أبحاث ودراسات

تعليق على اقتراح قانون إطار لإعادة التوازن للإنتظام العام المالـي في لبنـان..ردّوا الأمانـات والودائـع لأصحابهـا/ نقولا فتوش

المحامي الدكتور نقولا فتوش:
سأخالف القاعدة وسأبدأ من النهاية. سأبـدأ بالمـادة التاسعـة عشـرة، المـادة الأخيـرة من اقتـراح القانـون الـذي سُمـّي اقتـراح قانـون إطـار لإعـادة التـوازن للإنتظـام المالـي في لبنـان:”تلغـى جميـع النصـوص المخالفـة لأحكـام هـذا القانـون والتـي تتعـارض مع مضمونه”.
هـذا الإقتـراح نظّمتـه غرفـة سـوداء جاهلـة للتشريـع وبارعـة في تنظيـم نصـوص إحتياليـة ويخالـف ويلغـي أحكـام الدستـور وقانـون الموجبـات والعقـود وأحكـام قانـون العقوبـات، وأحكـام قانـون النقـد والتسليـف وتهـدم الليـرة اللبنانيـة تحـت تسميـات لـم ينـزل بمثلهـا في كتـاب كتعبيـر Lirafication وودائـع مؤهلـة وودائـع غيـر مؤهلـة. وراجعنـا في كتـب الأنـس والجـان فلـم نقـع علـى مصطلحـات إحتياليـة كالـواردة في اقتـراح هـذا القانـون.
فالودائـع تـُردّ عينـاً مع الملحقات لا زيادة ولا نقصان. وإليكم الدليل على ضوء الشرائع السماويـة وشرعة حقـوق الإنسـان والدستـور والقانون:
قال تعالى:{إنـا عرضنـا الأمانـة علـى السمـاوات والأرض والجبـال فأبيـن أن يحملنهـا وأشفقـن منهـا وحملهـا الإنسـان إنـه كـان ظلومـا جهـولا} (الأحزاب: 72).
{وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُـمْ وَلا تَعْثَـوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِيـنَ}(الآيـة 183 الشعـراء).
في تفسيـر هذه الآية كلام كثير وبخاصّة في بيان المقصود من الأمانة، ويُروى في ذلك أثر عن الترمذي الحكيم عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قـال: “قال الله تعالى لآدم: يا آدم إنّي عرضْت الأمانةَ على السّمواتِ والأرضِ والجبال فلم تُطِقْها، فهل أنت حاملها بما فيها؟ فقال: وما فيها يا ربَّ العالمين ؟ قال: إن حملتها أجرتَ، وإن ضيعتها عذِّبت. فاحتملها بما فيها، فلم يلبَث في الجنّة إلا قَدْرَ ما بين صلاة الأولَى إلى العَصر حتى أخرجَه الشّيطان منْها.
وقـد قـال العلماء: إن عـرض الأمانة على السموات والأرض والجبال كان عرْض تَخْييـر، أما عرضهـا على الإنسـان فكان عـرض إلـزام، وعبَـّرت الآية عن الإنسان الذي حمل الأمانة بأنه ظلوم جهول؛ لأنه كان ظلوماً لنفسه بالتقصيـر الذي آل إليه أمر الكثيريـ، وجهول حين خَاطَر بحمل الأمانة ولم يَـدْرِ ما سيكون عليه مستقبل حاله من التقصير الذي يَعرض له كل إنسان بدافع الغرائز التي فُطِر عليها .
وثيقـة خطبـة الـوداع (10 هجريـة).القاهـا الرسـول في حجـة الـوداع يـوم عرفـة من جبـل الرحمـة وقـد نـزل فيـه الوحـي مبشـراً بـه:
“اليـوم اكملـت لكـم دينكـم واتممـت عليكـم نعمتـي ورضيـت لكـم الإسـلام دينـاً”
“أيهـا النـاس إن دماءكـم وأعراضكـم حـرام عليكـم إلى أن تلقـوا ربكـم كحرمـة، يومكـم “هـذا في شهركـم هـذا في بلدكـم هذا، الأمل بلغت اللهم فاشهد. فمن كانـت عنده “أمانة فليؤدها إلـى مـن ائتمنـه عليهـا.
كمـا ورد في وثيقة إعـلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام 1990.
فقد نصت المادة 15 من الوثيقـة على ما حرفيته:
“أ- لكـل إنسـان الحـق في التملـك بالطـرق الشرعيـة. والتمتـع بحقـوق الملكيـة بمـا لا “يضـر بـه أو بغيـره من الأفـراد والمجتمـع ولا يجـوز نـزع الملكيـة إلا لضـرورات “المنفعـة العامـة ومقابـل تعويـض فـوري وعـادل.
“ب- يحـرم مصـادرة الأمـوال وحجزهـا إلا بمقتضـى شرعـي.
كمـا نصـت المـادة 19 من الوثيقـة علـى مـا حرفيتـه:
أ‌- “النـاس سواسيـة أمـام الشـرع، يستـوي فـي ذلـك الحاكـم والمحكـوم.
ب‌- “حـق اللجـوء إلـى القضـاء مكفـول للجميـع.
ه- “المتهـم بـريء حتـى تثبـت إدانتـه بمحاكمـة عادلـة تؤمـن لـه فيهـا كـل الضمانـات الكفيلـة بالدفـاع عنـه.
نصـت المـادة 17 من وثيقـة ميثـاق الحقـوق الأساسيـة للإتحـاد الأوروبـي وتحـت عنـوان : “الحـق في الملكيـة”:
1- “لكـل إنسـان الحـق في امتـلاك واستخـدام والتصـرف في توريـث ممتلكاتـه التـي حصـل “عليهـا بشكـل قانونـي، ولا يجـوز حرمـان أي شخـص من ممتلكاتـه إلا للمصلحـة “العامـة، وفي الحـالات وبموجـب الشـروط التـي ينـص عليهـا القانـون، ويخضـع ذلـك “للتعويـض العـادل الـذي يدفـع لـه فـي الوقـت المناسـب تعويضـاً عن خسارتـه،
الملكيـة الفرديـة التـي قصدهـا الدستـور هي الملكيـة لكافـة الحقـوق العينيـة والماليـة وكافـة الأمـوال المنقولـة وغيـر المنقولـة التـي تعـود للإنسـان.
ومنهـا الودائـع المصرفيـة التـي تعتبـر حقـوقـاً مقدسـة ممنـوع إطفاءهـا وإلغاءهـا وشطبهـا وتأميمهـا أو حجزهـا غصبـاً وانتهاكـاً أو امـلأ كيفيـة التصـرف بهـا.
هـل يمكـن عن طريـق التشريـع التـذرع “بالكابتـل كونـترول” على أصحـاب الودائـع لـدى المصـارف والـذي هـو التفـاف علـى الأحكـام القضائيـة وعلـى القضيـة المحكمـة وفي حـال حـدث ذلـك على سبيـل الإفتـراض المستحيـل، مـا هـو مصيـر القانـون الـذي يتعـرض للملكيـة الفرديـة بـأي عنصـر من عناصرهـا ولا سيمـا الودائـع المصرفيـة.
نصـت الفقـرة و من مقدمـة الدستـور اللبنانـي علـى مـا حرفيتـه:
“النظـام الإقتصـادي حـرٌّ يكفـل المبـادرة الفرديـة والملكيـة الفرديـة،
وقضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 97/2 تاريـخ 1997/9/12:”المبـادئ الـواردة في مقدمـة الدستـور جـزءاً لا يتجـزأ منـه وتتمتـع بقيمـة دستوريـة”
وجـاءت المـادة 15 من الدستـور تنـص علـى مـا حرفيتـه:”الملكيـة في حمـى القانـون، فـلا يجـوز أن يُنـزع عـن أحـد ملكـه إلا لأسبـاب المنفعـة “العامـة في الأحـوال المنصـوص عنهـا في القانـون، وبعـد تعويضـه منـه تعويضـاً “كامـلاً.
وقـد قضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 1997/2 تاريـخ 1997/9/12 مـا حرفيتـه:
“وبمـا أنـه إذا كـان مجلـس النـواب يتمتـع بصلاحيـات شاملـة علـى صعيـد التشريـع “بإعتبـار أن الدستـور قـد حصـر بـه وحـده سلطـة الإشتـراع، فـإن المجلـس في “ممارستـه لهـذه السلطـة يبقـى مقيـداً بإحتـرام الدستـور والمبـادئ والقواعـد ذات “القيمـة الدستوريـة.”
وقـد قضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 2000/4 تاريخ 2000/6/22:
“وبمـا أن حـق الملكيـة هـو من الحقـوق الأساسيـة التـي يحميهـا الدستـور، في الحـدود “التـي لا تتعـارض مع المصلحـة العامـة والتـي وحدهـا تبـرر إنتـزاع الملكيـة الفرديـة “في إطـار القانـون مقابـل تعويـض عـادل.
وحـول المواثيـق الدوليـة المعطـوف عليهـا صراحـة في مقدمـة الدستـور، تؤلـف مع هـذه المقدمـة والدستـور جـزءاً لا يتجـزأ وتتمتـع بالقـوة الدستوريـة.
فقـد قضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 2001/5 تاريـخ 2001/5/10:
“المواثيـق الدوليـة المعطـوف عليهـا صراحـة في مقدمـة الدستـور تؤلـف مع هـذه “المقدمـة والدستـور جـزءاً لا يتجـزأ.
وعليـه فقـد نـص الإعـلان العالمـي لشرعـة حقـوق الإنسـان تاريـخ 1948/12/10 في المادتيـن 17 و30 علـى مـا حرفيتـه:
نصـت المـادة 17 من شرعـة حقـوق الإنسـان علـى مـا حرفيتـه:
“1- لكـل شخـص حـق التملـك بمفـرده أو بالإشتـراك مع غيـره.
“2- لا يجـوز تجريـد أحـد من ملكـه تعسفـاً.
كمـا نصـت المـادة 30 من شرعـة حقـوق الإنسـان علـى مـا حرفيتـه:”ليـس في هـذا الإعـلان نـص يجـوز تأويلـه علـى أنـه يجـوز لدولـة أو جماعـة أو فـرد “أي حـق في القيام بنشـاط أو تأديـة عمـل يهـدف الى هـدم الحقـوق والحريات الـواردة “فيـه.
والأمـر الثانـي هو أن الفقـرة (ج) من المقدمة ذاتهـا ذكرت أن الجمهوريـة اللبنانيـة تقـوم على مجموعـة من المبـادئ الديمقراطيـة الأساسيـة، ومن بينهـا العدالـة الإجتماعيـة.
فقـد ورد في العهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق المدنيـة والسياسيـة (1966/12/16) بشـأن تمتـع الشخـص الإنسانـي بحـق الملكيـة وبحقوقـه المدنيـة والسياسيـة والإجتماعيـة والإقتصاديـة، حيـث جـاء في ديباجـة هـذا العهـد:
“وإذ تـدرك (الدول الأطـراف) أن تهيئـة الظـروف المناسبـة لإتاحـة تمتـع كـل إنسـان “بحقوقـه المدنيـة والسياسيـة مثـل تمتعـه بحقوقـه الإقتصاديـة والإجتماعيـة والثقافيـة “هـي السبيـل الوحيـد، وفـق الإعـلان العالمـي لحقـوق الإنسـان، لتحقيـق المثـل الأعلـى “المتمثـل في الشخـص الإنسانـي الحـرّ المتمتـع بالحرّيـة المدنيـة والسياسيـة “والمتحـرّر من الخـوف والعـوز.
وحـول مفهـوم العدالـة الإجتماعيـة، يـرى بعـض الفقـه الدستـوري في لبنـان أنـه، نظـراً لاتسـاع مدلولـه، فهـو، على الأقـل، يستوعـب ضمـن دائرتـه بعـض الحقـوق ذات القيمـة الدستوريـة لأنهـا لصيقـة بالحمايـة الإجتماعيـة التـي على الدولـة الديمقراطيـة أن تقـوم بتأمينهـا.
نقرأ حول هذا الموضوع:
“هـذا التحـول بـدّل مفهـوم الدولـة في الأنظمـة الليبراليـة ووسـع دائـرة وظائفهـا فتحولـت الى دولـة رعايـة، وعمّـق مفهـوم الديمقراطيـة فلـم تعـد تقتصـر على المضمـون السياسـي… إنمـا تجـاوزت المضمـون السياسـي الى المضمـون الإقتصـادي والإجتماعـي، المتمثـل بالحـق بالعمـل ضمـن شـروط ملائمـة، والحـق بالسكـن، والحـق بالطبابـة والإستشفـاء، والتعلّـم والرعايـة الإجتماعيـة وغيـر ذلـك من حقـوق. وأصبـح على الدولـة أن تضمـن هـذه الحقـوق، وتعتمـد السياسـات التـي تمكـن المواطـن من التمتـع بهـا. وبـدا من التجربـة أن حقـوق الإنسـان في بعدهـا السياسـي والإقتصـادي والإجتماعـي وحـدة لا تتجـزأ.(عصـام سليمـان – رئيـس المجلـس الدستـوري، الحقـوق السياسيـة والإقتصاديـة والإجتماعيـة من منظـور دستـوري، منشـور في المجلـس الدستـوري، الكتـاب السنـوي 2009، ص 407-408).
من المتفـق عليـه أيضـاً، أنـه في صـدارة واجبـات الدولـة الديمقراطيـة احتـرام حقـوق الإنسـان، وصونهـا، والحــث على احترامهـا كلهـا، من دون أي استثنـاء.
حـول ذلـك نقـرأ:

L’état n’a pas seulement des obligations négatives – des obligations d’abstention- il a des obligations positives – des obligations de faire. Il doit respecter, protéger et faire respecter les droits de l’homme, tous les droits de l’homme
– Emmanuel Decaux, justice et droits de l’homme, 28 congrès de l’institut international de droit d’expression et d’inspirations françaises p.37.

على الدولـة كذلـك، بمؤسساتهـا كافـة، وفي طليعتهـا المؤسسـة التشريعيـة، أن تكـون حريصـة على الأمـان التشريعـي الـذي يحـول ، في وجـه من وجوهـه، دون زعزعـة الأوضـاع القانونيـة المستقـرّة والحقـوق الدستوريـة والحقـوق المكتسبـة. بهـذا المعنـى:

Pour assurer la sécurité juridique, il faut que l’ordre établi ne puisse pas être sans cesse remis en cause et que les situations juridiques ou de fait acquièrement au bout d’un certain temps une stabilité suffisante…
– Jean Lois Bergel, Le droit et le temps, ap. Jean–Louis Bergel -, théorie générale du droit, Paris, Dalloz, 4è édition 2003, 374 p., pp. 119-142.

منـذ أوائـل الثمانينـات وصاعـداً، راح المجلـس الدستـوري الفرنسـي يصـدر سلسلـة من القـرارات بلـور من خلالهـا الحـدّ الفاصـل مـا بيـن سلطـة البرلمـان السياديـة في إقـرار التشريعـات وبيـن الحقـوق الأساسيـة الممنوحـة لبعـض فئـات المجتمـع معتبـراً أنـه ليـس بمستطـاع أي تشريـع جديـد أن ينـال من تلـك الحقـوق أي أن يعـدّل القوانيـن المتعلّقـة وأن يخفـض الضمانـات المعطـاة في تشريعـات سابقـة أو يعمـد الى إلغائهـا، كـل ذلـك لأنهـا تتمتـع بالحمايـة الدستوريـة التـي تلجـم سلطـة البرلمـان السياديـة في هـذا المضمـار.
اقتـراح القانـون الحاضـر يرمـي إلى إطفـاء وإلغـاء وشطـب الودائـع.
كمـا أنـه لـم يميـز المجلـس الدستـوري الفرنسـي بيـن وجـوب حمايـة الحقـوق والحريـات الأساسيـة (Fondamentales) وحمايـة الحقـوق والحريّـات ذات القيمـة الدستوريـة أو ذات الطابـع الدستـوري.
جـاء في أحد قراراتـه:

Que le parlement” ne peut abroger les dispositions législatives (garantissant les libertés fondamentales) sans remplacer par d’autres, efficacité équivalente.

– L. Favareu, L. Philip, les grandes décisions du conseil constitutionnel, Paris Dalloz, 12◦ édition 2003, n.35, P. 579.

وفي قرار آخر:

… Qu’il n’en serait autrement que si cette abrogation avait pour effet de porter atteinte à l’exercice d’un droit ou d’une liberté ayant valeur constitutionnelle ».

– Décision n 84 – DC, 18 janvier 1985, Rec. 36.

علـى غـرار نظيـره الفرنسـي، وازن المجلـس الدستـوري اللبنانـي بيـن صلاحيـة السلطـة التشريعيـة التـي يعـود لهـا حـق التقديـر والملاءمـة لـدى إقـرار القوانيـن في الوقـت التـي تـراه مناسبـاً، وبيـن الضمانـات الدستوريـة المكرّسـة في قوانيـن نافـذة، ورأى أن رقابتـه تتنـاول التشريـع الجديـد من منظـور الحفـاظ علـى تلـك الضمانـات.
بهـذا المعنـى نقـرأ في قـرار المجلـس الدستـوري الصـادر بتاريـخ 2014/8/6:
“وبمـا أن تنظيـم هـذه العلاقـة هـو من صلاحيـات السلطـة الإشتراعيـة ويعـود لهـا حـق “التقديـر، وليـس من صلاحيـات القضـاء الدستـوري النظـر في الملاءمـة، غيـر أنـه من “غيـر الجائـز للمشتـرع أن يتجـاوز الضمانـات التـي نـص عليهـا الدستـور، وتبقـى “القوانيـن خاضعـة لرقابـة القضـاء الدستـوري من أجـل الحفـاظ علـى هـذه الضمانـات.
إن المجلـس الدستـوري الفرنسـي بَلـورَ الحـدّ الفاصـل مـا بيـن سلطـة البرلمـان السياسيـة في التشريـع وبيـن الحقـوق والحريّـات الأساسيـة، ورفـض تقليـص الضمانـات المعطـاة في قوانيـن سابقـة أو إلغاءهـا لتمتّعهـا بالحمايـة الدستوريـة التـي تلجـم سلطـة البرلمـان في هـذا المضمـار.
وعليه فما هـو مصير القانون الذي ينتهك حق الملكية المكرس بالدستـور ومنهـا الودائـع والـذي يتضمّـن إطفـاء وإلغـاء وشطب الودائـع.
إن رقابـة المجلـس الدستـوري علـى دستوريـة القوانيـن (المـادة 18 / من قانـون إنشـاء المجلـس الدستـوري رقـم 93/250) تُنتـج إبطـال القانـون المطعـون فيـه كليّـاً أو جزئيـاً إذا كـان مخالفـاً للدستـور (المـادة 22 من القانـون ذاتـه). وإنّ قـرار الإبطـال يكـون مبرمـاً ومتمتعـاً بقـوة القضيـة المحكمـة وغيـر قابـل لأيّ طريـق من طـرق المراجعـة وملزمـاً لجميـع السلطـات العامـة وللمراجـع القضائية والإداريّـة (المـادة 13 من القانـون ذاتـه).
وقـد قـرر المجلـس الدستـوري هـذا الأمـر:
“وأناطـت سلطـة التشريـع بمجلـس النـواب وجعلـت منهـا سلطـة سياديـة “(Souveraine) وأصليـة ومطلقـة لا تحدهـا سـوى الحـدود المنصـوص عنهـا في “الدستـور بمقدمتـه ومتنـه والمواثيق والحقـوق والمبـادئ التـي يشيـر اليهـا ويضفـي “عليهـا القيمـة الدستوريـة، حتـى إذا تجـاوز التشريـع هـذه الحـدود وقـع تحـت رقابـة “المجلـس الدستـوري أصبـح عرضـة للإبطـال:

Le législateur est libre de modifier des dispositions législatives même récemment adoptées dès qu’elles ne privent pas, comme en l’espèce, de garanties légales, des principes constitutionnels.

– C.C 92-317, D.C, 21 janv, 1993, R.p. 27, cit. dans droit du contentieux constitutionnel, Dominique Rousseau, Montchrestien, 4° ed. P.127.

-(المجلـس الدستـوري، القـرار رقـم 2001/4، تاريـخ 2001/9/29، مجموعـة قـرارات المجلـس الدستـوري، 1994-2014، ص 178).
فالملكيـة الفرديـة مكرسـة بالدستـور وحمايتـه، وكـل مـس بهـا إقتطاعـاً أو تأجيـلاً هـو مـس بحـق دستـوري يسمـو علـى كـل القوانيـن وكـل قانـون يخالـف الدستـور يكـون باطـلاً ومنعـدم الوجـود Inexistant.
وعليـه لا يحـق للمشتـرع ولا للسلطـة التنفيذيـة أن تضعـف أو تراقـب كيفيـة التصـرف بالوديعـة وتغييـر طبيعتهـا أو أن تميـز الودائـع كبيـرة كانـت أم صغيـرة لأن الوديعـة تشكـل ملكيـة والملكيـة في حمـى الدستـور والمواثيـق الدوليـة وتـرد عينـاً والقانـون فـرض رد الوديعـة Restitution وعـدم التلاعـب بماهيتهـا.
وعليـه وعلـى ضـوء أحكـام الدستـور كـل تفكيـر بالإطفـاء أو شطـب أو الإقتطـاع أو وضـع ضوابـط للمـودع حـول إستعـادة وديعتـه وحجزهـا وفـرض كيفيـة التصـرف بهـا هـو مخالـف للدستـور ومنتهـك لحقـوق الإنسـان ممنـوع الحديـث عـن كيفيـة تصـرف المـودع بوديعتـه كمـا أن الحديـث والتفرقـة بيـن الودائـع صغيـرة أم كبيـرة قـول مخالـف للدستـور وخـرق لمبـدأ المسـاواة أمـام الدستـور القانـون والمصـارف بعـدم رضوخهـا للأحكـام المبرمـة يوقعهـا تحـت أحكـام المـادة 371 من قانـون العقوبـات.
وعلى هذا استقرّ إجتهاد المجلـس الدستـوري في لبنان.
“وبمـا أنّـه إذا كـان يعـود للمشـرع أن يُلغـي قانونـاً نافـذاً أو أن يُعـدل في أحكـام هـذا “القانـون، دون أن يشكـل ذلـك مخالفـة للدستـور أو أن يقـع هـذا العمـل تحـت رقابـة “المجلـس الدستـوري، إلا أن الأمـر يختلـف عندمـا يمـس ذلـك، حريـة أو حقـاً من “الحقـوق ذات القيمـة الدستوريـة. (قـرار المجلـس الدستـوري رقـم 2000/1 تاريـخ 2000/2/1).
“وبمـا أنـه عندمـا يَسـنّ المشتـرع قانونـاً يتنـاول الحقـوق والحريـات الأساسيـة، فـلا “يسعـه أن يُعـدّل أو يُلغـي النصـوص النافـذة الضامنـة لهـذه الحريـات والحقـوق دون “أن يحـلّ محلهـا نصوصـاً أكثـر ضمانـة أو تعادلهـا علـى الأقـل فاعليـة وضمانـة، “وبالتالـي فإنـه لا يجـوز للمشتـرع أن يضعـف من الضمانـات التـي أقرهـا بموجـب “قوانيـن سابقـة لجهـة حـق أو حريـة أساسيـة سـواء عـن طريـق إلغـاء هـذه “الضمانـات دون التعويـض عنهـا أو بإحـلال ضمانـات محلهـا أقـل قـوة وفاعليـة.
(قـرار المجلـس الدستـوري رقـم 1999/1 تاريـخ 1999/11/23).
وعليـه ممنـوع الكـلام عـن إطفـاء أو إلغـاء أو شطـب أو إقتطـاع نسبـة من الودائـع فالوديعـة لا تمـس بـل يجـب أن تعـاد لصاحبهـا عينـاً بكاملهـا ممنـوع تسييلهـا أو صرفهـا دون موافقـة المـودع وغيـر منقوصـة وكـل عمـل مخالـف لهـذه المبـادئ باطـل لمخالفتـه الدستـور ويوقـع الوديـع تحـت جـرم إسـاءة الأمانـة والإحتيـال. فالمـودع غيـر مسـؤول إطلاقـاً ومن أخطـأ عليـه أن يتحمـل المسؤوليـة وممنـوع عليـه الإستفـادة من حيلتـه وخطـأه عمـلاً بالمـادة 138 موجبـات.
وعليـه نصـرخ ونحـذر كـل مـودع صغيـراً أو كبيـراً صاحـب وديعـة فلا تفرقـوا بيننـا، ولا تخرقـوا مبـدأ المسـاواة لأنـه لا وجـود للكبـار أو صغـار المودعيـن بـل هنـاك وديعـة ونعلـم أنـه بقولكـم تمهـدون للإنقضـاض علــى كبـار المودعيـن وتثبتـون أنكـم أصحـاب نظريـة فـرق تسـد وتخالفـون مبـدأ المسـاواة أمـام القانـون مبـدأ ذو قيمـة دستوريـة.
مبـدأ المسـاواة أمـام القانـون مبـدأ ذو قيمـة دستوريـة.
(قـرار المجلـس الدستـوري رقـم 2000/1 تاريـخ 2000/2/1)
بـذات المعنـى :
(قـرار المجلـس الدستـوري رقـم 2000/3 تاريـخ 2000/2/15)
المطلـوب وقـف السياسـات التبريريـة المفخخـة، والإعتـداء المقنـع على الملكيـة الفرديـة لـدى المصـارف والتقيـد بأحكـام الدستـور والقانـون.
يقتضـي وقـف عمليـة التأميـم الظالـم والمضـر بالعبـاد وبحقوقهـم التجاريـة والصناعيـة التـي تعتبـر أيضـاً حقـوقـاً دستوريـة.
قضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 2002/1 تاريخ 2002/1/31
“علـى القانـون أن يكـون عـادلاً وشامـلاً لضمـان غايـات العدالـة الإجتماعيـة”.
كمـا قضـى المجلـس الدستـوري في قـراره رقـم 2005/1 تاريخ 2005/8/6″
” ان القانـون لا يمثـل الإرادة العامـة إلا بقـدر توافقـه مع الدستـور”.
وعلـى السـادة النـواب ان يتذكـروا أن إقـرار هـذه القوانيـن المشبوهـة تخالـف الإرادة العامـة وإرداة أصحـاب الحقـوق.
ورد في الكتـاب السـادس عـن قانـون الموجبـات والعقـود تحـت عنـوان في الوديعـة وقـد ورد تحـت أحكـام البـاب الأول – في الوديعـة العاديـة.
فقـد نصـت المـادة 690 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“الايـداع عقـد بمقتضـاه يستلـم الوديـع من المـودع شيئـاً منقـولاً ويلتـزم حفظـه ورده. “ولا يحـق للوديـع اجـر مـا علـى حفـظ الوديعـة إلا إذا اتفـق الفريقـان علـى العكـس.

Art. 690 – Le dépôt est le contrat par lequel le dépositaire reçoit une chose mobilière du déposant avec l’obligation de la garder et de la restituer.

وفي الفصـل الثانـي وتحـت عنـوان “موجبـات الوديـع ” فقـد نصـت المـادة 696 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“يجـب علـى الوديـع ان يسهـر علـى صيانـة الوديعـة، كمـا يسهـر علـى صيانـة اشيائـه “الخاصـة، مع الاحتفـاظ بتطبيـق أحكـام المـادة 713.
وقـد نصـت المـادة 700 تحـت عنـوان “موجبـات الوديـع ” علـى مـا حرفيتـه:
“إذا استعمـل الوديـع الوديعـة أو تصـرف فيهـا بـلا إذن مـن المـودع، كـان مسـؤولاً عن “هلاكهـا أو تعيبهـا ولـو كـان السبـب فيهمـا حـادث خارجـي وكذلـك يكـون فـي جميـع “الاحـوال مسـؤولاً عـن الهـلاك او التعيـب ولـو نجـم عـن طارئ غيـر متوقـع إذا اتجـ “بالوديعـة.
هـذا وقـد نصـت المـادة 702 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“إن الوديـع الـذي يطلـب منـه المـودع رد الوديعـة يعـد فـي حالـة التأخـر لمجـرد تأخيـر “منـه لا يبـرره سبـب مشـروع.
ونصـت المـادة 705 موجبـات وعقـود فقرتهـا الثانيـة علـى مـا حرفيتـه:
“ويحـق للشخـص المعيـن لاستـلام الوديعـة أن يقيـم الدعـوى مباشـرة علـى الوديـع “لاجبـاره علـى رد الوديعـة إليـه.
ونصـت المـادة 710 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“يجـب علـى الوديـع أن يـرد الوديعـة الـى المـودع وإن يكـن هنـاك شخـص آخـر “يدعيهـا لنفسـه، مـا لـم تحجـز أو تقـم فـي شأنهـا دعـوى الاستحقـاق لـدى القضـاء.
ونصـت المـادة 711 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“يجـب علـى الوديـع ان يـرد الوديعـة عينهـا والملحقـات التـي سلمـت اليـه معهـا “بالحالـة التـي تكـون عليهـا مـع الاحتفـاظ بتطبيـق أحكـام المـادة 714.
والمـادة 712 موجبـات وعقـود تنـص علـى مـا حرفيتـه:
“يجـب علـى الوديـع أن يـرد مـع الوديعـة مـا جنـاه مـن منتجاتهـا الطبيعيـة والمدنيـة”.
والمـادة 713 موجبـات وعقـود تنـص علـى مـا حرفيتـه:
“إن الوديـع مسـؤول عـن سبـب كـل هـلاك او تعيـب كـان فـي الوسـع اتقـاؤه:
“أولاً – إذا كـان يتلقـى أجـراً لحراسـة الوديعـة
“ثانيـاً – إذا كـان يقبـل الودائـع بمقتضـى مهنتـه أو وظيفتـه.
وقـد نصـت المـادة 715 موجبـات وعقـود علـى مـا حرفيتـه:
“إن الوديـع الـذي انتزعـت الوديعـة منه بقـوة قاهـرة واخـذ مبلغـاً من المـال او شيئـاً “آخـر بـدلاً منهـا، يلزمـه رد مـا أخـذه.
فالمشتـرع استعمـل رد ولـم يستعمـل كلمـة إيفـاء.
مفهـوم ومدلـول الـزام الـرد في قانـون الموجبـات والعقـود وأحكـام قانـون العقوبـات – المـادة 130 عقوبـات
الـرد إلـزامٌ مدنـي يُقضَـى بـه بوجـه المحكـوم عليـه لصالـح المدعـي الشخصـي تعويضـاً عمـا أصـاب هـذا الأخيـر من ضـرر بسبـب الجريمـة المرتكبـة من الأول. وهـو تعويـض مدنـي يقضـي بـه القاضـي الجزائـي إضافـة إلى قضائـه بالعقوبـة الجزائيـة.
يراجـع في هـذا الصـدد:

A Coste-Floret: Des restitutions ordonnées par les juridictions répressives. Rev. sci. crim. 1937. Page. 195.

وبذلـك، فهـو يعنـي إعـادة الحـال إلى مـا كانـت عليـه قبـل ارتكـاب الجريمـة وإنهـاء الوضـع غيـر المشـروع الـذي نتـج عـن الفعـل الجرمـي وإعادتـه (إعـادة الوضـع) إلى حالتـه المشروعـة التـي كانـت عليـه قبـل إرتكـاب الفعـل المذكـور.
يراجـع في هـذا التوصيـف:

Encyclopédie Dalloz de droit criminel. 1ère Edition Verbo Restitution. Par P.A. Pageaud N° 2:
La restitution est toute mesure ayant pour objet de rétablir l’état de choses antérieur à l’infraction et de faire cesser l’état délictueux.

وعلى الصعيد الفقهي، بشـأن إبطال العقد، يراجـع:

Faustin Hélie: Droit pénal 1948 Tome I N° 201
A Coste-Floret: Des restitutions ordonnées par les juridictions répressives. Rev. sci. crim. 1937. Page. 205.

والـرّد، كإلـزام، في التشريـع الجزائـي اللبنانـي، لـه مفهـومٌ واسـع، فهـو لا يقتصـرعلـى إنهـاء الوضـع غيـر المشـروع الـذي ترتـب علـى الجريمـة وإعـادة الحـال إلى مـا كانـت عليـه قبـل وقوعهـا؛ بـل ينسحـب، أيضـاً، ليطـال رد المـال، الـذ تـمّ ضبطـهُ بواسطـة القضـاء – بمناسبـة الجريمـة – والـذي إكتسبـه المحكـوم عليـه عـن طريـق السرقـة مثـلاً أو إسـاءة الأمانـة.
وقـد تسنّـى للقضـاء توضيـح هـذا المفهـوم الموسـَّع، فقضـى:
“بـردِّ المـال الـذي إكتَسَـبَ المتهـم حيازَتـه عـن طريـقِ السرقـة أو النصـب أو خيانـة “الأمانـة.
– محكمـة النقـض المصريـة، قـرار تاريـخ 29 نيسـان 1946. مجموعـة القواعـد القانونيـة، الجـزء السابـع صفحـة 125 رقـم 146
وبديهـي التذكيـر أنـه، كـي يُعمـل بإلـزام الـرّد، رد الأشيـاء المضبوطـة قضائيـاً، يتعيـن أن تكـون هـذه الأشيـاء قـد ضُبطـت أصـولاً.
وقـد تسنـى للإجتهـاد تكريـس هـذا الشـرط، فقضـى :

Pour que le juge ordonne la restitution, il faut que les objets aient été régulièrement saisis.
– Cass. Crim. 4 Avril 1944, Bull. Crim. 1944 N° 103.

Faustin Hélie: Code d’instruction criminel 1952 Tome II N° 305

 

أما الإجتهاد، فقد قضى بأن:

La restitution n’a pas besoin d’être demandée, le juge doit l’ordonner d’office.
– Cass. Crim. 20 Février 1863. Sirey 1863-1-321

Adde, dans le même sens:
– Cass. Crim. 16 Aout 1872. Sirey 1873-1-144
– Cass. Crim. 30 Novembre 1950. Bull. crim. 1950 N° 275

وعلـى صعيـد الإجتهـاد اللبنانـي، قُضـيَ:
“إن المـادة 130 من قانـون العقوبـات تفـرض الـرّد أو إعـادة الحـال إلى مـا كانـت “عليـه قبـل الجريمـة، وذلـك بالحكـم بذلـك عفـواً، حتـى وبـدون أي طلـب.(محكمـة التمييـز الجزائيـة، الغرفـة السادسـة، قـرار رقـم 64 تاريـخ 1 نيسـان 1997. النشـرة القضائيـة لعـام 1997، العـدد الثانـي، صفحة 875).
في أحكـام قانـون النقـد والتسليف
نصّـت المـادة الأولـى من مشروع القانون الصـادر بالمرسـوم رقـم 13513 الصـادر في أول آب 1963 في البـاب الأول ” النقـد”:
“الوحـدة النقديـة للجمهوريـة اللبنانية هي الليرة اللبنانية واختصارهـا الرسمي هو “ل.ل.
كمـا نصّـت المـادة 2 من قانون النقد والتسليف على ما حرفيته:
“يحـدّد القانـون قيمـة الليـرة اللبنانيـة بالذهـب الخالـص”.
كمـا نصّـت المـادة 3 من قانـون النقـد والتسليـف على مـا حرفيتـه:
“تقسـم الليـرة الى مئـة جـزء متسـاوٍ يسمـى قرشـاً والإختصـار الرسمـي للقـرش “اللبنانـي هـو ق.ل. ويقسـم القـرش الى مئـة جـزء متسـاوٍ يسمى سنتيما
كمـا نصّـت المـادة 4 من قانـون النقد والتسليف على ما حرفيته:
“تقسـم السمـات النقديـة الى:
“1- أوراق نقديـة تساوي قيمتها الوحـدة النقديـة أو تربـو عليها
“2- قطـع مدنيـة تساوي قيمتها الليرة الواحدة – المئـة ليـرة – المائتيـن وخمسيـن ليـرة – الخمسمايـة ليـرة.
كمـا نصّـت المـادة السابعـة من قانـون النقـد والتسليف على مـا حرفيتـه:
“للأوراق النقديـة التـي تسـاوي قيمتهـا الخمسمايـة ليـرة ومـا فـوق قـوة إبرائيـة غيـر “محـددة في أراضـي الجمهوريـة اللبنانيـة.
كمـا نصّـت المـادة العاشـرة من قانـون النقـد على مـا حرفيتـه:
“إصـدار النقـد امتيـاز للدولـة دون سواهـا”.
كمـا نصّـت المـادة الحاديـة عشـرة من قانـون النقـد على مـا حرفيتـه:
“يحظـر أن يصـدر أو يوضـع في التـداول أو يقبـل جميـع السمـات المحـررة بالعملـة “اللبنانيـة لاستعمالهـا كوسائـل دفـع بـدلاً من السمـات النقديـة المجـازة بالقانـون.
فكيـف سمـح لنفسـه واضـع اقتـراح القانـون أن يستعمـل كلمـة Lirafication . ومن المسلـم بـه أن النقـد يجسـد إيمـان المواطـن بالدولـة.
كمـا نصّـت المـادة 70 وتحـت عنـوان مهمـة المصـرف العامـة على مـا حرفيتـه:
“مهمـة المصـرف العامـة هـي المحافظـة على النقـد لتأميـن أسـاس نمـو اقتصـادي واجتماعـي دائـم وتتضمـن مهمـة المصـرف بشكـل خـاص مـا يلـي:
“- المحافظـة على سلامـة النقـد اللبنانـي
“- المحافظـة على الإستقـرار الإقتصـادي.
“- المحافظـة على سلامـة أوضـاع النظـام المصرفـي.
“- تطويـر السـوق النقديـة والماليـة
“يمـارس المصـرف لهـذه الغايـة الصلاحيـات المعطـاة لـه بموجـب هـذا القانـون.
هـل حافـظ المركـزي علـى سلامـة النقـد اللبنانـي ؟
هـل حافـظ المركـزي علـى الإستقـرار الإقتصـادي ؟
كمـا نصّـت المـادة 228 على مـا حرفيتـه:
“يأخـذ المصـرف المركـزي على عاتقـه، بالشـروط التـي يحددهـا بالإتفـاق مع وزيـر “الماليـة، موجـودات مكتـب القطـع الـذي أصبح ملغى.
قامت بنص هذه المادة ان مكتـب القطـع قـد ألغـي والسعـر الرسمـي للصـرف لا يحـد.
كمـا نصّـت المـادة 229 على مـا حرفيتـه:
“ريثمـا يحـدد بالذهـب سعـر جديـد لليـرة اللبنانيـة بالإتفـاق مع صنـدوق النقـد الدولـي وريثمـا يثبـت هـذا السعـر بموجـب قانـون وفقـاً للمـادة الثانيـة، يتخـذ وزيـر الماليـة الإجـراءات الإنتقاليـة التاليـة التـي تدخـل حيّـز التنفيـذ بالتواريـخ التـي سيحددهـا.
“1- يعتمـد لليـرة اللبنانيـة، بالنسبـة للـدولار الأميركـي المحـدد بـ888.671 غـرام ذهـب خالـص سعـر قطـع حقيقـي أقـرب مـا يكـون من سعـر السـوق الحـرّة يكـون هـو السعـر الإنتقالـي القانونـي لليـرة اللبنانيـة.
“2- يقيـد عنصـر الذهـب في تغطيـة الأوراق النقديـة المصـدرة من قبـل مؤسسـة الإصـدار الحاليـة على أسـاس السعـر الإنتقالي القانونـي.
“3- إن الفـروق بيـن، من جهـة مـا يـوازي، بالسعـر الإنتقالـي، الذهـب الداخـل في التغطيـة والعمـلات الأجنبيـة التـي قـد تكـون داخلـه فيهـا، ومن جهـة أخـرى، السعـر الفعلـي لهـذا الذهـب، وهـذه العمـلات تبقـى خاضعـة لأحكـام المرسـوم رقـم 15105/ك تاريـخ 27 أيـار 1947 الى تتحـوّل هـذه العناصـر الى المصـرف المركـزي.
إعتبـاراً من تاريـخ هـذا التحويـل تخضـع العناصـر الآنفـة الذكـر مع موجـودات المصـرف المركـزي الأخـرى من ذهـب وعمـلات أجنبيـة لأحكـام المـادة 115.
“4- تحسـب على اسـاس السعـر الإنتقالـي القانونـي الضرائـب والرسـوم التـي “تستوفـى عن المبالـغ المحـررة بالعمـلات الأجنبيـة والتـي تحسـب حاليـاً على أسـاس “السعـر المحـدد بالمـادة الأولـى من قانـون 24 أيـار سنـة 1949.
فالمجلـس النيابـي لـم يقـرّ إستيفـاء الضرائـب والرسـوم بالعملـة الأجنبيـة بـل الليـرة اللبنانيـة والمـادة 81 من الدستـور والمـادة 40 من قانـون المحاسبـة العموميـة نصـت أن الضرائـب والرسـوم لا تفـرض إلا بنـص قانونـي.
“يجـب أن لا يـؤدي تطبيـق معـدّل التحويـل الجديـد الى أيّـة زيـادة على الضرائـب “والرسـوم المستوفـاة عن مبالـغ محـررة بالعمـلات الأجنبيـة، يحـدد وزيـر الماليـة، “بقـرارات الطـرق الكفيلـة بتأميـن هـذا المبـدأ.
“5– إن العمـلات الأجنبيـة التـي تستوفيهـا الدولـة تدخـل في المحاسبـة بالسعـر “الإنتقالـي القانونـي.
“6- تعـدل بالنسبـة الى السعـر الإنتقالـي القانونـي نفقـات الدولـة الخارجيـة المحـددة “بالليـرات اللبنانيـة وتحـوّل من الآن فصاعـداً بسعـر السـوق الحـرّة.
كمـا نصّـت المـادة 230 فقرتهـا مـا قبـل الأخيـرة تنـص على مـا حرفيتـه:
“على أنه يمكن إرجاء تطبيـق أحكام المادتين 228 و 229 أو بعضهـا حتى أول “كانـون الثانـي 1965 بموجـب مراسيـم تتخـذ بنـاء على اقتـراح وزيـر المالية.
في المسؤوليـة والتضامـن السلبـي بيـن المصـرف المركـزي والمصـارف والدولـة اللبنانيـة:
نصـت المـادة 137 موجبـات وعقـود على مـا يلـي:
“إذا نشـأ الضـرر عن عـدّة أشخـاص فالتضامـن السلبـي يكـون موجـوداً بينهـم
“1- إذا كـان هنـاك اشتـراك في العمـل
“2– إذا كـان من المستحيـل تعييـن نسبـة مـا أحدثـه كـل شخـص من ذلـك الضـرر.
هـذه المـادة تحـدد المسؤوليـة علـى المشتركيـن في العمـل.
كمـا نصّـت المـادة 138 موجبـات وعقـود على مـا يلـي:
“مـا من أحـد يستطيـع أن يبـرىء نفسـه إبـراءً كليـاً أو جزئيـاً من نتائـج إحتيالـه أو “خطـأه الفـادح بوضعـه بنـداً ينفـي عنـه التبعيـة أو يخفـف من وطأتهـا وكـل بنـد يـدرج “لهـذا الغـرض في أي عقـد كـان هـو باطـل أصـلاً.
وعليـه ممنـوع علـى الدولـة والمصـرف المركـزي والمصـارف تبرئـة نفسهـم من أخطائهـم الجسيمـة والفادحـة.
ونعـود للتعليـق علـى مـا سمـي بالكابتـل كونتـرول واقتـراح قانـون إطـار إعـادة التـوازن للإنتظـام المالـي في لبنـان.
ألـف: لا وجـود لتشريـع الضـرورة فالضـرورة القصـوى والضـرورة بانتخاب الرئيس تتقدم على كل ضـرورة.
بـاء: لا يجـوز التشريـع تحـت وطـأة التهديـد من قبل المصـارف اعتراضـاً علـى الأحكـام القضائيـة المبرمـة. فالمصـارف لا تحتـرم الأحكام القضائيـة وتعرقـل تنفيذهـا وهـذا إسـاءة إلى القضـاء. يقـول الدكتـور بسيونـي الدولـة التي لا تحتـرم الأحكـام القضائيـة يجـب أن تشطـب من خريطـة العالـم المتحضـر.
جيـم: يقـول فـان دايسـي القانـون يجـب أن يكـون أخلاقيـاً مبنـي علـى الأخـلاق والقيـم والغايـة من الكابتيـل كونتـرول حمايـة المصارف من الدعـاوى المحقـة المبنيـة علـى أحكـام رد الوديعـة والتفـاف علـى القضيـة المحكمـة، وهـذا أمـر ممنـوع علـى المجالـس النيابيـة عمـلاً بنصـوص الدستـور والقانـون والأحكـام القضائيـة واحترامـاً لمبـدأ فصـل السلطـات.
إن الفقـه القانونـي العـام في بريطانيـا العريقـة في العمـل البرلمانـي استقـر على القـول بأنـه لا يجـوز، كقاعـدة عامـة، تنـاول أي قضيـة عالقـة أمـام القضـاء قبـل الحكـم بهـا؛ وبأنـه يمنـع على أي عضـو في البرلمـان أن يستشـهد بقضيـة مـا زالـت قيـد النظـر أمـام القضـاء. وقـد تأيـد ذلـك بمـا ورد في مؤلـف Michel Lesage المعنـون:

Les interventions du législateur dans le fonctionnement de la justice L.G.D.J. éd. 1974 :
En règle générale, lorsqu’une affaire est pendante devant un tribunal, le parlement britannique s’abstient de toute action jusqu’à ce que le tribunal soit prononcé et il s’oppose à ce qu’un parlementaire fasse allusion à cette affaire. La règle est bien établie.
– V, Erskine May, treatise on the law privileges, proceedings and usage of parliament, 5 ed. London 1950. pp. 380 et 437 (p. 175).

وبمـا ان الفقـه في الولايـات المتحـدة الأميركية لا يختلف عمّا هو عليه في بريطانيا بدليل ما ورد في الصفحة 177 من المرجع ذاته المذكور أعلاه:

Il semble bien établi aujourd’hui que le législateur ne puisse pas intervenir de telle façon dans les affaires soumises aux tribunaux, de telles interventions «étant contraires au principe de la séparation des pouvoirs et à la constitution.

كمـا إن الفقـه في فرنسـا لـم يكـن أقـل حرصـاً منـه في بريطانيـا والولايـات المتحـدة الأميركيـة على حظـر تدخـل المشتـرع الفرنسـي في القضايـا التـي يكـون القضـاء واضعـاً يـده عليهـا، إذ نقـرأ في الصفحـة 313 من المرجـع ذاتـه مـا يلـي:

Les rapports entre le législateur et les juridictions sont régis par des principes de droit public. En particulier, le législateur ne doit ni intervenir dans les affaires soumises aux tribunaux, ni priver d’effet les décisions juridictionnelles.
… Il existe un principe de non – intervention du législateur dans le contentieux judiciaire et administratif … c’est une véritable règle juridique, «d’ordre constitutionnel, qui s’impose au législateur ».

وبمـا إن حمايـة استقـلال أعمـال القضـاء لا تقتصـر على بـت القضايـا المعروضـة عليـه بـل تتعـدى ذلـك إلى قـوة القضيـة المحكمـة التـي تتمتـع بهـا الأحكـام النهائيـة التـي تصـدر عنـه بعـد إنبرامهـا. وتأسيسـاً على ذلـك كـرس المجلـس الدستـوري الفرنسـي مبـدأ عامـاً يحظـر فيـه على كـل من السلطتيـن التشريعيـة والتنفيذيـة التعـرض أو المسـاس بقـوة القضيـة المحكمـة، فـأورد في قـرار صـادر عنـه مـا يلـي:

… Ainsi selon la formule retenue par le Conseil constitutionnel, il n’appartient ni au législateur, ni au gouvernement de censurer des décisions des juridictions, d’adresser à celles-ci des injonctions, ou de se substituer à elles dans le jugement des litiges relevant de leur compétence ».
– Revue Française du Droit Administratif, 2001, p. 1061.

وبـذات المعنـى، قضـى المجلـس الدستـوري في المراجعـة رقـم 2000/5 المنشـور في عـدد الجريـدة الرسميـة رقـم 28 تاريـخ 2000/6/29.
“1- بمقتضـى المـادة 20 من الدستـور، تتولـى السلطـة القضائيـة المحاكـم على اختـلاف “درجاتهـا واختصاصاتهـا ضمـن نظـام ينـص عليـه القانـون ويحفـظ بموجبـه للقضـاة “والمتقاضيـن الضمانـات اللازمـة.
“والقضـاة مستقلـون في إجـراء وظائفهـم. وهـذا المبـدأ مكـرّس بنـص دستـوري، ويعتبـر “كذلـك من المبـادىء ذات القيمـة الدستوريـة.
ويقضـي المجلـس الدستـوري في مكـان آخـر من نفـس القـرار بمـا حرفيتـه:
“إن مبـدأ فصـل السلطـات لا يجيـز للمشتـرع أن يجـري رقابتـه على قـرارات القضـاء أو “أن يوجـه إليـه الأوامـر والتعليمـات أو أن يحـل مكانـه في الحكـم في النزاعـات التـي “تدخـل في اختصاصـه.
“إن مبـدأ فصـل السلطـات الـذي يتمتـع بالقيمـة الدستوريـة يمنـع على أي قانـون أو عمـل “إداري أن يرفـع يـد القضـاء عن قضيـة عالقـة أمامـه، ويجعـل القاضـي بمنـأى عن “تدخـلات السلطـة التشريعيـة أو التنفيذيـة.
“إن أحكـام المـادة 20 من الدستـور، التـي تنـص على استقـلال القضـاء، تشمـل القضـاء “والقضـاة العدلييـن، كمـا القضـاء والقضـاة الإدارييـن.
والمـادة 75 من النظام الداخلي لمجلس النواب نصت على:
“للرئيـس حق منـع الخطيـب من متابعـة الكـلام بـدون قـرار من المجلـس في الحـالات الآتيـة:
“7- إذا تنـاول في كلامـه وقائـع قضيـة لا تـزال قيـد التحقيـق أو النظـر لـدى القضـاء.
فكيـف إذا كنا أمام أحكام مبرمة صادرة عن القضاء الإداري والقضاء العدلي.

Le droit à réparation motive le régime de la responsabilité administrative et, comme le notait le doyen Vedel : « Le rôle du juge est de dire le droit et non de procurer des économies à l’Etat » ; au surplus, dans la pratique , l’équilibre du budget ne risque pas d’être compromis par les charges indemnitaires qui sont une goutte d’eau dans l’océan des dépenses publique (Vedel , Droit «Administratif , 1961 , p. 280 … et Pierre Délvolvé, Le principe d’égalité devant les «charges publiques , 1969)
– Cité par Jacqueline MORAND : «La Responsabilité de l’Etat français pour les dommages subis …. », in AJDA 1970, p. 588 et ss. (spéc. p. 601).

دال: اقتـراح القانـون بأبعـاد ثلاثيـة، فالمـادة الثانيـة فقـرة /2/ تتحـدث عـن اتخـاذ مـا يلـزم في سبيـل استعـادة الأمـوال المتأتيـة من جرائـم الفسـاد قـول ككفالـة العصفـور للـزرزور.
هـاء: المـادة الثالثـة إنهـا الجريمـة نوردهـا حرفيـاً:
“يتـم إطفـاء العجـز في رأسمـال مصـرف لبنـان بالعملـة اللبننيـة بشكـل تدريجـي علـى “مـدى خمـس سنـوات كحـدّ أقصـى ويتـم إلغـاء الأعبـاء المؤجلـة الناتجـة عـن تطبيـق “مبـدأ الـ Seigniorage وشطـب سائـر الخسائـر المؤجلـة.
تشريـع يتضمـن إطفـاء – وإلغـاء – وشطـب – هـذا هـو التـوازن المالي !!!
المـادة الخامسة: تتناول الودائع المؤهلة والودائع غيـر المؤهلـة.
الوديعـة تكـون صحيحـة وأحكـام قانـون الموجبـات لـم تميـز، وعندمـا المشتـرع لا يميـّز فيكـون التمييـز بيـن ودائـع مؤهلـة وودائـع غيـر مؤهلـة باطـلاً. القانـون والقامـوس القانونـي يرفـض هـذه التعرفـة، سيمـا وأن النـص واضـح وعندمـا يكـون النـص واضحـاً يتوقـف كـل تفسيـر مشبـوه لأحكـام القانـون.
المـادة السادسـة: يقتضـي معالجـة الودائـع لـدى المصارف.
الودائـع لا تعالـج بـل تـُرد عينـاً وكاملـة غيـر منقوصـة مع الملحقـات وفقـاً للمـواد التـي ذكرناهـا.
كمـا تنـص المـادة السادسـة علـى مـا حرفيتـه:
“تضـع الهيئـة المصرفيـة العليـا، بصفتهـا الهيئـة المختصـة بإعـادة هيكليـة المصـارف في لبنـان، آليـة ومعاييـر موحـدة لتحويـل كامـل أو جـزء من رصيـد المبلـغ المحـدد في المـادة السابعـة إلى الليـرة اللبنانيـة (Lirafication) علـى أسـاس سعـر منصـة صيرفـة الـذي سيصبـح سعـر السـوق عنـد توحيـد أسعـار الصـرف.
فاستعمـال عبـارة Lirafication كافيـة لأن تجعـل قانـون الإطـار عمليـة استيـلاء المصـارف علـى الودائـع وتحويلهـا إلى العملـة اللبنانيـة وتخالـف النصـوص التـي تفـرض الـرد عينـاً مع الملحقـات ودون زيـادة أو نقصـان.
إن المـادة السادسة تنـص على ما حرفيته: “تراعـي الهيئـة في جميـع الأحـوال السياسـة النقديـة التـي يقررهـا المجلـس المركـزي “لمصـرف لبنـان.
السياسـة النقديـة تضعهـا الحكومـة ويقرهـا المجلـس النيابـي وليـس قـرار المجلـس المركـزي.
ونصـل إلى المـادة السابعـة من اقتـراح القانـون فنجـد أسلـوباً جديـداً فريـداُ من نوعـه في التشريـع.
فالمـادة السابعـة تنـص علـى مـا حرفيتـه:
“يعلـّق تطبيـق البنـود (1) و (5) من المـادة السابعـة أعـلاه لحيـن إقـرار قانـون يتعلـق “بوضـع ضوابـط استثنائيـة ومؤقتـة علـى التحويـلات والسحوبـات النقديـة Capital Control Law ” .
إن هـذا يتضمـن عـدم احتـرام للمجلـس النيابـي وكـأن الغرفـة السـوداء التـي وضعـت هـذا النـص سيقـرّه المجلـس النيابـي، وهـذا النـص مخالـف لأبجديـة التشريـع.
يتكلـم الإقتـراح عـن صنـدوق استرجـاع الودائـع أو من خـلال اعتمـاد أي إجـراء ينـص عليـه قانـون معالجـة أوضـاع المصـارف في لبنـان وإعـادة تنظيمهـا. هـذا الصنـدوق هـو للإستيـلاء علـى أصـول الدولـة.
فالمـودع لا يعتـرف ولا يقبـل بهـذا القـول، لأنـه إن قَبِـل يكـون قـد جـدد الوديعـة مع الصنـدوق Novation وطـارت حقوقـه وهـذا مخالـف لأحكـام الوديعـة. والقـول بـأن تدفـع الوديعـة بالليـرة اللبنانيـة مخالـف لأحكـام الدستـور وقانـون الموجبـات والعقـود وقانـون النقـد والتسليـف والمبـادئ الدستوريـة والقانونيـة والمـادة 711 من قانـون الموجبـات والعقـود التـي تفـرض رد الوديعـة عينـاً.
ونصـل إلى المـادة التاسعـة التـي ورد فيهـا مـا حرفيتـه:
“بغيـة تحديـد الودائـع المشروعـة وغيـر المشروعـة، علـى كـل مصـرف أن يعمـد إلى “تحديـث انمـوذج ….
من أنتـم ؟ لتقومـوا بتحديـد الودائـع المشروعـة والودائـع غيـر المشروعـة، من أعطاكـم السلطـة، اقتـراح القانـون هـذا فخختـه الحكومـة وسلمتـه لبعـض النـواب للإجهـاز علـى حقـوق المودعيـن. هـذه الحكومـة التـي لـم تقـدم رغيفـاً ناضجـاً ساخنـاً للمواطـن لا بـل سرقـت منـه منقوشـة الزعتـر، ولـم تقـدم لـه دواء لأنـه ليـس من مهامهـا فقـد جـاءت لتتسلـى بنـا، نكتفـي بهـذا التعليـق.
ونصـل إلى المـادة العاشـرة فنـرى الإحتيـال الوقـح فتربـط هـذه المـادة استرجـاع الودائـع أو أي قسـم منهـا بوضعيـة المصـرف.
مـا أروع المتنبـي حين قال:
“جوعـان يأكـل من زادي ويمسكنـي       حتـى يقـال عظيـم الشـأن مقصـود”.
ونصـل إلى المـادة الثانيـة عشـرة إلى صنـدوق الغرائـب والعجائـب، فنـرى انـه ينـص علـى مـا حرفيتـه:
“ينشـأ بموجـب هـذا القانـون صنـدوق خـاص يسمـى صنـدوق استرجـاع الودائـع “ويشـار إليـه بـ “الصنـدوق” تكـون غايتـه بشكـل أساسـي، العمـل علـى استـرداد “الودائـع المؤهلـة.
هـذا النـص يفيـد أن الودائـع طـارت وان الصنـدوق العجيـب سيعمـل علـى استردادهـا.
يريـد مقـدم الإقتـراح أن يسلـم المجلـس النيابـي بهـذا النـص الـذي يسعـى إلى استـرداد الرصيـد فقـط بينمـا الوديعـة يجـب أن تعـاد عينـاً مع ملحقاتهـا.
وهـذا مـا يشجعنـا علـى الطلـب من السـادة النـواب اليقظـة والحـذر لأن اقتـراح قانـون الإطـار غيـر مبنـي علـى الأخـلاق والحـق، ومسؤوليـة السـادة النـواب هي كبيـرة تجـاه أهلهـم وعهودهـم التـي قطعوهـا لمواطنيهـم.
ونصـل إلى المـادة الرابعـة عشـرة الفقـرة الرابعـة:
“تخصـص الدولـة بعـض الإيـرادات المستقبليـة لصالـح الصنـدوق إذا توفـرت الشـروط “التاليـة.
إذا الشرطية. هذا تشريـع أم بيـع سمك بالمي؟
ممنـوع أن يكـون النـص القانونـي معلـقاً علـى شـرط، هـذا ليـس بقانـون، انـه كـلام بيـاع الخواتـم في مسرحيـات الفـرح المسمـم.
ونصـل إلى المادة الخامسـة عشرة الـوارد فيهـا حرفياً:
“تنفيـذاً للمهـام المناطـة بـه يصـدر الصنـدوق، لصالـح المودعيـن أوراقـاً ماليـة أو “سنـدات تمثـل حقوقـاً مالية “Economic interest” للمصـارف كـل بنسبـة مساهمتـه “في الصنـدوق.
هـذا تغييـر في الحـق وفي الطبيعـة القانونيـة للوديعـة ولأحكـام قانـون الموجبـات والعقـود. فالمـودع لا يريـد صندوقـاً فودائعـه موجـودة لـدى المصـارف والمصـارف ملزمـة بردهـا.
ونصـل إلى المـادة الثامنـة عشـرة فنـورد نصهـا:
“يتمتـع هـذا القانـون بالصفـة الإستثنائيـة ويهـدف إلى تحقيـق المصلحـة العامـة “وتنـدرج أحكامـه في إطـار الإنتظـام العـام.
بعـد الـذي عرضنـاه أيـن المصلحـة العامـة وأيـن الإنتظـام العـام ؟
عيـب أن يقـال أن هـذا القانـون لـه الصفـة الإستثنائيـة ويهـدف إلى تحقيـق المصلحـة العامـة. هـذا القانـون هـو لتغطيـة الجرائـم التـي ارتكبـت بحـق المودعيـن ولفلفتهـا والقـول أن هـذا القانـون تنـدرج أحكامـه في إطـار الإنتظـام العـام هـو رشـوة كلاميـة فاقعـة. هـذا القـول يذكرني بمـا قالـه الشاعـر الكبيـر نـزار قبانـي:
“كلمـا قلـت لـه يـا عالـي الجنـاب ايـن فلسطيـن
“ركـب السيـارة المكشوفـة ورشانـي بخطـاب
ورمانـي بيـن أنيـاب الجواسيـس والكـلاب.
لا تتحدثـوا عـن المصلحـة العامـة، والنظـام العـام فأنتـم تجهـزون علـى جنـى العمـر وعـرق الجبيـن وحقـوق المودعيـن.
ونختـم بمـا قالـه الشاعـر نـزار قبانـي:
“مـا بيننـا وبينكـم لا ينتهـي بعـام      حروبنـا طويلـة كأشهـر الصيـام”
مذكريـن بأن الزمـن يمـرّ بموجـب سريـع يـزول المجرمـون ويبقـى التاريـخ الـذي لا يرحـم. مؤكديـن أن هـذا الإقتـراح حفـرة في الإنتظـام العـام، وتثاؤبـاً في طريـق القانـون. نتوجـه للسـادة النـواب لأخـذ الحيطـة والحـذر لأن هـذه القوانيـن التـي تقترحهـا الحكومة هي زلزال مدمر يدقّ حياة المودعين والإقتصاد الوطني، وعلـى الحكومـة أن تتوقـف عـن التسليـة بحقـوق المودعيـن.
“محكمة” – الأربعاء في 2023/2/15

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!