أبحاث ودراساتأبرز الأخبارميديا

التعسف في عدم استعمال حقّ الطلاق/هانيا فقيه

د.هانيا فقيه[[i]:
يشكّل التعسف في استعمال الحقّ مصدراً من مصادر المسؤولية التقصيرية. والحقّ هو علاقة بين الإنسان وما يحيط به من بشر وطبيعة، يحميها القانون طالما أنّها منصهرة ضمن الأطر التي رسمها لها حفاظاً على مصلحة الفرد والجماعة. فإذا أساء الإنسان استعمال السلطة أو العلاقة، بحيث أحدث ضرراً للغير، سواء عن قصدٍ أو غير قصد، ترتّب عليه موجب التعويض بالإستناد إلى خطأه في استعمال حقّه[[ii].

ويستخدم مصطلح التعسف في العديد من العقود[[iii] والدعاوى[iv] والمعاملات[[v]]، كما يستخدم أيضاً في العلاقات الإجتماعية التي يشوبها العنف والمشاكل وعدم الإستقرار، ولا سيّما بين الأزواج غير المتوافقين والذين لا يستطيعون إكمال الحياة سوياً، ولكن لمآرب خبيثة وبغية الإضرار بالطرف الأضعف بالعلاقة، يتمنّع الطرف الأقوى في العلاقة عن إيقاع الطلاق.
وسنقتصر في البحث في هذا المقال، على الدين الإسلامي ولا سيّما عند فقهاء المذهب الجعفري، والذي يحصر الطلاق- حاله كما حال جميع فقهاء المذاهب الإسلامية- بالزوج وحده، ووليه في حالات قليلة، بل نادرة[vi]، وهنا تتجلى أبهى صور التعسّف، إذ قد يلجأ الطرف الأقوى في العلاقة وهو عادة الزوج، والذي يملك الحقّ بإيقاع الطلاق إلى اساءة استعمال حقّه هذا سلباً رغم كثرة الأساب التي تدعو الى إيقاعه، تجاه الطرف الأضعف بالعلاقة، وهي زوجته، رافضاً تطليقها، لعدّة أسباب منها:
– مالية، إذ قد يطلب بعض الرجال مالاً من الزوجة مقابل إطلاق حريتها، أو التنازل عن كافة حقوقها من مهر ومتعة ونفقة مقابل ذلك،
– نفسية، بعضهم يعتبر أنه قد أبرم عقد ملكية وليس عقد زواج، وأنه اشترى شريكته وأدخلها ضمن ممتلكاته، وهي لن تكون لغيره مهما كلّف الأمر،
– دينية، فيستعمل الشريك الدين والحقّ الذي منحه إيّاه في الزواج عدّة مرّات وإبقاء الزوجة الأولى- رغم زواجه الثاني- على ذمّته، علماً بأنّه لا يكون مراعياً ولا متطلعاً على الشروط أو الظروف التي من أجلها أُنزلت الآية التي أحلّت تعدّد الزواجات[vii]، ولا حتى مراعياً للدين نفسه الذي كرّم المرأة – الزوجة[viii]، وأسس الزواج على قاعدتين إنسانيتين رئيسيتين، هما المودّة والرحمة[ix].
– إجتماعية، لأنه يريد الحفاظ على صورته أمام الناس كربّ عائلة وأنه يعيش حياة وردية لا تشوبها أي شائبة، كما قد يفرض عليها التنازل عن حضانة أطفالها مقابل الحصول على الطلاق.
– كيدية، إغراقاً للزوجة في حياة غير مجدية لهدر حقوقها بطريقة خبيثة وضارة…
هذه الأسباب وغيرها تدفعنا الى البحث في نظرية التعسف، وإنما خروجاً على الوجه الإيجابي والتقليدي لهذه النظرية والمتمثّل في الإقدام على طلاق الزوجة للإضرار بها، عبر التطرّق الى مسألة عدم استعمال حقّ الطلاق من قبل الرجل على الرغم من الأذى والضرر النفسي والمعنوي وحتى الجسدي للزوجة، والآثار السلبية التي تلحق بالأطفال الشاهدين كلّ يوم على حياة سامة، تفتقر الى الأمان والثقة والإحترام، يقال عنها بأنها “زواج”!
في هذا المقال ، سنبحث عما اذا كان التعسف في استعمال الحقّ يتحقّق فقط، عندما يتجاوز الإنسان، أثناء استعماله لحقّه حدود حسن النيّة ، أو الغرض الذي من أجله منح هذا الحقّ، وفقًا لنظرية التعسف التقليدية المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الموجبات والعقود اللبناني، ومدى إمكانية إدخال مفهوم التعسف في عدم استعمال الحق بالطلاق ضمنها:
أوّلًا- التعسف في القانون:
تنصّ المادة 124 من قانون الموجبات والعقود على أنّه “يلزم أيضاً بـ التعويض من يُضر بـ الغير بتجاوزه في أثناء استعمال حقّه، حدود حسن النية أو الغرض الذي من أجله منح هذا الحقّ”.
بحسب هذه المادة تُعد نظرية التعسّف في استعمال الحق، أحد أوجه المسؤولية المدنية الناشئة عن الفعل الشخصي، وذلك عندما يبدو الفعل الإيجابي أو السلبي الضار، خارجاً خروجاً أكيداً عن التصرّفات العادية التي يقوم بها الرجل العادي، بمعنى أن يمتنع المرء عن الإضرار بالغير، بالتجاوز على مبدأ حسن النية، والهدف الذي من أجله أعطي هذا الحق، وذلك تحت شعار ممارسة حق من الحقوق.
كما يعتبر خروجاً عن مبدأ حسن النية ليس فقط ممارسة الحق بنية الإضرار بالغير، بل أيضاً ممارسة الحق دون منفعة تُذكر لمجرد هذه الممارسة، وإن لم يكن صاحب الحق يقصد إلحاق الضرر بالغير، فيكفي التشبّث بممارسة حق يلحق الضرر بالغير، ليكون سوء استعمال لهذا أيضاً دون ان يكون هناك من منفعة لصاحبه.
ويتحقق أيضاً سوء استعمال الحق، عندما يتجاوز صاحب الحق الغاية التي من أجلها مُنح هذا الحق، فالقانون يحمي الحق طالما أنه مستعمل من قبل صاحبه للغاية الإجتماعية والإقتصادية التي مُنح من أجلها، فإذا خرج صاحب الحق عن هذه الغاية وأحدث ضرراً بغيره، يكون قد حوّر في وظيفة هذا الحق، الأمر الذي يُشكل خطًأً يُلزمه التعويض على المتضرر منه[x].
والملاحظ، أن المشترع اللبناني في هذه المادة، جمع بين المبدأ الذي يقضي بتنفيذ العقود بحسن نية، وبين الحفاظ على الوظيفة الإجتماعية والإقتصادية للحق، فترتب على ذلك توسيع لفكرة التعسّف في استعمال الحق، فلم يشترط توفر قصد الإضرار بالغير، حتى يُسأل المرء الذي يتعسف في استعمال حقه، بل يكفي أن يكون هناك انحراف بالحق عن غرضه الاجتماعي، فلكل حق غرض يرمي إليه. والقانون يُعطي الحق للشخص ابتغاء لغرض معين، فإذا استعمل هذا الشخص الحق، في غير ما أعد له هذا الحق من الوجهة الاجتماعية، كان متجاوزاً على ذلك الغرض، وبالتالي متعسفاً ووجبت مسؤوليته. فما هو وضع هذه النظرية في ما يتعلق بموضوع التمنّع عن إيقاع الطلاق والتشبّث بالزوجة لمجرّد الكيد أو الإضرار بها؟
ثانيًا- التعسف والإمتناع عن الطلاق:
الطلاق هو إزالة قيد النكاح من قبل الزوج أو وكيله أو الحاكم، بغير عِوض، بلفظ مخصوص[xi]. ومشروعية الطلاق في الإسلام ثابتة بالقرآن[xii] والسنّة والإجماع.
أما مفهوم التعسف في عدم إيقاع الطلاق، وهو مفهوم حديث يمكن تعريفه على أنّه “امتناع ممن يملك الحق بذلك، عن إيقاع الطلاق رغم تعدّد الأسباب المشروعة والموجبة له، وثبوتها، أو بقصد إيذاء الزوجة، رغم طلبها ذلك ورضاها وتنازلها عن حقوقها في أغلب الأحيان، ومناقضة قصد الشارع في الإمتناع عن التصرّف بحقّ الطلاق المأذون فيه شرعاً[xiii] وفقاً للغاية التي وُجد من أجلها، وهي عدم التوافق بين الزوجين”.
وممّا يدلّ على تحريم التعسف في موضوع الطلاق، قوله تعالى في صورة البقرة الآية 231:
﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾
وفي تأويل هذه الآية:
• قال أبو جعفر: يعني تعالى بذكره “وإذا طلقتم”، أيها الرجال نساءكم/ “فبلغن أجلهن” أي ميقاتهن الذي وقّته لهن، من انقضاء الأشهر الثلاثة/ “فأمسكوهن”، أي فراجعوهن إن أردتم رجعتهن في الطلقة التي فيها رجعة… كما قال تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان… /أما قوله “سرحوهن بمعروف”، أي خلوهن يقضين تمام عدّتهن وينقضي بقيّة أجلهنّ الذي أجّلته لهنّ لعددهنّ، بمعروف بإيفائهنّ تمام حقوقهن عليكم، على ما ألزمتكم لهن من مهر ومتعة ونفقة، وغير ذلك من حقوقهن قبلكم/ و”لا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا”، أي لا تراجعوهن، ان راجعتموهن في عددهن، مضارة لهن، لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم، لمضارتكم إياهن، بإمساككم إياهنّ، ومراجعتكموهن ضرارًا واعتداء/ وقوله “لتعتدوا”، أي لتظلموهن بمجاوزتكم في أمرهن حدودي التي بيّنتها لكم[xiv].
ويعود السبب في تحريم التعسف، هو أنه ليس لصاحب الحق في مسألة الطلاق، الحرية المطلقة في ممارسته، ونضيف في عدم ممارسته له، فهو مقيّد بحسن النيّة والشرف والإستقامة في التعامل، وعدم الإضرار بالغير، بالإضافة إلى تحقيق المصلحة الخاصة التي تعود على أطراف العلاقة من التحرّر من علاقة سامة أو “غير صحية”، وكذلك المصلحة العامة التي تعود على المجتمع من المساواة والحرّية والتحرّر من كلّ ما يسيء إلى العلاقة الزوجية وقواعد الروابط الأسرية.
فكيف يمكن مقاربة نظرية التعسف التقليدية المنصوص عليها في القانون اللبناني، ممّا نبحثه في مسألة التعسف بعدم إيقاع الطلاق رغم صعوبة الحياة وتعقيدها بين الطرفين إلى درجة لا تطاق.
للإجابة على هذه الإشكالية، لا بدّ لنا من استعراض النوايا والأهداف المقصودة من وراء هذا الإمتناع عن إيقاع الطلاق:
– كقصد التسبّب بالأذى والضرر للزوجة، عبر مشاكستها واختلاق مشاكل معها دون مبرّر شرعي، وعدم الإنفاق عليها أو هجرها بالمرّة[xv].
– أو لغرض غير مشروع كإذلال الزوجة، أو منعها من أن تشعر بالأمان والراحة، أو من حقّها الطبيعي في إعادة تكوين أسرة مع شريك آخر يُقدّرها.
– وعندما يترتّب عن هذا الإستعمال غير المعتاد لحق الطلاق على نحو سلبي- بحيث ان جميع الوقائع والأدلة تشير الى استحالة الحياة بين الشريكين، في مواجهة إصرار الزوج على الإبقاء على علاقة مسيئة- ضرر كبير، لا يتناسب مع الفائدة “التافهة” من إبقاء الزواج.
بحسب فقهاء المذهب الجعفري، إن العيوب الموجبة لفسخ الزواج المختصة بالزوج تتمثل بالجنون والخصاء والعنن والجب والجذام[xvi] والبرص، ولا يدخل من ضمنها طباع الرجل الشرسة وعدم احترامه للطرف الآخر، ولسانه السليط، وعنفه اللفظي والجسدي وتعسفه في عدم قبول طلب الزوجة بالطلاق، على الرغم من أنها في غالب الأحيان تعفيه من الأعباء المالية المترتبة على إنهاء الزواج، علماً بأنه هو من تسبب لها بالأذى والضرر، ودفعها الى طلب الطلاق وكره العيش معه، وعلماً بأنها هي من تستحق التعويض عما تسبب به لها من أضرار مختلفة، من الأضرار النفسية كفقدانها الثقة بنفسها وبمن حولها وفقدان الأمل بالحياة والشعور الدائم بالحزن واللامبالاة والتفكير بالإنتحار، والأضرار المعنوية وعلى الأخصّ في الكمّ الهائل من الشتائم والذم والقدح التي طالتها هي وعائلتها وأولادها طيلة حياتها مع الزوج، بالإضافة الى الأضرار الجسدية التي تتراوح بين آثار التعذيب والكدمات على جسدها، وصولًا الى الإغتصاب الزوجي إنتهاءً بمحاولة قتلها.
إنّ الطلاق وان كان في الأصل مكروهاً، الا أن الحاجة تبيح المكروهات، وعند ثبوت تعسف الزوج في الإمتناع عن ايقاع الطلاق، ينقلب الأمر الى جريمة ترتكب بحق الإنسانية، والدين والمجتمع، والتعويض الذي يمكن أن يُقضى به في مثل هذه الحالة هو رفع الضرر عن المتضرّرة والحكم بتطليقها، لأنه وإن كان طلاق الحاكم[xvii] مسموحًا في الشريعة الإسلامية ويحكم به عادة، لأسباب تتعلّق بمعظمها “بالقدرة الجنسية للزوج”، فإن الشعور بالحب والأمان والراحة النفسية والإحترام والثقة لا يقلان أهمية عنها.
وإن كان الله قد أحلّ الطلاق وأمرنا أن ندفع بالتي هي أحسن، وأن نراعي المعروف في تسريح الزوجة، ولأنه جاء في المبدأ الفقهي أنّه “لا ضرر ولا ضرار”، فلماذا الظلم في إمساك الزوجة من غير الحاجة إليها، ولماذا الإكراه بغير حقّ، على البقاء في علاقة سامة؟ ولماذا لا يوافق الرجل الشرقي على توكيل الزوجة بتطليق نفسها بنفسها، عبر اشتراط ذلك في عقد الزواج ؟ ولماذا لا يُدخل بند في عقد الزواج يسمح للمرأة بذلك، اذا كان ثابتاً تعنيف زوجها لها بشتّى الأنواع[xviii]، أو خيانتها أو عدم الإنفاق عليها؟
بالنهاية نختم قائلين، أن الزوجة ليست بحاجة فقط الى النفقة والسكن والجنس… ولكنها بحاجة أيضاً الى قلب حنون، وكلمة جميلة، وعاطفة تملأ قلبها ورحمة تنسيها تعبها… فهل أن حرمانها من كل ما ذُكر، وإبقاءها رغم ذلك عالقة على ذمّة زوج، يمتنع عن تطليقها، يحقّق له انتصاراً لرجوليته؟
مصادر وهوامش:
[[i]أستاذة جامعية في كلية الحقوق والعلوم السياسية، في الجامعة اللبنانية، وأستاذة باحثة في مركز الدراسات والأبحاث القانونية في الجامعة اللبنانية.
[[ii]مصطفى العوجي، القانون المدني، الجزء الثاني، المسؤولية المدنية، منشورات الحلبي الحقوقية، ط 4، 2009، ص:315.
[[iii]تنص المادة 50 من قانون العمل اللبناني، على أنه يحق لكل من صاحب العمل والعامل ان يفسخ في كل حين عقد الاستخدام المعقود بينهما لمدة غير معينة. على انه في حال الاساءة او التجاوز في استعمال هذا الحق، يحق للفريق المتضرر ان يطالب بتعويض…
[[iv]تنص المادة العاشرة من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني على أن حق الادعاء وحق الدفاع مقيدان بحسن استعمالهما، فكل طلب او دفاع او دفع- يدفع يدلي به تعسفا يرد ويعرض من تقدم به للتعويض عن الضرر المسبب عنه.
[[v]تنص المادة 248 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ان الفريق الذي يفسخ العقد يستهدف لاداء بدل العطل والضرر اذا أساء استعمال حقه في الفسخ اي اذا استعمله خلافا لروح القانون او العقد. كما تنصّ المادة 822 من نفس القانون على أنّه إذا فسخ الموكل أو الوكيل عقد الوكالة فجأة في وقت غير مناسب وبلا سبب مقبول، جاز أن يلزم بضمان العطل والضرر للفريق الآخر بسبب إساءة استعماله هذا الحقّ.
[[vi]الشيخ محمد جعفر شمس الدين، أحكام الأسرة في الإسلام، دار الهادي، ط1، 2005،ص: 307.
[[vii]ورد في القرآن الكريم: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوافَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا النّساء: 3، يشير الشّيخ علي مرعي في مستهلّ شرحه لشروط الزّواج الثّاني، يعود سماحة الشّيخ علي مرعي إلى الآية الثّالثة من سورة النّساء: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوافَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}، ليشرح مفهوم العدالة بين الزّوجات الّذي بيّنه الله سبحانه وتعالى أيضاً في السّورة نفسها، أي سورة النّساء، في الآية 129 {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ? فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ? وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}. انطلاقاً من هاتين الآيتين، يوضح الشّيخ علي مرعي مفهوم العدالة بين الزّوجات، مشيراً إلى وجود نوعيّة من العدالة الماديّة والمعنويّة، فالعدالة الماديّة هي النّفقة، بحيث لا ينفق الرّجل على زوجة أكثر من الأخرى، لجهة المسكن والملبس والمأكل ومختلف الاحتياجات الخاصّة بها.
http://arabic.bayynat.org.lb/ArticlePage.aspx?id=3086
[[viii]كرَم الإسلام المرأة كزوجة، فجعل الزواج منها آية من آياته فقال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، واستوصى بها النبي خيرا كما قال في خطبة حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله”.
ومن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ،الروم: 21.
[[x]مصطفى العوجي، القانون المدني، الجزء الثاني، المسؤولية المدنية، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الرابعة، بيروت، 2009، ص : 323، 324.
[[xi]الشيخ محمد جعفر شمس الدين، أحكام الأسرة في الإسلام، دار الهادي، ط1، 2005،ص: 296.
[[xii]“الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”، سورة البقرة/229.
[[xiii]قال تعالى تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [البقرة: 236]، ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ النساء: 34.
[[xiv]https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura2-aya231.html
[[xv]الشيخ محمد جعفر شمس الدين، المرجع السابق ،ص: 242؛ اذا تحقق النشور من طرف الرجل وذلك بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليه، كترك الإنفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها، أو هجرها بالمرة، أو إيذائها او مشاكستها من دون مبرر شرعي، كان لها المطالبة بالكف ووعظه وتحذيره، فإن لم ينفع، فلها رفع أمرها الى الحاكم الشرعي، وليس لها هجره ولا ضربه والتعدي عليه. فيمنعه الحاكم من إيذائها وظلمها، ويلزمه بالمعاشرة معه بالمعروف، فإن نفع، ولا عزّزه بما يراه، فإن لم ينفع أيضا، كان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع الزوج منه ولم يمكن إجباره عليه، طلقها الحاكم الشرعي.
[[xvi]مرض يصيب تآكل اللحم في جسم الإنسان وتساقطه.
[[xvii]طلاق الحاكم الشَّرعيّ: أي صلاحيّة الفقيه المجتهد في إيقاع الطّلاق عند توافر أسبابه الموجبة، وامتناع الزّوج أو وليّه عنه، والفرق بين طلاق الحاكم الشّرعي وغيره، هو أن الطلاق منه يعدّ طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، ولكنّه لا يمنع من عقد جديد.
هناك أدلّة عن جواز طلاق الحاكم، يقول المرجع السيّد فضل الله(رض): “ذلك بدليل أنَّ امتناع زوجها من طلاقها وعدم جواز طلاقها بغير إذنه ضرريّ، وهو منفيّ بحديث “لا ضرر ولا ضرار” ، مضافاً إلى ما ورد في رواية أبي بصير، قالت: سمعت أبا جعفر(ع) يقول: “من كانت عنده امرأة، فلم يكسها ما يواري عورتها، ويطعمها ما يقيم صلبها، كان حقّاً على الإمام أن يفرَّق بينهما”، فلا يصير الأمر إلى طلاق الحاكم، إلّا مع عدم قيام الزوج بحقوق زوجته ورفضه الطلاق”.[استفتاءات].
وللحاكم الشَّرعيّ صلاحية إيقاع الطلاق في حالات معيَّنة يكون من حقّ الزوجة فيها طلب الطلاق، وإلزام الزوج به، وامتناع الزّوج عن طلاقها، وهي الحالات التّالية:
1- امتناع الزوج أو عجزه عن الإنفاق وعدم قيام وليّه بالإنفاق عليها، كذلك هجرانه لزوجته وعدم مجامعتها، فإن امتنع الزوج عن النّفقة أو المواقعة، وامتنع عن طلاقها، فللحاكم الشرعيّ أن يطلّقها.
2- سوء العشرة المتمادي رغم إنذار الحاكم له، ونصحه بالكفّ عنه، بحيث يصل إلى حدّ الأذى الجسدي أو الأذى النفسي البالغ.
3- غيبة الزوج عنها، وعدم قدرتها على الصّبر على حاجتها الجنسيّة، بحيث تخشى على نفسها الوقوع في الحرام.
4- المفقود زوجها ولا يعلم حاله، وبعد انقضاء أربع سنوات، ولم يتضح وضعه، وكانت غير قادرة على الصّبر والانتظار، فاللحاكم تطليقها، ويلحق به معلوم الحال الّذي لا يمكنه الحضور عند زوجته لغيبة قصريّة أو حبس.
5- ومن موارد طلاق الحاكم الشَّرعيّ أيضاً، أنه يحقّ له أن يقوم بهبة باقي المدة للزوجة المتمع بها في حال كانت متضرّرة من زواجها، ولم يقم زوجها بهبتها المدَّة نكاية بها. [الشّيخ مكارم الشّيرازي، استفتاء] 6- ومن الفقهاء من يقول إنَّه إذا بلغ الصبيّ وهو مجنون فاسد العقل، فاتَّصل جنونه بصغره، وكان الجنون مطبقاً، واقتضت المصلحة تطليق زوجته منه، صحّ لأبيه أو جدّه لأبيه أن يتولى طلاق زوجته، والأحوط لزوماً أن يشترك معهما الحاكم الشرعيّ في إجراء الطلاق عنه. وإذا لم يكن له أب ولا جدّ، واقتضت المصلحة تطليق الزّوجة، تولى الحاكم الشرعي ذلك، وكذلك الحكم إذا طرأ له الجنون المطبق بعد البلوغ، فيطلِّق عنه الأب أو الجدّ مع الحاكم في الصّورة المذكورة، ويطلِّق عنه الحاكم إذا لم يوجد له أب ولا جدّ. “الشّيخ محمد أمين زين الدين، كلمة التقوى، جزء 7”.
الحاكم الشَّرعي وأمثلة على ولايته (bayynat.org)
[[xviii]للمزيد حول هذا الموضوع : عنف الزوج: بين الدين والدنيا/ هانيا فقيه – مجلة محكمة (mahkama.net) نشر في 14أيار 2020. 
“محكمة” – الخميس في 2021/12/9

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!