أبرز الأخبارالأخبارعلم وخبرميديا

النصّ الحرفي للقرار الاتهامي بالعميل عامر الفاخوري: حكايات الخيام.. ولا إسقاط لجرم التعامل/علي الموسوي(3/3)

كتب علي الموسوي
في الحلقة الثالثة والأخيرة من القرار الاتهامي الصادر عن قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا بحقّ العميل عامر الفاخوري، يظهر بوضوح قرار الطلب من النيابة العامة العسكرية إعادة النظر في مدى صحّة قرارها القاضي بإسقاط العقوبة موضوع الحكم الغيابي الصادر بحقّ الفاخوري بجرم إجراء اتصال بالعدوّ الإسرائيلي وعملائه، والرجوع عنه في ضوء ما أظهره التحقيق الراهن من استمراره في التعامل مع العدوّ حتّى العام ١٩٩٨ أيّ بعد صدور الحكم، ثمّ دخوله بلاد العدوّ مع بزوغ فجر التحرير في 24 أيّار من العام 2000 ومغادرته منها في شهر تموز من العام ٢٠٠١، وذلك سنداً للمادة /١٦٧/ عقوبات.
وبعدما تابعت أبو شقرا سماع إفادات أسرى محرّرين استفاضوا في تقديم المعلومات عن الفاخوري، إنتقلت إلى تفنيد ما ساقه من ادعاءات بتعرّضه للضرب والتعذيب خلال مرحلة التحقيق الأوّلي لدى المديرية العامة للأمن العام، وإصابته بنوبة هستيرية فور علمه بصدور قرار بتوقيفه قضائياً.
وهنا تفاصيل الحلقة الثالثة والأخيرة من القرار الاتهامي:

جهاد حمود
وأدلى الشاهد جهاد حسن حمود أنه في العام ١٩٨٣ أسّس مجموعة في بلدته كفركلا ضمت أبناء عمه وأقاربه، هدفها مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، وكانوا يتواصلون مع الحركات والجبهات المقاومة في الجنوب كالجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي وحركة أمل من أجل إمدادهم بالسلاح لقتال العدو، وأن هذه المجموعة قامت بأعمال قتالية عدة كنصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة، وهو تعرّض للإعتقال في 1985/12/4 حتّى 1990/10/1، وتمّ وضعه في معتقل الخيام، وهو تمّ اعتقاله على يد ما كان يعرف يومها بجهاز “٥٠٤” وهو عبارة عن جهاز أمني إسرائيلي يضمّ بعض اللبنانيين من ميليشيا لحد، وأنه خلال وجوده في معتقل الخيام عرف شخصاً يدعى عامر فاخوري، وأنه عند وصوله إلى المعتقل كان عامر مسؤول الحراسات بعدها بات عامر المسؤول العسكري للمعتقل بأسره، ويقصد بذلك أن عامر كان المسؤول المباشر عن كل ما يحصل داخل العنابر من التغذية حتى التعذيب، وهو يقصد بالتغذية تأمين الطعام أو الحرمان منه وتجويع الأسرى،
كسر معنويات الأسرى
وأن الفترة التي امتدت من العام ١٩٨٥ حتى العام ١٩٨٨ تميزت بتجويع الأسرى وقطع مياه الشرب عنهم حتى باتوا كهياكل عظمية، وأن الهدف من التعذيب كان كسر معنويات الأسرى وإذلالهم ومنعهم من المطالبة بأدنى حقوقهم من طعام أو شراب، وأن عناصر الشرطة في معتقل الخيام كانوا يخضعون لسلطتين، عسكرية وأمنية، السلطة العسكرية كانت بيد عامر فاخوري، والسلطة الأمنية كانت بيد جان الحمصي، وأن العناصر كانوا ينفّذون أوامر المذكورين،
أنطوان الحايك
وأنّه بتاريخ 1989/11/24 الذي صادف يوم خميس دخل عناصر من الشرطة إلى السجن رقم /٣/ وتحديداً إلى الغرفة رقم /٧/ حيث كان الأسيران أحمد يحي ورفيق ديباجة يصلّيان، فأمر الشرطي أحمد بمنع رفيق من إتمام صلاته، لكن أحمد رفض ذلك، عندها دخل عناصر الشرطة ويذكر منهم دانيال أبو سمرا، وقاموا بسحب أحمد ورفيق إلى ساحة التعذيب وضربهما على مدى نصف ساعة بشكل مبرح، ثم أعادوهما إلى الغرفة، وفي ذلك الوقت كان هو قد باشر في أداء صلاة المغرب وكان لا بدّ أن يرفع صوته عند البسملة والحمدلة، فأمره الشرطي دانيال بخفض صوته وهو رفض ذلك، عندها دخل دانيال مع عناصر آخرين واقتادوه إلى ساحة التعذيب حيث تعرض للضرب المبرح لمدة ساعة ونصف قسّمت إلى ثلاث جولات، جولة كلّ نصف ساعة، تنتهي بسكب المياه الباردة عليه لمعاودة ضربه، وعند إعادته إلى غرفته لم يتعرّف عليه رفاقه من شدة تورّمه، وفي يوم الجمعة اتفقوا على بدء تنفيذ إضراب عن الطعام في يوم السبت للمطالبة بدخول الصليب الأحمر، ويوم السبت ظهراً وعندما حان موعد إحضار طعام الغداء، أعلن الأسرى رفضهم دخول الطعام إلى غرف السجن رقم /٣/، عندها حضر الشرطي أنطوان الحايك ومعه عناصر آخرون وحاولوا إجبارهم على إدخال الطعام، فرفضوا ذلك، فقام عناصر الشرطة بسحب الأسيرين محمد هزيمة وأمين ترمس من الغرفة رقم /٢٠/ إلى ساحة التعذيب، عندها بدأ الأسرى بالطرق على الأبواب والصراخ وإطلاق صرخات التكبير، بعدها سمعوا صوت إطلاق نار علموا أن مصدره الشرطي أنطوان الحايك الذي كان يطلق النار أمام باب السجن بقصد إخافتهم وإجبارهم على فكّ الإضراب،
تجعيدة في جبهة عامر
لكن الإضراب استمر، عندها تدخل عامر فاخوري ووقف على باب السجن رقم /٣/ وبدأ يتكلم معهم بالعربية لكن بلكنة عبرية ليوهمهم أنه ضابط إسرائيلي، أما هو فقد عرف عامر من صوته، وهو حتى اليوم لا يمكنه نسيان صوت عامر ولا التجعيدة في جبهته، عندها نادى عليه “يا عامر أنا عارفك”، بعدها بدأ عامر يتكلّم باللهجة اللبنانية وسأله عن مطالب الأسرى، فأجابه أنهم يريدون دخول الصليب الأحمر وأن يصار إلى نقلهم إلى معتقل يشرف عليه الصليب الأحمر، فأجابه عامر “طويلي على رقبتكن”، ثم سمع عامر يقول لأنطوان الحايك “زتها”،
وصية بلال السلمان
وبعدها شاهدوا قنبلة دخانية تنفجر أمام باب غرفتهم رقم /١٧/ وعمّ الدخان الرمادي اللون في المكان، وباتوا عاجزين عن الرؤية وبدأ الجميع بالإستفراغ وسادت حالات إغماء، ودخل عناصر من الشرطة وقاموا بسحبب عدد من الأسرى إلى الباحة وقاموا بتعذيبهم من المساء حتى الفجر، أي فجر يوم الأحد، وكان يمكن سماع صراخهم في كل المعتقل، وفي الوقت عينه الذي كانت تجري فيه هذا الأحداث كان الأسرى في السجن رقم /٤/ يتحركون لمساندة الأسرى في السجن رقم /٤/ بعد أن سمعوا أصوات الصراخ وإطلاق النار، وهو علم لاحقاً أنه تمّ رمي قنابل دخانية في السجن رقم /٤/، وأنه تمّ سحب بعض الأسرى وتعذيبهم في الباحة من فجر يوم الأحد حتى الظهر تقريباً، وكان بينهم بلال السلمان وابراهيم أبو عز، وتمّ وضع الأسرى الذين تعرضوا للتعذيب في السجن رقم /٢/، وهو علم أن بلال بقي يئن طوال ليل الأحد – الإثنين، وينطق بكلام غير مفهوم، إلى أن نطق عبارة واحدة فجر الإثنين “بقوا صامدين وخليكو قوايا” وفارق بعدها الحياة،
غرفة بلا هواء
وقبل استشهاد بلال كان رفاقه يصرخون طالبين نجدته خاصة أنه كان يستفرغ بشكل مستمر، لكن ما حصل أن الممرض عبد الله مرّ وأعطاه حبة دواء ضد الإستفراغ، ما أدى إلى حصول نوع من الإرتخاء في جسده وفارق الحياة، وأن بلال كان قد تعرض لاستنشاق الدخان ثم للتعذيب وهو أودع في الغرفة رقم /٤/ من السجن رقم /٢/، وهي غرفة لا يدخل لها الهواء إلاّ من طاقة صغيرة جداً، وهو يعرف ذلك لأنه أودع في هذه الغرفة بتاريخ لاحق، حيث التقى بالأسير سمير حمادة الذي كان مع بلال يومها وروى له ما حصل، وأنه قبل وفاة بلال صرخ رفاقه معلنين أن بلال يشارف على الموت فكان جواب الشرطة “بس يموت عيطولنا”،
بيدو
وأنه بعد وفاة بلال حضر الشرطيان أنطوان الحايك والمدعو “بيدو” وسحبا بلال من رجليه إلى الخارج، وأن عامر كان يشرف على كل ذلك طوال الوقت، فعامر لم يترك المعتقل طوال الأيام الثلاثة، وبعد سحب بلال بدأ الأسرى في السجن رقم /٢/ بالصراخ والطرق على الأبواب، عندها رمى أنطوان الحايك و”بيدو” قنبلة غازية مشلّة للأعصاب، ما أدى إلى حالات إغماء وانقباضات عصبية وآلام مبرحة لدى الأسرى، ويذكر أنه كان يؤدي صلاة الفجر عندما شعر بصمت رهيب في السجن رقم /٢/ بينما كان قبل ذلك يسمع أصوات الصراخ صادرة من هناك، ثم أحسّ برائحة بشعة ومحرقة للعيون، فعلم أن شيئاً مريباً يحصل في السجن رقم /٢/، وبعدها باتوا يسمعون أصوات تكسير للنوافذ، وأن ابراهيم أبو عز أودع في الغرفة /١٧/ في السجن رقم /٢/ مع الأسيرين محمود سليمان ووجيه بشارة، وهو علم من محمود بعد تحريرهما أنه عند رمي القنبلة الغازية في السجن رقم /٢/ تأثر بلال أكثر من غيره من الأسرى لأنه كان سبق له وأن استنشق الدخان وتعرض للتعذيب طوال اليوم، وأنه بعد تكسير النوافذ وفتح أبواب العنابر والسماح للأسرى بالخروج إلى الباحة حتى لا يموتون إختناقاً، قام كل من محمود ووجيه بحمل إبراهيم الذي كان لا يزال مغمياً عليه، فيما هما استعادا وعيهما قليلاً، وأن محمود أخبر أنه بعد ثوانٍ من حمله ابراهيم مع وجيه، شعرا أن حمله بات ثقيلاً وارتخى، فعلما أنه فارق الحياة، وهو يذكر تماماً أن ابراهيم وبلال كانا لا يفترقان وكان بلال يقول لابراهيم “إذا متت بتلحقني عالقبر”، فيجيبه ابراهيم “ايه لح إلحقك عالقبر”،
الشرطي جورج كرم
وأنه كان موجوداً في المعتقل عندما تمّ صلب علي عبد الله حمزة، وأن علي تعرض لذلك في شهر آذار من العام ١٩٨٦، وعلي كان مديراً لمدرسة الجميجمة وتمّ اعتقاله من قبل جنود العدو بعد عملية قامت بها المقاومة الإسلامية، وأن علي أودع في السجن رقم /١/، وهو كان في هذا السجن يومها، وأن علي تعرض للتعذيب الشديد حتى وصل إلى مرحلة فقد فيها أعصابه وبدأ بالصراخ والهيجان، عندها قام الشرطي جورج كرم بإطلاق النار داخل السجن، فحضر عناصر من الشرطة وأخذوا علي إلى ساحة التعذيب وعلقوه على العامود واستمروا بضربه، وأن الأسير حسن مواسي الذي كان يتعرض وقتها للتعذيب في الساحة أيضاً روى له أنه سمع عناصر الشرطة يقولون “نزلوه مات”، فيما يروي أسرى آخرون أن علي أنزل عن العامود قبل أن يفارق الحياة ووضعه عامر في صندوق سيارته واختفى علي بعدها ولا يزال مصيره مجهول حتى اليوم،
زمور التحقيق
وأنه لدى وصوله إلى المعتقل تمّ التحقيق معه على مدى شهرين، تعرض خلالها للتعذيب، فالتحقيق لم يكن يتمّ بالمعنى القانوني للكلمة، بل هناك تعذيب تليه بعض الأسئلة، وهو بمجرد أن وصل إلى المعتقل تمّ وضع الأصفاد بيديه خلف ظهره وبرجليه ووضع كيس في رأسه مع عصبة على العينين، ووضع قرب أذنه اليمنى صوت زمور عال جداً، وطوال التحقيق تعرض لقلة النوم والحرمان من الطعام والشراب والجلد والقلق والتعليق والصعق بالكهرباء، والأصعب من كل ذلك هو تعرضه للإهانة في شرفه وعرضه، وأن من كان يقوم بهذا التعذيب هم عناصر الشرطة المؤتمرين من جان الحمصي، حتى أن العناصر كانوا يمارسون عليهم ضروباً من التسلية، كتمثيل مشاهد من المصارعة الحرة التي كانوا يتابعونها على قناة سعد حداد الشرق الأوسط،
الفاخوري يدوس طعام الأسرى بحذائه
وأنه عندما تسلم عامر إمرة معتقل الخيام كان يعطي الأوامر لعناصره بالتعذيب والإذلال والتجويع والعطش، فعامر كان أعلى رتبة من أن يقوم بذلك بيده، وهو يذكر تماماً أنه عندما كان يمرّ عامر بين عنابر السجن كان يأمر عناصر الشرطة الأسرى بالإستدارة نحو الحائط، وأن عامر قام في العام ١٩٩٠ بالدوس بحذائه في طعامهم بعد أن رفضوا إدخال الطعام إلى غرفهم مطالبين ببعض حقوقهم من طعام وشراب، أما هو ولأنه كان عنصراً أساسياً في انتفاضة العام ١٩٨٩ فقد منع من الإستحمام من تاريخ الإنتفاضة حتّى 1990/3/1 بأمر مباشر من عامر فاخوري كعقاب له عمّا فعله،
يعيشون بلا زمان ومكان
وأنه من ضروب التعذيب النفسي التي مورست عليه وعلى رفاقه إيهامهم أنهم يمرون في سراديب لدى اقتيادهم للتحقيق أو للتعذيب، كونهم كانوا يسيرون ورؤوسهم في أكياس ومكبّلي اليدين والرجلين فكان الشرطي يقول لهم “أخفض رأسك”، “إرفع قدمك”، “امش متمهلاً”، لكن بعد فترة من وجوده في المعتقل اكتشف أن غرف التحقيق قريبة من العنابر وأن فسحة الشمس قريبة من فسحة التعذيب، واكتشف أنهم كانوا يعيشون في وهم المقصود منه أن يعيشوا في ضياع فاقدين للزمان والمكان خاصة في فترة التحقيق حين كانوا يحرمون من النور ومن الشمس، وأنه مستعد لمواجهة المدعى عليه عامر فاخوري،
محمد رمضان
وأدلى الشاهد محمد حسين رمضان أنه انتمى في العام ١٩٨٥ للحزب الشيوعي، وهو كان منخرطاً في العمل العسكري ضمن جبهة القاومة الوطنية اللبنانية التي مارست العمل المقاوم ضد الإحتلال، وأنه تعرض للإعتقال في 1989/9/11 على إثر عملية عسكرية ضد العدو في بلدة كفركلا المحتلة آنذاك، وأنّه تحرّر في 1996/1/3 بجهود من الصليب الأحمر الدولي، وأنه التقى بعامر فاخوري لمرة أولى في معتقل الخيام بتاريخ 1989/11/27 ولم يكن يومها يعرفه بإسمه، وفي هذا التاريخ توفي أحد الأسرى المدعو بلال السلمان على خلفية إنتفاضة كانت حصلت في اليومين السابقين، وكان بلال قد أودع في السجن رقم /٢/ حيث كان هو موجوداً، وكان بلال في حالة صحية سيئة بسبب استنشاقه الدخان بعد أن تمّ رمي قنبلة دخانية في السجن الذي كان بلال فيه، ولتعرضه للتعذيب بعد ذلك، وأنه بعد أن توفي بلال بدأ الأسرى بالصراخ والطرق على الأبواب، فحضرت مجموعة من الشرطة على رأسهم شخص بدا واضحاً أنه قائدهم وذلك من مظهره العسكري والنجوم على كتفيه، ثم عرف في حادثة ثانية أن هذا الشخص يدعى عامر فاخوري، وأنه بعد وفاة بلال وصراخ الأسرى وطرقهم على الأبواب تمّ رمي قنابل غازية فسادت حالات من الإغماء والإستفراغ والمشارفة على الوفاة، وأن عناصر الشرطة دخلوا لكسر النوافذ وفتح الأبواب وكانوا يضعون الأقنعة الواقية، وبالتالي هو لا يعرف إن كان عامر موجوداً معهم عندما رموا القنابل لا سيما أنه لا يمكنه مشاهدة من يدخل إلى السجن الذي يقبع فيه إلاّ عندما يصبح الداخل على مقربة من باب زنزانته،
الفاخوري يقمع الانتفاضة
وأنه بعد وفاة بلال توفي ابراهيم أبو العز، التقى بعامر لمرة ثانية داخل معتقل الخيام بعد هذه الإنتفاضة، حيث حصلت عدة مطالبات لتحسين أوضاع الأسرى كان عامر يقوم بقمعها وهو عرف إسم عامر من الأسرى الذين كانوا مقيمين في الجنوب كونه هو كان مقيماً في بيروت قبل اعتقاله، وأنه عند وصوله إلى معتقل الخيام خضع للتحقيق لنحو شهرين، وهو تعرض خلاله للتعذيب بالصعق بالكهرباء والجلد والتعليق على العامود، وهو لا يعرف إن كان لعامر علاقة بهذا التعذيب إذ من تاريخ اعتقاله في 1989/9/11 وحتّى انتهاء التحقيق معه لم يشاهد إلاّ الشرطي الذي كان يأتي ليأخذه من سجنه الإنفرادي أو مما كان يسمى غرفة العملاء وهي غرفة يودع فيها الأسرى مع سجناء عملاء، إلى غرفة التحقيق، وأنه بمجرد خروجه من غرفته كان الشرطي يضع كيساً على رأسه ولم يكن يشاهد من كان يحقق معه ولا من كان يقوم بتعذيبه، وأن جان الحمصي هو رئيس فريق المحققين ويلقب “أبو نبيل” وهو لم يشاهد جان طوال فترة التحقيق، لأن رأسه كان دوماً مغطى بكيس،
أبو نبيل يجلد المعتقلين
لكن بعد التحقيق وفي حال مثلاً ضبط معه ما يعدّ مخالفاً لنظام المعتقل كان يخضع للتحقيق وكان أبو نبيل يقوم بجلده بنفسه وكان يرفع الكيس عن رأسه ليراه وهو يتألم وعندها فقط كان يتمكن من رؤية وجه أبو نبيل، وأنه عرف إسم جان الحمصي من خلال تداوله مع باقي الأسرى بمواصفات هذا الشخص وصوته، وأن الأسرى من أبناء الجنوب تعرفوا إليه خاصة أبناء بلدته أو البلدات المجاورة، وأنه في العام ١٩٩١ كان ينفذ عقوبة في السجن رقم /١/ ويومها شعر أن أبواب الغرف الأخرى تفتح وتقفل وهناك أصوات توحي بإحضار أسرى إلى السجن رقم /١/، وهو صرخ سائلاً عمّن حضر وتبين أنهم خمسة أسرى يذكر منهم علي درويش ومحمد جواد وحيدر الغول، وفهم أن هؤلاء كانوا ينفّذون إضراباً عن الطعام في السجن رقم /٣/ وتمّ إحضارهم إلى السجن رقم /١/ على سبيل العقوبة، عندها قرّر أن يشارك رفاقه في الإضراب، وعندما حضر الطعام رفض رفاقه استلامه كما رفضه هو أيضاً، عندها حضر عامر فاخوري مع عناصره، وكان هو قد بات يعرف عامر جيداً حتى من صوته، وبدأ عامر يسأل الأسرى عن سبب رفضهم للطعام، وعندما حان دوره للسؤال أجاب عامر أنه يقف مع رفاقه في إضرابهم ولن يخذلهم، فأجابه عامر أن الجميع سيتعرّض للضرب، وعندها تمّ وضع الأصفاد في أيديهم والأكياس على رؤوسهم وأخرجوا إلى الخارج، وكان طوال الوقت يسمع أصوات رفاقه قربه وصوت عامر، ثم شعر أن رفاقه باتوا بعيدين عنه لكن صوت عامر كان يقترب منه وصاحب الصوت كان يتعرض له بالضرب، ثم يبتعد الصوت ليتابع عنصر آخر ضربه، ونتيجة ذلك تمّ نقل علي درويش وحيدر الغول إلى المستشفى، وأن علي أصيب بالسلّ بسبب الكسور والضرب الذي تعرض له وتمّ تحريره لاحقاً بسبب سوء وضعه الصحي، وأنه يسمع بقصة علي عبد الله حمزة من رفاقه ويسمع أنه من شدة ما تعرض علي للتعذيب تمّ نقله إلى خارج المعتقل، ومنهم من قال إنّه مات ومنهم من قال إنّه بات داخل فلسطين المحتلة لكن حتى اليوم مصيره مجهول، وأن ملامح عامر لا بدّ أن تكون تغيّرت بعد عشرين عاماً لكن بعد أن شاهد صورته على التلفاز استعاد ذاكرته لبعض ملامحه ويبقى أن إسم عامر راسخ في ذاكرته لا ينسى، وأن سلام فاخوري كان نائب عامر وقليلاً ما كانوا يشاهدونه وهو لم يتذكر إسم سلام إلاّ عندما تحدثت عنه الصحافة، وأنه لم تحدث أية مواجهة مباشرة بينه وبين سلام، وهو لا يقصد من ذلك تبرئته إنما هو يتحدث عن نفسه فقط وعمّا حصل معه، حتى أن إسم سلام كان شبه منسي بالنسبة له وهو لا يذكر شكله أبداً،
عملية هروب
وأنه خلال وجوده في المعتقل كان عامر المسؤول العسكري عن المعتقل يشرف على حمايته ويقمع أي مظاهر شغب فيه، وهو يذكر مثلاً أنه عندما حصلت عملية هروب من المعتقل في أيلول ١٩٩٢ قام بها أربعة أسرى نجح إثنان منهم في الهروب فيما تعرض الأسير محمود رمضان لانفجار لغم أرضي ما أدى إلى بتر إحدى يديه وإصابته في عينه، كما تعرض سعود أبو هدلة لطلق ناري في كتفه، وأن المسؤول عن ذلك هو عامر كونه هو من يؤمن حراسة المعتقل لا سيما زرع الألغام حوله، وأنه مستعد لمواجهة عامر فاخوري،
عفيف حمود
وأدلى الشاهد عفيف شريف حمود أنه في العام ١٩٨٢ انضمّ إلى الحزب الشيوعي في بيروت وطلبت منه قيادته التوجه إلى الجنوب لمقاتلة “إسرائيل” ضمن جبهة المقاومة الوطنية، وأنه تعرض للإعتقال لعشرين مرة حيث كان يخضع للتحقيق في مركز زغلة التي كانت محتلة يومها ويستمر توقيفه في كل مرة لثلاثة أيام على الأقل وعشرة أيام على الأكثر يتعرض خلالها للتعذيب، وأنه أودع في معتقل الخيام في المرة الحادية والعشرين لاعتقاله وكان ذلك في 1988/1/5، وأنه في مركز زغلة لم يلتقِ بعامر فاخوري، بل كان هناك علم الدين بدوي وكان هو رئيس الأمن ومساعديه نضال جمال وفارس الحمرا، وأنه في مركز زغلة كان يجبر على النوم في قبو أرضه مليئة بالمياه، كما تعرض للضرب وأحياناً لمحاولات الترغيب بضمّه لصفوف العملاء، وأنه عند وصوله إلى معتقل الخيام لم يعرف أحداً، بعدها تعرّف إلى أبو نبيل وهو جان توفيق الحمصي رئيس المحقّقين، وبعد فترة تعرّف إلى الجميع وبينهم عامر فاخوري، وأن عامر كان هو المسؤول العسكري للمعتقل الذي يعنى بقمع الإضرابات والإنتفاضات،
“يا ناري يا ولدي”
وأن التحقيق معه دام لفترة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وفي اليوم الخامس من بدء التحقيق معه وبسبب الصلابة التي أبداها تمّ إحضار والدته واعتقلت إلى أن انتهى التحقيق معه بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وأن والدته لم تكن تعرف شيئاً عن عمله الحزبي وكان وجودها في المعتقل مجرّد وسيلة ضغط عليه، وكانت تلك أبشع وسيلة لأن والدته تعرضت للجلد والضرب ومحاولات الإغتصاب أمام عينيه، وفي كثير من الأحيان بحضور عامر فاخوري، كما كان هو يتعرّض للتعذيب أمام والدته التي لم تنطق إلاّ بكلمة واحدة عندما تراه يتعذّب “يا ناري يا ولدي”، ورغم كل ذلك فهو لم يفصح عن أية معلومة لأنه كان مؤتمناً على العمل المقاوم الذي يعتبره فوق الأمومة والبنوة،
عميل الزنزانة
وبعد التعذيب الذي كان يتعرض له كان يتمّ إيداعه في ما يسمّى زنزانة العملاء حيث يوجد معه عميل تكون مهمته معاملته بالحسنى لكسب مودته وانتزاع المعلومات منه، ويذكر منهم العميل يوسف خنافر، فهو بعد أن يعود من التحقيق وبسبب رفضه الإفصاح عن أية معلومة كان يحرم من الطعام والشراب، فكان يوسف يعطيه الماء والطعام سراً ويرجوه عدم البوح بمساعدته له ويداوي جروحه، إلى أن جاء يوم أحضر فيه الشرطي أمر إفراج عن يوسف فودّعه يوسف وسأله إن كان لديه أي طلب ينقله لأهله أو لرفاقه المقاومين، وهو وبسبب الثقة التي زرعها فيه يوسف على مدى عشرة أيّام متواصلة قال له “روح عا مركز صيدا قول للشباب يغيّروا محل البضاعة”، وفور خروج يوسف دخل الشرطي إلى زنزانته وقال له إنّ البضاعة عادة ما تكون مخدّرات أو عملة مزوّرة وأنّه لا يشكّ إطلاقاً أنّها سلاح للمقاومة، دون أن يعلن الشرطي أن كلامه عن البضاعة استقاه من يوسف، بل تكلم كما لو أن لديه معلومات وأعلمه أنه مشتبه به بترويج المخدرات للجنود الإسرائيليين، عندها شعر أن أمره انكشف وكان لا بدّ له للتخلّص من تهمة الترويج أن يبوح عن مكان وجود السلاح خاصة أنه تعرض على مدى ستة أيام للتحقيق والتعذيب لكنه اختار البوح عن كمية سلاح ضئيلة جداً كانت مخبأة في أحد المغاور وهي عبارة عن بندقيتين وعبوة ناسفة، ونتج عن ذلك بقاؤه في المعتقل لمدة أحد عشر عاماً حتّى 1998/6/26 عندما خرج في صفقة تبادل مع أشلاء جنود إسرائيليين قتلوا في عملية أنصارية،
منع من الإستحمام
وأنه بعد انتهاء التحقيق معه أودع في زنزانة جماعية كغيره من الأسرى فعانوا من قلة الشراب والطعام، أو تقديم الطعام على أوراق من النيلون، والمنع من الإستحمام لمدة شهرين أو أكثر، وفي حال سمح لهم بالإستحمام كان يتعيّن على /١٢٠/ أسيراً إنهاء حمامهم في ظرف ساعة، وفي حال خرج أي أسير وسقطت منه قطرة مياه كان يجبر على لحسها،
سلخ جلدة الرأس
وفي تلك الفترة بدأت معرفته بعامر فاخوري، ففترة ١٩٨٨ حتى ١٩٨٩ كانت من أسوأ المراحل حين كان عامر يأمرهم بوضع الحرامات على رؤوسهم طوال اليوم ويهدد أنه في حال شاهد شعرة من رأس أحد منهم سيسلخ جلدة رأسه، إلى أن أتى يوم كان يقبع في السجن رقم /٣/ واتفقوا على الإنتفاضة ليموتوا بشرف أو يعيشون بقليل من الكرامة، وبدأ ذلك في ٢٣ أو 1989/11/24 وتمّ قمع هذه الإنتفاضة بالقنابل الدخانية والغازية، وبعد أن سادت حالات الإغماء والإستفراغ بين الأسرى وشارفوا على الموت لأن العنابر مقفلة، تمّ إخراجهم إلى الساحة وكانوا عاجزين عن الحركة،
عويجان والعرّ
أما هو فتمّ رميه من على درج مكوّن من عشر درجات من قبل الشرطيين حنا سلامي الملقّب “عويجان” وفؤاد نهرا الملقّب “العرّ”، وتعرض الأسرى في الساحة للضرب المبرح، وكانوا عاجزين عن المقاومة، وبعد حوالي ثلاث ساعات من الضرب المبرح تمّت إعادتهم إلى الغرف، وهم أرادوا من خلال هذه الإنتفاضة إعلام السجن بما يحصل معهم فباتوا يطرقون على أبواب العنابر وانتقلت الإنتفاضة إلى السجن رقم /٤/ وشاع بين الأسرى خبر استشهاد بلال السلمان وابراهيم أبو العز اللذين كانا لا يفترقان، وأن هذه الإنتفاضة كانت الحدث الأبرز لكن عامر أشرف على قمع كل الإضرابات، وهم كانوا يعرفون وجهه لأنهم كانوا يشاهدونه عندما كان يمرّ بين العنابر ويهدد الأسرى إما بفكّ الإضراب أو التعرض للضرب، وكان عامر يختار أسيراً ضعيفاً أي ليس لديه القدرة على التحمل والمواجهة، فيجبره على الأكل ويتحدى بذلك أسيراً آخر من المعروفين بعصاميتهم وقوتهم ويشبعه ضرباً كجزاء له على رفضه الطعام، وكان عامر يباشر بضرب الأسير في الممرّ على مسمع من رفاقه حتى يأتي عناصر الشرطة ويخرجون الأسير ويتابعون تعذيبه خارجاً، وأنه يذكر ملامح عامر تماماً وهو يرتدي زيّه العسكري كما يذكر ملامح وجهه، لكن بعد عشرين عاماً لا بدّ أنه تغيّر، حتى الأسرى إذا مرت فترات طويلة ولم يلتقوا تجدهم لا يتعرفون إلى بعضهم البعض، وأنه أكيد أن من يتحدث عنه هو عامر فاخوري وليس سلام فاخوري، لكن سلام لا يقلّ أهمية عن عامر، وأن الإمرة الحقيقية كانت لعامر، وأنه وباقي الأسرى وصلوا إلى مرحلة باتوا يعرفون فيها كل شرطي من دعسة رجليه ومن طريقة مسكه للمفاتيح، فهم عوّدوا أنفسهم على معرفة عناصر الشرطة بكل حواسهم، وأنه مستعد لمواجهة عامر فاخوري، وأنه خلال وجوده في معتقل الخيام عرف طانيوس نهرا الذي كان سجاناً وشرطياً، وأن طانيوس كان يحسن معاملتهم فكان أحياناً يتقاسم معهم الطعام الذي تطهوه له والدته، وكان إذا تلقى أمراً لضربهم حاول قدر الإمكان التخفيف من حدة الضربات، وهو زار طانيوس بعد التحرير وسعى لإجراء حديث صحفي معه، وأن طانيوس لا يزال حتى اليوم يقيم في بلدته القليعة، وهو يقول ذلك ليوضح أن الإنتقام ليس من شيمهم وأنه لا بدّ من محاكمة كلّ من ساهم في بقاء الإحتلال من العام ١٩٧٨ حتى العام ٢٠٠٠، ورغم أنه يفهم الطبيعة المعقدة لهذا البلد لكنه يؤمن أيضاً أنه لو بقي الإسرائيلي وحده دون أية مساعدة من أي لبناني عميل لما طال وجوده طوال هذا الوقت ولما حصل هذا الشرخ بين أبناء الوطن الواحد،
أحمد سرور
وأدلى الشاهد أحمد موسى سرور أنه كوّن مع عدد من شباب بلدته طير حرفا مجموعة مسلحة لمقاومة الإحتلال وذلك في العام ١٩٨٥، وأن هذه المجموعة لم تقم بعمليات عسكرية ضد الإحتلال إذ بعد تكوين المجموعة انسحبت “إسرائيل”من جنوب الليطاني وباتت طير حرفا ضمن الشريط الحدودي المرسوم بعد هذا الإنسحاب، فضاق الخناق عليهم وتمّ اعتقال أحد رفاقهم وهو عصام سليم عواضة، فقرروا بعدها الاستكانة حتى تتضح الأمور، لكن تمّ اعتقالهم جميعاً وكانوا خمسة عشر شاباً، وأنه تمّ اعتقاله في 1985/5/20 ، وهو أودع في معتقل الخيام وخرج منه في 1987/11/14،
عملية كونين
وأنه خلال وجوده في معتقل الخيام عرف شخصاً يدعى عامر فاخوري، وأن دور عامر لم يكن واضحاً له في بادئ الأمر، إذ كان أبو نبيل جان الحمصي معروف أكثر، وبعدها بات أبو نبيل هو المسؤول عن التحقيق فيما تولى عامر مسؤولية تعذيب الأسرى وبرز إسمه بشكل خاص في قضية علي عبد الله حمزة، وأنه في شباط ١٩٨٦ حصلت عملية في بلدة كونين أسفرت عن خطف جنديين إسرائيليين، فقامت بعدها “إسرائيل” بعملية اعتقالات واسعة شملت /٥٢/ شاباً من كونين والبلدات المجاورة وصولاً إلى حاصبيا، وقد أودع الأسرى في معتقل الخيام وتعرضوا لتعذيب لا يوصف، وهو يذكر منهم جواد عبد الحسين سليمان الذي وصل إلى الغرفة وهو لا يعرف من يكون من شدة ما تعرض له من تعذيب، كما يذكر محمود مرداس من حاصبيا الذي أحضر سحباً إلى الزنزانة،
سلامي وأبو سمرا
وصادف يومها أنه كان في غرفة التحقيق وخلال إعادته إلى زنزانته مرّ في الساحة وكان على رأسه كيس، لكن الوقت كان ليلاً وكانت الإنارة قوية جداً فتمكّن من رؤية شخص معلق على العامود يتعرض للضرب من الشرطيين حنا سلامي وطوني أبو سمرا، وعندما أنزل هذا الشخص اختفى، وقال البعض إنّه مات وقال البعض أنه بات في “إسرائيل”، وهو عرف لاحقاً إسم هذا الشخص من أسير كان يقبع معه في غرفة واحدة ومن الشبان الذين اعتقلوا معه، وأنهم لم يصدقوا أية رواية عن علي حمزة لأنه لم يكن معهم في السجن رغم ذلك كان يرد إسمه في التعداد، كما كانت ترده زيارات من أهله دون حق المواجهة، وكان الأسرى يطلبون من كل أسير يتم تحريره أن يخبر أهل علي أن علي ليس موجوداً معهم في السجن وأنهم لا يعرفون شيئاً عن مصيره، وعندما تمّ تحريره بحث عن أهل علي والتقى والدته وزوجته وأخبرهم بما حصل مع علي لكنه لم يؤكد وفاته لأنه حقيقة لم يرَ علي ميتاً، وكل ما يذكره أنه خلال مروره في الساحة شاهد علي يتعرض للضرب بعصا رفش، وبعدها توقف فجأة عن الكلام والصراخ وتمّ إنزاله عن العامود، وكان عامر يتفرج على كل ما يحصل، وهو تابع سيره مخفوراً إلى غرفته، كما فهم من أهل علي أنهم باتوا يشكون بمصير ولدهم لأنهم لاحظوا أنهم عندما يأتون لزيارته تسلّم لهم ملابس على أنها لعلي لكنها ليست من مقاسه أبداً،
التعذيب حتّى الإغماء
وهو شخصياً تعرض للتعذيب على يد عامر فاخوري، فعامر أمر بتعليقه على العامود وبسكب المياه الساخنة والباردة عليه والجلد، وأن التعذيب كان يمارس إلى حدّ الإغماء من الليل حتى الصباح، وأنه تمّ التحقيق معه في فترة أولى على مدى خمسة عشر يوماً، ثم توالت عمليات التحقيق في ضوء ما يتوافر من معلومات أو ما يحصل من عمليات للمقاومة، لا سيما أنه هو من قام بتخبئة السلاح الذي استخدم في هذه العمليات، فهو خضع للتحقيق بعد عملية كونين وبعد عملية طير حرفا التي استشهد فيها محمد سرور، وتمّ هدم منزله لكنه لم يعترف على مكان وجود السلاح، واعترف بأمور بسيطة لينقذ نفسه، وأن جان الحمصي وبعض الضباط الإسرائيليين هم من كانوا يشرفون على التعذيب خلال التحقيق، وكان عامر يشرف على التعذيب بعد التحقيق كأنه مكلّف بانتزاع معلومات من الأسير لم يتمكن جان وغيره من المحققين من انتزاعها منه خلال التحقيق،
معرفة إسم عامر
وأنه يعرف شكل عامر، ويعتقد أنه يمكنه التعرف إليه لكن لا بدّ أن تكون ملامحه قد تغيّرت بعد عشرين عاماً، وأنه مستعد لمواجهة عامر، وأنه يضيف أن كل أسير كان موجوداً عند وصول علي عبد الله حمزة إلى معتقل الخيام سمع صوته وهو يتعذّب، وأن الأسرى كما باتوا يعرفون بعضهم بعضاً بحكم السنين التي أمضوها سوياً في المعتقل باتوا أيضاً يعرفون عناصر الشرطة من أصواتهم ويعرفون أسماءهم عندما ينادي أحدهم على الآخر ويجيبه، فينسبون الإسم إلى الصوت، وهم عرفوا إسم عامر من خلال أبناء بلدته والقرى المجاورة من الأسرى،
حسن مواسي
وأدلى الشاهد حسن محمود مواسي أنه انتمى في العام ١٩٨٥ لحركة المقاومة المؤمنة- حركة أمل- بقيادة الشيخ أبو علي الديراني، وأنه تعرض للإعتقال في ليل ٣-٤/٣/١٩٨٦، وأودع في معتقل الخيام، وأنه خلال وجوده في هذا المعتقل سمع بإسم عامر فاخوري، وأن عامر كان المسؤول عن المحققين وكان جان الحمصي مسؤول السجن، وأنه تعرض للتعذيب خلال وجوده في معتقل الخيام، فهو تعرض للتحقيق على مدى ثلاثة وثلاثين يوماً وتناوب عليه عدة محققين منهم عامر فاخوري وأحمد السيد علي ويحي أبو قمر وأبو عرب فاعور، وخلال التحقيق تعرض للصعق بالكهرباء والجلد والتعليق ورمي المياه الساخنة عليه ووضع مكبر للصوت قرب أذنه ما يجعله يفقد التركيز والوعي، وأنه خرج من المعتقل في 1990/10/10 بقرار من إدارة السجن بعد أن دفع أهله مبلغاً قدره خمسة آلاف دولار أميركي لأحد العملاء وصدر القرار بالإفراج عنه وإبعاده خارج الجنوب، وأنه تعرض للتعذيب بعد انتهاء التحقيق معه وحتى الإفراج عنه في كل مرة يقدم فيها على أي فعل فيه مخالفة لنظام المعتقل،
رون آراد
كما تعرض للتعذيب مرة بسبب رفضه إجراء مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي للطلب من قيادته مبادلته بمعلومات عن رون آراد، كما تعرض للتعذيب خلال انتفاضة 1989/11/26 حيث تعرّض للضرب المبرح الذي أدى إلى كسور في ظهره وجعله مقعداً حتى الإفراج عنه وبوضع صحي سيء جداً، وبعد الإفراج عنه توجّه إلى هولندا لتلقي العلاج، وأنه خلال وجوده في المعتقل سمع بإسم علي عبد الله حمزة، وما حصل أنه في إحدى الليالي كان قد تمّ التحقيق معه وأخرج من غرفة التحقيق وتمّ وضعه في باحة التعذيب أمام مدخل السجن رقم /١/، وكان مرمياً على الأرض منهكاً ومكبل اليدين والرجلين وعلى رأسه كيس، ثم سمع من داخل السجن رقم /١/ ضرباً قوياً على باب زنزانة وسمع أحد الأسرى يقول إنّ علي عبد الله حمزة يريد مقابلة المحقق، ثم شعر بشرطي يأتي ويتجادل مع علي ويشتمه ويخرج، ثم بعد وقت قصير تكرر الطرق على الباب فقدم شرطي وشتم علي وأمره بالسكوت، ثم بعد وقت عاد الطرق على الباب وشعر هو بقدوم شرطيين قام أحدهما بفتح باب الزنزانة، عندها قام علي بدفع الشرطي فقام الشرطي الثاني بإطلاق النار في الهواء، ثم سمع هو أحد عناصر الشرطة يطلب حضور عامر فاخوري، وبعدها تمّ إخراج علي وتعليقه على العامود وكان يمكنه سماع صوت جلد علي بسلك كهربائي ثخين، وهو يعرف هذا الصوت جيداً لأنه سبق وأن تعرض للجلد بمثل هذا السلك،
“يمكن مات”
واستمر الأمر لفترة ثم سمع صوت ضربة على العامود تشبه ضرب عصا خشبية، وسمع أحدهم يقول “يمكن مات” وبعدها شعر بوضع علي قربه، وكان عناصر الشرطة يمرّون فوقه هو ويدوسون عليه، ثم سمع أصوات ضجيج وأصوات سيارات تروح وتجيء، ثم سمع صوت سيدة تسأله عمّا يشعر به فأجابها أنه جائع، وبعد فترة تمّ إدخاله هو إلى ممر السجن رقم /١/ وأحضرت له هذه السيدة خبزاً طرياً مع المربى وأطعمته، وكان قد مضى على عدم تناوله أي طعام نحو أربعة أيام، ثم تمّ وضعه في زنزانة ضيقة، فتحدث مع أسير “الكلفة” أي الأسير المكلف بخدمة الأسرى، المدعو خضر مراد، وأخبره خضر أن علي لا يزال على قيد الحياة وأنه هو من قام بنفسه بغسل جروح علي، وأن سيارة أخرجت علي من المعتقل، لكن خضر لم يحدد إلى أين تمّ إخراج علي، وبعدها بات يسأل خضر عن مصير علي وكان خضر يجيبه أن علي لا يزال حياً لأن أهله لا يزالون يأتون لزيارته ويحضرون له الملابس،
عامر والتعذيب
وأنه علم بوجود عامر خلال تعذيب علي وحصول هذا التعذيب تحت إشراف عامر، لأنه يعرف عامر من صوته، فقبل يوم واحد أخذه شرطي وهو مكبل اليدين والرجلين ورأسه مغطى بكيس وجعله يركع أمام شخص وهو سمع هذا الشخص يطلب من الشرطي رفع الكيس عن وجهه، عندها شاهد شخصاً يجلس أمامه كأس من العرق وبيده مسدس أكر وعرف أنه عامر فاخوري لأنها كانت نوبة خدمة هذا الأخير، وعندها اعتقد أن عامر سيقوم بقتله، وهو كان يائساً لدرجة أنه فكّر باستفزاز عامر حتى يقوم بقتله حقاً، وأن عامر طلب منه فتح فمه، فسأل عامر إن كان يطلب ذلك منه ليسهل على نفسه إطلاق النار عليه وأنه لو كان شجاعاً لأطلق النار عليه على الفور، عندها طلب عامر من أحد العناصر سحبه إلى ساحة التعذيب وتعليقه على العامود، وقام عامر بجلده بسلك كهربائي ثخين ما أدى إلى تعرضه إلى كسور في ضلوعه لا يزال أثرها بادٍ حتى اليوم وبقي لفترة طويلة يشعر بآلام مبرحة مع كل نفس، وأنه مستعد لمواجهة عامر فاخوري،
إخباران آخران
وأنّه بتاريخ 2019/10/1 ورد إلى الملف إخبار مقدّم من الأسرى المحرّرين سهى فواز بشارة ونبيه حسين عواضة وياسر يوسف بزي وخليل قاسم هاشم وعلي عادل بزي، بوكالة المحامي حسن بزي، كما ورد إخبار مقدم من الشيخ عبد الحسن علي رشيد فياض، بوكالة المحاميين أشرف الموسوي وقاسم الضيقة،
فتمّ بتاريخ 2019/11/21 الاستماع إلى شهادة كل من علي عادل بزي وعبد الحسن علي عبد رشيد فياض على سبيل المعلومات،
وتمّ بتاريخ 2019/12/24 الاستماع إلى شهادة كل من ياسر يوسف بزي وخليل قاسم هاشم على سبيل المعلومات،
وتقرّر بتاريخ 2019/11/21 صرف النظر عن تكرار دعوة سهى فواز بشارة بعد أن تعذر إبلاغها للحضور بسبب وجودها خارج الأراضي اللبنانية،
علي بزي
فأدلى الشاهد علي عادل بزي أنه مارس العمل المقاوم خلال وجود الإحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان وذلك مع الحزب الشيوعي ضمن ما كان يعرف بجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية “جمول”، وأنه أودع في معتقل الخيام وذلك في العام ١٩٨٥، وأنه خلال وجوده في المعتقل عرف المدعو عامر فاخوري، وهو كان أودع بداية في مركز “١٧” في بنت جبيل ونقل مع غيره من الأسرى إلى سجن الخيام، وكان على رأسه قناع، وشعر أنه وضع في ساحة مع عدد من الأشخاص، وكان يسمعهم يقولون “إجا عامر إجا أسعد”، وبعدها تمت إحالته للتحقيق، وكان عامر من بين من حققوا معه وكان معه شخص يدعى واكيم، وأنه تعرض للتعذيب خلال التحقيق من ذلك الصعق بالكهرباء والجلد والضرب بالعصا والتعليق على العامود، وأن عامر كان من بين من مارسوا عليه ضروب التعذيب، وهو يذكر أنه قبل دخوله إلى إحدى جلسات التحقيق وضعه عامر عارياً ما خلا سرواله الداخلي تحت الشتاء في طقس بارد جداً، وأنه خرج من المعتقل في آب ١٩٨٦، وهو قبل دخوله المعتقل كان يزن /٨٠/ كلغ وخرج منه بوزن /٤٩/ كلغ، وهو خضع للعلاج من تاريخ خروجه حتى العام ٢٠٠٦ بسبب التهابات حادة في الجهاز البولي والكلى، وذلك بسبب تكرار تعرّضه للالتهابات داخل المعتقل دون أن يتلقى أي علاج، وبعد هذه المسيرة الطويلة أعلمه الطبيب أن شفاءه مستحيل وأن عليه استئصال كليته اليمنى، وهو اليوم يعيش بكلية واحدة، وهو يتناول أدوية الأعصاب منذ خروجه من المعتقل،
عبد الحسن فياض
وأدلى الشاهد عبد الحسن علي عبد رشيد فياض أنه مارس العمل المقاوم ضد الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، مع حركة أمل بداية ثم مع حزب الله، وهواعتقل ووضع في ثكنة مرجعيون وبقي فيها، ولم يدخل إطلاقاً إلى معتقل الخيام لأنه في فترة إعتقاله لم يكن هذا المعتقل موجود أصلاً، وهو اعتقل في شباط ١٩٨٤ وخرج من ثكنة مرجعيون بعد ثلاثة أشهر، وهو أوقف على يد عامر فاخوري إذ تمّ توقيفه في سهل الخيام من قبل مجموعة مشتركة بين ميليشيا لحد والجيش الإسرائيلي، وأن الشخص الذي قام بتوقيفه كان على رأس الدورية التابعة لميليشيا لحد، وهو بعد أن أودع في ثكنة مرجعيون علم أن هذا الشخص يدعى عامر فاخوري من خلال افتخاره هو والعناصر الذين كانوا معه أنهم هم من قاموا بتوقيفه، وأنه تعرض للضرب المبرح عند توقيفه، وجزء مهم من الضرب طاول عينه اليسرى التي كانت أصلاً مصابة منذ صغره، لكنه كان يستطيع الرؤية بها وكان يأخذ دواء لضغط العين، لكن بسبب الضرب على عينه اليسرى ومنعه من الدواء حصل فيها ورم ما أدى إلى تلف الشبكة، وبعد خروجه من المعتقل أجرى ثلاثة عشر عملية جراحية انتهت باستئصال عينه ووضع عين زجاجية، وأنه تمّ التحقيق معه من قبل ضباط إسرائيليين،
عامر يفتخر
وأنه عند توقيفه لم يكن يعرف عامر فاخوري ولم يكن يعرف أن من قام بتوقيفه يحمل هذا الإسم، لكنه علم من خلال توقيفه في ثكنة مرجعيون أن عامر كان يفتخر أنه هو من أوقف عبد الحسن فياض، فهو كان من الناشطين في العمل المقاوم وكان توقيفه صيداً ثميناً لا سيما أنه حصل بعد الإجتياح الذي أدى إلى تدمير الخيام بشكل كامل، والخيام كانت بلدة مدمرة أصلاً بكاملها منذ العام ١٩٧٦ وكان الشبان المقاومون معروفين وعددهم محدود ورؤوسهم مطلوبة، وأن أهالي الخيام لم يعودوا إليها إلاّ في العام ١٩٨٣ وبشكل بطيء، وأن فترة توقيفه كانت قصيرة رغم أهميته في العمل المقاوم لأن العبرة كانت لنوعية التوقيف، فهو تعرض لتعذيب جعل الطبيب الإسرائيلي يقترح إخراجه من الثكنة وإلاًّ فهو ميت حكماً، وهو وضع في الإقامة الجبرية في منزله في الخيام، لكنه تمكّن من الهروب إلى بيروت بعد أيام من خروجه من الثكنة، وهو بالإضافة إلى فقدانه عينه اليسرى أجرى عملية الديسك في رقبته في العام ١٩٩٩، ويعتقد أن سببه الضرب الذي تعرض له، وهو يضيف أنه كان من بين أربعة وعشرين معتقلاً ممن تعرضوا لإعاقة دائمة رُفِع بشأنهم إقتراح إلى رئاسة الحكومة في أواخر التسعينات لمعاملتهم كجرحى الجيش، وأحيلت أوراقهم إلى الوزارات المعنية كالصحة والمالية والشؤون الإجتماعية، وبعد إثني عشر عاماً سقط هذا الإقتراح واستبدل بإعطاء كل منهم تعويضاً قدره مليوناً وخمسمئة ألف ليرة لبنانية، وهو حتى اليوم يحتاج لإبدال عينه الزجاجية كل سنة ونصف كحد أدنى بقيمة لا تقل عن ألف وخمسمئة دولار أميركي،
ياسر بزي
وأدلى الشاهد ياسر يوسف بزي أنه لم يشارك في العمل المقاوم ضد الإحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، لكنه تعرض للإعتقال بتاريخ 1996/4/6 عندما كان داخل محله المعدّ لصناعة الأحذية في منطقة حي البركة في بنت جبيل، وتمّ إيداعه في معتقل الخيام، وتمّ تحريره في 1996/8/31، وهو خلال وجوده في معتقل الخيام شاهد عامر فاخوري مرة عندما حضر عدة أشخاص لالتقاط صورته داخل مكتب، وهو يذكر أنه كان مغطى الرأس يومها ومكبل اليدين وقام أحدهم برفع الكيس عن رأسه حتى أعلى جبينه، وطلب منه أن ينظر أمامه مباشرة دون أية حركة من أجل التقاط صورته،
الهرّ والنوبة العصبية
وهو تقدم بإخبار لأنه عندما تمّ سوقه للتحقيق مرة كان مربوطاً بسلاسل مع أربعة موقوفين وكان مغطى الرأس بكيس أسود ولم يعلمه الشخص الذي كان يسوقه أنه وصل إلى درج ما أدى إلى وقوعه ووقوع الباقين فوقه، وبعد التحقيق تمّ إيداعه في غرفة ضيقة جداً ووضع معه هرّ كان يموء بصوت عالٍ ويتصرف بطريقة جنونية لأنه أراد الخروج من الغرفة، ما أدى إلى فقدانه لأعصابه وتعرّضه لنوبة عصبية وبكاء شديد على مدى ثلاث ساعات، إذ شعر أن الهر سيقوم بعضه، وفكّر فقط بحماية عينيه ووضع الحرام على رأسه، وهو يعتبر عامر فاخوري مسؤول عن كل ذلك كونه كان قائد الشرطة،
خليل هاشم
وأدلى الشاهد خليل قاسم هاشم أنه لم يمارس العمل المقاوم خلال الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، وهو ليس لديه أي انتماء حزبي أو سياسي، ولم يسكن في الجنوب، وكان ولا زال يقطن في عرمون، وأنه تعرض للإعتقال، في شهر1996/10، وتمّ تحريره في شهر 1997/5، وتمّ إيداعه في معتقل الخيام، وهو شاهد عامر فاخوري خلال وجوده في معتقل الخيام، وذلك بعد وصوله إليه بيومين، وأنه تمّ اعتقاله على معبر كفرتبنيت أثناء توجهه إلى بلدته شبعا لحضور حفل خطوبة شقيقه، وأنه بعد يومين من وصوله إلى معتقل الخيام تمّ سوقه مكبل اليدين ورأسه مغطى بكيس قماش وتمّ إجلاسه على كرسي، وبسبب الرائحة البشعة التي كانت تنبعث من هذا الكيس شعر بالغثيان فقام برفع يديه ونزع الكيس عن رأسه، عندها شاهد شخصين أمامه، قام أحدهما بتخبئة وجهه، وهو كان يسأل عن سبب اعتقاله وعن سبب التحقيق معه، عندها وقف هذا الشخص وقال له “قل للمخبرين الذين أرسلوك أنا عامر فاخوري”،
وتبيّن له أن سبب اعتقاله كان العثور على رخصة حمل سلاح بحوزته صادرة عن وزارة الدفاع، وهو عندما شاهد صورة عامر على التلفاز تذكّره على الفور، وأنه تعرض للضرب من قبل عامر لمرتين، الأولى بعد أن رفع الكيس عن رأسه كونه كان يناقش بسبب توقيفه، والثانية أثناء التحقيق معه وذلك في الجلسة عينها،
رياض عيسى
وتبيّن أنّه ورد إلى الملفّ أيضاً بتاريخ 2019/10/1 شكوى مقدّمة من الأسير المحرّر رياض حسين عيسى بوكالة المحامي حسن بزي، وشكوى مع اتخاذ صفة الإدعاء بالحق الشخصي مقدم من مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب،
وتبيّن أن حضرة مفوض الحكومة أودعنا بتاريخ 2019/11/6 ثمّ 2019/11/7 كتاباً مرفوعاً إلى جانب وزارة العدل من مديرية الشؤون السياسية والقنصلية في وزارة الخارجية رقم 5/4271 تاريخ 2019/10/28 موضوعه طلب أميركي بالتحقيق في تعذيب “العميل” عامر فاخوري لدى اعتقاله من قبل الأمن العام، وقد طلب إلينا حضرة مفوض الحكومة إجراء التحقيقات اللازمة،
إفادة المحقّق
وعليه قرّرنا بتاريخ 2019/11/12 دعوة المحقّق رقم ٣٦٥٣/ م من عديد مكتب شؤون المعلومات- دائرة التحقيق الأمني لدى المديرية العامة للأمن العام ودعوة الطبيب الشرعي لسماع إفادة كل منهما بتاريخ 2019/11/14، الأول كشاهد على سبيل المعلومات،
فأدلى المحقق رقم ٣٦٥٣/ م أنه هو من قام بتوجيه الأسئلة للمدعى عليه عامر فاخوري خلال التحقيق الأولي، وهو من قام بتدوينها في محضر، وراجع القضاء المختص بشأنها، وأنه راجع العميد رئيس الدائرة لإحاطته بالموضوع، وأنه لم يتعرض للمدعى عليه بالتعذيب ولا بالضرب خلال التحقيق الأولي معه، وأنه كان موجوداً لوحده مع المدعى عليه لدى التحقيق الأولي معه لكن النقيب رئيس شعبة التحقيق كان يدخل ويخرج إلى ومن غرفة التحقيق، وأن النقيب تدخل بالتحقيق بطرح بعض الأسئلة على المدعى عليه، وأن المدعى عليه كان جالساً على كرسي موجود في الغرفة، وهو يذكر تماماً أنه قبل المباشرة بالتحقيق طلب منه المدعى عليه الماء فأحضر له عبوة بلاستيكية من المياه المعدنية وقدحاً من الشاي، وأن المدعى عليه وصل إلى مبنى المديرية العامة للأمن العام قرب قصر العدل في بيروت، حيث أعلم مكتب الإستعلامات في الطابق الأرضي أنه مستدعى لدائرة التحقيق الأمني حيث تمّ تزويده ببطاقة تسمح له بالصعود إلى الطابق الذي تقع فيه مكاتب الدائرة، وبوصوله انتظر المدعى عليه في ممر توجد فيه مقاعد جلس عليها العديد من المدنيين المستدعين للتحقيق الأولي معهم، ثم تمّ التقاط صورة له لحفظها في الأرشيف، وبعدها دخل إلى مكتبه، أي مكتب المحقق الشاهد، حيث باشر بالتحقيق معه، وكانت الساعة ٩،٣٠ (صباحاً)، وأن المدعى عليه لم يتعرض لأي ضرب أو تعذيب قبل المباشرة بالتحقيق الأولي معه، وأن المدعى عليه كان قد حضر في اليوم السابق أيّ في 2019/9/11 وبرفقته عميد من الجيش وطلب إخضاعه للتحقيق الأولي، لكن العميد رئيس المكتب رفض ذلك لأنّ المدعى عليه جاء في غير موعده، وكان لديهم تحقيقات أخرى يقومون بها، وطلب منه أن يحضر في الموعد المحدد له أي في 2019/9/12، وأنه لدى انتهاء التحقيق الأولي مع المدعى عليه استبقي في مبنى المديرية العامة للأمن العام حتى اليوم التالي ولم يسلّم إلى النيابة العامة العسكرية، ذلك أنه عند الساعة ١٣،٠٠ وردت إشارة من النيابة العامة العسكرية بتوقيف المدعى عليه، وعندما أعلم المدعى عليه بذلك وطلب منه أن يوقع على الإشارة بالتوقيف، إستشاط غضباً وبدأ يصرخ وانتابته حالة هستيرية، وكان يقول إنّه مواطن أميركي، وأنه مستغنٍ عن جنسيته اللبنانية، وأن المعاملة التي لقيها لدى الأمن العام أسوأ من تلك التي عاملت بها ميليشيا لحد الأسرى، وأن ذلك استوجب تأخير إيداع المدعى عليه في النظارة حتى الساعة ١٦،٣٠ أو ١٧،٠٠، إلى أن تمكنوا من تفتيشه جسدياً وأخذ كل غرض منه لا يجوز وجوده معه في النظارة كحزام البنطال ورباط الحذاء،
أثق بعملكم
وعند الساعة ١٦،٣٠ تقريباً حصلت مظاهرة أمام قصر العدل المقابل لمبنى المديرية طالبت بتوقيف المدعى عليه، ما جعل من المتعذر أمنياً وحفاظاً على حياته سوقه إلى المحكمة العسكرية، ما اضطرهم للإنتظار حتى اليوم التالي، وأنه تمّ وضع المدعى عليه في غرفة مستقلة ولم يتم خلطه مع باقي الموقوفين حفاظاً على حياته، وأن المدعى عليه وقع على كامل محضر استجوابه قبل ورود الإشارة بتوقيفه، فهو عندما يقوم بتوجيه الأسئلة يدوّن على مسوّدة بخط يده ثم يعطيها إلى عناصر الطباعة حيث تتم طباعتها على الكمبيوتر، ويتأكد أن ما جاء في الورقة المطبوعة مطابق للمسوّدة، ثم يطلب من المستجوب التوقيع على المحضر المطبوع، وهو اتبع هذه الإجراءات مع المدعى عليه، وهو يذكر تماماً أن المدعى عليه وضع نظارة وقرأ المحضر، وكان يوقّع عليه بكل حرية، كما يذكر أن المدعى عليه قال له “أنا أثق بكم وبعملكم”، وهو أجاب المدعى عليه أنهم يقومون بعملهم لا أكثر، كما أخبره المدعى عليه أنه سبق له أن خضع للتحقيق لدى مديرية المخابرات في الجيش وترك بعدها، وأنه يعتبر هذه الإجراءات وسيلة لإغلاق ملفاته، وهو أعلم المدعى عليه أنه بكلّ الأحوال يتعين عليه مراجعة النيابة العامة العسكرية، وهو يعتقد أن المدعى عليه صُدِم عندما وردت الإشارة بتوقيفه، وأضاف أن كلّ ما ورد في محضر التحقيق الأولي جاء على لسان المدعى عليه وهو غير موجود في محفوظات المديرية العامة للأمن العام، لأن الأرشيف العائد لسنوات الحرب الأهلية غير متوفر لديها بسبب احتراقه خلال الحرب،
جواز سفر إسرائيلي
أما عمّا ورد في التحقيق الأولي لناحية إفادة المدعى عليه بحيازته لجواز سفر إسرائيلي في حين تبين من المستندات المبرزة في الملف أن المدعى عليه دخل الأراضي الأميركية بجواز تسهيل مرور، فهو يدلي أنه خلال التحقيق الأولي أخبره المدعى عليه أنه علم بالإنسحاب الإسرائيلي قبل أسبوع من وقوعه كونه كان يعمل مع المخابرات الإسرائيلية المسماة /٥٠٤/، وأنه دخل إلى فلسطين المحتلة دون أن يذكر تاريخ ذلك، وأنه سكن في شاليه في منطقة نهاريا، وتمّ تخييره من قبل الشاباك بين البقاء في “إسرائيل” أو المغادرة إلى دولة أخرى، وأنه اختار المغادرة لكنه لم يتمكن من ذلك لأن جواز سفره اللبناني منتهي الصلاحية ومثبتة عليه سمة سفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لمدة عشر سنوات أخذها من سفارتها في تل أبيب في العام ١٩٩١، وأنه بقي بعدها في “إسرائيل” لمدة ثمانية أو تسعة أشهر أعطي خلالها بطاقة زرقاء هي عبارة عن هوية إسرائيلية ليتمكن من التجول داخل الأراضي المحتلة، وبعدها غادر إلى الولايات المتحدة الأميركية،
وهو سأل المدعى عليه عن كيفية تمكنه من السفر إن كان جواز سفره اللبناني منتهي الصلاحية، وأن المدعى عليه أعلمه أنه حاز جواز سفر إسرائيلي ورماه فور وصوله إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأنه يقول بعد عرض سمة السفر العائدة للمدعى عليه والصادرة من سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تل أبيب بتاريخ 2001/1/4 ومسندة إلى جواز تسهيل مرور صالح لمدة سنة، أن جواز تسهيل المرور لا يمنح إلاّ لمواطني الدولة، فلا يجوز لدولة أن تمنح هذا التسهيل لمواطن من رعايا دولة أخرى، والدليل على ذلك أنه عندما أراد المدعى عليه العودة إلى لبنان توجّه إلى السفارة اللبنانية لتنظيم جواز سفر لبناني له، لكن المدير العام للأمن العام رفض ذلك كونه موضوع شبهات أمنية ووافق فقط على منحه جواز تسهيل مرور، وأن المدعى عليه رفض ذلك ودخل لبنان بعدها بموجب جواز سفره الأميركي، وأنه لم يكن يعلم أن المدعى عليه حاز على جواز تسهيل مرور لدى التحقيق الأولي معه، وهو اليوم يطلع على هذا المستند للمرة الأولى، ويؤكد أن المدعى عليه قال له أنه حاز الجنسية الإسرائيلية وأنه حاز هوية تنقّل بموجبها داخل “إسرائيل”، وأنه عندما وصل إلى الولايات المتحدة الأميركية رمى جواز سفره الإسرائيلي، وقد يكون المدعى عليه قصد من ذلك إفهامه أنه متمسك بالجنسية اللبنانية، وأن المدعى عليه لم يمضِ ليلته في المديرية العامة للأمن العام في الحمام، وهو يؤكد على أنه تمّ وضع المدعى عليه في غرفة مستقلة من أجل تفتيشه وأخذ الأغراض الممنوعة منه إلى أن تمكنوا ليلاً من نقله إلى النظارة في سجن الأمن العام، وأن المدعى عليه لم يجبر على مشاهدة التظاهرة التي كانت تحصل أمام قصر العدل، ولم يتم تهديده برميه بين المتظاهرين حتى يقتصّوا منه، وأن المبنى الذي كان فيه المدعى عليه هو مبنى خلفي لا يطلّ على الطريق العام حيث حصلت التظاهرة،
حالة هستيرية
وأن سبب وجود بعض الكدمات والخدوش على وجه المدعى عليه ورقبته وزنده هو أنه بعد أن علم المدعى عليه بصدور إشارة بتوقيفه انتابته حالة هستيرية ومنع العناصر من تفتيشه فحصل تدافع بين المدعى عليه والعناصر خاصة أن المدعى عليه كان يحاول الخروج من الغرفة التي كان فيها وكان يصرخ بصوت عال جداً، وربما هذا ما أدى إلى إصابته ببعض الكدمات، وهو يؤكد مجدداً أن التحقيق الأولي مع المدعى عليه بوشر من قبله عند الساعة ١٠،٠٠ (صباحاً) وصدرت الإشارة بتوقيفه عند الساعة ١٣،٠٠ أي أن إجمالي وقت التحقيق ما عدا الكتابة والطباعة قارب الساعتين، وأن المدعى عليه كان يدلي بأقواله بكلّ راحة وهو كان ينقلها عنه بكلّ أمانة،
الطبيب دياب
وأدلى الطبيب الشرعي الدكتور عدنان دياب أنه كشف على المدعى عليه عند الساعة ١٥،٤٥ من يوم 2019/9/13 كما هو واضح في مقدمة تقريره، وأنه كان مكلّفاً من قبل النيابة العامة العسكرية، وأنه أجرى كشفه داخل نظارة المحكمة العسكرية، وأنه لا يعتبر إطلاقاً أن ما عاينه من خدوش واحمرار أو أي شيء آخر على جسد المدعى عليه كان نتيجة خضوعه للتعذيب بالمعنى القانوني للكلمة، وأنه يخمّن وبحسب خبرته أن سبب الخدوش والاحمرار هو إجراءات القبض على المدعى عليه وتثبيته، وأنه وبأمانته الطبية والمهنية وتحت قسم اليمين الذي أدّاه كطبيب شرعي فإنه يؤكد على صحة ما ورد في التقرير،
وأنه لدى الاطلاع على الصور الموجودة في حافظة هاتف الطبيب الشرعي للمدعى عليه تبين وجود صورة لخدوش سطحية على زنده الأيمن وصورة لخدش على خدّه الأيسر واحمرار على الرقبة من الجهة اليسرى وصورة لاحمرار على الرقبة من الجهة اليمنى وصورة لخدوش أخرى على خدّه الأيسر، وأن الطبيب الشرعي أرسل هذه الصور عبر تطبيق واتسآب إلى هاتفنا وتمّ سحبها ووضعها على حافظة معلومات أودعت في الملف،
دفوع شكلية
وتبيّن أنّ المدعى عليه تقدّم بتاريخ 2019/10/15 بمذكّرة دفوع شكلية، فصدر القرار بردّها بتاريخ 2019/10/29، وأن المدعى عليه استأنف هذا القرار بتاريخ 2019/10/31 أمام جانب الهيئة الإتهامية في بيروت، التي قرّرت ردّ الإستئناف شكلاً بتاريخ 2019/11/7 بموجب قرارها رقم 2019/1036 أساس 2019/1068، وأن المدعى عليه تقدّم بتاريخ 2019/11/19 بطعن تمييزي ضد قرار الهيئة الإتهامية في بيروت أمام جانب محكمة التمييز الجزائية الغرفة الثالثة التي قررت رد طلب النقض شكلاً بقرارها رقم 2019/424 أساس 2019/507 تاريخ 2019/12/3،
وتبيّن أنّه تقرّر بتاريخ 2019/10/3 تكرار سوق المدعى عليه عامر فاخوري لمتابعة استجوابه في جلسة تعقد بتاريخ 2019/10/8 لكنّ الجلسة لم تنعقد بسبب استئناف المدعى عليه لقرار ردّ طلب إخلاء سبيله الصادر بتاريخ 2019/10/2، فتقرّر بتاريخ 2019/10/9 تكرار سوقه إلى جلسة تعقد بتاريخ 2019/10/16، لكن الجلسة لم تنعقد بسبب تقدم المدعى عليه بدفوع شكلية في 2019/10/15، ثمّ تقرّر بتاريخ 2019/10/29 تكرار سوقه لمتابعة استجوابه بتاريخ 2019/10/31 لكنّ الجلسة لم تنعقد بسبب استئناف المدعى عليه للقرار البات بدفوعه الشكلية، ثمّ تقرّر بتاريخ 2019/11/12 تكرار سوقه لمتابعة استجوابه في جلسة تعقد بتاريخ 2019/11/13 لكن تعذّر عقد الجلسة بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت سائدة في البلاد، ثمّ تقرّر بتاريخ 2019/11/14 تكرار سوقه لمتابعة استجوابه في جلسة تعقد بتاريخ 2019/11/19 فتعذّر سوقه لدواعٍ طبّية، ثمّ تقرّر بتاريخ 2019/12/10 تكرار سوقه لمتابعة استجوابه في جلسة تعقد بتاريخ 2019/12/24 لكن تعذّر سوقه لدواعٍ طبّية، فقرّرنا بتاريخ 2019/12/24 وسنداً للمادة /٧٥/ أ.م.ج. الانتقال إلى مكان توقيف المدعى عليه عامر فاخوري في مستشفى سيدة لبنان- جونيه لمتابعة استجوابه يوم 2020/1/7، لكن تعذّر تنفيذ هذا القرار بسبب تقدّم المدعى عليه بطلب نقل دعوى، حيث قرّرنا بتاريخ 2019/12/24 وقف السير بالتحقيق لحين البت بهذا الطلب، وبتاريخ 2020/1/13 وبعد إعادة الملف إلى دائرتنا من محكمة التمييز الجزائية الغرفة السادسة بعد البت بطلب نقل الدعوى وردّه بموجب قرارها رقم 2020/3 أساس 2019/434 تاريخ 2020/1/7، قرّرنا الاكتفاء بالتحقيق بصورته الراهنة وإحالة الملف جانب النيابة العامة العسكرية لإبداء المطالعة بالأساس،
وتبيّن أنّ المدعى عليه تقدّم بمذكّرات عدّة أرفقها بمستندات اعتبرها منتجة في التحقيق الراهن منها: تقارير طبية عن وضعه الصحي،
وتقرير صادر عن هيومن رايتس واتش بتاريخ 1999/10/27 مأخوذ من موقعها الإلكتروني يفيد أن أحد الأسرى ويدعى ابراهيم كلش كان شاهداً على ظروف وفاة الأسير علي عبد الله حمزة في العام ١٩٨٥ الذي قيل أنه علّق عارياً في ليلة باردة ووُجِد ميتاً في صباح اليوم التالي،
وصورة عن محضر تحقيق أولي أجري لدى شرطة منطقة الجنوب بتاريخ 1995/2/21 مع الجندي اسماعيل القادري حيث أدلى “يدعى المسؤول عن الثكنة النقيب عامر فاخوري…”، وصور عن مقالات صحفية تتعلق بحركة “الأصل”،
وقد أدلى المدعى عليه في مذكراته تلك أن ما أبرزه يثبت وفاة علي عبد الله حمزة الذي كان يعمل عميلاً مزدوجاً للإسرائيليين والفلسطينيين وقد افتضح أمره، كما يثبت أن جهاز أمن السجن وجهاز التحقيق هو جهاز مستقل عن موقع الثكنة حيث كان يتواجد هو، وأن أمن السجن هو بحماية الشرطة العسكرية الذي هو أيضاً جهاز مستقل،
ثانياً: في الأدلة:
تأيدت هذه الوقائع:
– بالادعاء والتحقيقات الأولية والاستنطاقية،
– بأقوال الشهود، وبحافظة المعلومات،
– بجواز سفر المدعى عليه الأميركي المضبوط،
– بإحالة مديرية المخابرات في الجيش رقم ٧٢٨٩/ م م/د/س تاريخ 2019/10/19
– بمجمل الأوراق،

ثالثاً: في القانون:
أوّلاً: في تعرّض المدعى عليه عامر فاخوري للتعذيب خلال التحقيق الأولي:
حيث إنّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية طلب إلينا بتاريخ 2019/11/6 ثمّ بتاريخ 2019/11/7 إجراء التحقيق اللازم في الكتاب الوارد إليه من السفارة الأميركية في بيروت عبر وزارة الخارجية ثم وزارة العدل بتعرض المدعى عليه عامر فاخوري للتعذيب خلال التحقيق الأولي معه،
وحيث إنّ هذا الطلب جاء مسنداً إلى المادة /٥/ من القانون رقم /٦٥/ تاريخ 2017/10/20 ، التي عدّلت المادة /٢٤/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وقد نصّت المادة /٥/ المذكورة في الفقرة الثانية منها على أنه: “على قاضي التحقيق الناظر في الدعوى أن يتولى بنفسه القيام بجميع إجراءات التحقيق في شأن الأفعال المنصوص عليها في المادة /٤٠١/ من قانون العقوبات…”،
وحيث وإنفاذاً لطلب النيابة العامة العسكرية قمنا بالاستماع إلى شهادة المحقق لدى مكتب شؤون المعلومات- دائرة التحقيق الأمني لدى المديرية العامة للأمن العام والذي أجرى التحقيق الأولي مع المدعى عليه، كشاهد على سبيل المعلومات، باعتباره المشتبه به المفترض في ضوء ما تنص عليه المادة الأولى من القانون 2017/65 التي عدلت المادة /٤٠١/ من قانون العقوبات بقولها: “يقصد بالتعذيب في هذا القانون أي عمل يقوم به أو يحرض عليه أو يوافق عليه صراحة أو ضمناً موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية أثناء الاستقصاء والتحقيق الأولي والتحقيق القضائي والمحاكمات وتنفيذ العقوبات،”
وحيث إنّ الشاهد المذكور أنكر إقدامه على ممارسة أي تعذيب بحق المدعى عليه عامر فاخوري لدى التحقيق الأولي معه، كما أنكر تعرض المذكور للتعذيب قبل مباشرته التحقيق معه،
وحيث إنّنا قمنا أيضاً باستيضاح الطبيب الشرعي الدكتور عدنان دياب الذي أكد على أن الخدوش والاحمرار الذي عاينه على جسد المدعى عليه لا يفيد إطلاقاً عن تعرضه للتعذيب بالمعني القانوني للكلمة،
وحيث إنّ الطبيب الشرعي كان قد عاين المدعى عليه في 2019/9/13 أيّ بعد يوم واحد فقط من انتهاء التحقيق الأولي معه الذي بدأ أصلاً وانتهى في اليوم عينه أيّ في 2019/9/12، وتبيّن من تقريره أنّ كلّ مؤشّرات المدعى عليه الحيوية طبيعية،
وحيث تنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 2017/65 التي عدّلت المادة /٤٠١/ عقوبات على أنه يقصد بالتعذيب في هذا القانون أي عمل… “ينتج عنه ألم شديد أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق قصداً بشخص ما…”،
وحيث إنّه من البيّن أن المدعى عليه لم يكن يعاني من أي ألم لدى معاينته، وهو لو كان تعرض لتعذيب ينتج عنه ألم شديد لاستمر هذا الألم حتى معاينته، الأمر الحاصل في اليوم التالي مباشرة لانتهاء التحقيق الأولي معه،
وحيث إنّ العذاب الشديد لا يكتفي بإحداث خدوش واحمرار في منطقة وحيدة من جسد المدعى عليه وهي وجهه ورقبته دون باقي نواحي جسمه،
وحيث إنّ الطبيب الشرعي أفاد أن هذه الخدوش وهذا الاحمرار في وجه المدعى عليه ورقبته قد يكون ناتجاً، برأيه، عن مقاومته لدى القبض عليه وتكبيله،
وحيث إنّ الشاهد المحقق كان قد أدلى لدى الاستماع له أن المدعى عليه تعرض لنوبة هستيرية لدى علمه بصدور إشارة بتوقيفه، وكان يصرخ ويمنع العناصر المولجة بتفتيشه من القيام بعملهم، ما أدى إلى حصول تدافع بينه وبينهم خاصة أنه كان يحاول الخروج من الغرفة التي أودع فيها من أجل تفتيشه،
وحيث إنّ الشاهد أكد على أن المدعى عليه لم يخضع لأي تعذيب نفسي كمثل تهديده برميه بين المتظاهرين أمام قصر عدل بيروت ولم يتم وضعه في مساحة ضيقة (الحمام) بل وضع في غرفة لتفتيشه إلى حين نقله إلى النظارة، وهو لم يوضع مع موقوفين آخرين حفاظاً على حياته،
وحيث بقيت إدلاءات المدعى عليه لهذه الناحية وغيرها من النواحي المتصلة بزعم تعرضه للتعذيب خلال التحقيق الأولي خالية من أي دليل يرجح وجودها،
وحيث يقتضي بالتالي وفي ضوء ما تقدم رد هذه الإدلاءات لانتفاء أي دليل عليها،
ثانياً: في الجرائم المسندة للمدعى عليه:
حيث أسند للمدعى عليه عامر الياس فاخوري إقدامه في الأراضي اللبنانية وخارجها، على إجراء تواصل مع العملاء الإسرائيليين، ودخول بلاد العدو دون إذن، والتجنّد لصالح العدو في ميلشيا لحد، وتجنيد أشخاص للعمل لصالح العدو، والاستحصال على الجنسية الإسرائيلية، والتسبب بتعذيب وقتل لبنانيين، الجرم المنصوص عنه في المواد /٢٨٥/ و/٢٧٣/ و/٢٧٨/ و/٥٤٩/ عقوبات،
١ـ في الجرائم المنصوص عنها في المواد /٢٨٥/ و/٢٧٣/ و/٢٧٨/ عقوبات:
حيث تنص المادة /٢٧٣/ عقوبات على أنه:
“كل لبناني حمل السلاح على لبنان في صفوف العدو عوقب بالإعدام.
كل لبناني وإن لم ينتمِ إلى جيش معادٍ، أقدم في زمن الحرب على أعمال عدوان ضد لبنان عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة.
كل لبناني تجنّد بأي صفة كانت في جيش معادٍ ولم ينفصل عنه قبل أي عمل عدوان ضد لبنان عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وإن يكن قد اكتسب بتجنيده الجنسية الأجنبية.”
وحيث تنص المادة /٢٧٨/ عقوبات على أنه:
“كل لبناني قدّم مسكناً أو طعاماً أو لباساً لجاسوس أو لجندي من جنود الأعداء يعمل للاستكشاف أو لعميل من عملاء الأعداء أو ساعده على الهرب أو أجرى اتصالاً مع أحد هؤلاء الجواسيس أو الجنود أو العملاء وهو على بيّنة من أمره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة.
كل لبناني سهّل فرار أسير حرب أو أحد رعايا العدو المعتقلين عوقب بالاعتقال المؤقت.”
وحيث تنص المادة /٢٨٥/ عقوبات على أنه:
“يعاقب بالحبس سنة على الأقل وبغرامة لا تنقص عن مئتي ألف ليرة لبنانية كل لبناني وكل شخص ساكن لبنان أقدم أو حاول أن يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار على صفقة تجارية أو أي صفقة شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا العدو أو مع شخص ساكن بلاد العدو.
يعاقب بذات العقوبة كل لبناني وكل شخص في لبنان من رعايا الدول العربية يدخل مباشرة أو بصورة غير مباشرة وبدون موافقة الحكومة اللبنانية المسبقة بلاد العدو حتى وإن لم يكن المقصود من دخوله أحد الأعمال المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة.”
وحيث تقتضي الإشارة بداية إلى أن القرار البات بالدفوع الشكلية قضى برد الدفع بمرور الزمن على دعوى الحق العام المسندة إلى هذه الجرائم لأن التحقيق كان في مراحله المبكرة ولم يكن قد انتهى بعد ليظهر بشكل كافٍ مدى استمرار المدعى عليه في التعامل مع العدو أو دخول بلاده بشكل متكرر خارج فترات مرور الزمن، أو اكتساب جنسيته، الأمر الذي إن رجح حصوله فهو يعدّ جرماً مستمراً لا يسقط بمرور الزمن، ونقصد بذلك اكتساب المدعى عليه للجنسية الإسرائيلية،
وحيث إنّ التحقيقات التي أجريت، والتي تشمل: التحقيق الأولي، واستجواب المدعى عليه استنطاقياً، والاستماع إلى إفادات الشهود، وجواب مديرية المخابرات في الجيش بموجب الإحالة رقم ٧٢٨٩/م م/د/س تاريخ 2019/10/19، أظهرت أن المدعى عليه عامر فاخوري انتمى إلى جيش لبنان الجنوبي، ميليشيا أنطوان لحد أو ميليشيا سعد حداد، في العام ١٩٨٢، وأنّه شارك في الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام ١٩٨٢، وأنّه بقي مع هذه الميليشيا لغاية العام ١٩٩٨، وأنّه دخل أراضي العدوّ الإسرائيلي لآخر مرّة بعد التحرير في أيّار ٢٠٠٠، وغادرها إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام ٢٠٠١،
وحيث تبين من المستندات التي أبرز المدعى عليه عامر فاخوري نسخاً عنها لدى استجوابه في جلسة 2019/9/17 أنه، بعد دخوله أراضي العدو في العام ٢٠٠٠ نال من السلطات الإسرائيلية جواز مرور صالحاً لعام واحد من 2000/9/25 لغاية 2001/9/24 ، وقد ذُكِر في جواز المرور هذا أن جنسيته “غير محددة”، وأنه بالاستناد إلى جواز المرور هذا الذي يحمل الرقم /٠٧٤٤١٢٨/ نال المدعى عليه فاخوري سمة سفر إلى الولايات المتحدة الأميركية من سفارتها في تل أبيب، ذُكِر فيها رقم جواز المرور على أنه رقم لجواز سفره، وكانت هذه السمة صالحة من 2001/1/4 لغاية 2010/11/21،
وحيث إنّ جواز المرور وبحسب ما هو معروف في الدول كافة وفي لبنان أيضاً (المادة /١٩/ من قانون “الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه”) لا يمنح فقط إلى مواطني الدولة الصادر عنها هذا الإذن بل هو يمنح لكل شخص تواجد على أراضيها ورغب في مغادرتها وهو لا يحوز مستند صالح لذلك متى كان لاجئاً أو من جنسية غير معينة أو كان يحمل جنسية دولة ليس لها ممثل في هذه الدولة، كما هو المدعى عليه لدى دخوله الأراضي المحتلة ورغبته مغادرتها إلى الولايات المتحدة الأميركية،
وحيث إنّ المدعى عليه أدلى لدى التحقيق الأولي والاستنطاقي معه أن جواز سفره اللبناني كان منتهي الصلاحية، وبالتالي هو غير صالح لاستعماله للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية، (وذلك بغض النظر عن مدة صلاحية سمة السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية المثبتة عليه والصادرة عن سفارتها في تل أبيب لصالحه في العام ١٩٩١)،
وحيث تبين من النسخة التي أبرزها المدعى عليه فاخوري عن طلب اللجوء الذي تقدم به لدى وزارة العدل الأميركية، أن آخر تاريخ لمغادرته لبنان هو 2000/5/24 وأن آخر تاريخ لدخوله الولايات المتحدة الأميركية هو في 2001/7/6، (مع الإشارة إلى أن كتابة التاريخ في الولايات المتحدة الأميركية ترد على الشكل التالي: الشهر/ اليوم/ السنة، لذا ذكر في هذا الطلب تاريخ مغادرته لبنان على الشكل التالي 05/24/2000 كما ذكر تاريخ دخوله الولايات المتحدة الأميركية على الشكل التالي 07/06/01)،
وحيث إنّ التحقيقات الراهنة لم تحمل أي دليل على اكتساب المدعى عليه للجنسية الإسرائيلية، بما في ذلك إحالة مديرية المخابرات المشار إليها أعلاه والتي أفادت بأنه لم تتوفر أية معلومات عن اكتساب المدعى عليه فاخوري للجنسية الإسرائيلية،
وحيث تقتضي الإشارة إلى أن فعل اكتساب جنسية دولة العدو ليس جرماً قائماً بحدّ ذاته ولا نص يذكره كفعل جرمي، إنما هو ينضوي ضمن إطار جرم التعامل مع العدو المعاقب عليه في المادة /٢٧٨/ عقوبات، وهو جرم متمادٍ، ذلك أن حيازة هذه الجنسية هو أمر مستمر ويجعل مكتسبها على تواصل واتصال دائم مع العدو،
وحيث إنّ هذه التحقيقات لم تحمل أي دليل على ارتكاب المدعى عليه لجرم متمادٍ يتمثل في حمله الجنسية الإسرائيلية وبالتالي عمالته للعدو،
وحيث إنّ التحقيقات أظهرت أن آخر تعامل للمدعى عليه فاخوري مع العدو كان في شهر تموز من العام ٢٠٠١ وهو تاريخ مغادرته دولة العدو إلى الولايات المتحدة الأميركية ووصوله إليها في 2001/7/6،
وحيث إنّ التحقيقات لم تحمل أي دليل على تعامل المدعى عليه مع العدو بعد هذا التاريخ،
وحيث إنّ المدعى عليه فاخوري أنكر حيازته للجنسية الإسرائيلية كما أنكر أي تعامل له مع العدو بعد هذا التاريخ لدى التحقيق الاستنطاقي معه،
وحيث إنّ ما ورد في التحقيق الأولي لناحية إدلاء المدعى عليه فاخوري بحيازته لهذه الجنسية مستوجب الإهمال في ضوء عدم تقديم أي دليل مادي على ذلك من قبل النيابة العامة التي يقع على عاتقها عبء الإثبات، في حين أبرز المدعى عليه ما يبيّن دخوله الأراضي الأميركية بموجب سمة سفر صادرة عن سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تل أبيب مسند إلى جواز مرور صادر عن دولة العدو،
وحيث إنّ جواز المرور ليس دليلاً على اكتساب المدعى عليه فاخوري للجنسية الإسرائيلية التي تَثبُت بحيازته لجواز سفر صادر عن دولة العدو، الأمر الذي بقي دون أي إثبات،
وحيث إنّه أسند إلى المدعى عليه فاخوري ارتكابه الجرائم المنصوص عنها في المواد /٢٧٣/ و/٢٧٨/ و/٢٨٥/ عقوبات،
وحيث إنّ الجرائم المنصوص عليها في المادتين /٢٧٣/ و/٢٧٨/ عقوبات هي من نوع الجناية، وأن الجرائم المنصوص عنها في المادة /٢٨٥/ عقوبات هي من نوع الجنحة،
وحيث إنّه سنداً للمادة /١٠/ أ.م.ج. تسقط الدعوى العامة في الجناية بمرور عشر سنوات وفي الجنحة بمرور ثلاث سنوات، ويبدأ سريان مرور الزمن في الجرائم الآنية من تاريخ وقوعها وفي الجرائم المستمرة والمتمادية والمتعاقبة من تاريخ انتهاء الحالة الجرمية،
وحيث لما كان يتبين مما ورد أعلاه أن المدعى عليه فاخوري غادر أراضي العدو في شهر تموز من العام ٢٠٠١،
وحيث يكون هذا التاريخ هو تاريخ آخر فعل في جرائمه المتمثلة بالتعامل مع العدو ودخول بلاده،
وحيث تبيّن أيضاً أن المدعى عليه فاخوري ترك جيش لبنان الجنوبي المتعامل مع العدو في العام ١٩٩٨، فيكون هذا التاريخ هو تاريخ آخر فعل لجرم التجنّد لصالح العدوّ، كما لجرم تجنيده أشخاصاً لصالح العدو،
وحيث لم يثبت اكتساب المدعى عليه فاخوري للجنسية الإسرائيلية،
وحيث إنّ الملاحقة الراهنة انطلقت في العام ٢٠١٩،
وحيث يكون قد مرّ أكثر من عشر سنوات على كل جرائمه تلك،
وحيث تكون هذه الجرائم ساقطة بمرور الزمن، العشري لناحية المادتين /٢٧٣/ و/٢٧٨/ عقوبات، والثلاثي لناحية المادة /٢٨٥/ عقوبات،
وحيث يقتضي بالتالي منع المحاكمة عن المدعى عليه فاخوري بموجب تلك المواد لسقوط الحق العام المسند لها بمرور الزمن،
وحيث تقتضي الإشارة وعلى سبيل الاستطراد، أن ما ورد في المادة الأولى من القانون /١٩٤/ تاريخ 2011/11/18 المتعلّق بمعالجة أوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجأوا إلى إسرائيل من أنه: “يخضع المواطنون اللبنانيون من ميليشيا جيش لبنان الجنوبي الذين فرّوا إلى الأراضي المحتلة في أي حين للمحاكمة العادلة وفقاً لأحكام القوانين اللبنانية المرعية في حال عودتهم إلى لبنان، ويلقى القبض عليهم عند نقطة العبور من الأراضي المحتلة ويسلمون إلى وحدات الجيش اللبناني.”، لا تنفي أو لا تلغي مبدأ مرور الزمن على جرائم التعامل وجرائم دخول بلاد العدو، ذلك أن تلك المادة شملت حالة خاصة هي حالة بقاء العميل داخل أراضي فلسطين المحتلة، وعودته إلى لبنان منها ولو بعد سنوات طوال تجاوز الثلاث ثم العشر سنوات، ذلك أن استمرار وجوده في بلاد العدو وتواصله مع إداراته ومؤسساته يعدّ جرم تعامل مستمر ومتماد ولا يسري مرور الزمن عليه إلاّ من تاريخ انقطاعه، أي من تاريخ ارتكاب العميل لآخر فعل جرمي، وذلك بعبوره الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة عائداً لبلاده، فيخضع عندها للمحاكمة العادلة،
وحيث إنّه سبق أن صدر بحق المدعى عليه فاخوري حكم غيابي رقم 1996/4589 رقم النيابة 1996/4968 بتاريخ 1996/7/24 عن المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت بالدعوى رقم 1996/681 بجرم إجراء اتصال بالعدو الإسرائيلي وعملائه، كما صدر قرار من النيابة العامة العسكرية رقم ٦٣/ن ع ع/٢٠١٨ تاريخ 2018/8/3 بسقوطه وسقوط العقوبة موضوعه وهي عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة بمرور الزمن العشري،
وحيث تنص المادة /١٦٧/ عقوبات على أنه “…يقطع مرور الزمن…٢- ارتكاب المدعى عليه جريمة أخرى معادلة للجريمة التي أوجبت العقوبة أو التدبير أو جريمة أهم.”،
وحيث إنّه يقتضي الطلب من النيابة العامة العسكرية إعادة النظر في مدى صحة قرارها بإسقاط العقوبة موضوع هذا الحكم الغيابي، والرجوع عنه في ضوء ما أظهره التحقيق الراهن من استمرار المدعى عليه في التعامل مع العدو حتى العام ١٩٩٨ أي بعد صدور الحكم، ثمّ دخوله بلاد العدوّ بتاريخ 2000/5/24 ومغادرته منها في شهر تموز من العام ٢٠٠١،
٣ـ في الجرائم المنصوص عنها في المواد /٥٤٩/ و٥٤٩/٢٠١ و/٥٦٩/ عقوبات:
حيث أسند إلى المدعى عليه فاخوري إقدامه على تعذيب لبنانيين وقتلهم، الجرم المنصوص عنه في المادة /٥٤٩/ عقوبات،
وحيث إنّ قاضي التحقيق يضع يده على التحقيق بصورة موضوعية، فيكون له أن يطبق على الأفعال المنسوبة للمدعى عليه أو التي يظهر التحقيق إقدامه عليها النصوص القانونية المنطبقة فعلاً، بغض النظر عن ادعاء النيابة العامة بهذا الخصوص،
وحيث إنّ التحقيقات الراهنة أظهرت أن المدعى عليه فاخوري تولى أمرة سجن الخيام، وهو أقدم خلال توليه لهذه الأمرة على قمع بعض الاحتجاجات التي قام بها الأسرى بالعنف وبالقوة، وأدت أعمال القمع خلال انتفاضة العام ١٩٨٩ إلى وفاة أسيرين هما ابراهيم أبو عزة وبلال السلمان وأوشك العديد من الأسرى على الموت لولا العناية الإلهية وهم تركوا دون تقديم العلاج اللازم لهم، وأن المدعى عليه مارس ضروب التعذيب على الأسرى إما بنفسه أو بواسطة العناصر الخاضعة لأمرته، وعاملهم معاملة لاإنسانية بتجويعهم أو تقديم الطعام الفاسد لهم أو حجزهم بغرف لا تسع لشخص واحد وممارسة التعذيب النفسي عليهم كمنعهم من النوم أو تخويفهم أو تهديدهم بعوائلهم، وأن ضروب التعذيب الجسدية والنفسية تسببت للأسرى بآلام شديدة وبأضرار خطيرة على سلامتهم البدنية والصحية فأحدثت إعاقات للبعض أو أمراض مزمنة للبعض الآخر،
وحيث إنّ القرار البات بالدفع الشكلي بمرور الزمن على هذه الأفعال انتهى إلى ردّه باعتبار أن هذه الأفعال هي، وفي ضوء ظروف ارتكابها وماهيتها، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية دولية، غير قابلة للسقوط بمرور الزمن،
وحيث إنّ التحقيقات أظهرت أن المدعى عليه شارك أو أشرف على تعذيب الأسير علي عبد الله حمزة الذي لا زال مصيره مجهولاً حتى اليوم،
وحيث يكون الأسير حمزة في حالة إخفاء قسري حتى اليوم،
وحيث إنّ جرم الإخفاء أو جرم الخطف هو جرم مستمر طالما أن المخطوف لم يحرر، فلا يسري عليه مرور الزمن،
وحيث يقتضي بالتالي وفي ضوء ما تقدم اتهام المدعى عليه فاخوري بموجب المواد /٥٤٩/ و٥٤٩/٢٠١ و/٥٦٩/ عقوبات،
لذلك
نقرّر وفقاً وخلافاً للمطالعة،
وعطفاً على قرارنا تاريخ 2019/10/29 البات بالدفوع الشكلية المثارة من المدعى عليه عامر الياس فاخوري،
أوّلاً: ردّ إدلاءات المدعى عليه عامر الياس فاخوري بتعرّضه للتعذيب خلال التحقيق الأولي لانتفاء الدليل.
ثانياً: منع المحاكمة عن المدعى عليه عامر الياس فاخوري بموجب المادتين /٢٧٣/ و/٢٧٨/ عقوبات لسقوط الحقّ العام المسند لهما بمرور الزمن العشري، ومنع المحاكمة عنه بموجب المادة /٢٨٥/ عقوبات لسقوط الحق العام المسند لها بمرور الزمن الثلاثي، وفق التعليل المساق في متن هذا القرار.
ثالثاً: الطلب من النيابة العامة العسكرية إعادة النظر في مدى صحة قرارها رقم ٦٣/ن ع ع/٢٠١٨ تاريخ 2018/8/3 القاضي بإسقاط العقوبة موضوع الحكم الغيابي رقم 1996/4589 رقم النيابة 1996/4968 بتاريخ 1996/7/24 الصادر بحق المدعى عليه عامر الياس فاخوري عن المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت بالدعوى رقم 1996/681 بجرم إجراء اتصال بالعدو الإسرائيلي وعملائه، والرجوع عنه في ضوء ما أظهره التحقيق الراهن من استمرار المدعى عليه في التعامل مع العدو حتى العام ١٩٩٨ أي بعد صدور الحكم، ثم دخوله بلاد العدو بتاريخ 2000/5/24 ومغادرته منها في شهر تموز من العام ٢٠٠١، وذلك سنداً للمادة /١٦٧/ عقوبات.
رابعاً: اتهام المدعى عليه عامر الياس فاخوري بموجب المواد /٥٤٩/ و٥٤٩/٢٠١ و/٥٦٩/ عقوبات وإصدار مذكرة إلقاء قبض بحقه.
خامساً: إيجاب محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت وتكبيده النفقات القانونية كافة.
سادساً: إحالة الأوراق جانب النيابة العامة العسكرية لإيداعها المرجع الصالح.
قراراً صدر في بيروت بتاريخ 2020/2/4
“محكمة” – الخميس في 2020/2/6
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!