أبرز الأخبارميديا

الإبتزاز الإلكتروني والثأر الإباحي يغزوان البيوت.. و”الفايسبوك” يتدخّل بحلّ مؤقّت/حلا كبارة وعلي الموسوي

كتبت المحامية حلا كبارة وعلي الموسوي:
حين تصطدم التكنولوجيا مع الشعور بالعار والخزي والشرف والكرامة تحديداً، والخصوصية الجنسية أكثر تحديداً، في مجتمعات معولمة خارج حدود الروابط المتماسكة، تصبح هذه الخصوصية خارج الاستقلالية، و”خارج” الممارسات الخاصة، و”تحت” سلطة روابط التدوال وفقدان الإنسان للمعنى والمقصد.
وفي وقت كثر فيه الإبتزاز عبر الإنترنت لمجموعات أو أفراد، وتهديد البعض بعرض صور عارية لهم وإلاّ دفع مبلغ مادي، قام موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك” بخطوة جديدة في مجال الأمن الإلكتروني من شأنها منع عمليات الإبتزاز الجنسي التي يتعرّض لها العديد من مستخدمي هذا الموقع الأكثر شهرة في العالم.
فقد اتخذت إدارة الموقع إجراء جديداً يمنع هذا التهديد والإبتزاز.
وبحسب تقرير لصحيفةThe GARDIEN” “، فقد طلب موقع “فايسبوك” من المستخدمين إرسال صورهم العارية لغرض “نبيل” في محاولة للتصدّي لظاهرة الانتقام بالمحتوى الجنسي الذي يستخدمه البعض بنشر صور فاضحة للمستخدمين، وبذلك يمكن للضحيّة منع مثل هذا النوع من الانتهاك.

https://www.youtube.com/watch?v=m7Hse3bskJ4&app=desktop
الصورة بصمة رقمية
ويمكن للأشخاص الذين أرسلوا صوراً عارية أو جنسية لشركائهم، ويخشون من أنّ الشريك (أو الشريك السابق) قد ينشرها دون موافقتهم، إستخدام تطبيق “ماسنجر” لإرسال الصور لكي يتمّ “تشفيرها”، وهذا يعني أنّ الشركة تحوّل الصورة إلى بصمة رقمية فريدة من نوعها، والتي يمكن استخدامها لتحديد ومنع أيّ محاولات لإعادة تحميل نفس الصورة.
ويختبر “فايسبوك” هذه التكنولوجيا في أستراليا، بالشراكة مع وكالة حكومية ترأسها مفوضّة السلامة الإلكترونية، جوليا إنمان غرانت، وفق المصدر ذاته. ويتوجّب على الأشخاص، ملء نموذج عبر الإنترنت على موقع مفوّض السلامة الإلكترونية لتحديد مخاوفهم، ثمّ يطلب منهم إرسال الصور التي يشعرون بالقلق بشأنها لأنفسهم على “ماسنجر”، بينما يُعلم مكتب مفوّض السلامة الإلكترونية “فايسبوك” بذلك.
وبمجرّد أن يحصل “فايسبوك” على هذا الإشعار، سيقوم محلّل عمليات بالوصول إلى الصورة وتشفيرها، لمنع تحميلها أو مشاركتها.
وتقول الشركة إنّها لن تخزّن الصور، إنّما الرابط . كما سيكون الذكاء الاصطناعي التابع “لـلـفايسبوك”، الوحيد القادر على الوصول إليها، ولكن يتطلّب النظام قدراً هائلاً من ثقة المستخدمين.
وتقول مفوّض السلامة الإلكترونية الأسترالية إنّ “الأمر سيكون مشابهاً لإرسال صورتك إلى بريدك الإلكتروني، ولكن يبدو أنّ هذه الطريقة أكثر أماناً، حيث لا يتمّ تخزين الصورة، وإنّما تخزين الرابط واستخدام الذكاء الاصطناعي وغيره من تقنيات مطابقة الصورة”، وتضيف “إذا حاول شخص ما تحميل الصورة نفسها، والتي سيكون لها البصمة الرقمية نفسها، فسيتمّ وقف العملية ومنع تحميلها”.
وتؤكّد غرانت “أنّنا نشهد سيناريوهات عديدة من المحتمل ان يكون قد التقطت فيها صور أو مقاطع فيديو بالتراضي في مرحلة ما، ولكن لم يكن هناك أيّ نوع من الموافقة على إرسال الصور، أو مقاطع الفيديو على نطاق أوسع”.
“الفايسبوك” وتقنية مطابقة الصور
وقال رئيس قسم السلامة العالمية في “الفايسبوك” أنتيغون ديفيس، إنّ “سلامة ورفاه مجتمع “الفايسبوك” على رأس أولوياتنا، وكجزء من جهودنا المستمرّة لتحسين عملية اكتشاف وحذف المحتوى الذي ينتهك معايير مجتمعنا، نستخدم تقنية مطابقة الصور”.
فرنسا تواجه “الثأر الإباحي”
يتلخّص الثأر الإباحي أو الانتقام البورنوغرافي في أنّه بعدَ حصول الإنفصال أو الطلاق، ينشر أحد الطرفين صوراً حميمة أو فيديو جنسيّاً وأشياء أخرى خاصّة بشريكه كوسيلة للإنتقام منه.
وفي فرنسا، تجد الضحية نفسها وحيدةً في مواجهة وَضعها وحالتها المؤسفة، في غياب قوانين ونصوص تنظر في حالها. ولكن في الثالث من الشهر الحالي، حكمت المحكمة الجنائية في فرنسا على رجل يبلغ 35 عاماً من العمر، بالسجن سنة كاملة لنشره صوراً عارية لحبيبته السابقة على موقع “الفايسبوك” ومواقع تواصلية أخرى ومن دون حصوله مسبقاً على موافقتها.
وقد اتخذت فرنسا خطوة أولى في موضوع “الانتقام الإباحي”، حيث أضاف القُضاة مادّة على القانون الجنائي “تمنع الأشخاص من تسجيل صور إباحية وحميمة عن شخص آخر، ونشرها من دون الحصول على موافقته المسبقة، وإلّا أُدرِجَ هذا العمل ضمن الجرائم المعاقب عليها”.
أمّا بالنسبة الى القوانين، ففي خانة قانون العقوبات لا يوجد نصّ خاص يتعلّق بجرائم المعلوماتية، ولكن يندرج تحت خانة التشهير.
ويبقى مصير ضحايا هذا النوع من “العنف الرقمي” مجهولاً، لا بل مأسوياً. وفي أحيان كثيرة قد يصل الأمر بالبعض إلى الإنتحار!.
وإذا لم تكن النتائج دائماً بهذه الحدّة والفظاعة، إلّا أنّها غالباً ما تكون ثقيلة على المرء، وعلى محيطه ويصعب حلّها.
وتشيد مواقع التواصل والمواقع المخصّصة للقاءات العاطفية والتعارف، بأهمّية الصور البورنوغرافية وبمدى إقبال الناس على تصفّحها، وذلك لأنّها تساعدهم على إشباع غرائزهم الجنسية. إلّا أنّ هذه الصور التي تكون قد التُقطت بموافقة الطرفين على أن تبقى سرّية، ينشرها أحدهما بعد الانفصال والهجر، وهذا ما يثير بلبلة تُحال إلى المحاكم.
يذكر أنّ هذا النوع من الدعوات لا يزال غريباً على المحاكم عموماً، على الرغم من انتشاره بسرعة بفضل سهولة الانترنت وبساطته، وقوّة الشبكات الاجتماعية وانتقالها إلى أكبر عدد من المشتركين من حالات الإبتزاز الإلكتروني.
فخّ الجنس عبر “سكايب”
كلّ ما يودّ معرفته القائم بالإبتزاز عن الضحيّة موجود على “الفايسبوك” سواء أكان مدى ثراء الضحية، أو وضعه في المجتمع، أو حالته الإجتماعية، فصفحات الناس في الغالب تظهر وضعهم. ويتسم أسلوب عمل المبتزّ بفاعلية واضحة اكتسبها بحكم الخبرة والتكرار، ونقطة الضعف عند البشر معروفة وهي الجنس، وبالتالي هنا مكمن الحكاية.
يفتح الشخص عدّة خطوط دردشة قد تصل إلى عشرة حوارات في نفس الوقت، وبمجرّد ردّ الضحيّة على مكالمة “سكايب”، أو من خلال “الفايسبوك” نفسه، يشغّلون برنامجاً محدّداً يظهر للضحية وكأنّه يخاطب مباشرة فتاة على الخطّ الآخر. في الحقيقة تكون “الفتاة” تسجيلاً مسبقاً لحوار على “الويبكام” ومأخوذاً من أحد المواقع الإباحية.
وهم لذلك لا يخاطبون ضحاياهم بالصوت، بل بالدردشة الكتابية حتّى لا ينكشف أمرهم. وما يساعدهم على ذلك هو أنّهم يعرفون عن ظهر قلب جميع إيماءات وحركات الفتاة على الفيديو، ويقومون بتوجيه الدردشة حسب تسلسل مشاهد التسجيل، ثمّ يطلبون من الشخص أن يخلع ملابسه ويأتي بحركات مخلّة، وأشياء إباحية. ومن الضروري أن يكون مجرّداً من ملابسه تماماً. ويجب أن تكون الصور لجسده واضحة. وعليه أن يأتي بحركات محدّدة أثناءها يتمّ تسجيله مع التقاط وجهه. إذن يتمّ تسجيل ذلك ووجهه واضحاً حتّى يظهر الفيديو بمصداقية أكبر.
يستخدم المحتالون برنامج كمبيوتر يقوم بالتقاط فيديو الضحية ويتولّى تسجيله.
بعد تسجيل المقطع يتمّ وضعه على حساب على موقع “يوتيوب” ويبعث به في رسالة خاصة، بمعنى أنّ الضحيّة فقط هو الذي يمكن أن يطلع عليه. يبعث له الرابط ويطلب منه أن يشاهده، وحينها يبدأ التهديد.
وتتلخّص عملية النصب والإبتزاز في ثلاث مراحل: 20 دقيقة كلام ودردشة، 20 دقيقة لمقطع الفيديو الذي يسجّل، ثمّ يحفظ، والعشرين دقيقة الأخيرة تكون للتهديد.
إزدياد الإبتزاز الجنسي
وإذا توقّفنا عند إحصاءات مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية والملكية الفكرية في وحدة الشرطة القضائية التي برزت مطلع آذار 2017 في مؤتمر “ثقافة الحوار”، الذي عقد في الجامعة الأميركية، يتبيّن أنّ عمليات الابتزاز الجنسي تزداد سنوياً، ففي العام 2015 بلغت 205، لترتفع إلى 346 عملية عام 2016، واقتصرت على 63 عملية في مطلع العام 2017.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الاحصاءات تشمل فقط ما يتمّ الإبلاغ عنه والمحاضر التي تُسطّر بحقّ هؤلاء، بينما الواقع يُخفي عمليات كثيرة تبقى طيّ الكتمان والتعتيم بإرادة الضحيّة، أو تحت وطأة المبتزّ.
في النهاية، إنّ ما نبحث عنه هو المعنى، فأين هي المنافع في الممارسات في غياب الرقابة الداخلية أوّلاً؟ وفي ظلّ انزلاق معظم البشر أمام فخّ الفطرة والغريزة، أو أمام نزعة الانتقام أو الاحتيال أو النفعية من جهة أخرى،لا بدّ من محاولة وضع كادر حماية وقواعد لمنع مخاطر الإنهيار نحو الاسوأ ، أو الحدّ منها.

“محكمة” – السبت في 2017/12/02

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!