المادة 118 من قانون المحاسبة لا تسقط المسؤوليات
كتب جهاد إسماعيل:
بدا واضحاً أنّ الحكومة، بعد قرار المجلس الدستوري، تتجّه إلى تعليق سلسلة الرتب والرواتب مؤقّتاً، ريثما تؤمّن مصادرها المالية بمشروع قانون ضريبي آخر، أو بقانون الموازنة، لكنّ شكل قرار التعليق لم يحسم بعد، وإنْ كانت المعلومات الصحفية تؤكّد أنّ الإتجاه يتوزّع على احتمالين، إمّا عبر إعداد مشروع قانون يرمي إلى تعليق “السلسلة”، أو عبر مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، سنداً للمادة 118 من قانون المحاسبة العمومية التي تنصّ على أنّه:”لوزير المالية، إذا وجد ضرورة لذلك، أن يقترح على مجلس الوزراء وقف استعمال بعض الاعتمادات المرصدة في الموازنة. ولمجلس الوزراء أن يقرّر الموافقة على الاقتراح إذا كانت الظروف الراهنة تبرّر اتخاذ مثل هذا التدبير”.
إلاّ أنّ اللجوء إلى الخيار الثاني، يعارض المبادئ أو الأصول الحقوقية، وذلك في الأوجه التالية:
• بما أنّ “السلسلة” قد شرّعت بقانون نافذ، فإنّ القاعدة القانونية لا تلغيها إلاّ قاعدة أخرى، لأنّ القانون يعلو على المرسوم، ولا يمكن لوزير المالية أو الحكومة أن يعطّلوا أحكامها، جزئياً أو كلّياً، سنداً للمادة 118 من قانون المحاسبة.
• تطبيق أحكام المادة 118 يفترض أنّ القانون المراد إيقافه ولو جزئياً، هو قانون الموازنة بحسب النصّ، وليس قانوناً خاصاً كقانون “السلسلة”، إذ لا يمكن إيقاف اعتمادات “السلسلة” وفق هذا العنوان، تبعاً لاختلاف الشروط والمعايير.
• إناطة مجلس الوزراء مهمّة إيقاف العمل بالقانون، يجعل من الأحكام الدستورية وكأنّها لم تكن، لأنّه ليس من الشرعية أن تقرّر السلطة التنفيذية تعطيل دورها من تلقاء ذاتها من جهة، وإلغاء ما شرّعته السلطة التشريعية من جهة أخرى.
لذلك لا يمكن للحكومة، بذريعة المادة 118 الآنفة الذكر، أن توقف “السلسلة” بمرسوم، في ما من واجبها العمل بها بمرسوم آخر، أو إيقاف أحكامها بقانون ولو عدّ التفافاً على التشريع، باعتبار أنّ مقتضيات مبدأ “فصل السلطات”، إناطة التشريع بالبرلمان، والتنفيذ بالحكومة، وإلاّ عدّ ذلك تقاعساً عن المسؤوليات، ومحاولة في الانقلاب على الدستور ومرتكزاته.
“محكمة” – الأحد في 24/09/2017.