المحامي سعد الدين الخطيب يترشّح لعضوية مجلس نقابة المحامين: أريدها نقابة عريقة ومتطوّرة/علي الموسوي
حاوره علي الموسوي:
للمرّة الثانية على التوالي يصمّم المحامي الشاب سعد الدين الخطيب على الترشّح لعضوية مجلس نقابة المحامين في بيروت بعد مرّة أولى في دورة تشرين الثاني 2018 حقّق فيها مفاجأة من العيار الثقيل إذ إنّه كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز فحلّ سادساً برصيد 1140 صوتاً وهو رقم مهمّ انتخابياً ويؤشّر على كثافة العمل والجهد اللذين قام بهما الخطيب مع ماكينته الانتخابية المؤلّفة من محامين من مختلف الطوائف والأطياف السياسية.
وينزل الخطيب إلى ميدان المنافسة متأبّطاً “عدّة الشغل” وفي مقدّمتها تطلّعات وأفكار موجودة في مفكّرته تصبّ في مصلحة المحامي والنقابة برمّتها ويغلّفها عنوان رئيسي هو” نقابة عريقة ومتطوّرة”.
“محكمة” حاورت المحامي سعد الدين الخطيب في إطار ملفّ الانتخابات المنتظرة ولقاءاتها مع المرشّحين:
• كيف تقيّم ترشّحك السابق والنتيجة المميّزة التي حصلت عليها؟
في المبدأ، لا يمكن لأيّ انسان أن يقيّم نفسه في معركة انتخابية نقابية صاخبة. إنّ الغاية كانت الوصول إلى مجلس النقابة وكنت على باب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الهدف، فالمعركة الانتخابية التي خضتها في العام 2018 المنصرم كانت مدروسة وكان الزملاء مقتنعين بمشروعي الانتخابي الذي كنت أنادي به والذي يهدف إلى تطوير العمل النقابي والمحافظة على العراقة في نقابة المحامين، إذ إنّ غايتي هي أن تواكب النقابة ركب التطوّر العلمي والتقني الذي يحقّق الشفافية ويسّهل على الزملاء المحامين أمورهم ويخفّف عنهم الأعباء، كما العمل على تطبيق نصوص نظام مهنة المحاماة وآدابها التي تحافظ على عراقة هذا الصرح القانوني والوطني.
• هل هذا الأمر كاف لكي تعيد ترشيح نفسك في دورة تشرين الثاني 2019؟
إن ّنتيجة انتخابات دورة تشرين الثاني 2018، أثبتت بأنّ الزملاء المحامين طوّاقون إلى تغيير النهج المعتمد في النقابة ويرغبون في ضخ دمّ جديد في المجلس لكي ينهض بها بعد حصول أزمات متتالية، في موضوع التأمين الصحّي وانكفاء النقابة عن الشؤون الوطنية، وعدم ضبط العلاقة مع القضاء، وابتعادها عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، إذ إنّه من غير المقبول أن يبقى عمل مجلس النقابة محصوراً بإجراء امتحانات الانتساب، أو الانتقال إلى الجدول العام، أو درس الاذونات، وقضايا الأتعاب.
إنّ النتيجة التي حقّقتها شخصياً منفرداً بدعم الزملاء الأصدقاء تحت شعار لنقابة “عريقة ومتطوّرة”، يدفعني بكلّ عزم وإصرار إلى الترشّح وخوض الانتخابات لدورة تشرين الثاني من العام 2019، آملاً أن أحظى بدعم الزملاء المحامين من مختلف الأطياف والتوجّهات لتحقيق تطلّعاتهم كما ولتحقيق التمثيل الوطني في النقابة بشكل صحيح، وليس بالواسطة، وذلك من خلال حضور تمثيل جميع العائلات الروحية.
• لماذا انت مرّشح؟ ما هي تطلعاتك؟
إنّ ترشّحي لدورة تشرين الثاني العام 2018 كان نتيجة الدراية العميقة بالهمّ النقابي وما وصلت إليه الأمور من تراخي في بعض المواضيع وعدم مواكبة النقابة للتطوّر العلمي والتقني.
إنّ قربي من الزملاء ووجودي شبه اليومي في قصور العدل وما نعانيه كمحامين أثناء حضورنا جلسات المحاكمة ولدى الدوائر الرسمية، تدفع كلّ شخص مهتم بنقابته إلى أن يضع نفسه في خدمة الزملاء، فعضوية مجلس النقابة هي تكليف وليست تشريفاً إنْ كانت نيّة المرشّح خدمة الشأن العام في النقابة، وعلى هذا الأساس، فإنّني سوف أكون حتماً مرشّحاً للعضوية.
أمّا بشأن تطلعاتي، فمنا أنّ تعود المحاماة من خلال النقابة رسالة بكلّ ما للكلمة من معنى، إذ إنّه يجب تحصين المحامي ثقافياً واجتماعياً ومادياً من خلال ايجاد الاتفاقات، وتحديث القوانين التي ترعى شؤون هذه المهنة، ويجب أن تترجم مقولة جناحي العدالة فعلياً، لا أن تبقى شعاراً يتغنّى به، وهذا الأمر يفترض بنقابة المحامين أن تمارس الرقابة الذاتية على المحامين من خلال تنقية الجدول بشكل جدّي ودون محاباة وتدخّل من أي ّفريق، وأن تفرض نقابة المحامين وجودها بحزم أمام جميع السلطات لكي تكون نقابة المحامين أمّ النقابات عن حقّ.
• على من تعوّل في ترشّحك خصوصاً وأنّ دورة الانتخابات تشمل انتخابات نقيب جديد حيث تكون المنافسة على أشدّها؟
إنّ كلّ مرشّح للانتخابات في نقابة المحامين يعوّل بالدرجة الأولى على سلوكياته المهنية والأدبية، وثانياً على علاقته بالزملاء من كافة المناطق والأطياف وأن يكون خير ممثّل لتطلّعاتهم وأن يحقّق ما يصبون إليه بالمحافظة على كرامتهم وحقوقهم وعملهم في قصور العدل وأمام الدوائر الرسمية.
لكلّ معركة ظروفها، وإنّ معركة انتخابات نقيب المحامين هي معركة شرسة، ولكنّ التجربة علّمتني بأنّ من يحضّر نفسه ويجهّز ماكينته ويكون صادقاً مع الزملاء لا تصعب عليه أيّ معركة.
إنّ وعي الزملاء كفيل بالمساهمة بوصول أيّ مرشّح أكان على مركز عضو أو نقيب، وإنْ شاء الله يكون الفوز حليفنا في هذه المعركة.
• ساعدت في السابق نقباء وأعضاء مجالس نقابة على الوصول والفوز، فهل تتوقّع منهم ردّ الجميل ودعم ترشّحك؟
إنّ دعمي لعدد من النقباء السابقين وأعضاء مجلس النقابة لم يكن يوماً من أجل ردّ الجميل، إنّما كان من باب قناعتي بأنّهم أهل لتولّي تلك المناصب، وإنّ علاقتي بهم تخطّت العلاقة المهنية وتطوّرت إلى علاقات عائلية واجتماعية وأصارحك بأنّ معظمهم كان بجانبي في المعركة السابقة كلّ على طريقته، وإنّني على قناعة بأنّهم سوف يكونون بجانبي في معركة انتخابات دورة تشرين الثاني من العام 2019 لقناعاتهم بأدائي النقابي من جهة ولحرصهم على التمثيل الوطني في نقابة المحامين في بيروت من جهة ثانية.
• يلاحظ قيامك بتحرّك واسع ومشاركة المحامين في أفراحهم وأحزانهم ومواصلة الاجتماعات معهم. هل هذا العمل الايجابي كفيل بتحقيق الربح، أم أنّ هنالك عناصر أخرى لا بدّ من تأمينها؟
إنّنا كمحامين مجتمع خاص بحدّ ذاته، نفرح لفرح بعضنا ونحزن لحزن الآخرين، ومن المؤكّد أنّ هذا الامر يوطّد أواصر التلاقي بين الزملاء، كما أنّ الاجتماعات في ما بيننا تغنينا فكراً وعلماً، لأنّنا نتبادل وجهات النظر القانونية والسياسية والفكرية، وهذا الأمر يجعلنا مقرّبين من بعضنا البعض ويساعدنا على فهم هواجسنا. ومع ذلك يبقى المحامي الناخب الأصعب، بحيث إنّه يضع علاقته الشخصية والحزبية جانباً بشكل ملحوظ في الانتخابات ويبقى المعيار الأساسي هو قدرة المرشّح في إقناع المحامي الناخب بمشروعه لما فيه مصلحة النقابة والمحامين، وهذا الأمر أثبتته الانتخابات السابقة.
• أين أنت من شؤون النقابة حالياً بعد مسألتي التأمين الاستشفائي والحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الناظرة في الدعاوى النقابية بشأن عملية التصويت في الجمعية العمومية؟
إنّ صحّة المحامي وعائلته هي من أهمّ الأولويات المطلوب معالجتها في نقابة المحامين، ولقد قلتها صراحة في الانتخابات السابقة، ليس المهمّ أكان صندوقاً أو شركة خاصة، المهم أن يحظى المحامي بتغطية صحية تليق بكرامته وكرامة عائلته، وهذا الأمر لا يتحقّق إلاّ من خلال الشفافية في التعامل.
وكنت قد طرحت في السنة المنصرمة بأنّه على مجلس النقابة عدم الانتظار لحين انتهاء العقد لإيجاد الحلول، إنّما يجب على النقابة أن تشكّل خلية عمل خاصة بموضوع التغطية الصحيّة لإيجاد أفضل الحلول ودراسة كيفية ايجاد الموارد لتأمين العجز الحاصل على أن لا يكون من جيب المحامي، ومن ثمّ إجراء محاسبة وتحميل المسؤولية في حال تبيّن وجود أيّ تقصير أو إهمال أو تسيّب في هذا الملفّ.
أمّا في ما يتعلّق بموضوع الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الناظرة في القضايا النقابية، فقد كان الأجدى بنقابة المحامين أن لا تصل إلى هذه المرحلة، وأنا من المنادين سابقاً وحاضراً ومستقبلاً بوجوب تحديد فصل الجمعية العمومية المتعلّقة بالتصديق على الموازنة عن الجمعية العامة للانتخابات بحيث يكون لكلّ جمعية يوم محدّد لانعقادها وأن يكون التصويت بالطريقة عينها أيّ التصويت الإلكتروني، وهذا الأمر يستوجب حكماً ارسال الموازنة السنوية إلى جميع الزملاء بكافة الوسائل إنْ كان بموجب كتيبات توضع في مراكز النقابة أو عبر البريد الالكتروني، وعلى المحامين واجب الاطلاع عليها ودراستها وعدم التصويت عليها عاطفياً، إنّما عقلانياً لما فيه مصلحة النقابة.
جنّة قضائية
• ماذا ينتظر النقابة بعد مئويتها الأولى؟
للأسف نقابة المحامين في بيروت لم تضع حتّى اليوم خطّة أو رؤية مستقبلية للمئوية الثانية، ومن هنا أعود إلى ما أطلقته عبر حملتي الانتخابية “نحو نقابة متطوّرة وعريقة”، فيجب على نقابة المحامين في بيروت أن تجدد نفسها في مئويتها الثانية من خلال تحديث أنظمتها وقوانينها لكي تواكب الجيل الجديد من المحامين وتواكب التطوّر العلمي القانوني الحاصل في الدول المجاورة.
إذ إنّ ما يعرف “بالذكاء الالكتروني” حاصل لا محالة وهو على أبواب مهنة المحاماة، وهذا الأمر سوف يؤدّي بشكل أو بأخر إلى وجود عدد كبير من المحامين العاطلين عن العمل. كما يجب على النقابة أن تطوّر آليات الانتساب إليها وايجاد موارد جديدة للنقابة من خلال مشاريع قوانين تفرضها على مجلس النواب حماية لهذه المهنة، وأن تكون حازمة في منع المعتدين عليها، كما وأنّ والمساهمة بإعطاء دور فاعل للمحام في الحياة الاقتصادية من خلال “فرض وإلزامية تنظيم العقود من قبل المحامين على سبيل المثال”.
كما المساهمة في تطوير القوانين والاسراع في البتّ بالنزاعات واعتماد آلية تقصير المهلة في التبليغات أملاً بالوصول إلى جنة قضائية تساهم بشكل أو بآخر في تطوير اقتصاد البلاد من خلال تأمين الثقة لدى المستثمرين في مختلف القطاعات.
معاقبة القضاة المرتكبين
• كيف تقرأ الاصلاح الجاري في القضاء؟ وهل تحتاج نقابة المحامين إلى عملية مماثلة؟
إنّ أيّ إصلاح مهما كانت درجته، مرحّب به ومطلب كلّ مواطن وليس مطلب المحامين فقط، ولكنّ الإصلاح لا يقتصر على معاقبة القضاة المرتكبين، إنّما يكون من خلال جعل القضاء سلطة مستقلّة بالمعنى الفعلي وإبعادها عن التدخّلات السياسية وتحصين القضاة وتفعيل التفتيش القضائي، وطالما أنّ السلطة التنفيذية والسياسيين لهم اليد الطولى في التعيينات القضائية، يبقى الاصلاح دون جوهره المطلوب.
وطالما أنّ المحاباة والمناطقية والمذهبية تطغى على الكفاءة، فلا يكون الاصلاح إصلاحاً.
أمّا في نقابة المحامين، فإنّ التشبيه لا يستقيم لأنّ القضاء هو سلطة تقرير، والمحامي يقوم بالمدافعة عن حقوق موكّله بكافة الوسائل المشروعة ومراقبة تأمين سير العدالة بشكل صحيح ضمن الأصول القانونية.
إلاّ أنّه للنقابة دور كبير في المراقبة الذاتية على المحامين المخالفين لقوانينها وآدابها من خلال تفعيل تنقية الجدول العام بشكل علمي، كما وتفعيل المجالس التأديبية التي وللأسف، عملها شبه متوقّف في الآونة الأخيرة.
• ماذا يمكن لنقابة المحامين أن تساعد أعضاءها المحامين في ظلّ الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يمرّ به لبنان ويستشعر منه خطر الإفلاس؟
على نقابة المحامين أن تعمل بجدّ على تأمين موارد للنقابة تعود بالفائدة على المحامين من خلال العمل على تعديل قيمة رسوم المحاماة في الأحكام الصادرة أسوةً بالتعديل الحاصل على الرسوم القضائية، كما يجب على النقابة أن تسهر على تطبيق إلزامية اتفاقية الأتعاب وهو مطلب قديم جديد، الأمر الذي يساعد العديد من المحامين على تأمين مداخيل مهدورة من قبل موكّليهم. أمّا في ما يتعلّق بالشركات، فإنّ إقرار سلفة على الأتعاب السنوية تسدّد في نقابة المحامين يؤمّن أيضاً، إستقراراً لهم ويخرجهم من الحرج من بعض موكّليهم الذين تربطهم بهم علاقات صداقة أو قرابة، وهنالك العديد من الأمور التي يمكن للنقابة اتخاذها والتي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتأمين مداخيل للزملاء المحامين.
(نشرت هذه المقابلة في النسخة الورقية من مجلّة “محكمة” – العدد 42 – حزيران 2019)
“محكمة” – السبت في 2019/6/8