أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

خاص “محكمة”: حكم للقاضي طارق بو نصّار يتعلّق بالخطأ الطبّي: عملية شفط دهون تنتهي بضرر كبير وتغريم الأطباء/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
في حكم مهمّ يتعلّق بظاهرة عمليات شفط الدهون من أماكن مختلفة من جسد الانسان وتسبّبها في بعض الأحيان بمضاعفات طبّية تلحق به الأذى المعنوي والنفسي والمادي وصولاً إلى التشوّه والعاهة وربّما الموت، لم يتردّد القاضي المنفرد الجزائي في جديدة المتن طارق بو نصّار في إقفال المركز الخاص بالتجميل في إحدى بلدات المتن الشمالي إلى حين الاستحصال على ترخيص رسمي، وحبس الأطباء المعنيين ثمّ استبدال الحبس بغرامة مالية وإلزامهم بدفع نفقات معالجة المريض لارتكابهم خطأ طبياً واضحاً من دون أن يغفل معاقبة المستشفى التي نقل إليها المريض من المركز الخاص بالتجميل.
ويكمن الخطأ الطبّي في أنّ المريض لم يكن بحاجة إلى عملية شفط دهون وإنّما ربط معدة مع معالجة من خلال حمية غذائية على ما قال أطباء جرى الاستئناس بآرائهم العلمية في هذا المجال كما هو وارد في متن الحكم الذي كان القاضي بو نصّار يقظاً في معالجته حرفاً فحرفاً سواء من حيث استجواب الأطباء المدعى عليهم مراراً واستجماع كلّ المعلومات والمعطيات الطبية التي تتيح له الحكم براحة ضمير، فضلاً عن شرحه المسهب لماهية الخطأ الطبي وكيفية مقاربة الطبيب لداء مريضه من جميع النواحي الرامية إلى تحقيق النجاح، والعلاقة القائمة بينهما.
والحقّ يقال إنّ القاضي بو نصّار عمل على هذا الملفّ بتأن وقدّم معالجة قانونية صائبة تظهر أنّ الحكم استغرق منه ساعات وساعات لكي يصل إلى برّ النتيجة المطلوبة.
“محكمة” تتفرّد بنشر هذا الحكم الكبير بسبب أهميته والمعالجة القانونية الواردة فيه، وذلك على الشكل التالي:
باسم الشعب اللبناني
إن القاضي المنفرد الجزائي في المتن،
لدى التدقيق،
وبعد الإطلاع على الملف المحال من جانب النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان برقم أساس 2015/20922 وتاريخ 2016/8/23 ،
وعلى القرار الظني الصادر عن حضرة قاضي التحقيق في جبل لبنان برقم /439/ وتاريخ 2016/7/21 ، والقاضي بالظن بالمدعى عليهم: (…)
سندا ً لأحكام المادة 1/565 من قانون العقوبات، معطوفة على المادة /210/عقوبات بالنسبة للمدعى عليهما السابعة والتاسعة، وذلك بناء ً على الشكوى المباشرة المقدمة أمام جانب النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان من المدعي أ. ع.، الذي عاد واتخذ صفة الإدعاء الشخصي امام هذه المحكمة بحق المدعى عليهم باستثناء الدكتور(…) بصفته الشخصية لا بصفته المدير والمفوض بالتوقيع عن شركة مستشفى(…)،
وتبيّن أن نبيل أ. ع. اتخذ صفة الإدعاء الشخصي بحق المدعى عليهم تبعاً للإدّعاء العام، مستثنياً المدعى عليه الدكتور(…) بصفته الشخصية لا بصفته المدير والمفوض بالتوقيع عن شركة مستشفى(…)،
وبنتيجة المحاكمة العلنية، وبعد الإطّلاع على الأوراق كافّة وتلاوتها علناً، تبيّن ما يلي:
أولاً: في الواقعات:
أنّه في تاريخ 2014/4/24 تقدم المدعي أ. ع. بشكوى امام النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان عارضاً ان ابنه ن. ع. أدخل إلى عيادة المدعى عليه(…) للخضوع لعملية “شفط الدهون” من معدته، فقامت المدعى عليها الدكتورة(…) بإجراء العملية التي استمرت لساعتيْن، وأثناء العملية أصيب ابنه (ن) بهبوط في الضغط، ولم تجر له الإسعافات اللازمة ولم يسعَ القيّمون لمعرفة السبب، فقام المدعى عليه(…) بنقله إلى مستشفى(…) حيث أجريت له الصور الشعاعية وأُعطي تقريراً مفاده أن حالته طبيعية، إلا أن حالته هذه تدهورت وازدادت سوءاً، فاضطر إلى نقل ابنه إلى مستشفى الجامعة الأميركية، حيث جرى التدقيق في القرص المدمج المستخرج من مستشفى(…) ليتبيّن بصورة جليّة أن “تفخيتا” قد حصل في مصارينه، وعلى أثر ذلك أجريت له عملية جراحية مستعجلة وهو لا يزال في حالة خطرة جداً،
على الأثر، وبناء على إشارة القضاء المختص، بوشر بالتحقيقات الأولية وجرى استيضاح المدعي أ. ع. الذي كرّر مآل شكواه وأضاف أنه أثناء إجراء عملية شفط الدهون لابنه (ن) تدهور وضعه الصحي بصورة مفاجئة وتبيّن حصول أخطاء طبية جسيمة، وهي أن من أقدم على التخدير -تبين انه المدعى عليه الطبيب(…)- قد لا يكون مخولاً للعمل في لبنان، وأن المدعى عليها الطبيبة(…) أقدمت على وضع المواسير لتشفط الدهون حيث وقع الخطأ الجسيم المؤدي إلى إحداث الثقوب والجروح البالغة في البطن والمصارين ممّا أدى بدوره إلى نزيف دمويّ حاد لأكثر من ساعتين وانخفاض ضغط الدم إلى ثلاث درجات، وأن العناية الإلهية حالت دون وفاة ابنه، في حين لم يحرك المدعى عليهما(……) ساكناً، وبناءً على طلب زوجة ابنه جرى نقله إلى مستشفى(…) -أي المدعى عليها شركة مستشفى(…) ش.م.م.-، فأدخل المستشفى المذكور ومكث فيه لسبعة أيام أي من تاريخ 2014/4/3 لغاية 2014/4/10 ، وأنه حضر إلى المستشفى في 2014/4/9 وشاهد ابنه بحالة مزرية مصاباً بانتفاخ في البطن واسوداد في الجلد وكأنه مهترئ، وأنه راجع أحد الأطباء مبدياً رغبته بنقل ابنه إلى مستشفى الجامعة الاميركية لكن الطبيب المذكور رفض تسليمه ابنه بحجة أن صندوق المحاسبة قد أقفل ولا يستطيع إخراجه قبل اليوم التالي، وأنه حضر في اليوم التالي أي في 2014/4/10 فقابله المدعى عليه الطبيب(…) الذي أعلمه بأن غرفة العمليات جاهزة وأنه سوف يقوم بإفراغ “الإلتهابات والعمل” من بطنه، مع العلم أنه خلال الأسبوع المتواجد فيه لدى مستشفى(…) أجريت لابنه الصور والفحوص وأعطي تقريراً مفاده ان كل ما أصيب به مجرد إلتهاب في المعدة، وأنه رفض إجراء العملية في مستشفى(…) ونقل ابنه إلى مستشفى الجامعة الأميركية بعد ان دفع مبلغ خمسة ملايين ل.ل. إلى المحاسبة لدى مستشفى(…)، ودفعت زوجة ابنه مبلغ مائتي د.أ. إلى الطبيب الجرّاح الذي كشف عليه، وبعد إدخاله إلى مستشفى الجامعة الأميركية جرى تسليم نتائج الفحوص المجراة لدى مستشفى(…) إلى طبيب الطوارئ هناك الذي فوجئ لدى الإطلاع عليها بوجود سبعة ثقوب في المصارين وثقب كبير في البطن “جدار المعدة”، وأن الطبيب لدى مستشفى الجامعة الأميركية(…) أعلمه أن حظوظ ابنه بالبقاء على قيد الحياة قليلة جداً، فأجريت له عمليات جراحية عدة منذ 2014/4/10 تكلّلت بالنجاح، وبتاريخ 2014/4/30 استيقظ ابنه من الغيبوبة، وأن المدعى عليه(…) سدد دفعة من حساب الجامعة الاميركية بعد ان قام “بتغريم” طبيب البنج(….) بمبلغ ألفي د.أ. والطبيبة(….) بمبلغ /6250/د.أ.، وأنه يستغرب بقاء ابنه مدة أسبوع لدى مستشفى(…) دون أن تجرى له الصور اللازمة لمعرفة سبب النزيف،
ثم جرى تكليف الطبيب الشرعي(…) بالكشف على المريض ن.ع. والإطلاع على جميع الملفات الطبية العائدة له،
وبالإستماع إلى المدعى عليه(…) أفاد أنه يملك مركزاً للتجميل في محلة(…) منذ حوالى ثلاث سنوات وأنه تقدم بطلب للحصول على ترخيص من وزارة الصحة مسجل تحت الرقم 2013/16396 تاريخ 2013/5/14، وأنه ليس طبيباً ولا خبير تجميل، وأنه يستقبل الزبائن بناءً على حجز مسبق، وهذا ما حصل مع ن. ع. الذي حضر وحجز موعداً بواسطة شقيقته (ه) التي يوجد تعامل بينه وبينها في مجال التجميل وعمليات “الشفط”، وأن (ن) المذكور حضر في 2014/4/3 لإجراء عملية “شفط الدهون” من البطن وقد حصل ذلك إذ أدخل لإجراء العملية على يد الطبيبة المدعى عليها(…) وطبيب البنج المدعى عليه(…)، وقد أجريت العملية بالفعل لكن أثناء إجرائها حصل خطأ طبي من الطبيبة(…) وبعد حوالى الساعة أفيد بأن المريض ن.ع. تعرض لمشكلة طبية فعمل مع الطبيبين المذكورين وشقيقة المريض على نقله إلى مستشفى(…) وكان لا يزال في كامل وعيه، وأن المريض نقل بواسطة سيارة تابعة لمركز التجميل خاصته وكان برفقته الطبيبان(….)، وأدخل مستشفى(…) بغية إسعافه ومعرفة ما الذي تعرض له، وأنهم في المركز العائد له يقومون بإجراء الفحوص اللازمة قبل إجراء أي عملية، وأن ن. ع. مكث في مستشفى(…) لسبعة أيام وأنه خلال هذه المدة كان يحضر إلى مستشفى(…) للإطمئنان على صحته ويسأل الأطباء المعالجين عن وضعه الصحي وكان الجواب دائماً انه يعاني من إلتهابات وسيخرج قريباً من المستشفى، وأن سدّد مبلغ ثلاثة آلاف د.ا. بموجب شيك سلّمه إلى زوجة ن. ع. في سبيل تسديد فاتورة المستشفى، وأنه خلال وجود نبيل المذكور في مستشفى(…) لم يدرك الأطباء السبب الحقيقي وراء وضعه الصحي ولم يخبره احد عن هذا الوضع باستثناء وجود بعض الإلتهابات، ولم يعلمه أحد بوجود ثقوب في بطن (ن) لكنه علم بذلك لاحقاً من الطاقم الطبي لدى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وأن إدارة مستشفى(…)، كما والأطباء هناك، كانوا بصدد إخراج المريض (ن) إلى منزله، لكن في اليوم الأخير، أي بتاريخ 2014/4/9، قرّر الأطباء إجراء صورة “سكانر” له، وفي 2014/4/10 قرّروا إجراء العملية لكن بالتعاون مع ذوي المريض وبعض الأطباء تمّ نقل (ن) إلى مستشفى الجامعة الأميركية حيث تبين له حقيقة ما حصل مع المريض المذكور، وأن القرص المدمج الذي يحتوي على صورة البطن للمريض والمأخوذة في مستشفى(…) استلمه المعنيون لدى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، واكتشفوا وجود ثقوب في البطن والمصران، وأنه سدّد مبلغ عشرين ألف د.أ. لمستشفى الجامعة الأميركية في بيروت كدفعة على الحساب بالإضافة إلى مبلغ الثلاثة آلاف المسدد في مستشفى(…)،
وصرحت المدعى عليها(…) أنها طبيبة متخصصة في مجال التجميل ومسجلة لدى نقابة الأطباء، وأنها بدأت عملها الطبي بعد تخرجها في العام /2011/ وتعمل في مجال اختصاصها لدى مراكز التجميل والمستشفيات، وأنه بتاريخ 2014/4/3 حضر إلى مركز التجميل ن. ع. لإجراء عملية شفط دهون من رقبته وصدره وبطنه، وبعد أن سألته بضعة أسئلة طبية معتادة، وبعد إجراء فحص دم له، حدّدت له موعد العملية في التاريخ عينه، وبالفعل أجرت له عملية الشفط حيث قامت بشفط الدهون من رقبته وصدره وبطنه، وأثناء شفط الدهون من بطنه فوجئت بخروج الدماء من الأنبوب الذي تسحب به الدهون، فأوقفت العملية، وبعد محاولات متكررة لوقف نزيف الدماء لم تفلح، فاتفقت مع المدعى عليه الطبيب(…) على نقل المريض إلى المستشفى وبالفعل نقلاه إلى مستشفى(…) ورافقاه إلى المستشفى المذكور، وأنه تم نقله إلى مستشفى(….) بعد حوالى الساعة من انتهاء عملية الشفط، ولدى وصولهم إلى مستشفى(….) كان ضغط المريض طبيعياً وكان يسير على قدميه بشكل طبيعي، وأنه بعد دخوله إلى مستشفى(…) أُدخل إلى العناية المشدّدة وقابلت بدورها طبيباً يدعى(…) وأخبرته تفصيليا بما حصل معها أثناء عملية الشفط، ولم يتبين انه يوجد ثقوب في بطنه ولكن في مستشفى(…) لم يكتشفوا وضع المريض، ولو تبيّن انه يوجد ثقوب في الامعاء لكانت المعالجة سهلة جداً،
وصرح المدعى عليه(….) انه طبيب إختصاصي في التخدير والإنعاش ويمارس مهنة الطب منذ حوالى العشر سنوات ويعمل لدى مركز(…) منذ حوالى الخمس سنوات ويقوم بمراقبة وضع المريض الصحي أثناء العمل الجراحي، وأنه أثناء قيام الطبيبة(…) بشفط الدهون من بطن ن. ع. فوجئ بوجود دماء تخرج بواسطة الانبوب المستعمل للشفط فاتفق مع الدكتورة(…) على وقف العملية وهذا ما حصل، وحاولا وقف النزيف لكنهما لم ينجحا، فعملا على نقله إلى مستشفى(…) لكن قبل ذلك عمل على أن يبقى وضع المريض مستقراً، وأن المدعى عليه(…)، صاحب المركز، اتصل بالصليب الأحمر لنقل المريض فأعلموه أن سيارة الإسعاف لن تحضر قبل ساعتين، لذلك وكسباً للوقت عملا على نقله بواسطة سيارة تعود لسائق لدى المركز، وأنه بعد دخول المريض إلى مستشفى(….) انتهى دوره نهائياً كطبيب بنج، ويعتقد أن الأطباء في مستشفى(…) لم يشخصوا وضع المريض جيداً ولو جرى التشخيص بشكل صحيح لكان الأمر سهلاً ولم تتراجع حالته إلى الحد الذي وصل إليه،
بعدها، جرى استيضاح الطبيب الشرعي المكلف، والذي بات يحوز على ملفات المريض الطبية، عن هوية من عاين المريض في مستشفى(…)، فأفاد انهما الطبيبان(…….)، وصار الإستماع إليهما بحضور الطبيب الشرعي ومحامي نقابة الأطباء الأستاذ(…)،
فباستيضاح المدعى عليه(…) أفاد أنه طبيب يعمل لدى مستشفى(…) وفي 2014/4/3 أُحضر إلى المستشفى المذكور المريض ن. ع. على أثر نزيف وهبوط في الضغط ناتج عن إجراء عمل جراحي في احد المراكز، وفور إدخاله إلى المستشفى عملوا على رفع مستوى الضغط قبل إجراء أي شيء آخر خوفاً من توقف عمل الكلى، وخلال ساعتين أو ثلاث ساعات استقرّ وضع المريض وارتفع الضغط من 7/5  إلى 11/10، وبدأ “يبول” وأصبح عمل الكليتين طبيعيا، وفي هذه الأثناء عاينه المدعى عليه الطبيب الجراح(…) وصرّح أنه ليس بحاجة إلى عمل جراحي في الوقت الحاضر وقد دوّن ذلك في ملفّه الطبي أي أنه يحتاج إلى “علاج بالأدوية فقط”، وفي اليوم التالي تبين أن نسبة الإلتهاب في الدم هبطت ونسبة الزُلال انخفضت أيضاً، وأقدم المريض على تناول الطعام والخروج بشكل طبيعي، وفي اليوم الثالث أي بتاريخ 2014/4/5  أصبح الزلال طبيعيا ووضع المريض مستقرا، وقاموا بإخراجه من قسم العناية إلى غرفة عادية، وفي 2014/4/6 عاين بنفسه المريض ن.ع. وكان وضعه طبيعيا جدا، مع العلم أنه في 2014/4/6 ، صودف يوم احد، أقدم ذوو المريض على إحضار طبيب من خارج المستشفى يدعى(…) لمعاينة المريض والوقوف على وضعه الصحي، فعاينه ولم يقترح أي عمل طبي إضافي، وبتاريخ 2014/4/7  وبعد أن أجريت للمريض فحوص الدم تبين أن نسبة الإلتهاب بدأت بالإرتفاع كما تبين وجود فقر دم، فاتصل على الفور بطبيب الدم الذي اقترح استبدال دواء الإلتهاب وإعطاءه وحدة دم إضافية، وفي 2014/4/8  اجري له مجدداً فحص دم ليتبين أن نسبة الإلتهاب ارتفعت عن اليوم السابق، فاتصل عندها بالطبيب الجراح وطلب منه الحضور لمعاينة المريض، وبالفعل حضر الطبيب(…) وعاينه مجدداً وأدلى بانه سوف يحضر شخصياً في اليوم التالي ليقوم باستبدال الضمادات الموضوعة على الجروح، وحضر فعلاً الطبيب(..) في اليوم التالي أي بتاريخ 2014/4/9 وطلب إجراء صورة “سكانر” للمريض، وبعد إجراء الصورة واطلاع الطبيب الجراح المذكور عليها، طلب إجراء عملية جراحية فوراً للمريض لكن ذويه رفضوا ذلك وطلبوا نقله إلى مستشفى آخر، وأنه لم يجر الصور للمريض في اليوم الثاني كونه كان قد تماثل للشفاء ولم يعد بحاجة لها، وانه لم يحصل لدى مستشفى(…) أي إهمال أو تقصير بحق المريض ن. ع.،
وادلى المدعى عليه(…) أنه طبيب جرّاح وأثناء تواجد المريض ن. ع. في مستشفى(…) عاينه بتاريخ 2014/4/3 حوالى الساعة السابعة مساءً داخل قسم العناية الفائقة، وذلك على أثر نزيف من ثقوب في بطنه من الخارج حيث كان ينزف وضغط الدم في حالة هبوط، ولدى معاينته له لم يتبين أنه بحاجة لعملية جراحية، وعمل على ربط بطنه بضمادات وشدّها على البطن ليتوقف النزيف، ولدى إجراء الفحص السريري له لم يتبين وجوب إجراء أي عمل جراحي ولم يتبين وجود أي إلتهاب غير طبيعي، وبتاريخ 2014/4/4 حضر مجدداً وعاين المريض ن.ع. وكان وضعه طبيعيا وفحوص الدم طبيعية والوضع مستقرّاً ولدى سؤاله أجابه المريض انه لا يعاني من آلام في البطن ولا يوجد آثار إلتهاب أو إحمرار على جلد البطن الخارجي، وتاكد أن المريض كان قيد المعالجة بواسطة ادوية مضادات حيوية، وأنه كان على تواصل بشكل دائم مع المدعى عليه الطبيب(…) وبصورة يومية، لكنه لم يعاين المريض لغاية 2014/4/8 ، حيث عاينه وطلب منه إجراء صورة “سكانر” كونه شاهد احمراراً على جلد البطن الخارجي الذي لم يشاهده في السابق أي لم يكن موجوداً، وفي صباح 2014/4/9 أجريت للمريض صورة “سكانر”، وعندما حضر إلى المستشفى اطّلع على الصورة وشاهد العديد من “خراجات العمل” تحت الجلد في الطبقة الذهنية ووجود “فقعات هواء” داخل عضلات البطن وكمية ضئيلة منها خلف جدار البطن وهذا مدون في التقرير الذي نظّمه طبيب الأشعة، فاستدعى ذوي المريض وأطلعهم على وضعه الطبي ووجوب إجراء عملية جراحية له لاحتمال وجود ثقب في الأمعاء، لكنهم رفضوا إجراء العملية في مستشفى(…) وطلبوا نقله إلى مستشفى الجامعة الأميركية مع العلم انه أخبرهم بإمكانية مستشفى(…) وقدرته الشخصية على إجراء العملية، وانه لم يتحدث مع ذوي المريض حول أي مبلغ مالي أو ما شابه وهذا الموضوع يتعلق بإدارة المستشفى، وانه اعطى اهل المريض(…) تقريراً مفصلاً عن وضعه لتقديمه إلى الطبيب الذي سيعالجه،
وبالإستماع مجدداً إلى المدعى عليها(…) أفادت أن المدعى عليه (…) كان موجوداً في المركز أثناء إجراء عملية الشفط، وانه أثناء إجراء العملية لم يحصل أي امر غير طبيعي لحين خروج الدماء في الأنبوب فأوقفت العملية وعملت من ثم على نقل المريض إلى مستشفى(…) حيث يوجد أطباء متخصصون وجراحون يمكنهم الوقوف على حقيقة الأمر، وتعتقد ان ما حصل مع المريض ن.ع. كناية عن مضاعفة طبية قد تحصل بعد إجراء أي عمل جراحي، وأن تفاقم وضع المريض حصل في مستشفى(…) لعدم إدراكهم وقيامهم بإجراء الصور التي تبين حقيقة وضعه الصحي،
وصرح المدعى عليه(…) أنه صاحب مستشفى(…) ولا دور له عندما يكون المريض يتلقى العلاج في المستشفى إذ أن دوره يقتصر على الإدارة فقط، وأن المريض ن. ع. لم يهمل في المستشفى إنما أجريت له الطبابة بشكل صحيح وكل عملية استشفاء حصلت في وقتها، وان المريض المذكور أدخل إلى المستشفى في 2014/4/3  ولم تجر له الصور اللازمة بسبب ارتفاع بمعدل الزلال ممّا يسبب له مضاعفات وفشل كلوي ومن ثم، وبعد تحسن الوضع، لم تجر له الصور بسبب التحسن وعودة حالته إلى الحالة الطبيعية، وان طبيب الأشعة لدى المستشفى(…) نظم تقريراً مفاده وجود “فقاقيع هواء” وقراءته كانت صحيحة، وانه لا يتابع أوضاع وحالات المرضى نهائياً إلا عند الضرورة القصوى، وانه اطلع على موضوع المريض(…) بعد خروجه من المستشفى، وانه لا يتابع ملفات المرضى لأن الأطباء يتولون ذلك، وأن صندوق المحاسبة لدى المستشفى لا يقفل ويوجد محاسب على مدار الساعة، وما صرح به المدعي والد المريض، لجهة تعذر إخراج ابنه من مستشفى(…) في 2014/4/8  بعد رفض الأطباء متذرعين بإقفال الصندوق، غير صحيح على الإطلاق،
وأفاد المدعى عليه(…) أنه يمارس مهنته كطبيب أشعة لدى مستشفى (…) منذ حوالى ثماني وعشرون سنة، وأنه في 2014/4/3 طُلب منه إجراء صور “سكانر” للمريض ن. ع. لكن تعذّر إجراء الصور كون نسبة الزلال في الدم كانت مرتفعة ممّا قد يسبّب له قصور في عمل الكليتين، ولكن في اليوم التالي لم يُطلب منه إجراء الصور، وبتاريخ 2014/4/9 طُلب منه إجراء الصور وإعطاء تقرير في ضوئها لأن حالة المريض الصحية ساءت، فأجرى له صور الـ”سكانر” وتبين من الصور وجود “سماكة” وكمية كبيرة من الهواء في جدار البطن الأمامي وكمية من الماء والهواء داخل البطن و”سماكة” في دهن الأغشية التي تغلف الأمعاء، ويستدل من ذلك أنه يوجد مشكلة كبيرة وأساسية في جدار البطن واحتمال مشكلة صغيرة وبعض الإشتراكات في الأمعاء، وأنه سلّم الطبيب الجراح التقرير والقرص المدمج وتناقش معه حول حالة المريض وتوصلا إلى وجوب إجراء عملية جراحية للمريض وفتح البطن، وأن مثل هذه الحالة حصلت من قبل، وأنه علم لدى دخول المريض إلى المستشفى أنه كان يخضع لعملية شفط دهون لدى أحد مراكز التجميل، وأنه قام بعمله بشكل جيد ولدى إحضار المريض إلى الأشعة أجرى له الفحوص والصور اللازمة،
وبالإستماع مجدداً إلى المدعي أ. ع. بتاريخ 16/6/2014 أفاد أن ابنه (ن) أُدخل إلى مستشفى الجامعة الأميركية وأجريت له العمليات الجراحية وتحسن وضعه الصحي وغادر المستشفى لكنه لا يزال بحاجة إلى عمليات جراحية عدّة في المستقبل، وأنه دُفع إلى صندوق مستشفى الجامعة الأميركية مبلغ وقدره ستة وسبعون مليون ل.ل. وللتوضيح أفاد انه دفع مبلغ /21000000/ ل.ل. من ماله الخاص فيما دفع المدعى عليه(…) مبلغ /55000000/ل.ل. بدل العلاج لابنه (ن)، وعلم من الطبيبيْن(……) أن ابنه بحاجة لإجراء عدة عمليات وهذه العمليات قد تكلف حوالى /250000/د.أ.، وأن ابنه بقي في مستشفى(…) منذ 2014/4/3 حتى 2014/4/9 دون أن تجرى له الصور الشعاعية ممّا سبّب اهتراء في بطنه وجلده، وقد حضر مجدداً المدعى عليه(…) في 2014/6/17 وصرح أن المريض(…) أُخرج من مستشفى الجامعة الأميركية بعد أن خضع لعمليات جراحية عدّة وتماثل إلى الشفاء وما زال بحاجة إلى عمليات ترميم وتجميل وأنه سدّد من قيمة فاتورة الإستشفاء مبلغ /58000000/ل.ل. مفصلاً على الشكل التالي: مبلغ ثلاثين مليون ل.ل. دفعه إلى صندوق الجامعة الأميركية في بيروت، ومبلغ خمسة وعشرين مليون ل.ل. سلّمه إلى المدعي أ.ع. ومبلغ ثلاثة ملايين ل.ل. سلمه إلى شقيقة المريض المدعوة ه. ع.، هذا بالإضافة إلى مبلغ ثلاثة آلاف د.أ. كان قد دفعها لتسديد فاتورة مستشفى(…)،
وكذلك، في سياق التحقيق الأولي، أبرز الطبيب الشرعي (..) تقريراً طبياً منظماً من قبله يتضمن المراحل التي مرّ بها المريض ن.ع. والعمليات التي خضع لها لدى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت والتي يمكن اختصارها، وفقاً للتقرير الصادر عن الأطباء المعالجين لدى مستشفى الجامعة الاميركية، بما يلي: “تعرّضه لثقوب في الامعاء الدقيقة مع إهتراء في الأنسجة المغلفة للبطن جرّاء عملية شفط الدهون ممّا أوجب فتح تشخيصي استكشافي للبطن واستئصال قسم من الأمعاء وتوصيل أقسام الأمعاء واستئصال واسع للجلد والأنسجة ما تحت الجلد لكافة جدار البطن مع الغشاء وجزء من الصدر على الجهتيْن اليمنى واليسرى، وأن المريض ن.ع. أعطي بنجا عاما وجرى تنظيف منطقة العمل الجراحي كالمعتاد وقام بالجراحة الدكتور(…) وفريقه، وتم فتح البطن بغرض الإستطلاع ووجدت ثقوب متعددة في الأقسام المختلفة للأمعاء الدقيقة بسبب الشفط والعلاج باللايزر، وتم استئصال كافة الأقسام بواسطة آلة واستعملت بعض العبوات لتفريق الأمعاء والقيام بعملية التوصيل الأولي مع فصل غشاء الأمعاء، وأجريت عملية تغسيل واسعة ووُجد دليل يُظهر التهاب الغشاء للإهتراء وتم استئصال هذا الغشاء إضافة إلى تفريق مناطق الجلد والأنسجة ما تحت الجلد لوجود اهتراء مشهود في الأنسجة الدهنية والجلد، إضافة إلى كافة غشاء البطن ممّا استدعى استئصال الجلد والغشاء وأقسام من العضلات المهترئة والجلد وأنسجة ما تحت الجلد في أعلى الصدر كذلك إلى الجهة اليمنى واليسرى بسبب وجود غرغرين غازي في أنسجة ما تحت الجلد، وإن المنطقة المستأصلة كانت واسعة وتم وضع فتيل تحت الرقم /24/ عدد /2/ في البطن إضافة إلى وضع رقعة تغليف أُلصقت إلى غشاء البطن للتخفيف من عامل الضغط، كذلك أجريت عملية غسيل للمنطقة ومن ثم تمت تغطيتها، وأن وضع المريض كان حرجاً ممّا استدعى نقله مباشرة إلى وحدة العناية الفائقة”، وأضاف الطبيب الشرعي في تقريره أنه، وبالتشاور مع الأطباء المعالجين، فإن المريض ن. ع.، وبعد مغادرته مستشفى الجامعة الأميركية في 2014/5/12، سيبدأ بعد مضي خمسة او ستة أشهر بعمليات جراحية تجميلية ولضخامة الجرح وغياب القسم الأكبر من انسجة البطن فإن ذلك يستوجب عمليات متعددة وبين العمل الجراحي والآخر ثلاثة أشهر، وأن وضع المريض يستوجب الغيارات والمراقبة الطبية الدائمة ولا يمكن معرفة المضاعفات أو التعقيدات التي قد تحدث له،
كما أبرز الطبيب الشرعي(…) تقرير الأطباء العاملين لدى مركز(…) للتجميل، وتقرير أطباء مستشفى(…)، وتقرير وملف الجامعة الأميركية والأطباء المعالجين للمريض، والصور الفوتوغرافية للمريض ما قبل العمل الجراحي لدى مستشفى الجامعة الأميركية وما بعده،
وبتاريخ 2014/9/18 صار الإستماع إلى ن. أ. ع. فصرح أنه حضر بتاريخ 2014/4/3 إلى مركز(…) بغية معاينة العيادات في المركز المذكور وكان برفقة شقيقته (ه) التي تملك محلاً للتجميل في شارع الحمرا ولأنه، وبسبب طبيعة عملها، يوجد أعمال بينها وبين المركز المذكور، وأن شقيقته أعلمته أن أحد الأشخاص من التابعية التركية قد ألغى حجزه المسبق المقرر في 2014/4/3 ، وانه قابل صاحب المركز المدعى عليه(…) واتفقا على تفاصيل إجراء عملية شفط الدهون في اليوم ذاته وعلى أن يخضع للبنج الموضعي، وأن(…) المذكور أفهمه أن العملية ستستغرق الساعة وربع الساعة وخلال /48/ ساعة يعود وضعه إلى الوضع الطبيعي، وأنه سيكون بحالة الوعي التام أثناء عملية الشفط، وأنه لم يخضع لأي فحوص أو ما شابه لدى مركز(….) إنما باشروا فوراً بإجراء عملية الشفط، وأن العملية بدات عند الثامنة والنصف صباحاً حيث فقد وعيه لغاية الساعة الخامسة من بعد الظهر، حيث استعاد وعيه لدقيقة وفقده مجدداً، وأنه علم بما حصل له بعد خروجه من مستشفى الجامعة الأميركية مع العلم انه غادر المستشفى المذكور في 2014/5/12 ، وان حالته الصحية حالياً من أصعب الحالات في العالم كونه بحاجة إلى عددٍ من العمليات الجراحية حوالى العشر عمليات تفصل بين الواحدة والأخرى فترة ثلاثة أشهر، ولديه تقارير طبية تفيد بذلك، وأنه يتخذ صفة الإدعاء الشخصي ضدّ مركز(…) والطبيبة(…) وإدارة مستشفى(…) والأطباء الذين تابعوا وضعه وإدارة مستشفى الجامعة الأميركية طالباً إلزامهم بدفع تكاليف العمليات الجراحية التي ستجرى له خارج لبنان بالإضافة إلى العطل والضرر، وأن هناك مصاريف سابقة لم تدفع وحسابا مترتبا للجامعة الاميركية في بيروت قدره /84000000/ل.ل.،
وبتاريخ 2014/9/22 أجريت مقابلة بحضور محامي نقابة الأطباء ووكيلة المدعي (ن)، بين المدعيين ن. وأ. ع. من جهة، وجميع المستمع إليهم من المدعى عليهم من جهة اخرى، فأصرّ كلّ منهم على إفادته السابقة، وأبرزت المدعى عليها الدكتورة(…) تقريراً بالفحوص الطبية التي أجريت للمدعي(…) قبل المباشرة بعملية شفط الدهون في 2014/4/3 ، وصرّح الأطباء في مستشفى(…) انهم قاموا بواجباتهم الطبية اللازمة مع المريض في المستشفى المذكور كما صرحوا أنهم يتحملون نفقات معالجته في حال ألقيت عليهم أي مسؤولية بعد دراسة الملف من قبل نقابة الأطباء، وصرح المدعى عليه(…) أنه دفع /58000000/ل.ل. في الجامعة الأميركية في بيروت، وجرى في ختام المقابلة تسليم نسخة عن المحضر والتقارير الطبية لوكيل النقابة لضمها إلى ملف التحقيق المجرى من قبلها،
وبتاريخ 2015/3/20 وردت نتيجة دراسة الملف الطبي الصادرة عن لجنة التحقيقات المهنية لدى نقابة أطباء لبنان في 2015/2/5 والذي رأت فيه أن الثقب الذي ظهر في scan ناتج عن العمل الجراحي وهو من المضاعفات النادرة ممّا يدل على قلة احتراز خلال العمل الجراحي، وكان من المستحسن في هذه الحالة إجراء scan فوري وليس بعد أسبوع، وأن إجراء العمل الجراحي جاء متأخراً /24/ ساعة بعد التشخيص وذلك بسبب إصرار الأهل على نقل المريض ممّا زاد من خطورة المضاعفات، وأن العملية الجراحية في مستشفى الجامعة الاميركية مبررة وأجريت بحسب المعايير الطبية والعلمية، وبالنظر لحجم الأضرار الناجمة عن الإلتهابات وفقدان مساحة من الجلد والعضل في جدار البطن فإن المريض بحاجة إلى عمليات ترميمية متكررة،
جرى على الأثر الإستماع إلى إفادة المدعى عليهم من جديد، فأدلت المدعى عليها(…) بأن الثقب الحاصل للمريض ن.ع. هو من مضاعفات العمل الجراحي الذي خضع له المريض المذكور وتمّ التعامل مع الحالة باحتراز حيث نُقل المريض فوراً إلى المستشفى لمعرفة المضاعفات الحاصلة والتي لم تكن تدري بأنها ثقب بل نزيف ولو جرى علاج الثقب فوراً لما وصل المريض إلى الحالة الراهنة، وأنها على استعداد لدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبدها المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليها والتي سوف تحددها المحاكم المختصة، كما أفاد المدعى عليه(…) أنه يتعهد بدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبده المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليه والتي سوف تحددها المحاكم المختصة، كما صرح المدعى عليه(…) أن الثقب الحاصل في مصران المريض ليس قديماً بل يعود لبضعة ساعات كونه لم يكن يوجد “خراج” او إلتهابات قوية في البطن وأن دوره يقتصر على إجراء الصور الشعاعية في المستشفى وليس تقرير مصير المريض وأنه يتعهد بدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبده المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليه والتي سوف تحددها المحاكم المختصة، كذلك تعهد المدعى عليه(…) بدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبده المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليه والتي سوف تحددها المحاكم المختصة، وأفاد المدعى عليه(…) ان المريض ن. ع. ادخل إلى العناية في مستشفى(…) بتاريخ 2014/4/3 وأخرج منها في 2014/4/5  ممّا يدل على استقرار في حالته وتعهد بدوره بدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبده المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليه والتي سوف تحددها المحاكم المختصة، كما اكّد المدعى عليه(…) مجدداً أنه دفع مبلغ /58000000/ل.ل. بدل علاج المريض في مستشفى الجامعة الأميركية ومستشفى(…) وأنه مستعد لدفع التكاليف والمصاريف والعطل والضرر الذي تكبده المريض بحسب نسبة المسؤولية المترتبة عليه والتي سوف تحددها المحاكم المختصة،
وبتاريخ 2015/6/11 ، عادت لجنة التحقيقات المهنية لدى نقابة أطبّاء لبنان ووضعت محضراً توضيحياً لتقريرها السابق المؤرخ في 2015/2/5  رأت في خاتمته أن الثقب الذي ظهر في الـ “scan” ناتج عن عمل شفط الدهون وهو من المضاعفات النادرة التي تحصل بعد هذه العمليات ولكن عوارض هذه المضاعفات ظهرت بعد عدة أيام من العملية، وهذا عائد إلى احتمال حصول حرق في جدار الأمعاء أثناء عملية شفط الدهون العائد إلى التقنية المستعملة (لايزر ممكن أن يسبب حروق في الأمعاء) والتي تؤدي بعد ثلاثة او أربعة أيام من العملية إلى حدوث ثقب أو ثقوب في الأمعاء، ما قد يكون ناتجاً عن قلة احتراز خلال العمل الجراحي الأولي، وكان من المستحسن في هذه الحالة إجراء CT Scan في أسرع وقت ممكن، وإن إجراء العمل الجراحي جاء متأخراً /24/ ساعة بعد التشخيص بسبب إصرار الأهل على نقل المريض ما زاد من خطورة المضاعفات، وأن العملية الجراحية في مستشفى الجامعة الاميركية مبررة وأجريت بحسب المعايير الطبية والعلمية، وبالنظر لحجم الأضرار الناجمة عن الإلتهابات وفقدان مساحة من الجلد والعضل في جدار البطن، فإن المريض بحاجة إلى عمليات ترميمية متكررة،
وتبيّن أنه في تاريخ 2015/2/11 تقدم ن. أ. ع. بطلبٍ يرمي إلى الترخيص له بأخذ صورة عن أوراق الشكوى لإبلاغها من وزارة الصحة العامة، وبعد الموافقة جرى إبلاغ الصورة من جانب وزارة الصحة العامة التي أجرت تحقيقاً حول الموضوع، تخلله رأي للدكتور(…) -البروفسور في علم التشريح والأستاذ في الآداب المهنية الطبية- مرفوع إلى وزير الصحة العامة مفاده احتمال وجود خطأ طبي في عيادة(…) لم يُكشف عنه في مستشفى(…)، وكانت نتيجة التحقيق المذكور إحالة التقارير الطبية والتحقيقات كافة المجراة من قبل وزير الصحة العامة للنيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان لوجود خطأ طبي،
وفي سياق التحقيق الإبتدائي،
جرى الإستماع إلى الطبيب لدى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور(…) فأفاد أن عملية الشفط التي أجريت للمدعي ن. ع. محفوفة بالمخاطر وذلك نظراً إلى وزنه وكان يفضل في حالته إجراء عملية “تصغير معدة” لا سيما أن عملية الشفط تستعمل لإزالة تشوهات بسيطة لا تتجاوز في الوزن /4/كلغ في حين حالة المدعي تستدعي إزالة ما بين /30/ و/40/كلغ، وأن التشخيص السريع لحالة المدعي كان السبيل الوحيد لعلاجه وكان يجب أن يحصل منذ اليوم الأول لإدخاله مستشفى(…)، وبالإمكان الإستعانة بفحص المنظار إذا كانت الصورة غير كافية، وأنه بحسب ماهية العملية كان من واجب الطبيب الذي استلم المدعي في حالة طارئة الشكّ بأن هناك ضرراً داخل البطن وأن يبدأ المعاينة بالمنظار أو أن يفتح البطن ويعالج الأمر وليس مجرد المراقبة والإنتظار لكي تظهر العوارض إلى الخارج لأنه في هذه الحالة تصبح المعالجة صعبة لا بل مستحيلة،
كما ادلى الطبيب لدى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور(…)، المتخصّص في الجراحة الترميمية، بأنه في حالة المدعي ن. ع. لا يجوز إجراء الشفط لإزالة الوزن المطلوب إذ من المتعارف عليه طبياً أن عملية الشفط يمكن أن تزال بواسطتها كمية /6/ أو /7/ ليترات من الدهون في حين أن الكمية المنوي إزالتها من جسم المدعي أكبر بكثير، وأن حالة المدعي تعالج عبر حمية غذائية أو عملية “ربط معدة”، كما أن عملية شفط الدهون ليست العلاج لحالة المدعي لأنه يعاني من السمنة وليس من تشوهات، وإن السمنة ستعود للظهور مجدداً، كما أن توجيه اللايزر تمّ عبر عضلات البطن وهو الذي أحدث الثقوب التي أدّت إلى الإلتهابات والإشتراكات وكان يجب توجيهه من الطبقة السطحية، وكان من واجب الطبيب أن يشك في حصول حروق في المصارين ويبادر باكراً إلى التشخيص وإذا استلزم الأمر فتح البطن والتدخل فوراً لإزالة ما هو تالف،
وكرّر المدعى عليه الدكتور(…) مضمون إفادته السابقة وأنكر الجرم المنسوب إليه موضحاً أنه كطبيب أشعة لا يكشف شخصياً على المريض ولا يواجهه إلا إذا استدعت الظروف ذلك، وأنه ناقش نتائج الصورة مع الطبيب المعالج(…) والطبيب(…)، وخلصوا إلى نتيجتين فإما أن يكون هناك ثقب في جدار البطن أو ثقب في الأمعاء، ولم يذكروا هذين الإستنتاجين في تقاريرهم إذ من غير اللازم ذكر هذا الأمر، وأنه لم يكن من الجائز إجراء صورة “سكانر” مع حقن في العرق من اليوم الاول لأن معدل الزلال كان مرتفعا، ولو أجريت الصورة دون الحقن لأمكن أن تعطي نتائج إنما ليست دقيقة، وأن مسألة الصورة بحدّ ذاتها ليس من شأنها إعطاء تشخيص نهائي للحالة لأن الأمر متروك لتقدير الطبيب المعالج، وصورة الـ”سكانر” يمكن أن تشير إلى وجود حروق في الأمعاء شرط أن تكون الحروق كبيرة ومنتشرة، وأن الهواء والسائل ينتجان عن الضرر اللاحق بالجدار البطني، وأن حالة المدعي ن. ع. كانت متقدمة بالنسبة للجدار البطني ويشكّ ان تظهر الحالة المذكورة بمجرد الفحص السريري، وأن صورة الـ”سكانر” هي التي أعطت النتيجة، كما أن ارتفاع ضغط الدم وتحسن نسبة الزلال ناتجان عن العلاج الذي قدمه الطبيب المعالج، ولا تجرى صورة “سكانر” دون فحص الزلال،
وبالإستماع إلى المدعى عليه الدكتو(…)، بصفته الشخصية وبصفته ممثلاً عن المدعى عليها شركة مستشفى(..)، أدلى بأنه ينكر ارتكاب الجرم المنسوب إليه وأن علاج المريض كان من أختصاص الطبيب(…) كعلاج سريري والطبيب(…) كعلاج جراحي، ولا علاقة له بالإشراف على حالة المريض وبتفاصيل ودقائق العلاج الطبي، وأن المحاسبة لدى المستشفى تعمل على مدار النهار أي /24/ ساعة، فتكون بين السابعة صباحاً والسابعة مساء في الإدارة وبين السابعة مساء والسابعة صباحا في الطوارئ، وهنا أكد والد المريض المدعي ا.ع. انه توجه إلى قسم المحاسبة برفقة الدكتور(…) حوالى الساعة السابعة من مساء 9/4/2014 ولم يجد أحدا فيه، ثم توجه إلى غرفة الدكتور(…) فلم يجده، وأن المدعى عليه(…) او أي شخص آخر لم يعلمه بإمكانية المحاسبة في قسم الطوارئ، وأضاف المدعى عليه(…) أنه لا يجوز لأي طبيب في المستشفى أن يقبض مباشرة من المريض كونه كان مسجلاً كمريض في كشوف المستشفى، إلا إذا قام الطبيب بالقبض مباشرة وطلب أن يحسم ذلك من حسابه، وأنه لم يعلم أن المريض كان قد تقدم للمحاسبة في 9/4/2014، وأن الإستعلامات في المستشفى تعلم أهل المريض بوجود محاسبة ليلاً في قسم الطوارئ، ثم صرح والد المريض أنه عند تعذر المحاسبة في 9/4/2014 أُعلم أنه يتعذر إخراج المريض من المستشفى، وأنه في اليوم التالي دخل إلى قسم المحاسبة برفقة المدعى عليه الدكتور(…) ودفع الحساب وغادروا، وهنا أوضح المدعى عليه المذكور أنه في حال لم يدفع المريض الحساب يمكنه المغادرة إنما بعد إيداع بطاقة هويته في المستشفى، وأن محاسب الطوارئ يتولى أمر إخراج النزلاء بعد السابعة مساء، وأنه يعتقد أن سبب بقاء المدعى عليه ليلة إضافية هو عدم إيجاد مكان شاغر له في مستشفى الجامعة الأميركية، وأضاف أن لا علاقة له بواقعة قبض المدعى عليه الدكتور(…) لمبلغ مالي من المريض قبل مغادرة سيارة الإسعاف، وأنه لا يمكن لأي مريض مغادرة المستشفى بدون حيازته على موافقة الطبيب المعالج، وأن الأطباء في المستشفى ليسوا مستخدمين لديه،
كذلك كرّر المدعى عليه الدكتور(…) مضمون إفادته السابقة موضحاً انه وبحسب تقديره، فإن ما تعرض له المدعي ن.ع. هو حرق ناتج عن اللايزر وهذا الحرق في أغلب الأحيان يشفى تلقائياً، وبحسب تقديره أيضاً فإن الحروق تحولت إلى ثقوب بعد أربعة أو خمسة أيام، وأن المدعى عليه الدكتور(…) هو الذي عرض عليه الحالة الطبية للمريض لكنه لم يخبره أن عملية شفط الدهون كانت تجرى بواسطة الليزر، وانه كشف على المدعي ليومين متتاليين ومن ثم تابع الموضوع هاتفيا مع الطبيب(…) حتى اليوم الخامس حيث طلب منه الحضور للكشف على المريض على أثر ارتفاع الكريات البيض، فطلب على الأثر إجراء صورة الـ”سكانر”، وعندما أخبر أهل المريض بوجوب إجراء العملية أعلمهم أن في الأمر عجلة ولا يجوز الإنتظار فأصروا على نقله وجرى ذلك بعد /24/ ساعة وأن سبب تأخر النقل هو عدم تأمين مكان شاغر في مستشفى الجامعة الأميركية، وأن سبب الإهتراء الذي تعرض له المدعي هو الإلتهاب ومصدر الإلتهاب قد يكون خارجياً، وأنه في حالة ثقب الأمعاء قد يخرج البراز منها ويسبب التهابا، وانه لو وافق المدعي على إجراء العملية عندما طلب منه ذلك لكان تجنب 10% من التشوهات التي تعرض لها إذ أن التأخير لم يكن في صالحه، وانه لو تمّ استكشاف البطن جراحياً في اليوم الأول لما وصل المدعي إلى هذه النتيجة لكن في اليوم الأول لم يكن يوجد ما يفرض التدخل، وأنه بحسب خبرته فإن عمليات شفط الدهون يمكن أن تؤدي في حالات نادرة إلى ثقوب وهذا الإحتمال كان وارداً لديه ولم يكن قد استبعده بشكل نهائي، وأنه لدى اطلاعه على صورة الـ”سكانر” شاهد الهواء داخل البطن وكان واثقاً أن الثقوب في الأمعاء، ولم يذكر ذلك في تقريره لأنه لا يمكن الجزم بهذا الأمر إلا بعد شقّ البطن، وأن الهواء والسوائل في البطن قد تنتج أحياناً عن “ميكروب”، وإن عدم ذكر مسألة الثقوب في التقرير لا يعدّ نقصاً في التشخيص، وهنا عاد المدعي ا. ع. واكد أنه توجه مع المدعى عليه(…) إلى قسم المحاسبة ولم يكن أحد موجوداً فيه وأن المدعى عليه المذكور أعلمه أن العمل الجراحي فقط لإزالة “العمل” وأنه لدى وصوله إلى مستشفى الجامعة الأميركية واطلاع طبيبة متدرجة على التقرير علمت على الفور بوجود ثقوب عدة، كما أن المدعى عليه المذكور طلب من زوجته مبلغ مئتي د.أ. أثناء مغادرته مستشفى(…) وقد أكد المدعى عليه على قبض المبلغ المذكور مقابل أتعابه،
كذلك، انكر المدعى عليه الدكتور(…) ما نسب إليه موضحاً انه كان الطبيب المسؤول عن حالة المدعي ن. ع. عند وصوله إلى مستشفى(…)، وانه طلب إجراء صورة “سكانر” للمدعي لكنه عاد وتراجع عن الطلب بعد أن تبين له أن نسبة الزلال في الدم مرتفعة ما يشكل خطراً على الكليتين في حال إجراء الصورة مع الحقن بالمادة اللازمة لإظهار النتيجة بوضوح، مع العلم أنه في حال إجراء الصورة دون الحقن فقد لا تكون النتيجة واضحة بشكل كامل، وأنه في حال أصرّ الطبيب أو المريض على إجراء الصورة في ظل ارتفاع نسبة الزلال فيكون ذلك على مسؤولية الطبيب والمريض أو أهله، وأنه لم يعرض الأمر على أهل المريض، وأن أيا من الاطباء الذين أجروا العملية لم يطلب منه إجراء صورة “سكانر”، وانه تابع حالة المدعي يوماً فيوماً، كما لم يطلب الطبيب الجراح إجراء أي عمل جراحي للمريض، وأن تسرب الدماء كان مستمراً وهو امر عادي فقد يستمر ذلك لأيام معدودة، وأنه أيقن أن وضع المريض غير سليم عند إجراء فحص دم له قبل مغادرته المستشفى، فاستشار أخصائي الأمراض الجرثومية الذي وصف له مضادا للإلتهاب لكن معدل الكريات البيض بقي مرتفعاً فراجع الطبيب الجراح(…) الذي حضر وكشف على المريض وانتهى دوره عند هذا الحد، وأنه استأذن الطبيب الفتى لإعطاء المريض دواء مسيلا للدماء خوفاً من تعرضه لجلطة، وأنه في حالة ثقب الامعاء يمكن ألا يتفاعل المريض إيجاباً مع العلاج، وما يعتقده أنه عند حضور المريض إلى المستشفى كان مصاباً بحروق في الأمعاء ناتجة عن اللايزر وحصلت الثقوب لاحقاً نتيجة الحروق، وان طبيب الطوارئ هو الذي استلم المدعي في مستشفى(…) بوجود المدعى عليه الطبيب…) فيما لم تكن المدعى عليها الطبيبة(…) موجودة، وأن المعلومات المعطاة له عن تسليمه المريض لم تؤكد خضوعه لعملية عبر اللايزر إنما أكدت خضوعه لعملية شفط دهون، وأن الفحص السريري هو المعيار الموجِه لأي فحوص إضافية وعندما يكون طبيعيا فلا لزوم لأي صور،
وكرّر المدعى عليه(…) بصفته الشخصية وبصفته مفوضاً بالتوقيع عن المدعى عليها شركة(…)، إفادته السابقة، وأوضح أنه ليس طبيباً كي يعزى إليه ارتكاب خطأ طبي، وأن دوره في عمليات الجراحة تقني بامتياز يقتصر على تشغيل المعدات الحديثة التي يستوردها من الخارج، وان المركز العائد له غير مجهز بغرفة للعمليات الطارئة في حال حصول مضاعفات كما أنه ليس مجهزاً بسيارة إسعاف لنقل المرضى في الحالات الطارئة، وان المركز يقع في بناء تجاري وعرض المصعد لا يتعدى المتر ونصف المتر وبالتالي لا يمكن استعمال المصعد في إنزال المريض وهو على الحمالة، وان المستشفيات أيضاً لا تحوز على سيارة إسعاف وأنه يعتمد على الكرسي النقالة في نقل المرضى وليس على الحمالة، وانه تقدم بطلب للإستحصال على ترخيص في العام /2013/ ولم يصدر الترخيص عن الوزارة بحجة عدم وجود قانون لكنهم أعلموه بإمكانية المباشرة بالعمليات، وانه ليس حائزاً على أي شهادة في مجال التمريض، ويتولى عملية التجهيز اللازم للعمليات بناءً على طلب الأطباء، وانه يحضر إلى غرفة العمليات في حال كان المريض من عداد أصدقائه لكن عادة الأطباء لا يسمحون له بالتواجد داخل غرفة العمليات، وأنه زار المدعي ن.ع. في الليلة الأولى التي ادخل فيها إلى مستشفى(…) ثم تابع وضعه بواسطة الطبيبيْن(…….)، وأن المركز لا يزال يعمل لكن لا تجر أي عمليات في داخله بعد أن تعاقد مع أحد المستشفيات لهذه الغاية، وأبرز وكيل المدعى عليه(…) ترخيصاً جرى اطلاع وكيل المدعي عليه، وانه ليس بين مؤسسي الشركة المدعى عليها أي طبيب أو صيدلي، وأنه خضع لتدريب في الخارج على استعمال الآلات، وأنه يدفع الأتعاب للطبيب في كل عملية على حدة، وأن شقيقة المدعي تدير مركزاً للتجميل وترسل لهم الزبائن مع خاتم مؤسستها، وأن المدعى عليهما(…….) قابلا المريض قبل إجراء العملية وأجروا له فحص الدم اللازم قبل المباشرة بالعملية، وان الطبيبة…) كانت تقوم بجميع عمليات الشفط وقد تركت العمل بسبب حالة المدعي، وأن عمليات شفط الدهون تحصل في الواقع لدى مراكز تجميل عدة، وانه دفع تكاليف علاج لدى مستشفى(…) مبلغ /3000/د.أ. ومبلغ /40000/د.أ. لدى مستشفى الجامعة الأميركية، وأن تكلفة عملية المدعي في المركز هي /3000/د.أ. كان قد قبضها سلفاً،
وفي سياق المحاكمة،
تقدم المدعى عليه الدكتور(…) بمذكرة دفوع شكلية في 2017/5/16  عرض فيها أن محضر إجتماع لجنة التحقيقات المهنية في نقابة الأطباء لم يأت على ذكر اسمه وكذلك جاء في تقرير الطبيب الشرعي الدكتور(…) أنه كان حاضراً كطبيب بنج أثناء العملية وانه يستقل في عمله وفقاً لقانون الآداب الطبية وعليه أن يتحمل مسؤوليته في مراقبة المريض منذ لحظة التخدير ولحين الإنعاش الكامل، وأنه قام بواجباته وراقب المريض وأوقف العملية ونقله فوراً إلى مستشفى(…) ولا يشكل فعله خطأ أو إهمالاً وتالياً فلا يشكل الفعل المنسوب إليه جرماً جزائياً معاقباً عليه في القانون طالباً قبول الدفع الشكلي، فتقرّر ضم الدفع إلى الأساس،
وفي الجلسة المنعقدة بتاريخ 2017/6/1 ، وبحضور وكيل نقابة أطباء لبنان، جرى استجواب المدعى عليهم، فأدلوا بما يلي:
– المدعى عليها الدكتورة(…) كرّرت أقوالها السابقة موضحة أنها بدأت العمل لدى شركة(…) منذ العام /2014/ حيث اجرت ما يزيد عن خمسين عملية شفط دهون، وان المريض وبعد أن يتفق على ثمن العملية مع(….) يُحال إليها فتدرس مدى إمكانية إجراء العملية ومدى الإستفادة منها وتطلب منه إجراء فحوص روتينية تكفي في معرض عملية شفط الدهون وتحيله إلى طبيب البنج، وانها التقت بالمريض ن. ع. قبل ساعة واحدة من إجراء العملية مع العلم ان المدعى عليه(…) كان قد اطلعها على حالة ن.ع. المذكور عبر الهاتف، وانها تسأل المريض عن تاريخه الطبي والعمليات الجراحية السابقة والحساسية لديه وكذلك يفعل طبيب البنج، وأن المريض ن. ع. خضع لفحوص طبية في خلال الساعة التي سبقت خضوعه لعملية شفط الدهون وذلك بعد أن قام الدكتور(…) بأخذ عينة من دمه وإرسالها إلى المختبر، ولم يتبين لها بنتيجة الفحوص أي مانع من إجراء العملية، وأنها أوضحت للمريض المذكور أنه سيستفيد من العملية في منطقتي الرقبة والصدر أما لجهة البطن فعليه إتباع حمية غذائية، وأن وزن المريض عند العملية لم يتخطّ المائة وعشرة كيلوغراماً وطوله يتجاوز /180/سنتم، وأن العملية المجراة تجرى عادة لمن يعانون من السمنة الزائدة، وأنها استعملت الليزر لشفط الدهون من منطقتي الرقبة والصدر وانتقلت من ثم إلى منطقة البطن وبعد حوالى الربع ساعة بدأ لون الدهون الجاري استخراجها يميل إلى الأحمر وهو امر غير طبيعي، وبعد مرور خمس دقائق على ذلك توقفت عن إتمام العملية واقترح عليها طبيب البنج ضخ مادة “الأدرنالين” في المصل ففعلت ذلك، كما وضعت ضمادات مشدودة في مكان الثقب حيث يتم إدخال الأنبوب الذي يجري من خلاله شفط الدهون، إلا أن ذلك لم يؤدّ إلى توقف النزيف بشكل نهائي فارتأت مع طبيب البنج نقله إلى المستشفى بعد ان أعلمها الأخير بأن حالة المريض مستقرة ويستطيع النهوض، واستشيرت شقيقة المريض لاعتماد مستشفى(…) كونها قريبة على محل إقامته وهذا ما حصل حيث كان المريض بكامل وعيه، ولدى وصولهم إلى مستشفى(…) نقل المريض فوراً إلى قسم العناية حيث الطبيب المشرف(…)، وانها التقت بهذا الأخير وأعلمته بما حصل، وأن تشخيصها هو أن المريض أصيب بنزيف في احد الشرايين وعرضت مع الطبيب(…) على الطبيب(…) إخضاع المريض لصورة “سي تي سكان”، وفي الليلة عينها توقف النزيف إلا أن المريض صرح لها أنه يتألم بعض الشيء، وأن مركز(…) غير مجهز بمكنة للتصوير كونه ليس بمستشفى كما انه غير مجهز بتجهيزات من شأنها إيقاف النزيف، وانه لم يرد إلى ذهنها حصول ثقوب في الأمعاء مع العلم أن هذه الحالة قد تنتج عن عملية شفط الدهون، وقابلة للعلاج بمجرد اكتشافها بصورة “سكان” او بالمنظار، وانها لم تستخدم الليزر لدى شفط الدهون من منطقة البطن، والثقب في الأمعاء قد يؤدي إلى نزيف، وبرأي بعض الأطباء فإن الثقب في الأمعاء قد ينتج عن وجود فتق معين وتكبر مساحته عند إدخال الأنبوب لدى إجراء عملية الشفط، وانها لم ترتكب أي خطأ طبي بل اتبعت الإجراءات المتبعة عادة في العملية، والتأخير في التشخيص هو السبب وراء تفاقم الحالة، وان المدة بين بدء ظهور اللون الأحمر ونقل المريض إلى المستشفى استغرقت أكثر من ساعة لأن المركز غير مجهز بسيارة إسعاف، وانها التقت بالطبيب(…) في قسم العناية وليس في الطوارئ وأعلمته بإصابة المدعي بنزيف دون إطلاعه على تفاصيل أخرى، وأنهم وصلوا إلى قسم الطوارئ حوالى الساعة الرابعة أو الخامسة بعد الظهر،
– المدعى عليه(…) كرّر إفادته السابقة موضحاً أنه تابع تحصيل علومه في مجال الـ”Biology” وانه تقدم بطلب من وزارة الصحة للإستحصال على ترخيص بفتح مركز تجميلي حيث يمكن إجراء عمليات جراحية في يوم واحد وذلك في العام /2013/ لكن الترخيص لم يصدر فعلاً عن وزارة الصحة، وأن شقيقة المدعي لديها خبرة في مجال التجميل وكانت قد فسرت لشقيقها تفاصيل العملية، فحضر هذا الأخير إلى مركزه والتقى به واحاله إلى الطبيبين(……) وكان من المتفق عليه مع شقيقة المدعي أن تجرى العملية في اليوم ذاته، وأنه مدير المركز ويتعاطى في تجهيزاته والتنسيق مع الأطباء والإتفاق مع الزبائن حول تكلفة العملية، وان المركز ليس مجهزاً بسيارة إسعاف بل بتجهيزات لمواجهة الطوارئ الطبية وفي العام /2013/ تعاقد مع مستشفى(…) لتحويل الحالات الطارئة إليها،
– المدعى عليه الدكتور(….) كرّر إفادته السابقة موضحاً انه التقى بالمدعي قبل إجراء العملية وساله عن ملفه الطبي والعمليات التي خضع لها وما إذا كان يعاني من حساسية على الادوية وطلب منه إجراء فحوص مخبرية على عينة من دمه فتمّ ذلك، وان مركز(…) مجهز لمواجهة حالات منها التوقف في عمل القلب، وأفاد بأقوال مماثلة تماماً لأقوال الطبيبة(…) لجهة المضاعفات التي حصلت أثناء العملية موضحاً ان المدة الفاصلة بين بدء ظهور السائل الاحمر ونقل المريض إلى المستشفى استغرقت حوالى الساعتين او الساعتين ونصف الساعة، ونُقل بسيارة عادية إلى مستشفى(…) ورافقه مع الطبيبة(…)، وانه سأل احد اطباء الأشعة الذي اعلمه بوجوب إجراء صورة “سي تي سكان” في هذه الحالة ونقل وجهة النظر هذه إلى الطبيبة(…) التي اقترحت الأمر على الدكتور(…) وعلى اهل المدعي، وان الثقوب التي تعرض لها المدعي ناتجة عن عملية شفط الدهون، وان دوره خلال العملية تمثّل في مراقبة وضع المدعي وإعطائه المسكنات والأمصال اللازمة مع العلم أن المدعي بقي واعياً خلال إجراء العملية، وانه التقى بالدكتور(…) في قسم العناية الفائقة وليس في قسم الطوارئ،
– المدعى عليه الدكتور(…) أفاد انه أخصائي في أمراض القلب وكرّر مضمون إفادته السابقة، وانه عند إحضار المدعي إلى قسم الطوارئ وإعلامه بالأمر توجه إلى القسم المذكور وتحدث مع طبيب البنج(…) الذي قال له أن المريض تعرض لنزيف أثناء عملية شفط الدهون ومن الجائز أن يكون السبب تناوله دواء “الاسبيرين”، فعاين المريض وقام بالإجراءات اللازمة علماً أنه كان بوعيه ولم يعلمه أنه يتألم، فطلب إجراء فحوص مخبرية روتينية وإخضاعه لصورة “سي تي سكان”، لكن البروتوكول يفيد بعدم إجراء الصورة المذكورة قبل ظهور نتيجة فحص الـ”كرياتينين” أي الزُلال، فلم يتم إجراء الصورة لأن نتيجة الزلال جاءت مرتفعة الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى توقف عمل الكلى، ونقل المدعي إلى قسم العناية الفائقة وجرى إمداده بوحدة دماء وبالمصل وأعطي المضادات الحيوية واستعين بالطبيب الجراح(….) الذي حضر وعاينه، وبعد استقرار وضعه قرّر الدكتور(…) مراقبة المدعي وإعطاءه المضادات الحيوية والامصال، وفي اليوم التالي استقر وضع المدعي وانخفض معدل الزلال إلى المستوى الطبيعي لكنه لم يخضعه للصورة الآنفة الذكر لأنه كان قد ارتاح كلياً ولأن المريض كان خارجاً من الصدمة في الكلى لتوّه، وانه لم يشك بوجود ثقوب في أمعاء المدعي مع العلم أنها لا تكتشف بالفحص السريري العادي، وانه طلب إجراء صورة “سي تي سكان” للمريض لدى دخوله إلى المستشفى بعد ان شاهد الضمادات ممتلئة بالدم، وان الثقوب في الامعاء حصلت ابتداءً من اليوم الرابع لوجوده في المستشفى وسبب ذلك على الأرجح جرح في الأمعاء ناتج عن عملية شفط الدهون، وان الجرح لم يختم مع مرور الأيام بل تحول إلى ثقب، وانه في حالة المدعي يتم استدعاء طبيب جراح وليس طبيب مختص بالجهاز الهضمي، والطبيب الجراح هو الذي يتخذ القرار باللجوء إلى أي عمل جراحي أو اللجوء إلى التنظير كما أن الطبيب الجراح لم يطلب إجراء صورة “سي تي سكان” للمريض،
– المدعى عليه الدكتور(…) كرّر إفادته السابقة موضحاً انه لدى دخول المريض ن.ع. إلى المستشفى وطلب الطبيب رافي إخضاعه لصورة “سي تي سكان” تمت مراجعة فحص الزلال فكانت نسبته مرتفعة مما قد يؤدي إلى فشل كلوي في حال استعمال المادة التي تحقن اثناء إجراء الصورة علماً أنه يمكن إجراء الصورة دون استعمال تلك المادة لكن قد تحصل إذّاك اخطاء عند التشخيص، وانه بعد إجراء الصورة لم يذكر في تقريره وجود ثقب في الامعاء احتراماً للناحية الأخلاقية تجاه الطبيبة(…) التي اجرت عملية شفط الدهون، وأنه اخبر الطبيب(…) أن ما اظهرته الصورة هو مؤشر على إحتمال وجود الثقوب، وان مؤشرات الصورة تدل على أن الثقب في الامعاء حديث العهد أي انه ظهر منذ بضعة ساعات لأن الثقب الذي يستمر لأكثر من /24/ ساعة قد يؤدي إلى الوفاة،
– المدعى عليه الدكتور(…) كرّر مضمون إفادته السابقة واوضح انه عاين المدعي في اليومين الأول والثاني ثمّ في اليوم الخامس، وأنه فحص المدعي سريرياً لبيان ما إذا كانت توجد مؤشرات على وجود ثقب في الامعاء علماً ان هذه الثقوب قد تكتشف بالفحص السريري إذا كان مر على حدوثها أكثر من ست ساعات، والعوارض المذكورة لم تكن موجودة لدى المدعي، وان القرار باللجوء إلى العمل الجراحي يستند بنسبة 99% إلى الفحص السريري اما الصورة فمن الأدوات التي تساعد في التشخيص، والتفسير الوحيد لما حصل مع المدعي هو أن آلة شفط الدهون أحدثت كدمات في امعاء المدعي وبعد مرور بضعة أيام أصيبت الأماكن حيث الكدمات باهتراء ممّا تحول إلى ثقوب، أما تفسيره السابق في التحقيق الإستنطاقي فكان مستنداً إلى أقوال الطبيبة(…) من أنها استعملت الليزر أثناء عملية الشفط، وانه قرّر إجراء العمل الجراحي فور الإطلاع على نتيجة الصورة المجراة لكنه لم ير ضرورةً لذكر إمكانية وجود الثقوب في تقريره سيما وأن ذلك لم يكن ليؤثر على القرار الذي سيتخذه الطبيب الذي سيعالج المدعي في المستشفى الآخر، وان أي طبيب جراح كان سيتخذ القرار الذي اتخذه هو لأن فتح بطن المريض محفوف بالمخاطر، وأن الثقوب في امعاء المدعي حصلت بعد مرور أربعة او خمسة أيام على دخوله إلى مستشفى(…)، وأن حالة المريض تتدهور بشكل سريع بعد ظهور الثقوب وان الفريق الطبي لدى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت تأخر عن إجراء العملية، وأنه لم يتوجه إلى مكتب المحاسبة مع ذوي المريض والمنظار لم يكن له جدوى عند دخول المريض إلى مستشفى(…) لوجود الدماء في البطن،
– المدعى عليه الدكتور(…) كرّر إفادته السابقة مؤكداً على أنه لا يشترط إطلاقا قيام المريض بتسديد فاتورة الإستشفاء لإخراجه من المستشفى بل يكتفى بالإبقاء على الهوية أو بطاقة التأمين، وان المدعي أخرج من المستشفى على الرغم من توجب مبلغ بذمته لقاء خدمات استشفائه،
وفي الجلسة عينها تقرّر دعوة الطبيبين(……) لسماعهما كشاهدين، وضم طلب تعيين لجنة طبية وسماع الطبيب الشرعي(….) والطبيب(…) إلى الأساس،
وفي الجلسة المنعقدة في 2017/10/26 أبرز وكيل المدعييْن مذكرة مع مستندات، ألحقها في جلسة تالية بتعريب للمستندات المبرزة، وقد ضمت جميعها إلى الملف ووضعت قيد المناقشة العلنية، شدّد فيها على الأضرار اللاحقة به والملحوظة في تقرير الطبيب المعالج الدكتور(…) وعلى ضرورة خضوعه لعمليات ترميم وتأهيل في الخارج ستستغرق فترة سنتين وستبلغ كلفتها حوالى مليوني د.أ. وفقاً لما هو ثابت بالتقرير الطبي الصادر عن (…) المشرف على مركز(…) ، وأنه كان يعمل بصفة مدير لدى شركة(…) وشركاه للإنشاءات والصيانة ذ.م.م. في الكويت براتب شهري /6870/د.أ. إلا أنه تمّ إنهاء خدماته بسبب وضعه الصحي المستجد وفقاً لما هو ثابت بالإفادة الصادرة عن الشركة المشار إليها، وأصبح عاطلاً عن العمل،
ثم صار الإستماع إلى إفادة الشاهد الدكتور(…) فأفاد أنه أخصّائي في الجراحة العامة وجراحة الشرايين والمنظار ويعمل بشكل دائم لدى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، وانه يؤكد على الإفادة المعطاة من قبله أمام حضرة قاضي التحقيق، وعلى التقرير الموقع من قبله في 2014/4/11 ، وأضاف ان عملية شفط الدهون ليست العلاج الأفضل للسمنة في حالة المدعي أي “السمنة المريضة” وهي لا تهدف إلى التجميل إنما إلى العلاج حفاظاً على الصحة والحياة، وأنه اضطرّ إلى إجراء عملية إنقاذية للمدعي واستئصال عضلات البطن والأمعاء ومن ثم وصلها وترميمها بواسطة الجلد لأن جميع امعائه كانت خارج مكانها الطبيعي، وهذا اضطرّه أيضاً إلى الخضوع لعملية بعد سنتين لعلاج السمنة المريضة بواسطة “قص المعدة” عبر المنظار ممّا ساعد المريض ن. ع. على تخفيف الوزن بحوالى /40/كلغ وحسّن اداءه لا سيما لجهة الجهاز التنفسي وأصبح ترميم البطن أسهل، وأن لكل عملية محاذير والتشخيص المبكر وتصحيح الخطأ كان يجب أن يتم خلال ساعات لتفادي الإصابات التي لحقت بالمدعي لأنه عندما يصاب المصران بثقب ما يقتضي الدخول فوراً إلى الأمعاء للمعالجة أي أن يتم التصحيح بشكل سريع لمنع وصول الإلتهاب إلى الدم ويصبح الخطر على الحياة جديا، وانه عند ارتفاع معدل الزلال يستحسن عدم إجراء صورة “سكانر” لأنها قد تؤدي إلى توقف عمل الكلى إلا أنه وعندما يعتقد الجراح بنسبة عالية أن ثقباً ما لحق بالمصران فيقتضي إجراء الجراحة من دون إجراء أي صورة وهو ما يسمّى علمياً “عملية التنظير الإستباقية” أي فتح البطن عند الشك، وأنه من الأكيد أنه يمكن إجراء المنظار ولو كان هناك نزيف في الأمعاء، وان معايير الشبهة المرتفعة للجراحة وفتح البطن تكمن في الضغط المنخفض او الضغط الطبيعي مع النبض العالي جداً فوق المائة يجعل من الشبهة مرتفعة لأن القلب يحافظ على الضغط بزيادة النبض بالإضافة إلى الشدّ في عضلات البطن الذي يتبين بالفحص السريري، وملف المريض السابق وفحوص الدم والتشخيص مع الصور في حال التمكن من إجرائها، وأن انخفاض الكريات البيض قد يدل على نقص في المناعة وإذا رافقه ارتفاع في الضغط فليس من شان ذلك أن يدحض إمكانية حصول ثقب في المصران وأكبر دليل ما حصل مع المدعي، وان الثقوب حصلت لدى مركز التجميل حيث أجري الشفط الذي لم يكن من المفروض إجراؤه في حالة المريض ن. ع. ولهذا السبب نزف هذا الأخير وانخفض ضغطه، وانه عندما يتم إحضار مريض إلى المستشفى حالته مثل حالة المريض ن. ع. يقوم فوراً بإجراء المنظار لمعرفة حالة البطن، وان جسم الإنسان قادر على الدفاع بموجب “الدهنيات” ليغلف الجرح والثقب وهذه الثقوب تلطّت بجدار البطن التي حمتها ومنعت عنها التسمم ولو وصل التسمم إلى الدم لكان المريض فارق الحياة خلال ساعات، وان الطبيب الجراح هو الذي يأخذ القرار بإجراء الجراحة اما طبيب القلب والشرايين فدوره استشاري، وانه عاين المدعي عند وصوله إلى مستشفى الجامعة الاميركية وبعد الساعة او الساعتين اجريت له العملية، وان العملية التي اجراها للمدعي بعد سنتين، لما يُعرف بالسمنة المريضة، اجريت لتحسين وضعه الصحي ولا علاقة لها بالضرر الحاصل قبل سنتين خلال العملية موضوع هذه الدعوى، إلا أن التحسين المذكور تناول ترميم البطن جراء ما خضع له المريض من عمليات سابقة، والطبيب النسائي لا علاقة له بموضوع العملية الراهنة، ولو حصل التشخيص بشكل سليم ومبكر لما كان لحق الضرر بالمدعي، ووضع المريض ن. ع. لم يتطلب استشارة طبيب متخصص بالجهاز الهضمي ومن يقوم بالإضطلاع في هذه الحالة هو الطبيب الجراح، وانه عندما فتح بطن المريض ن. ع. وجد “غرغرينا وعمل وخروج”، وعندما يشتبه بوجود ثقب يكون هذا كافياً للقيام بعمله دون إجراء صورة، وأن المسؤول عن الأشعة هو فقط استشاري لا يجر الصورة الشعاعية إلا بطلب من الجراح وفي حال كان معدل الزلال عالياً يمكن قراءة الصورة لكن قد يتوقف عمل الكلى، وأنه في وضع المريض ن. ع. والثقوب التي عانى منها كان بإمكانه ان ياكل ويخرج، وأن مسالة مراقبة الزلال وإجراء الصورة تعود للطبيب الجراح، وأن الثقوب كانت ملتصقة بجدار البطن ورآها بام العين عند إجراء الجراحة،
وفي الجلسة المنعقدة في 2017/10/31 جرى الإستماع إلى الشاهد الدكتور(…)، فأفاد أنه يعمل لدى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت منذ العام /2012/ في قسم الجراحة التجميلية والترميمية، وانه يؤكد على الإفادة المعطاة من قبله أمام حضرة قاضي التحقيق، وعلى مضمون التقريريْن الموقعيْن من قبله، وأوضح انه لدى دخول المدعي إلى المستشفى فرضت حالته استئصال الجلد والطبقة الدهنية وكمية من عضلات البطن وترميم هذا الفراغ بزرع جلد له، ووضعه اليوم يتمثل بنقص في جدار البطن والعضل ويعاني بالتالي من مشكلتين، الاولى هي مشكلة عمليّة والثانية مشكلة شكلية هي التشوه، ولحلّ المشكلة الشكلية يقتضي زرع اجهزة تساعد على نمو الجلد ما يتمثل بزرع جهاز ومن ثمّ النفخ وبعدها الإستئصال علماً ان ذلك يتطلب عمليتين، الأولى للزرع والثانية للإستئصال، وهذه المرحلة الملحوظة تخوّل ترميم ما بين 20% و30% من الجلد وبالتالي يحتاج المدعي إلى ثلاث مراحل لإتمام العلاج الشكلي وهذا قد يتم خلال مهلة سنة، وبعد حل المشكلة الشكلية يكون التحضير قد اكتمل لترميم عضلة البطن ولهذا طريقة واحدة هي استئصال عضلة من ظهر المريض وزرعها في البطن عبر الجراحة المجهرية أي بعد بثّ الحياة فيها عن جديد بربط الشرايين والعصب، وفي وضع المدعي فقد يحتاج إلى عضلتين من الظهر من جهتي اليمين واليسار ويتم ذلك بعملية واحدة قد تأخذ وقتا طويلاً أو في عمليتين، وان استئصال العضلة من الظهر لا يؤثر على حركة الكتف بل يخفف من قوته دون أي تأثير على واقع الحياة اليومي، وانه بعد إجراء هذه العملية قد يتحسن وضع المريض بنسبة أقصاها 70% مقارنة مع حالته قبل إجرائها، وما تقدم يشكل الطريق الأنسب للترميم والعلاج بحسب المعايير المعتمدة لدى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، مع العلم بوجود علاج آخر غير متوفّر في لبنان وهو عبارة عن استئصال جدار البطن بمجمله مع العضل والجلد والغشاء وزرع جدار جديد من متبرع إنما لذلك آثار جانبية عديدة منها تناول الدواء مدى الحياة، وان آلية العلاج المقترحة تتطلب وقتاً قد يصل إلى سنتين او ثلاث سنوات في حال حصول مضاعفات، وخلال مرحلتي الإستئصال والزرع يستطيع المريض متابعة حياته بشكل شبه طبيعي إنما قد لا يستطيع السفر لأن الأمر يتطلب بقاءه تحت المراقبة، وخلال العلاج وزرع الجهاز لا يستطيع المريض سوى النوم على ظهره دون البطن، ويقتضي أن يبقى حذراً من تلقي أي ضربة لجهة البطن، وأنه لا يستطيع ان يحدد كلفة العلاج بمراحله كافة إذ ان الشق المادي يعود لإدارة المستشفى، ولا يستطيع تحديد نسبة العطل اللاحق بالمدعي لأن ذلك يعود للطبيب الشرعي، ومعالجة حالة العجز الجنسي لدى المدعي تقتضي عرضه على طبيب أخصائي في المسالك البولية، وانه لم يطلع على الملف الطبي للمدعي لدى مستشفى(…) لأن هذا الأخير دخل إلى مستشفى الجامعة الاميركية على إسم الدكتور(…)، وفي الطوارئ جرى تشخيص حالته على أنه يعاني من ثقب في الأمعاء، ولا يعتقد ان لطبيب الشرايين أي دور في معالجة المدعي عند دخوله إلى مستشفى(…) إنما طبيب القلب قد يلعب دوراً ما في المعالجة في ضوء معرفة سبب انخفاض الضغط، وأن الثقوب حصلت في المرحلة الأولى أي لدى المركز قبل مستشفى(…)، وأن الطريقة المستعملة عبر اللايزر حتماً ثقبت المصران، وهذا الثقب قد يظهر فوراً او بعد بضعة أيام أو بضع ساعات، لكن من المؤكد ان المشكلة حصلت وقت العملية الأساسية ولو ظهرت لاحقاً، وأن الأمر بالتحديد لا يدخل ضمن نطاق اختصاصه، وان التأخير لمدة /24/ ساعة دون نقل المريض إلى مستشفى الجامعة الاميركية ساهم في تفاقم الضرر، وأنه عند وصول المدعي إلى مستشفى الجامعة الأميركية كان وضعه دقيقا وحرجا وأُعلم ذووه أن نسبة بقائه على قيد الحياة 1%، ولو تم تشخيص الثقب من بداية الامر لما وصل المريض إلى هذه الحالة، وانه لا يمكن تحديد تاريخ حصول الإلتهابات في الجلد بمجرد ظهورها إلى العلن، وانه قياساً على تطور حالة المريض لدى مستشفى الجامعة الاميركية فقد تكون ظهرت بوادر الإلتهاب قبل ساعات من نقله لكن ذلك لا يعني أن الإلتهاب لم يكن موجوداً قبل ذلك فقد يكون حاصلاً منذ اليوم الأول كما قد يكون المضاد الحيوي المعطى للمريض قد ساهم في عدم ظهور العوارض كما من الممكن أن يساهم المضاد المذكور في معالجة الحالة، وانه في حال ظهر الدم واختلط مع الدهون خلال عملية الشفط فهذا لا يعني حكماً ان هناك ثقوبا، وان عملية شفط الدهون عادة تؤدي إلى إرهاق المريض دون انخفاض في الضغط، وأن انخفاض الضغط يجب أن يثير التساؤلات لدى الطبيب ويجعل من فرضية حدوث الثقوب قائمة، وأن من الصعب اعتماد الفحص السريري لمعرفة سبب الآلام التي كان يعاني منها المريض بخاصةٍ وان عملية الشفط بحدّ ذاتها قد تلحق به بعض الآلام، وانه عند إجراء التشخيص لدى مستشفى(…) ولو اجريت العملية حينها لكان المريض تفادى الوضع الذي وصل إليه لا سيما لجهة الإلتهاب الجلدي، وان مجرد كون كمية الدم المختلطة مع الدهون كبيرة فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض في ضغط الدم، وانه بمجرد الشكّ بحدوث ثقب لدى مريض ما بالنظر إلى بعض المؤشرات وترافقها مع هبوط في الضغط من شانه إجراء الجراحة، وأن اللايزر يؤدي إلى الحروق ومن ثمّ الثقوب، وان المضاعفات المتمثلة بالثقوب ليست اعتيادية وقد حصلت معه ذات مرة،
ثم طلب وكيل المدعى عليهم(…) ومستشفى(…) تكليف طبيب شرعي ليفسر التناقض بين إفادات الأطباء، فتقرّر ضمّ الطلب إلى الأساس،
وفي جلسة ختام المحاكمة المنعقدة بتاريخ 2018/1/16 ،
أبرز وكيل الجهة المدعية المحامي خالد مكي مذكرة بمثابة مرافعة كرّر فيها الإدلاءات والطلبات السابقة مشدّداً على أن الجهة المدعية لم تدع على الطبيب(…) بصفته الشخصية إنما بصفته المدير المفوض بالتوقيع عن شركة مستشفى(…) ش.م.م. وان تحريك دعوى الحق العام والظن به جاء تبعاً لادعاء النيابة العامة، وان المدعي ا. ع.، والد المدعي الآخر ن. ع.، تكبد مصاريف باهظة عند دخول ابنه في غيبوبة وأصيب بأضرار معنوية وآلام نفسية بسبب الوضع الذي وصل إليه ابنه، وبالتالي فهو يطالب بإلزام المدعى عليهم بما لا يقل عن مائتي مليون ل.ل. كعطل وضرر، بالإضافة إلى طلب إلزام المدعى عليهم، بالتكافل والتضامن في ما بينهم، بدفع التعويض للمدعي ن. ع. عن مصاريف العلاج التي أنفقها وسينفقها لإتمام العلاج بالإضافة إلى التشوهات والآلام الجسدية والنفسية والأوجاع المستمرة لبقية عمره، وتعطيله عن العمل مدى الحياة، والعطل الدائم بنسبة 100%، وعجزه الجنسي، والمقدرة جميعها بمبلغ ستة ملايين د.أ.، وأعطي الكلام للمدعي الحاضر ن. ع. الذي كشف عن القسم الأعلى من جسمه ليتبين بشكل ظاهر ان الجزء العائد للمعدة خال من الجلد وبالتالي فأمعاؤه بارزة وغير ثابتة في مكانها، وصرح أنه يعاني منذ أربع سنوات وحالته استثنائية جداً وبحاجة إلى سبع او تسع عمليات دون الامل في شفاء تام، لأن معالجة الضرر الحالي تقابلها أعطال أخرى محتمة، وأن حرارة جسمه تقل دائما عن /35/ درجة، ويعاني في حياته اليومية ومن صعوبة في التنفس وسدّد أكثر من 400 ألف د.أ. حتى الآن في سبيل العلاج،
وأبرز وكيل المدعى عليه الدكتور(…)، المحامي(…)، مذكرة بمثابة مرافعة مع مستندات وضعت قيد المناقشة العلنية، طلب فيها إبطال التعقبات بحق موكله لعدم توافر عناصر المادتين /190/ و/191/ع معطوفة على المادة 565/1 من القانون ذاته، ولعدم توافر شروط المادتين /122/و/123/ من قانون العقوبات، ولعدم وجود رابطة سببية بين الفعل الذي قام به ضمن حدود اختصاصه وبين الضرر الحاصل،
وابرز وكيل المدعى عليه الدكتور(…)، المحامي(…)، مذكرة طلب فيها إبطال التعقبات بحق موكله وإلا فإعلان براءته لعدم توافر العناصر الجرمية، ثم ترافع مدلياً بان موكله لعب دوراً إيجابياً بنقل المريض إلى المستشفى وليس مسؤولاً كونه مجرد طبيب بنج،
وابرزت وكيلة المدعى عليها الدكتورة(…)، المحامية(…)، مذكرة بمثابة مرافعة، طلبت فيها إبطال التعقبات بحق موكلتها لعدم ارتكابها أي خطأ طبي ولانتفاء مسؤوليتها عن الضرر الحاصل للمدعي، وإعتبار الطاقم الطبي لدى مستشفى(…) هم المسؤولون عن الضرر الحاصل وإلزامهم بالتعويض دون سواهم،
وأبرز وكيل المدعى عليهم الدكتور(…) والدكتور(….) وشركة مستشفى(…)، المحامي(…)، مذكرة بمثابة مرافعة، طلب في ختامها إبطال التعقبات بحق المدعى عليهما.(…) لعدم وجود جرم وإلا فإعلان براءتهما، وإعلان عدم مسؤولية الشركة المدعى عليها لعدم قيام أي من موظفيها الإداريين بأي عمل خاطئ أو إهمال، ثم ترافع الأستاذ(…) مكرراً ومشدداً على أن المدعى عليه (…) لم يرتكب أي خطأ بدليل ما جاء في إفادة المدعي، والمدعى عليه(…) اقتصر دوره على إجراء الصورة من عدمه، ومستشفى(…) لا دور له في المعالجة إذ لا تبعية ولا إشراف بينه وبين الطبيب وان الدكتور(…) تنازل عن مصاريف الإستشفاء المتوجبة على اهل المدعي وسلمه البطاقة عند المغادرة ولم يقبض منهم شيئاً، ثم اوضح ان أهل المدعي سدّدوا قسماً من الأتعاب فقط،
ثم ترافع وكيل المدعى عليه الدكتور(…)، المحامي(…)، موضحاً أن المدعي نُقل إلى مستشفى(…) والطاقم الطبي فيها قام بواجباته على أكمل وجه وادخله إلى العناية الفائقة، أي المراقبة الشديدة، لكنه لم يُجر له صورة “سكانر” أو منظار لأن نسبة الزلال كانت مرتفعة والضغط منخفضا، وبدا وضعه يتحسن حتى اليوم السادس حيث اجريت الصورة وتبين وجود الثقوب، وأن موكله قرر فور اطلاعه على الصورة إجراء العملية الجراحية للمدعي إلا أن ذويه رفضوا ذلك ونقلوه إلى مستشفى آخر، وطلب إبطال التعقبات بحق موكله،
وترافع وكيل المدعى عليهما(…) وشركة(…) ش.م.م.، المحامي(…)، مدلياً بان المدعي قطع في ثلاث مراحل، فبعد شفط الدهون والمضاعفات نُقل إلى مستشفى(…) ومعلومٌ أن تلك المضاعفات لا تحتاج لاكثر من /24/ ساعة لمعالجتها، فالمشكلة الأساس تكمن في مرحلة مكوثه لدى مستشفى(…)، والإهتراء في الأنسجة خير دليل على ذلك، طالباً تحديد مسؤولية كل شخص عن الأخطاء التي ارتكبها،
ثمّ طلب الأستاذان(……) إمهالهما لتقديم طلب إدخال شركة(…) للتأمين، كما طلب الأستاذ(…) دعوة المدعي ا. ع. لاستجوابه، وعارض وكيل المدعي في قبول الطلبين، وتقرّر ضمهما إلى الأساس،
وأعطي من ثمّ الكلام الأخير للمدعى عليهم الحاضرين، فطلب المدعى عليه(…) البراءة موضحاً أنه عند انخفاض نسبة الزلال يبقى الخطر قائماً في إعطاء المادة الملونة للمريض فلا تجر الصورة إلا عند وجود خطر داهم على المريض،
وطلب المدعى عليه(…) إعلان براءته، كما طلبت المدعى عليها(…) إعلان براءتها لأن المضاعفة تحصل في عمليات شفط الدهون وتعالج وفقاً لما جاء في أقوال الشاهد،
كذلك، طلب المدعى عليهم(…)، و(….) -عنه وعن المستشفى-،(…) إعلان براءتهم، مؤكداً الأخير على أنه مرتاح الضمير لما قام به، وختمت المحاكمة وفقاً للأصول؛
ثانياً: في الأدلّة
تأيّدت هذه الواقعات:
– بالإدّعاء العام والشكوى،
– بالتحقيق الأولي والإبتدائي ومجريات المحاكمة،
– بمدلول أقوال المدعى عليهم،
– بالصور الفوتوغرافية،
– بالتقارير الطبية كافة،
– بتقرير لجنة التحقيقات المهنية تاريخ 5/2/2015 والمحضر التوضيحي تاريخ 11/6/2015،
– برأي وزارة الصحة العامة،
– بأقوال الشاهدين،
– وبمجمل أوراق الملف؛
ثالثاً: في القانون

أولاً: في الدفع الشكلي:

حيث ان المدعى عليه(…) يدفع بردّ الدعوى عنه لأن الفعل المنسوب إليه لا يشكل جرماً جزائياً معاقباً عليه في القانون،
وحيث إن الدفع المنصوص عنه في الفقرة الرابعة من المادة /73/أ.م.ج. بكون الفعل المدعى به لا يشكل جرما يعاقب عليه القانون، إنما يقصد به الأفعال التي لا نص جزائيا يجرمها ويعاقب عليها عملا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات،

وحيث إن ما هو منسوب إلى المدعى عليه في الشكوى الحاضرة، في حال ثبوت صحّته وقانونيّته، هو ارتكابه الجنحة المنصوص عنها والمعاقب عليها بموجب المادة /565/ من قانون العقوبات، كما أنّ البحث في مدى توافر أركان أو عناصر الجرائم موضوع الملاحقة، يشكّل دفاعاً في الأساس ويخرج بالتالي عن مفهوم الدفوع الشكليّة المنصوص عنها في المادّة 73/أ.م.ج.، ممّا يقتضي معه ردّ الدفع الشكلي لعدم القانونية؛
ثانياً: في الأساس
أ‌- في التبعة الجزائية
حيث إنه أسند إلى المدعى عليهم كل من (…) إقدامهم على ارتكاب الجنحة المنصوص عنها في المادة 565/1 من قانون العقوبات معطوفة على المادة /210/ من القانون عينه بالنسبة للشركتين المدعى عليهما، التي تعاقب من تسبب عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة بإيذاء أحد الناس، في حال نتج عن الفعل قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو تعطيل احدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة اخرى دائمة او لها مظهر العاهة الدائمة، بالحبس من شهرين إلى سنة،
وحيث إن مقاربة واقعات القضية الحاضرة تستند دوماً إلى المبدأ الأسمى الناطق بأن حياة الإنسان وسلامته الشخصية فوق كل اعتبار، وهو مبدأ يتكامل مع رسالة مهنة الطب، كي تبقى رسالةً إنسانيةً ساميةً بعيدة كل البعد عن المتاجرة المادية بالإنسان، وكي لا يختلط الامر على الفرد بين العملية الهادفة للمعالجة الصحية الجذرية وتلك المقتصرة على التجميل، فيلجأ للثانية خطأ في ظل حاجته للاولى بسبب الإلتباس الذي خُلق في ذهنه بدافع الربح المادي والإستغلال التجاري،
وحيث لا بد من التنويه في المستهل بانه لدى مثول المريض بين يدي الطبيب وبدء هذا الأخير بالمعاينة والإعتناء به، ينشأ بينهما عقد ككل العقود الأخرى، ومن نتائجه إنشاء موجبات على عاتق الطبيب وتعرف بموجبات الوسيلة، ولا تعتبر غير منفذة وتالياً مرتبة للمسؤولية إلا بعد تحديد الوسائل التي كان على الطبيب أن يضعها في خدمة النتيجة المتوخاة لمريضه، وبمعنى آخر إن الطبيب يضع الوسائل الفنية والعلمية والتقنية في خدمة مريضه دون أن ينظر إلى النتيجة التي قد تنجم عنها، هذا مع العلم أن الإجتهاد الحديث أمسى يعتبر موجب الطبيب في عمليات التجميل موجب نتيجة يرتب على عاتقه تحقيق نتيجة محددة تجاه الزبون،
وحيث إنه في ضوء محتويات ومضامين موجبات الطبيب، يجب تحديد خطئه الفني والمسؤولية التي تترتب على هذا الخطأ بغض النظر عن مضمون الموجبات الخلقية في علاقة الطبيب الإنسانية مع المريض، ومضمون قواعد الحيطة العامة الخارجة عن نطاق الشروط الطبية للمهنة والتي يسأل عنها الطبيب ككل إنسان في تحركاته خارج إطار العمل الطبي، مع التنويه في هذا السياق بأن بعض الفقه قد أخذ بفكرة الخطأ الإحتمالي في قضايا المسؤولية عن جراحة التجميل بحيث ينتقل عبء إثبات العكس على عاتق الطبيب بمجرد تقديم واقعة من المريض يُرجح معها الإهمال،
وحيث إنه، وضمن الإطار التقني المحض لمهنة الطب، فإن الإجتهاد يعتبر أن الطبيب عليه تجاه مريضه واجبات فعلية ضميرية ويقظة منطبقة على معطيات العلم الحديثة،
وحيث إن عامل الضمير عند الطبيب من أهم العوامل إذ على أساسه ينظر القاضي إلى المسؤولية وعلى ضوئه يقدر اليقظة والحذر والإنتباه والمعارف التي ينبغي توافرها لدى الطبيب، فيكون بذلك الطبيب خاضعاً بتصرفاته لمراقبة القاضي الخارجية والموضوعية وما تمليه هذه المراقبة من افتراضات لجهة أن تدخل الطبيب يجب أن يحصل أحياناً في الحال وبصورة سريعة حتى لا يدع الوقت يفوت على مريضه وعلى العمل الطبي المجدي النافع، ولجهة أن الطبيب يكون غالباً أمام اختيار ملحّ وتشخيصات عدة محتملة للمرض وأساليب متنوعة في إعطاء العلاج والدواء النافع،
وحيث بالتالي، فإن النظرة الحديثة لموضوع المسؤولية الجزائية للطبيب، أمست تفترض أن يكون الإهمال أو قلة الإحتراز أو عدم التنبه مستوحى من عدم معرفة من قبل الطبيب لواجباته، وبكلام آخر يقتضي أن يكون خطأ الطبيب غير القصدي موسوماً بطابع الجدية، وعلى هذا الأساس فإن الخطأ الطبي ليس حتماً مثل خطأ الرجل العادي أو الوسط، بل أن خطأه يجب أن يكون ناجماً عن عدم معرفته لواجباته وذهوله عن المعلومات المعروفة في الوسط الطبي في زمان إجراء العمل الطبي،
وحيث انسجاما مع ما تقدم، فإن مسؤولية الطبيب في إطار الخطأ التقني تتعدّى إطار الإهمال لتقوم في كل الحالات التي تصدر فيها أخطاء عن الطبيب المعالج أو المتابع، فيتمثل الخطأ بأوجه متعددة منها خطأ في تشخيص المرض، وخطأ في المعالجة، والتشخيص المذكور يقوم على تحديد المرض وتعيين خصائصه وأسبابه، وذلك باللجوء إلى جميع الوسائل الفنية التي يضعها العلم تحت تصرفه حتى يأتي تشخيصه للمرض صائباً ولا يكتفى فقط بمجرد الفحص السطحي حتى لا يأتي الرأي متسرعا،
وحيث إن قانون الآداب الطبية اللبناني يلزم الطبيب بموجب المادة /22/ منه بأن يضع تشخيصه بكلّ دراية بقطع النظر عمّا يستغرق هذا العمل من وقت، وأن يستعين إذا اقتضى الأمر باستشارات الزملاء متبعاً احدث الطرق العلمية الملائمة وأن يعمل بعد تحديد التشخيص والعلاج على ملاحقة تطبيق المعالجة، كما حظر المرسوم المذكور في المادة /20/ منه إجراء الجراحات التجميلية إذا كان إجراؤها لأسباب مادية مجردة وتحتمل مخاطر لا تتناسب مع الغاية المتوخاة منها،
وحيث بالإضافة إلى ما تقدم، فإن مسألة اختيار العلاج تلعب دوراً أساسياً في ممارسة الطب، لأنه إذا كان الطبيب حراً في اختيار العلاج الذي يراه مناسباً إلا أن هذه الحرية مقيدة بتقديم وتأمين العناية اللازمة للمريض بكلّ انتباه وحذر، ولو كان لا يفترض بالطبيب أن يضمن في علاجه للمريض نجاحاً كاملا وشفاء تاماً، غير أنه من واجبه بذل كل العناية الممكنة من أجل أن يؤمن للمريض كل الحظوظ المستطاعة للشفاء او للتحسن في ضوء ما تسمح به وتوفّره العلوم الطبية الحديثة، ولا يصح القول بنفي المسؤولية عن الطبيب بمجرد أنه أعطى تعليمات للطاقم العامل لديه ووصف الدواء اللازم وحسب، إذ يبقى على الطبيب المعالج السهر على حسن التطبيق ومواكبة المريض في كل مراحل العلاج واللجوء إلى جميع الوسائل الفنية المتاحة والإستعانة باهل الإختصاص حتى ياتي تشخيصه للمرض صائباً وإلا فاعتبر مخطئاً ويسأل عن خطأه إذا اتخذ قراره بالمعالجة بناء على مشاهداته الأولية فقط وعلى رأي لم يؤكده أو يثبته بالطرق العلمية المعترف بها،
وحيث بالعودة إلى الواقعات الثابتة في القضية الراهنة ومعطيات الملف كافة من تقارير وصور وغيره، وأقوال الشاهديْن، وجميع الظروف والملابسات، والمعاناة التي تعرض لها المدعي ن. ع. وحالة المتابعة والترقب والخوف التي عاشها ذووه ومن بينهم والده المدعي أ. ع.، فإن واقع الأمر يتمثل بدخول المدعي ن. ع. الذي كان يعاني من السمنة الزائدة إلى سنتر(…) للتجميل العائد للمدعى عليها شركة (…) ش.م.م. المناطة إدارتها وتمثيلها والتوقيع عنها بالمدعى عليه(…)، وهو مركز لم يثبت حتى تاريخه أنه مرخص، وذلك بهدف تحسين وضعه الصحي ومظهره الخارجي عبر تخفيض وزنه بواسطة ما توصل إليه التطور العلمي، فقابل المدعى عليه(…) الذي عرض عليه خصائص المركز وتجهيزاته وكفاءة الجهاز الطبي وإمكانية إجراء عملية “شفط دهون”، وبالفعل انتقل بعدها المريض المذكور لمقابلة الطبيبة في المركز المدعى عليها(…)، وبعد إجراء بعض الفحوص وفقاً لإدلاءات هذه الأخيرة، شرعت بعملية “شفط الدهون” من الرقبة والصدر والبطن وذلك بحضور المدعى عليه طبيب البنج(…) الذي كان دوره تأمين الإسترخاء للمريض وحضور العملية تحسباً لأي طارئ، وفي معرض إجراء العملية احدثت المدعى عليها ثقوبا في بطن المدعى عليه ومصارينه أدت إلى نزيف دموي، فتوقفت المدعى عليها(…) عن متابعة العملية وتدخل المدعى عليه(…) للحفاظ على حالة المريض ووقف النزيف، وبسبب عدم وجود أي تجهيزات في المركز لمواجهة الحالة الطارئة، جرى نقل المدعي على يد الطبيبين(……) إلى مستشفى(…) المملوك من المدعى عليها شركة مستشفى(…) ويديره المدعى عليه الطبيب(…)، وعند إدخاله المستشفى المذكور تولى المدعى عليه الدكتور(…) الإشراف على حالته وطلب إجراء صورة شعاعية له، إلا أن طبيب الأشعة المدعى عليه(…) لم يجرِ الصورة بسبب ارتفاع نسبة الزلال مما يتعذر معه الحقن الظليلي خوفاً من انعكاسه السلبي على عمل الكلى، فتراجع الطبيب المعالج(…) عن طلب إجراء الصورة، وجرى عرض المدعي على الطبيب الجراح المدعى عليه(…) الذي اكتفى بالفحص السريري ولم يطلب إجراء أي جراحة للمدعي مكتفياً بطلب تضميد جراحه وإعطائه مضاد حيوي، وبعد ان تحسنت حالة المريض مؤقتا في الأيام الأربعة اللاحقة، وانخفض معدل الزلال إلى الطبيعي، لم تجر له أي صورة شعاعية للتاكد من عدم وجود عوارض خطرة جراء عملية الشفط وإدخال الأنابيب، لتعود وتتراجع حالته بشكل سريع بدءاً من اليوم الرابع ممّا اضطرّ الاطباء إلى إجراء الصورة الشعاعية ليتبين وجود الثقوب في بطن المريض وامعائه، فأُعلم ذووه بوجوب إجراء عملية جراحية له دون أن يلحظ الأطباء لدى مستشفى(…) في تقريرهم تعرضه للثقوب، لكن اهل المريض، الذين انعدمت لديهم الثقة بشكلٍ مبرّر، أصروا على نقله إلى مستشفى الجامعة الاميركية لإجرائها هناك، فتعذّر نقله في اليوم عينه، بسبب عدم تمكن الأهل من دفع فواتير الإستشفاء نظراً لإقفال الصندوق حسبما يدلي المدعي ا. ع. ولعدم وجود المدير المدعى عليه الدكتور(…) في المستشفى، ونقل صباح اليوم التالي حيث شُخصت الثقوب على الفور بناء على صورة المسح الضوئي المجراة في اليوم ما قبل الأخير لدى مستشفى(…)، وخضع لعمليات عدة لدى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت بعد ان مكث فيه لما يزيد عن الشهر، وخرج بعدها مصاباً بتشويه وأعطال جرى ذكرها في التقارير الطبية المبرزة في الملف،
وحيث من الثابت بالأدلة المعروضة أعلاه، ان المدعي(…) تعرض لسلسلة متتابعة من الأخطاء الطبية والإدارية الفادحة، وأخطاء غير مهنية تجاور الخطأ الفادح للممارسة الطبية تجلت بوضوح في ما يلي: خطأ في عدم تشخيص حالة “السمنة المريضة” وفي قرار إجراء عملية شفط الدهون من قبل صاحب المركز غير المرخص وغير المجهز والطبيبة(…)، وخطأ آخر في توجيه الأنابيب او اللايزر من قبل هذه الأخيرة أثناء العملية بشكل أحدث ثقوبا، وخطأ فادح آخر وقع عند إحضاره إلى مستشفى(…) حيث لم يجر التشخيص بشكل سليم في ضوء معرفة الطبيب المعالج والطبيب الجراح وطبيب الأشعة بسبب النزيف الذي تعرض له المريض، وقد استمر هذا الخطأ في عدم التشخيص للأيام اللاحقة التي تخللها تحسن “ظاهري” في وضع المريض وأصبحت إمكانية التصوير الشعاعي وفقاً للمعايير المعتمدة متاحة دون ادنى شك، بالإضافة إلى عدم ثبوت المتابعة الحثيثة للمريض إن كان من قبل الطبيب المعالج او الطبيب الجراح، وصولاً إلى خطأ جسيم يعزى إلى إدارة المستشفى التي رفضت السماح للمريض بالمغادرة قبل دفع فاتورة الإستشفاء لأن صندوق المحاسبة كان قد أقفل ليلة 8/4/2014 وإبقاء المريض حتى اليوم التالي وهي عالمة بالثقوب وبحالته الحرجة ولو لم يلحظ الأطباء لديها ذلك في تقريرهم المستند إلى الصورة الشعاعية،
وحيث إنه، وللتوضيح والردّ على إدلاءات المدعى عليهم، فلا بدّ من ذكر الملاحظات التالية:
– إن المدعى عليه(…)، وإن لم يكن طبيباً، فقد ارتكب خطأ جزائياً متمثلاً بقلة الإحتراز وعدم مراعاة القوانين والانظمة، ولم يقدم أي دليل على استحصاله على ترخيص، وفي حال لم يكن القانون المنظِم ساري المفعول آنذاك فإن إدلاءه بأن وزارة الصحة أعلمته بإمكانية المباشرة بالعمليات في مركزه بقي مجرداً من أي دليل يثبته،
– إن المدعى عليه(…) أقرّ في التحقيق الأولي بحصول خطأ طبي أثناء إجراء العملية على يد الطبيبة(…)، ومن المتعارف عليه، وما أثبتته التقارير والإفادات، ان وضع المريض المدعي لم يكن يسمح بإجراء العملية في منطقة البطن، وحتى ان المدعى عليها(…) صرحت خلال استجوابها بما يلي: “أوضحت للمريض أنه سيستفيد من العملية في منطقتي الرقبة والصدر أما لجهة البطن فعليه إتباع حمية غذائية”،
– إن عدم إجراء صورة الـCT SCAN لدى مستشفى(…) لحظة وصول المريض إليها يعدّ خطأ جسيما بحدّ ذاته في ضوء الحالة الخاصة بالمريض المتمثلة بنزيف ناتج عن عملية شفط دهون، وكان من الواجب على الأقل استدعاء أخصائي الكلى للوقوف على مدى إمكانية حقن المادة المرافقة للصورة المذكورة قبل رفض إجرائها من قبل طبيب الأشعة كي يصبح التذرع بالخوف من الفشل الكلوي مستنداً إلى معيار علمي مهني وتصبح المفاضلة بين مضاعفات الصورة وحاجتها جائزة لمعرفة نسبة مخاطر إجراء الصورة مقارنة مع مخاطر عدم إجرائها، وفي مطلق الأحوال كان باستطاعة طبيب الأشعة، بدلاً من الرفض، إجراء الصورة دون حقن تلك المادة إذ من المحتمل ان تعطي نتيجة واضحة أو على الأقل تجعل من فرضية الثقوب قائمة لدى الطبيب المعالج والطبيب الجراح، وكان على الطبيب المعالج الإصرار على ذلك، وكان بالإمكان إجراء الصورة على مسؤولية المريض أو أهله لكن الطبيب المعالج، وفقاً لإدلائه، لم يعرض الأمر على أهل المريض، وكان من الواجب أيضاً إجراء الصورة في 2014/4/8 بمجرد ظهور مؤشر فحص الدم على ارتفاع نسبة الإلتهاب دون الإنتظار بلا أي مبرّر إلى صباح 9/4/2014، مع العلم أنه لم يثبت هذه المرة انه أخضع لفحص نسبة “الزلال”، هذا بالإضافة إلى أن إجراء الصورة مع حقن المادة كان متيسراً في اليوم التالي او الذي يليه لدخول المريض إلى المستشفى لأن نسبة الزلال عادت إلى الطبيعي، ولا يرد على ذلك بأنه عند تحسن الحالة لا داع لإجراء الصورة، إذ أن التسليم بهذه الفرضية يعني ألّا حاجة للصورة في أي حال من الأحوال، ففي ظل الوضع المتهور وارتفاع نسبة الزلال لا يمكن إجراؤها، وعند تحسن الوضع لا داعٍ لها، وهذا المنطق لا يمكن مجاراته،
– كان من واجب الطبيب الجراح إخضاع المريض لمنظار للتأكد من سلامة البطن والامعاء، علماً أنه عندما يعتقد الجراح ان ثقباً ما لحق بالمصران فيمكن إجراء الجراحة من دون إجراء أي صورة وهو ما يسمّى بـ”عملية التنظير الإستباقية” وفقا لما جاء في إفادة الشاهد، وكان من واجبه أيضاً متابعة المريض ومعاينته بشكل يوميّ على الأقل لا الإكتفاء بالإطمئنان على الحالة من الطبيب المعالج، ويزداد الخطأ جسامةً عندما عاد وحضر بعد غياب في 8/4/2014 على أثر ارتفاع نسبة الإلتهاب لدى المدعي واكتفى باتخاذ القرار باستبدال الضمادات في اليوم التالي دون أن يتخذ القرار بأي تدخل جراحي لاستكشاف الوضع، مع العلم أن مؤشر الإحمرار الذي شاهده الطبيب الجراح في 8/4/2014 قد يكون ظاهراً منذ ما قبل هذا التاريخ كونه لم يعاين المريض ما بين 2014/4/4 و 2014/4/8، وبذلك كان من الممكن ان يأتي التشخيص “الواجب” باكراً،
– لا يستقيم إدلاء الطبيب الجراح لجهة أن الطبيب المعالج الذي عرض عليه الحالة الطبية للمريض لم يخبره أن عملية شفط الدهون كانت تجرى بواسطة الليزر، إذ يقع عليه أيضاً موجب الإستعلام عن الطريقة المتبعة بعد ان علم بخضوع المريض لعملية الشفط، والامر ذاته ينطبق على الطبيب المعالج او المتابع لحالة المريض مع العلم أن الطبيبة(…) أكدت على إعلامه تفصيليا بما حصل معها أثناء عملية الشفط.
– إن إصرار ذوي المريض على نقله إلى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت مبرّرٌ نتيجة فقدانهم الثقة بإدارة مستشفى(…) والأطباء المعالجين، ونتيجة الهاجس الحقيقي الذي أصابهم آنذاك بمفارقة المدعي الحياة، والقول بعكس ذلك يعني فرض أمر واقع عليهم نتيجة خطأ الأطباء في المستشفى، مفاده إبقاء ابنهم المريض يرزح تحت رحمة من بنظرهم اخطأ ولا يزال، ممّا لا يستقيم عدالةً وقانوناً، وبالتالي فلا يعزى إليهم أي خطأ، مع الإشارة إلى أن التأخير بحسب والد المريض والتفاصيل التي أعطاها لهذه الجهة، والسياق الطبيعي للأمور، يعود إلى الخطأ الإداري لدى مستشفى (…) لا لسبب آخر،
– إن عدم ذكر الأطباء لدى مستشفى(…) وجود الثقوب في تقريرهم على أثر الصورة احتراماً للناحية الأخلاقية تجاه الطبيبة(…) التي اجرت عملية شفط الدهون، يقابله الواجب المهني والأخلاقي تجاه المريض وذويه وذلك بضرورة إعلامهم بحقيقة الوضع ليتسنى لهم اتخاذ الإجراء الانسب في أسرع وقت ممكن دون الإضطرار إلى انتظار التشخيص الحقيقي لدى مستشفى آخر،
– إن تعذر نقل المدعي في اليوم عينه إلى مستشفى آخر وهو في وضع حرج، لسبب يعزى إلى مستشفى(…) وإدارتها، يعدّ خطأ متمثلاً بإهمال فادح في الإدارة وقد ارتبط سببيا بالنتيجة الضارّة، وفي مطلق الاحوال كان يقتضي على الإدارة عدم السماح ببقائه على حاله وهي والجهاز الطبي عالمان بعدم جواز ذلك وبالخطر المحدق على حياته، فتترتب المسؤولية الجزائية على المدير والشركة في آن، علماً أن مسؤولية الهيئة المعنوية جزائيا لا تنفي مسؤولية الشخص الطبيعي الذي يمثلها وقد عمل باسمها أو بوسائلها، وإنما العكس هو الصحيح إذ لا تستقيم قانونا ملاحقة هيئة معنوية جزائيا ما لم يتم تحديد هوية الشخص الطبيعي الذي ارتكب الفعل الجرمي والتثبت من أنه واحد من الأشخاص المعددين حصرا في المادة 210/2 ق.ع. باعتبار أن مسؤوليتهم هي عن جريمة ارتكبت باسم الشركة ولصالحها أو بإحدى وسائلها، ومع الإشارة إلى أن سائر الاطباء المدعى عليهم عملوا بأدوات وتجهيزات المستشفى المدعى عليها، والأمر ينطبق كذلك على المدعى عليه(…) وشركة(…)،
– لا يغيّر شيئاً في نتيجة الإدانة بموجب دعوى الحق العام سواء أكانت الثقوب حصلت أثناء عملية شفط الدهون الخاطئة ولم تكتشف في المستشفى نظراً للتشخيص الخاطئ، أم أن العملية والأنابيب أدت إلى جروح أو حروق أو رضوض ونزيف ليتفاقم الوضع في المستشفى بالنظر للتشخيص الخاطئ أيضاً، وتستحيل الحروق ثقوبا،
وحيث تأسيساً على ما تقدم، وبالنظر لثبوت الفعل الجرمي غير المقصود والخاطئ إن كان بالإهمال او بقلة الإحتراز او بعدم مراعاة القوانين والانظمة، وارتباطه سببياً عملاً بالمادة /204/عقوبات بالضرر الحاصل دون أن تنقطع تلك الصلة بين مرحلة واخرى ولو ساهمت عدة عوامل في إحداث النتيجة، إذ أن القرار الخاطئ بإجراء العملية أدى إلى الثقوب، والتشخيص الخاطئ للحالة أدى إلى تفاقم الوضع والنتيجة الضارة، وبالنظر لثبوت أن الضرر تمثّل بإحداث تشويه جسيم وله مظهر العاهة الدائمة، يقتضي إدانة المدعى عليه(…) والمدعى عليهم الأطباء(…)، وشركتي(…) ش.م.م. ومستشفى(…) ش.م.م.، بالجنحة المنصوص عنها في المادة 565/1 من قانون العقوبات معطوفة على المادتين /18/ و/28/ من قانون الآداب الطبية بالنسبة للأطباء الذين ارتكبوا خطأ طبياً وعلى المادة /210/ من قانون العقوبات بالنسبة للشركتين المدعى عليهما،
وحيث بالنسبة لطبيب البنج المدعى عليه(…)، وبالنظر لخصوصية الواجب الملقى على عاتقه كطبيب تخدير وإنعاش، والإستقلالية الخاصة في عمله المنصوص عنها في قانون الآداب الطبية اللبناني، وقيامه بموجبه في تأمين الإسترخاء دون أي مضاعفات صادرة عن عمله المستقل، ومتابعته للمريض أثناء العملية تحسباً لأي طارئ، ومن ثم التدخل بشكل إيجابي عند حدوث الطارئ وتمكنه من المحافظة على وضع مستقر للمريض والسيطرة المؤقتة على النزيف ريثما ينقل إلى المستشفى، وتصرفه بوعي تام لإنقاذ حياة المريض ومرافقته إلى المستشفى، فيكون من الثابت أن المدعى عليه المذكور قام بالموجب الذي تفرضه عليه مهنته لا سيما الفقرة (15) من المادة /27/ من قانون الآداب الطبية قبل وأثناء وبعد العمل الجراحي، دون أن يعزى إليه أي مسؤولية بحسب موجباته الناجمة عن تخصّصه، فلا يعزى إليه تالياً أي إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والانظمة خصوصاً وأن القانون المنظم للمراكز لم يكن قد صدر بتاريخ حصول العملية، ولم يثبت أنه استعمل التخدير العام او الفقري خلال العملية المجراة في المركز، ويضحى الخطأ منتفياً في وضعه، وفي مطلق الأحوال غير ثابت بشكل قاطع، ممّا يقتضي معه إبطال التعقبات المساقة في حقه لعدم توافر العناصر الجرمية، وردّ الدعوى المدنية عنه تبعاً لذلك،
وحيث إن المحكمة ترى، سنداً للمادة /73/ معطوفة على المادة /103/ وما يليها من قانون العقوبات، وفي ضوء ثبوت استثمار المركز التجميلي من قبل المدعى عليه(…) والشركة المدعى عليها دون الإستحصال على ترخيص وفقاً للأصول، فرض تدبير احترازي عيني متمثل بإقفال(…) الكائن في بلدة(…) والمملوك من المدعى عليها شركة(…) ش.م.م. لحين الإستحصال على ترخيص وفقا للقواعد القانونية والتنظيمية المرعية الإجراء لا سيما منها القانون رقم 30/2017 (قانون تنظيم تراخيص مراكز التجميل الطبية وما يفرضه من شروط متعلقة بالإدارة وبموقع المركز وضمان التقيد بقانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة)، والقرار الصادر عن وزير الصحة العامة بالرقم 1022/1 تاريخ 2/6/2017 الذي منع إجراء العمليات الجراحية التي قد تسبب إشتراكات تستوجب عناية فائقة كعمليات شفط الدهون وغيرها، إلا في المستشفيات التي تحتوي على قسم للعناية الفائقة،
وحيث ترى المحكمة، بالنظر لظروف الملف كافة، منح المدعى عليه الدكتور(…) الأسباب التخفيفية المنصوص عنها في المادة 254/عقوبات؛
ب‌- في التبعة المدنية
حيث إنه بالنظر إلى الواقعات الثابتة اعلاه، والظروف كافة المحيطة بالقضية، فإن المحكمة ترى بادئ ذي بدء تحميل المدعى عليهم في المرحلة الأولى من الخطأ، أي(…) والطبيبة(….) وشركة(…) ش.م.م. خمسين بالمائة من المسؤولية المدنية، والمدعى عليهم المساهمين في الخطأ خلال المرحلة الثانية، أي الأطباء(…) وشركة مستشفى(…) ش.م.م.، دون المدعى عليه الدكتور(…) لعدم مطالبته بأي تعويض مدني بصفته الشخصية من قبل الجهة المدعية، خمسين بالمائة من تلك المسؤولية،
وحيث إن كل فعل جرمي يلحق ضرراً بالغير ينبغي التعويض عنه وفقاً للقانون،
وحيث ان الضرر الجسدي بمفهومه الموسع يجعله ممتدا الى اضرار ناتجة عن الاصابة الجسدية او راجعة اليها وهي الاضرار التي تصيب الضحية في حقوقها ومصالحها المالية او الاقتصادية (كالتعطيل عن العمل) او في كيانها المعنوي ( كالآلام الجسدية والنفسية المرافقة لتلك الاضرار)،(يراجع:د.عاطف النقيب- المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي- 1983- ص263)،
وحيث إن صلة المحبة والقربى والآلام المعنوية تجعل من والد المدعي ن. ع.، المدعي الآخر ا. ع.، صاحب صفة للمطالبة بالتعويض عن الضرر الشخصي اللاحق به،
وحيث ان المحكمة بعد التدقيق في الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن الإيذاء الذي اصاب المدعي والمتضمنة الأضرار المعددة أعلاه، وكلفة العلاج، وعدم قدرته على القيام بعمله كما في السابق، وضرورة خضوعه لعمليات لاحقة، وبالنظر لعمره، وللمشاكل التي يواجهها في العلاقة الجنسية والإنجاب دون ان تثبت إصابته بالعجز الجنسي، وبعد الاخذ بعين الإعتبار ما جرى دفعه كنفقات للعلاج والإستشفاء، ومع العلم أن المدعي لم يقدم أي دليل على قيامه بتسديد مبلغ /400000/د.أ. حتى الآن في سبيل العلاج، كما لم يقدم الدليل الكافي على أن كلفة العمليات التي سيخضع لها تبلغ الحدّ الذي يطالب به، ترى تحديد بدل التعويض الواجب اداؤه للمدعي ن. أ. ع. بمبلغ خمسمائة مليون ل.ل.، اما قيمة التعويض عن العطل والضرر اللاحق بالمدعي أ. ع. والواجب اداؤه إليه فيحدّد بمبلغ قدره عشرة ملايين ل.ل.،
وحيث بالتالي، وبعد حسم ما ثبت من أقوال المدعي ا. ع. ان المدعى عليه مالشيف قد سدّده من ماله الخاص كنفقات للعلاج السابق مبلغاً وقدره /55000000/ل.ل.، يقتضي إلزام المدعى عليهم(…) والطبيبة(…) وشركة(…) ش.م.م.، بان يدفعوا، بالتكافل والتضامن في ما بينهم، مبلغاً وقدره مائة وخمسة وتسعون مليون ل.ل. للمدعي ن. أ. ع. (أي /250000000/-/55000000/)، ومبلغ خمسة ملايين ل.ل. للمدعي أ. ع. ع.، وكذلك إلزام المدعى عليهم الأطباء(…) وشركة مستشفى(…) ش.م.م.، بان يدفعوا، بالتكافل والتضامن في ما بينهم، مبلغاً وقدره مائتان وخمسون مليون ل.ل. للمدعي ن. أ. ع. ومبلغ خمسة ملايين ل.ل. للمدعي أ. ع. ع.،
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الرد، إما لكونها لاقت رداً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب تعيين لجنة طبية وسماع الطبيب الشرعي(..) والطبيب(…)، وطلب تكليف طبيب شرعي، وطلب الإمهال لتقديم طلب إدخال شركة (…) للتأمين، ودعوة المدعي ا. ع. لاستجوابه، لعدم الجدوى،
لـــذلــــك،
فإنّه يحكم بما يلي:
أولّاً: ردّ الدفع الشكلي المقدّم من المدعى عليه(…) لعدم القانونية؛
ثانياً: إبطال التعقّبات الجارية في حق المدعى عليه الطبيب(…) سنداً للمادة 565/1 من قانون العقوبات لانتفاء العناصر الجرمية في حقّه، وتالياً ردّ المطالب المدنية عنه؛
ثالثا: إدانة المدعى عليهم(…)، والأطباء كل من(…)، المبيّن كامل هوياتهم أعلاه، وشركتي(…) ش.م.م. ومستشفى(…) ش.م.م.، بالجنحة المنصوص عنها في المادة 565/1 من قانون العقوبات معطوفة على المادتين /18/ و/28/ من قانون الآداب الطبية بالنسبة للأطباء الذين ارتكبوا خطأ طبياً وعلى المادة /210/ من قانون العقوبات بالنسبة للشركتين المدعى عليهما، وبمعاقبتهم على الشكل التالي:
– بالحبس مدة شهرين لكلّ من المدعى عليهم(…)، و(…)، و(…)، و(…)، و(…)؛
– بالحبس مدة شهرينْ للمدعى عليه(…)، ومنحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة /254/عقوبات، ومن ثم استبدال عقوبة الحبس بغرامة قدرها مليون ل.ل.، على أن يُحبس يوماً واحداً عن كل عشرة آلاف ليرة لبنانية منها في حال عدم الدفع سنداً للمادة /54/ عقوبات؛
– بتغريم كلّ من شركتي(…) ش.م.م. ومستشفى(…) ش.م.م. بثلاثة ملايين ل.ل.؛
رابعا: إقفال(…..) الكائن في بلدة(…) والمملوك من المدعى عليها شركة(…) ش.م.م. لحين الإستحصال على ترخيص وفقا للقواعد القانونية والتنظيمية المرعية الإجراء والمشار إليها في متن الحكم؛
خامساً: إلزام المدعى عليهم(…) والطبيبة(…) وشركة(….) ش.م.م. بان يدفعوا، بالتكافل والتضامن في ما بينهم، مبلغ مائة وخمسة وتسعين مليون ل.ل. (/195.000.000/ل.ل.) للمدعي ن. أ. ع.، ومبلغ خمسة ملايين ل.ل. للمدعي أ. ع. ع. (/5000000/ل.ل.)، كتعويض عن الأضرار اللاحقة بكل منهما؛
سادسا: إلزام المدعى عليهم الأطباء(…)، و(…)، و(…)، وشركة مستشفى(…) ش.م.م.، بان يدفعوا، بالتكافل والتضامن في ما بينهم، مبلغاً وقدره مائتان وخمسون مليون ل.ل. (/250.000.000/ل.ل.) للمدعي ن. أ. ع.، ومبلغ خمسة ملايين ل.ل. للمدعي أ. ع. ع. (/5000000/ل.ل.)، كتعويض عن الأضرار اللاحقة بكل منهما؛
سابعاً: وقف تنفيذ عقوبة الحبس الواردة في البند “ثالثا” بالنسبة للمدعى عليهما(…)، و(…) شرط أن تحصل الجهة المدّعية على كامل الردود والعطل والضرر الواردة في البند “خامسا” خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ إكتساب هذا الحكم الصفة القطعية وذلك سنداً لأحكام المادة /170/ من قانون العقوبات؛
ثامناً: وقف تنفيذ عقوبة الحبس الواردة في البند “ثالثا” بالنسبة للمدعى عليهم(…)، و(…)، و(…) شرط أن تحصل الجهة المدّعية على كامل الردود والعطل والضرر الواردة في البند “سادساً” خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ إكتساب هذا الحكم الصفة القطعية وذلك سنداً لأحكام المادة /170/ من قانون العقوبات؛
تاسعاً: ردّ كلّ ما زاد أو خالف؛
عاشراً: تضمين المحكوم عليهم الرسوم والنفقات القانونية كافّة.
حكماً وجاهيّاً في حق المدعييْن والمدعى عليهم صدر وأُفهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2018/3/13
“محكمة” – الأحد في 2018/10/07
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!