الانترنت بيئة “المجرمين الجدد”: إغتصاب الوعي وتحريض على الإرهاب
كتبت المحامية حلا كبّارة:
اليوم في عصر “الحداثة الإنسانية”، يتشارك العالم أجمع في تنظيم معتقداتنا، خالقاً نوعاً من الفهم المشترك، أوجده “الفضاء العمومي السيبيري” الذي بات يلعب دوراً محورياً عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي مقدّمتها الشبكة العنكبوتية، شبكة الانترنت، وذلك من خلال”التواصل” و”التفاعل”.
إنّه عصر لم يعد بالإمكان فيه الفصل بين “عالم الأفكار” وبين”عالم المؤسّسات والأفعال”(السياسة والمجتمع). لم يعد بالإمكان فيه، الفصل بين “العقل التواصلي والأخلاق” (اثيكا Ethica).
نحن اليوم أمام أخلاق كونية بلا التزام، سيلان لا محدود ودون معوّقات “للعلاقات المفتوحة” و”المعلومات الآنية”، مطلب الإنسان المعاصر.
هذا الانفتاح الهائل خلق عملاق”الإرهاب الجديد بصوره المتعدّدة والعديدة وخارج حدود الضبط”:”التحرّش الإلكتروني”.
إنترنت، مواقع التواصل الإجتماعي الإلكتروني، فايسبوك، تويتر، واتس آب، برامج اتصال عبر النتّ، نوافذ تحتوي إعلانات محرّضة على الجنس، أو الكراهية، أو الإرهاب، مواضيع “جنسية”،”مالية” ،”إقتصادية”، أو “سياسية” طائفية مذهبية.
ها نحن أمام “قراصنة جدد”. “المجرمون السيبيريون Cybercriminel ” أفراد تعتدي وتؤذي وتهتك “الخصوصية”، عبر نشر سلوكيات سلبية أو ارتكاب جرائم تؤثّر في مكوّنات المجتمع وثقافته(البراديم)، مثل نشر “الثقافة الجنسية”، ومواقع الإباحية والإستغلال الجنسي للأطفال والنساء من شبكات دعارة، أو اتجار بالبشر، أو من خلال نشر “الإرهاب الفكري والسياسي”، وغيرها من المواقع لإثارة الغرائز عبر صور صريحة أو مبطّنة تدخل في ” لا وعي الفرد” وسلوكياته. أو تعتدي “بالمال” من سرقة اعتمادات مصرفية أو بيانات مالية، أو عقود إلكترونية وهمية عبر الإحتيال، أو عبر الإعتداء على الملكية الفكرية.
لكنّ هذه الظاهرة لم تلحق فقط الأفراد، بل باتت تهدّد الدول بأمنها القومي وباقتصادها من خلال اختراق الأنظمة والمواقع الأمنية الحسّاسة مثل التجسّس الصناعي والإقتصادي أو التنصّت والتعرّض لسرّيّة الإتصالات أو التلاعب بالمعلومات وغيرها، أو خرق الأنظمة المالية والبنوك.
وأمام هذه المخاطر لا بدّ من طرح التساؤلات التالية:
• كيف يمكن تحقيق الأمن في الفضاء السيبيري في ظلّ “ترهّل القوانين اللبنانية” وقصورها وغياب سياسة موحّدة جامعة لإدارة الإنترنت؟.
• كيف يكون مضمون هذه الحماية؟ وما هو مدى المحافظة على “الحقوق وحرّيّات الأفراد” المصانة بالدستور؟.
• ماذا عن حقّ الدولة في التدخّل تحت عنوان “مصلحة المجتمع المشتركة”؟، وما هي “حدود” هذا التدخّل؟، وما هي”أصوله”؟، ومن هي “الجهة” المعنية بالتنظيم والحماية في الفضاء السيبيري؟.
• كيف يتمّ “الأمن السيبيري” لبناء ” الثقة” في مجتمع المعلومات؟.
إنّه تحدٍّ، تحدّي الأمن Cyber Space Sécurity Plan، في وجه عملاق” التلاعب بالعقول واغتصابها”، عملاق”تعليب الوعي”.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 15 – آذار 2017).