علم وخبر

صلاحية قضاء العجلة بإخلاء المستأجر بعد مرور تسع سنوات/ناضر كسبار

ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
أعتبر قاضي الامور المستعجلة في المتن الرئيس رالف مروان كركبي ان قرارات قضاء العجلة ذات طابع مؤقت بحيث انها قابلة للتعديل او الرجوع عنها في حال ظهور معطيات او وقائع جديدة تحسم هذا الامر، لذا فإنها لا تتأثر بأي نزاع عالق امام محكمة اخرى اكان النزاع مدنيا ام حتى جزائيا.
كما اعتبر الرئيس كركبي ان المدعى عليه لم يثبت تقدمه بطلب الاستفادة من الصندوق خلال السنوات التمديدية التسعة وفق ما تفرضه المادتين /8/ و/16/ من القانون الصادر في العام 2014، فلا يمكنه الادلاء باستفادته من تقديمات الصندوق لتمديد الاجارة لثلاث سنوات اضافة بعد انتهاء السنوات التسع الممددة.
وقضى بإلزام المستأجر بإخلاء المأجور موضوع الدعوى تحت طائلة غرامة اكراهية، ومنح المدعي سلفة وقتية على المبلغ غير المنازع عليه.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2025/1/16.
بناء عليه،
حيث يطلب المدعي ر. من خلال الدعوى الراهنة إلزام المدعى عليه ق. بإخلاء القسم رقم /10/ الواقع في الطابق السادس من البناء القائم على العقار رقم 784/الزلقا وتسليمه الى المدعي شاغراً من اي شاغل فوراً تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها /50/د.أ. عن كل يوم تأخير، كما وإلزام المدعى عليه بتسديد سلفة وقتية قدرها /4200/د.أ. كبدلات مستحقة، فيما يطلب المدعى عليه ردها لعدم اختصاص هذه المحكمة بالنظر بها لدخولها ضمن اختصاص قضاء الايجار عملا بنص المادة /50/ من القانون رقم 2017/2 والمادة /86/ فقرة (4) أ.م.م. واستطرادا استئخارها لوجود دعوى مدنية سابقة عالقة بين فريقي النزاع امام القاضي المنفرد في جديدة المتن الناظر بقضايا الايجار تتعلق باجارة المدعى عليه والعرض الفعلي والايداع، واكثر استطرادا لانتفاء مرتكزاتها القانونية ولعدم توافر شروط المادة 579 أ.م.م. ولعدم صحتها وعدم قانونيتها وعدم جديتها وعدم ثبوتها، كما وللموافقة على إجارة المدعى عليه عن العام 2024 كما ورد طلب السلفة الوقتية لوجود نزاع جدي وعدم توافر شروط الفقرة الثالثة من المادة 579 أ.م.م.
وحيث تعتبر الجهة المدعية ان استمرار المدعى عليه بإشغال الشقة المذكورة اعلاه يدخل ضمن باب التعدي الواضح على الحقوق المبرر لتدخل قاضي الامور المستعجلة بحسب احكام الفقرة الثانية من المادة 579 أ.م.م.
وحيث بحسب احكام الفقرة المذكورة، لقاضي الامور المستعجلة ان يتخذ التدابير الايلة الى إزالة التعدي الواضح على الحقوق او الاوضاع المشروعة.
وحيث يقتضي البحث في مدى توافر التعدي الواضح على الحقوق الداخل في صلب اختصاص هذا المرجع، من اجل وضع حد لها في حال الايجاب.
وحيث يدلي المدعى بأنه يملك كامل القسم رقم /10/ من البناء القائم على العقار رقم 784/الزلقا الذي يشغله المدعى عليه ق. منذ فترة طويلة تعود الى ما قبل العام 1992 عن طريق الايجار، وانه بعد صدور قانون الايجار الجديد تاريخ 2014/12/26 وقبل إقرار تعديلاته بتاريخ 2017/2/28 كلف المدعي خبيرين لاجراء معاينة فنية لتخمين القسم المذكور وتم إبلاغه من المدعى عليه الذي كلف بدوره خبيرين اللذين خمناه بقيمة /161355/د.أ. ومن ثم ابلغه من المدعي الذي وافق على مضمونه. واضاف انه حاول مرات عدة التوصل مع المدعى عليه الى تسوية غير انها باءت بالفشل، فقام بتاريخ 2024/5/15 بإرسال إنذار اليه لمطالبته بتسديد كافة البدلات المتوجبة عليه وفقا لتقرير الخبيرين المكلفين من قبله، كما انه عاد وارسل بتاريخ 2024/6/19 كتابا الى المدعى عليه لمطالبته بتسليم المأجور شاغراً من اي شاغل ضمن مهلة اسبوع غير ان المدعى عليه استمر بإشغاله لغاية تاريخه.
وحيث يدلي المدعى عليه بدوره بأنه يشغل القسم رقم /10/ على سبيل الايجار وانه بعد صدور القانون تاريخ 2024/6/26 قام بتكليف لجنة خبراء لتحديد البدلات ومن ثم ابلغ تقرير اللجنة من المالك السابق والد المدعي وتم الاتفاق في ما بينهما على السير بالتخمينات المحددة من قبل اللجنة على ان تسدد البدلات بالليرة اللبنانية وبشكل تصاعدي لغاية العام 2020 ليستقر المبلغ بعد ذلك التاريخ، وان المدعى عليه واظب على التسديد ضمن المهل، وانه خلال العام 2024 اجتمع فريقا النزاع لطرح المواضيع المتعلقة بالمأجور وكان الاجتماع ايجابيا الى ان فوجئ المدعى عليه بإبلاغه إنذارا موجها من المدعى بواسطة الكاتب العدل لمطالبته بالبدلات عن العامين 2023 و2024 بالدولا الاميركي، تبعه إنذار جديد بتاريخ 2024/5/15 لمطالبته بالاخلاء بمهلة اسبوع، فقام بإرسال كتاب للمدعى مع عرض فعلي وإيداع تضمن رفض ما جاء في الانذارين المذكورين اعلاه وابدى استعداده لتسديد بدل رضائي غير لازم قانونا قدره /3600/د.أ. عن العام 2024 ومبلغ مماثل عن العام 2025 غير ان المدعي رفض العرض والايداع الفعلي المذكور.
وحيث في ما خص الدفع بعدم الاختصاص، يقتضي التذكير بان قضاء العجلة يكون مختصاً عند وجود تعد واضح على الحقوق المشروعة كإشغال المأجور دون مسوغ شرعي بعد انتهاء عقد ايجار على سبيل المثال، فإن توافرت الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 579 أ.م.م. انعقد اختصاصه للبت بالنزاع المعروض امامه وان انتفت هذه الشروط اعلن عدم اختصاصه للبت بالقضية، وبمعنى آخر فإنه لا يمكن حجب الاختصاص عن قضاء العجلة بالنظر في قضايا الايجار بشكل مطلق كما يدلي المدعي، فهذا الامر متعلق بالشروط المشار إليها آنفا، فيقتضي بالتالي رد الدفع بعدم الاختصاص لعدم صحته.
وحيث بالنسبة لاستئخار الدعوى الراهنة لحين البت بالدعوى العالقة في ما بين فريقي النزاع الراهن امام القاضي المنفرد المدني في المتن بقضايا الايجار، يقتضي التذكير بأن القرارات الصادرة عن قضاء العجلة هي ذات طابع مؤقت بحيث انها قابلة للتعديل او الرجوع عنها في حال ظهور معطيات او وقائع جديدة تحسم هذا الامر، لذا فإنها لا تتأثر بأي نزاع عالق امام محكمة اخرى اكان النزاع مدنيا ام حتى جزائيا.
وحيث انطلاقا مما تقدم، فإن وجود دعوى عالقة راهنا امام القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر بقضايا الايجار لا يستوجب استئخار البت بالنزاع الراهن طالما ان القرار الذي سيصدر عن هذه المحكمة هو قرار ذا طابع مؤقت قابل للتعديل فيقتضي بالتالي رد طلب الاستئخار المقدم من المدعى عليه لانتفاء ما يبرره.
وحيث بالعودة الى قانون الايجارات رقم 2014/6 والقانون رقم 2017/2، يتبين ان المادة /15/ من القانون الاخير تنص على انه تمدد لغاية تسع سنوات والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية /12/ منه من تاريخ نفاذ هذا القانون عقود ايجار الاماكن السكنية.
وحيث تجدر الاشارة الى ان الاجتهاد السائد في هذا المجال بداية واستئنافا يؤكد على ان قانون الايجار تاريخ 2014/5/8 هو قانون موجود ونافذ في مواده التي لم يطلها الابطال من قبل المجلس الدستوري، وان القانون رقم 2017/2 لم يتضمن ما يفيد بأنه الغى قانون الايجار لعام 2014 باستنثاء ما الغي من القانون المذكور او ما يخالف القانون رقم 2017/2، وبالتالي يكون المشترع قد زاد من خلال القانون رقم 2017/2 على المادة /15/ من القانون الصادر في العام 2014 عبارة تمدد لغاية تسع سنوات والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية 12 سنة، وبعبارة اخرى يكون التعديل قد طال عدد السنوات بجعلها /9/ سنوات لغير المستفيدين من الصندوق و/12/ منه للمستفيدين منه، فيما لم يعدل نقطة انطلاق هذه المدة بحيث لا تزل تحتسب ابتداء من تاريخ 2014/12/28 وليس من تاريخ 2017/2/28.
وحيث انطلاقا مما تقدم، يتبين من مراجعة نسخة الكتاب الموجه من قبل المدعي بواسطة الكاتب العدل في الحدث الى المدعى عليه ق. بتاريخ 2024/6/19 المرفقة بالاستحضار ان المدعي قد اعرب لهذا الاخير عن نيته بوضع حد للايجار وباستلام المأجور منه ضمن مهلة اسبوع من تاريخ ابلاغه الكتاب المذكور.
وحيث تنص المادة /16/ من القانون رقم 2014/6 على انه يحق للمستأجر الذي لا يزل مستوفيا لشروط الاستفادة من تقديمات الصندوق، ان يطلب من المالك خطيا وقبل حلول اجل العقد في السنة التاسعة الممددة بثلاثة اشهر تحت طائلة سقوط الحق بتحرير عقد ايجار جديد لمدة اقصاها ثلاث سنوات.
وحيث يتضح من معطيات الملف ان المدعى عليه ق. لم يثبت تقدمه بطلب الاستفادة من الصندوق خلال السنوات التمديدية التسعة وفق ما تفرضه المادتين /8/ و/16/ من القانون الصادر في العام 2014، فلا يمكنه الادلاء باستفادته من تقديمات الصندوق لتمديد الاجارة لثلاث سنوات اضافة بعد انتهاء السنوات التسع الممددة.
وحيث وفقا لكل ما هو مبين اعلاه، طالما ان عقد الايجار الممدد في ما بين الفريقين لتسع سنوات يبدأ في 2014/12/28، فيكون قد انتهى بتاريخ 2023/12/27.
وحيث ان استمرار إشغال المدعى عليه للمأجور موضوع الدعوى لغاية تاريخه بالرغم من انتهاء الايجار قد اضحى دون مسوغ مشروع وذلك لافتقار هذا الاشغال الى اي سبب يبرزه، فيكون تصرفه هذا متصفاً “بالتعدي الواضح” على القسم الذي هو يملك الجهة المدعية.
وحيث يكون شرط الفقرة الثانية من المادة 579 أ.م.م. متوافرا في النزاع الراهن، فيقتضي بالتالي وضع حد لهذا التعدي عبر إلزام المدعى عليه ق. بإخلاء القسم رقم /10/ الواقع في الطابق السادس من البناء القائم على العقار رقم 784/الزلقا وتسلميه الى المدعي ر. شاغرا من اي شاغل فوراً تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها /10,000,000/ل.ل. عن كل يوم تأخير.
وحيث في ما خص طلب السلفة الوقتية، وبحسب احكام الفقرة الاخيرة من المادة 579 أ.م.م. في الحالة التي يكون فيها الدين غير قابل لنزاع جدين يجوز لقاضي الامور المستعجلة منح الدائن سلفة وقتية على حساب حقه.
وحيث يقتضي اذا التأكد من مدى توافر شروط الفقرة الاخيرة من هذه المادة.
وحيث يدلي المدعي بأن قيمة بدلات الايجار المتوجبة على المدعى عليه لغاية آخر شهر حزيران من العام 2024 تبلغ /4200/د.أ. وقد ارسل انذاراً الى المدعى عليه لمطالبته بوجوب تسديد المبلغ المذكور وفقا لتخمين الخبيرين المكلفين من قبله.
وحيث يتبين من مراجعة نسخة تقرير الخبيرين المهندس فريد فياض والاستاذ زياد الحاج المكلفين من قبل المدعى عليه والمرفق بالاستحضار انهما توصلا على ان بدل المثل السنوي للقسم رقم /10/ موضوع النزاع الراهن يبلغ /8,068/د.أ.
وحيث من مراجعة نسخة كتاب مع عرض فعلي وإيداع الموجه من المدعى عليه والمرفقة بلائحة المدعى عليه الجوابية الاولى تاريخ 2024/8/12 يتبين انه اعرب في البند سابعا منه انه على استعداد لايداع رضائياً ودون اي إلزام قانوني مبلغا وقدره /3600/د.أ. عن العام 2024 اضافة الى المبلغ المودع من قبل المدعى عليه بقيمة /9,681,000/ل.ل. وذلك عقب موافقة المدعى عليه على العرض الفعلي المذكور.
وحيث يتضح مما هو مبين اعلاه ان مبلغ ال/3600/د.أ. المعروض من قبل المدعى عليه، وان كان غير ملزماً ورضائيا، إلا انه ليس متنازعاً على توجبه بدليل استعداد المدعى عليه من تلقاء نفسه على تسديده للمدعي، مما يقضي الى توافر شروط الفقرة الاخيرة من المادة 579 أ.م.م. في الدعوى الراهنة، فترى المحكمة منح المدعي سلفة وقتية على اساسه بقيمة /3000/د.أ. (ثلاثة آلاف دولار اميركي نقدا فقط) وبالتالي إلزام المدعى عليه بتسديدها الى المدعي فوراً.
لذلك
يقرر:
اولا: رد الدفع بعدم الاختصاص.
ثانيا: رد طلب استئخار البت بالدعوى.
ثالثا: إلزام المدعى عليه ق. بإخلاء القسم رقم /10/ الواقع في الطابق السادس من البناء القائم على العقار رقم 784/الزلقا وتسليمه الى المدعي ر. شاغراً من اي شاغل فورا تحت طائلة غرامة اكراهية قدرها /10,000,000/ل.ل. عن كل يوم تأخير.
رابعا: منح المدعي سلفة وقتية بقيمة /3000/د.أ. (ثلاثة آلاف دولار اميركي نقدا فقط) وبالتالي إلزام المدعى عليه بتسديدها الى المدعي فوراً.
خامسا: تضمين المدعى عليه الرسوم والنفقات كافة.
قراراً صدر وافهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2025/1/16.
“محكمة” – الجمعة في 2025/1/31

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!