مقالات

كلّيّات الحقوق الركيزة الرابعة أم …؟/ علي علوية

علي حسين علوية*:
بإشارة لافتة من عميد كلّية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة فينيسيا البروفيسور سليم الضاهر حول موضوع في غاية الأهمّية تناول دور كلّيات في إحقاق العدل في المجتمع، والتساؤل الذي طرحه العميد الضاهر منذ حوالي الثلاث سنوات في هذا المجال تمحور حول الدور الأساسي لهذه الكلّيات ومدى أهمّيتها في النظام القانوني لأيّ دولة.
إنطلاقاً من هنا، ونظراً لأهمّية هذا الموضوع ، كان من الجيّد كتابة هذا المقال لإيجاد الأجوبة عن هذه التساؤلات.
بعد قراءة عنوان هذا المقال يتضح لنا بأنّ موضوعه يتمحور حول ‏كلّيات الحقوق. لكن ما هو المقصود بعبارة الركيزة الرابعة؟
الإجابة على هذا السؤال بسيطة جدّاً، إذ إنّ المقصود بعبارة الرابعة هي الركيزة الرابعة.
فإذا جئنا وغصنا قليلاً في تركيبة الأنظمة القانونية في أيّ بلد، فهناك مؤسّسات تعتبر من الركائز الأساسية لبناء الجسم القانوني السليم. هذه الركائز أو المؤسّسات هي مجلس النوّاب الذي يقوم بالدور التشريعي، الجسم القضائي الذي يحمي الحرّيات ويصون الحقوق، ونقابة المحامين التي هي بدورها مكوّن رئيسي في المجتمعات القانونية. فكلّ مؤسّسة من هذه المؤسّسات لها دورها الفعّال والتاريخي في بناء المجتمعات وفي الحفاظ على حرّيات وسلامة الأوطان.
إذاً هذه المؤسّسات المذكورة أعلاه هي الأساس في تطبيق القوانين. ليس هذا فقط، بل إنّها مسؤولة عن التجديد والحيوية في أنظمة الحكم. وهنا يطرح تساؤل، هل أنّ هذه، إذا صحّ التعبير، هي الوحيدة الموجودة في الساحة القانونية؟ أم أنّ هناك ركائز أساسية أخرى؟
من الجلي أنّ في النظام القانوني مكمّلات تسهّل العملية القانونية ‏وتجعلها أكثر انسيابية، محاكاةً مع الواقع. على سبيل المثال: المساعدون القضائيون وغيرهم.
العديد من الفقهاء يقولون إنّ هناك ركيزة أساسية أخرى يجب أن تكون متناسقة مع الركائز التي ذكرتها سابقاً. هذه‏ الركيزة الرابعة هي كلّيات الحقوق. لكن هنا يجب أن نطرح عدّة أسئلة حول أهمّية هذه الكلّيات ودورها على الصعيد القانوني وغير القانوني؟ وهل فعلاً تستحقّ أن تكون شريكاً أساسياً في تكوين الهيكل القانوني كركيزة رابعة؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ كلّيات الحقوق تلعب دوراً بارزاً في إعداد خرّيجين أكفاء لديهم كفاءة قانونية وعلمية رفيعة المستوى تؤهّلهم للمشاركة الفعّالة في المجتمعات ‏حيث تسعى هذه الكلّيات إلى نشر المعرفة على كلّ الأصعدة، لمواكبة مجريات العصر وخاصة الحداثة القانونية.
ولا يمكن أن ننسى الدور الأساسي لهذه الكلّيات في تثقيف الشباب والمساعدة على تحقيق ذواتهم وصقل شخصيتهم، بالإضافة إلى أنّها تكسب الطالب ثقافة عامة غير موجودة لدى الطلاّب في الكلّيات الأخرى بسبب شمولها علوماً ومعارف متعدّدة. هذا على الصعيد الثقافي والتربوي.
أمّا على الصعيد القانوني، فكلّيات الحقوق تسعى بكلّ أدواتها إلى صناعة رجال قانون حقيقيين يسهرون على حماية الحرّيات وحقوق المواطنين من دون انتقاص منها.
ولأنّ طلاّب اليوم هم رجال المستقبل، تسعى أو يجب أن تسعى كلّيات الحقوق إلى إعداد وتخريج طلاّب مؤهّلين متخصّصين في مجال القانون للعمل في المؤسّسات والهيئات ‏القضائية والتشريعية والدوائر القانونية.
هذه النقاط أعلاه، تمثّل جزءاً من أهداف جامعتي جامعة فينيسيا، بشكل عام، بشخص أمينها العام الأستاذ باسل بري وبشخص رئيسها الدكتور عماد زبيب. وبشكل خاص كلّية الحقوق والعلوم السياسية بشخص عميدها البروفيسور سليم الضاهر، الذين لم يملّوا ولن يكلّوا من تطوير كلّية الحقوق علمياً عن طريق هيئة تعليمية رفيعة المستوى عبر دعوة قضاة، محامين، وأساتذة حقوق يعتبرون من خيرة القانونيين في لبنان لتدريس الطلاّب الأسس القانونية السليمة، ومساعدة الطلاّب نفسياً عبر تهيئة الأجواء الجامعية المريحة.
والجدير بالذكر أنّ ما يميّز كلّية الحقوق ‏والعلوم السياسية في جامعة فينيسيا هو الربط بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي.
وفي ضوء ما قلناه نتساءل: هل كلّيات الحقوق هي الركيزة الرابعه إلى جانب الركائز الأخرى؟
بعد كلّ ما تقدّم، وبعد تبيان أدوار هذه الكلّيات، وبعد التمحّص في كونها تلعب الدور الأساسي في بناء الهيكل القانوني السليم، على قاعدة أنّ قضاة ومحامين وخبراء القانون اليوم هم طلاّب كلّيات الحقوق في ما مضى.
وبعد ذكر بعض أهداف هذه الكلّيات، يمكننا الآن تكملة العنوان ليصبح “كلّيات الحقوق الركيزة الرابعة أم الأولى؟”، حيث إنّ الإجابة على العنوان أصبحت جلّية بأنّ كلّيات الحقوق هي الركيزة الأولى وهي أساس في التركيبة القانونية، وهذا لا يلغي الدور الرئيسي التي تلعبه باقي الركائز. آملاً على الصعيد الشخصي أن أكون رائداً من روّاد القانون مستقبلاً، وسفيراً يوصل رسالة جامعة فينيسيا إلى كلّ العالم.
*طالب حقوق في جامعة فينيسيا
“محكمة” – السبت في 2020/2/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!