مقالات

دولة الفوضى في وطن الأحلام/يوسف لحود

المحامي يوسف لحود:
لا ريـب أنّ الفوضى هـي الطريـق الأسـهل والأقصـر للإنحـلال ومـن ثـمّ الإندثـار.
والفوضى ليسـت مـا يحـدث فـي الشـوارع والسـاحات، بـل قـد تكـون هـذه الصـورة الأقـلّ ضرراً، وإنّمـا الفوضى الأخطـر هـي مـا يحـدث فـي المؤسّسـات وفـي مراكـز القــرار.
وبنظـرة ســـريعة إلـــى الدولـــة، لا ســــيّما بعـــد تعديل الدسـتور فـــي ضـوء اتفـــاق الطائـف، مـــاذا نجد؟
1 – فوضى فـي تطبيـق الدسـتور وتفسـيره، فقـد أصبـح مـادة مطّاطة يتناولهـا العالم كمـا الجاهـل علـى حـدّ سـواء وكـلّ بحسـب مقاسه ومصالحـه، بـدلاً مـن أن يكـون الدسـتور الصخـرة الصلبـة لبــناء دولـة القانـون.
2 – فوضى فـي ســنّ قوانيـن بـدلاً مـن أن تشـكّل وسـيلة لحـلّ مصاعـب أو مشـكلات فباتـت هـي التعقيـدات للمواطـن والعـبء علـى خزينـة الدولـة (مـن مثـل قوانيـن الإيجـارات وقانـون سـلســلة الرتــب والرواتـب وســواها).
3 – فوضى فـي تشـكيل الحكومـات وإهـدار الوقـت متناسين أنّ:”مـن هدر مالي فقـد هـدر مـا يمكن استرجاعه بسهولة، ومـن هـدر كرامتي فقـد هـدر مـا يمكـن استرجاعه بصعوبـة، أمّـا مـن هـدر وقتـي فقـد هـدر مـا لا يمكن استرجاعه”، ناهيكم عـن إشـراك الشرق والغـرب فـي قراراتنا الوطنيـة الكبيـرة والصغيــرة. إضافـة لكون السـلطة التنفيذيـة باتـت محصورة بمجلـس الـوزراء، فهـل أنّ تشـكيله يأخـذ هـذه المسألة بالإعتبـار، لناحيـة تشـكيلة متجانسـة ومتعاونـة ومتفقـة علـى اسـتراتيجيّة لإدارة الدولـة يضعهـا الرئيـس المكلّـف بالإتفـاق مـع رئيـس الجمهوريـة ويكـون أيّ وزيـر عتيد علـى اطـلاع عليهـا وإبداء رأيه وتنقيحهـا للوصول إلـى مجلـس وزراء صاحـب رؤيـة واضحـة وطريـق واضـح نحـو هـدف واضح (وهنـا لا يكـون الوقـت هـدراً بعكـس مـا يُصرف علـى المحاصصة والتناتـش فـي جسـم مريـض بـات بحاجـة لطبيـب وغرفـة عنايـة فائقـة).
وفـي ذلـك إمكانيـة للمحاسـبة علـى خطـّة نجحــت أو لـم تنجـح مـن قبـل فريـق متكامل، ولكـن مـا يحـدث فعليـاً هـو تنصّـل الجميـع (كـلّ بـدوره) مـن أيّ مسـؤولية فيلقيهـا علـى سـواه، وهكـذا دواليـك فـي مسـلسـل التعميـة والتضليـل، ويسـاعدهم فـي ذلـك الفوضى المسـتشـرية فـي الصلاحيـات والمسـؤوليات والقـرارات والتنفيـذ.
4 – فوضى فـي مقاربـة الوضـع النقـدي، أكــان لناحيـة وجـود أكثـر مـن سـعر لصرف العملـة، أو لناحيـة التضخّـم غيـر المسبوق، أو لناحية التحويلات إلى الخارج المزاجيـة وغيـر المقوننــة، أو لناحيـة كيفيّـة التصـرّف بالإحتياطي، أو مـع السـرّية المصرفيـة فـي حيـن أنّ المطلوب كشـفه هـو حسـابات الدولـة وهـي ذاتهـا التـي وقّعـت علـى عقـد بذلــك.. وسـوى ذلـك مـن فوضى ماليـة مسـتشرية.
5 – فوضى فـي مقاربـة الوضـع الاقتصادي، أكـان لناحيـة دعـم مـواد عشـوائية يتـمّ تهريبهـا أو يســتفيد منهـا الغنـي أكثـر مـن الفقيـر لإمكانياتـه فــي تخزينهــا،أو يسـتفيد منهـا الأجنبـي الموثّـر (سـفارات وسـواها) أكثـر مـن اللبــنانـي المدقـع، فتتكبّـد الخزينـة العامـة صرف مـا تبقّى مـن العملـة الصعبـة وصـولاً لاســتنفاد الإحتياطـي الإلزامــي وكـلّ ذلـك لتحقيـق اسـتقرار ظرفـي يحمي المسـؤولين مـن غضـب الشــارع مؤقّتـاً ولا يحمـي مصالـح الشــعب المســكين.
6 – فوضى فـي العلاقـات بيـن الـوزارات داخـل لبنان، وفوضى فـي علاقـات أيّ منهـا مـع الخارج إنْ لناحيـة غياب اســـتراتيجية موحّــدة، أو لناحيـة تنظيـم عقـود مبهمـة تتضمّـن مـا يعيـق تنفيذهـا، أو لناحيـة إجـراء مناقصات بمـا يزيـد عـن كلفتهـا الحقيقيـة الأضعـاف المضاعفـة، أو لناحيـة التفلّــت مـن أيّ مراقبـة أو محاسـبة فـي اتخـاذ القـرارات التـي يترتّـب عليهـا صرف المال العـام بمـا يجعـل الدولـة فاشلة وعلـى شــفير الإفـلاس دون إمكانيـة مـدّ سـبل التواصـل مـع الـدول المؤثّرة وذات الإمكانيـة فـي المسـاعدة إمّـا خوفـاً مـن الشـرق تجـاه الغرب وإمّـا العكــس حتـّى بـات المواطـن العـادي يشعر وكأنّنـا فـي سـيّارة تنزلــق ليـس فيهــا أيّ مكابـح أو أيّ سائق، عرضـة للمجهـول وللتطـوّرات التـي نسـتقبلها مذعنين يومـاً بيوم، فـي حيـن أنّ الـدول تخطّط لسـنوات وسـنوات.
7 – فوضى فـي مقاربـة المسائل الحياتيـة الأساسـية، تستفحل مـع عـدم الوعي أحيانـاً عنـد شـريحة ممّــن يجـب أن يتقيّـدوا بتطبيقهـا أو إنفاذهـا، مــن مثــل:
– مسألة الصحـّة وجائحـة كورونـا والإقفـال والإســتثناءات.
– مسألة الـدواء والمسـتشفيات والإسـتشـفاء،
– مسألة الخليوي ومتفرّعاتها،
– مسألة الأسعار والإحتكار،
– مسألة الحرّيـات الفردية وكيفيّة التعامل مـع حقوق الإنسان،
– مسألة الأمن وانفلاتـه فـي بعض المناطق والإسـتسلام لمنطق المصالحات العشـائرية حتـّى إذا لـم تتـمّ يستمرّ الإنفلات!
– مسألة الجريمة المتمادية والمتعاظمة لا سـيّما جرائم السـرقة والقتل،
– مسـألة السجون وكونهـا أصبحـت مدرسـة للجريمـة والتمـرّد بـدلاً مـن أن تكـون مدرسـة لإعـادة التأهيـل.
– مسألة العمالـة الوطنية والأجنبيّـة،
– مسألة أموال النـاس فـي المصارف، ومتفرّعاتهــا مـن تغييـر فـي شـكل الإقتصـاد الحــرّ الــذي اتصـف بــه لبــنان، إلـى حرمـان طلاّبـه مـــن العلـــم فـي الخـارج ودفعهم للهجرة إلى الخارج.
ولـو شـئنا أن نسترسل فـي التعداد لوجدنـا أنّ ثمـّة فوضـى وضيـاعاً فـي كـلّ مفاصل الدولة بانتفـاء التخطيط الجماعي والتنسيق والإنسجام بيـن مختلف السـلطات حتـّى فـي مواقـع الســلطة الواحـدة في مـا بيـن بعضهـم البعـض، وصـولاً إلـى مهاجمـة بعضهـم البعـض بـدلاً مـن التعـاون الإيجابـي وكـأنّ كـلّ سـلطة (أو أجـزاء منهـا) قـد أصبحـت دولـة، والدولـة قـد أصبحـت بـدون أيّ ســلطة! فباتـت الفوضى الصفـة المشـتركة بيـن جميـع مراكـز المسـؤولية والقـرار مـع فـارق بسـيط بيـن فوضى عارمـة أو فوضى متوسّـطة أو فوضى قيـد الإنجـاز!
وهـذه كلّها أمور إذا حدثـت فـي ظـروف خطيـرة واســتثنائية كمثـل التـي يمـرّ بهـا لبــنان، لاســتوجب اعتبـار القائميـن بهـا مرتكبيـن للخيانـة العظمى أو لخـرق الدسـتور أو لواجبــات الوظائــف الوزاريــة والمهــام النيابيّــة.
ولكــن مَـــنْ يحاسـب؟! وهنــا قــد يتســاءل البعض:
أليسـت جميـع الــدول تعانـي مـن هكـذا أزمات أو مــن بعضها؟ والجــواب نعــم بالتأكيـد، وإنّمــا الخشــية لدينــا لا تكمـن فـي الأزمـات مهمـا اشـــتدّت خطورتهــا، بــل فـي كيفيّــة مقاربتهـا وبــأيّ جدّيــة، وبـأيّ تضحيـة فـي ســبيل الوطـن، وبـأيّ اندفــاع، وبـأيّ تجـرّد عـن مصالح شــخصية أو فئويــة أو مذهبيــة… ونخشــى أن تكــون النكايـة والكيـد و”التمريك” هــي السمات التـي يتصـف بهــا معظـم المســؤولين، حتّـى بــات ينطبـق عليهــم:”كالطاعن نفســه ليقتــل ردفـه” ومـا هـذا التطاعن إلاّ عبـر الدولـة والوطـن بمـا فيهـا مـن دســتور وشــعب، بمـا يجعـل مـن الواضح مكـان الإصابـات.
8 – ومـا يزيـد الطين بلّة، أنّ الفوضى لا تســود فقــط فـي مقاربـة المسائل الحياتيـة الأساسـية للمواطن، بـل المســائل الجوهريـة الكيانيـة للوطن، مـن مثـل:
– الإسـتراتيجيّة الدفاعيّـة ودور الســلاح.
– وجـود أعداد كبيـرة مـن غيـر اللبــنانييــن بمــا يشــكّل نسبة غيـر مسبوقة فـي أيّ دولة، وتقـارب حــدود الإنفجار وتغييـر الشكل التاريخي لدولة لبنان.
– دور لبنان في محيطه الجغرافي ووظيفته السـياسـية والديبلوماسـية وعلاقاتـه العربية والدولية.
– نظـرة الدولـة إلـى القضيّة الفلسـطينية فـي ظـلّ متغيّـرات متسـارعة، وكيفيّــة مجابهـة هـذه التطـوّرات الخطيـرة والتـي تؤثـّر بشـكل مميـت علـى الدولـة ومســتقبلها.
9 – إضافـة لمسـائل قـد تبـدو هامشـيّة وهـي علـى خطورة مســتترة حتّـى الآن وتتمثّــل بغيـاب أيّ دور للدولــة فـي:
– كيفيّــة تمويـل الأحـزاب والجمعيّــات والمجموعـات والجماعـات والكيانـات وبعـض الشـــركات أو المؤسّســات الإعلاميـة أو الخيريـة أو سـواها …
– ماهيـة الخطابـات المعتمـدة فـي أيّ مكـان معـدّ للإســتقبالات الجماعيـة (أكـانـت حزبيـة أو دينيّــة أو ســواها) وهـل ينشـر بعضهـا الحقـد والكراهيـة أو يدعـو لأيّ انقاســامات أو توجّهـات تتناقض مـع ســيادة الدولـة واســـتقلالها.
دون أن ننسى التأثيـر الهائـل فـي بعـض الأحيان لوسـائل التواصـل الإجتماعـي والتـي هـي فـي المبـدأ وسـائل إيجابيـة وراقيـة وتواكـب الحضارة والتقدّم. إلاّ أنّ بعضهـا ممن يدخـل فـي خانة “مجهــول الصاحـب” يبــثّ أمــوراً خطيـرة تنتشـر بيـن مئات آلاف المتابعين.فهـل ثمـّة أيّ خطّة لضبط هـذا الإنفلات بما يختـصّ السلبي منـه وتشــجيع الإيجابي؟ونشـير أيضاً إلـى أنّ المواطنـة ليسـت فعـل تضحيـة عميـاء عنـد المواطـن العـادي، بـل هـي أيضـاً وسـيلة عيـش ولـو فـي الحـدود الدنيـا، فــإذا أدارت الدولــة ظهــر المجــنّ لمواطنيهــا، فليـس مـن المسـتغرب أن يأتـي أيّ مجهـول – معلـوم مـن الخـارج ليملأ الفـراغ الـذي أحدثتــه بهــذا التخلّي، وعندهــا لا يعـود مفيـداً مطالبـة الجائـع والمريـض والتعيــس واليائـس بالتضحيـة فـي ســبيل وطـن لـم يضحِ مســؤولوه فــي ســـبيله، بـل ســوف يضطـرّ المواطن حفاظاً علـى حياتــه وحيــاة عائلتــه وصحّتهـم إلــى الإنقيــاد حيــث تتأمـّـن لقمــة العيـش وقمقـم الــدواء، وفـي ذلــك خطــورة مميتــة علـى الوطـن، وســاعتها لا يكـون ذنــب المواطـن المحتــاج وإنّمــا ذنـب المســؤول الـذي أوقعـه فــي الحاجــة، (ولات ســـاعة منــدم!).الصــورة ســوداوية بــدون شـكّ، والقعـر عميـق، والإغاثــة قــد تكــون منعدمـة، والنــاس لــم تعــد تحتمل، والإنفجار الكارثي علــى قـاب قوســين، فهـل نتمــادى فـي الإنهيـار وصـولاً للإنتحار، أم نستسلم والوطــن أمانة فــي أعناق الجميع؟
فما هــي الحلول؟
1 – أن تتغيّــر ذهنيّــة المسـؤولين ويتحوّلون مـن التناطـح إلـى التعاون ومـن المصلحة الخاصة إلـى المصلحة العامة (وفـي ذلـك بعـض مـن الطوباويـة والإســتحالة).
2 – أن يتـمّ التغييـر عبـر وعـي الشـعب بواسـطة الوسـائل الديموقراطيـة المباحـة، أيّ الإنتخابــات (وهــي بعيـدة نســبياً، كمـا أنّـه لا دليـل حاسـماً علـى أنّ الوعـي الوطنـي عنـد الأكثريـة بــات منســوبه أكبـر مـن منسـوب الإنتماء المذهبي أو الحزبـي أو الفئــوي).
3 – أن يتمّ التغييـر عبـر ثـورة طاحنـة وفـي ذلـك مخاطر جسيمة بمـا قـد يحوّلهــا إلـى حرب أهليـة فــي ظـلّ “نقــزة” وعــدم ثقــة بيــن تيـّـارات ومجموعات وفئـات وانقسـام حــاد فـي المجتمع.
4 – أن تعمـد السـلطة القضائيـة إلـى تـلاوة فعـل نكـران الجميـل تجـاه باقـي السلطات، وعـدم الإنصيـاع إلاّ إلـى ثــلاث صفــات لا تتفــرّق: الضميــر، الشــجاعة، المعرفــة، وعـدم انتظـار أيّ اســتقلالية قانونيـة (فالإسـتقلالية الدستورية تكفـي)، والإجتمـاع فـي لقـاء وطنـي ليومين أو ثلاثـة لاتخـاذ القـرار باستعادة هيبـة الدولـة وترسـيخ المحاسـبة واعتمـاد اجتهـادات إســتثنائية فـي ظـروف إســتثنائية تصـبّ فـي الصالـح العـام وتحقيـق العدالـة. (مـن مثـل تفسير المـادة 70 دسـتور لإباحة ملاحقة ومحاكمة رؤسـاء المجالـس الوزاريـة والــوزراء أمام القضاء، وابتـداء بجريمـة مرفــأ بيـروت الكارثيّــة)، واتباع أيّ ســبيل ممكن لاسترجاع الأموال المنهوبة طيلة سنوات وتحت أكثر مـن سـتـار رسمي.
وكم هـو مفيد لهيبـة القانون عندمـا يـرى المواطن العـادي أنّ الوزيـر (وســواه) يمثّل أمـام القضـاء كمدعى عليـه، وأنّـه يخشـى مـن توقيفـه الإحتياطي، وأنّه يصدر بحقّه أحكـام بالحبـس والغرامــة والتعويض.
وإنّ هــذا الحلّ الراقي، قـد تعترضه عقبتـان:
أ – عــدم تماســك الجسـم القضائـي فـي اتخـاذ هـذا المنحى لأســباب عديــدة، وهــو مــا يتوجّــب علــى الســلطة القضائيـة إيجـاد الحلول لــه للحفـاظ علـى وحدة سـلطتهم ، كمــا لتأميـن دورها الريـادي فـي اســتعادة الدولـة وهيبتهــا قبـل انحلالهــا نهائيـاً، وعـدم القبول بمقاربـة الأحداث كسلطة متلقّيــة بل كسلطة فاعلـة ومقرّرة فــي اتجـاه اسـتراتيجيّة وطنيّة واضحة.
ب – تمردّ الضابطة العدلية والعسكرية وعـدم تعاونهـا مـع السـلطة القضائيـة وانحيازهــا للسلطات الســياســية أو سواها، وهــذا يجعـل السلطة القضائية شــبه مشلولة وعاجـزة بحرمانهـا مـن وسـائل التنفيـذ، ممّا يفتح النقاش عندهـا للحلّ الرابع.
4 – أن يتولّى الجيـش زمـام الأمـور بصـورة تامــة، إذ أوقات المحن العصيبـة وغيـر المسـبوقة فالصرامــة والحسـم والقـوّة ولـو علـى حسـاب الديموقراطيــة والحرّيــة مرحليـاً لــه نتائــج إيجابيّـــة. ولنا خيـر مثال علــى ذلــك فـي كيفيّــة مكافحـة جائحة كورونا فــي الـدول التـي اعتمدت الحزم والقوّة، وفــي نتائجهــا فــي الدول التــي تركت الحرّيــة بــدون ضوابط مــن السـلطة بصـورة حازمــة، وذلــك إلـى أن تســتقرّ الدولـة وتخـرج مـن متاهـات المخاطر الوجودية.
ويبقى في الختام، أنّ ثمّـة أموراً يجـب أن تترافق مع أيّ حلّ من هذه الحلول ومنهـا:
1 – العمل الحثيـث والمستدام علـى وعـي الشـعب لأنـّه هـو مصدر التغيير كما هـو مصدر كلّ السـلطات.
2 – وضـع السلطة الرابعـة (أيّ الإعـلام) بوسـائلها كافـة ضوابـط بيـن مهنيّتهــا وأهدافهــا الوطنيــة والإنسانية وبيـن اضطرارهــا لتأميــن مصـادر تمويل أو تحقيق “ســكوبات” إعلامية. فالسـلطة الرابعـة لهــا أهمّيـة قصـوى فـي الحدّ مـن الجنـوح إلـى التسلّط ، والحـدّ مـن الفسـاد المستشـري، إذ فـي فضح الفساد يكمن العـلاج الأوّلي فـي إحراج المسـؤول الفاسـد وصـولاً لردعـه عــن فسـاده. وقــد لا يبـدو مـن المسـتغرب أن تســير هــذه الحلـول جميعهــا فــي الوقـت ذاتـه وحسب الإمكانية العملانيّــة للتحقيــق، وحسـب الوعي المطلوب، أو حســب اســتفاقة الضميــر والمعرفة بــأنّ لبـنان قــد يصبـح ذكــرى مؤلمة فــي حال اســتمرّ الوضع علـى ما هو عليـه، ومـن يتشبّث اليـوم بعظمــة فــي قـدر تغلي قــــد لا يبقى له سـوى جمر الندم بعد فـوات الأوان.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/12/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!