علم وخبر

أين مجلس القضاء من تهديد القاضي بسّام مولوي والتهجّم عليه في طرابلس؟/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
.. وكأنّه لا يكفي قضاة محاكم الجنايات المنتشرة على أراضي الجمهورية اللبنانية أنّهم ينظرون في ملفّات دقيقة وحسّاسة ولا تخلو من الخطر ويتحمّلون مسؤولية كبيرة في نصب الميزان، وتحديد العقوبة بما يرضي الله والضمير والمجتمع والقانون والعدالة الحقّة، ليأتي من يتطاول عليهم بالكلام والسباب والشتائم وصولاً إلى الترهيب والتهديد المعنوي والمادي.
هذا ما حصل مع رئيس محكمة الجنايات في الشمال القاضي بسّام مولوي والمستشارين معه القاضيين باسم نصر وديما ديب في وضح نهار مشمس وأمام قصر عدل طرابلس بعدما كان قد سبقه تهجّم سافر داخل أروقة العدلية وعند قاعة المحكمة من دون أن يرفّ جفن للمعنيين في القضاء من وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ومجلس القضاء الأعلى، وهل ينتظرون حصول جريمة كتلك التي وقعت في محكمة الجنايات في الجنوب في قصر عدل صيدا القديم في العام 1999 بغضّ النظر عن اختلاف الدوافع والأسباب لكي يدينوا ويستنكروا ويشجبوا؟
وفي المعلومات الخاصة بـ“محكمة” أنّ محكمة الجنايات في الشمال وافقت على إخلاء سبيل عبد الهادي ع.ح. الموقوف بجريمة مقتل زياد أ.ح. مقابلة كفالة مالية مقدارها مائتا مليون ليرة لبنانية مع منعه من السفر وأبقت صهره ومرافقه الشخصي قيد التوقيف الإحتياطي المستمرّ منذ أكثر من سنة، وذلك بعد درس الملفّ وتمحيص تفاصيله وكلّ جوانبه وتلقيها تقريراً طبّياً رسمياً يؤكّد إصابته بجائحة “كورونا” وبعارض صحّي تمثّل بهبوط حاد في الدم والتهابات في الرئتين الأمر الذي يشكّل مضاعفات في الأوعية الدموية وخطراً على حياته ويستدعي إدخاله بصورة عاجلة، إلى المستشفى للمعالجة.
وتقرير الطبيب الشرعي مبرز في الملفّ مع التحاليل المخبرية والصور الإشعاعية التي اطلعت هيئة المحكمة عليها بإمعان واتخذت قرارها بالإجماع ومن دون إبطاء.
وتضيف المعلومات الخاصة بـ“محكمة” أنّ هيئة المحكمة ردّت مراراً طلبات إخلاء سبيل عبد الهادي ح. لكنّها أمام واقعة المرض المثبتة طبّياً وعلمياً لم يكن أمامها بدّ من الإسراع إلى الموافقة على إخلاء سبيله مع رفع قيمة الكفالة المالية وتطويقه بقرار منع السفر.
ولم يكن هذا المرض السبب الوحيد، بل رشح من الملفّ وبحسب معلومات “محكمة” أنّ عبد الهادي ح. لم يكن مطلق النار على زياد ح. الذي استبق الحادث بركن سيّارته أمام سيّارة الأوّل في ساحة مرج الزهور في محلّة أبي سمرا، وأقفل عليه الطريق مانعاً إيّاه من المرور، بسبب وجود خلافات سابقة بينهما تعود إلى العام 2016، وحصل تلاسن وإطلاق نار أصيب على اثره زياد برصاصة من الخلف، أيّ أنّ مطلق النار كان يقف خلفه فيما عبد الهادي وصهره كانا في الجهة المواجهة له تماماً وهذا ثابت بشريط الفيديو الذي يظهر فيه عبد الهادي وهو ينزل من سيّارته ولا يحمل في يده أيّ سلاح، وكان صهره ريان ح. يستعدّ للنزول من السيّارة عندما انهمر الرصاص من الجهة الخلفية، وأطلق ريان رصاصتين من باب السيّارة باتجاه منحرف وهو لا يزال موقوفاً.
ثمّ أتى مرافق عبد الهادي المدعو وائل ع. بسيّارة ثانية وأطلق رشقاً نارياً من بندقية كلاشينكوف باتجاه سيّارة زياد ح. التي كان بداخلها أيمن ح. فأطلق النار بدوره من مسدّس حربي ونتج عن الحادث مقتل زياد ح. مع الإشارة إلى أنّ وائل لا يزال قيد التوقيف الإحتياطي.
وورد في متن تقرير الطبيب الشرعي أنّ وفاة زياد ح. ناتجة عن إصابته برصاصة متفجّرة من الخلف دخلت من الجهة السفلية الخلفية اليمنى من رأسه لتصطدم بعظم الجمجمة من الناحية الخلفية وتنفجر ليخرّ على الأرض صريعاً.
وفي الإستجواب التمهيدي للمتهم عبد الهادي ح. نفى ارتكابه جريمة القتل.


ولم يرق لذوي القتيل إخلاء سبيل المتهم بقتل إبنهم يوم الأربعاء الواقع فيه 4 تشرين الثاني 2020، لقاء كفالة مائتي مليون ليرة قسّمت بين عشرين مليون ليرة للحضور، والباقي للتعويضات، فنظّموا اليوم اعتصاماً أمام قصر العدل رفعوا فيه يافطات حملت عبارات قاسية بحقّ القاضي بسّام مولوي وطالبته بالتنحّي عن الملفّ وذلك على مرأى ومسمع من القوى الأمنية والعسكرية التي اتخذت إجراءات أمنية مشدّدة لئلاّ تفلت الأمور.
ومن العبارات التي حملتها اليافطات المرفوعة:” لا نريد قانونك يا بسّام مولوي”،”إقتل ما شئت واحد إثنين ثلاثة العقوبة القصوى عشرة أشهر”.
وبعد، هل يجوز كيل السباب للقاضي وتهديده وتهديد عائلته لمجرّد اتخاذه قراراً لم يعجب أحد طرفي النزاع أو بالأحرى ذوي الضحيّة وإنْ كانت الجريمة كبيرة؟ وهل بات أمراً طبيعياً أن يتجمّع من لا يعجبهم أيّ حكم أو قرار قضائي أمام قصر العدل أو منزل القاضي الصادر عنه وإطلاق أقذع الكلام بحقّه؟ أليست هيئة التفتيش القضائي هي الجهة الوحيدة المخوّلة بمساءلة القاضي ومحاسبته في حال إخلاله بالعدالة لغايات شخصية مثلاً؟ فكيف يمرّ سكوت أهل القضاء عمّا حصل اليوم في طرابلس من دون أيّ تحرّك ولو على شاكلة بيان استنكار؟!
“محكمة” – الإثنين في 2020/11/9
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!