أبرز الأخبارمقالات

إيداع قيمة الشيك بالليرة لا يسقط التبعات القانونية/يوسف الدرويش

المحامي المتدرّج يوسف الدرويش:
لم يعرّف القانون اللبناني معنى الشيك، إنّما عرّفه الاجتهاد اللبناني بأنّه “وسيلة دفع آنية لأموال نقدية تتمّ بتخلّي الساحب للمسحوب له عند تنظيم الشيك عن مؤونته واعتبارها ملكًا له، وقابلة للتجيير لأمر الغير، ولا يمكن أن تتضمّن هذه المعاملة أيّ شرط.
إلاّ أنّ القانون اللبناني وضع للشيك تنظيمًا دقيقًا إستمدّ أحكامه من قانون جنيف الموحَّد 1931/3/19 المتعلّق بإنشاء الشيك وشكله وتداوله وأحكامه العامة.
يقوم جرم الشيك بلا رصيد وفقًا لما حدّدته المادة 666 المعدّلة من قانون العقوبات اللبناني بمجرّد سحب المدعى عليه للشيك دون مؤونة سابقة ومعدّة للدفع أو بمؤونة غير كافية، أو بمجرّد أنّه استرجع كلّ المؤونة أو بعضها بعد سحب الشكّ أو أصدر منعاً عن الدفع للمسحوب عليه في غير الحالات المنصوص عليها في المادة 428 من قانون التجارة، أيّ فقط في حالة فقدان الشيك أو في حالة إفلاس حامله.
فما هي المؤونة غير الكافية والتي يمكن أن تشكّل سببًا لإقامة دعوى الشيك بلا رصيد؟
يقصد بالمؤونة غير الكافية أن لا يكون في حساب المدعى عليه المصرفي ما يغطّي فعلًا، القيمة المحدّدة في الشيك المسحوب بغضّ النظر عن عملة الإيفاء، وبغضّ النظر عن سبب سحب الشيك، كأن يكون قد سحب على سبيل الضمانة، وهي كافية بحدّ ذاتها لأن تولي المسحوب لأمره حقّ المداعاة الجزائية إمّا أمام قاضي التحقيق أو القاضي المنفرد الجزائي المختص مكانيًّا للنظر بالدعوى.
وقد كرّست المحاكم اللبنانية ذلك بأحكام قضائية، إذ صدر عن محكمة استئناف الجنح في جبل لبنان – رقم 31 تاريخ 1996/1/17 حكم قضى بالآتي:
“حيث إنّ فعل المدعى عليه بإقدامه على سحب شيك مع علمه أنّه دون رصيد وفقًا لما تمّ بيانه أعلاه يشكّل جرم المادة 666 عقوبات.
وحيث إنّه لا يغيّر من هذه النتيجة ما تذرّع به المدعى عليه المستأنف من أنّه أعطى الشيك على سبيل الضمانة، لأنّه سندًا لأحكام المادة 417 تجارة، الساحب ضامن لوفاء الشيك وكلّ بند يعفيه من هذه الضمانة يعتبر لاغيًا ولأنّ نصّ المادة جاء مطلقًا بحيث لا يجوز التفريق بين شيك ذي رصيد وشيك لا رصيد له وشيك أعطي على سبيل الضمانة على اعتبار أنّ الجرم تتوفّر عناصره بمجرّد سحب شيك دون مقابل.”
هل أنّ إيداع قيمة الشيك بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي من قبل المدعى عليه يسقط عنه التبعات المدنية والجزائية؟
يتوجّب على الساحب المدعى عليه أن يسدّد قيمة الشيك المدعى به بالإضافة إلى العطل والضرر، وهذا ما يحكم به عادة في نهاية كلّ دعوى شيك بلا رصيد، إلاّ أنّ أغلب الذين أقدموا على سحب شيك بلا مؤونة خلال أواخر العام 2019 والعام 2020، حدّدوا قيمة السحب بالدولار الأميركي وعند استدعائهم للتحقيق أودعوا قيمة الشيك المحدّدة بالدولار على أساس سعر صرف الرسمي المحدّد بالليرة اللبنانية، أي 1507.5.
وهذا ما دعا الكثير من الساحبين إلى الخوف، معتقدين بأنّ الدعوى تسقط حكمًا وعليهم أن يقبضوا القيمة بالليرة اللبنانية، ولكن ما تجدر الإشارة إليه هنا، هو أنّ دعوى الشيك بلا رصيد هي دعوى شخصية، وبالتالي لا تسقط عن الساحب المدعى عليه إلاّ بتراجعهم عنها وفقًا للأصول، ويبقى لهم الإصرار على المضي بالدعوى لحين صدور الحكم بإدانة الساحب وإلزامه بتسديد قيمة الشيك والعطل والضرر والغرامة وأتعاب المحاماة. مع الإشارة إلى أنّ عقوبة جرم الشيك بلا رصيد تتراوح بين الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مليون ليرة إلى أربعة ملايين ليرة، ويحكم عليه بدفع قيمة الشيك مضافاً إليه بدل العطل والضرر إذا اقتضى الأمر.
المراجع:
– قانون العقوبات اللبناني المادة 666.
– قانون التجارة البرية المادة 428
– المستشار المصنّف
– القاضي د. عاطف النقيب: محاضرات في قانون العقوبات، القسم الخاص، بيروت، 1995.
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/1/19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!