مقالات

التوطين مرفوض بالمطلق.. يلغي حق العودة ويصفِي القضية/فؤاد مطر

المحامي فؤاد مطر:
ان التوطين هو إعطاء وطن لمن له وطن آخر يحق له العودة اليه، وان اسكانه وإعطاءه جنسية الدولة اللبنانية سيؤدي حتماً الى حرمانه من حق عودته الى فلسطين وطنه الأم.
إنّ مسألة توطين الفلسطنيين في لبنان تشكل هاجساً دائماً لدى اللبنانيين والفلسطينيين على السواء ، فمكوث الفلسطينيين المؤقت القسري في لبنان وإنْ طال فهو لن يكون دائماً، وقد حسم الدستور اللبناني في مقدمته مسألة رفض التوطين في متن الفقرة “ط” بشكل صريح لا لبس فيه، كما انه لا رغبة لدى الشعب الفلسطيني في استيطان وطن بديل، فهو يبقى لاجئاً أينما حل حتى عودته الى وطنه.
إنّ التوطين يخالف كل الاتفاقيات والقرارات الدولية ويناقض المواثيق الاقليمية لحقوق الانسان مثل المواثيق الامريكية والاوروبية والافريقية.
إنّ مشكلة اللاجئين الفلسطيني ناشئة عن انكار حقوقهم غير القابلة للتصرف وهي ترتبط بحق العودة وهو من الحقوق الثابتة الراسخة مثل باقي حقوق الانسان التي لا تنقضي بمرور الزمن ولا تخضع للمفاوضة او التنازل ولا تسقط او تعدل ولا يتغير مفهومها في اي معاهدة او اتفاق سياسي من اي نوع.
إنّ القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ 1948/12/11 كرّس حقّ العودة للفلسطينيين الى فلسطين، واي منع للعودة بالقوة يعتبر عملاً عدوانياً وانتهاكاً مستمراً للقانون الدولي ويترتب عليه تعويضات لأنّه بالمطلق حق كل فرد ان يعود الى بلده وفق أحكام الميثاق العالمي لحقوق الانسان الذي يستند الى مبدأ حق تقرير المصير وبأن لكل انسان حق مغادرة بلده والعودة اليه.
إنّ الحقّ في العودة هو حقٌّ فردي لكل لاجئ وهو غير قابل للتصرف، ولا بد ان يتمتع اللاجئون الفلسطنيون بالحق في العودة الى ديارهم واملاكهم، وهذا شرط اساسي لتحقيق سلام عادل ودائم.
إنّ حقّ العودة هو حق انساني للفرد لا يجوز حرمانه منه اسوة ببقية الحقوق الاصلية التي لا يجوز انكارها على اي فرد كان، بصرف النظر عن المكان والزمان والاقامة والتبعية والمركز القانوني، وهو متساو مع الحقوق الانسانية، إذ لا يجوز حرمان أيّ فرد من الحقوق الاصلية كحقّه في التملّك والعمل والصحة والتعليم، كما لا يجوز حرمانه من التحرك في بلده ومغادرته والعودة اليه.
إن التوطين يلغي حق العودة الذي هو حق اساسي وليس مجرد حق سياسي، فالحق السياسي يمنح ويتبدل، في حين ان الحق الاساسي يبقى مدى الازمان حقاً ثابتاً غير قابل للتصرف او السقوط بمرور الزمن.
لقد ورد منع التوطين في مقدمة الدستور اللبناني بشكل حظر مطلق حازم وقطعي بغضّ النظر عن الافتئات على الفلسطيني في ما يتعلق برفض التمليك العقاري المطلق بدلاً من وضع قيد وحدود لذلك لأنّه لا يشكل الرابط الاساسي في التجذر، والاجدر أن ينصبّ التشدّد على عدم إعطاء الجنسية اللبنانية لأيّ فلسطيني، لأنّ التوطين مرتبط بمنح الجنسية لا بالتملك العقاري.
إنّ التوطين هو مشروع صهيوني عنصري يتبين من خلال ما يوحي به الكيان الاسرائيلي من ضرورة توطين الفلسطينيين في البلدان المضيفة لهم مع استعداده ايضاً للمساهمة المالية في بنية تحتية لتوطينهم وصندوق تعويضات مقابل التنازل عن حق العودة، والتعويض للدولة القابلة بالتوطين وإعفائها من ديونها.
إذن، لا بد من رفض اي نية للتوطين في لبنان والدفاع عن حق اللاجئ الفلسطيني قانونياً وإنسانياً في العودة الى دياره.
“محكمة” – الخميس في 2025/3/6

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!