أبرز الأخبارعلم وخبر

تناقض واضطراب في قرارات محكمة الاستئناف المدنية الناظرة في القضايا النقابية في الشمال.. وأين هما نقابتا المحامين من ذلك؟

خاص “محكمة”:
في تعارض مريب وغير مسبوق ، تناقضت غرفة محكمة الاستئناف المدنية الناظرة بالدعاوى النقابيّة في الشمال في قرارين متتالين لها، ممّا أحدث اضطرابًا في اجتهاد محاكم الاستئناف.
وما فعلته هذه المحكمة هو برسم نقابتي المحامين في طرابلس وبيروت، مما يقتضي منهما اتخاذ موقف واضح من ذلك.
لقد أعطى قانون تنظيم مهنة المحاماة الحقّ للمحامي في استئناف قرارات مجلس نقابة المحامين الصادرة استنادًا إلى المادتين /٧٩/ و/٩٤/ من القانون المذكور. وحصر القانون، وفقًا لحرفيته طرق الطعن بالاستئناف فقط، دون أن يأتي على ذكر الطعن عن طريق النقض، علماً أنّ النصوص المتعلقة بطرق الطعن تتصل بالنظام العام القضائي، ولا يجوز التوسّع في تفسيرها، بل يقتضي تفسيرها بالمعنى الضيّق والحصري لها.
وبالعودة إلى الحالة الراهنة، يتبيّن أنّه بتاريخ 2024/12/5 صدر قرار عن محكمة الاستئناف في الشمال الناظرة في القضايا النقابية، أكّد أوّلًا أنّ الاستئناف يوقف حكمًا تنفيذ القرار الصادر عن مجلس النقابة بإعطاء الإذن بملاحقة محامٍ، وهو موضوع الطعن الاستئنافي.

وقد اعتبرت المحكمة حينها أنّه لا ضرورة لطلب وقف التنفيذ، إذ إنّ التنفيذ يتوقّف حكمًا بمجرّد تقديم الاستئناف، وكانت المحكمة حاسمة في قرارها السابق، بحيث ردّت طلب وقف التنفيذ لعدم جدواه في ظلّ وقف التنفيذ الحكمي، علماً أنّ هذا ما تسير عليه محكمة الاستئناف في القضايا النقابية الأخرى وفقًا لقانون أصول المحاكمات المدنية، وهو أيضًا ما درجت عليه محكمة الاستئناف في الشمال في القضايا النقابية، حيث كانت تعتبر دائمًا أن الاستئناف يوقف التنفيذ، لا سيّما أنّ القرار المستأنف، أيّ أنّ الإذن بملاحقة المحامي، لم يكن مشمولًا بالنفاذ المعجّل ولم يصدر بالصيغة المعجّلة.
وفوجئ المحامون بأنّه بتاريخ 2025/1/30 أي بعد أقلّ شهرين تقريباً من صدور القرار المذكور أعلاه، صدر قرار عن المحكمة ذاتها برئيستها القاضي دوريس كسّاب ومستشاريها، يقضي بالرجوع عن القرار السابق الذي خلص إلى أنّ الاستئناف يؤدّي إلى وقف التنفيذ حكمًا.


وبرّرت المحكمة قرارها الجديد بأنّ الاجتهاد المستقرّ لدى محكمة التمييز يعتبر أنّ القرارات النقابية هي قرارات إدارية، وبالتالي فإنّ الاستئناف لا يوقف التنفيذ حكمًا.
وما يثير الاستغراب هو أنّ القرار لم يتضمّن أيّ ذكر لقرارات صادرة عن محكمة التمييز في هذا المجال، كما أنّه لم يشر إلى أيّ اجتهاد صادر عنها في هذا السياق، سواء من حيث تاريخ صدوره أو رقمه، علمًا أنّ قرارات محكمة الاستئناف في القضايا النقابية جاءت واستقرت في كافة المحاكم بما فيها تلك الموجودة في محكمة الشمال أو محكمة بيروت، على اعتبار أنّ استئناف القرار الصادر عن النقابة يوقف تنفيذ هذا القرار حكماً، فضلاً عن أن نتيجة هذا الإستئناف غير قابلة للتمييز.
وهنا، نطرح مثلاً حالة صدور قرار عن مجلس النقابة بشطب محامٍ عن الجدول: فلو اعتمدنا التوجّه الأخير المفاجئ للمحكمة الذي اعتبر قرار مجلس النقابة نافذًا حكماً وغير قابل لوقف التنفيذ، لكان ممنوع على المحامي المذكور تقديم أيّ استئناف، إذ يكون قد فقد صفته كمحامٍ، وبالتالي يستحيل عليه الطعن إستئنافاً بقرار مجلس النقابة، إذ إنّ المحكمة قد اعتبرت خطأ أنّ قرارات مجلس النقابة هي معجّلة التنفيذ وغير قابلة للوقف!
ومن شأن المسار الجديد للمحكمة أن يلحق أضراراً جسيمة بالمحامين، ويخالف حقّ الدفاع المشروع والقواعد القانونية الصريحة.
وبذلك، تكون المحكمة قد خالفت المسار الثابت الذي درجت عليه سابقًا في موضوع وقف التنفيذ، دون أيّ سند قانوني واضح، ممّا أدّى إلى تكريس مبدأ قانوني جديد مفاده أنّ الاستئناف لا يوقف التنفيذ. وهذا يشكّل مخالفة جسيمة للمبادئ العامة لقانون أصول المحاكمات المدنية، لا سيّما لناحية عدم الجواز القاضي بأن يضع أحكامه وقراراته في صيغة الأنظمة، وذلك وفقًا للمواد /3/ و/570/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، فضلًا عن مخالفته لقانون تنظيم مهنة المحاماة والمسار الثابت للإجتهاد القضائي
وبعد، ما هو موقف نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس من هذا التناقض؟
“محكمة” – السبت في 2025/2/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!