبالصديق عادل خوري، قد عينّا محاميين عامين في النيابة العامة الإستئنافية في الشمال، التي كان يرأسها المغفور له الرئيس مهدي زغيب، طيّب الله ذكراه.
وذات يوم من أيلول 1970، كنّا نحن الثلاثة: النائب العام مهدي زغيب، والمحامي العام عادل خوري، والمحامي العام منيف حمدان، مجتمعين في مكتب رئيس النيابة العامة، نتداول بشؤون قضائية حصلت خلال الأسبوع، وإذ بهاتف رئيس النيابة العامة يرنّ، فيُعلم باجتماع طارئ لمجلس الأمن الفرعي في الشمال، برئاسة المحافظ الشيخ قاسم العماد، مع دعوة له لحضور هذا الإجتماع.
وبعد إقفاله خطّ الهاتف، أعلمنا الرئيس مهدي زغيب بفحوى المكالمة، واعتذر من الزميل عادل خوري، ومنّي أنا منيف حمدان، لأنّه مضطرّ للذهاب إلى مكتب المحافظ لحضور الإجتماع.
ثانياً:المحامي العام منيف حمدان يُذّكر الرئيس مهدي زغيب بنص المادة (12) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (القديم):
على أثر ما تفضّل به الرئيس مهدي زغيب، قال المحامي العام منيف حمدان:
حضرة الرئيس:
إنّ رجال القانون، بشكل عام، والقضاة منهم، بشكل خاص، ملزمون بتطبيق القانون، ولا يحقّ لهم أن يخالفوه، أو يتجاوزوه، حتّى لو خالفه أو تجاوزه، كلّ أهل الحكم في العالم.
وبمعنى آخر، إنّ المادة (12) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (القديم) تنصّ:
” يساعد المدعي العام في إجراء وظائف الضابطة العدلية:
“المحافظون
“القائمقامون
“مدير الشرطة
“مدير الأمن العام
“رئيس الشرطة العدلية
“مفوّضو الشرطة والأمن العام ومعاونوهم
“مفتّشو التحرّي والأمن العام
“ضبّاط الدرك على اختلاف رتبهم
“رؤساء مخافر الدرك من أيّة رتبة كانوا
“مختارو القرى
“رؤساء المراكب البحرية والجوية.
“يقوم كلّ من الموظّفين المذكورين أعلاه بوظائف الضابطة العدلية في نطاق الصلاحيات المعطاة له في هذا القانون والقوانين الخاصة به.”
وبعد هذا التذكير بالنص، سألتُ حضرة النائب العام: طالما أنّ هذا النص القانوني الواضح والصريح، يعتبر المحافظ مساعداً للنائب العام، فكيف يصحّ، أن يترأس هو إجتماعات مجلس الأمن الفرعي، بحضور النائب العام، الذي هو رئيسه؟
توقّف النائب العام هنيهات، عند سماعه هذا السؤال، ثمّ ردّ عليّ بسؤال معبّر: وماذا تقترح؟ فقلت:
1- أقترح في هذه اللحظة، أن لا تذهب حضرتك إلى الإجتماع، الذي سوف يترأسه المحافظ. إنما تكلّف الزميل عادل، أو تكلّفني أنا بالذهاب مكانك، كرسالة أولى لكلّ من يعنيهم الأمر، ومنهم سعادة المحافظ، بعدم جواز بقاء التقليد المخالف للقانون على ما هو عليه.
وذكّرت الزميلين الكبيرين مهدي زغيب وعادل خوري، بأنّ مدعي عام التمييز يوسف شربل، كان يرفض إقدام الحكومة مجتمعة على تعيين أيّ محافظ، دون استشارته، لأنّ المحافظين مساعدون لقضاة النيابة العامة، فأعجب فخامة رئيس الجمهورية بشارة الخوري، ودولة الرئيس رياض الصلح، بما طرحه القاضي يوسف شربل، وكانا يستشيرانه عند التفكير بتعيين أيّ محافظ.
2-أمّا في المدى البعيد، فيجب علينا نحن قضاة النيابة العامة في الشمال، أن نفاتح الزملاء في النيابة العامة التمييزية، والزملاء في كلّ النيابات العامة الإستئنافية، بهذا الموضوع الملحّ والمهمّ، من أجل عقد إجتماع عام لنا جميعاً لبحث المسألة، والإتفاق على قرار واحد ملزم للجميع.
أعجب الزميلان زغيب وخوري بهذا الطرح، وكلّفاني أنا بتمثيل النيابة العامة في مجلس الأمن الفرعي، على أن نقوم بالخطوات الباقية لاحقاً، فوافقت على التكليف وشكرتهما على هذه الثقة، وتوجّهت إلى مكتب سعادة المحافظ في السّراي.
النبذة الثانية: المحامي العام منيف حمدان يستعيد في مجلس الأمن الفرعي ما أثاره مع زميليه مهدي زغيب وعادل خوري فيحدث صدمة لدى جميع الحاضرين:
عندما وصل المحامي العام منيف حمدان إلى مكتب سعادة المحافظ الشيخ قاسم العماد، وجده مترأساً طاولة الإجتماعات، ويجلس إلى يمينه، حضرة العميد في الجيش منير حمدان، قائد موقع الشمال، ويجلس إلى يساره، حضرة قائد السرّية الإقليمية العقيد جوزيف دحروج، وكان موجوداً أيضاً آمر المفرزة القضائية في الشمال، النقيب بدري الغزال، ومسؤول في الأمن العام يدعى فهد روميّه.
ولمّا ألقيت السلام، وقف الجميع، وقفة الكبار، في هكذا مناسبات، فسلّمت عليهم فرداً فرداً، بدءاً من المحافظ، ولمّا انتهيت من السلام، سألت سعادة المحافظ: أين هي كرسيّ النيابة العامة؟ فقال سعادته: تفضّل أجلس حيث تشاء، فقلت لا … لن أجلس حيث أشاء… فأنا طرحت السؤال لأوصل رسالة قانونية لحضرتكم جميعاً، بصفتكم كبار المسؤولين في محافظة الشمال إدارياً وأمنياً.
وهذه الرسالة تقول: وفقاً لنصّ المادة (12) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يعتبر سعادة المحافظ، وقادة القوى الأمنية والقائمقامون مساعدين للنائب العام، فلا يجوز إذاً أن يترأس سعادة المحافظ أيّ اجتماع رسمي أمني بحضور النائب العام… إنّما يجب أن تتمّ إجتماعات مجالس الأمن الفرعية، في مكتب النائب العام، وأن يترأس هو هذه الإجتماعات.
ولا أخفي عليكم، أنّ هذا الذي أدلي به الآن، أدليت به أمام الزميلين مهدي زغيب وعادل خوري، قبل مجيئي إلى هنا. وتمّ الإتفاق بيننا أن يتمّ تصحيح الخلل على مرحلتين:
1- في المرحلة الأولى، يقوم أحد المحامين العامين بتمثيل النيابة العامة في اجتماعات مجلس الأمن الفرعي، لأنّ حضور المحامي العام هذه الإجتماعات برئاسة المحافظ، يكون أخفّ وطأة على رجال القانون، من حضور النائب العام بذاته.
2- وفي المرحلة الثانية، نتعاون جميعاً في النيابات العامة وفي المحافظات كافة، لتصحيح الخلل، تطبيقاً للنصّ.
النبذة الثالثة: العميد منير حمدان يعلّق وحده على ما طرحه منيف حمدان:
عندما أدليت بدلوي، على مسمع الجميع، لاحظت أنّ سعادة المحافظ الشيخ قاسم العماد، قد بقي ساكتاً، دون أيّ تعليق.
أمّا سعادة العميد منير حمدان، فقد قال بكلّ وقار القائد: من أيّ حمدان أنت يا ابن العمّ؟ فقلت من حمدان الكفير – قضاء حاصبيا- فقال يعني حضرتك درزي؟ فقلت نعم. فقال: هل تعرف لماذا يلقّب الدروز بالعجول؟ فقلت نعم… أنا أعرف، وحضرتك تعرف، وسعادة المحافظ يعرف… وكلّ من عرف الدروز عن قرب يعرف… فالعجل هو رمز القوة، وصورته محفورة على صخور كثيرة، في بعض القلاع الأثرية.
وبعد هذه المداخلة عن العجل، تقدّم نحوي وقبّلني وهنأني على ما أدليت به، وطلب إليّ بإصرار أن أجلس مكانه إلى يمين سعادة المحافظ، فجلست.
الفقرة الثالثة: سعادة المحافظ يقطع حبل الصمت ويروي كيف تعرّف إلى المحامي العام منيف حمدان:
النبذة الأولى: هاتف… فخلاف… فزيارة… فتعارف… فصداقة:
بعد انتهائنا من شكليات الفقرة الثانية، فاجأنا سعادة المحافظ إذ قال: قبل أن نبدأ ببحث موضوع اجتماعنا الطارئ اليوم، هبّوا لي من لدنكم صبراً لأروي لكم ، كيف تعرّفت إلى المحامي العام منيف حمدان، فقال:
1- أثناء مناوبة حضرة المحامي العام منيف حمدان، في العطلة القضائية، خلال شهر آب من هذا العام، إتصل بي آمر فصيلة درك أميون، وأخبرني أنّ دورية من الفصيلة، ألقت القبض على تلميذ مدرسة في الرابعة عشرة من عمره، كان قادماً من بيروت إلى الشمال باتجاه الأرز مع أهله، الذين قرّروا الإستراحة لبعض الوقت تحت شجرة معمرّة، على جانب الطريق، المحاذي لأحد كروم العنب، فدخل التلميذ إلى الكرم، وحاول قطف أحد عناقيد العنب، فألقي القبض عليه، وتمّ اقتياده إلى مركز الفصيلة، فاعترف بما كان يحاول أن يفعله.
2- على الأثر، أضاف آمر الفصيلة، تمّت مراجعة المحامي العام المناوب الرئيس منيف حمدان، فقرّر تركه، وتسليمه إلى والده.
3- إمتعضت أنا من قرار الترك، أضاف سعادة المحافظ، واتصلت بالمحامي العام منيف حمدان هاتفياً، دون أن يكون قد سبق لي وتعرّفت إليه، فعرّفته بمن أكون، وسألته: كيف تقدم على ترك الفتى الذي وجد ملتبساً بسرقة عنقود عنب؟ لأفاجأ به يجيبني، كما السبع الهصور، وبأيّة صفة تسأل مثل هذا السؤال؟ ألا تعرف أنّ من يتدخّل بأعمال القضاة، يكون قد ارتكب جرماً يعاقب عليه القانون؟ فقلت، أنا اتصلت بصفتي محافظاً في شمال لبنان… فقال… وفاجأني بما قال: ألا تعرف أنّك معاون لي بحكم القانون، ولا يحقّ لك أن تتدخّل بأيّ أمر يتعلّق بأعمال القضاء، أو أن تسأل أيّ سؤال في هذا المجال؟.
4- عندما سمعت هذا الكلام، الذي أسمعه لأوّل مرّة من نائب عام، غضبت كثيراً، وأقفلت الهاتف، بطريقة غير موجودة في قاموسي.
5- وبعد أن هدأ غضبي رحت أسأل: كيف تجرأ هذا المحامي العام الجديد، أن يخاطبني بهذه الطريقة؟ وما هي المرجعية السياسية أو الحزبية، التي يتكئ عليها، ليكون بهذه الجفاصة؟ وإنْ لم يكن لديه أيّة مرجعية، فيكون معتمداً فعلاً على القانون… ولكن، إذا كان معتمداً على القانون، فلماذا لم يسبق لأحد من قضاة النيابة العامة المتعاقبين، قد فاتحني بهذا الموضوع.
6- وعندما عجزت عن إيجاد الأجوبة المقنعة، قرّرت أن أذهب إلى قصر العدل، فأسأل عن مكتب هذا القاضي الغريب الأطباع، وأتحادث معه مباشرة، لأعرف أسراره، وما يبطنه.
7- ولمّا وصلت إلى أمام مكتبه، رأيت باب المكتب مفتوحاً، وصاحب المكتب منكبّاً، على دراسة ملفّ ضخم، كان “فالشه” على طاولة المكتب، فلا يلتفت لا يمنة ويسرة… فتوقّفت برهة أحدّق بغرفة المحامي العام، فوجدتها متواضعة جدّاً بحجمها، ومتواضعة جدّاً بفرشها، وبعدم وجود أيّة سجادة فيها.
8- ورغم ذلك، شعرت أنّها تفرض الهيبة والإحترام، فصورة فخامة الرئيس معلّقة على حائط الغرفة المقابل لمكتب المحامي العام، وشاهدت فوق رأس المحامي العام، لوحة لربّة العدالة Thémis، بقدّها الممشوق، والعصبة على عينيها، والسيف المشهور بيمناها، والميزان المحمول بيسراها.
فأكبرت الموقف، وقرعت الجرس، فقال صاحب المكتب: تفضّل… فدخلت… ووقف المحامي العام على طول قامته، وقال أهلاً وسهلاً… تفضّل… ماذا تبتغي؟ فقلت له: أنا قاسم العماد محافظ الشمال… فقال أهلاً وسهلاً، تفضّل أجلس، فجلست على إحدى الكراسي أمام المكتب، وتوجّه هو نحوي من وراء مكتبه، وجلس على كرسيّ ثانية، كانت مواجهة للكرسي التي جلستُ عليها، فأعجبت بتهذيبه الجمّ.
النبذة الثانية: أسئلة… فأجوبة… فتبديد للغيوم التي تلبّدت في سماء العلاقة بين المحامي العام والمحافظ:
بعد شرب القهوة، دارت بين سعادة المحافظ الشيخ قاسم العماد، والمحامي العام منيف حمدان، المحاورة التالية:
المحافظ: من أيّ حمدان أنت؟
القاضي: من حمدان الكفير قضاء حاصبيا
المحافظ: يعني أنت من بني معروف؟
القاضي: نعم
المحافظ: أنا قلت إنّ نتعات هذا القاضي هي نتعات عجل.
القاضي: إنّ نتعات العجل تكون دائماً مدروسة ولها أساس مقنع، وإلاّ بطّلت أسطورة القوّة لدى العجل، التي تتحدّث عنها الأساطير، وتجسّدها رسوم هذا العجل على صخور القلاع الأثرية المشهورة.
المحافظ: طالما تكلّمت بهذه الثقافة العالية، على ماذا اعتمدت لتقول إنّي معاون لك؟
القاضي: على نصّ المادة (12) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (القديم)
المحافظ: وماذا تنصّ هذه المادة؟
القاضي: سأعطيك النصّ لتقرأه حضرتك بصوت عالٍ على مسمعي ومسمعك.
المحافظ: أعطنا القانون من فضلك، فأعطيه، وراح يقرأ ما هو مسطور في هذه المادة، فأدرك تماماً، أنّ ما يقوله المحامي العام هو الحقيقة بعينها.
القاضي: ما رأيك بما قرأت؟
المحافظ: لم يكن يخطر ببالي وجود مثل هذا النصّ.
القاضي: إنّ الدول تكون قويّة باحترام قوانينها، والويل كلّ الويل للدول التي لا تحترم هذه القوانين… فتصبح في خبر كان مثل الأندلس، ومثل بيزنطيا.
المحافظ: طالما أنّ هذا النص موجود، فلماذا لم يتوقّف أحد عنده غيرك؟
القاضي: الجواب ليس عندي.
المحافظ: طالما أنّنا نتصارح، إسمح لي أن أسألك وجهاً لوجه: لماذا تركت التلميذ ولم توقفه؟
القاضي: إنّ التلميذ قاصر… وإذا ادعينا عليه أمام محكمة الأحداث قد يتأثّر مستقبله. ويضاف إلى ذلك:
1- أنّه كان في طور المحاولة الجنحية، وفي هذه الحالة، لا عقاب على المحاولة في الجنحة، لأنّ المادة (202) من قانون العقوبات تنصّ: “لا يعاقب على المحاولة في الجنحة وعلى الجنحة الناقصة إلاّ في الحالات التي ينصّ عليها القانون صراحة”.
2- أنّ قيمة العنقود الذي حاول التلميذ قطفه، ضئيلة جدّاً ولا تتعّدى القروش.
3- أنّ أصحاب الكرم لم يدعّوا، ولمّا علموا بالأمر رفضوا الإدعاء.
4- أنّ أهل التلميذ اعتذروا إلى صاحب الكرم، وعرضوا عليه أن يدفعوا له المبلغ الذي يريد فرفض…
لهذه الأسباب رأينا أنّ العدالة تتحقّق بترك التلميذ، وتسليمه إلى أهله، أكثر ممّا تتحقق بالإدعاء عليه.
المحافظ : إنّ المحاورة معك كشفت لي كثيراً من الحقائق ولهذا فإنّي أعرض صداقتي عليك.
القاضي: لقد شرّفتني بزيارتك إلى مكتبي يا سعادة المحافظ… وشرّفتني بكلّ الأسئلة التي طرحت … وشرّفتني برغبة لديك لنكون أصدقاء.
وبهذا الجواب ختم سعادة المحافظ مداخلته، فسُرّ الحاضرون بما تضمّنته، وتابعنا البحث بموضوع الإجتماع الطارئ.
حضرة الصديق رئيس تحرير “مجلّة محكمة” الغرّاء
هذا ما أردت أن أدوّنه، تعليقاً على تساؤلكم الذكي والمهمّ، وأتمنى أن أكون قد وُفّقت بتوصيل هذه الرسالة، إلى من يعنيهم الأمر في كلّ السلطات، ليسود القانون في كلّ تصرّفاتنا… ونتذكّر أنّ الفيلسوف اليوناني المصري Jannus de Panapolis قد قال قبل خمسة عشر قرناً من الآن:
“لن تستقيم الأمور في العالم، حتّى تحكم بيروت العالم، وساعتئذٍ ستحصّن كلّ المدن في البرّ والبحار، بقلاع من القانون لا تخرق”.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 22 – تشرين الأوّل 2017).
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.
وظيفة مجلس الامن الداخلي اتخاذ التدابير لحماية السلم والأمن المحليين ، وقراراته أغلبها استباقية لوقوع أي جرم ، وهي تدخل ضمن القرارات الإدارية وليس الحقيقية القضائية . ويرأس مجلس الأمن المركزي وزير الداخلية ، أما مجلس الأمن الفرعي فهو فرع من الأصل ويرأسه المحافظ بصفته الرئيس الإداري للمحافظة وامتداد لوزارة الداخلية فيها. وبالتالي أن ترؤس المحافظ لمجلس الأمن الفرعي هو امتداد لهذه الصفة وخارج نطاق وظيفته ضمن الضابطة العدلية المساعدة للنائب العام في التحقيقات الأولية بعد وقوع ابجرم. …اما بالنسبة لشخص القاضي السابق الزميل والصديق منيف حمدان فله الحق أن يتكلم عن مناقبيته . لكن يفترض أن يكون القضاة أشخاصا لا كالنسور ولا كالعجول ولا كابطال الروايات والملاحم الاسطورية , لأن القاضي انسان مثل باقي البشر ، يميزه عنهم فقط معرفته للقانون وتطبيقه بحزم وعدل أثناء دراسته الملفات بكل صفاء ذهني وبمعزل عن المراجعات والباب المفتوح…ميزة صديقنا الأخ منيف الشاعرية انه متأثر بالكبير سعيد عقل و..” هال..كم ارزة العاجقين الكون “….ولكنه بقي جالسا إلى يمين المحافظ المحامي القانوني قاسم العماد…….مع محبتي.
ليس من حق المحافظ أن يترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي بحضور النائب العام الاستئنافي أو المحامي العام، لأنّ للأخير سلطة عليه بينما لا توجد أية سلطة للمحافظ عليه، وبما أنّ لهذا المجلس صفة أمنية تتعلق بإجراءات قضائية لاحقة فيكون المحافظ مساعداً للقاضي كشخص من عداد الضابطة العدلية، وإلا فوجود القاضي لزوم ما لا يلزم في هذا الإجتماع وكذلك الأمر ينطبق على اجتماع مجلس الأمن المركزي، إذ يفترض أن يرأسه النائب العام التمييزي وليس وزير الداخلية وسلطة الأول أعلى وأقوى، والأمن عادةً لا يكون إلاّ بغطاء قضائي يحميه.. وتطبيق القانون لا يتضارب مع الشاعرية، وهناك قوانين كثيرة تهمل وتطبيقات خاطئة لها، ويستبدل الصحّ بالغلط والأمثلة كثيرة في “بلاد الأرز”. مع تحياتي..
خطأ مطبعي:وليس التحقيقية القضائية..
ما حملني الى المداخلة مسألتان اولا: ما يتعلق بالمحافظ قاسم العماد القانوني وقد مارس المحاماة مدة طويلة فبل تعيينه محافظا وتصويره انسانا ساذجا وهو على عكس ذلك .. _ بعد ان لقنته درسا قانونيا على الهاتف قرر المحافظ ان يقصد قصر العدل في حين ان مركزي المحافظة والعدلية كانا في مبنى واحد ومكتبه فوق مكتب القضاة … _المحافظ لا يعلمك مسبقا بحضوره ويفتش في المبنى كأنه شخص غريب لا يعرفه احد ويسال عن مكتبك لوحده وكان لا مرافقين ولا موظفين حوله …. _يقف بباب المكتب “المفتوح” ويتطلع كانه امام لوحة يتأملها ويدقق في تفاصيلها ويحفظها قبل ان يقرع الجرس وينتظر حتى تسأله ماذا يريد فيعرفك عن نفسه ..”كأنه شي مندوب مجلة” _دائما العجل حاضر ؟؟وبيان الدروز جاهز ؟؟ _تعطيه نص القانون وتطلب منه ان يقراه بصوت عال..”تلميذ مدرسة “ويندهش بوجود هذا النص مع ان معرفة الضابطة العدلية ووظيفتها من البديهيات لدى اى محام …. _تمسيخ لشخص المحافظ وعلمه ومعرفته مقابل مبالغة في الوصف الأخروطريقة التعامل..”وقف الجميع وقفة الكبار في هكذا مناسبة ” .يعني ان انعقاد مجلس الامن الفرعي الروتيني يشبه اححتفال 14 تموز امام قوس النصر في باريس…الخ الخ _طريقة السرد والوصف للوقائع والسلوكيات تتجاز المنطق والواقعية الى ما يشبه القصائد البطولية ..” يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره ” ..ولكن ليس على حساب المرحوم ” قاسم “… ثانيا :اما من الناحية القانونية فان نص المادة 12 من ق ا م ج القديم يتكلم عن “وظائف الضابطة العدلية “وبديهي ان عمل هذه الضابطة العدلية يكون في المساعدة في التحقيقات الاولية بعد حصول الجرم اي ان وظيفتها هنا مرتبطة بالعمل القضائي المتعلق بالجريمة التي حصلت ..بينما ينظر مجلس الامن المركزي او الفرعي في الوضع الامني عموما وما يقتضي اتخاذه من تدابير احترازية استباقية للمحافظة على الامن الذي تتولاه الوحدات الامنيةمن قوى امن داخلي وامن عام وامن دولة والتي تخضع جميعها لوزارة الداخلية التي تحفظ الامن قبل حصول الجريمة..واتعجب لما ورد في الردعلى مداخلتي بان لهذا المجلس صفة امنيةتتعلق باجراءات قضائية لاحقة ..فهل لهذا المجلس التدخل في التحقيق القضائي كدعوة شهود معيينين …كذلك في المقابل هل للنيابة العامة التدخل في عمل مجلس الامن الذي هو في الاساس اداري وضمن عمل وزارة الداخاية وليس العدلية …هل يحق للنائب العام اعطاء التراخيص او العلم والخبر او اعطاء الاوامر للقوى الامنية عن كيفية عملها او لربان السفينة الذي هو من الضابطة العدلية عن كيفية قيادة سفينته…الصلاحيات واضحة وسلطةالنيابة العامة بالنسبة للضابطة العدلية محصورة بالتحقيقات القضائية المرتبطة بجريمة ..والتحية متبادلة
حضرة الرئيس عصام أبو علوان الموقر
أولاً: لا أعتقد أنّ القاضي منيف حمدان كتب نصّه بهدف تقزيم المحافظ قاسم العماد أو أيّ شخص ورد إسمه في المتن، أو النيل من سمعته أو الإساءة إليه، فمناقبية الدكتور حمدان وتقديره لنفسه وللآخرين ليسا محلّ جدال، وهو معروف باحترامه لكلّ الناس.
ثانياً: إذا أخطأ المحافظ دون انتباه في تفسير نصّ قانوني ما حتّى ولو كان محامياً، فليس عيباً على الإطلاق، وثمّة أحكام تصدر وفيها أخطاء قانونية وجلّ من لا يخطئ، وتوضيح الأمور للمعني ليس تطاولاً عليه وكلّنا نتعلّم من بعضنا بعضاً.
ثالثاً لم نقل في تعقيبنا على ردّك ما استخلصته حضرتك من أنّه يحقّ لمجلس الأمن الفرعي أو المركزي التدخّل في التحقيق القضائي، فكلامنا واضح ومن الطبيعي أن تتوّج التحقيقات الأمنية بإجراءات قضائية فالإدعاء والتحقيق والإتهام والحكم هو للقضاء وليس للأجهزة الأمنية وما قلناه لا يحتاج إلى شرح أو تفسير وهو واضح وصريح.
رابعاً: صلاحيات وزارة الداخلية محدّدة، ولم نأت على ذكر صلاحيات النائب العام بشأن التراخيص التي هي عمل إداري بحت متعلّق بوزارة الداخلية، ولكن لا تستطيع القوى الأمنية أن تداهم أيّ مكان من دون حيازة إذن النيابة العامة، ولا يمكنها أن تجنّد مخبراً سرّياً لتنفيذ مهمّة أمنية من دون الحصول على كتاب رسمي من النائب العام التمييزي، وبالتالي فصلاحيات الطرفين واضحة، ونستغرب كيف أنك دمجت وربطت بين أمور لم نأت على ذكرها ولم نتطرق إليها. وشكراً جزيلاً لك على هذا النقاش الغني مع فائق التقدير والإحترام.