مقالات

هنيئاً لكلّ من عايش حسن عواضة/سعيد علامة

المحامي سعيد علامة(أمين سرّ لجنة إدارة صندوق تقاعد المحامين):
الحضور الأكارم*
أبناء الفقيد الدكتور حسان وعقيلته، الأستاذة سوسن وزوجها، الأستاذ أيمن وعقيلته، وكافة أفراد العائلة، مكتب المحاماة الخاص به والمتكوّن من خيرة المحامين ومن عضوي نقابة المحامين الأستاذة ندى تلحوق في مجلس النقابة والأستاذ موريس دياب في صندوق التقاعد، أهالي وسكان مشغرة والجوار، الأصدقاء والأقارب والأحبّة، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
لا شكّ أنّ الموت حقّ، والتسليم بمشيئة الخالق أمر محتّم ، ولا شكّ أنّنا اليوم برحيل الدكتور حسن عواضة نفقد رجلاً عصامياً قلّ نظيره … رجلاً بنى نفسه بنفسه… أصبح مرجعاً في القانون.. قاضياً نزيهاً أقفل بابه بوجه السياسيين ورفض تلبية طلباتهم غير المحقّة.
الدكتور حسن عواضة رحل عنا في يوم من أيّام عاشوراء – عاشوراء التي تجسّد: الفداء، والتضحية، والتخلّي عن الذات… والراحل تمتّع بكلّ هذه الصفات، لا بل كان رافضاً للتكيّف مع الفساد والمفسدين الذين حاربهم طيلة حياته بشراسة وعناد، الأمر الذي أدّى به إلى الإستقالة من مواقع حسّاسة كان يشغلها نتيجة لذلك.
بذل الدكتور عواضة حياته في سبيل خدمة الانسان ، وفي سبيل خدمة وطنه لبنان إرضاءً لضميره وقناعاته.
كثيرة هي مواقف حسن عواضة المشرّفة: في القضاء، والسياسة، وفي عالم المحاماة، وفي التعليم الجامعي، أمثاله قليلون لا بل نادرون في لبنان يا للأسف.
إنّ نقابة المحامين في بيروت التي يعزّ عليها فقدان الدكتور عواضة، تشارك في هذا المأتم بشخص نقيبها الأستاذ اندريه شدياق الذي كلّفني فشرّفني أن أمثّله وألقي كلمة المناسبة باسمه، وباسم جميع الزملاء، لندوّن معاً أسفنا الشديد، وألمنا العميق بفقدان هذه الهامة القانونية والوطنية النادرة،
هذه الشخصية التي أفنت حياتها نضالاً وجهاداً منذ ولادتها في العام 1923 وحتّى مماتها في سبيل إحقاق الحقّ ومواجهة الباطل،
هنيئاً لبلدة مشغرة بابنها الذي ترعرع فيها وبذل كلّ ما استطاع لخدمة أبنائها،
هنيئاً للوطن بمن تسلّح بالأخلاق والصدق، والجرأة، والنزاهة ، وبمن اتخذ جواز سفر رحلة نضاله شهادة الحقوق التي نالها من الجامعة اليسوعية عام 1946،
هنيئاً للوطن أيضاً بالذي تكلّل بثقة كافة المسؤولين أينما حلّ،
هنيئاً للشعب اللبناني الذي عايش أوّل مفتّش مالي في لبنان وما أحوجنا إليه في هذه الأيّام للمساعدة في حلّ أزمتنا المالية والاقتصادية الراهنة،
هنيئاً لكلّ من تتلمذ واكتسب العلم والمعرفة من الدكتور حسن عواضة وهم كثر في طليعتهم الأستاذ نبيه بري والدكتور عصام سليمان وغيرهم، إضافة للعديد من القضاة الذين برزت أسماؤهم،
هنيئاً أيضاً لكلّ من عايش الدكتور عواضة من زعماء البلاد أمثال فؤاد شهاب وكمال جنبلاط وسليمان فرنجية، والياس سركيس وغيرهم،
أيّها السادة،
لقد حلم الراحل ببناء عائلته الصغيرة على مثال عائلته الوطنية الكبيرة التي عشقها وضحّى بالغالي والنفيس من أجلها، فكان له ما أراد بالدكتور حسان والأستاذة سوسن والأستاذ أيمن،
السادة الأكارم
الدكتور عواضة لم يستسلم في أيّ يوم من الأيّام للتمييز الطائفي والمذهبي بسبب تمسكه وقناعته بالكفاءة معياراً، وبالمواطنية الصالحة قاعدة، ولقد عبّر عن ذلك في أكثر المواقع التي شغلها ونقابة المحامين المثال الذي يشهد له بهذه الممارسة وهذا الأداء الذي اتبعه من خلال ترؤسه للمجلس التأديبي وإدارته له،
أيّها الراحل،
لديّ الكثير لأقوله عنك، وعن مزاياك، وجلّ ما ذكر عنك هو غيض من فيض، وباختصار قليلون هم أمثالك في لبنان للأسف،
أمّا عن مشاركتنا اليوم كنقابة محامين في هذا المأتم المهيب فهو ليس إلاّ تعبيراً عن أسفنا لفقدان أحد أركان النقابة التي تباهت واعتزت بانتسابه إليها،
ولكن عزاؤنا أنّ أمثالك لن يغيبوا عن البال، فالإرث الذي تركته لنا من مآثرك، ومواقفك، ومؤلّفاتك، وصفاتك الحميدة ، وسيرتك الذاتية، وتضحياتك الجسام، كفيل بأن يجعلنا نقول لك:
نم قرير العين، فإنّك باقٍ بيننا، بالرغم من رحيل جسدك عنا،
أخيراً وليس آخراً، نطلب لك من الباري يوم رحيلك، نقيباً للمحامين، وزملاءً، وأنا شخصياً، أن يغمرك بواسع رحمته، ويغفر لك كلّ خطاياك، وأن يسكنك فسيح جناته، ولذويك نتمنّى لهم التحلّي بالصبر والسلوان. والتسليم بمشيئة الله،
رحمة الله عليك.
*ألقيت هذه الكلمة باسم نقابة المحامين في بيروت والنقيب أندريه الشدياق خلال تأبين المرحوم المحامي حسن عقل عواضة في حسينية مسقط رأسه بلدة مشغرة في البقاع الغربي يوم الأحد الواقع فيه 2019/9/8
“محكمة” – السبت في 2019/9/14

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!