أبرز الأخبارعلم وخبر

“جنايات بيروت” بقاضياتها الثلاث الحسن وأيوب وملّاك تحكم بإعدام مرتكبَي جريمة أنصار بأعصاب باردة/علي الموسوي(النص الكامل للحكم)

المحامي المتدرّج علي الموسوي:
كما كان متوقّعًا والتزامًا بالنصوص القانونية وبوجوب تشديد العقوبة في جرائم القتل العمدي لفظاعتها وانطفاء الإنسانية في روح القاتل أو القاتلَيْن، ولما تثيره في المجتمع من شجون ومواقف وأحزان وغضب، أنزلت محكمة الجنايات في بيروت والمؤلّفة من القاضيات الثلاث زلفا الحسن رئيسة مكلّفة، ولما أيوب مستشارة وميراي ملاك مستشارة مكلّفة، عقوبة الإعدام بمُرْتَكِبَيْ جريمة أنصار في الجنوب حسين جميل فياض وحسن علي الغناش والتي أودت بحياة الأمّ باسمة عباس وبناتها الثلاث ريما وتالا ومنال زكريا صفاوي رميًا بالرصاص.
والحقّ يقال إنّ المحاكمة في هذه الجريمة “الخالصة” تأخّرت في عهد رئيس المحكمة السابق القاضي سامي صدقي وتخلّلتها إشكالات عديدة مع ذوي الضحايا، حيث بدا وكأنّ صدقي قرّر ضمنيًا سلوك طريق المماطلة لعدم وجود رغبة ضمنية لديه في إصدار الحكم المناسب، بينما لم تتوان القاضية التي حلّت مكانه بترؤس المحكمة بالتكليف زلفا الحسن بالتعاون مع القاضيتين لما أيوب وميراي ملاك، عن حسم الكثير من نقاط العرقلة المفتعلة من القاتلين وتسريع المحاكمة توصّلًا إلى إصدار الحكم بما يرضي الضمير والوجدان ويريح الأهالي والأرواح التي أزهقت إشباعًا لشهوة الدم.
ولم يترك المتهمان فياض والغناش وسيلة لتغيير أقوالهما متى سنحت الفرصة لهما، فحاولا بإيعاز ما، التخفّف من حمولة الاتهام بالقتل عبر اختراع أقوال بدا أنّها لم تسعفهما بعيد إطلاقها لتخفيف العقوبة عنهما، فتبرأ فياض من القتل وألصقها بالسوري الغناش منفردًا، فيما اعترف هذا الأخير بقتل الأربع دفعة واحدة بالقرب من المغارة التي كانت فخًّا جرى إيقاعهنّ فيه، لكنّه أضاف بأنّها حصلت عن طريق الخطأ وتحت تأثير المخدرات، فالمهم برأيه نيل تخفيض للعقوبة يجعله يطمئن إلى مخدته ويخفّف عن فياض حمولة جريمة القتل الثقيلة، ولكن هيهات أن يحدث هذا وهو الذي جهّز وأعدّ العدّة والحفرة وأيقن بأنّ القتل هو الحلّ الوحيد كما بات معلومًا لدى الرأي العام.
وتنبّهت هيئة المحكمة إلى محاولات فياض المتكرّرة تغيير روايته للجريمة بسرد روايات عديدة في كلّ مرّة، لكنّه بدا مخرجًا ضعيفًا تنقصه الخبرة والحيلة وكلّ ذلك بهدف إخراج نفسه من الجريمة وإلصاقها بشريكه الغناش الذي بدا أكثر استعدادًا لتقبّلها وتحمّلها منفردًا.
وأيقنت المحكمة واقتنعت بأنّ القاتلين يستحقان الإعدام لأنّهما خطّطا بدقّة لجريمتهما واقترفاها بأعصاب باردة وأخفيا الجثث الأربع وصبا الباطون عليها وأحرقا الأغراض العائدة للجميلات الأربع بالإضافة إلى إشعال النيران بأدوات الجريمة. والأهمّ من كلّ ذلك أنّهما كانا يتمتّعان بكامل قواهما العقلية وهو ما أكّده تقرير الطبيب النفسي المعيّن من المحكمة حيث أدليا بهذه الحيلة لإطالة أمد المحاكمة ليس إلّا. ويومها حصل هرج ومرج في قاعة المحكمة اعتراضًا على مطالبة المتهمين بتعيين طبيب نفسي يكشف على وضعهما ويحسم ما إذا كانا عاقلين أم مجنونين أم مريضين.
وافقت المحكمة على الكشف الطبّي والنفسي، على الرغم من إدراكها التام بأنّ هذا المطلب ليس سوى مطيّة لتأخير إصدار الحكم في جريمة واضحة بأدلتها المتوافرة بكثرة، وليس هناك من داع للبحث عنها.
وألزمت المحكمة القاتلين أن يدفعا مبلغ مليوني دولار أميركي للمدعين.
“محكمة” تنشر النصّ الكامل لحكم محكمة الجنايات في بيروت الواقع في 22 صفحة “فولسكاب” على الشكل التالي:
باسم الشعب اللبناني
إنَّ محكمة الجنايات في بيروت المؤلّفة من القاضي زلفا الحسن رئيسةً (مكلّفةً) ومن القاضييْن لما أيوب وميراي ملّاك (مكلَّفةً) مستشارتيْن،
لدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن ما يأتي:
إنّه بموجب قرار الإتّهام الصادر عن الهيئة الإتهامية في بيروت بالرقم 2022/431 تاريخ 2022/7/21 وادّعاء النيابة العامة الاستئنافية فيها تاريخ 2022/7/14، وبناء على قرار محكمة التمييز-الغرفة السادسة تاريخ 2022/5/11 ورقم 2022/38 القاضي بنقل الدعوى من دائرة قاضي التحقيق الاول في النبطية الى دائرة قاضي التحقيق الاول في بيروت، أُحيل أمام هذه المحكمة المتهمان:
-حسين جميل فياض، والدته زينب، لبناني من مواليد العام 1986، سجل 1/أنصار، أوقف بإشارة النيابة العامة بتاريخ 2022/3/24، ووجاهياً بتاريخ 2022/4/11، ولا يزال موقوفاً.
-حسن علي الغناش، والدته جليلة، من مواليد العام 2001، سوري، أوقف بإشارة النيابة العامة بتاريخ 2022/3/28، ووجاهياً بتاريخ 2022/4/11، ولا يزال موقوفاً.
ليحاكما أمامها منسوباً اليه إقدامهما على ارتكاب جريمة القتل عمداً، جناية المادة 549 من قانون العقوبات، وجنحتي المادتين 72 و73 أسلحة.
وتبين أنه بتاريخ 2022/8/3 تمّ استجواب المتّهمَيْن تمهيدياً، فأفاد حسين فياض بأنه لم يطلق النار وبأن فكرة الفتل كانت فكرة الغناش، وأفاد هذا الاخير بأنه لم يطلق النار وأنه قام بدفع المغدورات الى الحفرة، وبالتحضير للجريمة.
وبنتيجة المحاكمة العلنية الوجاهية الجارية بحضور ممثل النيابة العامة الإستئنافية، تبيّن ما يلي:
أنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2023/10/19 مثُل المتّهمان حسين فياض وحسن الغناش مخفورين دون قيد، وحضر عن الاول وكيله الأستاذ محمد شمص بموجب تكليف من نقابة المحامين وعن الثاني وكيله الاستاذ إدي رزق، كما حضرت الجهة المدعية علي عباس ونشمية غازي وعنهما الاستاذة ماريان نخلة، وبسام عباس وزكريا صفاوي وعنهما الاستاذ ماهر جابر، ثم شُرع بالمحاكمة علناً وتمّت تلاوة مضبطة الإتهام وسائر الأوراق، وأوضحت ممثّلة النيابة العامة أسباب الإدعاء العام وقدمت لائحة شهود الحق العام، واستجوبت المحكمة المتّهمَيْن، فأفاد حسين فياض بأنه لم يرتكب جريمة القتل ولم يحضَر لها وبأن الغناش هو من قتل المغدورات بالقرب من المغارة وهو كان بعيداً عنهم، كما أفاد هذا الاخير بالاقوال نفسها معترفاً بالقتل عن طريق الخطأ ودون قصد وتحت تأثير المخدرات، وقررت المحكمة الاكتفاء بالتحقيق والمرافعة وصرف النظر عن دعوة شهود الحق العام، وترافعت وكيلة الجهة المدعية مدلية بأن المتهمين ارتكبا جريمة القتل العمدي وطلبت الحكم بتعويض تقدره المحكمة، ثم ترافعت ممثلة النيابة العامة وطلبت تطبيق مواد الإتهام والإدعاء في حقّ المتّهمين وإنزال أشد العقوبات بالمتهمين نظراً للجريمة المرتكبة، وطلب وكيلا المتهمين منحهما أوسع الاسباب التخفيفية، وطلب المتّهمان الشفقة والرحمة، وختمت المحاكمة أصولاً وأُرجئت الجلسة لإصدار الحكم.
بناءً عليه
أوّلاً- في الوقائع:
تبيَّن أنه بتاريخ 2022/3/7 تقدم المدعي زكريا صفاوي بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المتهم حسين جميل فياض، لدى النيابة العامة الاستئنافية في النبطية، موضوعها إخفاء عائلته المؤلفة من طليقته باسمة عباس وبناته الثلاث ريما المولودة في العام 2000 وتالا المولودة في العام 2002 ومنال المولودة في العام 2006، مدلياً في محضر التحقيق الذي جرى لدى مفرزة النبطية القضائية برقم 2022/399 وبتاريخ 2022/3/7 ، بأنه حصل طلاق بينه وبين باسمة عباس منذ حوالي سنتين، وبنتيجته انتقلت طليقته وبناته الثلاث للاقامة في شقة في بلدته أنصار، كائنة في الطابق الثاني من بناية عبد الحميد عاصي، وأنهن كنّ لا يزلْنَ تحت رعايته ويقوم بالانفاق عليهن، وأنهن كنّ يحضرن أحياناً مع والدتهن الى منزله لتناول الغداء وأنه لم تكن توجد أي مشاكل بينه وبينهن، وأن المتهم حسين فياض حضر الى منزلهن منذ حوالي الخمسة أشهر بهدف التقرب والزواج من ابنته تالا بمعرفته وأنه مقيم مع عائلته في بلدة أنصار أيضاً، ويملك سيارة رانج روفر سوداء اللون وسيارة من نوع رابيد، وأضاف أنه بتاريخ 2022/3/2 كان من المقرّر أن يصطحب المتهم فياض العائلة بكاملها لتناول العشاء في الخارج، وأنه وبتاريخ 2022/3/3 عصراً علم أن العائلة لم تعد الى المنزل منذ اليوم السابق أي في 2022/3/2، وأنه حاول الاتصال على هواتفهن جميعاً إلا أنها كانت مقفلة، وأن آخر ظهور على الواتساب لهنّ كان الساعة 7:40 من مساء يوم 2022/3/2، وأنه علم من أولاد خالة بناته أن هناك مشاكل بين ابنته تالا والمتهم فياض، وأن عديله محمد حسين لحاف الذي يقطن في الحي نفسه حيث منزل العائلة، اتصل بهذا الاخير بتاريخ 2022/3/3 لسؤاله عن العائلة فأنكر أن يكون قد حضر الى منزلهن أو أنه رآهن منذ يومين، وأضاف أن جيران العائلة اسماعيل محمد رعد وزوجته وحورية منصور صاحبة دكان في الحي وأم ابراهيم فياض أفادوه أنهم شاهدوا عائلته تصعد في سيارة الرانج روفر العائدة للمتهم فياض، كما أن اسماعيل محمد رعد أكد له أن السيارة المذكورة كانت مركونة في باحة البناء حيث تسكن العائلة وبقيت هناك لمدة ساعتين تقريباً، وأنه تواصل مع أهل طليقته فأفادوه بأنهم لم يرَوا العائلة خلال هذا الاسبوع، وأن ابنته منال أعلمته أن المتهم فياض قد دعاهنّ الاربع لتناول العشاء.
وبالاستماع الى المتهم فياض بتاريخ 2022/3/7 تبعاً لاستدعائه، أفاد أنه على معرفة بِتالا صفاوي وعلى علاقة حبّ معها منذ حوالي خمسة أشهر بعلم أهلها، وأنه يلتقيها في منزلها بحضور والدتها وشقيقتيها، ويخرج معها أحياناً لتناول الطعام في مطعم في بلدة أنصار، ويتواصل معها يومياً هاتفياً، وأنه شاهدها للمرة الاخيرة صباح يوم الثلاثاء في 1/3/2022 لمدة خمس دقائق أمام منزلها، وأنه تكلم معها للمرة الاخير على هاتفها بتاريخ 2/3/2022 الساعة الثالثة عصراً تقريباً وكانت في منزل والدها بناء لما أفادته به، وأنه أرسل لها رسالة على تطبيق الواتساب بتاريخ 3/3/2022 صباحاً لكن تبين أنه ليس لديها إنترنت، وأنه حاول كذلك الاتصال بها فكان هاتفها مقفلاً، وأنه وفي اليوم نفسه اتصل به المدعو عبد الله لحاف وهو على علاقة حبّ بمنال صفاوي شقيقة تالا وأخبره أن هاتفها مقفل، فتوجّها معاً الى منزل العائلة ووجداه خالياً، كما أن عبد الله لحاف دخل من منزل الجارة أم ابراهيم الى منزل العائلة عبر البرندا ووجده خالياً. وأنكر أن يكون قد اتفق مع تالا على الخروج للعشاء مع عائلتها وأنه لم يخرج من منزله على الاطلاق بتاريخ 2/3/2022 لانه كان يحضّر لقدوم شقيقه علي من السفر، وأن سيارته الجيب رانج روفر لم تكن متوقفة أمام منزل العائلة اليت لم تصعد معه أبداً في هذه السيارة، وأن أقوال المدعي زكريا صفاوي عارية عن الصحة.
وأنه تمّ الاتصال بالمدعوة أم ابراهيم من قبل القائمين بالتحقيق، التي تبين أن اسمها هو خديجة محسن بلحص، فأفادت بأنها رأت من داخل منزلها عائلة زكريا صفاوي تصعد في رانج لونه أسود حوالي الساعة الثامنة إلا ربع مساء يوم الاربعاء في 2/3/2022، إلا أنها لم تشاهد سائق السيارة.
وبسؤال المدعو عبد الله لحّاف عبر الهاتف ثم بعد حضوره الى مركز التحقيق، أفاد بأنه على علاقة حبّ مع منال صفاوي وأنه ذهب يوم الخميس الى منزلها مع حسين فياض، وصعد عبر البرندا ولم يجد أحداً في المنزل، وأنه وردته رسائل باللغة العربية عبر الواتساب بتاريخ 4/3/2022 من رقم يجهله وهو 81601851، وتتضمن أنها منال وتتكلم معه من بيروت وهي مع والدتها وهي مخطوفة وأن والدتها تريد الزواج في بيروت وأخذت هاتفها وهاتفي شقيقتيها، وأضاف أن منال لم تكن عادة تكتب باللغة العربية بل بلغة الانترنت وأنه اتصل بعد ذلك بالرقم المذكور إلا أنه كان خارج الخدمة، وأنه رآها للمرة الاخيرة يوم الثلاثاء في 1/3/2022 الساعة السابعة مساء تقريباً بالقرب من منزلها، وأنه تحدّث معها على الهاتف بتاريخ 2/3/2022 حوالي الساعة السادسة مساء، وأعلمته أنه أمضت النهار في منزل والدها وأنها سوف تخرج مع والدتها وشقيقتيها لتناول العشاء بناء لدعوة حسين فياض لهنّ، وأنه تواصل معها للمرة الاخيرة الساعة 7:43، وأنه أرسل لها رسالة الساعة 8:39 وتم استلامها الساعة 11:35، وأنه أرسل لها رسالة أخيرة الساعة 12:33 لكنها لم تستلم هذه الرسالة.
وبالتحقيق مع المدعو ابراهيم الحمود، أفاد بأنه على معرفة بباسمة عباس طليقة زكريا صفاوي، وأنه يتواصل معها منذ فترة وأنه على علاقة حب معها وكان يحضر الى منزلها في بلدة أنصار بعلم بناتها وشقيقتها، وأنه تواصل معها للمرة الاخيرة بتاريخ 2/3/2022 الساعة 7:34 وبعد ذلك انقطع التواصل معها، وأنها لم تعلمه بأن حسين فياض قد دعاها الى العشاء مع عائلتها.
وتبعاً لمراجعة الفرع الفني لدى شعبة المعلومات، تبين أن الرقم 025640/70 العائد لباسمة عباس قد أُقفل في محلة جدرا بتاريخ 2022/3/3 وبقي كذلك حتى تاريخ 2022/3/8، حيث تم فتحه الساعة 8:12 ليلاً واتصل به الرقم 81/600377 لمدة خمس ثوانٍ، وبالنسبة للرقمين العائدين لكل من منال وتالا صفاوي 76/023235 و 76/785489 فقد اُقفلا بتاريخ 2022/3/2. أما الرقم العائد للمتهم حسين فياض فلقد قصد صيدا بتاريخ 2022/3/3 الساعة الواحدة فجراً وبقي فيها حتى الساعة 3:14 فجراً، ثم عاد الى بلدة أنصار وكان رقمه متلازماً مع رقم باسمة عباس وكذلك مع الرقمين 81/804891 و 76/972442.
وعلى أثره استدعي مجدداً المتهم حسين فياض للتحقيق معه، فأفاد بأنه يؤكد على أقواله السابقة وعلى أنه لم يغادر منزله في أنصار بين يوم 2022/3/2 وفجر 2022/3/3، وأنه لا يعرف الرقم 81/804891 أما الرقم 76/972442 فهو يعود لابن عمه حسن فياض الموجود في فرنسا.
وأن هذا الاخير أوقف بتاريخ 2022/3/24 من قبل دورية تابعة لفرع مخابرات الجنوب، وبالتحقيق معه بتاريخ 25/3/2022 أفاد بأنه تعرّف على تالا زكريا صفاوي منذ حوالي ستة أشهر وأنه نشأت بينهما علاقة عاطفية تطورت الى علاقة جنسية في منزل والدتها منذ حوالي الشهرين، وبعدها بشهر حصل خلاف بينهما كونها أقامت علاقة جنسية مع المدعو علي الشاعر وقد شاهده مرة في منزلها، وأنه تعرّف على السوري حسن الغناش في العام 2021 الذي كان يعمل في مقهى القبو في أنصار وأصبحا صديقين وأضحى يعرف تفاصيل علاقته بتالا صفاوي، وأنه بتاريخ 27/2/2022 كان موجوداً في منزل هذا الاخير في بلدة السكسكية، وكان يعلم بسوء علاقته مع تالا، فقال له أن لديه خيارين وهما إما العيش مذلولاً طوال حياته بسبب خيانتها له مع علي الشاعر، وإما التخلص منها وقتلها مع أفراد عائلتها جميعهن بسبب معرفتهن بالمشاكل الموجودة بينهما، وأنه استهمل الغناش للتفكير بهذا الطرح.
وأضاف بأنه وبتاريخ ۲۰۲۲/۳/۱ توجّه إلى منزل الغناش في السكسكية بسيارته الرائج روفر وأبلغه بقراره بقتل العائلة بكاملها، ووافق الأخير على مشاركته ومساعدته في الأمر دون طلب أيّ مبلغٍ ماليٍ، وأنّه غادر منزل الغناش حوالي الساعة الرابعة عصرًا، ثمّ عاد عنـد الساعة الثامنة مساءً بسيارته واصطحب الغناش معه الذي جلبَ بندقية نوع بـومب أكشن مع خرطوش عائد لها، وتوجّها إلى بلدة أنصار حيث أوصل الغناش الى مغارةٍ تقع داخل بستان عائدٍ لعمّه يوسف فياض يقع في وادي عين التين بين بلدتي أنصار والزرارية، واتفقّا على وضع جثث الفتيات الثلاث ووالدتهن المنوي قتلهن بداخلها، وأن الغناش بعد مغادرته باستحداث حفرةٍ داخل المغارة ووضع فيها الأدوات كافة التي سوف تستخدم في الجريمة، وأضاف أنه عاد إلى البستان في منتصف الليل وأعاد الغنـاش إلى منزله في السكسكية بعد أن ترك الأخير البندقية في المغارة، ثم عاد إلى منزله في بلدة أنصار.
وأضاف أنّه حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم 2022/3/2 تواصل مع تالا عبر الواتساب وأخبرها برغبته باصطحابها مع والدتها وشقيقتيها إلى مطعمٍ في صور، فوافقت على الأمر، وتوجّه بعدها إلـى منـزل الغناش بسيارته الرانج روفر وأوصله إلى المغارة، ثمّ ذهب بمفرده إلى منزله للإستحمام، وحوالي الساعة 7:45 مساءً توجّه إلى منزل تالا واصطحبهن جميعهن وسلك طريق وادي عين التين، وبوصوله أمام بستان عمّه، ركَنَ سيارته جانبًا وأقنع الأخيرات بالنزول معه لمشاهدة المغارة الأثرية على أن يقوم هو بإعطاء المال لعاملٍ سوريٍ في البستان(أي الغناش)، وأنّهن نزلن برفقته إلـى البستان وطلب من الغناش إصطحابهن إلى المغارة على أن يلحق بهنّ بعد إحضاره بعض الأغراض، وأنه بعد حوالي ثلاث دقائق، سمع صراخ الفتيات ثم صوت حوالي سبع طلقات ناريّة، ومن بعدها حضر الغناش وطلب منه البقاء في مكانه للمراقبة وعدم الذهاب إلى المغارة لأنه عمد إلى قتلهن ورميهن في الحفرة التي أحدثها داخـل المغارة، وأنـه بعـد حـوالي ساعتين، نـزل الغنـاش من المـغـارة وبحوزته بندقية البومب أكشن والهواتف العائدة للمغدورات وحقائبهن الخاصّة، وقام بتبديل ملابسه وأخبره أنه وضع مادة الإسمنت على الجثث التي دفنها وردمها بالصخور والتراب، وغادرا المكان بسيارته وتوجّها إلى منزل الغناش في السكسكية، حيث وضعَ الأخير البندقية داخله، ثمّ أوصل الغناش إلى ساحة النجمة في صيدا بناء لطلبه كونه أخبره أنه يريد الذهاب بعدها إلى بيروت، وأخذَ الغناش معه الأغراض الخاصّة بالمغدورات، بينمـا عـاد هو إلى منزله حوالي الساعة الواحدة ليلاً. كما أفاد أنّـه بتـاريخ 5/3/2022 تلّقى إتصـالاً مـن الغناش طلب منه فيه تأمين مبلغ مليوني ليرة لبنانية، فسلّمه إيّاه في منزله في السكسكية، وأنه إثر استدعائه من قِبل تحرّي النبطية وتركِه، تواصل مع الغناش الذي أخبره أنـه سيغادر إلى سوريا بتـاريخ ۲۰۲۲/۳/۱۸ عن طريق التهريب وبمساعدة مهرّب يدعى “أبو أحمد” وأرسل له رقم هاتف الأخير وهو ٠0٩٦٣٩٣٤٤٢٦٢٨٢، وطلب منه التواصل معه، وأنه بتاريخ ۲۰۲۲/۳/۲۰ أخبره الغناش أنه وصل إلى سوريا ويقيم في حلب، وأضاف أنّه بتاريخ ۲۰۲۲/۳/۲۱ تواصل مع المهرّب “أبو أحمد” الذي أمّن له تهريبه إلى سوريا عن طريق الهرمل بعدما اتصّل بسائق أجرة يدعى أحمد قطيش أوصله إلى محلّة السفارة الكويتية، وأنه بتاريخ ۲۰۲۲/۳/۲۲ إتصّل بشقيقه علـي فياض وأخبره بأنه تعرّض للسرقة في سوريا ولا يحوز أوراقًا ثبوتيةً، فتواصل شقيقه علي مع المدعو شهير وهبي الذي قام بدوره بإحضاره إلى لبنان، وأثناء تواجده في منزله في أنصار، حضرت دورية تابعة لمخابرات الجيش اللبناني فهمّ بالفرار واختبَأ في أحد البساتين، وتمّ توقيفه بتاريخ 24/3/2022، وأضاف أنّه كان أرسل مبلغ خمسماية دولار أميركي للغناش.
وتبين أنّه ووفقاً لاقوال حسين فياض توجهت دورية من فرع مخابرات الجنوب بتاريخ 24/3/2022 إلى المغارة الواقعة داخل بستان يوسف فياض، وبالكشف عليها، شوهد طرف جثة وثياب وبقّع دم مع روائح قويّة، وبعد وضع نقطة حراسة على المغارة، حضرت صباح اليوم التالي دورية من مكتب الأدلّة الجنائية التابعة لشرطة منطقة الجنوب برفقة الطبيب الشرعي علي حسن ديب كما ودورية من الأدلة الجنائية التابعة للشرطة العسكرية وأجروا كشفًا على مسرح الجريمة، وصار إخراج الجثث الأربعة من المغارة ونقلها إلى مستشفى النبطية الحكومي.
وإنه بوشر بالتحقيق لدى شعبة المعلومات بموجب المحضر رقم 390/302 تاريخ 2022/3/26، حيث أكّد فياض على الأقوال التي أدلى بها لدى مخابرات الجيش اللبناني وذلك لحين وصوله مع المغدورات الى البستان، وخلافًا لتلك الاقوال، عاد وأفاد أنه لدى وصوله برفقة المغدورات إلى الدرج المؤدّي للمغارة، قام حسن الغناش بدفع تالا ووالدتها إلى داخلها، بينما قام هو بدفع ريما ومنال، حيث وقعن عند باب المغارة، فأحضر الغناش بندقية البومب أكشن وأطلق سبع عيارات نارية باتجاههن، ثم صعد الغناش ووضع البندقية جانبًا، وسحب الجثث الأربعة إلى داخل المغارة ووضعها داخل الحفرة التي كان أعدّها في اليوم السابق وغطّاها بالردم والحجارة، وصبّ الباطون فوقها، وأنّ الغناش خرج من المغارة بعد حوالي ساعتين ونصف حيث كان بانتظاره، ورشّ المياه على باب المغارة لإخفاء الدماء، ووضَعَ الملابس المتّسخة والطلقات الفارغة داخل كيس، وقام برميه داخل مستوعب للنفايات في محلّة اوتوستراد الزهراني قرب محطة توتال أثناء توجههما إلى مدينة صيدا، وهناك قام الغناش بتحطيم هواتف المغدورات التي كان أحضرها معه ورماها في البحر مع حقائبهن، وأن الغناش بقي في صيدا، ورجع هو إلى منزله بسيارة الجيب التي بقيت البندقية بداخلها، والتي عاد ووضعها داخل خزانة في منزله، وأوضح أنّ التخطيط لعملية القتل حصل بالإشتراك بينه وبين حسن الغناش، وأنه أبلغ الأخير بأن المكان المناسب لارتكاب الجريمة هو بستان عمّه، كما أبلغه بأنه لا يمكنه إطلاق النار وقتل باسمة وبناتها، فأعلمه الغناش بأنّه هو من سيتولى أمر إطلاق النار، وأضاف أنه هو من أحضر البندقية والطلقات الناريّة السبع من منزله وسلّمها للغناش.
وتبين أنه بنتيجة تفتيش منزل حسين فيـاض على مرحلتين، تمّ ضبط بندقيـة صـيـد بومب أكشن عيار 12 كبير لون أسود، وبندقية صيد روسية عيار 12 كبير، وبندقية صيد عيار 6 ملم، وبندقية صيد عيار 12 رفيع، ومصـباح كهربـائـي، و/12/ خرطوشة صيد عيار 12 ملم كبير، و/23/ طلقة كلاشينكوف، وجنـاد قماشـي بداخلـه خرطوش صید عدد /۷/ عيار 12 ملم كبير، و/۷/ شرائح هاتفية خليوية، و/9/ بطاقات تشريج، ومسدس خلبي، وجاكيت سوداء اللون، وقلادات وأساور وخواتم وسلاسل وليرات ذهبية وأونصة لون ذهبي، وقرن عاج عدد/3/، ومبالغ مالية، وهواتف خلوية، وثلاثة أقنعة من القماش والبلاستيك، وثلاثة قفازات قماشية، وبعض الأغراض الأخرى، كما ضُبطت سيارته الرانج روفر لون اسود، بينما لم يُعثر في منزل حسن الغناش على أي ممنوع ، كما سلّم علي فياض شقيق المدعى عليه حسين القائمين بالتحقيق بندقية كلاشينكوف تحمل الرقم /8518/ مع ممشط سعة /30/ طلقة، وكيس نايلون أسود بداخله /22/ طلقة من عيارين مختلفين ومقذوف وطلقين خلبيّين.
وتبين أن الاجهزة الامنية كشفت على المغارة التي أنها تقع في وادٍ بين بلدتي أنصار والزرارية، وأنّ لها فتحة للجهة الشمالية بمّمر ضيّق بمساحة حوالي ربع متر من الصخر، والمدخل يمتد نزولاً حوالي عشرة أمتار عن مستوى الأرض تحت البستان، ومساحتها من الداخل حوالي /35/ متر، شبه دائرية الشكل، في وسطها عامود صخري مضلّع، ويوجد حفرة شبه دائرية قطرها 280 سنتم، وعمق 60 سنتم، وأنه عُثر جانب الطريق الترابية الملاصقة للمغارة بين الأحجار والأتربة على ثمانية مظاريف عائدة لسلاح كلاشنكوف، و”قنينة سبراي”، وبنتيجة الكشف الفنّي والمجهري على بندقية الكلاشينكوف المضبوطة التي تحمل الرقم /5815/ من قبل مكتب المختبرات الجنائية موضوع البرقية رقم 2536 تاريخ 6/4/2022، تبين أنها صالحة للإستعمال ولا تشكو من أيّ خلّل، وأنّ المظاريف الثمانية الفارغة المضبوطة تمّ إطلاقها منها.
وتبين أن الطبيب الشرعي علي ديب وفي تقريره المؤرّخ في 2022/3/26، أورد أنه بنتيجة الكشف على مغارة تفوح منها رائحة العفن، وبعد الحفر بالمعاول لإزالة التربة الموحلة وتكسير صخور بأدوات كهربائية، عُثر على أربع جثث تبين أنها في مرحلة التحلّل مع رائحة العفن ودود يرقات، وكسور في الجماجم إما بسبب الطلقات النارية أو وضع حجارة بأوزان ثقيلة على الرؤوس، وأن الصور الشعاعية أظهرت وجود حبيبات معدنية في الرأس والرقبة والصدر، ووجود فجوات دائرية الشكل على الرقبة ووسط الصدر، وان الإصابات من الجهة الأمامية وفي منطقة الصدر وما فوق، وقد تعذّر أخذ عيّنات دم بسبب التعفّن، كما تعذّر إجراء فحص نسائي بسبب التحلّل والتفسّخ والتعفّن والأتربة الملتصقة بالأعضاء والثياب الباقية، وخلص الطبيب الشرعي إلى أن العوارض الطبيّة المذكورة تدل على أن الوفاة حصلت منذ حوالي ثلاثة أسابيع تقريباً.
وتبين أنّه تمّ استدراج المدعى عليه حسن الغناش من سوريا إلى لبنان من قبل القائمين بالتحقيق لدى شعبة المعلومات، بالتنسيق مع علي فياض شقيق المدعى عليه حسين، ومع المدعوة زينب عامر التي تربطها به علاقة عاطفية، بحيث جرى التواصل معه عبر هاتف زينب بإشراف إحـدى الرتيبات المتخصّصات في عمليات التفاوض والتي عرّفت عن نفسها للغناش بأنها الضابط المسؤول وبإمكانها مساعدته في تأمين براءته، بحيث اقتنع بالتوجّه إلى بيروت مساء يوم الأحـد الواقع فـي 2022/3/27 للقاء الرتيب المفاوض وزينب، وفي الساعة 5:15 من عصر اليوم المذكور، إتصّل الغناش بعلـي فيـاض وطلب منه تأمين سيارة أجرة لنقله الى بيروت، فتمّ ذلك، إلاّ أنّ مجموعة من المهرّبين أوقفت الغناش داخل الاراضي اللبنانية وسلّمته إلى الجيش اللبناني.
وأن الغناش أفاد بالتحقيق معه لدى مديرية المخابرات بموجب المحضر رقم 1551/ م م/د/س تاريخ 2022/3/27، ثمّ لدى شعبة المعلومات، أنه يستخدم الهاتف رقم ٤٠٩١٠٠/81، وأنّه تعرّف بالمدعى عليه حسين فياض أثناء عمله في أحد المقاهي في الجنوب وتوّطدت علاقته بـه، وأقدم بالاشتراك معه على التنقيب عن الآثار في محلة أنصـار حيث تمّ توقيفهما من قبل الاجهزة الأمنية خلال العام ٢٠٢٠، وأنه يتشارك مع حسين فياض الأسرار، وكـان يُطلعه على مشاكله مـع تـالا صفاوي خاصّة بعد فضّه بكارتها وإلحاحها عليه الزواج منها، وأنّه بتاريخ ۲۰۲۲/۲/۲۷ حضر حسين إلى منزله في السكسكية وأعلمه برغبته بالتخلّص من تالا نهائياً أي قتلها، فردّ عليه بأنّه إن حاول قتلها سيُفضح أمره كون والدتها وشقيقتيها على علمٍ بالمشاكل بينهما، واقترح عليه التخّلص من الوالدة والشقيقتين أيضًـا، فاسـتمهله حسين لبعـض الوقـت للتفكيـر، وبتاريخ ۲۰۲۲/۳/۱ حضر الأخير إلى منزله وأبلغه قراره بتنفيذ جريمة القتل بحق تالا ووالدتها وشقيقتيها، وأنّهما وضعا معًا الخطّة التي تضّمنت قيـام حسين بإيهام تالا وعائلتها بنيّته أخذهن إلى أحد المطاعم في صور، وفي الطريق، يمّر ببستان عمّه في محلة وادي أنصار بحجّة إعطاء المال لعاملٍ سوريّ، كما يعلمهن بوجود مغارةٍ داخل البستان تحوي آثارا وذهبًا لإغرائهن، ثم يعملان سوية على رميّهن داخل المغارة وإطلاق النار عليهن، وجرى الإتفاق على تحديد تاریخ 2022/3/2 موعدًا لتنفيذ الجريمة، واتفقّا على اللقاء مجددًا مساء يوم ۲۰۲۲/۳/۱ للتوجّه إلى المغارة بغية التحضير لعملية القتل، ثم غادر حسين وعاد حوالي الساعة الثامنة من مساء يوم ۲۰۲۲/۳/۱ على متن سيارة الرابيد واصطحبه إلى منزله في بلدة أنصار حيث ركن السيارة خلف المنزل وأحضر منه معولاً ورفشًا، وأنهما قاما بتحميل كيسين من الاسمنت وكيسٍ من الرمل والبحص من منزل شقيق فياض قيد الانجاز، وتوجّها على متن الرابيد إلى بستان عمّه المدعو أبو كرم ونقلا الاغراض التي أحضراها إلى باب المغارة، وقاما بتجهيز حفرة داخلها مساحتها متر ونصف مربع بعمق نصف متر تقريبًا، وبعد الانتهاء من الحفر، أحضر كيس الاسمنت وكيس الرمل والبحص إلى داخل المغارة ثمّ جلَبَ سطلي من مياه ووضعهما قرب الرفش والمعوّل، وكان بحوزته مصباح كهربائي استخدمه للإضاءة، وغادرا المحلّة قاصديْن منزله في السكسكية حيث تناولا النرجيلة وكانت الساعة 12:30 ليلاً.
وتابع إفادته مضيفاً أنّه صباح يوم 2/3/2022 وحوالي الساعة الحادية عشرة، إتصّل به حسين وأعلمه أن الخطّة تسير على ما يرام وأن “الجماعة” سيأتون معه، وحوالي الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر اصطحبه حسين إلى منزله في بلدة أنصار وأحضر من داخله بندقية نوع كلاشنكوف وبندقية بـومب أكشن وكيس لون أبيض وقفاز، ووضعهم بين المقعدين في الرابيد، وتوجّها إلى بستان عمّه حيث وصلا حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر، وحمل هو بندقية البومب أكشن ومصباح الإنارة والكيس والقفازات إضافة الى حذاء وتيشرت أحضرهم من منزله بغية ارتدائهم بعد تنفيذ الجريمة، في حين حمل حسين بندقية الكلاشنكوف والممشط العائد لها وتوجّها الى المغارة، وبوصولهما إلى بابها الخارجي، قـام حسين بتلقيم بندقية الكلاشينكوف ووضعها خلف شجرة قرب المغارة، كما لقّم البومب أكشن بست طلقات وأعادها له، وغادر ليجلب تالا وسائر أفراد العائلة، وبقي هو في المغارة لتحضير جبلة الباطون، حيث توجّه بعدها ومعه البومب أكشن والمصباح إلى البوابة الرئيسية للبستان بانتظار حسين الذي كان أعلمه أنه سيقوم كل منهما بدفع فتاتين عن حافّة تعلو المغارة بحوالي المترين، وأنه حوالي الساعة الثامنة حضر حسين على متن سيارته الرانج روفر وبرفقته تالا وعائلتها، ففتح لهم بوابة البستان حاملاً بندقية البومب أكشن على كتفه والقفازين ومرتدياً كنزة سوداء، بينما ركَنَ حسين السيارة قرب البوابة وترجّل منها مع الفتيات وأوهمهن بإعطائه مبلغًا من المال، ثم توجّهوا إلى المغارة حيث كان يسير في الأمام ومعه سلاحه ووراءه الفتيات ثمّ حسين، وبوصولهم الى المغارة، طلب الأخير من الفتيات الاقتراب من الحافّة الموجودة على مدخل المغارة بغية رؤية ما بداخلها، ولدى اقترابهن، عمدَ حسين إلى دفع إثنتين منهن، بينما دفَعَ هو الإثنتين الأخريين، وفور وقوعهن تناول حسين بندقية الکلاشنكوف وتوجّه إلى مقدمة الممّر المؤدي الى المغارة، وأطلق النار عليهن وطلب منه الإجهـاز عليهن كونه سمع صراخًا صـادرًا منهن، فاستجاب لطلبه وتوجّه إلى الممّر وأطلق النار عليهن بعدما شاهدهنّ فوق بعضهن، وأفرغ الطلقات كافة، وووضع البومب أكشن على شجرة قشطة، ونزل إلى المغارة ونزع سترتين عن المغدورات وأخذَ قبّعة وساعتي يد ومبلغاً من المال وصعد الى أعلى المغارة ووضع الأغراض في الكيس، ثم عاد الى باحة المغارة وعمد الى جرّ الجثث إلى داخل الحفرة ووضعَ الميـاه فـوق الجبلة وسكَبَ الباطون داخل الحفرة، ثم وضع التراب على الباطون، ودخل حسين بعدها وناوله حجرًا لوضعه فوق مكـان الجثث للتمويه، وطلب من حسين تعبئة سطلي ميـاه، ففعل، وأنهما قاما بإزالة الدماء الموجودة عند مدخل المغارة، ثمّ أخذا أكياس الإسمنت الفارغة وسطلي المياه والمعول والرفش والكيس الأبيض الذي وضع فيه الأغراض والبـومب أكشـن والكلاشنكوف وفراغات الخرطوش والمظاريف والمصباح الكهربائي وتوجّها إلى خزّان المياه، حيث قام حسين بغسل يديه وارتداء سترته التي خلعها بعد إطلاقه النار باتجاه الفتيات، كما قام هو بغسل يديه وتبديل التيشرت والحذاء ووضعهما داخل الكيس الأبيض، ونقلا الأغراض إلى داخل الرائج روفر، وأقفلا بوابة البستان، وتوجّها إلى منزل شقيق حسين قيد الانجاز ووضع حسين السلاح داخله وكانت الساعة حوالي 12:30 بعد منتصف الليل، وتابعا طريقهما نحو بلدة البابلية وتحديداً إلى مكّب النفايات حيث كانت النيران مشتعلة فيه، ودخلا المكّب وقاما برمي الكيس الأبيض وبداخله الجزادين والقفازات والساعات والسترات وثيابه وأكياس الاسمنت الفارغـة والسطلين داخل النـار، وانتظرا لبعض الوقت للتأكد من اشتعاله، وغادرا نحو مدينة صيدا وتحديدًا قرب القلعة حيث عمدا إلى تحطيم هواتف المغدورات الأربعة ورميها في البحر قرب قوارب الصيد، ثم توجّها إلى مقهى أبوالعبـد وتناولا النرجيلة، وقام بعدها حسين بإيصاله إلى منزله وغادر، وأوضح أن المغدورات لم يسأَلْنَهما عن سبب حمله البندقية، لكنه كان اتفّق مع حسين أنـه فـي حـال السؤال عن السبب، يعلمهـن أنه بهدف صيد الخنازير البريّة، وأن هواتف المغدورات بقيـت فـي السيارة لدى نزولهن منها، دون أن يعلم السبب، وأنّه رمى المصباح الذي استخدماه أثناء الحفر في طريق العودة الى المنزل، وهو يعود أصلاً لحسين، وأنه أثناء تنفيذ الجريمة كان يرتدي بنطـال جینز لون أسود وتيشرت لون أسود وكان يرتدي فوق الجينز بيجاما لون رمادي وتيشرت اسود فوق التيشرت وحذاءً رياضيًا، وبعد تنفيذ العملية، خلع البيجاما والتيشرت والحذاء وبقي بالجينز والتيشرت وإنتعل حذاءً رياضـيًا آخـر، وأكّد أنّ حسين أطلـق عـدّة عيـاراتٍ ناريّة مـن سـلاح الكلاشنكوف دون معرفته بعدد الطلقات.
وأضاف أن عامل الصداقة دفعه إلى الاشتراك مع حسين في قتل الفتيات، وأنه بعد تنفيذ العملية طلب من حسين مبلغ خمسماية د.أ. ومليوني ل.ل، وأنّه كان ينوي الحصول على مبالغ إضافية منه، وأنّه بتاريخ ۲۰۲۲/۳/۳ إتصّل به حسين وأعلمه أن عبدالله لحاف صديق منال يستفسر منه عن مكان تواجد العائلة وسأله عمّا يجب أن يفعله، فطلب منه رقم هاتف الأخير وأعلمه أنه سوف يسمع خبرًا في الضيعة، وقام بشراء خطّ هاتف جديد وأرسل رسائل نصيّة منه الى عبدالله تتضمن أن منال تراسله وأن والدتها تزوجت في بيروت ولم تعد تريد الذهاب إلى بلدة أنصار وأنها مخطوفة، ثم عمد إلى تلف الخط، وأن حسين أعلمه بعد حضوره الى مفرزة النبطية والتحقيق معه، أنه سُئل عن الرسائل تلك وأن العناصر الأمنية لـم تصـدّق مضمونها، فأبلغه أنه هو من أرسلها وطلب من حسين تزويده برقم والد الفتيات دون أن يُعلمه بغايته، وطلب من صديقته زينـب عـامر إرسـال تسجيلاتٍ صوتيةٍ بصـوتها تتضمن “إيـه بـابـا أنـا منـال أنـا ببيروت”، وتسجيل يتضمن “إيه عبدالله أنا منال نحن ببيروت وأمي ما عبتخلينا ننزل على الجنوب لأن تزوجت”، وأن زينب أرسلت له تلك التسجيلات لكنّه لم يستخدمها ولم يتواصل مع والد الفتيات، وهو تعرّف على بندقية البومب أكشن المضبوطة عند عرضها عليه، وأكّد على أنها المستخدمة أثناء تنفيذ جريمة القتل، كما جزم أنه كان بكامل قواه العقلية حينها، كما أوضح أنه اتفّق مع حسين على مغادرة الاراضي اللبنانية إلى سوريا عن طريق التهريب، على أن يغادر هو أولاً ثم يلحق به حسين.
وبالإستماع إلى المدعوة زينب عامر نفت أيّ علاقة لها بتلك الجريمة، وأوضحت أنّها على معرفة بالمتهم حسن الغناش وبصداقته بالمتهم حسين فياض، وأنّ الغناش كان يُخبرها بأن الأخير كان يُعطيه المال دون أن تعرف سبب ذلك، مضيفة بأن المدعى عليه الغناش طلب منها إرسال تسجيلات صوتية له من هاتفها محدّداً لها مضمونها، وألّح عليها في ذلك دون معرفتها السبب كما قام بشتمها عند سؤالها له عن السبب.
وبالاستماع الى المدعو علي عباس الشاعر، أفاد بأنّه على معرفة بالمدعي زكريا صفاوي منذ فترة طويلة كونه مختـار بلـدة أنصـار وأنه كـان يقصـده فـي مكتبـه وسـط البلدة بغيـة إنجـاز أوراق ومعاملات رسمية، وأنّه تعرّف إلى ابنته تالا أثناء زيارته في إحدى المرّات للمدعو إسماعيل رعد الذي يقطن في البناء نفسه حيث تُقيم الأخيرة، وأنّ علاقتهما توّطدت خلال العام 2020، وكان يتواصل معها عبر تطبيق الواتساب وإستمرت تلك العلاقة حوالي أربعة أشهر، وأكّد أنهما لم يلتقيا بمفردهما مطلقًا، وأنّ خلافات حصلت بينهما بسبب الغيرة وانقطعت علاقته بها منذ حوالي السنة ونصف ولم يعد يتواصل معها، نافياً حصول أيّ علاقة جنسية بينه وبين تالا، ومؤكّداً أنّه لا يعرف المتهم حسین فیاض ولا يعلم سبب أقواله، ومن الممكن أن تكون تالا قد أخبرته بأنها كانت على علاقة سابقة به.
وأن حسين فياض عاد وأوضح، تبعاً لمواجهته بأقوال الغناش، بأنّه أخفى بعض الأمور في إفاداته السابقة، وأفاد مجدداً أنه بسبب إصرار تالا على الزواج منه وتهديدها له بفضح أمر إقامته علاقة جنسية معها وفضّه بكارتها، صمّم على التخلّص منها وعرَضَ الفكرة على صديقه الغناش الذي أفاده بأن قتلها لوحدها سيفضح أمره، ولا بدّ من التخلص من كافة أفراد عائلتها، ووضعا بعدها المخطّط اللازم لتحقيق هذا الغرض، وأعطى التفاصيل نفسها التي أفاد بها الغناش، وأضاف بأنه جهّز بندقية الكلاشينكوف وبداخلها ممشط يحوي /20/ طلقة صالحة للإستعمال، وبندقية بومب أكشن بداخلها /7/ طلقات، وأخرجهما من منزله ووضعهما في سيارة الرابيد بينما كان الغناش في انتظاره، وتوجّها الى البستان مع سائر الأغراض التي سبق للأخير أن ذكرها في إفادته، وأنّه، أبلغ المغدورات بعد صعودهنّ معه في السيارة بأنّه سوف يعرّج على بستان حيث توجد مغارة بداخلها ذهب وآثار، وأنه سوف يبيعها ويتقاسم ثمنها معهن، وطلبَ منهن إبقاء هواتفهن في سيارته لعدم وجود إرسال داخل البستان، وأنّه بوصولهن قرب المغارة، ووفقاً للخطة التي اتفق عليها مسبقاً مع الغناش، طلب منهن الإقتراب من الحافّة كي يتمكنَّ من رؤية ما في داخلها، وعندئذٍ قام هو بدفع باسمة وريما، بينما قام الغناش بدفع تالا ومنال، فوقعن جميعًا عن ارتفاع حوالي المترين، وأحضر بندقية الكلاشينكوف وبدأ بإطلاق النار عليهنّ من الأعلى، وبعد إطلاق ثلاث عشرة طلقة، تعطلّت البندقية، وكانت المغدورات ما زلن يصرخن، فنزل الغناش على الفور عبر الدرج، وأطلق عليهن ست طلقات من بندقية البومب أكشن، ثم عمد الأخير إلى سحب الجثث إلى داخل المغارة ووضعها داخل الحفرة، وبعد ذلك أعطى التفاصيل نفسها التي أفاد بها الغناش، وأوضح أنه عند تخطيطه وتنفيذه لعملية القتل كان هو والغناش بكامل قواهما العقلية.
وتبين من خلال الدراسة الفنيّة والتحليلية المجراة على هاتف المدعى عليه حسين فياض نوع أيفون وجود محادثات نصيّة وصوتية ومقاطع فيديو متبادلة مع الرقم 023235/76 العائد للمغدورة تالا، تتضمن لوم الأخيرة لنفسها كونها سمحت له بتسلّم جسدها وبأنه لا يستحق حبّها كونه عمد إلى خيانتها مع عددٍ من الفتيات، كما كانت باستمرار تطالبه بالزواج بها، فكان يرد بالمقابل بأنها تخونه مع أشخاصٍ آخرين، وقد طلب منها في عددٍ من المحادثات التوجّه إلى طبيبٍ نسائي لتقطيب غشاء بكارتها، كما ظهر من تلك المحادثات وجود شجارات دائمة بين الطرفين، يقوم بعدها حسين بمصالحة تالا لتعود الخلافات بينهما مجددًا، إلى أن أرسل لها رسالة نصيّة بتاريخ 2021/10/22 أورد لها فيها أنه “سيرتكب بها جريمة”، وأن “لها يوم”، وأن “الفتاة التي تخونه تُقتل”، وفي رسالة أخرى يقول لها أنه “يريد تقطيعها ورميها للكلاب”، وفي إحدى الرسائل تلومه تالا على فضّه بكارتها وخيانته لها رغم ذلك، كما أنها تقوم بتهديده بفضحه والإدعاء بأنّه قام باغتصابها، وفي المقابل يهدّدها هو بنشر صورٍ فاضحةٍ لها على مواقع التواصل الإجتماعي، وفي العديد من المحادثات الجارية يظهر اتهامه لتالا بالخيانة وإصرارها في المقابل على نفي هذا الأمر، كما تبين وجود محادثات بينه وبين المغدورة باسمة عباس عبر رقمها 025640/70، تسأله فيها عن سبب تعاسة ابنتها ولماذا ينعتها بالعاهرة.
وان فياض أفاد بالنسبة لهذه الرسائل بأنها كلها تتعلق بالعلاقة الجنسية التي حصلت بينه وبين تالا وقيامه بفضّ بكارتها وإصرارها على زواجه منها نتيجة ذلك، وعدم رغبته بإجابة طلبها رغم أنه كان ينوي ذلك في البدء، نتيجة شكوكه في سلوكها واعتقاده الدائم بأنّها تخونه دون تمكّنه من إثبات ذلك فعليًا، وأنه لدى رفضه الزواج منها، صارت تهدّده بفضح أمره واتهامه بأنه اغتصبها، وأنه حاول إقناعها بإجراء عملية تقطيب لغشاء البكارة، إلاّ أنها رفضت ذلك، رغم أنها في إحدى المرّات طلبت منه تزويدها برقم هاتف طبيب نسائي، وأنها كانت تتهمه في المقابل بخيانتها وإقامة علاقات مع غيرها، وأنّه بالفعل كان يُقيم مثل تلك العلاقات، موضحاً بأنّه رغم المشاكل بينهما وقيامه أحيانًا بضرب تالا وتهديدها بالقتل، إلاّ أنه لم يكن في نيته القيام بهذا الأمر بالفعل، إلى أن قرّر ذلك منتصف شهر شباط وعرضَ الفكرة على حسن الغناش، وصار تنفيذها لاحقًا، ولدى مواجهته بالمدعو علي الشاعر، أكّد المدعى عليه حسين فياض أنه ليس نفس الشخص الذي كان في المنزل مع تالا.
وأنه خلال التحقيقات الاستنطاقية التي جرت لدى قاضي التحقيق الأوّل في النبطية، ثم لدى قاضي التحقيق الأوّل بالإنابة في بيروت، إثر نقل الدعوى إليه بموجب قرار محكمة التمييز تاريخ 2022/5/11، إعترف المدعى عليه حسين فياض بما أُسند إليه، وأوضح أنه تعرّف إلى تالا صفاوي قبل حوالي ثمانية أشهر وأحبّها حبًا كبيرًا، كما تعرّف إلى عائلتها وكان بنيّته الزواج منها، وأنّه بعد حوالي الشهر من معرفته بها وخلال وجوده في منزل والدتها، حصلت علاقة جنسية كاملة بينهما مع العلم أنّها كانت عذراء، وقد تكرّرت العلاقة تلك ثلاث مرّات خلال شهر واحد وذلك في منزل الوالدة أثناء غيابها وغياب شقيقتيها عنه، وأنّ تصرفات تالا بدأت بعدها تتغيّر نحوه، فارتاب للأمر حيث تبين له أنّها تتواصل مع شاب يدعى علي الشاعر، وأنّه صمّم على تركها وأبلغها بالأمر، إلاّ أنّها أخذت تهدّده بفضح أمره والإدّعاء بأنه اغتصبها في حال تركه لها، وأنّه لدى عرضه الموضوع على صديقة الغناش، نصحه بأنّ الحل يكمن في التخلّص من تالا وسائر أفراد عائلتها كونهن على علم بتفاصيل الموضوع، وكرّر أقواله لجهة كيفية تحضير المعدّات اللازمة للتخلص من أفراد العائلة وكيفية استدراجهن إلى بستان عمّه، وأكّد أنه كان يعمل بحسب إرشادات الغناش الذي رسم الخطّة وأنهما نفذاها سوية، وأوضح أنّه بوصول المغدورات إلى مكان الحفرة، وقف هو من جهة والغناش من جهة أخرى، وأنّه كان مترددًا ويريد المغادرة، لكنه وفي لحظة سريعة عمد إلى دفع الام ومنال إلى الحفرة، فرجعت تالا وريما إلى الوراء، إلا أنه دفعهما نحو الحفرة، ولحق بهنّ جميعًا الغناش وكنّ تصرخن وبدأ بإطلاق النار عليهن، ولتغطية أصواتهن، عمد هو إلى إطلاق ست رصاصات من الكلاشنكوف وإنقطعت الاصوات، فصعد الغناش وسأله لماذا أطلـق النار، فأجابه لتغطية الاصوات، وأنّه ووفقًا للإتفاق، قام الغناش بسحب الجثث إلى المغارة بمفرده ودفنها وصب الباطون، وأنه والغناش قاما برمي الثياب وكافة الأشياء التي جمعاها في مكّب البابلية، ثم وصلا الى صيدا حيث رميا هواتف المغدورات في البحر، وأنّ الغناش صار يطلب منه يوميًا مبلغ /٢٥٠/ دولار وخمسماية ألف ليرة، وبعد خمسة أيام، طلب منه مبلغ /850/ دولار لأنه يريد الذهاب الى سوريا، وأضاف أنه غادر إلى سوريا بناء لنصيحة الغناش، لكنه عاد بعد يومين بسبب سرقة أمتعته وأمواله من قبل المهرّبين، ونفى وجود علاقة لواط بينه وبين الغناش.
بينما أفاد المدعى عليه حسن الغناش أنّه قبل ثلاثة أيام من وقوع الجريمة، طلب منه حسين فياض تجهيز حفرةٍ في بستان عمّه دون أن يفصح له عن السبب، وأنّ حسين كان أخبره بأنه أقام علاقة جنسية تامّة مع تالا، وأنّ هذا الأمر استتبع حصول مشاكل بينه وبينها، وأنّها طلبت الزواج منه لكنّه رفض، وحقيقة الأمر أنّ حسين تعّرف إلى فتاة أخرى تدعى هنادي وكان يريد الزواج منها، وأنّه قبل حصول الجريمة بحوالي أسبوعين، أخبره حسين أنه يشكّ بأن تالا تخونه، ولم يخبره بنيته بارتكاب الجريمة، لكنّه يوم حصولها، أحضره من منزله عند الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر وأوصله إلى مكان الحفرة، وطلب منه انتظاره بعدما أخذ منه هاتفه وكان عصبيّ المزاج، مع العلم أنّه كان يحمل بندقية بـومب أكشن أعطاه إيّاها وطلب منه وضعها في الغرفة عند مدخل البستان وكانت فارغة، وأنّه ذهبَ وعادَ مجدّدًا بعد حوالي عشر دقائق أو ربع ساعة وبرفقته المغدورات وإحداهن – التي عرّفه عليها بأنها خطيبته – كانت تعاتبه على افتعاله المشاكل مع الجيران وتطلب منه الكّف عن التحدث مع هنادي، فوعدها بذلك، وأضاف أنّ حسين طلب من المغدورات مرافقته إلى المغارة بعدما ذكر لهنّ أنه عثر بداخلها على الذهب، وأنّ حسين طلب منهن النزول إلى الحفرة فرفضن، فعمد إلى دفع ثلاثة منهن إلى الحفرة، في حين ركضت الرابعة، فأمسك بها ودفعها إليها، ثمّ تناول سلاحًا كان قد علّقه على شجرة قريبة وأطلق النار على المغدورات، ثمّ تناول من جيبه عدداً من الطلقات ووضعها في البومب أكشن وأطلق النار على إحداهن بعدما لاحظ أنها كانت ما تزال تتحرك، ثم ناداه وهدّده بالقتل في حال إبلاغه عمّا حصل، وأكّد أنّ حسين هو من سحَبَ الجثث إلى عمق الحفرة وصبّ الباطون فوقها، بينما كان هو في الخارج، وأنّ حسين خرج بعدها وطلب منه إحضار مياه من الخزان وأعطاه دلواً كان داخل المغارة، فأحضر له المياه على عدة دفعات، وأكّد أنه لم يساعده في أيّ شيء خلاف ما ذكَر وأنه لا يعرف لماذا أحضره حسين معه، وأضاف أنّ الأخير هو مَن أرسل الرسائل النصية الى عبدالله بإسم منال، وأفاده بأنّه صوره وهو ينقل الجثث، وأخبره بأنّه أصبح متورطًا معه، ثمّ عاد وأعطاه مبلغ خمسماية د.أ. وطلب منه المغادرة الى سوريا بطريقة غير شرعية، وأنّه علم من حسين أنه هرب بدوره إلى سوريا، وأنه يجهل سبب عودته إلى لبنان.
وفي المقابلة المجراة بينهما، أصرّ كل من المدعى عليهما على أقوالهما، وأكّد المدعى عليه الغناش أنّه لم يشترك في عملية إستدراج المغدورات ولا في عملية قتلهن ودفنهن.
وتبين أن ورثة المغدورات الأربعة أي المدّعين أدلوا بأن المدعى عليه فياض أورد مزاعم لا صحة لها على الإطلاق تمسّ بشرف المغدورة تالا، وأن سبب إرتكابه الجريمة قد يكون إكتشاف الأخيرة ممارسة المدعى عليه المذكور اللواط وخوفه من فضحها أمره ضمن بيئته المحافظة، ما دفعه إلى التخلّص منها ومن سائر أفراد عائلتها.
ثانياً – في الأدلّة
تأيدت هذه الوقائع بالأدلّة الآتية:
– بالشكوى والإدعاء العام.
– بالتحقيقات الأوّليّة والإبتدائية وبتلك المجراة من قبل هذه المحكمة.
– بمحاضر مديرية مخابرات الجيش وشعبة المعلومات ومفرزة النبطية القضائية.
– بواقع مسرح الجريمة والادلة المرفوعة منه.
– بالاسلحة المضبوطة، لا سيما بندقيتي الكلاشنكوف والبومب أكشن اللتين استخدمتا لتنفيذ الجريمة، وبنتيجة الكشف المجهري على النبدقية الاولى برقم 5818.
– بتقرير الطبيب الشرعي.
– بتقرير الادلة الجنائية.
– بالحركة الجغرافية للهواتف الخلوية.
– بإرشاد حسين فياض للاجهزة الامنية الى مكان المغارة حيث دفنت الجثث الاربع.
– بمدلول أقوال المتَّهمين.
– بالتناقض بين أقوال المتهمين في مراحل التحقيق كافة.
– بالافادة المختلقة من قبل المتهمين أمام هذه المحكمة.
– بأقوال الاشخاص المستمعين في التحقيقات الاولية.
– بمجريات المحاكمة ومجمل معطيات القضية.
– بمجمل التحقيق.
ثالثاً – في القانون:
1- في دعوى الحق العام
حيثُ إنَّ المتّهمين حسين فياض وحسن الغناش أُحيلا أمام هذه المحكمة بتهمة قتل المغدورات باسمة عباس وتالا وريما ومنال صفاوي عمداً وبناء على تخطيط مسبق، وهي الجناية المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة 549 من قانون العقوبات.
وحيثُ إنَّ القتل العمدي هو أخطر جرائم الاعتداء على الأشخاص لأنه يستهدف إزهاق روح إنسان، ويتمثل في ركنه المعنوي بالقصد الجنائي، ومعناه أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان النشاط الصادر منه (إيجابياً كان أم سلبياً) وإلى النتيجة الإجرامية المقصودة من ذلك النشاط التي هي إزهاق روح المجني عليه، فجناية القتل العمد لا تتوفر قانوناً ولا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عن قصد وعمد، وبالتالي فإن القصد الجنائي هو قوام الركن المعنوي في جريمة القتل العمد وبانتفائه تنتفي الجريمة بهذا الوصف.
وحيثُ إنّه وفي ضوء ما تقدم، يقتضي العودة الى الوقائع الثابتة في هذه القضيّة وتفنيدها وتفصيلها، وصولاً الى تحديد مدى ثبوت الجريمة المسندة الى المتهمين فياض والغناش، وذلك من خلال استخلاص كيفية وقوع الجريمة المدّعى بها وتفاصيلها، ومن خلال التمحيص في الادلة المتوفرة في الملف والتي يمكن البناء عليها لتحقيق هذه الغاية.
وحيثُ وبالعودة الى وقائع القضية الراهنة والى الادلة المتوفرة فيها، يتبين تحقّق النقاط التالية:
1- إعترافات المتّهم حسين فياض في مراحل التحقيق كافة، بعد توقيفه من قبل مخابرات الجيش، والتي جاءت متجانسة في مدلولها لجهة تحقيق النتيجة الجرمية وهي إزهاق أرواح المغدورات الأربع تبعاً للتخطيط لها بشكل دقيق ومنسق وملفت، مع اعترافات المتهم الثاني حسن الغناش، بعد أن كان(أي فياض) قد أنكر في بدء التحقيق علاقته باختفائهن، وبالرغم من تضافر أقوال شهود عدة على رؤية سيارته في باحة منزلهن ليلة اختفائهن في 2/3/2022، وعلى صعودهن في هذه السيارة في الليلة تلك.
2- تغيير المتهم فياض لافادته بكاملها أمام هذه المحكمة، وبالتالي وضوح اختلاقه سيناريواً جديداً مغايراً للتفاصيل كافة التي كان قد أفاد بها سابقاً، في نية تحميل المتهم الغناش التهمة بمفرده.
3- اعترافات المتهم حسن الغناش بعد توقيفه وفي مراحل التحقيق كافة بما هو منسوب إاليه، والتي جاءت متجانسة في مدلولها لجهة تحقيق النتيجة الجرمية وهي إزهاق أرواح المغدورات الأربع تبعاً للتخطيط لها بشكل دقيق ومنسق وملفت، مع اعترافات المتهم فياض.
4- تغيير المتهم الغناش لافادته بكاملها أمام هذه المحكمة، في نية لتحمّل تبعة الجريمة وحده وإبعاد الشبهات عن حسين فياض، ووضوح تنسيق الاثنين والاتفاق على إعطاء إفادتين شبه متطابقتين وعلى استعمال التعابير والحجج نفسها، ما يشكل دليلاً على تحضير هاتين الافادتين مسبقاً في ما بينهما، وما يتناقض مع إفاداتهما السابقة التي كانت تتشابه في الخطوط الاساسية وتختلف في بعض تفاصيل كيفية التنفيذ، في محاولة من كلٍّ منهما لإلقاء التّبِعة على الآخر في ما خص وقت حصول إطلاق النار وإخفاء الجثث.
5- مدلول العثور على الجثث الاربع مدفونة في المغارة تبعاً للافادة التي أعطاها المتهم حسين فياض، حيث أوضح مكان وجود المغارة وكيفية الوصول إليها، وذلك على أثر توقيفه من قبل مخابرات الجيش.
6- تقرير الطبّيب الشرعي علي ديب تاريخ 2022/3/26، الذي يثبت أنّ المغدورات قُتلن بطلقات نارية في الأجزاء العليا من أجسادهن (الرأس والرقبة والصدر)، قبل دفنهنّ في جورة المغارة وصب الباطون عليهنّ، ولقد وُجدت كسور في الجماجم وحبيبات معدنية في الرأس والرقبة والصدر، وأيضاً فجوات دائرية الشكل على الرقبة ووسط الصدر، وأنه تعذّر أخذ عينات دم بسبب التحلّل والتعفّن، وكذلك تعذّر إجراء فحص نسائي بسبب التعفن والاتربة الملتصقة بالاعضاء وما تبقى من الثياب، وإثبات التقرير المذكور أن الوفاة حصلت منذ حوالي ثلاثة أسابيع تقريباً.
7- واقعة استخراج الجثث من أرض المغارة وكانت في مرحلة التحلّل مع رائحة عفن، ولهذه الغاية جرى الحفر بالمعاول لازالة التربة الموحلة وتم تكسير صخور صلبة بأدوات كهربائية، علماً أنه وجدت بداخل المغارة حفرة شبه دائرية قطرها 280 سنتم وعمقها 60 سنتم، وتطابق ذلك مع إفادات المتهمَيْن لجهة قيامهما بتجهيز حفرة في أرض المغارة تمهيداً لدفن الجثث فيها.
8- المحادثات والرسائل النصية والصوتية الموجودة في هاتف المتهم فياض، والتي تثبت حصول خلافات وشجارات بينه وبين المغدورة تالا صفاوي على رقم الهاتف العائد لها 023235/76، إذ تلوم هذه الاخيرة نفسها على تسليم جسدها له وتقول له بأنه لا يستحق حبّها بسبب خيانته لها، وتطالبه بالزواج منها، وطلبه منها مراجعة طبيب نسائي لتقطيب غشاء بكارتها.
9- واقعة هروب المتّهمَيْن الى سوريا، إذ هرب حسن الغناش الى سوريا بواسطة مهرّب يدعى أبو أحمد، واتصل بحسين فياض بتاريخ 2022/3/20 ليعلمه بذلك، وكان قد أعطاه رقم المهرّب المذكور ليتواصل معه، وبالفعل تواصل هذا الاخير مع المهرّب بتاريخ 2022/3/21 فأمّن له تهريبه الى سوريا عن طريق الهرمل، إلا أنه اتصل بشقيقه علي فياض بتاريخ 2022/3/22 وأخبره بأنه تعرّض للسرقة في سوريا ولا يحوز أوراقاً ثبوتية، وأن شقيقه تواصل مع المدعو شهير وهبي الذي أعاده الى لبنان، عندئذ تم توقيفه من قبل مخابرات الجيش، كما أن القائمين بالتحقيق لدى شعبة المعلومات عملوا على استدراج المدعى عليه حسن الغناش من سوريا إلى لبنان بالتنسيق مع علي فياض شقيق المدعى عليه حسين، ومع المدعوة زينب عامر التي تربطها به علاقة عاطفية، وتمّ التواصل معه عبر هاتف زينب بإشراف إحـدى الرتيبات المتخصّصات في عمليات التفاوض والتي عرّفت عن نفسها للغناش بأنها الضابط المسؤول وبإمكانها مساعدته في تأمين براءته، فاقتنع بالتوجّه إلى بيروت مساء يوم الأحـد الواقع فـي 2022/3/27 للقاء الرتيب المفاوض وزينب، وفي الساعة 5:15 من عصر اليوم المذكور، إتصّل الغناش بعلـي فيـاض وطلب منه تأمين سيارة أجرة لنقله الى بيروت، فاستجاب له، إلاّ أنّ مجموعة من المهرّبين أوقفت الغناش داخل الاراضي اللبنانية وسلّمته إلى الجيش اللبناني.
10- ضبط في منزل المتهم فياض بندقيـة صـيـد بومب أكشن عيار 12 كبير لون أسود، وبندقية صيد روسية عيار 12 كبير، وبندقية صيد عيار 6 ملم، وبندقية صيد عيار 12 رفيع، ومصـباح كهربـائـي، و/12/ خرطوشة صيد عيار 12 ملم كبير، و/23/ طلقة كلاشينكوف، وجنـاد قماشـي بداخلـه خرطوش صید عدد /۷/ عيار 12 ملم كبير، و/۷/ شرائح هاتفية خليوية، و/9/ بطاقات تشريج، ومسدس خلبي، وجاكيت سوداء اللون، وقلادات وأساور وخواتم وسلاسل وليرات ذهبية وأونصة لون ذهبي، وقرن عاج عدد/3/، ومبالغ مالية، وهواتف خلوية، وثلاثة أقنعة من القماش والبلاستيك، وثلاثة قفازات قماشية، وبعض الأغراض الأخرى، كما سلّم علي فياض شقيق المدعى عليه حسين القائمين بالتحقيق بندقية كلاشينكوف تحمل الرقم /5815/ مع ممشط سعة /30/ طلقة، وكيس نايلون أسود بداخله /22/ طلقة من عيارين مختلفين ومقذوف وطلقين خلبيّين.
11- نتيجة تحليل حركة الإتصالات الهاتفية وحركة الهواتف الجغرافية من قبل الفرع الفني التابع لشعبة المعلومات، والتي أظهرت تلازماً بين الرقم العائد للمتهم فياض 801840/81 ورقم المغدورة باسمة عباس 025640/70 في مدينة صيدا.
12- مدلول العثور على جانب الطريق الترابية الملاصقة للمغارة بين الاحجار والاتربة على ثمانية مظاريف عائدة لسلاح كلاشنكوف، والتي تبين أنها أُطلقت من بندقية الكلاشنكوف المضبوطة برقم 5818 من قبل مكتب المختبرات الجنائية بتاريخ 2022/4/6، والصالحة للاستعمال، وذلك بنتيجة الكشف الفني عليها.
13- مدلول تعرّف المتهم الغناش على بندقية البومب أشكن المضبوطة وتأكيده بأنها البندقية التي استُخدمت في تنفيذ الجريمة.
وحيث وبالاستناد الى كلّ الوقائع والعناصر والأدلة المذكورة أعلاه، تبيّن أن المتهم حسين فياض تعرّف على المغدورة تالا صفاوي قبل حوالي ستة أشهر من تاريخ الجريمة في 2022/3/2، وأنه بدأ بالخروج معها وبالتردّد الى منزل والدتها وشقيقتيها وبعلم والدها المدعي زكريا صفاوي، وأنه ووفقاً لأقواله حصلت علاقة جنسية بينهما أدت الى فضّ بكارتها، فراحت تلحّ عليه للزواج منها وكانت تحصل بينهما شجارات منها ما هو مُوَثّق على هاتف فياض في سياق الرسائل النصية المتبادلة بينهما، وذلك بسبب إصرارها على أن يتزوجها ولأسباب أخرى منها حسب قوله شكوكه حول وجود علاقة بينها وبين رجل آخر، وأيضاً وجود علاقات بينه وبين نساء أخريات أثناء فترة ارتباطه بِتالا، وهذا ما جعله يطلع صديقه المتهم حسن الغناش على مشاكله آخذاً رأيه، ومُخبِراً إياه بأنه ينوي التخلص من تالا وقتلها لانها باتت تزعجه، لا سيما تبعاً لتهديدها له بفضح أمره لجهة فضّ بكارتها، فنصحه الاخير بوجوب التخلص أيضاً من والدتها وشقيقتيها لأنهنّ على علم بالمشاكل الحاصلة بينهما، ولأنهنّ، لو قتل تالا وحدها، سوف يعمدْن الى فضح أمره، وأن فياض طلب من صديقه الغناش مهلة للتفكير بالموضوع، وعاد بعد أيام وأبلغه بأنه اقتنع بما نصحه به، وعندئذ عمدا الى التخطيط الدقيق والمنظم والمنسّق لارتكاب جريمتهما، متنبّهَيْن الى أدقّ التفاصيل، التي شملت مرحلة التحضير للجريمة، وصولاً الى استدراج المغدورات الى موقع الجريمة، ثم تنفيذ الجريمة بحدّ ذاتها، وانتهاءً بمرحلة دفن الجثث والتخلص من أغراضهن وإخفاء المعالم، دون أن يرفّ لهما جفن.
وبالفعل، اختار المتهمان المغارة الكائنة في البستان العائد لعمّ حسين فياض، في وادٍ بين بلدتي أنصار والزرارية، كمكان لتنفيذ الجريمة، وقصدا هذه المغارة بتاريخ 2022/3/1 على متن سيارة الرابيد العائدة لفياض، وحفرا فيها حفرة واستعملا لهذه الغاية معولاً ورفشاً أحضراه من منزل فياض، كما أحضرا كيسَيْ إسمنت وكيساً من الرمل والبحص من منزل شقيق فياض قيد الانجاز، ووضعاهما داخل المغارة ودلوَيْن من المياه ووضعاهما قرب المعول والرفش، واستخدما مصباحاً كهربائياً للاضاءة كان بحوزتهما، وغادرا الى منزل الغناش في بلدة السكسكية وتناولا النرجيلة.
وفي يوم الجريمة بتاريخ 2022/3/2، وحوالي الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، اصطحب فياض الغناش في سيارته الرابيد إلى منزله في بلدة أنصار، وأحضرا من داخله بندقية نوع كلاشنكوف وبندقية بـومب أكشن وكيساً لونه أبيض وقفازاً، ووضعا الأغراض بين المقعدين في الرابيد، وتوجّها إلى بستان عمّ فياض حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر، وحمل الغناش بندقية البومب أكشن ومصباح الإنارة والكيس والقفازات وحذاء وتيشرتاً أحضرهم من منزله بغية ارتدائهم بعد تنفيذ الجريمة، وحمل فياض بندقية الكلاشنكوف والممشط العائد لها وتوجّها الى المغارة وعمدا، الى تخبئة بندقية الكلاشنكوف بشكل يسهل فيه تناولها عندما يحين وقت إطلاق النار، وأن فياض غادر ليجلب تالا وسائر أفراد العائلة بعد أن أوهمهنّ أنه يأخذهنّ لتناول العشاء في الخارج، وبقي الغناش في المغارة لتحضير جبلة الباطون، حيث توجّه بعدها ومعه البومب أكشن والمصباح إلى البوابة الرئيسية للبستان بانتظار وصولهم، وأنه حوالي الساعة الثامنة وصل فياض على متن سيارته الرانج روفر وبرفقته تالا وعائلتها، فقام الغناش بفتح بوابة البستان حاملاً بندقية البومب أكشن على كتفه، وأوهم فياض العائلة بأنه يعطي الغناش مبلغًا من المال وأقنعهنّ بالنزول معه الى المغارة لرؤية الذهب أو الآثار التي عثر عليها، ثم توجّهوا إلى المغارة وبوصولهم اليها، طلب الأخير من الفتيات الاربع الاقتراب من الحافّة الموجودة على مدخل المغارة بغية رؤية ما بداخلها، ولدى اقترابهن، عمدَ كل واحدٍ من المتهمَيْن إلى دفع إثنتين منهنّ وفق الخطة المتفق عليها، وفور وقوعهن قاما بإطلاق النار عليهنّ من بندقية الكلاشنكوف وبندقية البومب أكشن اللتين حضّراهما لهذه الغاية، بحيث أصاباهنّ في الاماكن العلوية من الجسد أي في الرقبة والصدر والرأس.
وأنهما تابعا تنفيذ الخطة، وقاما بسحب الجثث الى داخل الحفرة ونزعا بعض الاغراض عنها وسكَبَا الباطون فوقها داخل الحفرة، ثم وضعا التراب على الباطون، وعمدا إلى إزالة الدماء الموجودة عند مدخل المغارة بواسطة دلوَيْ المياه، ثمّ أخذا أكياس الإسمنت الفارغة والدلوَيْن والمعول والرفش والكيس الأبيض الذي وضعا فيه الأغراض المنزوعة عن الجثث، والبـومب أكشـن والكلاشنكوف وفراغات الخرطوش والمصباح الكهربائي، وقاما بتبديل ثيابهما بثياب أخرى كانا قد حضّراها خصيصاً لهذه الغاية، ووضعا الثياب التي خلعاها داخل الكيس الأبيض، ونقلا الأغراض إلى داخل الرانج روفر، وأقفلا بوابة البستان، وتوجّها إلى منزل شقيق حسين قيد الانجاز ووضعا فيه بندقية الكلاشنكوف، ثم قصدا بلدة البابلية وتحديداً مكّب النفايات فيها حيث كانت النيران مشتعلة، وقاما برمي الكيس الأبيض وبداخله الاغراض كافة، وانتظرا لبعض الوقت للتأكد من اشتعاله، وغادرا نحو مدينة صيدا وتحديدًا قرب القلعة حيث عمدا إلى تحطيم هواتف المغدورات الأربع ورميها في البحر قرب قوارب الصيد، وأوصل بعد ذلك فياض الغناش الى منزله في السكسكية وعاد هو أدراجه الى بلدته أنصار.
وأنّ فياض تظاهر بعد ذلك بعدم معرفة مكان تواجد العائلة وبعدم دعوتهن للعشاء في الخارج بتاريخ 2022/3/2، وأوهم عبد الله لحاف المرتبط بعلاقة عاطفية مع المغدورة منال صفاوي بأنه يجهل مكان تالا وعائلتها، وذهب معه الى منزلهن للبحث عنها، كما أن الغناش قام بإرسال رسائل نصية لهذا الاخير أي لِلَحّاف، لايهامه بأنها مرسلة اليه من منال وتقول له فيها بأنها في بيروت مع والدتها التي تزوجت وبأنها مخطوفة، إلا أن هذه الرسائل كانت باللغة العربية ولم تكن بلغة الانترنت التي اعتادت منال كتابتها، مما جعله يشكّ في أمرها، إضافة الى كون الغناش قد فرض على صديقته المدعوة زينب عامر تسجيل رسائل صوتية وإرسالها اليه من هاتفها بهدف إرسالها الى عبد الله لحّاف والى والد الفتيات، لايهامهما بأنها مرسلة من منال.
وحيثُ إنَّ هذه المحكمة، وبعد تفنيد المعطيات المتوفرة لديها بالاستناد الى مجمل الادلة المعروضة أعلاه، لا سيما اعترافات المتّهمَيْن المتكررة أثناء مراحل التحقيق كافة، وتطابق أقوالهما في الخطوط الاساسية لكيفية تحضير وتنفيذ الجريمة، وتطابق هذه الاقوال مع أقوال الشهود ومع الحركة الجغرافية للهواتف ومع مسرح الجريمة وتقرير الطبيب الشرعي وحال الجثث عند العثور عليها، وثبوت إطلاق النار على المغدروات من بندقية الكلاشنكوف رقم /5818/ وبندقية البومب أكشن العائدتين لفياض، وثبوت كون المظاريف الثمانية الفارغة التي ضبطت في مسرح الجريمة قد أُطلقت من بندقية الكلاشنكوف المذكورة، وثبوت كون المتهمَيْن قد خطّطا أيضاً لكيفية إخفاء معالم الجريمة وتضليل التحقيق، تخلصُ، الى أنّ مجمل ما ذُكر قد ولّد لديها الإقتناع التام واليقين الكامل، بثبوت إقدام المتّهمَيْن بالاشتراك في ما بينهما على قتل المغدورات باسمة عباس وتالا وريما ومنال صفاوي، اللواتي لم يُدركْن حتّى ما كان يحلُّ بهنّ، معتقداتٍ بأنهنّ على موعد مع عشاءٍ جميلٍ، ولم يَعينَ بأن الرحلة إلى العشاء هذه كانت طريقَهنّ النهائي والمرير الى الموت، وبثبوت إقدام المتّهمَيْن على هذه الجريمة من خلال التحضير والتخطيط المسبق والدقيق والمفصّل لها بتفاصيلها كافة، وبأعصابٍ هادئةٍ ودمٍ وقلبٍ باردَيْن دون أن يرفّ لهما جفنٌ في مراحلها كافة، وإتقانهما تنفيذ إخفاء الجثث من خلال دفنها وصب الباطون عليها في المغارة، وإحراق الاغراض العائدة لهنّ والادوات المستخدمة في الجريمة وإخفاء معالمها.
وحيثُ وفي ضوء كلّ ما تقدّم، إنَّ فعل المتهمَيْن المتمثّل بقتل المغدورات عمداً بناء على التخطيط المسبق له وبواسطة سلاحَيْن الاول حربي والثاني سلاح صيد غير مرخص، ينطبق في وصفه على جناية المادة 549 فقرة أولى من قانون العقوبات، فيقتضي تجريمهما بها، وعلى جنحتي المادتين 72 و73 من قانون الاسلحة فيقتضي إدانتهما بهما أيضاً.
وحيثُ إنَّه يقتضي بعد ذلك البحث في العقوبة الواجب إنزالها بالمتّهمين فياض والغناش تبعاً لتجريمهما وفقاً لما جرى عرضه أعلاه.
وحيث إنّ المتهمَيْن فياض والغناش أفادا في مراحل التحقيق كافة بأنهما كانا عند تنفيذ الجريمة بكامل قواهما العقلية، ولقد تبينّ وبالنسبة لفياض، من تقرير الطبيب النفسي المعين للكشف عليه من قبل هذه المحكمة بهيئتها السابقة وتاريخه 2023/5/3، بأنه لا يعاني من أي مرض نفسي أو اختلال عقلي على علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحدث الجرمي المنسوب إليه، وبأنه يتمتع بذاكرة جيدة وذكاء مقبول وبأنّ إدراكه للعواقب سليمٌ ولا يشوبه أي اضطراب ذهني، كما أنه لا يمكن الركون الى أقوال الغناش أمام هذه المحكمة بأنه كان قد تعاطى المخدرات قبل تنفيذ الجريمة، لأنّه لم يدلِ بهذا الامر في مراحل التحقيق السابقة كافة، ولأنه ثَبُتَ أنه قد اتفق مع فياض على تغيير إفادتيهما امام هذه المحكمة وعلى تحميله هو الجريمة بمفرده وفقاً لوقائع ومجريات جرى التنسيق في ما بينهما على عرضها، وعلى الافادة بأن الغناش ارتكب الجريمة تحت تأثير المخدرات، بهدف الاستفادة من الاسباب التخفيفية، الامر الذي بقي عارياً عن الثبوت ويشكّل تناقضاً مع إفاداتهما السابقة.
وحيث وبالاستناد الى ما تقدم، وبالنظر الى بشاعة الجريمة وفظاعتها وقساوتها ووحشيتها وانعدام الانسانية فيها، وبرودة الاعصاب الملفتة التي رافقت التخطيط لها وتنفيذها، يقتضي ردّ طلب منح المتّهمَيْن الاسباب التخفيفية.
2- في دعوى الحق الشخصي
حيثُ إنَّ الجهة المدعية المؤلفة من زكريا صفاوي وعلي وبسام عباس ونشمية غازي إتّخذوا صفة الإدعاء الشخصي في هذه القضيّة بواسطة وكلائهم القانونيين، وطلبوا إلزام المتّهمَيْن بدفع تعويض عن العطل والضرّر اللاحق بهم، من جرّاء إقدام هذين الأخيرين على ارتكاب الجناية المذكورة أعلاه بحق المغدورات باسمة عباس وتالا وريما ومنال صفاوي.
وحيث إنَّه وعملاً بأحكام المادة 129 عقوبات، يعود للمرجع الجزائي أن يقضي بالتعويض عن العطل والضرر، وتُوجِبُ المادة 132 من القانون المذكور تطبيق أحكام المواد 134 الى 136 ضمناً من قانون الموجبات والعقود، التي تفرض التعادُل بين التعويض عن الجرم وبين الضرر الناتج عنه، وتُدخل ضمن إطار التعويض أشكال الضرّر كافة، مادياً كان أم أدبياً، مباشراً كان أم غير مباشرٍ.
وحيثُ إنَّ هذه المحكمة، وإنطلاقاً من هذا الأساس القانوني، ومع التأكيد على أنّه ليس ثمّة تعويضٌ ماديٌّ من شأنّه أن يغطي الضرر الذي لحق بالوالد من جراء فقدانه عائلته بكاملها، وبباقي المدعين من جراء خسارتهم لقريباتهم الاربع، تخلص الى الإستجابة الى طلب المدعين، والى الحكم بإلزام المتّهمَيْن حسين فياض وحسن الغناش بأن يدفعا لهم بالتكافل والتضامن في ما بينهما مبلغ مليونا دولار أميركي/2،000،000/ د.أ، أو ما يعادله بالليرة بتاريخ اللبنانية وفقاً لسعر الصرف المتداول بتاريخ الدفع الفعلي.
وحيث يقتضي أخيراً ردّ سائر الاسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة، إما لعدم الجدوى وإما لكونها لقيت ردّاً ضمنياً في ما سبق بيانه.
لذلك،
وبعد سماع ممثل النيابة العامة،
فإنّها تحكم بالإجماع:
1- بتجريم المتّهمَيْن حسين جميل فياض وحسن علي الغناش، المبيّنة كامل هويّتهما آنفاً، بجناية المادة 549/فقرة أولى من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الإعدام فيهما سنداً لها، وبإدانتهما بجنحتي المادتين 72 و73 من قانون الاسلحة وبحبسهما لمدة سنتين، وبإدغام هاتين العقوبتين عملاً بالمادة 205 من قانون العقوبات بحيث تنفّذ في حقّهما العقوبة الأشدّ وهي عقوبة الإعدام.
2- بإلزام المتّهمَيْن حسين فياض وحسن الغناش بأن يدفعا بالتكافل والتضامن في ما بينهما، الى المدعين زكريا صفاوي وعلي وبسام عباس ونشمية غازي، مبلغًا قدره مليونا دولار أميركي/2،000،000/ د.أ، أو ما يعادله بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر الصرف المتداول بتاريخ الدفع الفعلي، تعويضاً عن العطل والضرّر اللاحق بهم بنتيجة قتل المغدورات باسمة عباس وتالا وريما ومنال صفاوي.
3- بردّ سائر الاسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة.
4- بتضمين المتّهمَيْن الرسوم والنفقات كافة بالتكافل والتضامن في ما بينهما.
حكماً وجاهياً بحقّ المتّهمَيْن حسين فيّاض وحسن الغنّاش صدر في بيروت في تاريخ 2023/11/16.
“محكمة” – الخميس في 2023/11/16
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك” و”الواتساب”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!