ترجل البابا.. حامل “وثيقة الأخوة الإنسانية”/أنطونيو الهاشم

أنطونيو الهاشم(نقيب المحامين في بيروت سابقًا):
حين يُترجَل الفارس لا تُسمَع فقط حوافر الصمت، بل يُدوِّي في الأرواح وجع الغياب. البابا، ذلك الشيخ الوقور الذي مشى على حبال الإنسانية كمن يمشي على الماء، لم يكن مجرد رمزٍ ديني، بل كان ضميرًا حيًّا ناطقًا بلغة الرحمة العابرة للحدود، والوجع المشترك بين بني الإنسان.
لقد ترجل اليوم حامل “وثيقة الأخوة الإنسانية”، ذاك المهندس الروحي الذي نسج من حروفها جسرًا بين الضفتين، بين الشرق والغرب، بين المعابد والمساجد، بين دعاء الأرامل وتراتيل اليتامى، بين تنهيدات اللاجئين وصلوات المظلومين.
عزاؤنا لكل قلب نبض يومًا بالخير، لكل عين دمعت حين قرأت تلك الوثيقة، لكل روح وجدت فيها مرآة لإنسانيتها. عزاؤنا للأزهر الشريف، الشريك في هذه الرسالة النبيلة، وللإنسانية كلها وقد فقدت أحد أعمدتها الذين حاولوا أن يضيئوا دربًا طويلًا من النور في ليل العالم الممتد.
لكنّ الكبار لا يرحلون حقًا، بل يصيرون فكرة، وتوقًا، وصوتًا خافتًا في الضمير البشري. ولعل البابا فرنسيس، وقد ترجل، إنما امتطى الآن صهوة الخلود.
“محكمة” – الاثنين في 2025/4/21