أبرز الأخبارمقالات

خاص”محكمة”: حكم قضائي يتناول مفهوم التمديد والترك واساءة استعمال المأجور/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت القاضي المنفرد المدني في بيروت الرئيسة نانسي جورج كرم عدّة نقاط تتعلّق بحقّ التمديد واساءة استعمال المأجور والترك. وقضت بردّ الدعوى.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2018/4/16:
بناء عليه،
حيث إنّ المدعي يطلب اخلاء المدعى عليهما من المأجور لأنّهما أساءا استعماله، ولأنّهما يشغلان القسم الثاني من المأجور دون أيّ مسوّغ شرعي، وإلزامهما بأن يدفعا بدلات الايجار المستحقّة عليهما حتّى تاريخ تقديم الدعوى وبدل المثل من تاريخ تقديم الاستحضار وحتّى الإخلاء الفعلي.
وحيث من نحوٍ أوّل، وبالنسبة لطلب اخلاء المدعى عليهما من القسم الثاني للمأجور، فإنّ المدعي يدلي بأنّ المدعى عليها هدى تشغل القسم المذكور دون مسوّغ شرعي فيما ينحصر حقّها بالتمديد القانوني بالمأجور الذي كان يشغله مورّثها.
وحيث من جهتهما يدفع المدعى عليهما بأنّهما يشغلان القسم الثاني من المأجور شرعاً بموجب عقد إيجار منظّم أصولاً بين مورّث المدعي ووالدتهما المرحومة ماري، عائد للعام 1971 ومسجّل أصولاً في بلدية بيروت بتاريخ 1971/11/29.
وحيث من التدقيق بمستندات الدعوى كافة، لاسيّما صورتي عقدي الإيجار المرفقتين بمذكّرة المدعى عليهما بتاريخ 2015/1/16، يتبيّن أنّ الجهة المستأجرة في العقد الأوّل هي ورثة المرحوم حبيب ، فيما الجهة المستأجرة في العقد الثاني هي ماري وأنّ السنة التأجيرية في العقد الأوّل تبدأ في اليوم الأوّل من الشهر الخامس من السنة، في حين أنّ العقد الثاني تبتدئ مدّته في اليوم الأوّل من الشهر الأوّل من السنة، أمّا بدل الايجار المستحقّ عن العقد الأوّل، فبلغ للعام 1996 /142600/ ليرة لبنانية، فيما بلغ بدل الايجار للعقد الثاني في العام 2000، مبلغ /92000/ ليرة لبنانية.
وحيث إضافة إلى ما تقدّم، فإنّه من مراجعة صورة عقد الايجار بلائحة المدعى عليهما تاريخ 2014/4/22، يتبيّن أنّ المستأجرة هي ماري وأنّ العقد يعود للعام 1971، فيما يتبيّن من صورة اخراج القيد العائلي، المرفقة أيضاً باللائحة المومىء إليها، أنّ المستأجر الاساسي المرحوم حبيب، مورّث المدعى عليهما، قد توفّاه الله في العام 1994 ما يفيد أنّ تاريخ عقد الايجار المنظّم لوالدة المدعى عليها هو سابق لتاريخ وفاة والد المدعى عليهما ومورّثهما.
وحيث يثبت من كلّ ما تقدّم أنّ المدعى عليهما يشغلان القسمين من المأجور موضوع الدعوى بموجب عقدي إيجار مستقلّين، يعود كلّ منهما لقسم محدّد من المأجور، علماً أنّ المدعي لم يطعن أصولاً بعقد الايجار المنظّم لماري، فيكون إشغال المدعى عليهما محقّ ومسندّ إلى سبب مشروع ومعه تردّ ادلاءات المدعي المخالفة.
وحيث من نحو ثانٍ، وبالنسبة لطلب إسقاط حقّ المدعى عليهما من التمديد القانوني، فإنّ المدعي يدلي بأنّ المدعى عليهما عمدا إلى تخريب المأجور وفتح فجوة وممرّ وباب بين القسمين دون أيّ موافقة مسبقة أو لاحقة من المدعي.
وحيث إنّ المدعى عليهما يدفعان بأنّ من قام بإحداث الفتحة بين قسمي المأجور هو مورّث المدعي، بموافقته وعلى نفقته الخاصة، باعتبار أنّ القسمين تشغلهما عائلة واحدة وذلك بإشراف دائم للجهة المدعية.
وحيث في سبيل البحث بإدلاءات فريقي الدعوى، فإنّه في ضوء عدم ثبوت موافقة المدعي على عملية وصل القسمين من المأجور ببعضهما البعض، يقتضي البحث في ما إذا أقدم المدعى عليهما على تخريب المأجور أو على إساءة استعماله وبالنتيجة ترتيب الحلّ القانوني المناسب.
وحيث إنّ المادة /10/ من القانون 92/160 تنصّ على أنّه يسقط حقّ المستأجر بالتمديد إذا أساء استعمال المأجور بأن أحدث فيه تخريباً غير ناشئ عن الاستعمال العادي أو استعماله على وجه مضرّ يتنافى وشروط العقد دون موافقة المؤجّر الخطية.
وحيث إنّ القانون لم يعرّف التخريب المفضي إلى إسقاط حقّ المستأجر في التمديد، كما أنّ الاجتهاد لم يضع بدوره معايير ثابتة لتحديد هذا التخريب وهو أمر تفرضه طبيعة هذه العبارة التي لا تقع ضابط ثابت، أو أنّه لا بدّ، كما تدلّ عليه العبارة المذكورة، أن يكون ثمّة اتلاف لقسم في البناء أو إلحاق الضرر به أم تهديمه.
(يراجع: استئناف بيروت، الغرفة الخامسة، قرار تاريخ 1997/5/29، منشور في المصنّف في قضايا الايجارات، الجزء الثالث، القاضي عفيف شمس الدين، ص 205)
وحيث بالعودة إلى تقرير الخبير المكلّف من المحكمة المهندس أنطوان يتبيّن أنّ المأجور يتألّف من شقّتين، يفصل بينهما حائط استحدثت فيه فتحة لها باب اكورديون، ارتفاعها 195 سم وعرضها 83 سم لوصل الشقتين ببعضهما وجعلهما مسكناً واحداً من الناحية العملية، وأنّه لا يوجد أيّ أضرار في البناء من الناحية الانشائية جرّاء استحداث هذه الفتحة.
وحيث يثبت ممّا تقدّم أنّ العمل المشكو منه والحاصل في المأجور موضوع الدعوى، لم يؤثّر على متانة البناء ولا على مظهره الخارجي ولم ينشأ عنه ضرر، فلا يمكن وصفه بأنّه تخريب للمأجور لعدم انطباق هذا العمل على مفهوم التخريب المبيّن أعلاه على أنّه اتلاف لقسم في البناء أو إلحاق الضرر به أو تهديمه.
وحيث إنّ إحداث فتحة في حائط المأجور على النحو المبيّن أعلاه وإنْ كان غير ناشئ عن الاستعمال العادي للمأجور، إلاّ أنّه لا يكفي لتحقّق شرط الاسقاط من حقّ التمديد طالما لم يؤدّ إلى جعل استعمال المأجور أو الانتفاع منه وفقاً للغاية المعدّ لها معدوماً أو منقوصاً وطالما أنّه لا يمكن وصفه بالتخريب، ذلك أنّ الأعمال الخارجة عن الاستعمال العادي والمفضية إلى الاسقاط هي تلك التي تتصف بالتخريب، الأمر غير المتوافر في الدعوى الراهنة.
(يراجع بهذا المعنى: تمييز مدني، غرفة أولى، قرار رقم 2004/158، تاريخ 2004/12/13، منشور في مجموعة كساندر).
وحيث يثبت ممّا تقدّم أنّ العمل المشكو منه لا يدخل في مفهوم الأعمال المنصوص عنها في الفقرة (ب) من المادة /10/ من القانون 92/160، وهو ليس بالتغيير الجوهري في المأجور الذي يؤدّي إلى فسخ الاجارة وإسقاط حقّ المدعى عليهما من التمديد القانوني، فيقتضي ردّ طلب المدعي لهذه الجهة أيضاً.
وحيث من نحو ثالث، وبالنسبة لطلب المدعي إسقاط حقّ المدعى عليهما بالتمديد القانوني سنداً للفقرة (د) من المادة /10/ من القانون 92/160، فإنّ المدعي يدلي بعدم قانونية استفادة المدعى عليهما من التمديد القانوني لقسمين ملاصقين، فيما يدفع المدعى عليهما بإشغالهما للقسمين لضرورة عائلية.
وحيث إنّ المادة /10/ من القانون 92/160 تنصّ على أنّه يسقط حقّ المستأجر بالتمديد إذا كان يشغل عن طريق الإيجار ولغير ضرورة عائلية أكثر من مأجور معدّ للسكن فقط لا يفصل بينهما أكثر من سبعة كيلومترات خطأ شعاعياً.
وحيث بعد أن سبق للمحكمة وأن قضت في ما تقدّم بأنّ المدعى عليهما يشغلان القسمين من المأجور بموجب عقدي ايجار منظّمين لمورثيهما من قبل مورّث المدعي، فإنّه لم يعد باستطاعة هذا الأخير أن يرتّب نتيجة قانونية على المدعى عليهما لجهة الاخلاء، انطلاقاً من عقدي الايجار الموقّعين من مورّثه، الذي أراد في مرحلةٍ ما، تأجير القسمين من مورثي المدعى عليهما وتمكّنهما من الانتفاع بهما معاً.
وحيث إضافة إلى ما تقدّم، فإنّه وبحسب عقدي الإيجار، فإنّ كلّ قسم من المأجور يتألّف من غرفة ومنتفعاتها، ما يفيد بحاجة المدعى عليهما لإشغال القسمين معاً بالنظر لصغر حجم القسم، ما يؤلّف الضرورة العائلية المنصوص عليها في الفقرة (د) من المداة /10/ المومأ إليها.
وحيث استناداً لما تقدّم يقتضي ردّ إدلاءات المدعي المخالفة بهذا الخصوص وتالياً ردّ طلبه بإسقاط حقّ المدعى عليهما من التمديد القانوني وإخلائهما من المأجور.
وحيث من نحو رابع، وبالنسبة لبدلات الايجار، فإنّ المدعي يطلب إلزام المدعى عليهما بدفع بدلات الايجار المترتّبة عليهما لغاية تقديم الاستحضار.
وحيث من العودة إلى محضر ضبط المحاكمة، يتبيّن أنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2017/11/27 سلّم وكيل المدعى عليهما مبلغ /1650000/ ليرة لبنانية لوكيل المدعي الذي قبض المبلغ وصرّح بأنّه يتحفّظ لجهة قيمة البدلات بعد العام 2014، في حين أنّه لم يثبت أنّ المدعي قد طالب ببدلات الايجار المستحقّة بعد العام 2014، بل اكتفى بالاحتفاظ بحقّه بالمطالبة بها، فيعتبر المدعى عليهما بريئي الذمّة تجاه المدعي بالنسبة لبدلات الايجار المترّتبة بذمّتهم حتّى تاريخ تقديم الدعوى، ومعه أصبح طلب المدعي لهذه الجهة دون موضوع لتنفيذ المدعى عليهما الطوعي.
وحيث بالوصول إلى النتيجة المبيّنة أعلاه، لجهة ردّ طلب إسقاط حقّ المدعى عليهما بالتمديد القانوني، تمسي المطالبة ببدل المثل دون موضوع ومستوجبة الردّ.
وحيث بالوصول إلى هذه النتيجة، يقتضي ردّ سائر ما زاد أو خالف، إمّا لعدم الجدوى، وإمّا لعدم القانونية، وإمّا لكونه لاقى الردّ الضمني في معرض التعليل المبسوط أعلاه، بما في ذلك طلب التعويض عن العطل والضرر لعدم ثبوته.
لهذه الأسباب يحكم:
1- بردّ الدعوى.
2- بردّ كلّ ما زاد أو خالف بما في ذلك طلب التعويض عن العطل والضرر.
3- بتضمين المدعي النفقات كافة.
حكماً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2018/4/16.
“محكمة” – الخميس في 2018/05/31

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!