أبحاث ودراسات

إقتراح قانون لضمان حقوق المودعين في لبنان/ فرانسوا ضاهر

القاضي السابق المحامي فرانسوا ضاهر:
في الأسباب الموجبة
ثابتٌ أن المديونية العامة للدولة اللبنانية قد تكوّنت من الأموال التي اقترضتها من الداخل والخارج، بما في ذلك الأموال التي شكّلت ودائع المودعين في المصارف، وذلك بموجب قوانين أصدرتها السلطة المشترعة تباعاً، منذ مطلع التسعينات من الألفية الثانية.
وإن الأموال المقترضة قد أنفقتها السلطة الإجرائية في السياسات المالية والنقدية التي أقرّتها تباعاً على مدى عقود. ولا سيما في تغطية عجوزات موازناتها السنوية ومصاريفها التشغيلية وفي دعم مؤسسة كهرباء لبنان وفي تحمّل تكلفة سياسة الدعم لفئات واسعة من السلع الاستهلاكية في كافة القطاعات وفي تثبيت سعر صرف العملة الوطنية، مع ما رافق كل أوجه هذا الإنفاق العام من سوء إدارة وهدر وتبديد وفساد.
علماً أن كل هذه المديونية العامة التي تكوّنت قد تمّ إنفاقها لمصلحة الشعب اللبناني بأسره، وليس فئات محدّدة منه، بواسطة السلطات الدستورية والمؤسسات العامة المؤتمنة على إدارة شؤونه ورعايتها وتوفير الخدمات العامة له.
بحيث يكون عبء إيفائها الواقع على الدولة اللبنانية والمقتطع تباعاً من إيرادات مرافقها العامة لغاية إيفائها كاملة أمراً طبيعياً وسليماً يكتنز عدالة اجتماعية.
إنطلاقاً من هذه المعطيات، ولضمان ردّ ودائع المودعين في المصارف، لا بدّ من إستصدار قانون من المجلس النيابي يتضمّن المواد (البنود) التالية:
في أحكام القانون المقترح
مادة أولى: يُمنع المسّ بالودائع المصرفية إن لجهة عملتها أو مقدارها، كما تبقى مرعية لجهة كيانها القانوني بالأحكام القانونية التي تطبّق عليها والمنصوص عنها بشرعة التعاقد مع المصارف المودعة فيها، كذلك بأحكام قانون الموجبات والعقود وقانون التجارة البريّة وقانون النقد والتسليف.
مادة ثانية: لا يمكن السلطة الإجرائية ولا مصرف لبنان ولا المصارف المودعة لديها تلك الودائع أن يعدّلوا في وضعيتها للنواحي المتقدّمة، بالإجراءات والتدابير والمقرّرات والتعاميم التي يمكنهم إتخاذها، ولا بالمعاهدات أو الإتفاقات الدولية التي يمكنهم عقدها أو إبرامها مع الدول الأجنبية أو المنظمات العالمية أو الإقليمية كصندوق النقد الدولي (FMI) أو البنك الدولي (BM) أو غيرهما.
مادة ثالثة: إن إقرار القوانين المحدثة، ولا سيما تلك التي تتناول إعادة هيكلة القطاع المصرفي أو إعادة التوازن للنظام المالي في لبنان، لا يمكنها أن تمسّ هي أيضاً، وبأي شكلٍ كان، بالودائع المصرفية لذات النواحي المتقدّم تحديدها.
مادة رابعة: يُعتبر ما تمّ تقاضيه من المودعين لودائعهم بالعملة الأجنبية إستناداً الى تعاميم مصرف لبنان التي أصدرها بعد ١٧ تشرين أول ٢٠١٩، بمثابة دفعات من أصل مستحقاتهم الفعلية عن تلك الودائع بعملتها الأصلية او مقوّمة بالعملة الوطنية على سعر صرفها في السوق الحرّة يوم استيفائها.
(على اعتبار أن تلك التعاميم هي باطلة بطلاناً مطلقاً بحدّ ذاتها، لمخالفتها شرعة التعاقد القائم بين المودعين والمصارف، ومخالفتها كذلك لأحكام قانون الموجبات والعقود وقانون التجارة البرية وقانون النقد والتسليف. وإن موافقة المودعين على إستيفاء إجزاء من ودائعهم، إستناداً اليها، لا قيمة قانونية لها وهي باطلة أيضاً وساقطه وكأنها لم تكن، لكونها تمّت في ظل الإكراه المعنوي الذي تعرّضوا له، والغبن الفاحش الذي لحق بهم، وإلاستغلال الموصوف الذي تمّ لضيق ذات يدهم)
مادة خامسة: تلتزم الدولة اللبنانية، ممثّلة بوزارة المالية ومصرف لبنان، بإيفاء مديونيتها العامة من المصارف تباعاً، بنسبة لا تقل عن عشرة بالماية (10%) سنوياً، تستوفى من إيراداتها السنوية المتأتية من مرافقها العامة وإدارة أصولها، وذلك حتى إيفائها كاملة.
مادة سادسة: تضمن الدولة اللبنانية بأموالها وأصولها وإيراداتها، كما المصرف المركزي والمصارف بأموالهما وأصولهما وإيراداتهما، سداد ودائع المودعين المودعة في تلك المصارف حتى سدادها كاملةً وبذات العملة والمقدار المودعة فيها، كذلك أيضاً حتى في حالات إفلاسها أو حلّها أو تصفيتها الذاتية أو النظامية أو دمجها أو وضع اليد عليها أو توقّفها عن الدفع، المنظّمة وفق الأحكام القانونية التي ترعى كلّ من هذه الحالات.
مادة سابعة: تتولّى هيئة التحقيق الخاصة التابعة لمصرف لبنان التدقيق والبتّ، عند الاقتضاء او الشبهة، بمشروعيّة ودائع المودعين من عدمها، قبل إيفائها من مستحقّيها بواسطة المصارف المودعة لديها، وبذات عملة الإيداع.
مادة ثامنة: تلتزم الدولة اللبنانية (وزارة المالية ومصرف لبنان) بالتعويض على المودعين بالليرة اللبنانية، بعد تقويم ودائعهم بالعملة الأجنبية على سعر صرفها قبل ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، وذلك بمقدار ما لحقها من تدنّي بعد هذا التاريخ.
مادة تاسعة: تضع جمعية المصارف، بموافقة لجنة الرقابة على المصارف، البرنامج الايفائي لودائع المودعين بالعملتين الوطنية والأجنبية، إستناداً الى إيفاءات الدولة المتتالية (السنوية او الفصلية او الشهرية) لمديونيتها العامة تجاههم. فتقوم بدورها بتوزيعها على عملائها، بصورة عادلة، شطوراً تصاعدية.
مادة عاشرة: تُلغي أحكام هذا القانون وتُعدِّل سائر الأحكام القانونية التي تتعارض أو لا تأتلف مع أحكامه.
مادة حادية عشرة: يُعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.
“محكمة”- الثلاثاء في ٢٠٢٣/٧/٤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!