مقالات

القاضي صفير يردّ على القاضي صاري بشأن تسمية قاعة محكمة التمييز باسم ضابط فرنسي

القاضي سميح صفير:
إلى زميلي العزيز القاضي نبيل صاري الذي نجلّ ونحترم،
إنّ الدور الفرنسي في إنشاء دولة لبنان وإرساء دولة القانون فيه كان رائداً؛
وتُشكر الدولة الفرنسية وعمالقة القانون فيها من أمثال Josserand و Chavane و Peuch وNiger و Roubier و Daclin و Populle و Aréne و Astre و Aveillé و Desangles و Firmin و Magnan و Timbal و Gouraud و Devol و Betty و Parroche و Leclerc و Collart وغيرهم، لما أتوا به ولما أرسوه من إجتهاد؛
فلا استعمار ولا شيء من هذا القبيل … بل قانون وعلم ورُقي وتحضّر ومنع الاستقواء والظلم والفلتان ومحافظة على الكيان والانسان والأخوة والبيئة، وإرساء لمنطق القانون والعدل والديمقراطية، وبناء المؤسّسات والعيش المشترك المسؤول؛
وليس بالأمر الخارج عن المألوف أن تستذكر دولة لبنان وتكرّم الجنرال Leonel Copin … فشوارع بيروت وبعض معالمها تحمل أسماء أجانب ومن جنسيات متعدّدة؛
فأُذكّركم يا زميلي العزيز، أنّ دور الجنرال المذكور والفرنسيين وإنشاء دولة لبنان كان بهدف إنقاذ شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين ماتوا وهجّروا بسبب المجاعة التي فرضتها قوى الظلم، حوالى ربع سكّان جبل لبنان ٧٥٠٠٠ جثة وأكثر قضت جوعاً وقهراً وإذلالاً، ويكفي للوقوف على هول المأساة قراءة “ومات أهلي” لجبران خليل جبران، والكشف على سجّلات الأموات في الكنائس والأديرة ودور العبادة ومراكز التوثيق، وحتى اليوم لم تتمّ المحاكمة والمحاسبة …، ونأمل من المحافل الدولية ترتيب المسؤوليات عن هذه الجريمة ضدّ الإنسانية؛
لذلك،
إطلاق التسمية على قاعة محكمة التمييز ليس بخطأ، فمن أهداف الجنرال Copin من وراء إنشاء محكمة التمييز، قبل إنشاء دولة لبنان، هو محاكمة مجرمين كبار تسبّبوا بالمأساة المذكورة؛
وعليه نأمل من الرئيس الأوّل سهيل عبود وأعضاء مجلس القضاء المحترمين والمسؤولين معه عدم تغيير التسمية، على الرغم من احترامنا لكبار قضاة لبنان في الماضي والحاضر؛
ولمزيد من الدقّة والتمحيص والوقوف على دور الجنرال Copin والفرنسيين وإنشاء محكمة التمييز اللبنانيّة وهدفها الأساسي والمحاكم في لبنان والقضاة فيها، وتكوين القانون اللبناني، الرجاء الاطلاع على كتابي “تاريخ محكمة التمييز اللبنانية” (منشورات صادر، ٨٧٠ صفحة) الذي بيع منه حتّى تاريخ اليوم ١٦٥٣ نسخة في لبنان والدول العربية ودول العالم، وطلبت الدولة الفرنسية من مجلس القضاء الأعلى، وبتمويل منها، العمل على ترجمته إلى الفرنسية،
وإليكم صورته ربطاً وصورة الجنرال Copin؛

إنّ لبنان لم يكن تحت الاستعمار الفرنسي بمعنى sous colonie / colonisation كما كانت بعض دول أفريقيا، وإنّما كان تحت الانتداب الفرنسي بمعنى sous mandat،
وبنود صكّ انتداب فرنسا على لبنان جميعها كان هدفها المساعدة لبناء دولة، وقضاء، وجيش، ومصارف، واقتصاد، وإنماء، وسن قوانين، وطرقات، ومدارس …، ولا يوجد في صكّ انتداب فرنسا على لبنان، الذي صدر برعاية عصبة الأُمم آنذاك (SDN(Société des nations ، بنود استثمارية واستغلال.
واعلم يا زميلي العزيز، أنّ الحقيقة لا تموت مهما أرادوا طمسها، والحقّ يعلو ولا يُعلى عليه. وفي الآتي من الأيّام سيتمّ، في حدثٍ عالمي، إعلان قداسة بعض الأخوة الذين ذُبحوا ظلماً في هذا الشرق وهم “الأخوة المسابكيين” ومن معهم كشهداء للإيمان والحقيقة في هذه الأرض.
“محكمة”- الأحد في 2023/1/8

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!