أبحاث ودراساتأبرز الأخبارميديا

تحديد عملة الإيفاء في العقود الداخلية بين الفقه والإجتهاد..النموذج اللبناني والفرنسي/جاسم شاهين

جاسم محمد شاهين*
هل يمكن للمدين إيفاء دينه وإبراء ذمّته بواسطة العملة الوطنية بالرغم من تحديد الدين بالعملة الأجنبية أو بالرغم من وجود اتفاق سابق بينه وبين الدائن على وجوب إيفائه بالعملة الأجنبية حصرًا؟
برز هذا التساؤل إلى الواجهة مع استفحال الأزمة الإقتصادية التي تضرب لبنان، فمن المعلوم أنّ إقتصاد لبنان يواجه اليوم لبنان أسوأ أزمة له منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، حيث أدّى تراجع النمو وتباطؤ تدفّقات الأموال من الخارج إضافة إلى عملية تهريب الودائع التي حصلت بعد انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019 إلى شحّ في الدولار الأميركي وضغوط على الليرة اللبنانية التي انهار سعر صرفها مقابل الدولار الأميركي بشكل دراماتيكي بحيث وصل سعر الصرف إلى معدّلات غير مسبوقة.
وفي هذا السياق عمدت المصارف في لبنان إلى فرض تدابير إستثنائية لمواجهة أزمة “شحّ الدولار”، بحيث أنّها قامت من جهة بوضع قيود صارمة على عمليات السحب، خصوصاً بالدولار، كما أنّها امتنعت من جهة أخرى عن تحويل أيّ ودائع من الليرة إلى الدولار، وفي المحصّلة بات من الصعب لا بل من المستحيل الحصول على الدولار في لبنان من خلال المصارف وبالتالي بات الصرّافون الذين ازدهرت سوقهم، الخيار الوحيد لمن يرغب في الحصول على هذه العملة الصعبة التي وصل سعر الدولار الواحد منها إلى أكثر من 8000 ليرة لبنانية.
لكنّ الأمور لم تتوقّف عند هذا الحدّ، فأزمة شحّ الدولار هذه نتج عنها تداعيات كارثية شتّى ومنها على سبيل المثال لا الحصر نشوء نزاعات بين الدائنين والمدينين، لاسيّما بين المصارف ومدينيها، تمحورت حول العملة الواجب إبراء الذمّة بها في حال كان الدين محدّدًا مسبقًا بالعملة الأجنبية أو في حال وجود إتفاق سابق بين الدائن والمدين على الايفاء بهذه العملة حصرًا، فهل يتوجّب على المدين الالتزام بهذا الاتفاق أم أنّ الدفع بالعملة الوطنية يكون مبرئاً للذمّة في جميع الأحوال؟
سوف نحاول في ما يلي ومن منظور قانوني بحت الإجابة على هذه الإشكالية من خلال إجراء دراسة مفصّلة للنظام القانوني المتعلّق بعملة الإيفاء في كلّ من لبنان (أ) وفرنسا (ب).
أ-عملة الإيفاء في النموذج اللبناني
لا بدّ أولاً لتحديد في ما إذا كان الإيفاء بالعملة التي حرّر بها العقد واجبًا والمقصود هنا العملة الأجنبية أم أنّ الإيفاء بالعملة الوطنية يكون مبرئاً للذمّة في جميع الأحوال من العودة إلى أحكام القواعد القانونية الذي ترعى الايفاء بشكل عام وعملة الايفاء بشكل خاص، ففي ما يتعلّق بالإيفاء بشكل عام، فإنّ قانون الموجبات والعقود قد نصّ في الفقرة الأولى من المادة /299/ منه الواردة تحت الفصل الثاني”بماذا يتمّ التنفيذ” على أنّه “يجب ايفاء الشيء المستحقّ نفسه، ولا يجبر الدائن على قبول غيره وإن كان أعلى قيمة منه.” لكن وفي مقابل هذا النصّ الذي يرعى موضوع الإيفاء بشكل عام نجد أنّ القانون عينه وفي المادة /301/ منه تناول موضوع عملة الإيفاء بحيث نصّت هذه المادة على أنّه “عندما يكون الدين مبلغاً من النقود، يجب إيفاؤه من عملة البلاد. وفي الزمن العادي، حين لا يكون التعامل اجبارياً بعملة الورق، يظلّ المتعاقدون أحراراً في اشتراط الايفاء نقوداً معدنية معيّنة أو عملة أجنبية”([1])

 لكنّ قانون الموجبات والعقود لم يكن الوحيد الذي تناول قضيّة عملة الإيفاء بحيث إنّ قانون النقد والتسليف قد تناول أيضًا هذه القضيّة في أنحاء مختلفة منه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فنصّت المادة الأولى من هذا القانون على أنّ: “الوحدة النقدية للجمهورية اللبنانية هي الليرة اللبنانية واختصارها الرسمي هو ل.ل.” ونصّت المادة /7/ منه على أنّه: “للأوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسماية ليرة وما فوق قوّة إبرائية غير محدودة في أراضي الجمهورية اللبنانية.” كما نصّت المادة /192/ من هذا قانون على أنّه: “تطبّق على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحدّدة في المادتين 7 و8 العقوبات المنصوص عليها بالمادة 319 من قانون العقوبات”.
أمّا قانون العقوبات اللبناني، فقد تضمّن نصّاً واضحاً يعاقب من يمتنع قبول العملة الوطنية، بحيث نصّت المادة /767/ منه على أنّه:” من أبى قبول النقود الوطنية بالقيمة المحدّدة لها يعاقب بالغرامة من ألف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة.”
يستنتج بعد الإطلاع على المنظومة التشريعية اللبنانية الراعية لموضوع الإيفاء وعملته، وجود تناقض بين النصوص القانونية وتحديدًا بين نصّي المادتين /299/ و/301/ من قانون الموجبات والعقود، ففي حين تشير المادة /299/ إلى وجوب إيفاء الشيء المستحقّ نفسه مع ما يعنيه ذلك من وجوب قيام المدين بإيفاء الدين بالعملة الأجنبية التي كان محرّرًا فيها، فإنّ الفقرة الأولى من المادة /301/ أوجبت إيفاء الدين من عملة البلاد وذلك في الحالة التي يكون فيها هذا الدين مبلغًا من النقود، ممّا يعني إلزامية حصول الإيفاء بالعملة الوطنية في هذه الحالة ولو كان الدين محدّدًا أو محرّرًا بالعملة الأجنبية في الأصل.
أمام هذا الواقع التشريعي يثار التساؤل حول القاعدة القانونية الواجبة التطبيق، فهل نطبّق نصّ المادة /299/ أم نصّ الفقرة الأولى من المادة /301/؟ مع ما يستتبعه ذلك من إختلاف جوهري في الحلّ القانوني الواجب إعتماده في حال تطبيق هذا النصّ أو ذاك كما سبق بيانه.
في الحقيقة، إنّ التناقض بين نصّ المادتين المذكورتين هو تناقض ظاهري ليس من شأنه التأثير على الحلّ الواجب اعتماده، فنصّ المادة /299/ هو نصّ عام يشير إلى ايفاء الأشياء بشكل عام والتي ليس بالضرورة أن تكون مبالغ نقدية، بينما المادة /301/ هي نصّ خاص تتحدّث في فقرتها الأولى عن إيفاء
الديون النقدية بشكل خاص. ومن المعلوم أنّه في حال وجود تعارض بين نصّ عام وآخر خاص، فإنّ النصّ الخاص هو الواجب التطبيق أيّ نصّ الفقرة الأولى من المادة /301/ في الحالة الراهنة، إذ سوف يعمد القاضي إلى إعمال مبدأ النصّ الخاص يقيّد النصّ العام، ممّا يعني أنّ المدين يستطيع تطبيقًا لنصّ الفقرة الأولى من المادة الأخيرة إبراء ذمّته بالعملة الوطنية عندما يكون الدين مبلغًا من النقود، فهذه العملة تكون مبرئة للذمّة في جميع الأحوال من دون أن يكون جائزًا إلزام المدين على إيفاء دينه بالعملة الأجنبية إلاّ في حال وافق هو على ذلك كما سنبيًن في ما بعد.
وما يثير الإنتباه هنا أنّ المشرع إستخدم في متن الفقرة الأولى من المادة /301/ عبارة صريحة جازمة “يجب” وهي عبارة تحتوي على قدر كبير من الإلزامية، ممًا يشير بشكل لا لبس فيه، إلى رغبة المشرّع الواضحة بتكريس العملة الوطنية كعملة للإيفاء في لبنان عندما يكون الدين مبلغًا من النقود وإلاّ لما كان المشرّع قد استخدم هذه العبارة مكتفيًا بعبارة أقل وطأة من حيث درجة الإلزام والجبر.
وما يعزّز صوابية هذا الرأي هو ما ورد في المواد السابق ذكرها من قانون العقوبات وقانون النقد والتسليف ولاسيما في المادتين /7/ و /192/ منه، فالمادة /7/ من هذا القانون أقرت مبدأ القوة الابرائية الغير محدودة للأرواق النقدية في أراضي الجمهورية اللبنانية وذلك عندما تكون قيمتها تساوي خمسمائة ل.ل. فما فوق، أمّا المادة /192/ فذهبت أبعد من ذلك عندما جعلت الإمتناع عن قبول العملة الوطنية جريمة جزائية منصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني، بحيث فرضت عقوبات جزائية وبالتحديد العقوبات المنصوص عليها في المادة /319/ من قانون العقوبات([2]) على كل من يمتنع عن قبول هذه العملة الوطنية.
أيضًا وأيضًا، فإنّ ما يؤكّد أنّ للعملة الوطنية قوة إبرائية في جميع الأحوال هو ما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم /50/ تاريخ 1991/05/23 المتعلّق بتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية – الذي صدّر في ظروف مشابهة تمامًا للظروف الحالية التي يمّر بها لبنان- بحيث نصّت هذه الفقرة على أنّه: “يعطى الفريق حسن النية تعويضا عادلاً عن الضرر اللاحق به بسبب تدنّي النقد الوطني”. فلولا وجوب حصول الإيفاء بالعملة الوطنية أو على الأقلّ منح المدين الخيار بأن يوفي دينه بهذه العملة فلما كان المشرّع قد تدخّل لحماية الدائن الذي يتضرّر من جرّاء تدنّي قيمة النقد الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أنّ تفسير عبارة “الزمن العادي” الواردة في الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود يستوجب النظر إلى هذه المادة مع الأخذ في الاعتبار عامل الزمن الذي صدر فيه القانون.
فقانون الموجبات والعقود صدر بتاريخ 1932/03/09، وفي وقت لم يكن فيه التداول بغير العملة الورقية محظّراً.
فالعملة الورقية كانت في الأصل تمثّل ديوناً لحاملها على مؤسّسة إصدار النقد حيث كانت تلك المؤسّسات تتعهّد لحاملي العملة الورقية الصادرة عنها بدفع ما يقابلها ذهباً، وكان هذا التعهّد هو ما يعطي العملة الورقية قيمتها وقوّتها الشرائية.
في ذلك الزمن كان التداول الإلزامي بالعملة الورقية إجراء استثنائياً تلجأ إليه الدول في الحروب والأزمات.
من هنا، يمكن فهم عبارة “حين لا يكون التعامل إجبارياً بعملة الورق”. فالتعامل الإجباري في عملة الورق كان إجراء استثنائياً ما تلبث الدول أن ترجع عنه بعد انقضاء الأزمة التي فرضته.
وبصدور قانون النقد والتسليف بتاريخ 1963/8/1، لم يعد فرض التعامل بالليرة اللبنانية إجراءً استثنائياً بل أصبح قاعدة دائمة، وبالتالي لم يعد لعبارة “الزمن العادي” الواردة في نصّ المادة 301 موجبات وعقود المفهوم عينه، بعدما أصبح فرض التعامل بالليرة هو السائد في الزمن العادي، حيث نقرأ:
“إنّ عبارة “الزمن العادي” الواردة في صدر الفقرة الثانية لا تضيف شيئاً إلى فرضيتها. فهي ليست شرطاً مستقلاً بل تعني فقط الزمن الذي لا يكون فيه معمولاً بنظام التداول الجبري. ذلك أنّه ولحين تاريخ قانون الموجبات والعقود (1932) كان هذا النظام لا يزال نظاماً استثنائياً وليد الثورات والحروب… التي إذا ما انقضت كان يعمد المشرّع إلى إلغائه ليعود إلى الوضع العادي الذي فيه يمكن لحامل النقود الورقية استبدالها بالنقود المعدنية. ولكن هذا التمييز لا يحمل اليوم أيّة حقيقة ذلك أنّ التداول الجبري هو حالياً النظام العادي المعمول به في كلّ دول العالم، وإمكانية تحويل الورق إلى ذهب أصبحت في حيّز الخيال”([3]).
ومن هنا يمكن فهم الفارق الدقيق (nuance) في تطبيق وتفسير النصوص أيّ نصّا الموجبات والعقود من جهة وقانون النقد والتسليف من جهة أخرى.
فهذا الفارق الدقيق ناجم عن أنّ قانون الموجبات والعقود صدر في ظلّ عدم وجود تشريع يوجب التداول بالعملة الوطنية أيّ قبل صدور قانون النقد والتسليف لا سيّما المادتين /7/ و/192/ منه خاصة أنّ المادة /192/ المذكورة تعاقب على الإمتناع عن قبول العملة اللبنانية.
هذا مع العلم أنّ كلّ من محكمة الاستئناف في بيروت([4] وهيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل(5]) كانتا قد أكّدتا على أنّ المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود والمادتين /7/ و /192/ من قانون النقد والتسليف تتعلّق بالنظام العام المالي الحامي للعملة الوطنية، وبالتالي لا يمكن فرض الدفع بالعملة الأجنبية، بل على العكس لا يمكن رفض الإيفاء بالعملة الوطنية نظرًا إلى أنّ هذه العملة تتمتّع بقوّة إبرائية شاملة.
وقد أيّد معظم الفقهاء الذين تناولوا موضوع عملة الإيفاء –وعددهم متواضع بحيث أنّ الفقه في لبنان لم يتناول هذا الموضوع إلاّ بشكل نادر- هذا الرأي([6]) وتمّ في هذا السياق التأكيد على أنّه متى ما كان الدين الواجب تسديده مبلغاً نقديًا فإنّه يجب تسديده بالعُملة الوطنية، كلّ ذلك تطبيقًا لصراحة الفقرة الأولى من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود التي وضعت قاعدة عامة في هذا الشأن من دون أن تميّز دائمًا بحسب الفقه بين دين مُحرّر بالعملة اللبنانية أو الأجنبية، ممّا يعني أنّ الإيفاء في الحالة التي يكون فيها موضوع الإلتزام مبلغًا من النقود سواء كانت نقود أجنبية أو لبنانية، يتوجّب أن يكون بعملة البلاد أيّ بالأدوات النقدية اللبنانية. فنصّ الفقرة الأولى من المادة /301/ المذكورة سابقًا قد أتّى وفقًا للفقه الراجح شاملاً لكلّ أنواع الديون النقدية سواء أكانت مُحرَّرة بالعُملة الوطنية أو بغيرها وذلك لكون هذا النصّ الخاص المتعلِّق تحديدًا بإيفاء الديون النقدية قد أتّى بشكل مطلق دون أن يستثني شيئاً في حكمهِ، والمطلق قانوناً يبقى على إطلاقه دون تمييز إستنادًا إلى مبدأ دستوري عام مآلهُ: “عدم جواز التمييز حيثُ لم يميّز المشترع”.
وعن الأساس القانوني الذي ترتكز عليه قاعدة وجوب الإيفاء بالعملة الوطنية عندما يكون الدين مبلغًا من النقود، فيشير الفقه إلى أنّه يملي هذه القاعدة إعتباران، الأوّل هو نظام التداول القانوني الذي يفرض على الجميع قبول الأدوات النقدية اللبنانية، فالفقرة الأولى هي تطبيق له في نطاق الإلتزام. أمّا الإعتبار الثاني فهو مبدأ السيادة النقدية الوطنية. فالعملة اللبنانية هي دومًا إذا عملة الإيفاء أيًا تكن الأسباب وأيًا كانت العملة موضوع الإلتزام النقدي([7]).
هذا هو الموقف الذي انتهجه أغلب الفقه في لبنان، أمّا في ما يتعلق بالحلّ المعتمد في الإجتهاد، فمن الواضح بعد الإطلاع على القرارات الصادرة عن المحاكم عند عرض مسألة عملة الإيفاء عليها –وعددها متواضع جدًّا- أنّ الاجتهاد في لبنان سار على المنوال نفسه أيضًا معتمدًا في أغلبه على الحلّ القانوني المشار إليه في ما سبق، بحيث أكّد قرار صادر عن دائرة التنفيذ في بيروت([8]) على عدم إمكانية رفض الإيفاء بالعملة اللبنانية مهما كانت الظروف، فهذا القرار الذي ردّ ادعاء المنفّذ المبني على أنّ الإيداع حصل بالليرة اللبنانية في حين أنّ الدين هو بالدولار الأميركي أيّ أنّ الايفاء يجب أن يحصل بعملة العقد، أشار إلى أنّ:
“وحيث إنّه بالرجوع إلى المنظومة التشريعية اللبنانية يتبيّن من الأحكام القانونية التي ترعى الإيفاء أنّ المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود أوجبت الايفاء من عملة البلاد عندما يكون الدين مبلغاً من النقود، كما أنّ المادة /192/ من قانون النقد والتسليف عاقبت من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية، فالمادة السابعة من نفس القانون أعطت للأوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسمائة ليرة لبنانية وما فوق قوّة إبرائية غير محدودة في أراضي الجمهورية اللبنانية،
(….)وحيث إنّ تدهور قيمة العملة الوطنية لا يغيّر من النتيجة بشيء، إذ إنّ مبدأ الإسمية النقدية يفترض محافظة الوحدة النقدية على نفس القيمة الإبرائية، حتّى لو تغيّرت مع الوقت قيمتها الحقيقية وقوّتها الشرائية، وبالتالي يتوجّب على المدين بمقدار معيّن من الوحدات بأن يدفع دائمًا بنفس المبلغ العددي، دون إمكانية إعادة التقييم، وذلك تطبيقًا للقوّة الإلزامية للعقد وعدم إمكانية تعديل الموجبات، فالمدين بدين نقدي يتحرر من الموجب الملقى على عاتقه بمجرد دفع قيمته الإسمية،
Francois Grua: RÉGIME GÉNÉRAL DES OBLIGATIONS. – Paiement des obligations de sommes d’argent. – Evaluation des obligations des sommes d’argent, jurisclasseur Civil Code, Art. 1343 à 1343-5, Fasc. 10, Date de la dernière mise à jour : 6 Novembre 2019, n059-60
وحيث إنّ المبدأ العام الذي يرعى الموجبات بدين نقدي لا يلتفت إلى عملة الدين بحيث تطبّق نفس المبادئ دون التمييز بين العملات الوطنية والعملات الأجنبية، وبالتالي مبدأ الإسمية يطبّق أيضًا على الديون المحتسبة بعملة أجنبية،
(M. Planiol, G. Ripert, Traité élémentaire de droit civil français, t.7, no1159)
(….)
وحيث إنّه في ضوء عدم إمكانية رفض الإيفاء بالعملة الوطنية مهما كانت الظروف، تكون أقوال المنفّذ لهذه الجهة مستوجبة الردّ”.
وكانت محكمة الإستئناف([9])قد ردّت في وقت سابق السبب الإستئنافي المبني على عدم قانونية الإيداع نظرًا لحصوله بالعملة اللبنانية مؤكّدة على أنّه يجوز حصول الإيداع بالعملة اللبنانية عملاً بنصّ الفقرة الأولى من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود ولو أنّه تمّ تحديد الثمن في العقد بالدولار الأميركي:
“وحيث إنّ الإيداع لمصلحة دعوى الشفعة إنمّا يشكّل إحدى حالات الإيفاء فيكون جائزًا حصوله بالعملة اللبنانية عملاً بالمادة /301/ ق.م.ع.”
وهذا مع العلم أنّ الخلاصة التي تمّ التوصل إليها في القرارين المشار إليهما أعلاه ثابتة تاريخيّاً في الإجتهاد، وذلك بحسب اجتهاد المرحوم العلّامة زهدي يكن([10]) الذي أكّد أنّه:”يتمّ ايفاء الدين بعملة البلاد بما أنّه دين نقدي وفقاً لما تنصّ عليه المادة 301 من قانون الموجبات والعقود تاريخ 1932/3/9.”
وفي وقت سابق كانت محكمة التمييز اللبنانية([11])قد أقرّت للمدين حقّ الخيار بأن يقوم بالايفاء بالعملة الوطنية أو العملة الأجنبية التي نظّم فيها، بحيث نصّ القرار حرفيًا على ما يلي:

“(…) ولكن بما أنّ العملة المتعاقد عليها في العقد هي الاسترلينية، فتكون بالتالي العملة التي يترتّب على المتعاقدين أن يتحاسبوا على أساسها وهي وحدها الملزمة لهم، في حين أنّ العملة اللبنانية إذا ما شاء المدين أن يستعملها لإبراء ذمّته ليست سوى عملة للدفع يحقّ له أن يلجأ أو أن لا يلجأ إلى إستعمالها في وقت قيامه بإبراء ذمّته من دينه المحرّر بالعملة الاسترلينية.

وبما أنّه يترتب على هذا الأمر أنّ الحكم البدائي إنّما كان على صواب في ما قرّر من حيث جواز إبراء ذمّة السيّد أبيض من دينه بالاسترليني بالعملة اللبنانية على أساس الاسترليني يوم ابراء ذمّته ممّا يجعل الاستئناف التبعي الاضافي مردودًا لهذه الجهة.
وبما أنّ الدين المترتّب في ذمّة السيّد أبيض إنّما هو مقرّر بالعملة الاسترلينية فيحقّ بالتالي للسيّد أبيض أن يبرئ ذمّته منه بهذه العملة.

وبما أنّه ما دام للسيّد أبيض الحقّ بأن يوفي دينه بالعملة الاسترلينية الفعلية دون أن يكون من حقّ الدائن بأن يطالبه بأن يفيه بالعملة اللبنانية، فإنّه يكون من حقّه أيضًا إذا اختار الايفاء بالعملة اللبنانية بدلاً من الاسترلينية بأن يوفيها من العملة اللبنانية مقدارًا يمّكنها من الحصول ما يوازي دينها بالعملة الاسترلينية لا أكثر ولا أقلّ.”

عندما يكون الدين الواجب تسديده مبلغًا نقديًا فإنّه يجب تسديده بالعُملة الوطنية وذلك بصرف النظر عمّا إذا أكانت هذه الديون النقدية مُحرَّرة بالعُملة الوطنية أو بالعُملة الأجنبية، هذا هو الموقف الراجح المعتمد في لبنان كما سبق بيانه. أمّا وقد أنهينا عرض الموقف اللبناني المرتبط بعملة الإيفاء، فإنّه من المفيد الآن إلقاء نظرة على الكيفية التي تمّ من خلالها مقاربة موضوع عملة الإيفاء في النموذج الفرنسي؟ فهل أنّ الوضع في فرنسا يتشابه مع الوضع السائد في لبنان أم أنّه يختلف عنه؟
ب-عملة الإيفاء في النموذج الفرنسي
على خلاف المشرّع اللبناني الذي انتهج منذ زمن طويل أي منذ صدور قانون الموجبات والعقود في العام 1932 سياسة واضحة في موضوع عملة الإيفاء من خلال إيراد نص صريح في قانون الموجبات والعقود يوجب حصول الإيفاء من عملة البلاد عندما يكون الدين مبلغًا من النقود، فإنّ المشرع الفرنسي إلتزم لفترة ليست بالقصيرة الصمت حيال هذا الموضوع بحيث لا نجد لغاية العام 2016 على الأقلّ أيّ نصّ في المنظومة التشريعية الفرنسية يتناول موضوع عملة الإيفاء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن وفي ظلّ قصور المشرّع عن القيام بدوره في هذا الخصوص قام الإجتهاد بالتصدّي لهذه المهمّة متخذًا في هذا السياق موقفًا واضحًا وحازمًا بحيث أكّد وبشكل مستمرّ على أنّها تعتبر باطلة بطلانًا مطلقًا البنود التي تلزم المدين على الايفاء بغير العملة الوطنية.
وفي هذا الصدد ميّز الاجتهاد بين استعمال العملة الأجنبية كعملة حساب للدين([12]) “Clause Valeur-Monnaie Etrangère” وبين استعمالها كعملة للإيفاء([13]) Clause Espèces Etrangère”،
ففي الحالة الأولى “Monnaie de Compte” يعتبر البند صحيحًا ونافذَا بحيث إنّه يشكّل بند تكييف الدين وفق مؤشّر متحرّك ألاّ وهو العملة الأجنبية المختارة:
([14])La fixation de la créance en monnaie étrangère constitue une indexation déguisée.
وفي هذا السياق أشارت محكمة التمييز الفرنسية في قرارها الصادر في 1966/05/10 (JCP II. 14871 و 1969 Dalloz) ثمّ في القرارين تاريخ 1969/02/04 و1969/04/30 أنّ بند العملة الأجنبية لا يخرق قانون السعر الالزامي cours forcé طالما أنّ العملة الأجنبية ليست سوى وسيلة حساب الدين وطالما أنّه على المدين أن يدفع بالعملة التي تتمتّع بالسعر القانوني cours légal أيّ بالعملة الوطنية.
أمّا في الحالة الثانية Monnaie de Paiement”” وتأكيدًا على أنّ للعملة الوطنية قوّة إبرائية في جميع الأحوال وحتّى في الحالة التي يكون فيها الدين محرّرًا أصلاً بالعملة الأجنبية، فلقد اعتبر الاجتهاد أنّ هذه البنود باطلة بطلانًا مطلقًا، إذ إنّ كلّ ايفاء في عقد داخلي يجب أن يكون بالعملة الوطنية ويبطل بشكل مطلق كلّ اتفاق يرمي إلى إلزام المدين على الدفع بالعملة الأجنبية إلاّ في الحالة التي يوافق فيها المدين على دفع الدين المتوجّب في ذمّته بالعملة الأجنبية ويقبل الدائن بذلك:
Dans les règlements internes, la monnaie étrangère de paiement n’a pas connu la même libéralisation de son régime que la monnaie étrangère de compte. La jurisprudence n’est jamais revenue sur son affirmation traditionnelle selon laquelle il est de principe que tout paiement fait en France devait être effectué dans la monnaie reconnue par la loi nationale (V. Cass. req., 11 juill. 1917: S. 1918, 1, p. 215. – Cass. civ., 17 nov. 1924: S. 1925, 1, p. 113, note Niboyet. – Civ. 1re, 29 mars 2017, n° 16-13.050, D. 2017. 1893 , note C. Kleiner – V. CA Bordeaux, 8 mars 1990: D. 1990, p. 550, note Malaurie: ” Est nulle de nullité absolue et d’ordre public, comme portant atteinte au cours légal de la monnaie nationale, la clause de paiement en monnaie étrangère à l’occasion d’un contrat interne qui ne prévoit aucun mouvement de valeurs par-delà les frontières”. – Cass. 1re civ., 14 nov. 2013, n° 12-23.208: cassation de l’arrêt qui rejette la demande nullité du prêt libellé en monnaie étrangère alors que « le prêteur ([15])pouvait imposer à l’emprunteur de payer les échéances en devises étrangères “.
” Tout payement fait en France, quelle qu’en soit la cause, doit être effectué en monnaie française […] c’est à bon droit qu’un arrêt décide, après avoir constaté qu’un payement doit avoir lieu entre maisons françaises et sur territoire français, que le règlement se réalisera par la remise d’un nombre de francs correspondant aux soldes débiteurs exprimés en dollars, ceux-ci étant convertis au cours du change à la date à laquelle le payement aurait dû être effectué”16.
وفي حين أيّد أغلب الفقه([17])في فرنسا الحلّ القانوني الذي اعتمده الاجتهاد، إلاّ أنّ الفقهاء اختلفوا في ما بينهم حول الأساس القانوني التي ترتكز عليه القاعدة التي قرّرها الإجتهاد:

L’origine de cette formule demeure mal déterminée. On dit que cette règle s’impose « pour des raisons de souveraineté » (B. Audit et L. d’Avout, Droit international privé : Economica, 6e éd., 2010, n° 853). Aujourd’hui encore, les tribunaux invoquent le plus souvent le cours légal et le cours forcé de la monnaie (V. Cass. com., 30 avr. 1969: Bull. civ. IV, n° 149 ; JDI 1970, p. 74, note Ph. Malaurie. – CA Paris, 24 mars 1973: Rev. crit. DIP 1976, p. 73 ; Gaz. Pal. 1974, 2, jurispr. p. 613. – CA Bordeaux, 8 mars 1990: D. 1990, p. 550, note Ph. Malaurie. Une autre lecture de la formule jurisprudentielle consiste à dire que le franc, en qualité d’unité de paiement, a reçu du système juridique un pouvoir d’extinction d’une unité valeur française. Et comme la France n’a « pas d’autres unités de valeur en circulation que le franc, elle dénie tout pouvoir extinctif aux unités étrangères sur son territoire » (R. Libchaber, Recherches sur la monnaie en droit privé, préf. P. Mater, préc. n° 1, spéc. n° 457). Mais, là encore, cela n’explique pas que la France refuse de reconnaître la validité des conventions qui confèrent précisément le pouvoir extinctif des unités de paiement étrangères. On y voit parfois une règle de droit international privé (V. Y. Loussouarn, P. Bourel et P. de Vareilles-Sommières, Droit international privé : Dalloz, 10e éd., 2013, n° 603). Comme la détermination de la monnaie de règlement dépend de la lex loci solutionis, la monnaie des règlements en France serait l’euro. À défaut d’argument juridique déterminant, restent les raisons de politique monétaire : la peur que la possibilité de payer en monnaie étrangère n’ouvre une porte aux mouvements de fuite devant la monnaie nationale18
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الإجتهاد الفرنسي لم يكتف بإعلان بطلان هذه البنود بطلانًا نسبيًا، بل أكّد ووافقه الفقه على ذلك بأنّ البطلان في هذه الحالة هو بطلان مطلق وذلك على اعتبار أنّ هذه البنود تشكّل إعتداء على السيادة المالية للدولة وعلى النظام العام المالي الحامي للعملة الوطنية، الأمر الذي يوجب على القاضي إثارة البطلان عفوًا دون انتظار إثارته من أحد الفرقاء في القضيّة :
Parce qu’elles sont censées avoir un objet contraire à l’ordre public, en portant atteinte à la souveraineté monétaire de l’État, ou au cours légal ou au cours forcé, les clauses monnaie étrangère dans les règlements internes sont nécessairement sanctionnées par une nullité absolue et d’ordre public. ” Est nulle de nullité absolue et d’ordre public, comme portant atteinte au cours légal de la monnaie nationale, la clause de paiement en monnaie étrangère à l’occasion d’un contrat interne qui ne prévoit aucun mouvement de valeurs par-delà les frontières ” (CA Bordeaux, 8 mars 1990: D. 1990, p. 550, note Malaurie). ” La cour d’appel qui a souverainement estimé que le prêt litigieux ne réalisait aucun transfert international de fonds, en a exactement déduit qu’il s’agissait d’un contrat interne, et que la stipulation du paiement en monnaie étrangère était frappée d’une nullité absolue, sans avoir, en l’état de ces constatations, à rechercher si l’opération en cause était conforme aux dispositions alors en vigueur en matière de change ” (Cass. 1re civ., 18 nov. 1997, n° 95-14.003: JurisData n° 1997-004717). C’est ici l’ordre public de direction qui est en cause (J. Carbonnier, Droit civil, t. IV, Les obligations, 22e éd., 2000, n° 71).Lors de l’institution du cours forcé, celui-ci parut même suffisamment impérieux pour que fût jugé d’application immédiate aux contrats en cours d’exécution (V. concl. Picard ss CA Paris, 30 nov. 1938: Gaz. Pal. 1939, 1, jurispr. p. 247. – H. Capitant : DH 1936, chron. p. 67)[19.

Le cours légal de la monnaie nationale commande seulement qu’un créancier ne puisse pas refuser d’être payé en cette monnaie, et par suite qu’un débiteur ne puisse perdre son droit de s’acquitter avec de la monnaie nationale en s’obligeant par contrat à payer en une autre monnaie[20)
يستنتج بالتالي أنّ الإجتهاد في فرنسا قد اعترف في القانون الداخلي بصحّة البنود المحرّرة بعملة أجنبية كوسيلة لحساب الدين طالما أنّ الدفع يتمّ بالعملة الوطنية التي تتمتّع بالسعر القانوني وبالقوّة الإبرائية، في ما أبقى على نظام البطلان بالنسبة للبنود المحرّرة بالعملة الأجنية كعملة لدفع الدين.
ويلاحظ هنا أنّ موقف الاجتهاد الفرنسي المشار اليه يتوافق والأحكام التشريعية والفقه المؤيّد المعمول بهما في لبنان، ممّا يقتضي معه القول بصحّة البنود المحرّرة في القانون الداخلي بإحدى العملات الأجنبية كوسيلة لحساب الدين، تطبيقًا لنصّ الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود التي أجازت “اشتراط” الإيفاء بعملة أجنبيّة[21])، طالما أنّ الدفع يمكن أن يتمّ بالليرة اللبنانية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ القاعدة التي اعتمدها الإجتهاد في فرنسا حول موضوع عملة الإيفاء منذ زمن طويل كرسّها المشرّع الفرنسي أخيرًا في العام 2016 بنصّه في الفقرة الأولى من المادة 1343-3 (المعدّلة في العام 2018) من القانون المدني الفرنسي على أنّه:
” Le paiement, en France, d’une obligation de somme d’argent s’effectue en euros”.
أمّا باقي فقرات المادة 1343-3 فقد خصّصها المشرّع للحالات التي يمكن فيها حصول الإيفاء بغير العملة الوطنية:
“Toutefois, le paiement peut avoir lieu en une autre monnaie si l’obligation ainsi libellée procède d’une opération à caractère international ou d’un jugement étranger. Les parties peuvent convenir que le paiement aura lieu en devise s’il intervient entre professionnels, lorsque l’usage d’une monnaie étrangère est communément admis pour l’opération concernée
من الواضح بالتالي أنّ المشرع الفرنسي أجاز حصول الإيفاء بعملة غير العملة الوطنية في ثلاث حالات مختلفة:
1-الحالة الأولى تشمل العمليات ذات الطابع الدولي أيّ عندما يتوافر في العملية الحاصلة أيّ عنصر خارجي حتّى لو تمّت في فرنسا وحتّى لو كان المتعاقدون من الجنسية الفرنسية:
Par exemple, un contrat souscrit en France, entre une caution et une banque, toutes deux françaises, et dont le but est de garantir un emprunt international constitue une opération à caractère international, autorisant un paiement en monnaie étrangère. Un arrêt le confirme : ” c’est à bon droit [que la cour d’appel] condamne [la caution] à payer à [la banque] le montant de la somme garantie, dans la monnaie étrangère stipulée, sans qu’il puisse être soutenu que les parties contractantes étant françaises et le lieu du contrat étant situé sur le territoire français, il ne pouvait être stipulé que le paiement devrait se faire en monnaie étrangère[22.
2- أمّا الحالة الثانية فتتعلّق بالتنفيذ الرضائي لحكم صادر عن محكمة أجنبية في فرنسا، فإذا أوجب هذا الحكم على المدين تسديد مبلغ من المال إلى الدائن فيمكن في هذه الحالة القيام بالإيفاء بالعملة المشار إليها في الحكم:
Rappelons cependant que seul le paiement volontaire imposé par le jugement étranger est envisagé. L’exequatur du jugement étranger et l’exécution forcée requièrent de convertir la somme indiquée en euros[23
3-الحالة الثالثة والأخيرة والتي تشكّل الإستثناء الوحيد المقرّر قانونًا لقاعدة وجوب حصول الإيفاء بالعملة الوطنية عندما يتعلّق الأمر بعقد داخلي، تشمل حالة التعاقد بين المهنيين شرط أن يكون التعامل بالعملة الأجنبية متعارفًا عليه في العملية الحاصلة بين هؤلاء:
Depuis la loi de ratification, pour qu’un paiement en monnaie étrangère soit permis, il convient d’abord de caractériser un contrat passé ” entre professionnels “. Faute de précision, la définition générale doit être reprise : un professionnel est ” toute personne physique ou morale, publique ou privée, qui agit à des fins entrant dans le cadre de son activité commerciale, industrielle, artisanale, libérale ou agricole, y compris lorsqu’elle agit au nom ou pour le compte d’un autre professionnel ” (C. consom., art. liminaire).
Il faut, ensuite, prouver que l’usage de la monnaie étrangère est ” communément admis “. Cette expression fait référence à l’habitude, à la répétition d’une pratique, et rappelle la lettre de l’article L. 632-1 4° du code de commerce, lequel mentionne tout « mode de paiement communément admis dans les relations d’affaires[24
يقتضي الإشارة أخيرًا إلى أنّه غداة اعتماد “اليورو” كعملة موحّدة بين دول الإتحاد الأوروبي ومن بينها فرنسا ثار التساؤل هناك حول ما إذا كان من شأن ذلك أن يؤدّي تطبيقًا لحرّية انتقال رؤوس الأموال إلى إعادة النظر في الحلّ الذي اعتمده الإجتهاد الفرنسي في موضوع عملة الإيفاء وتاليًا البدء بإجازة حصول الإيفاء بالعملة الأجنبية في العقود الداخلية، لكن اعتماد اليورو كعملة موحّدة لم يؤثّر على الحلّ الذي اعتمده الإجتهاد ولا على تأييد الفقه لهذا الحلّ:
Lors du passage à l’euro, il a été avancé que cette monnaie unique, relevant d’une compétence européenne exclusive (TFUE, art. 3 § 1, c), puisse modifier les solutions en vigueur. Les motifs sous-tendant le régime du paiement en monnaie étrangère – souveraineté monétaire, défense de la monnaie nationale – auraient disparu et ne relèveraient plus de l’ordre public français, mais européen[25]). Il est conséquemment suggéré que l’euro puisse conduire à admettre un paiement en monnaie étrangère à l’égard d’un contrat interne[26]), au nom de la liberté de circulation des capitaux et des paiements, largement interprétée. Un arrêt isolé est en ce sens: la Cour de justice affirme que « l’obligation de recourir, aux fins de la constitution de l’hypothèque, à la monnaie nationale doit, en principe, être qualifiée de restriction aux mouvements des capitaux[27
La Cour de cassation maintient cependant le cap : « s’agissant d’un contrat de droit interne, la monnaie de paiement devait être nécessairement le franc ou l’euro et non une monnaie étrangère[28
Les auteurs de leur côté, ils considèrent, dans leur grande majorité, que l’adoption de l’euro ne devrait pas modifier les solutions françaises, qu’elles concernent le paiement ou l’indexation des obligations[29
نخلص إلى القول إنّه في لبنان وحتّى في الحالة التي يوجد فيها إتفاق بين الدائن والمدين على أن يتمّ الإيفاء بالعملة الأجنبية، يبقى المدين حرًّا في أن يقوم بالايفاء بالعملة الوطنية أيّ عملة البلاد، وهو في هذا السياق يمتلك حقّ الخيار بين العملتين الوطنية أو الأجنبية ولايجوز للدائن إلزامه على الإيفاء بالعملة الأجنبية المتفق أن يتمّ الإيفاء فيها في العقد، فالعملة اللبنانية هي دومًا إذا عملة الإيفاء أيًا تكن الأسباب وأيًا تكن العملة موضوع الإلتزام النقدي، فعندما يكون الإلتزام محرّرًا بالعملة الأجنبية، فالدائن هو دومًا ملزم بقبول العملة اللبنانية في الإيفاء، وذلك سندًا للفقرة الأولى من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود، لكنّ المدين يكون له الخيار بين العملتين، العملة اللبنانية أو العملة الأجنبية، فيمكنه إذا شاء أن يدفع أيضًا بالعملة الأجنبية التي تشكّل موضوع الإلتزام بالذات.
أمّا في فرنسا فلقد ذهب الإجتهاد أبعد من ذلك مؤكّداً وبشكل مستمرّ على البطلان المطلق للبنود التي ترمي إلى إلزام المدين على الإيفاء بالعملة الأجنبية[30])، يصحّ بالتالي القول إنّ مقاربة الاجتهاد الفرنسي في المسألة المتعلّقة بعملة الإيفاء تعتبر أكثر تشدّدًا مقارنة بموقف نظيره اللبناني، لا بل أكثر من ذلك وفي حين أدّى الثبات في موقف الإجتهاد في فرنسا إلى حسم النقاش المتعلّق بعملة الإيفاء وإغلاقه تمامًا[31]) وذلك بالرغم من أنّه لغاية العام 2016 لم يكن في المنظومة التشريعية أيّ نصّ يلزم الإجتهاد باتخاذ الموقف الذي تبنّاه، فيلاحظ أنّه في لبنان وبالرغم من أنّه يتوافر منذ العام 1932 نصّ واضح وصريح يشير إلى وجوب حصول الإيفاء بعملة البلاد وذلك في الحالة التي يكون فيها هذا الدين مبلغًا من النقود، فإنّ بعض الإجتهاد[32]) ما زال مصرًّا على اتخاذ قرارات تجافي الواقع والقانون ضاربًا بعرض الحائط القاعدة القانونية المكرسّة في الفقرة الأولى من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود.
بالتالي وإنطلاقًا من ذلك فإنّ الإجتهاد في لبنان مدعو إلى الإقتضاء بنظيره الفرنسي وحسم النقاش الدائر في لبنان حول عملة الإيفاء من خلال الإلتزام بحرفية نصّ الفقرة الأولى من المادة الذكورة، لاسيمّا وأنّه من المرجح أن تكون الاشكالية المتعلّقة بعملة الإيفاء مادة دسمة على مائدة المحاكم في لبنان في الأسابيع والأشهر المقبلة وذلك في ظلّ الوضع الإقتصادي السيئ الذي يمرّ بها وأزمة شحّ الدولار التي يعاني منها وما استتبعه ذلك من نشوب نزاعات بين الدائنين والمدين حول العملة الواجب حصول الإيفاء بها عندما يكون هناك اتفاق سابق بينهما على تحديده أو على وجوب إيفائه بالعملة الأجنبية حصرًا.
إنّ العملة الوطنيّة في لبنان هي الليرة اللبنانية تطبيقًا لنصّ المادة الأولى من قانون النقد والتسليف والإمتناع عن قبولها يعتبر جريمة جزائية موصوفة كما سبق بيانه ويتوجّب تبعًا لذلك على الجميع أن يتعاملوا بهذه العملة على الأراضي اللبنانية ومن باب أولى يتوجّب على السلطات والمؤسّسات الرسمية التي تمثّل الدولة اللبنانية وفي مقدّمتها السلطة القضائية أن تحترم مبدأ وجوب التعامل بالعملة الوطنية داخل الأراضي اللبنانية في الأحوال الطبيعية، فكيف الحال في ظلّ عدم توفّر الدولار في لبنان، فالمحافظة على السيادة النقدية الوطنية التي تشكّل العملة الوطنية ومدى ثقة العامة بها إحدى تجلّياتها وعلى الإنتظام العام يمرّان إلزاميًا عبر المحافظة على العملة الوطنية.
إنّ حلّ الإشكالية المتعلّقة بعملة الإيفاء في لبنان والإعتراف للعملة الوطنية بقوّة إبرائية شاملة يستتبع بعد ذلك النظر في موضوع لا يقلّ أهمّية عن موضوع عملة الإيفاء ألا وهو سعر الصرف الذي يجب حصول الإيفاء على أساسه لاسيّما في ظلّ وجود أكثر من سعر صرف واحد في لبنان حالياً، فهل يبقى سعر الصرف الرسمي هو المعيار، أم أنّه يمكن اتخاذ أسعار صرف أخرى كسعر السوق أو سعر المنصّة كأساس لتحديد المبلغ الواجب إيفاؤه؟
هوامش ومصادر:
[1]) للمزيد من الوضوح ونظرًا لعدم دقّة تعريب نصوص قانون الموجبات والعقود التي وضعت في الأصل باللغة الفرنسية سنعمد إلى إيراد نصّ المادة /301/ بأصله الفرنسي:
“Lorsque la dette est une somme d’argent, elle doit être acquittée dans la monnaie du pays.
En période normale et lorsque le cours forcé n’a pas été établi pour la monnaie fiduciaire, les parties sont libres de stipuler que le paiement aura lieu en espèces métalliques déterminées ou en monnaie étrangère”.
[2]) نصّت المادة /319/ من قانون العقوبات على أنّه: “من أذاع بإحدى الوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الـ 209 وقائع ملفّقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدنّي في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة، يعاقب بالحبس من ستّة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسماية ألف ليرة إلى مليوني ليرة, ويمكن فضلاً عن ذلك أن يقضى بنشر الحكم.”
[3]) نديم رعد، إنخفاض النقض ومصير الالتزام النقدي في القانون اللبناني، منشورة في مجلة العدل، 1992، عدد1.
[4])محكمة إستئناف بيروت، قرار رقم /333/ تاريخ 1997/03/20، القرارات الكبرى، عدد /58/ ص.80.
[5]) هيئة التشريع والاستشارات، إستشارة رقم /1461/ تاريخ 1988/10/14 ، مجموعة إجتهادات هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، المنشورات الحقوقية صادر، المجلّد التاسع، ص.9669.
[6])يراجع في هذا السياق الدراسة القانونية التي أعّدها الأستاذ نديم رعد تحت عنوان: إنخفاض النقض ومصير الالتزام النقدي في القانون اللبناني، مرجع سبق ذكره، ويراجع بالمعنى نفسه: هيثم عزو، العُملة الوطنية في مواجهة العُملة الأجنبية … بين تسديد الديون وردّ الودائع المصرفية، منشورة على موقع القرار الإلكتروني، شباط 2020.
[7]) نديم رعد، إنخفاض النقض ومصير الالتزام النقدي في القانون اللبناني، مرجع سبق ذكره.

[8]) قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكّي، صدر في بيروت بتاريخ 2020/01/15، غير منشور.
[9]) محكمة الإستئناف المدنيّة في جبل لبنان، الغرفة الثالثة عشرة، قرار رقم 2016/56 تاريخ 2016/03/29، الرئيس حبيب رزق الله والمستشاران سليلاتي وحاطوم، منشور على الموقع الإلكتروني لمركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية.
[10])محكمة الإستئناف المدنيّة في بيروت، قرار رقم 1956/1290 تاريخ 1956/10/09، برئاسة العلامة القاضي زهدي يكن والمستشارين طعمه وخوري.
[11]) محكمة التمييز المدنية، الغرفة الأولى، قرار رقم 1973/8 تاريخ 1973/01/29، شركة ترانسليبان شيبنغ/أبيض، منشور في باز عام 1973، ص.150. يراجع في المعنى نفسه: محكمة التمييز المدنية، قرار رقم 1992/13 تاريخ 1992/05/28، الرئيس حكمت هرموش والمستشاران علوية وعواد، منشور على الموقع الإلكتروني لمركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية: “وحيث إنّ الدين في القضية الحاضرة نشأ اصلا بالدولار فيعتبر اشتراط الايفاء بهذه العملة صحيحاً ويمكن للمميّز إبراء ذمّته بهذه العملة أو بالعملة اللبنانية على أساس سعر الدولار يوم الدفع وعلى هذا تمشى الاجتهاد على ضوء المواد 754 و301 موجبات وعقود 7 و192 نقد وتسليف”.
[12]) C’est Lorsque les parties utilisent une monnaie étrangère comme monnaie de compte, c’est-à-dire pour évaluer leurs dettes, déterminer le quantum de cette dette en considération d’une monnaie étrangère on parle généralement de ” clauses valeur monnaie étrangère “.
[13]) Quand elles l’utilisent comme monnaie de paiement, à fin de règlement, on parle de “clauses espèces étrangères “.
[14]) Cass. 1er civ., 12 janv. 1988: D. 1989, p.80, note Malaurie ; Cass. 1er civ., 11 oct. 1989: D. 1989, no 87-16.341 jurisdata no1989-703074; Cass. Com. 22 mai 2001, no 98-14.406 jurisdata no2001-009672; Cass. Com. 2 oct 2007, no 06-14.725 jurisdata no2007-040664.
وردت في قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكّي المشار إليه سابقًا.
[15]) RÉGIME GÉNÉRAL DES OBLIGATIONS. – Paiement des obligations de sommes d’argent. – Monnaie étrangère, jurisclasseur Civil Code, Art. 1343 à 1343-5, Fasc. 40, Date de la dernière mise à jour : 6 Novembre 2019, n052.
Req. 17 févr. 1937, DH 1937. 234, note H. Batiffol[16
[17]) من المفيد الإشارة إلى أنّ بعض الآراء الفقهية إنتقدت الحلّ الذي إعتمده الإجتهاد الفرنسي في موضوع عملة الإيفاء لكن من دون أن تنجح في إقناع الإجتهاد بضرورة تغيير موقفه:
Les critiques dont l’interdiction des clauses monétaires a toujours fait l’objet sont accentuées pour les clauses espèces étrangères à l’époque moderne. La nullité de ces clauses se justifie plus difficilement depuis que les clauses valeur-monnaie étrangère sont valables, même si elles sont soumises à la législation sur les indexations. On voit mal la raison de cette différence de traitement, car, dans les deux types de clauses, la défiance
envers la monnaie nationale est la même et les dangers pour l’économie sont équivalents (en ce sens, P. Malaurie, Les obligations libellées en monnaie étrangère : Travaux comité fr. DIP 1975-1977, p. 24. – J.-F. Crédot et T. Samin, Monnaie de compte étrangère : RD bancaire et fin. 2009, comm. 151). Pour d’autres, le paiement dans la monnaie légale devrait demeurer le principe, mais il faudrait faire exception quand les parties ont inséré dans le contrat une clause de paiement effectif en monnaie étrangère (C. Béquignon-Lagarde, La dette de monnaie étrangère : Thèse dactyl. Caen, 1925, p. 108. – H. B : Rev. crit. DIP 1938, p. 658. – Y. Loussouarn : Rev. crit. DIP 1953, p. 386. – J.-P. Eck, Validité des clauses en écus au regard du droit français : Banque et droit 1991, p. 49).
[18]) RÉGIME GÉNÉRAL DES OBLIGATIONS. – Paiement des obligations de sommes d’argent. – Monnaie étrangère, jurisclasseur Civil Code, Art. 1343 à 1343-5 Fasc. 40, Date de la dernière mise à jour : 6 Novembre 2019, n053.
[19]) Ibid., n063.
[20]) Cass. req.,11 jull. 1917, S; 1918, 1, p.215; Cass. req.,17 fev. 1924, S; 1925, 1, p.113 ; Cass. req.,17 fev. 1937, DH 1937, P234, Rev. Crit. DIP, 1938, p.657.
وردت في قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكّي المشار إليه سابقًا.
[21]) وقد أكّدت محكمة التمييز هذا الأمر مشيرةّ في أحد قرارتها إلى أنّه: “حيث إنّ الدين في القضية الحاضرة نشأ أصلاً بالدولار فيعتبر اشتراط الايفاء بهذه العملة صحيحًا…”. يراجع: محكمة التمييز المدنية، قرار رقم 1992/13 تاريخ 1992/05/28، مشار إليه سابقًا.
[22]) Req. 27 oct. 1943, JCP 1944. II. 2660, note J.-Ph. Lévy ; S. 1946. 1. 17, note J.-P. Niboyet.
[23]) Y. Heyraud, Le paiement en monnaie étrangère sur le territoire français : réflexions sur le nouvel article 1343-3 du code civil, RTD Com. 2019, n°17.
[24]) Ibid., n018.
[25]) N.-H. Aymeric, L’incidence de l’euro sur le traitement juridique des devises, RTD com. 2005. 197 , spéc. n° 26.
[26])Ibid., spéc. nos 29 s.
[27) CJCE 16 mars 1999, aff. C-222/97, spéc. pt 28, D. 1999. 100 ; RTD com. 2000. 227, obs. G. Jazottes.
[28])Civ. 3e, 18 oct. 2005, n° 04-13.930
[29])V. par exemple, E. Putman et S. Tamburini-Kender, L’euro et le droit des contrats, RID éco. 1998.313 et s., spéc. p. 320 ; Fr. Terré, Ph. Simler et Y. Lequette, Droit civil, Les obligations, Précis Dalloz, 8e éd., 2002, n° 1330 in fine (mais comp. n° 1336 in fine) ; J.-Ch. Cabotte et A.-M. Moulin, Le statut juridique de la monnaie unique, Bulletin de la Banque de France, Etudes, n° 108, déc. 2002, p. 35 et s., spéc. p. 44.
[30])لكنّ هذا الأمر لا يمنع المدين من تسديد الدين المتوجّب في ذمّته بالعملة الأجنبية في حال رغب بذلك وكان الدائن قد وافق على ذلك:
En revanche, il n’a jamais été question d’interdire à un débiteur d’offrir de payer en monnaie étrangère plutôt qu’en monnaie nationale. Si le créancier l’accepte, ce paiement – ou cette dation en paiement – est assurément valable et libératoire (CA Paris, 26 Oct. 1951 et 16 Mai 1952: Rev. Crit. DIP 1953, p. 377, Obs. Y. Loussouran).
وردت في قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكّي المشار إليه سابقًا.
[31]) En France, le régime du paiement en monnaie étrangère résulte d’une construction jurisprudentielle aujourd’hui établie, ne suscitant guère plus de contentieux.
(32) على سبيل المثال فقد صدر في 2020/01/23 قرار عن رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت أجابت بموجبه الطلب المقدّم من المنفّذة والرامي إلى إلزام المنفّذ عليه بإيفاء النفقة (أي عقد داخلي لا يتوافر فيه أيّة عناصر لعقد دولي) المتوجّبة عليه بالدولار الأميركي حصرًا، وذلك على اعتبار أنّ الأخير تعهّد بذلك في الإتفاقية المعقودة بينه وبين المنفّذة بدفع نفقة شهرية للأولاد بالدولار الامريكي، الأمر الذي يوجب وفقًا للقرار الذي تمّ استئنافه- ولا يزال إلى تاريخه أمام محكمة الإستئناف- أن يتمّ الإيفاء بذات العملة والقيمة المتفق عليها في الإتفاقية أيّ إلزام المنفّذ عليه على الدفع بالعملة الأجنبية حصرًا وذلك انسجامًا مع نصّ المواد /299/، /301/ و/302/ من قانون الموجبات والعقود. قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي ميرنا كلاب، صدر في بيروت بتاريخ 2020/01/23، غير منشور.
*محام متدرج في نقابة المحامين في بيروت
ماجستير في القانون الجزائي-الجامعة اللبنانية-الفرع الثاني
ماجستير في “المنازعات، التحكيم والطرق البديلة لحلّ النزاعات”-الجامعة اللبنانية-الفرع الفرنسي.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/7/28
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!