المثلية الجنسية بين الإباحة والتجريم/ وسام غياض
الدكتور وسام غياض*:
لقد أُثيرت مؤخراً على مواقع التواصل الإجتماعي مسألة بغاية الأهمية تتعلّق بمدى شرعية أو عدم شرعية المثلية الجنسية بحيث تعارضت نظرة القضاء والمجتمع الى هذه الحالة بين مؤيّد ومعارض وفقاً لمعايير مختلفة، وبين من يعتبرها ممارسة لحرية شخصية ومن يعتبرها حالة مرضيّة لا بدّ من معالجتها، بعنى آخر هل أنّ المثلية الجنسية هي جريمة يُعاقَب عليها في قانون العقوبات وغيره من القوانين الأخرى أم أنها حق طبيعي مشروع للإنسان؟
أمام هذا التناقض الإجتماعي والقضائي، كان لا بُدّ من تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي بدأت تتغلغل داخل مجتمعاتنا تحت عناوين مختلفة، فتارةً تحت شعار ممارسة الحقوق الطبيعية، وطوراً تحت شعار تكريس الحرية الشخصية في اختيار الميول الجنسية.
فالمثلية الجنسية Homosexualité هي عبارة عن توجّه جنسي بين أشخاص من نفس الجنس.
L’homosexualité désigne une forme de monosexualité caractérisée pour une attirance sexuelle ou par des sentiments amoureux envers une personne du même sexe (1).
ومن الثابت علمياً أنّ المثلية الجنسية ليست مسألة جديدة أو حديثة، لا تقتصر فقط على الإنسان بل هي موجودة أيضاً منذ القدم وفي عالم الحيوان.
ففي الديانة اليهودية، تعتبر المثلية الجنسية من أكبر الخطايا ويُعاقب عليها بالإعدام كل من تجاوز الثالثة عشرة من عمره مثلما جاءت به تعاليم العهد القديم.
وكذلك الأمر في الديانة المسيحية التي تعتبر المثلية الجنسية خطيئة كبيرة تخالف الفطرة التي خلق الله البشر عليها، وكانت الكنيسة قديماً تعاقب المثلية الجنسية بالإعدام والتعذيب. أما في الوقت الراهن فتحاول الكنيسة إصلاح المثليّين بدلاً من قتلهم أو معاقبتهم.
أما الشريعة الإسلامية، فنصّت على أنّ عقاب ممارسة المثلية الجنسية هو القتل، ولكن لا توجد طريقة محدّدة لتنفيذ العقوبة، وهي تتراوح بين الرمي من أعلى شاهق والرجم حتى الموت.
وفي ما يتعلّق بالقوانين الوضعية، نلاحظ أنّ القانون الفرنسي كان يُعاقب المثليّين بعقوبة الإعدام حتى نهاية القرن الثامن عشر.
ومع الثورة الفرنسية عام 1791 قامت فرنسا بنزع الصفة الجرمية عن الأفعال المثلية بين الراشدين Dépénalisation de l’homosexualité ولكن مع السماح للظابطة العدلية إحصاء المثليّين وتنظيم ملفات شخصية لهم وذلك بهدف منع دعارة القاصرين.
وفي العام 1974 خُفِّض سن الرشد الجنسي .(L’âge de majorité sexuelle) في حالة المثلية من 21 الى 18 سنة تحت طائلة العقوبة.
ومنذ عام 2004 وضع المشرّع الفرنسي قانوناً حمائياً صرفاً لصالح المثليّين بحيثُ إنه يعاقب بظروف مشدّدة كل من يتعرّض للمثليّين بعبارات علنية تحض على الكره والإهانة والتفرقة.
وفي ما بعد شرّعت فرنسا زواج المثليّين عام 2013(2). ومنذ ذلك الوقت أصبح الأزواج المثليون قادرين على تبنّي الأطفال قانونياً.
ولكن إذا كان الواقع الفرنسي وطبيعة المجتمع الغربي قد ساهما الى حدٍّ كبير في الوصول الى تشريع المثلية الجنسية، إلاّ أنّ هذا الأمر لا يمكن إعتماده بهذه السهولة في المجتمعات العربية وخاصةً المتديّنة منها نظراً لاعتبارات عديدة إجتماعية وثقافية ودينية وعائلية…
ففي لبنان يوجد قانون يجرّم هذا النوع من العلاقات المثلية بشكل صريح ولكن للأسف، البعض إما يتجاهله أو لا يعرفه(3).
فالمادة 68 من هذا القانون تنص على أنّ: “كل صاحبة بيت عمومي أو بيت تلاقي أو بنسيون مشبوه يقبلون بإرتكاب فظيعة اللواط عندهم يعاقبون بالحبس من أسبوع الى ستة أشهر وبإقفال محلهم نهائياً”.
والمادة 69 منه أضافت أنّ: “كل شخص يثبت عليه إرتكاب اللواط تجري عليه أحكام المادة السابقة وإذا كان مريضاً يساق الى المستشفى للمعالجة” ونحن نرى بأنّ المادة 69 السالفة الذكر لا تحتمل التأويل، فهي تعتبر المثلية الجنسية جريمة قائمة بذاتها تستوجب معاقبة فاعلها، ومن جهة أخرى تعتبر مرتكبها مريضاً يتوجّب معالجته.
أضف الى ذلك أنّ هذه النصوص القانونية الصادرة منذ عام 1931 تعتبر نافذة وواجبة التطبيق من قبل المحاكم اللبنانية لأنّ القانون يبقى قائماً وساري المفعول مهما مرَّ عليه الزمن طالما لم يصدر قانون آخر يلغيه صراحةً أو ضمناً.
إنّ ما يستدعي الإنتباه أنّ الإجتهاد القضائي في لبنان يتجاهل بشكل مطلق هذه النصوص النافذة، وقد ظهر ذلك جلياً في العديد من الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عنه.
إنّ اللجوء الى تطبيق أحكام المادة 534 من قانون العقوبات(4) سواء لجهة تجريم المثلية أو إباحتها حسب قناعة كل قاضٍ كونه يمثّل ضمير الجماعة لا يعتبر برأينا كافياً لمعاجة هذه المسألة.
ففي 2009/12/3 صدر أول حكم قضائي في لبنان عن القاضي المنفرد الجزائي في البترون في سياق لملاحقة جزائية ضد شابّين إدّعت عليهما النيابة العامة على أساس المادة 534 عقوبات التي تجرِّم المجامعة خلافاً للطبيعة حتى سنة حبس لوجودهما في وضع متلبّس. وقد آل الحكم الى وقف التعقّبات في وجه الشابّين لأسباب عدّة، بعضها واقعي إذ تبيّن للمحكمة عدم ثبوت الأفعال المعزوة إليهما، وبعضها قانوني ومفادها أنّ الأفعال المذكورة، على فرض صحتها، لا تخضع لمفهوم “المجامعة خلافاً للطبيعة”.
ومن هذا الجانب عُدَّ الحكم سابقة قضائية، قد تكون الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. وقد اعتبر هذا القاضي في متن حكمه وعند شرحه للمادة 534 عقوبات أنَّ المشرّع اللبناني لم يضع معياراً لمعرفة ما هو مخالف للطبيعة وما هو ليس كذلك واسترسل في تحليل مفهوم “خلافاً للطبيعة”. فاعتبره مفهوماً قابلاً للتغيير ومرتبطاً بذهنية المجتمع وأعرافه ومدى تقبله أنماطاً طبيعية جديدة غير مألوفة منه أو غير مقبولة.
وهنا يمكن أن نطرح التساؤل التالي: هل أنّ المجتمع اللبناني بكافة أطيافه أصبح قادراً على تقبّل هذه الأنماط؟
الجواب برأينا حتماً سلبي، ففكرة الزواج المدني “Le marriage civil” وفكرة المساكنة
“Le concubinage” على سبيل المثال لا الحصر هي أفكار لا تزال محل نقاش حادّ سواء على المستوى التشريعي والقضائي أو على المستوى الإجتماعي والديني.
وإذا كان حكم القاضي المنفرد الجزائي في البترون هو الأول من نوعه على الساحة القضائية اللبنانية فإنه لم يكن الأخير في هذا المجال (عدم تجريم المثلية الجنسية)، فقد كرّت السبحة القضائية وصدرت العديد من الأحكام والقرارات القضائية في هذا السياق(5).
ففي 2016/5/5 أصدر القاضي المنفرد الجزائي في المتن قراراً قضى بإبطال التعقّبات بحق شخصٍ إدُّعي عليه سنداً للمادة 534 عقوبات بحيثُ إعتبر القاضي أنّ عبارة “مجامعة على خلاف الطبيعة” الواردة في المادة المذكورة لا تنطبق على فعل العلاقة الجنسية الحاصلة بين شخصين من الجنس نفسه. وقد توصّل القاضي الى هذا الإستنتاج مستنداً الى كون عبارة “خلاف الطبيعة” جاءت غير محدّدة الإطار والمقصد والمدلول، وأنّ مفهوم الطبيعة يتبدّل بحسب المنظار المتّخذ لتفسيره خاصةً عندما يتعلّق الأمر بالعلاقات الإنسانية الخاضعة لتطوّر المفاهيم والأعراف والمعتقدات(6).
وهو بذلك إستبعد الربط الحتمي لهذا المفهوم بالقواعد الدينية والإجتماعية وأعاد تالياً الى القضاء سلطة تفسيرها على نحو ينسجم مع المبادئ العامة المكرّسة في النظام القانوني اللبناني، بدءاً من الدستور الى المعاهدات الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبادئ المكرّسة من قبل الأمم المتّحدة، وفقاً لمبدأ تسلسل القواعد القانونية: “Le principe hierarchique de la loi” المكرّس بمقتضى المادة 2 أ.م.م.، واستند القرار أيضاً على مراجعة منظمة الصحة العالمية التي إعتبرت منذ عام 1990 أنّ المثلية الجنسية ليست إضطراباً أو مرضاً، وبالتالي لا تتطلّب علاجاً…
وفي الواقع إنّ هذا التوجه القضائي لجهة عدم معاقبة المثلية الجنسية لم يقتصر فقط على القضاء الجزائي العدلي، بل تعدّاه الى القضاء العسكري(7) بحيثُ صدر عن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية قراراً قضى بمنع الملاحقة بحق أربعة عسكريّين أُحيلوا أمامه بجرم المادة 534 عقوبات.
وقد برّر مفوّض الحكومة قراره هذا بأنّ المادة 534 عقوبات لم تميّز بين رجل وإمرأة وأنّ مصطلح خلافاً للطبيعة يعتبر ضبابياً وأنّه يمكن لمجامعة بين رجل وإمرأة أن تعتبر مخالفة للطبيعة في بعض الحالات وأنه لكي تعتبر المثلية مخالفة للآداب والأخلاق العامة يجب أن تحصل بصورة علنية أو بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 209 عقوبات(8).
وحيال هذا القرار نطرح التساؤل التالي: هل هناك رغبة لتشريع المثلية الجنسية أم أنّ هذه الظاهرة أصبحت أمراً غير محرّم ولا يستدعي الملاحقة القانونية؟
إنّ الإجابة على هذه التساؤلات تقتضي منّا إنصاف شريحة كبيرة من قضاة لبنان لا يزالون يتمسّكون بتجريم وملاحقة ومعاقبة المثلية الجنسية في أكثر من موقع.
ففي قرار صادر عن محكمة إستئناف الجنح(9) في جديدة المتن بتاريخ 2018/7/12 الذي صدّق حكم القاضي المنفرد الجزائي(10) في المتن لجهة عدم تجريم المثلية الجنسية، وأنّ مثل هذه الأفعال يعتبر ممارسة حق سنداً لأحكام المادة 183 عقوبات(11)، نقرأ مخالفة قانونية جريئة للقاضي طارق بو نصّار التي نصّت حرفياً على ما يلي: “إنّي إذ أحترم رأي الأكثرية، أخالفه وأوضح ما يلي:
“إنّ القانون اللبناني وتحديداً نص المادة 534 عقوبات يعاقب كل مجامعة على خلاف الطبيعة دون أن يشترط حصولها علناً أو بوسائل علنية خلافاً لما جاء صراحةً في نصّي المادتين 531 و 532 عقوبات الواردتين في النبذة عينها، ولو أراد المشترع إشتراط الوسائل العلنية لكان فعل صراحة، إلاّ أنّ نيّة المشترع واضحة لجهة إعتبار المجامعة على خلاف الطبيعة تعرّضاً للآداب والأخلاق العامة في جميع أشكالها”، ويضيف القاضي بو نصّار في متن مخالفته: “إنّ ما يعزّز قناعتنا في ذلك هو أنّ حتى العلاقات الطبيعية والتي لا تدخل ضمن فئة “المجامعة على خلاف الطبيعة” تعد تعرّضاً للآداب والأخلاق العامة إذا حصلت علناً بحيثُ لم يكن المشترع بحاجة الى نص المادة 534 عقوبات لو لم تكن نيّته إستثناء المجامعة على خلاف الطبيعة والمعاقبة عليها دون أي شرط آخر، ولا يستقيم التفسير أو القياس في معرض النص الجزائي الواضح والصريح”.
ونحن نشاطر القاضي بو نصّار الرأي بأنّ عبارة “المجامعة على خلاف الطبيعة” لا تحتاج الى تفسير، لأن في الطبيعة البشرية ومنذ التكوين تحصل المجامعة بين جنسين مختلفين وهذا ما يعتبر أمر طبيعي “acte normal”، أما ما يحصل من مجامعة بين شخصين من نفس الجنس البيولوجي فهو أمر على خلاف الطبيعة “acte anormal” وبالتالي يتوجّب معاقبته سنداً لأحكام المادة 534 عقوبات ولا شيء يمنع برأينا من تطبيق المادة 69 من قانون حفظ الصحة العامة من البغاء الصادر عام 1931 والمشار إليه أعلاه…
وغني عن البيان أنّ المشرّع اللبناني لم يُعاقب على مجرّد الميول الجنسية إنما يعاقب برأينا على المجامعة المتأتّية عنها، وبالتالي فلا تستقيم الإدانة ما لم يقم الدليل على حصول المجامعة، لا مجرّد الدليل على أنّ الشخص مثلي الجنسي.
وفي الواقع لم تكن المخالفة المذكورة أعلاه الوحيدة قضائياً في تأكيد تجريم المثلية الجنسية والمعاقبة عليها بل هناك أحكاماً عديدة سبقتها نذكر منها على سبيل المثال القرار الصادر عن محكمة الجنايات في بيروت عام 2011(12) والذي حكم على المتّهم بجرم اللواط بالحبس 6 أشهر تطبيقاً لأحكام المادة 534 عقوبات.
وكذلك القرار الصادر عن نفس المحكمة عام 2013(13) والقاضي أيضاً بحبس المتّهم 6 أشهر عن جريمة اللواط وفقاً لجنحة المادة 534 عقوبات.
وفي عام 2016 رفضت محكمة الجنايات في بيروت(14) إبطال التعقّبات بحق مجموعة شبّان مثليّين أو إعفاءهم من العقاب بحجّة أنّ قانون العقوبات اللبناني يُدين مثل هذا الجرم ولا يتسامح إزاءه حتى ولو كان مشرَّعاً ومباحاً خارج لبنان وأنّ إلغاء تجريم العلاقات المثليّة المخالفة للطبيعة نزولاً عند المعاهدات والإتّفاقات الدولية(15) التي تتعارض أحكامها مع نص المادة 534 عقوبات، ليس من مهام المحاكم إنّما من إختصاص المجلس النيابي…
وقد جرّمت المحكمة في حكمها جنحة ممارسة اللواط المنبثقة عن جريمة قتل وقعت في محلّة الجعيتاوي عام 2010 سنداً لأحكام المادة 534 عقوبات معتبرة أنّ المعاهدات والإتّفاقات الدولية تُعطي لكل إنسان الحق بالخصوصية، وتراعي مبدأ الكرامة الإنسانية، وعدم جواز التمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة… لا يعني تشريع العلاقات المثليّة لأنّ كلمة “الجنس” تعني الرجل أو المرأة ولا تعني الميول الجنسية لكل منهما.
ومن المعروف أنّ مبدأ تسلسل القواعد القانونية(16) يقضي بضرورة تطبيق المعاهدات الدولية في حال تعارضها مع النصوص الداخلية. إلاّ أنّ الفقه الحديث(17) أخذ منحى معاكس تماماً، وبالتالي أقرّ بجواز عدم الأخذ بالمعاهدات الدولية عند تعارضها مع القوانين الداخلية وأنه يتوجّب على الدولة التي ترتبط بمعاهدة دولية أن تعدّل نصوصها الداخلية لكي تتلاءم مع تلك المعاهدة. وقد أيّد الإجتهاد الفرنسي هذا الطرح في العديد من أحكامه(18).
وفي الواقع إنّ ما نصّت عليه المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 الذي صدّق عليه لبنان عام 1976 تصب في هذا الإتّجاه إذ ألزمت كل دولة طرف في هذا العهد إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد بأن تتّخذ ما تراه ضرورياً لهذا الإعمال…
بناءً على ما تقدّم، نلاحظ أنّ البلدان التي شرّعت العلاقات المثلية كفرنسا مثلاً قد كرّست ذلك بقوانين وضعية داخلية بحيثُ أنه لو كانت هذه العلاقات المثليّة طبيعية ومباحة لما أقدمت على النص عليها بقوانين داخلية واكتفت بما هو وارد في المعاهدات الدولية لأنّ الأصل هو الإباحة والجواز والإستثناء هو المنع والتجريم.
خلاصة القول إنّ مسألة المثليّة الجنسية هي من المسائل الدقيقة والحساسة داخل مجتمعاتنا المحافِظَة على الكثير من المبادئ والقيم والعادات والتقاليد والأعراف وغيرها…
إنّ الضبابية التي تُحيط بنص المادة 534 عقوبات والتي فسحت المجال أمام تناقضات قضائية كبيرة لجهة تفسير روح النص والبحث عن نيّة المشترع الأساسية، تستدعي برأينا على الأقل تدخّلاً تشريعياً سريعاً يؤدّي الى تبنّي وجهة نظر واضحة تتجسّد في إعتماد نصوص قانونية صريحة تُعاقب أو تُبيح المثليّة الجنسية بشكل لا يحتمل التأويل، وهذا ما يضع برأينا حدّاً لهذا الشرخ القضائي الحاصل حيال هذه المسألة إذ لا إجتهاد في مورد النص الصريح…
ناهيك عن إمكانية العودة الى قانون حفظ الصحة العامة من البغاء الصادر عام 1931 والذي كما ذكرنا يعتبر المثليّة الجنسية (اللواط) جريمة ويُعاقب عليها بالحبس حتى ستة أشهر وإن كان هذا القانون قديماً أو كان خاصاً يطبّق في حالات معنية أي (داخل بيوت التلاقي أو البيوت العمومية)…
وطالما أنّ القاعدة القانونية هي وليدة الحياة الإجتماعية، وطالما أنّ السائد في مجتمعاتنا هو المحافظة على النظام العام الإجتماعي والديني والأخلاقي، فلا أتصوّر أنّ المشرّع اللبناني سيتقاعس عن إجراء التعديلاات القانونية لبعض النصوص الجزائية لكي تصبح أكثر إنسجاماً مع النظام العام اللبناني المحافظ الى حدّ كبير في هذا المجال (المثليّة الجنسية) أو غيره.
مصادر ومراجع:
1- https://ar.m.wikipedia.org – le 9/04/2019
2- أقيم أول حفل زواج رسمي مثلي فرنسي في 2013/5/29 في مدينة Montpellier جنوب فرنسا.
3- يراجع بهذا الخصوص قانون حفظ الصحة العامة من البغاء الصادر بتاريخ 1931/2/6 www.legallaw.ul.edu.lb
4- تنص المادة 534 عقوبات على أنّ: “كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة”.
5- حكم رقم 2014/34 تاريخ 2014/1/28 (موقع المفكّرة القانونية الإلكترونية)، حكم رقم 2017/15 تاريخ 2017/1/26 (موقع المفكّرة القانونية الإلكترونية).
6- لا بُدَّ من الإشارة هنا الى أنّ وفي حال تشريع المثلية الجنسية في لبنان، فإنّ المسألة لا تقف عند هذا الحدّ، بل هناك تبعات كبيرة كالزواج والأسرة والإرث وغيرها…
7- قرار مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس تاريخ 2019/3/30.
8- تنص المادة 209 عقوبات على أنه: تعد وسائل نشر: 1- الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل. 2- الكلام أو الصراخ سواء جهد بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيثُ يسمعها في كلا من لا دخل له بالفعل. 3- الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على إختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزّعت على شخص أو أكثر.
9- محكمة إستئناف الجنح الجزائية في جبل لبنان (الغرفة الثانية عشرة) – قرار رقم 2018/330 تاريخ 2018/7/12 برئاسة القاضية رندى كفوري والمستشارين زيدان وبو نصّار. ونشرت مخالفة القاضي بو نصار على موقع مجلة محكمة الالكتروني بتاريخ 2019/3/31، وفي النسخة الورقية من مجلّة “محكمة” – العدد 41- أيار 2019.
10- حكم رقم 2017/15 تاريخ 2017/1/26 صادر عن القاضي المنفرد الجزائي ربيع معلوف والذي تمّ استئنافه من قبل النيابة العامة الإستئنافية.
11- تنص المادة 183 عقوبات: “لا يُعد جريمة الفعل المرتكب في ممارسة حق بغير تجاوز”.
12- قرار محكمة الجنايات في بيروت رقم 133 تاريخ 2011/4/11.
13- قرار محكمة الجنايات في بيروت رقم 199 تاريخ 2013/4/22.
14- قرار محكمة جنايات بيروت – رقم 488 تاريخ 2016/6/7 منشور في مجلّة “محكمة” – عدد 9 – تموز 2016. مقال للكاتب علي الموسوي.
15- نذكر منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
16- تنص المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية: “على المحاكم أن تتقيّد بمبدأ تسلسل القواعد. عن تعارض أحكام المعاهدات الدولية مع أحكام القانون العادي، تتقدّم في مجال التطبيق الأولى على الثانية…”
NGUYEN coa DYN: “Droit international public” – 8ème éditions -17
18-L.G.D.J. Cass-civil- 1ère chambre – 10 Mars 1993 Dalloz – 1993 – P 361
* أستاذ في ملاك الجامعة اللبنانية
“محكمة” – الإثنين في 2023/8/14