السجون اللبنانية…عالم آخر/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
يوم الأحد الماضي، دخل سبعماية وتسعة وعشرون محامياً ومحامية إلى السجون اللبنانية، بناء على مبادرة من نقيب المحامين الدكتور ملحم خلف وقرار مجلس نقابة المحامين، وموافقة من وزيرة الداخلية ومدعي عام التمييز ومدير عام قوى الأمن الداخلي. وكان الهدف من هذه الزيارات الإطلاع على أوضاع السجناء والسجون، ومعرفة تفاصيل مهمّة تتعلّق بمدى احترام حقوقهم المدنية والانسانية والصحيّة، وما إذا كان هناك موقوفون تتوجّب عليه غرامات بسيطة، وما إذا كانت المحاكمات تجري بصورة طبيعية أم أنّهم دخلوا إلى العالم المنسي في السجن.
وعلى الرغم من مئات الملاحظات التي سجّلتها بحكم أنّني دخلت السجن المركزي في رومية، حيث ترافقت والنقيب ملحم خلف ودخلنا جميع المباني ولم نترك زاوية إلاّ ودخلناها خصوصاً في المبنى المسمّى مبنى الخصوصية الأمنية والمخصّص للموقوفين الإسلاميين وموقوفي قضايا الإرهاب، واستفسرنا عن جميع الأمور في الأبنية الخمسة، والحالة المزرية التي يعيشها السجناء، حيث تمّت معاينة خمسة وستين سجيناً في يوم واحد من قبل الطبيب ومعظمهم يعانون من أوجاع في الكلي، حيث تبيّن أنّ المياه غير نظيفة. إذاً على الرغم من هذه الملاحظات التي سوف يتمّ توثيقها وتنظيم تقرير مفصّل عن حالة السجناء والسجون، إلاّ أنّه لفتتني حالة الاكتظاظ التي لا مبرّر لها، في ظلّ سهولة توقيف الناس، وخصوصاً في قضايا القدح والذمّ والقضايا المالية البسيطة. وتوصّلت إلى قناعة في طريق العودة، وهي أنّه يقتضي الطلب بإلحاح من قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الأساس في المحاكم الجزائية، زيارة السجون التي زرناها لمدّة يوم كامل للإطلاع على حالة المساجين والسجون.
وبانتظار الانتهاء من إعداد التقرير الشامل المفصّل، لديّ ملاحظة سريعة. فقد أفادنا العقيد غسان عثمان أنّ كلفة السجين بشكل عام (وليس فقط المأكل)، عالمياً هي ثلاثين دولاراً أميركياً في حين أنّ الكلفة في لبنان هي فقط ستّة عشر دولاراً أميركياً. والسؤال الذي يطرح هو الآتي: ما هي الفائدة من إبقاء السجين، الذي أفادنا، بأنّه أتمّ محكوميته وأنّ الغرامة المتوجّبة عليه هي مليونا ليرة لبنانية يجري سجنه عن كلّ عشرة آلاف لبنانية يوماً وفقاً للقانون؟ خصوصاً وأنّ كلفة إبقائه في السجن أعلى من قيمة الغرامة.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/12/24