لن أخذل الشعب والقضاة/محمد وسام المرتضى
وزير الثقافة العامة القاضي محمّد وسام المرتضى:
الظرفُ يفرُض فرضاً الإقلالَ من الكلامِ والإنصرافَ الى العملِ،
فالناس قد سئمتِ الكلامَ، ولا يعنيها إلاّ خلاصُها من هذا الواقعِ المُذلِّ، المهيمنِ راهناً على كُلِّ مِفصلٍ من مفاصلِ حياتها ويومياتها.
لكن ثمّة أعرافاً لا بُدّ من مراعاتها،
وعلى هذا الأساس، تشرفّت بدعوتكم للحضور، فتفضّلتم ولبيّتم الدعوة،
ومن خلالكم أُقدّم جواباً على سؤالين أعتقد جازماً أنهما يدوران في ذهن الكثير من اللبنانيين:
السؤالُ الأوّلُ: نحن في بلدٍ غارقٍ في القهرِ والفقرِ، وجميعنا قلبُهُ مسكونٌ بالهمِّ، ومعظُمنا يعيشُ أسوأ تجاربَ البؤسِ، فكيف تُجعلُ للثقافةِ حقيبةٌ فيما نحن نعاني من ظروفٍ مأساويةٍ تكاد تُطيح بلبنان وبمستقبل اللبنانيين؟
وجوابي على هذا السؤال، أنّ رأسَمالَ لبنانْ الأوّل هو الثقافة، ما يحتّمُ جعلها في صُلبِ جهادنا بعرض سعينا الى نجاته ونهوضه واستعادته لريادته؛ فالثقافة هي التي تبثُّ فينا الوعْيَ تجاه ما يُحاكُ لنا.
وهي التي تحملنا حمْلاً على أن ننطلق من ظُلُمات الإنغلاقِ والتعصّبِ الى رحابِ الإنفتاح والتلاقي.
وهي التي تجعلُنا نُذلّل المعوّقاتِ الناجمةِ عن خلافاتنا وإختلافاتنا. وهي التي تُفضي بنا الى أن نتعاون جميعاً على إنقاذ سفينة الوطن والإنتقال بها إنْ لم يكن الى برِّ أمانٍ، فأقلّه الى مياهٍ أهونُ جنوناً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولًا،
وكلّي إصرارٌ على أن يستعيد لبنانُ مكانته منارةً ثقافيةً ومركزاً للتلاقي وحوار الحضارات. كما أتعهّد مرحلياً ببذل كلّ ما في وسعي لدعم وتثمين جهود اللبنانيين الثقافية سواء في الوطن أم في المهجر، مع الحرص على اقامة الاحداث الثقافية بأفضل ما يسمح به الوضع المالي الراهن لوطننا المأزوم.
ذلك هو جوابي على السؤال الأوّل؛
أما السؤال الثاني فمضمونه من هو هذا الشخص الذي استُنسِبَ أن يكون وزيراً من عداد الوزراء في هذه الحكومة العتيدة؟
وعلى هذا السؤال أُجيب اجابةً بسيطة لها مدلولها الكبير:
أنا ابٌ لأولادٍ ثلاثة مصرّين مثله بل أكثر على البقاء في لبنان، فلا مفرّ من النجاح لأن الخلاص هو خلاصٌ لهم قبل سواهم،
وأنا قادمٌ الى الوزارة من القضاء وقد صرفتُ فيه حتى حينه زهاء خمسةٍ وعشرين عاماً من عمري، وعائدٌ اليه لأصرِفَ فيه، مع زملاءٍ أحبهم وأُجلّهم وأوجِّهُ لهم التحيّة والتقدير، البقية الباقية اذا ما أعطاني الله عُمْراً، فلا يجوزُ لي أن أخذلهم ولن أخذلهم بإذن الله،
حُمّلت أمانة وِزارة الثقافةِ العامةِ ومهمةَ أن أكون فرداً فاعلاً في عملِ الحكومةِ،
وانا ممن إذا حُمّل حَمَلْ،
وسوف انبري الى أداء هذين الدورين على أتمّ وجهٍ،
وهذا عهدي أمام الله، وامام الشعب اللبناني، وامام أولادي، وأمام زملائي القضاة، هم وسائر من وضع ثقةً بي،
كما أتعهّد بأن أحفظ ضميري، وبأن استمع بإصغاء، وبأن أحمل الهمّ، وبأن أسعى بكلّ ما أوتيت من اجل إحداث الفرق الإيجابي في كل مِفصلٍ من المفاصل التي ستعمل عليها هذه الحكومة،
دمتم،
عاش لبنانُ وطناً أبيّاً، منارةً للثقافة وقبلةً للمثقفين،
ووفقنا الله جميعاً لخدمته وحفظه وتحقيق خلاصه،
والسلام عليكم.
*ألقى الوزير القاضي محمد وسام المرتضى هذه الكلمة في حفل التسلّم والتسليم في الوزارة اليوم بينه وبين الوزير السابق الدكتور عباس مرتضى.
“محكمة” – الخميس في 2021/9/16