مقالات

خواطـر في الوطن والسياسة والقانون والإنتفاضة والعفو العام/يوسف لحود

المحامي يوسف لحود:
فــي خضــّم هـذه المعمعـة مــن التخبّــط والغمــوض وانعــدام الرؤيــة ، نجـد بعـض الوقائـع الثابتـة:
1 – ثائرون محقّون، والأسـباب: إمّــا الجـوع، وإمّـا الفساد، وإمّـا الحقوق المهدورة، وإمــّا إنهيار سعر صرف الليـرة، وسواها مــن أسباب محقّة… وفي المقابل، لا نجد أنّ أيّـاً من هـذه الأســباب والمطالب المحقّة قـد تحقّق، أو ثمّــة أمل قريــب وسريع بتحقيقه، رغم كثافة التحرّكات فــي ظلّ وباء سريع العدوى والانتشـار.
2 – مسؤولون يعملون ويجهدون … ولكــن أيّ وعــود لإراحـة النــاس وإخمــاد مرارتهــم ونقمتهــم، لــم تتحقّـــق.
3 – معارضـون شــرسـون، يسلّمون بأوجاع الناس وغالباً ما يشرحون مكامــن الوجــع بدقّــة، ولكنّهــم لا يقدّمــون أيّ حلــول، ومنهــم مَــنْ كــان مســؤولاً ولا يــزال (أكــان خــارج الحكــم أم داخلــه فالمعارضــة مســؤولة كمــا المــوالاة). هــذه الدوّامــة تجعلنــا وكأنّنــا فــي بــرج بابــل، لا أحــد يفهــم علــى الآخــر رغــم كثـرة الشــكاوى والتذمــّر والوعــود …
إنّ الخطــوة الأولــى، المطلوبــة، هــي وضــع تصــوّر موضوعــي دقيــق لأســباب نكبــة لبــنان، إذ إنّ النتائــج معروفــة والجميــع يعانــي منهــا. وبالتزامــن مــع تشــريح الأســباب، لا بــدّ مــن خطــوات عملانيــة تنــال موافقــة الشــعب اللبــنانــي بالإجمــاع أو شــبه الإجمــاع، وذلــك لنقــل الاصطفــاف والتكوكــب حولهــا وخلفهــا وطنيــاً، بــدلاً مــن الاصطفــاف المذهبــي أو المناطقــي أو الفئــوي …
فالإنســان فــي ظــلّ انعــدام الرؤيــة لأيّ مشــروع واضــح وإيجابــي، يميــل بنزعتــه الغرائزيــة إلــى الاصطفــاف فــي جماعــات يشــعر بأنّهــا تحميــه وتحمــي مصالحــه وحقوقــه، فــإن لــم يجــد المشــروع الملائــم، فــإنّ أســهل جماعــة للاصطفــاف معهــا هــي الجماعــة المذهبيــة أو الفئويّــة لأنـّـه لا يلــزم لمعرفــة صورتهــا الواضحــة ســوى النظـر إلــى “هوّيتــه” التــي تحمــل إســم مذهبــه، أو التأكّــد مــن إســم زعيمــه الـذي يواليــه دون أيّ محاســبة أو مســاءلة!
لأنّنــا بوضعنــا الراهـــن، فــإنّ الموجــوع والــذي بُــحّ مــن الصــراخ جــرّاء ألمــه غيــر المحتمــل، لــم يعــد باســتطاعته اســتعمال صوتــه للتعبيــر، فيخشــى مــن إســتعمال يديــه بمــا يلحــق الضــرر الجســيم بالمــال العــام والخــاص والــذي لــن يتــمّ إســترداده لاحقــاً إلاّ مــن جيــوب هــؤلاء المســاكين بالــذات، فنكــون كمــن يلعــق المبــرد ويســتســيغ دمــاءه.
ومــن البديهــي أنّــه فــي هكــذا أوضــاع تمــرّ بهــا الــدول، فــإنّ التغييــر لا محالــة ســوف يقــع ، وإنّمــا الســؤال يبقـى: هــل يتــمّ التغييــر عبــر الصناديــق أو عبــر الشــوارع؟وبمــا أنــّه مــن غيــر الأكيــد أو المضمــون أنّ التغييــر ســوف يجلـب الأفضـل، فلمـاذا المغامـرة بإطاحـة كـلّ مــا هـو موجـود وفتـح الاحتمـالات والتـرددات والمفاعيـل على مصاريعهــا، ممّــا يجعــل التغييـر عبـر الصناديــق (سـريعاً أو إنتظـار الأوقـات المحدّدة)، أقـلّ كلفة علــى المواطن والدولة …فما هـو المطلوب مرحليـًا:
1 – العمـل علــى الوعي الموضوعـي لدى المواطن:
الهــدف هــو طبعــاً تعبيــد طريــق التغييــر للوصــول إلــى الأفضــل، وأمـّا الأهمّيــة فتكمــن فيمــن ســوف يقــوم بهــذا الــدور؟ إذ لا تُرجــى المســاهمة فــي إنضــاج الوعــي ومراكمتــه، مــن قبــل أصحــاب الدوافــع الســـياســــية، فالوعي عندهــــم ســــوف يكــــون بالترويــج لهــــم ولمرجعياتهـم وأحزابهـم ضدّ المنافسـين، وهــــذا لا يزيــد فــي الوعي وإنّمـا فــي الإبهــام والضيــاع …
ومــا ينطبــق علــى هــذه المرجعيــات الســياســية، ينطبــق أيضــاً علــى ســواها مــن المرجعيــات الأخــرى التــي لا يمكنهــا تنــاول أيّ بحــث بصــورة موضوعيــة إذ هــي محكومــة بالمرجعيــة أو المركــز الــذي تمثّلــه ولا يمكــن لهــــا الترويــج لمــا يتناقـض معــه أو يقلّــل مــن ســطوته ونفــوذه …
ولأنّ الوعــي هــو الدافــع الوحيــد لحســن الإختيــار الــذي هــو الســبيل الوحيـد للتغييـر الإيجابي. وبالتالي مــا يفيـد فــي تكوين الوعي هـو الموضوعية، والتـي هــي أهــمّ مــن حقيقة مجرّدة ولو صحيحة ! فالموضوعيــة هــي مجمــوع الحقائـق الصحيحة لموضـوع واحـد.
وعلــى ســـبيل المثال: إذا كــان وعــاء مملــوءاً حتـّـى نصفـــه، فثّمــة حقيقتـــان هنــا: إذا قلــت إنّ الوعــاء يحتــوي علــى المــاء تكــون صادقــاً (وهــذه حقيقــة) وإذا قلــت إنّ الوعــاء يحتــوي علــى الفــراغ تكــون صادقــاً أيضــاً (وهــذه حقيقــة) ولكـن الموضوعيــة أن تقــول إنّ الوعــاء فــارغ نصفــه ومــلآن نصفــه.
وإنّ طــرح الحقائــق علــى المواطــن (دون الموضوعيــة) لا يفيــد الوعــي عنــده، فكــلّ فريــق أو مرجعيــة أو زعيــم أو ســواهم يــرى الأمــور مــن منظــار مصلحتــه (هــذا إذا ســلّمنا أنـّـه يدلــي بالحقيقــة دون التعميــة والتضليــل واللعــب علــى الغرائــز والمخــاوف والحرمــان …) ، ممّــا يبقــي المواطــن علــى مســافة غيــر قليلــة مــن إمكانيــة دقّــة التقديــر وصــولاً لحســن الإختيــار. فمــن يؤتمــن عندهــا علــى رفــد الوعي عنــد المواطنيــن؟
إنّ هــذه الانتفاضــة قــد أفــرزت مجموعــات متعــدّدة، وغالبيتهــم غيــر منتســبين لمرجعيــات يدافعــون عنهــا أكــانت ظالمــة أو مظلومــة، كمـــا اسـتندت إلى مرجعيـات أكاديميـة وثقافيـة وأصحاب إختصـاص ونضال شـفّاف…
هــؤلاء يحملــون عــبء الأمــل المنشـود فــي نشـر الوعي، والخــوف المميــت أن يســقطوا فــي الاصطفـاف فتصبــح آراؤهـــم كمــا آراء مــن ســـبقهم فــي الشأن العـام.
ومعيــار الموضوعيــة مفهــوم لــدى أصحــاب الوعــي، فمــن المســتحيل أن تســمع آراء موضوعيــة فــي مرجعيــة محــدّدة أو فئــة معيّنــة وتكــون هــذه الآراء إمــّا مدحــاً دائمــاً وإمّــا نقــداً دائمــاً، فليــس ثمّــة مــن ليــس لديــه أيّ إيجابيــات لمدحهــا، وليــس ثمــّة مــن يخلــو مــن السـيّئات لنقدهـا.
2 – العمــل عـلــى إقــرار قوانيــن ســريعة وبصــورة معجّلــة:
إذا كــان الوعــي المنشــود مســألة تســتلزم تراكمــات زمنيــة تكســب صاحبهــا الخبـرة والقــدرة علــى فصــل الألــوان عــن بعضهــا بعــد أن تحــوّل مزجهــا الخطيــر إلــى عمــى للألــوان أصــاب النــاس، فــإنّ المطلــوب وبصــورة فوريــة إقــرار قوانيــن تعطــي النتائــج السـريعة أو علــى المـدى المتوسـّـط وذلــك لمعالجــة اليــأس (إذ إنّ انعــدام الوعــي كمـا اليــأس يتصفـان بالنتائــج ذاتهــا)، ونقتــرح منهـا:
أ – قانــون إســتقلالية القضــاء بصــورة تامــة وجعــل القضــاء عملانيــاً ســلطة قائمــة بمواصفـات السـلطة المستقلّة ، تتعـاون مع السـلطتين الأخريين التشريعية والتنفيذية. وتوســيع العديــد البشــري والقــدرة اللوجســتية، بالإســتعانة بخرّيجــات وخرّيجــي الجامعــات وأســاتذة الكلّيــات والمعاهــد … لأنّ المحاســبة ســوف تقــع علــى عاتــق هــذه السـلطة: نجاحهــا يمهّــد لدولــة القانــون العادلــة، وفشــلها يؤسـّــس للإنهيــار والإضمحـلال.
ب – القوانيـن المتعلّقــة بالفســاد وهــدر المـال العـام واختلاسـه، ورفــع الحصانــات وإيـلاء القضــاء بمفــرده أمــر المســاءلة والمحاســبة لأيّ مســؤول أيــّاً كـــان … وهــي متــداولــة أخيــراً بقــوّة، علــى أن تكــون مناقشــة هــذه القوانيــن وإقرارهــا بالصورة العلنيــة وبحضــور الإعــلام والســفراء والمولجيــن فــي مكافحــة الفساد مــن الســلطتين الآخرييــن (القضائيــة والتنفيذيــة) ، والجمعيــات المدنيــة والحقوقيــة ذات الاهتمام …
ج – قانــون العفــو العــام، بصيغــة تحفــظ هيبــة المؤسّســات، وتريــح الســجون مــن الإزدحــام، وتعالــج مذكّــرات البحــث والتحــرّي والتوقيــف (الغيابيّــة والوجاهيــة) علــى أن يتضمّـن قانــون العفــو محفــزّات للمســتفيدين منــه لناحيــة إيجــاد العمــل والانخـراط الاجتماعــي الإيجابــي وســوى ذلــك … إضافــة للرادع الصارم فــي حالـة التكـرار …
د – تخصيــص مســاعدات ماليــة نقديــة للفئــات المعــوزة حتّــى نهايــة ســنة 2021 بعــد إحصائهــا بدقّــة وشــفافية، علــى أن تُعلّــق الاســتفادة منهــا لكــلّ مــن يقــدم علــى مخالفــة القوانيــن والأنظمــة والتدابيــر لحيــن صــدور الحكــم المبــرم بالإدانــة فيحــرم منهــا ويُلــزم بــردّ مــا اســتفاد ســابقاً مــن هــذه المنحــة.
هــ- تقســيط الضرائــب البلديــة والماليــة علــى أنواعهــا المتوجّبــة علــى الفئــات المحصــاة فــي البــند ” د ” أعــلاه، علــى أن يبــدأ تســديد الأقســاط إبتــداء مــن 2021/6/1، يحــرم مــن هــذه المهلــة والتقســيط الذين وردت الإشـارة إليهــم فــي البــند ” د ” أعلاه.
3 – بالتزامــن مــع مــا ورد أعــلاه،
إتخــاذ قــرارات إراديــة مــن قبــل المســؤولين المتعاقبيــن منــذ ســنة 1990، (بمــن فيهــم الموظّفيــن والقضــاة والمتعهّديــن وأيّ متعــاط بالشــأن العــام، وأصحــاب المصــارف والمسـاهمين فيهـا وكـلّ من اشـترك بأيّ مناقصة أو مشـروع ممـوّل مـن المـال العام …).
لناحيـة:
أ – إعــادة /50/ بالمايــة مــن أموالهــم المودعــة خــارج لبــنان إلــى المصارف اللبــنانيــة.
ب- تحويــل جميــع أموالهــم المودعــة فــي لبــنان إلــى الليــرة اللبــنانيــة.
ج- التبـــرّع لصنــدوق مســتقلّ بنســبة /15/ بالمايــة مــن مجمــل أموالهــم فــي لبــنان،
دون أن يعتبــر هــذا الأمــر مــن قبيــل أيّ إقــرار مــن أيّ نــوع كــان بشــأن أيّ هــدر أو ســوء تصــرّف أو ارتكــاب أيّ فعــل يتعلـّـق بالمــال العــام، علــى أنّــه يســتفيد كـلّ متبــرّع مــن منحــة عــدم ملاحقتــه فــي حــال تبيّــن ضلوعــه فــي أيّ اختـلاس للمــال العــام جــرّاء أيّ محاســبة أو دعــاوى أو ســوى ذلــك يقــدم عليهــا أيّ مرجــع مختــص.
ويكــون الصنــدوق المذكــور تحت سلطة وإشراف:
– رئيـس مجلس القضاء الأعلى
– رئيـس مجلس شـورى الدولة
– مديــر عام وزارة العدل
– نقباء المحاميـن والمهندســين والأطباء في لبــنان
– ممثـّــل عن الاتحـاد العمّالي العام
– ممثـّـل عن المجلــس الاقتصادي والاجتماعي
– ممثـّـل عن نقابـة خبــراء المحاسـبة المجازيـن
– ممثـّـل عن وزارة الشـؤون الاجتماعية
ويكــون رئيــس مجلـس القضــاء الأعلى الرئيـس الدائم لهـذه اللجنـة المشـرفة.
كمــا يمكــن لأيّ متبــرّع إلــى هــذا الصنــدوق تقديــم مــا باســتطاعته نقــداً أو عينــاً. وبالتالي:
– إصــدار كتّيّــب يتجــدّد كــلّ 6 أشـــهر بأســماء المتبرّعيــن والمبالــغ أو العيّنــات التــي تبرّعــوا بهــا، يتــمّ نشــره فــي الجريــدة الرســـمية.
– إصــدار شــهادات شــكر وتقديــر لكــلّ متبــرّع بعــد تحديــد قيمــة تبرّعاتــه موقّعــة مــن جميــع أعضــاء الســلطة المشــرفة علــى هــذا الصنـــدوق، وتعطــى لهــذه الشــهادات قيمــة معنويــة فــي منــح حاملهــا تســهيلات وامتيــازات … تقدّمهـــا الدولــة يتــمّ بحثهــا وتحديدهــا لاحقـــاً،
– وتكــون غايــة هــذا الصنــدوق تحديــداً: إنفــاذ البنديـــن ” د ” – ” هــ ” فــي القســم ” 2 ” أعـــلاه، وحيــن اســـتنفاد هــذه الغايــة نهائيــاً حسبما تقـرّره السـلطة المشرفة علــى الصندوق، يتــمّ إقفــال الصنــدوق وتحويــل المبالــغ المرصّــدة إلــى كـــلّ مــن:

– الصليــب الأحمــر اللبــــنانـــي
– الدفــــاع المدنــــي
– المسـتشـفيات الحكوميـة
4 – نقــل الانتفاضـة مــن انفلاشـها العفــوي غيــر المــدروس، إلــى تأطيــر موضوعــي لهــا بإنشــاء بنــك للأهــداف، ودراســة الوسـائل المتاحـة لتحقيقهـا.
وعلــى ســبيل المثـال:
أ – الإســتغناء عــن المسـيرات فــي الشــوارع والتــي تلحــق الضــرر بالأمــلاك العامــة والخاصــة، إذ لا يمكــن لمنظــّم هــذه المسـيرات أن يضبــط كــلّ مــن يشــارك فيها،
كمــا لا يمكــن تأميــن الشــروط الصحيّــة لكــلّ مشــارك فيهــا فــي ظــلّ وبــاء خطيــر وســريع الانتشــــار، ناهيكــم عــن أنّ أيّ نتيجــة إيجابيّـــة لــم يتــمّ تحقيقهــا مــن خـلال هـــذه المسـيرات حتـــّى الآن،
ب – اللجــوء إلــى تشــكيل مجموعــات مصغّـــرة تتمتـّـع بالمعرفــة للموضــوع الــذي ســـوف يوكــل إليهـــا، وبالتالي، تخصيــص مجموعــة لكـلّ هــدف تتـــمّ متابعتـه:
– مجموعــة تتابــع مســألة الكهربــاء فــلا تســتكين ولا تكـلّ أو تمــلّ مســتعينة بوســائل الإعــلام والتواصــل كافــة فــي متابعــة هــذا الهــدف ومراقبــة وفضــح أيّ تصــرّف مــن قبــل أيّ مســؤول يبتعــد عــن الشــفافية وعــن امتناعــه عــن تزويــد الــرأي العــام بكــلّ مـــا يقـوم بـــه وشـــرح إيجابيــة خطّتـــه للشـعب …
– مجموعــة تتابــع المجلــس النيابــي بشــأن مناقشــة وإقــرار القوانيــن ســريعاً المتعلّقــة بالفســاد والمــال العــام والمســاءلة ورفــع الحصانــات واســترداد الأمــوال المنهوبــة وســـواها مــن قوانيــن معروضــة أو يمكــن إقتراحهــا مــن متخصّصيــن فــي الجمعيــات المدنيــة والحقوقيــة وســـواهم …
– مجموعــة تتابــع قطــاع الخليــوي
– مجموعــة تتابــع المرفــــأ
– مجموعــة تتابــع مصــرف لبــنان وجمعيــة المصــارف
– مجموعــة تتابــع أمــلاك الدولــة البحريــة والنهريــة ومشـــاعاتها …
– ولا ضير فــي إنشــاء مجموعات تتابــع عمــل كــلّ وزيــر (كما الوزير الظلّ) لا لإلــزام الوزيــر أو المسـؤول بمــا تريــده الانتفاضــة، وإنّمــا لإلزامــه بالشـفافية فــي عملــه ومعرفــة خطّتــه المرســومة ممّــا يمكـّـن أصحــاب الاختصـاص مــن مناقشــة الخطــط والوســائل المتبعــة لإنفاذهـــا،
كمــا يلــزم المســؤول وتحــت وطــأة المراقبــة والمتابعــة علــى إعتمــاد الشــفافية والنزاهـــة والعدالــة، وإنّ بنــك الأهـــداف يبقــى مفتوحــاً لأيّ هــدف ذي مــردود فعلــي للمواطنيـن، من خلال أيّ إصـلاح أو تصويـب للسـياســات والأســاليب المعتمدة.
كمــا أنّ هــذه المجموعــات المســتعينة بالإعــلام ووســائل التواصــل وصــولاً إلـــى الاعتصــام فــي المراكــز المحــدّدة، لــن تشــكّل أيّ ضــرر علــى حرّيــة التنقّــل أو الــدورة الاقتصاديــة والاجتماعيــة لباقــي المواطنيــن بمــا ينــزع التوتـّـر والمواجهــة لأصحــاب الأهــداف الموحـّـدة في مــا بينهــم، ويصــوّب المواجهــة إلــى الأمكنــة المقصــودة بدقـــّة.
ج- إنّ هـذه الخريطة لا يمكــن وضعهــا واعتمادهــا بصــورة عفويــة ، بــل يلزمهــا التنظيـم والوقــت والجهــد والتضحيــة والتحلّــي بــروح المســؤولية والشــفافية فــي خدمــة الوطــن بعيــداً عــن أيّ مكتســباب ضيّقــة أو كيديــة أو تحقيقـــاً لأهــداف تتلطــّى خلــف الأهــداف البريئـــة والطاهـــرة، وهــذا يتطلــّب التنسـيق والتعــاون بيــن الأفــراد والمجموعــات المنتفضــة وســواها مــن مرجعيــات أكاديميــة ومتخصّصــة وذات اهتمــام … فـــإذا توفـّــرت هــذه الشــروط فالوطــن علــى درب الخــلاص، إذ إنّ الوعــي ومعالجــة اليــأس والخــوف مــن الآخــر والتعبيــر المدنــي الســلمي عــن المطالــب المحقّــة ، ســوف تقــود إلــى التغييــر الإيجابــي لا محالــة، فإمـّـا أن يتغيـّـر الســاســة وإمـّـا أن تتغيّــر الســـياســة وإمّــا أن يتغيّـــر الإثنــــان! وفــي كــلّ الأحــــــوال منفعــة للوطــن والمواطــن. وإلاّ فالإنــزلاق قيـــد أنملــة ليــس إلاّ، بمــا يُطيــح بــأيّ أمــل للتغييــر بالوســائل الديموقراطيــة المعهــودة، ويفتــح البــاب علــى إعــادة تكويــن الســلطة مــن قبــل الشــعب بمــا يســتوجب مراحــل دمويــة وانهيــار علــى الصعــد كافــة لحيــن الوصــول إلــى بـــرّ التوافــق فــي وطــن تعـــدّدي،أو المرور بمرحلــة إنتقاليــة تمهيــداً لترســيخ الهــدوء واســتعادة الديموقراطيــة المدنيـة، وذلــك باســتلام الســلطات الأمنيــة لزمــام الأمــور.
“محكمة” – الجمعة في 2020/5/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!