مقالات

بين الإضراب السلمي للمحامين والإضراب التصعيدي/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
منذ كنت عضوًا في لجنة الحرّيات العامة وحقوق الإنسان برئاسة المحامي الدكتور عبد السلام شعيب في العام 1987، وكلّما اقترح أحد الأعضاء توصية لمجلس النقابة بالإضراب، كنت أعارض.
وتكرّر هذا الأمر في مجالس النقابة منذ العام 2006 حيث كنت أقول ما يأتي: الإضراب الذي هو وسيلة احتجاج وضغط على المسؤولين قد يمكن أن يكون سلميًا ويعطي نتيجة إذا كنا نتوجّه لسلطة تحترم آراء شعبها.
أمّا مع سلطة يتظاهر شعبها بمئات الآلاف ولا تلتفت إلى مطاليبهم وإلى حقوقهم، فماذا ينفع الإضراب السلمي؟
هذا الإضراب يجب أن يقترن بتحرّكات وإلّا لن ينجح. وتكتفي وسائل الإعلام، بما يختص بالمحامين بتصوير قاعة “الخطى الضائعة” لمدّة عشرين ثانية تقول خلالها إنّ المحامين أضربوا. وينتهي الأمر عند هذا الحدّ. قسم يذهب إلى البحر وقسم يذهب إلى الجبل وقسم يبقى في مكتبه، أو يحاول إنجاز معاملة من هنا ومعاملة من هناك. والنتيجة لا شيء، في حين أنّه في مناطق نائية، يرمي المزارعون عدّة صناديق بندورة أو بطاطا فتأتي وسائل الإعلام وتصوّرهم وتنقل مطاليبهم.
نعم. هذا هو رأيي بالإضراب السلمي غير المقرون بتحرّكات خصوصًا في مثل هذه الأيّام حيث بات حتّى التلاقي لعرض المشاكل والنزاعات والمآخذ مشكلة. فإذا كان اللقاء يشكّل مشكلة فكيف سيتمّ البحث في أساس الموضوع، خصوصًا عندما يكون هناك عشرات النقاط التي يقتضي حلّها بمحبّة وبتفهّم وتفاهم ومنطق وحكمة، والتي تشكّل نقاط تجاذب يومي بين القاضي والمحامي أو بين القاضي والنقابة.
عندما أرى كيف تتعثّر مسألة اللقاء بين مسؤولين أحترمهم وأقدّرهم وأعتبرهم منارة في العلم والأخلاق والآدمية والتواضع…أحزن.
المسؤول لا يمكن أن يدخل في نظرية “تقويم الكلام” فكيف إذا كان هذا المستوى من مستوى مسؤولينا في القضاء وفي النقابة وهم من خيرة القوم؟
نعود إلى موضوع الإضراب. الإضراب يجب أن يكون تصاعديًا يواكب ما يحصل كلّ ساعة بساعتها. خصوصًا وأنّ هذا الإضراب يؤدّي إلى توقّف عمل المحامين ويضرّ بمصالحهم وبمصالح موكّليهم. أمّا إذا كانت وتيرة الإضراب سريعة وتصعيدية فهي ستؤدّي حتمًا إلى تدخّل العقلاء والحكماء الذين سوف يتدخّلون بالتأكيد قبل “خراب البصرة”.
“محكمة” – الجمعة في 2021/6/25

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!