مقالات

لهذه الأسباب يجب أن يتعاون القضاء والمحاماة في محاربة الفساد/أديب زخور

المحامي أديب زخور:
إنّ المادة الأولى من قانون تنظيم مهنة المحاماة نصّت على أنّ: المحاماة مهنة ينظّمها هذا القانون وتهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق، كما نصّت المادة ٢ من ذات القانون : تساهم المحاماة في تنفيذ الخدمة العامة ولهذا تولي من يمارسها الحقوق والحصانات والضمانات التي ينص عليها القانون كما تلزمه بالموجبات التي يقرضها.
من هنا نستخلص بعض المبادىء على سبيل المثال لا الحصر، أنّ القانون ميّز مهنة المحاماة برسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق وأعطى من يمارسها جميع الضمانات لممارستها بحرّية ومسؤولية. وبالتالي يجب أن لا نتوقّف يومًا عن الدفاع عن الحقوق ضمن الأطر القانونية والمهنية والوطنية، فعندما يتوقّف المحامي عن الدفاع عن وطنه وعن المواطنين وعن حقوقهم الأساسية، وعن الموظّفين والأجراء والعمّال ولقمة عيشهم نفقد معنى وهدف رسالتنا. عندما نتوقّف عن الشعور معًا بالضيّقة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمسّنا وتلحق بكلّ مواطن وعائلة وبيت والتي خرجت عن الحدود ولا نسعى لمحاسبة المخالفين والمقصّرين وتصحيح المسار نفقد عندها جوهر رسالتنا وتتحوّل الرسالة إلى وظيفة.
عندما تتوقّف مهنة المحاماة مع القضاء عن الدفاع والمساهمة في كشف الهدر وسرقة مال العام والسعي لتصحيح الوضع، تصبح رسالتنا بدون هدف. عندما لا يتضامن المحامي مع القاضي والجسم القضائي لمواجهة الفساد والظلم والعذاب والقهر والجوع والمصائب لتمكين كلّ قاض ضمن اختصاصه مساءلة أيّ سياسي هدر المال العام، وأوصلنا إلى ما نحن عليه، تتحوّل الرسالة إلى وظيفة ونفقد جوهر رسالتنا. عندما يحاول البعض من أهل السياسة العمل على إطالة تعديل قانون استقلالية القضاء بشكل عادل ومتوازن لمنع التدخّلات والانتماءات السياسية والطائفية والمذهبية ولا نجاهد في الدفاع عن هذه القضيّة تتحوّل الرسالة إلى وظيفة.
هذا النضال لم يتوقّف منذ أجيال، ويقول العلاّمة موريس غارسون إنّ مهنة المحاماة تتضمّن نضالاً يومياً للدفاع عن الإنسان والحقوق لكشف الفاسدين ومن يسيء استعمال السلطة، ويشدّد على الحسّ الإنساني للمحامي الذي يستشعر بعمق كيانه مختلف الأحاسيس في وسط هذه المعركة وهذا ما يميّز مهنة المحاماة:

“La profession d’avocat comporte une lutte quotidienne: lutte pour défendre une personne ou un droit, lutte pour un principe lutte contre l’arbitraire, lutte pour démasquer l’imposture, lutte quelquefois pour attaquer un puissant qui abuse de son pouvoir, dans ces combats, l’avocat peut ressentir tous les mouvements passionnels de l’âme, l’enthousiasme, l’indignation la colère, le mépris

ولا يمكن أن تثمر أعمالنا إلّا بالتضامن والتباحث المستمرّ في ما بيننا، الجسم القضائي والمحاماة لوضع خطّة ورؤية مشتركة واضحة جدًّا لا تتوقّف عند الوضع الشخصي والمعيشي وهي مهمّة وأساسية، بل تتعداه للوصول إلى جوهر المشكلة الرئيسية التي يواجهها الوطن بأسره، والقضاء سلطة مراقبة ومحاسبة وملاحقة وحكم، ويطالبنا الشعب بتحمّل المسؤولية كلّ ضمن اختصاصه لمواجة الفساد والتقصير متضامنين وأحرارًا ضمن الامكانيات والقدرات والصلاحيات القانونية وهي كبيرة جدًّا لتطبيق العدالة، وفرض معادلة جديدة محورها الحقّ والعدالة دون أيّة مواربة أو محاباة للوجوه توصّلًا للخروج من المأزق الوطني والاقتصادي والمالي الذي نحن فيه ضمن الأطر القانونية مع تفعيل الأجهزة القضائية والرقابية والجزائية والمدنية لمحاسبة المسؤولين الذي أوصلوا الوطن إلى الإنهيار المالي الكبير، ولوقف الفساد وهدر المال العام ووقف مصادرة أموال المودعين وإرجاع الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج، ومن هنا نشجّع على تشكيل نواة مشتركة من القضاة والمحامين ولو تعدّدت، للتباحث وتبادل الآراء ووضع رؤية وخارطة طريق مشتركة ضمن الأطر القانونية والدستورية لانقاذ الوطن والمواطنين من الوضع المتردي الذي أوصلونا إليه.
“محكمة” – الجمعة في 2022/8/26

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!