مضبطة حوارميديا

النقيب المراد يتحدّث لـ”محكمة” عن انفجار المرفأ وحبيش والمصارف: هذا ما فعلتُه لنقابتي/فريال الأسمر وعلي الموسوي

حوار المحامية فريال الأسمر وعلي الموسوي:
لم يكن انتخاب محمّد المراد نقيباً للمحامين في طرابلس والشمال في تشرين الثاني من العام 2018 عادياً في تاريخ هذه النقابة الضاربة عميقاً في تاريخ لبنان، فالرجل نال ثقة 85 بالمائة من أصوات المقترعين أيّ 965 صوتاً ودعم الأحزاب باختلاف توجّهاتها السياسية، مع أنّه كان قبل ذلك عضواً في المكتب السياسي لتيّار المستقبل في العام 2010 ورئيساً لهيئة الإشراف والرقابة في التيّار في العام 2016.
عمل تراكمي
ويعيد المراد هذا الإجماع إلى أنّ “المحاماة عملٌ تراكمي يتلاقى مع تراكم العمل النقابي الذي يأتي على مراحل وعلى مسافةٍ من الزمن، وأعتقد أنّ كلّ محام آمن بالمحاماة مهنةً، وبالنقابة موجباً وقناعة، فمن الطبيعي أن يحصل هذا التراكم من خلال أداءٍ مهني ملتزم ومن خلال عمل نقابي منتج.”


سلف الأتعاب
وقبل الظفر بمنصب النقيب، حظي المراد في العام 2003 بعضوية مجلس النقابة التي دخلها في العام 1989 في “ظروف غير مشجّعة على الرغم من إيماني بالمحاماة مهنةً ورسالة” بحسب تعبيره في حديث خاص إلى”محكمة”، مشيراً إلى أنّه وفّق في تقديم اقتراح بشكل نظام إلى مجلس النقابة برئاسة النقيب خلدون نجا يتعلّق بسلف الأتعاب “لقي قبولاً ورفضاً في آن في حينه، إلاّ أنّني كنت مصرّاً على أنّ هذا النظام يحمي المحاماة ويحمي المحامي ويؤمّن موارد. وكان الاعتراض نابعاً من عدم معرفة الأثر الحقيقي لهذا النظام، ولكن بعد تطبيقه، كان المعترضون من أوائل الذين طبّقوه لأنّهم وجدوا مصلحتهم المهنية فيه، ولأنّ هناك إيرادات من خلال تطبيق هذا النظام، وأقولها بصراحة تامة بعد أن ابتعدت قليلاً عن العمل المباشر النقابي بعد العام 2010 وانصرفت إلى التعاطي بالشأن العام كنت اتلقى اتصالات من بعض الزميلات والزملاء يدعون لي بالتوفيق والخير لمساهمتي في تطبيق هذا النظام.”
النقابة والحراك الشعبي
وردّاً على سؤال عن قدرته على التوفيق بين مركز نقيب للمحامين والإنتماء السياسي خاصة في ظلّ الحراك الشعبي في 17 تشرين الأوّل 2019، مع العلم أنّه اتخذ قرارات كثيرة مع هذا الحراك وتتعارض مع موقعه السياسي، يجيب النقيب المراد:”ما حصل في 17 تشرين الأوّل، أنّ نقابة المحامين هي نقابة الحرّيات والدفاع عن الإنسان وكرامته وعن الحقّ الإنساني، وتصدّت للدفاع عن المتظاهرين أينما كانوا لأنّ ما حصل كان يندرج ضمن إطار الحقوق المشروعة والمطالب المحقّة، وكنّا ندرك تماماً أنّ المواطن اللبناني يعيش العذابات نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والفقر والحرمان، ولذلك عقدنا جلسة طارئة لمجلس النقابة مع النقباء السابقين وحدّدنا موقفاً واضحاً من هذا الحراك الذي أظهر عفويته وأشعر الجميع بأنّه صاحب حقّ، وبعدها أصبحت تتفاعل الأمور وأخذنا القرار بجعل مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية ومعهد حقوق الإنسان بتصرّف هؤلاء الناس الذين يستحقّون أن نقف إلى جانبهم دون أيّ معيار آخر. وأفتخر أنّ نقابة المحامين في طرابلس وقفت إلى جانب هؤلاء لتدافع عنهم، وساهمنا في إطلاق سراح المئات منهم وكلّفنا محامين للدفاع عنهم.ومن باب العلاقة الأدبية مع الرئيس سعد الحريري، أعلمته بما قمت به، لكن بعد أن قمت به وليس قبله.”
ويذكّر المراد باحتضان دار النقابة للقاء تضامني لنقابات المهن الحرّة مع الحراك الشعبي، ووضْعِ خَطٍّ ساخِنٍ للمساعدة القانوينة وآخرٍ لتوثيقٍ حالاتٍ التعذيب الممنهجة.
“كورونا” واكتظاظ السجون
ولعبت نقابة المحامين في طرابلس دوراً محورياً وأساسياً خلال أزمة انتشار وباء “كورونا” فسعت من خلال لجنة طوارئ السجون إلى إطلاق سراح الموقوفين إحتياطياً من أماكن توقيفهم في السجون والنظارات والمطالبة بعفو عام خشية أن يتسلّل هذا الوباء إليهم فيقضي عليهم أو يزيد مشهدية السجون تعقيداً وهي التي تعاني في الأصل اكتظاظاً فظيعاً يفترض العمل على معالجته بشكل سريع وعلمي.
وقد تمكّنت النقابة نتيجة التعاون مع القضاء والأمن من الحصول على أكثر من 650 قراراً بتخلية سبيل في أقلّ من شهرين وهو ما صنّف إنجازاً على صعيد الشمال بحسب تعبير المراد الذي يشرح بأنّ هذا الأمر الإنساني حصل بفضل التعاون الوثيق الذي قام بينه وبين القضاء وبمتابعةٍ حثيثةٍ ويومية من أعضاء لجنة طوارئ السجون في النقابة، من إستقبالٍ لأهالي الموقوفين في النقابة، وتلقّي طلبات تخلية السبيل من أماكن التوقيف عبر “الفاكس” والهاتف، وتعبئة استمارة خاصة في المركز والمصادقة عليها ضمن الأصول، واستلام طلبات تخلية السبيل من السجون، ومتابعة الملفّات مع آمري السجون واستلامها وفرزها وأرشفتها وإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى الجهات القضائية المختصة.
إصلاح سجون الشمال
ولم يقتصر نشاط المراد تجاه السجون والسجناء على هذا الأمر الهام، بل شمل “إطلاق خطّة وطنية لإصلاح سجون الشمال، بحضور وزيرة الداخلية السابقة ريّا الحسن، أعلنت خلالها إنشاء صندوقٍ في نقابة المحامين في طرابلس لدعم السجناء إعمالاً لمبدأ الإنسانية، والعمل على معالجة موضوع الغرامات والإدغامات، وعلى تسريع المحاكمات بتعاون وثيق مع القضاء ومع وزارة الداخلية لجهة تأمين سَوْق الموقوفين وعدم تعذير السوق إلاّ لأسباب قاهرة فعلاً.”
النقابة والتشريع
وثمّة من يرى نقابة المحامين وهي شريك أساسي في تنظيم الشرائع، بعيدة كلّ البعد عن التشريع، غير أنّ النقيب المراد يشدّد من وجهة نظره أنّ “لنقابة المحامين دوراً تشريعياً، وقدّمنا ورشة عمل طويلة وعميقة ومختصة عن مشروع قانون إنشاء محكمة خاصة بقضايا الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، وتعديلات في مضمون قانون الإيجارات بعدما استمعت إلى وجهات النظر بين المستأجر والمؤجّر.”


الإنتدابات القضائية أرهقت طرابلس
ويكشف المراد أنّه قبل أن يكون نقيباً سأله وزير العدل سليم جريصاتي عن رأيه بالتشكيلات القضائية في العام 2017، “فأجبته بأنّها غير موفّقة، والسبب الجوهري أنّ النسبة العالية من الإنتدابات للقضاة أثقلت العملية القضائية وظلمت في الوقت نفسه القاضي والمتقاضي ونحن في الشمال كان لنا للأسف الحظّ الأوفر في الانتدابات، ونأمل أن يعيد مجلس القضاء الأعلى النظر في هذه الانتدابات في التشكيلات القضائية الجديدة، ولا شكّ أنّ الإصلاح القضائي يبدأ من هذه النقطة والتأخير مضرّةٌ لمؤسّسة القضاء والمواطنين، خاصةً في الأزمنة الصعبة والكوارث الوبائية والإقتصادية.
ويبدي المراد أسفه “لتشكّل جزر قضائية تسمح لنفسها بأن تهاجم مجلس القضاء الأعلى والسلطة التشريعية على السواء من غير التزام بموجب التحفّظ، وتبتدع في الإجراءات الجزائية بما ينتقص من دور المحامي خلافاً لأحكام القانون”.
علاقة القضاة والمحامين
وعن رأيه بقرارات مقاطعة جلسات قضاة عند نشوب خلاف بين القاضي والمحامي خلال ممارسة المهنة، يقول النقيب المراد: إنّ قرار المقاطعة أو التوقّف عن حضور الجلسات، يُلْجَأُ إليه بعد أن تُسدّ السبل، وعندما دخلت إلى النقابة وجدت أمامي قراراً بمقاطعة أحد القضاة في الشمال فبذلت جهداً مضنياً لمدّة 25 يوماً، تكلّل بمعالجة الموضوع بنجاح لأنّي مؤمن بأنّ العلاقة بين المحاماة والقضاء هي علاقة تكاملية مبنية على احترام متبادل لأنّنا والقضاء عنصران أساسيان في تحقيق وإرساء قواعد العدالة، وأنا مؤمن بالعمل المؤسّساتي وأنّ كلّ الأمور تحلّ، والمحامي إذا أخطأ يجب أن يحاسب وكذلك القاضي، وأعطيك مثالاً على ذلك، ففي الأيّام القليلة الماضية حصل إشكال بين أحد المحامين وأحد القضاة في الشمال، وبعد التحقيقات اللازمة إتخذت قراراً بإحالة المحامي إلى مجلس التأديبي، مع التذكير بأنّ آداب مهنة المحاماة ومناقبية المحامين بموجب المدوّنة الصادرة بحسب القرار رقم 11 تاريخ 2004/3/24 تضع ضوابط أيضاً لعلاقة المحامي مع النقابة، ومع القضاء، ومع الإعلام، ولا أخفي أنّ التقيّد بذلك وخصوصاً مع الإعلام تعتريه بعض الثغرات لكنّني أقول في ما يتعلّق بنقيب للمحامين بأنّني لست متساهلاً في هذا الأمر على الإطلاق.”
ريبة في قضيّة المصارف
وبشأن التعارض القضائي في مقاربة دعاوى المودعين على المصارف، إذ بعدما وقف قضاء العجلة والاستئناف إلى جانب المودع وقفت محكمة التمييز مع المصارف، يرى المراد:” أنّ ما يحصل على مستوى المصارف والمودعين والمقترضين هو أمرٌ مستغربٌ بالرغم من كلّ ما قيل ويقال مع تأكيدنا على أهمّية الحفاظ على النظام المصرفي في لبنان، لكنّني شخصياً لم أقتنع إلى الآن بالأسباب الجدّية والقانونية والموضوعية التي لم تتخذ إلى حينه بالوقوف على حقيقة ما يحصل واتخاذ التدابير التي تسمح بها القوانين اللبنانية والمصرفية منها وقوانين العقوبات، لأنّ في الأمر ريبة، لكنّ الذي يدفع الثمن بكلّ أسف هو المواطن، سواء أكان من أصحاب الدخل المحدود أو المتوسّط.”
حبيش وعون
وعمّا إذا كان المحامي النائب هادي حبيش قد أحيل أمام مجلس النقابة بعد الإشكال الذي وقع بينه وبين النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون، يؤكّد النقيب المراد بأنّ النقابة “تعاملت مع هذه القضيّة ومنذ اللحظة الأولى لحصولها كما تتعامل مع أيّ زميل قد يحصل معه هكذا إشكال، وهناك سوابق في هذه العملية، لكن عندما استدعي المحامي حبيش إلى التحقيق وأبلغت النقابة بذلك، حصل استنفار من نقيب المحامين لمعرفة ما إذا كان هذا الاستدعاء للمحامي حبيش قد تمّ بصفة مدعى عليه أو بصفة مشكو منه، وعليه اجتمع مجلس النقابة مع النقباء السابقين وأصدر بياناً واضح المعالم والمرتكزات القانونية إذ بمفهوم المجلس فإنّ الجريمة المنسوبة إلى المحامي النائب هادي حبيش ليست ضمن شروط التكوين للجريمة المشهودة، واستدعيت حبيش وأجريت تحقيقاً شاملاً معه.”
إنفجار المرفأ
وبُعَيْد وقوع الإنفجار المزلزل في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، سارع النقيب المراد إلى تقديم شكوى جزائية مشتركة مع نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف أمام النيابة العامة التمييزية ضدّ مجهولٍ ومن يظهره التحقيق، بجرائم القتل ومحاولة القتل، والتدمير والتخريب وهدر المال العام، ويجدّد ما سبق له أن طالب به “بإنشاء لجنة تحقيق مستقلّة بخبراءٍ دوليين للوقوف على أسباب هذا الانفجار وطبيعته”، مشيراً إلى إطلاقه “لجنة محامين متخصّصة لتقديم دعوى من المتضرّرين ضدّ الفاعلين والشركاء والمساهمين والمتدخّلين وضدّ الدولة اللبنانية بحكم مسؤوليتها عن المرتكبين والمسؤولين التابعين وظيفياً لها”، ويوضح أنّ نقابة المحامين ستعلن وبالأسماء أمام الرأي العام كلّ من يسعى ويُسهم في تغطية أيّ شخصٍ له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذا التفجير الكارثي.


إنجازات وتحسينات
ويقدّم المراد جردة سريعة بالإنجازات والتحسينات التي وفّق إليها في سنتي ولايته النقابية وارتدت إيجاباً على المحامين ولا يتسع المجال لذكرها كلّها بسبب كثرتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1- تفعيل التدرّج وتقويته من خلال دورة تعزيز القدرات المهنية والخضوع لامتحان خطّي ومقابلة شفهية.
2- شطبت 14 محامياً من الجدول العام بعد شكاوى بحقّهم بالسرقة والنصب والاحتيال، ومن بين هؤلاء خمسة محامين لم يكن أحد يستطيع أن يتخذّ قراراً فيهم، وقد صادقت محكمة الإستئناف على القرار.
3- ألزمت المحامين بلباس “الروب” طالما أنّهم موجودون في قصر العدل، وأنشأت خمس غرف للمجلس التأديبي وهي تعمل بشكل متواصل.
4- إتخذنا من خلال مجلس نقابي متماسك 555 قراراً خلال 12 شهراً وبالإجماع وهي تتعلّق بشؤون إدارية ومالية. وهناك بعض المشاريع قمنا بتنفيذها لم تكن في عداد البرنامج الذي التزمت به لكن وهذا يعود بالفضل لمجلس النقابة و للشراكة مع المحامين الذين لولاهم لم أستطع أن أنجز ما أنجزت.”
5- نجحت في ظلّ الأزمة الإقتصادية الخانقة في لبنان في تغليب مصلحة المحامين وميزانية النقابة عند توقيع عقد التأمين الجماعي للمحامين بزيادةٍ بلغت 7% فقط على عقد السنة الماضية، على أن تُدفع قيمة البوليصة بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي المعتمد لدى مصرف لبنان، مع إضافة شرط تغطية بوليصة التأمين للإصابة بوباء “كورونا” فحصاً وعلاجاً.
6- إعتمدت مع مجلس النقابة نظاماً محاسبياً إلكترونِياً وفق معايير حديثة يُعَزِّزُ الشفافية المالية، وأطلقنا موقعاً وتطبيقاً خاصاً بالنِّقابة كبديلٍ عن خدْمَة الرسائِل النصيَّة، من أجل التواصل السريع بين النقابة وأبنائها.
7- للمرّة الأولى في تاريخ النقابة تمّ في انتخابات العضوية في 18 تشرين الثاني 2019، تطبيقُ نظامٍ إنتخابي إلكتروني بعد تعديل المادة السابعة والأربعين من النظام الداخلي، التي تُحددُ آليات العملية الإنتخابية.
8- بهدف مأسسة العمل النقابي وتطويره من العمل الفردي إلى العمل المؤسّساتي الدائم، سعيت إلى تفعيل معهد حُقوق الإنسان، فقام بعدد وافر مِنَ النشاطات والدورات التدريبية لمحامين، كما تمّ إنشاء مركَز المعونة القضائية والمساعدةِ القانونيَّة، لتأمينِ خدماتٍ قانونيَّةٍ مجانيةٍ سريعةٍ للمستحقينَ، دونَ حاجةٍ لِلُّجوءِ إلى القضاءِ، والشروعُ في استقبالِ الملفّات والعمل عليها، وإطلاقُ فعالِيَّتِهِما خلالَ الإحتفال بيوم المحامي.
9- أطلقنا فعالية مركز التدرُّج والتدريب في النقابة، إيماناً منا بضرورة رفع مستوى مهنة المحاماة، وسمعة المحامي من ناحية الكفاءة والخبرة والسلوك العام، ووضعُ خطَّةٍ سنوية كاملة للتدرُّجِ والتدريب، لسنوات التدرّج الثلاث.
10- – تقديم اقتراحٍ لوزارةِ العدل، بإنشاءِ محكمةٍ جمركيةٍ في الشمال تعزيزاً لدَوْرِ طرابلسَ قضائياً واقتصادياً.
11- – إصدار مفكّرة خاصة بنقابة المُحامين للمرَّة الأولى في تاريخ النقابة.
“محكمة” – الإثنين في 2020/9/7

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!