علم وخبر

هل يعتبر تبليغ تقرير الخبيرين للمستأجر ضمن استحضار الدعوى صحيحاً؟/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة، الناظرة في دعاوى الإيجارات، والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين جهينة دكروب (منتدبة) وكارلا معماري، نقطة مهمّة جدّاً تتعلّق بمعرفة ما إذا كان تبلّغ المستأجر تقرير الخبيرين المعيّنين من قبل المالك، بمعرض المحاكمة القضائية (مثلاً ضمن استحضار الدعوى)، يعتبر قائماً مقام التبليغ الذي نصّ عليه القانون في المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد. فاعتبرت المحكمة أنّ التبليغ المنصوص عليه في المادة 18 المذكورة يجب أن يحصل بصورة مستقلّة عن أيّة معاملة أخرى، لاسيّما وأنّ المادة المذكورة قد حدّدت للمؤجّر بصورة واضحة لا لبس فيها طريقة إبلاغه المستأجر للتقرير المعدّ منه، بحيث ورد في المادة ما حرفيته “ويقوم المؤجّر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل إلى المستأجر” فلا يمكن بالتالي اعتبار تبليغ المستأجر صورة عن تقرير الخبيرين في معرض استحضار دعوى مقدّمة من المؤجّر بوجهه تبليغاً قانونياً وكافياً لبدء المهلة المنصوص عنه في المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد.
وقضت برد الاستئناف وبتصديق الحكم المستأنف.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2020/1/27:
ثانياً: في الأساس
حيث إنّ الجهة المستأنفة تطلب فسخ الحكم المستأنف ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً والحكم مجدّداً بإلزام المستأنف عليه بدفع مبلغ /26,985,500/ ل.ل. يمثّل رصيد بدل إيجار عام 2014 وبدل الخدمات المشتركة وبدل المثل عن الأعوام 2015 و 2016 و2017 لغاية 7/31 منه مع الفائدة القانونية من تاريخ تبلّغه الإنذار الحاصل في 2017/7/26 وحتّى تاريخ الدفع الفعلي محسوباً مع الزيادات القانونية الطارئة نتيجة صدور القانون تاريخ 2014/5/9 المعدّل بالقانون تاريخ 2017/2/28 والمحدّدة وفقاً لتقرير الخبيرين المعيّنين منها، لاسيّما وأنّ واقعة تبلّغ المستأنف عليه للتقرير ثابتة من خلال تبلّغه لاستحضار الدعوى الابتدائية مع مرفقاتها ومن ضمنه التقرير الذي حدّد بدل مثل المأجور، بحيث إنّ عدم قيام المستأنف بإبلاغ الجهة المستأنفة تقرير خبير مقابل يجعل من التخمين المحدّد بموجب تقرير الخبيرين المعيّنين من الجهة المستأنفة غير قابل للإعتراض عليه وسارياً بوجه المستأنف عليه.
وحيث إنّ المستأنف عليه يطلب ردّ الإستئناف الراهن وتصديق الحكم المستأنف برمّته للتعليل الوارد فيه كون مطالبة الجهة المستأنفة بإلزام المستأنف عليه بدفع بدل المثل وفقاً لتقرير الخبيرين عن الفترة الممتدة من 2015/1/1 لغاية 2017/1/31 المحسوب مع الزيادات القانونية الطارئة نتيجة صدور القانون تاريخ 2014/5/9 المعدّل بالقانون 2017/2 مستوجبة الردّ، وذلك سنداً لأحكام المادة 18 من قانون 2017/2 خاصة وأنّ الجهة المستأنفة لم تبرز ما يثبت تبلّغ المستأنف عليه تقرير الخبيرين بالرغم من تكليفها بذلك من قبل القاضي المنفرد.
وحيث إنّ المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد رقم 2017/2 تنصّ على أنّه يجري تحديد بدل المثل رضاء بالإتفاق في ما بين المؤجّر والمستأجر، وإنّه إذا لم يجر التوصّل إلى تحديد بدل المثل رضاء خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي تاريخ نفاذ هذا القانون، فيكون للمؤجّر أن يستعين بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجّلين لدى المحاكم يتولّيان وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الأصول المنصوص عليها في المادة /19/، ويقوم المؤجّر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل إلى المستأجر الذي عليه وفي خلال شهرين من تبلّغه التقرير إمّا الموافقة عليه واعتماده في تحديد بدل إيجار المثل أو التقدّم بتقرير تخمين مقابل عن طريق الإستعانة بخبيرين من قائمة الخبراء المحلّيين في المحافظة المسجّلين لدى المحاكم يتولّيان وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الأصول المنصوص عليها في المادة /19/، وعلى المستأجر بعد ذلك إبلاغ تقرير التخمين الموضوع من قبل الخبيرين المعيّنين من قبله لإبلاغه إلى المالك بواسطة الكاتب العدل خلال مهلة الشهرين الأنفي الذكر تحت طائلة سقوط حقّه في الإعتراض على التخمين المرسل من المالك أو حتّى الإدلاء بمضمون تقرير مقابل.
وحيث إنّ المادة المذكورة تفرض إذاً إبلاغ التقرير الذي خمّن قيمة بدل مثل المأجور من المستأجر ليتمكّن هذا الأخير وخلال مهلة الشهرين من هذا التبليغ من ممارسة حقّه في الاستعانة بخبيرين آخرين من أجل وضع تقرير مقابل.
وحيث إنّ المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد عندما أوجبت إبلاغ المستأجر تقرير الخبيرين اللذين خمّنا بدل مثل المأجور حتّى تسري عليه مهلة الإعتراض على هذا التقرير وتقديم تقرير مقابل إنّما اعتبرت معاملة التبليغ عملاً إجرائياً ضرورياً لازماً لبدء سريان مهلة الخيار المعطاة للمستأجر إمّا بالموافقة عليه واعتماده في تحديد بدل إيجار المثل وإمّا بالتقدّم بتقرير تخمين مقابل وفق الأصول المنصوص عليه في المادة /19/.
وحيث إنّ الجهة المستأنفة تدلي في هذا الخصوص بأنّ المستأنف عليه قد تبلّغ التقرير وفق الأصول القانونية مع الإنذار تاريخ 2017/7/26، في حين يدلي المستأنف عليه بعدم نفاذ هذا التقرير بوجهه كونه لم يجر إبلاغه إيّاه وفق الأصول المحدّدة في المادة 18 المذكورة.
وحيث إنّه، بالعودة إلى ملفّ المحاكمة الإبتدائية، يتبيّن أنّه صدر بتاريخ 2018/6/28 قرار تمهيدي عن القاضي المنفرد كلّف فيه الجهة المدعية (الجهة المستأنفة) بإبراز صورة عن محضر تبليغ المدعى عليه (المستأنف عليه) تقرير الخبيرين مشموشي ومعتوق المعيّنين من قبلها، وقد تقدّمت الجهة المدعية – الجهة المستأنفة بتاريخ 2018/11/24 بلائحة إنفاذ للقرار المذكور أدلت في متنها بأنّها أرفقت المحضر المطلوب، إلاّ أنّه من مراجعة المستندات المبرزة في اللائحة المذكورة يتبيّن أنّ الجهة المستأنفة لم تبرز أيّ مستند في هذا الخصوص.
وحيث إنّه، وبالعودة إلى الملفّ الاستئنافي، يتبيّن أنّ الجهة المستأنفة قد ارفقت بالإستحضار المقدّم منها لأوّل مرّة الإنذار تاريخ 2017/7/21 موضوع الدعوى مع إشعار تبليغ الإنذار.
وحيث يتبيّن من جهة أولى من مراجعة إشعار تبليغ الإنذار المرسل من الجهة المستأنفة، أنّه تضمّن أنّه “تبلّغ ز.ك. المتخذّ محلّ إقامة في مكتبي الأستاذ م. بواسطة الأستاذ م. بالذات واستلم ووقّع بتاريخ 2017/7/26” فيكون الإنذار بالتالي مبلّغاً للمستأنف عليه ومنتجاً لمفاعيله القانونية.
وحيث يتبيّن من جهة ثانية من مراجعة مضمون هذا الإنذار أنّه تضمّن مطالبة الجهة المستأنفة للمستأنف عليه بتسديد بدلات الإيجار البالغة /27,169,500/ ل.ل. العائدة للأعوام 2014 و2015 و2016 و2017 مع الزيادات القانونية وفقاً لأحكام قانون الإيجارات الجديد، وذلك من دون حتّى تحديد آلية احتساب هذه الزيادات ولا حتّى الإشارة إلى تقرير الخبيرين مشموشي ومعتوق الذي تدعي في الدعوى الراهنة الإستناد إليه لتحديد هذه البدلات.
وحيث إنّه تبعاً لما تقدّم، يعتبر تبليغ المستأنف عليه لتقرير الخبيرين مشموشي ومعتوق المسندة إليه الدعوى غير حاصل وفقاً للأصول، لعدم إبراز الجهة المستأنفة ما يثبت ذلك ولعدم إرفاق أو ذكر التقرير في متن الإنذار موضوع الدعوى، ممّا يجردّه من مفاعيله القانونية لناحية المطالبة بالزيادات القانونية وفقاً لما نصّ عليه قانون الإيجارات الجديد.
وحيث إن الجهة المستأنفة تدلي في هذا الخصوص بأنّ واقعة تبلّغ المستأنف عليه للتقرير ثابتة من خلال تبلّغه لاستحضار الدعوى الابتدائية مع مرفقاته ومن ضمنه التقرير الذي حدّد بدل مثل المأجور.
وحيث إنّه يقتضي في هذا الإطار معرفة ما إذا كان تبلّغ المستأنف عليه تقرير الخبيرين بمعرض المحاكمة القضائية يعتبر قائماً مقام التبليغ الذي نصّ عليه القانون في المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد.
وحيث إنّ التبليغ المنصوص عليه في المادة 18 المذكورة يجب أن يحصل بصورة مستقلّة عن أيّة معاملة أخرى، لاسيّما وأنّ المادة المذكورة قد حدّدت للمؤجّر بصورة واضحة لا لبس فيها طريقة إبلاغه المستأجر للتقرير المعدّ منه، بحيث ورد في المادة ما حرفيته “ويقوم المؤجّر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل إلى المستأجر” فلا يمكن بالتالي اعتبار المستأجر صورة عن تقرير الخبيرين في معرض استحضار دعوى مقدّمة من المؤجّر بوجهه تبليغاً قانونياً وكافياً لبدء المهلة المنصوص عنه في المادة 18 من قانون الإيجارات الجديد.
وحيث إنّه فضلاً عن ذلك، فإنّه لو اعتبرنا أنّ واقعة تبلّغ المستأنف عليه للتقرير من خلال تبلّغه لاستحضار الدعوى الابتدائية المرفق فيه التقرير تقوم مقام معاملة التبليغ المنصوص عنه في المادة المذكورة لتوصّلنا إلى استبدال طرق التبليغ التي نصّ عليها المشترع بصورة إلزامية، وهذا الإستبدال من شأنه مخالفة نيّة المشترع الصريحة التي اتجهت نحو اتباع أصول معيّنة ورتّبت وضعية كلّ من الطرفين القانونية.
وحيث إنّه يقتضي بالتالي تبعاً لما تقدّم تصديق الحكم المستأنف لهذه الناحية.
وحيث بنتيجة الحلّ المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الردّ إمّا لكونها لاقت ردّاً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع، وكذلك ردّ المطالبة بالعطل والضرر لعدم تحقّق شروط ذلك.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- ردّ الاستئناف أساساً، وتصديق الحكم المستأنف للأسباب الواردة في متن هذا القرار.
3- ردّ طلب العطل والضرر.
4- ردّ سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة.
5- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين الجهة المستأنفة الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2020/1/27.
“محكمة” – الإثنين في 2020/10/26

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!