في كيفية توافر الميثاقية بمعرض الاستشارات النيابية الخاصة بتأليف الحكومة/ فرانسوا ضاهر
القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهر:
عطفاً على مقالنا الشامل حول الموضوع المؤرخ في ٢٠٢٤/١١/١٢ والذي تمّ نشره على موقع “محكمة” في ٢٠٢٤/١١/١٥ نعود لنجيب على السؤال التالي :كيف تتوافر الميثاقية في الاستشارات النيابية التي تسبق تسمية رئيس الحكومة الذي يكلّف بتأليفها ؟ كما وكيف تتوافر في الاستشارات التي يجريها رئيس الحكومة المكلّف لغرض تأليفها ؟
في الواقع، تتوافر الميثاقية المنصوص عنها بالفقرة (ي) من مقدمة الدستور،”لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك “.
حينما يُدعى كل أعضاء المجلس النيابي على اختلاف كتلهم وأحزابهم وطوائفهم الى الاستشارات النيابية التي تسبق التكليف، كما بعد ذلك الى الاستشارات التي تمهّد للتأليف، بحيث لا تُعتبر الميثاقية منتهكة إلّا اذا حصل إقصاء او إخلال بالدعوة الى تلك الاستشارات من قبل رئيس الجمهورية في مرحلة الاستشارات التي تسبق التكليف او من قبل رئيس الحكومة المكلّف في مرحلة الاستشارات التي تُجرى لغرض التأليف.
أمّا وإن قاطع أعضاء في المجلس النيابي أيّاً او كلتي المرحلتين من الاستشارات النيابية فلا تكون الميثاقية منتهكة. إذ تُعتبر مقاطعتهم على هذه المرتبة من الإلزام الدستوري بالمشاركة فيها بأنها قبول ضمني بالنتائج التي ستتمخّض عن كل من هاتين المرحلتين من الاستشارات النيابية.
ذلك أنه، إذا ما سلّمنا بأن مقاطعة تلك الاستشارات من قبل فريق او طائفة او كتلة نيابية او أكثر من شأنها أن تفقدها ميثاقيتها، فهذا مؤداه أن تكوين الحكومة او السلطة الاجرائية بات ممسوكاً من الجهة المقاطعة دون سواها. الأمر الذي يتعارض مع النظام الديمقراطي المنصوص عنه بدستور الطائف، وينحو به ليحوّله الى نظام إتحادي كونفدرالي طوائفي.
كذلك، عندما يتمّ تأليف الحكومة لا بدّ أن تُراعى الميثاقية أيضاً. بمعنى أن يُصار الى تمثيل جميع الطوائف المكوّنة للديانتين المسيحية والمسلمة فيها، وفق حكم الفقرة (أ) من المادة ٩٥ من الدستور، “تمثّل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة”، معطوفة على المادة ٢٤ منه، كما وعلى الأعراف الدستورية المتعارف عليها.
وفي حال أحجمت طائفة عن المشاركة في أعمال أي من المؤسستين الدستوريتين الإجرائية او التشريعية. فإن ذلك الإحجام لا يشكّل بحدّ ذاته خرقاً للميثاقية، اذا كان قد تمّ مراعاة هذا المصطلح عند تكوين هاتين السلطتين.
وإنه بعد تكوينهما تكون الميثاقية مراعاة ضمناً، حينما تعملان وتقرّران وفق النصاب والأكثرية العادية او الموصوفة الواجبة دستوراً لصحة المقررات التي تصدر عن كل منهما. كما تمّ تفنيده في المقال المشار اليه أعلاه.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/1/15