القاضي وكاتبه والوالي وحمار الطاحونة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
كان القاضي المرحوم جورج باسيل رجل علم، نشيطًا بحيث كان ينظّم أسبوعيًا عشرات القرارات يوم كان قاضيًا للأمور المستعجلة في المتن بأسلوبه المختصر، يضاف إلى ذلك شفافيته ونزاهته وشجاعته. إذ في عزّ الأحداث كان يصدر القرارات غير آبه بالوضع الممسوك من الأحزاب. أمّا السمة الغالبة المعروفة لديه فهي روح النكتة.
حضر مرّة أمامه مدعى عليه. فسأله عن اسمه وعن وظيفته، فأجابه:
– أنا عضو في لجنة التعبئة في قسم الحزب الفلاني في البلدة الفلانية.
فما كان من القاضي باسيل إلاّ وأن نظر ناحية المساعد القضائي الكاتب اسطفان فياض وقال له:
– أكتب يا ابني: ملاّك.
* * *
حمار الطاحونة
يروي المحامي نامي منصور أبو أمين – الطرفة الآتية:
يحكى أنّ أحد الولاة كان يتفقّد أحوال الرعية. فمرّ بطاحونة، وشاهد حمارًا مربوطًا إلى حجر الرحى، ويدور فيدور معه الحجر فيطحن الحبوب، وقد علّق صاحبه برقبته جرسًا.
تعجّب الوالي من فعل الرجل، وطلب حضوره بين يديه، وطلب من مرافقيه أن يحضروه.
ولما حضر بين يديه، سأله: لم علّقت جرسًا برقبة الحمار؟
قال الرجل: عندي عمل كثير، ولا أستطيع أن أجلس أراقب الحمار يعمل، وقد علّقت الجرس في رقبته فما دمت أسمع رنين الجرس، فهذا يعني أنّ الحمار يدور، ويدور معه حجر الرحى، وتطحن الحبوب.
فقال الوالي: ماذا لو توقّف الحمار عن الدوران، وأخذ يحرّك رقبته والجرس يرنّ.
فقال الرجل: أكرمك الله يا سيّدي الوالي، لو كانت هذه الفكرة تخطر بباله لما كان حمارًا، بل كان واليًا للمدينة.
* * *
طريقة طرح السؤال
يقول المحامي الدكتور جورج خديج إنّ طريقة عرض المشكلة وطرح السؤال لها أهمّيتها وقد تؤثّر على النتيجة بشكل جذري – المناسبة:
وقع مرّة جدل كبير بين راهبين أحدهما يسوعي والثاني دومينكاني حول إمكانية التدخين والصلاة في آن واحد. فأصرّ الأب اليسوعي على أنّ ذلك جائز في حين أنّ الأب الدومينكاني أصرّ على عدم جواز ذلك. فاتفقا على أن يسأل كلّ واحد منهما رئيسه ففعلا. وبقي كلّ واحد منهما على موقفه.
فسأل الأب اليسوعي الأب الدومينكاني:
ماذا قلت لرئيسك حتّى أجابك بعدم إمكانية الجمع بين التدخين والصلاة؟ فأجابه:
– سألته هل يجوز التدخين ساعة الصلاة؟
فأجابني: كلّا، وأنت ماذا سألت رئيسك؟
فأجابه الأب اليسوعي:
– لقد سألته إذا كان بإمكان الإنسان أن يصلّي عندما يدخّن.
فأجابني: طبعا يا ابني الصلاة ممكنة في كلّ وقت.
* * *
شو كتبت.. متل ما قلت
يروي المحامي فريد أنطون خوري، إبن بلدة راسكيفا في قضاء زغرتا، أنّ قاضيًا في المنطقة كان ينسى كثيرًا وذاكرته ضعيفة. كما كان كاتب المحكمة ينسى أيضًا ما يسمع.
في إحدى جلسات المحاكمة، طلب القاضي من الكاتب تدوين ما يقول. وبحكم أنّه ينسى ماذا قال ليكمل عبارته، كان يسأل الكاتب الذي ينسى أيضًا.
– إيه يا إبني، شو كتبت آخر شي؟
فيجيبه الكاتب:
– متل ما قلت آخر شي.
* * *
الزجاج الداكن
أعتقد بأنّ لبنان هو من أكثر البلدان التي يستعمل فيه أصحاب السيّارات الزجاج الداكن. إذ نراهم على الطالع والنازل وبالطول وبالعرض يتجوّلون في الطرقات وعلى المفارق والتقاطعات، يطحشون عليك، يقفون إلى جانبك ولا تعرف من بداخل السيّارة، وماذا يفعل أو يفعلون. وهذا أمر مزعج. وحتّى هذه اللحظة لا نعرف مبرّرات هذا التمييز أو هذه الأفضلية وما هي أسبابها؟ فإذا كانت لأسباب أمنية، فهي بالعكس تلفت النظر من جهة، ومن جهة أخرى نرى سيّارات شي تكتك شي تيعه يقودها أشخاص لا حيثية لديهم، اللهم إلاّ إذا كانوا محسوبين على المتنفّذين أو لقاء خدمات معيّنة. ومع ذلك يجب وقف هذه المهزلة وعدم منح هذه الرخص لأيّ كان.
“محكمة” – الأربعاء في 2021/2/17