قاض يتنحّى عن النظر بدعوى تخصّ الوزير فهمي بسبب تعرّضه للقضاء/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
يبدو أنّ تطاول وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد المتقاعد محمّد فهمي على القضاء والقضاة واتهام نسبة عالية وكبيرة منهم تتجاوز التسعين في المئة بالفساد، وهو غير صحيح على الإطلاق، لن يمرّ مرور الكرام أو على خير، وأقلّه من جهة القضاة الذين يرفضون هذا الأسلوب في التعاطي معهم ممن تطلق عليهم تسمية “رجال دولة”.
ويبدو أنّ تأخّر المسؤولين في القضاء في ملاحقة فهمي ومحاسبته على كلامه الضار بسمعة القضاء والقضاة، جعل كلّ قاض يردّ على طريقته ليس ثأرًا ولا انتقامًا، وإنّما في محاولة لوضع الأمور في نصابها الصحيح، إذ إنّ أسهل ردّ هو ما اختاره أحد القضاة في جبل لبنان برفضه النظر في دعوى مقامة من الوزير فهمي بداعي أنّ تصرّف هذا الأخير ولّد لديه شعورًا بالعداء ممّا يجعله غير قادر على إحقاق الحقّ فيها من دون ميل عارضًا التنحّي.
وهذه أوّل حالة من نوعها في تاريخ القضاء اللبناني التي يقوم بها قاض تجاه مسؤول سياسي يتعرّض للقضاء برمّته، ويرفض النظر في دعوى هو طرف فيها، ويدوّن تنحّيه بشكل قانوني ويقدّمه إلى محكمة الإستئناف المعنية في المحافظة الموجود فيها.
ويعتبر التنحّي في حالات كثيرة، سلاحًا قانونيًا يلجأ إليه القاضي عادةً لأسباب شتّى أوضحها قانون أصول المحاكمات المدنية في متن نصوصه وتحديدًا في المواد 120 و121 و122، ومنها وجود صلة قرابة أو مصاهرة، أو خصومة وعداوة أو مودة، أو استشعار الحرج.
وقد ارتأى رئيس الغرفة الابتدائية في بعبدا الناظرة في الدعاوى العقارية القاضي لبيب سلهب سلوك طريق التنحّي على البتّ بدعوى تتعلّق بالوزير فهمي. على أنّ ما دوّنه في طلب التنحّي هو المهمّ، إذ إنّه قال إنّ فهمي دأب على التعرّض للقضاء والقضاة عبر وسائل الإعلام بشكل مهين ومؤذ وهذا ما كوّن لديه شعورًا بالعداء، وإذا لم تقبل محكمة الإستئناف بهذه الحجّة، فإنّ البديل هو استشعار الحرج.
وتتضح من مدلول مضمون طلب التنحّي أهمّيته المعنوية واعتباره رسالة احتجاج صريحة إلى كلّ سياسي قد يتعرّض للقضاء والقضاة ويكيل الاتهامات لهم من دون أن يرفقها بالأدلّة والإثباتات ممّا يوجب وضعها في خانة الإفتراء مع الملاحقة الجزائية.
“محكمة” تتفرّد بنشر ما عرضه القاضي سلهب في تنحّيه، وذلك على الشكل التالي:
“جانب محكمة الاستئناف في جبل لبنان
لمّا كان المدعي السيّد محمد إبراهيم فهمي، وزير داخلية هذه البلاد، قد دأب منذ مدّة على التعرّض السافر للقضاء والقضاة عبر وسائل الإعلام على نحو مهين ومستفزّ ما ولّد في نفسي تجاهه شعورًا بالعداء قد لا أستطيع معه الحكم في هذه الدعوى بغير ميل، ما يقتضي مني سندًا للمادتين 120و121 أ.م.م. عرض التنحّي عن نظر الدعوى.
واستطرادًا وفي حال لم تقتنع محكمتكم الموقّرة بسبب التنحّي المبيّن آنفًا، فإنّي أعرض التنحّي لاستشعاري الحرج سندًا للمادة 122 أ.م.م.
لذلك، أعرض التنحّي عن نظر الدعوى الحاضرة راجيًا قبوله.”
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/8/3
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتبادل أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.