أبرز الأخبارمقالاتميديا

خاص”محكمة”: “المرشد في الدفوع الشكلية أمام القضاء الجزائي” للقاضي محمّد مكّي/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
لطالما انتقدت أولئك الذين يؤلّفون الكتب سوبر الكلاسيكية، وينقلون عبارة من هنا وعبارة من هناك في مواضيع باتت مستهلكة وغير نافعة أو مفيدة. تماماً كما انتقدت كثرة إعطاء شهادات الدكتوراه لغير مستحقيها، لدرجة أنّ الرئيس الأوّل لمحاكم التمييز سابقاً القاضي أنطوان خير انتقدهم قائلاً: ولا نعلم من دكترهم.
مقابل ذلك، فإنّني أثمّن كثيراً الكتب والمؤلّفات التي تتضمّن مواضيع جديدة، وخصوصاً تلك التي يتحاشى الكثيرون من خوض غمارها نظراً لقلّة المراجع المتعلّقة بها، ولصعوبة مقاربتها واضطرار الكاتب إلى تفعيل النصوص وتفسيرها ومراجعة اجتهادات المحاكم المتعلّقة بها في حال وجودها.
من هنا تأتي أهمّية كتاب “المرشد في الدفوع الشكلية أمام القضاء الجزائي” للقاضي الرئيس محمّد مكّي.
هذا الكتاب، برأينا، يعتبر من أهمّ المراجع بشكل عام لأنّ الدفوع الشكلية ومفهومها وشروطها وطبيعتها وميادين تطبيقها، تعتبر من المواضيع الشائكة التي يتحاشى الكثيرون الخوض فيها. وبشكل خاص أيضاً، لأنّ الكاتب تطرّق إلى نقاط متعدّدة ومتشعّبة بشكل مفصّل ودقيق.
هذا الكتاب، المرجع مؤلّف من ستماية وثمانية وثمانين صفحة تطرّق فيها إلى المبادئ والأسس التي كرّسها الاجتهاد في لبنان بموضوع الدفوع الشكلية، والآراء العملية من واقع الأحكام القضائية التي تتعلّق بأسباب يدلي بها على أنّها شكلية مع أنّ لا علاقة لها بذلك. وإلى تعريف الدفوع الشكلية وتعدادها.
وتطرق الكتاب-المرجع في مواضيع البحث إلى:
1- الدفع بانتفاء الصلاحية.
2- الدفع بسقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط المحدّدة قانوناً.
3- الدفع بعدم سماع الدعوى قبل البحث في موضوعها.
4- الدفع بكون الفعل المدعى به لا يؤلّف جرماً معاقباً عليه في القانون.
5- دفوع سبق الادعاء وقوّة القضية المحكوم بها والتلازم.
6- الدفع ببطلان إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق.
7- حالات خاصة من الدفوع الشكلية لم يرد ذكرها سابقاً مأخوذة من الأحكام القضائية.
8- إقتراح تعديل بعض نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم /328/ الصادر بتاريخ 2001/8/7 والمعمول به اعتباراً من 2001/11/8 سيّما ما يتعلّق بالدفوع الشكلية.
9- دراسة مفصّلة لنفسية الإنسان في لبنان خاصة والمحيط عامة.
10- الخاتمة.
***
كما قلنا أعلاه، إنّ موضع الدفوع الشكلية بقي شائكاً ومبهماً لدى الكثيرين من رجالات القانون، كونه لم يجر بحثه وجمعه في اطار نظرية عامة عولجت عبرها جميع حالاته، لاسيّما الملتبس منها، بكلّ قانونية ودقّة. إذ كان رجل القانون يجد أفكاراً عنه وآراء فقهية وأحكاماً وقرارات قضائية متناثرة هنا وهناك، وأكثرها لا ينسجم مع روحية هذه الدفوع وتحقيق المراد الذي هدف إليه المشترع اللبناني من وضعها. فجاء الكتاب-المرجع ليتطرّق إلى جميع النقاط بشكل مفصّل.
وقد كتب المؤلّف في الصفحة الأولى من مؤلّفه تحت عنوان لمحة عامة بأنّه يقصد بالدفوع الشكلية – موضوع هذا المؤلّف- الحالات والأوضاع القانونية التي تطرأ على سير الدعوى العامة العالقة لدى القضاء الجزائي أو على الدعوى المدنية الملحقة بها تبعاً لاتخاذ المدعي الشخصي صفة الادعاء أمام المرجع الجزائي، وهذه الدفوع حدّدت صراحة وحصراً في صلب المادة /73/ من قانون المحاكمات الجزائية الأخير الذي صدر بمقتضى القانون رقم /328/ تاريخ 2001/8/2، وانّ قرارات قاضي التحقيق والأحكام الجزائية البدائية الفاصلة في دفعٍ أو أكثر من هذه الدفوع، يقبل الطعن بها استئنافاً، الأولى أمام الهيئة الاتهامية، والثانية أمام محكمة الاستئناف الجزائية إذا فصلت على حدة، كما أنّ القرارات الاستئنافية الصادرة بشأنها يجوز الطعن بها أمام المحكمة العليا على حدة عملاً بالفقرة الثانية من المادة /311/ أصول جزائية شرط أن يكون المرجع القضائي الاستئنافي قد فصل بالدفع الشكلي المدلى به رفضاً أم قبولاً.
ويضيف، إذا ردّ المرجع القضائي الاستئنافي الطعن شكلاً أو استأخر البتّ بالدفع الشكلي المدلى به لحين اكتمال التحقيقات، فلا يجوز الطعن بقراره أمام محكمة النقض في حالة التشريع الراهنة.
ويجدر القول، إنّ دفوع الشكل لا يصحّ الادلاء بها إلاّ أمام المحاكم الوطنية كونها قواعد وأحكام قانونية تطبّق في نطاق الإقليم اللبناني فقط، وفي بعض الدفوع، كسبق الملاحقة الجزائية، لا يؤخذ بها إلاّ إذا كانت الدعوى نفسها عالقة لدى محكمتين وطنيتين، وليس بين محكمة وطنية وثانية أجنبية.
***
في الصفحة الأخيرة من كتابه، يورد المؤلّف نبذة عن حياته فيقول:”ولد محمّد مكّي في بلدة حبوش في قضاء النبطية في 10 حزيران من العام 1939. وعمل 14 عاماً في الدولة وتحديداً منذ 22 تموز من العام 1964 وتوزّعت بين مساعد قضائي، ومفتّش في الضمان الاجتماعي، ومراقب في ديوان المحاسبة، ثمّ دخل إلى القضاء في 6 نيسان من العام 1979 بحسب سجلات وزارة العدل، وشغل المناصب القضائية التالية: محام عام استئنافي في جبل لبنان نحو 11 سنة، وقاضي تحقيق أوّل في النبطية 6 سنوات، وقاضي تحقيق عسكري، ومعاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة، ومستشار مدني في هذه المحكمة مدّة 7 سنوات، ورئيس محكمة جنايات في جبل لبنان، ورئيس محكمة استئناف الجنح في جديدة المتن، ومستشار في الغرفة الثالثة لمحكمة التمييز الجزائية، ورئيس الغرفة الأولى لمحكمة التمييز العقارية بالانتداب، وأنهى مسيرته القضائية بالدرجة 17 من أصل 24 درجة معمول بها لدى السلطة الثالثة.
***
إنّ كتاب “المرشد في الدفوع الشكلية” للقاضي الرئيس محمّد مكّي، هو من المراجع القانونية الثمينة التي من المؤمّل وجودها في كلّ مكتبة قانونية لبنانية وعربية، ليس فقط لتزيينها بهذا الاسم الكبير الذي يفتخر به القضاء اللبناني، كما يفتخر بأولاده القاضي فيصل مكّي والمحاميين خالد وباسل، بل أيضاً نظراً لفائدته الكبيرة جدّاً، والله ولي التوفيق.
“محكمة” – السبت في 2018/10/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!